شيخو "نسر الأغنية الكردية"

كول نار

G.M.K Team
clear.gif

clear.gif

جلال زنكابادي

"إذا متّ؛فلا تدفنوني
ايّهاالقرويّون كباقي الناس !"
هكذا قال الفنان محمد شيخو، الذي ولد سنة 1948في قرية (كرباوي) بكردستان سوريا؛ موصياً قبيل رحيله الأبدي في (9آذار1989) وهو لمّا يزل في عنفوان نضجه وعطائه؛ وفعلاً شيّعت جماهير غفيرة جنازته، في هبّة قلّ نظيرها، إلى مقبرة (الهلالية) حيث وري جثمانه الطاهر، فأصبح في ذمّة الخلود؛ ومازال الفنانون والأدباء والساسة،وغيرهم من أبناء أمّتنا، وسيظلون يستذكرون مناقبه، إنساناً وفناناً ومناضلاً، يتعزّز حضوره؛ كلّما مرّت السّنون؛ لانّه ارتقى بالأغنية والموسيقى الكرديتين إلى مصاف ما لدى شعوب المعمورة؛ فاستحقّ لقب (نسر الأغنية الكردية).
كان شيخو فناناً ذا قضيّة؛ فرغم رصيده الكبير من الأغنيات العاطفية والوجدانية(قرابة 110أغنيات) فهو يعتبر رائداً مقداماً للأغنية السياسية الكردية المعاصرة، لاسيّما وقد تميّز منذ فتوّته بحسّه التقدمي المناهض للرجعية والإقطاع، وبروحيّته القوميّة الجيّاشة.
والمعروف عن شيخو أنه كان فناناً عصاميّ النشأة؛إذ علّم نفسه أصول الغناء والموسيقى،بل وفي بيئة وظروف غير مواتية؛حيث وجب عليه أن يكافح باستماتة ضد موقف والده المتزمّت من هوايته الفنية الأثيرة على قلبه، وموهبته المتفجّرة،يوم كانت العقلية السّائدة في مجتمعهم المتخلّف تستخف بشخصية الفنان، والمطرب بالأخص... ناهيكم عن مطاردة السلطة الشوفينية-الفاشية لأهازيجه وأنفاسه الزكيّة،إلى حدّ تحطيم (طنبوره) العزيز على قلبه ذات مرّة!
وهكذا لم ينعم شيخو طوال سنيّ حياته القصيرة بأيّ استقرار يذكر؛ إذ ما فتىء يتجرّع الأمرّين من ضنك العيش ومرارته، والملاحقة، فضلاً عن الجحود والنكران والعقوق والإحباطات المتتالية بين بني جلدته، حيث تعرّض للكثير من الملاحقات، والإعتقال، والتعذيب، والتشرّد، إلاّ أن صوته الشجيّ، الذي كان ينوء بمعاناة وطموحات شعبنا المستضعف، المقهور، سرعان ما اخترق الحجب والأسوار البطريركية والسياسية المناوئة للإنسان والفن؛ فراح نجمه يتألّق منذ مطلع سبعينات القرن الماضي، اذ ابتدأ مشواره الفني بإحياء الأغاني الفولكلورية الكردية، مغنّياً في الأعراس والمناسبات، في قرى ومدن كردستان سوريا، بعدما كان قد صقّل موهبته الفنية، لاسيّما في العزف على (الطنبور) على أيدي الفنانين (حسن توفو) و(خليل البرازي) منذ 1968وراحت أغاريده تتوغّل في قلوب الآلاف من أبناء شعبنا الكردي؛ متواشجة مع نبضاتها في الأفراح والأتراح...
وكان شيخو قد قصد(بيروت) في1970؛ للتخصص بدراسة فن الموسيقى، حيث شارك في تأسيس (فرقة سركوتن-النصر) مع الفنانين: سعيد يوسف،محمود عزيز شاكر،رمضان نجم أومري، والمغنية بروين، وبعض الفنانين اللبنانيين، وقد أعجب بفنه العديد من الفنانين والشخصيات السياسية والإجتماعية البارزة؛ حتى أن الفنانة الشهيرة سميرة توفيق دعته للعمل في فرقتها الفنية، لكن شيخو لم يلب دعوتها. كما أنه التقى هنالك بعض الفنانين المشاهير، منهم وديع الصافي؛ الذي أعجب بشيخو وفنه وأحبّه. ولقد عرف أيضاً عن شيخو إعجابه الكبير بالفنان المصري محمد عبدالوهّاب.
ولمّا حاق خطر الإغتيال بفناننا في بيروت في 1973؛ غادر لبنان سرّاً إلى كردستان العراق،ملتحقاً بصفوف الثورة الكردية، حيث مكث فترة في كركوك، ثم في بغداد، عاملاً في الإذاعة الكردية، وفي قناة تلفزيون كركوك، حيث سجّل في كلتيهما أكثر من عشر أغنيات، وتعرف على نخبة من الفنانين أمثال: محمد عارف جزراوي، شمال صائب، تحسين طه، كلبهار، وبشار زاخولي. ولقد حظي بزيارة البارزاني الخالد، الذي قدّره وكرّمه، كما أنه غنّى عن قائد الكوردايتي التاريخي أغنيته (منذا هزّ العالم؟)
