قهرمان يوسف فنان كردي بهر غرب كندا بفنه المعبر

كول نار

G.M.K Team
حجم الخط:
clear.gif



شاب كردي هادئ المزاج، وسيم المحيى. هجر الوطن لأسباب أمنية بعد أن كان يكسب واردا محترما.

درس في الوطن إلى أنهى المرحلة الجامعية قسم التاريخ. كانت أمنيته أن يتابع دراسته في كلية الفنون الجملية، غير أن ظروف الانتماء القومي والمحسوبية البعثية السائدة في أواسط الجامعات السورية حرمته منها مع كونه كان من عشر الأوائل في امتحان القبول لتلك الكلية، لم يثنه هذا الإجحاف في متابعة الرسم، ورسم لوحات متميزة. فهو مولع بالرسم منذ الطفولة.

غادر الوطن بعد أن شدد الأمن السوري عليه على خلفية انتمائه الحزبي ومجاهرته بالحقوق المشروعة للشعب الكردي، وأشد ما كان يؤلمه وضع المكتومين والمجردين من الجنسية. فلم يدخر جهدا للمجاهرة عن ظروفهم القاسية.
clear.gif

الحرية
استقر به المقام في قبرص، وتنفس الصعداء؛ حيث بدا بمنأى عن ملاحقة الأمن. وصل هناك صفر اليدين. لم تهبه ظروف الغربة وجهل اللغة. بحث بدأب ونشاط كبيرين عن العمل، استطاع أن يؤمن عملا يسد به رمقه. حز في نفسه وضع الكرد الملتجئين هناك، فاتصل بالعديد من المنظمات الحقوقية وغيرها، وكذلك طرق أبواب المسؤولين عن اللاجئين هناك، نجح في مسعاه ذاك وساعد العديد من العائلات الكردية والأفراد، وعلاوة على الكرد ساعد بعض اللاجئين من القوميات الأخرى. صار مرجعا لأولئك المنقطعة بهم السبل. أنشطته الفعالة لم ترق لبعض المنظمات المتواجدة على الأراضي القبرصية، وبطبيعة الحال لم ترق تلك للسفارة السورية أيضا، فلاحقته السفارة وهددته المنظمات، لكنه لم يأبه بما هددوه. غير أن التهديد لم يكن عبثا، لولا الصدفة المحضة لكان فنانا، أمد الله في عمره، ليس بين الأحياء، أو على الأقل كان مقعدا. عندما رأى أن قبرص ليس بالمكان الآمن، قرر الرحيل بعد أن أمضى فيها ما يقارب عقد من الزمن. هذه المرة قرر أن يلتجئ إلى دولة لا تكون فيها للمنظمات أو السفارة السورية يد الطولى في مطاردة الناشطين. كان اختياره كندا؛ تقريبا، هي الدولة الأولى من حيث الأمن والسلام بين دول العالم.

طاب له العيش في الغرب الكندي؛ حيث محيط الباسفيك والمناظر الطبيعية الرائعة والأنهار والشلالات والبحيرات والينابيع، التي هي جزء من فنه، فهذه الطبيعة توحي له الكثير من الأفكار في رسم لوحاته الفنية. بالرغم من وجوده الطويل في كندا لا يزال يخدم الكرد في قبرص، تلك الدولة التي كادت أن تكون وطنه الثاني لولا الأمن السوري ومن في فلكهم. فهي حاضرة دوما في ذاكرته وعبر عن حبه لها في العديد من لوحاته.
clear.gif