ولمّا اندلعت الثورة المسلحة في ربيع 1974؛ إثر نكث العفالقة لبنود اتفاقية 11آذار1970إلتحق الفنان شيخو بصفوف البيشمركه، حتى إنتكاستها في ربيع 1975؛ بعد مؤامرة- الجزائر- الخبيثة ضد القضية الكردية؛ فبقي حتى 1981في إيران، حيث امتهن تدريس الموسيقى، و تزوّج من فتاة كردية،وسمّيا ولدهما الأول (فلك) لكنه عاد مضطرّاً مع عائلته إلى كردستان سوريا؛ لأنه لم يعد يتحمّل عبء الغربة ومضايقات (السافاك) المقيتة،وقد إستقر في مدينة قامشلي، وأفلح في تشكيل فرقة فنية للأطفال، وراح يعلمهم أصول فن الموسيقى والغناء، وخاصة الأهازيج الشعبية والأناشيدالقومية والوطنية.
حقّاً كان شيخو بحدّ ذاته(مدرسة فنية)؛ فقد كان شخصية فنية متكاملة ومؤثرة بالطبع، فغالباّ ما كان هو ناظم وملحن أغانيه،كما أنه كان يتميّز باختياراته الموفّقة لكلمات أغنياته، وهي اختيارات دالّة على سموّ ذائقته الفنية، علماً أن الشاعر الغنائي يوسف البرازي طالما كان يرفده بأشعاره السلسة.
لقد استلهم فناننا شيخو جل أغنياته من فولكلورنا الثري، في مسعاه الحثيث إلى إنقاذه من الضياع، والاختلاس المتواصلين، ومن إلى إحياء جوهره، بما يلائم روح العصر،مساهماً بشكل فعّال، في تجديد فن الغناء الكردي، بالانطلاق ممّا سائد وشائع في ارجاء: بوتان، ماردين وبادينان؛ وبرغم انه كان متواضعاً ويرى ان لم يبق امامه مايمكن يضيفه بعد فيض عطاء فناني الجزيرة: محمد عارف، رمضان، سيد آغا، الماس خان، ومريم خان؛ وجدناه قد أعطى وأضاف ما رفعه إلى مصاف اولئك الأفذاذ.
قد يؤاخذ الفنان شيخو على المباشرة والخطابية المهيمنتين على أكثر أغنياته؛فينتقده البعض متناسياً أنه كان يخاطب بني جلدته، بسوادهم الأعظم من الأمّيين، وهنا تكمن بالذات أهمية فنه الجماهيري؛ إذ ساهمت أغانيه، في نشر وإشاعة الشعور القومي، والروح الوطنية، شأنها في ذلك شأن أشعار جكر خوين وقدري جان... خصوصاً وأن الأغنية لها قدرة أكبر على النفاذ عبرالحدود المصطنعة،المجزّئة لأبناء أمّتنا الكردية، والذيوع شفاهيّاً بالمقارنة مع الأدب المدوّن، في مجتمع تسوده آفة الأمّية! وهنا تجدر الإشارة إلى مثال آخر معاصر، ألا وهو الفنان شفان برور، الذي ذاعت أغانيه حتى بين كرد ديالى وبغداد والأنبار والكوت... وفي أحلك الأوقات!
لعل ما يسرنا جميعاً هو صون تراث شيخو الفنان؛إذ قام بهاء شيخو و قادو شيرين بجمع أغنياته ونشرها. وهنا تجدر الإشارة إلى الفنان المغني وعازف الطنبور سعد فرسو مجايل الفنان الراحل، والذي كرّم بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لرحيل شيخو؛باعتباره صديقه ويستحضره بصوته وأدائه الفني. أمّا العبد الفقير كاتب هذه السطور وأمثاله من المعتزّين بأبي فلك الفنان المناضل؛ طالما يستذكرون رجلاً مديد القامة، مرهف الحس، أبيّ النفس، مرفوع الهامة، وشامخ الروح، ألا وهو خالد الذكر(شيخو).
المصادر:
1- مجلة (روشن) ع4 صيف 1990 استانبول.
2- جريدة (وطن الشمس) ع 6في 2آذار1996/
في الذكرى السابعة لرحيل الفنان الجماهيري شيخو/جلال زنكابادي
3- الإنترنت/مركز عاموده للثقافة الكردية/
الفنان محمد شيخو في ذكرى رحيله/إعداد:حسين أحمد

clear.gif


clear.gif
 

كلبهار

مراقبة عامة
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 

نسرين

Moderator
تراقص القلب طربا على انغام الموسيقى الجميلة
استمعت كثيرا هنا
بانتظار المزيد
شكرا لك
 
يسلمو ايدك على الاغاني الجميلة لا تحرمنا من جديدك
مشكورين والله يعطيكم العافية
 
أعلى