نظرة على قرية كردية

لدى وصوله إلى كندا، بدأ العمل كعامل عادي في أحد المعامل وعمل فيه إلى أن أصيب بإصابة عمل منعته من الاستمرار. فتركه لينتسب إلى كلية الفنون الجميلة الكندية؛ كان انتسابه إليها بناء على إلحاح كبير من معجبي فنه. فأصر هؤلاء عليه أن يحصل على شهادة جامعية ليكون بوسعه نقل ما يجود به إبداعه الفني إلى الأجيال الناشئة من الفنانين في الرسم. لكونه أصبح غير قادر على ممارسة عمل يتطلب جهدا عضليا ومن جانب آخر ليملأ الفراغ الحاصل نتيجة ترك العمل. فانتسب إليها، وفي أول فصل من فصوله الدراسية كادت علاماته أن تكون تامة. وليس هذا فحسب، بل صار الأستاذة يشيدون بفنه، ويعتبرونها مدرسة جديد بالنسبة لكندا.

من المتوقع أن يتعين كمعيد بعد التخرج من الجامعة. أثناء فصله الأول نصحوه أستاذته بالتخصص بعد التخرج. طالما انتسب إلى الجامعة تحت إلحاح معجبيه، نتوقع أن يتخصص تحت إلحاحهم مرة ثانية.

أقام عدة معارض عندما كان في الوطن، فكان مصدر إعجاب وتقدير لزوار معرضه. للأسف لوحاته التي رسمت في الوطن، قد تناولتها يد التلف، كما مر معنا كانت مغادرته غير اعتيادية، فاللوحات تناثرت بين الأصدقاء والمعارف، من الصعب أن تتم إعادتها. بهذا يكون قد ضاع من ألبومه الفني مرحلة، يراها هو أنها كانت مهمة ومعبرة لأفكار يندر أن تراوده أمثالها مرة أخرى. وفي قبرص لم يمنعه العمل من أجل لقمة العيش، وكذلك الوقت المفرغ لخدمة أبناء جلدته هناك من ممارسته فنه ورسم لوحات أخذت بإعجاب الفنانين القبارصة ومتذوقي فن الرسم، وفنه هذا كان في كثر من الأحيان الوسيلة التي ساعدته في مساعدة الكرد هناك. هناك العديد ممن سرهم إهداؤه لهم لوحاته. يحتفظون بها إلى اليوم ويذكرون لضيوفهم باعتزازهم لصداقة صاحب اللوحة.
clear.gif

فتاة كردية

لم يقتصر هذا على قبرص وحدها، فالغرب الكندي أيضا يزخر بالعديد من الناس والشخصيات المهمة في محيطه ممن صادقوه لفنه كبداية للتعارف، ومن بعدها أخلاقه ومعاملته الحسنة. يكاد لا يمر يوم إلا ويدعوه أحد أصدقائه من متذوقي فن الرسم إلى تناول الغداء أو العشاء في دارهم، ناهيكم عن أولئك الداعين لفنجان قهوة أو سهرة في مطعم.

منذ إقامته في كندا أقام عدة معارض حازت على أعجاب الزوار، ناهيكم عن الرسامين والمختصين. وسخر أغلب مواضيع لوحاته لخدمة قضية شعبه. فلوحاته تصف حياة الكرد، وعاداتهم، أفراحهم وأتراحهم، كما يعبر العديد منها المناظر الطبيعية من كردستان والزي الكردي، وكذلك المعاناة السياسية كالتعذيب الجسدي، والإرهاق النفسي اللذين يجريهما النظام على المواطنين الكرد في الوطن. ولم تخلُ لوحاته من معاناة الحصار الاقتصادي المفروض والحزام الجائر. إلى جانب هذا يظهر ثراء الأرض الكردية من بترول وحبوب وخصوبة الأرض، فضلا عن حب الإنسان الكردي للعمل وهمته ونشاطه من أجل ذلك، ولم ينس فناننا القدير الأمراض والنحافة الناتجة من سوء التغذية، بالإضافة إلى الدجلة والفرات، كما عبر في العديد من لوحاته عن صمود الشعب وعن عزيمته وشكيمة إرادته وتحمله. هذه اللوحات ثراء كبير لمناحي الوسط الكردي وأرضه وطبيعتها. هذا الفن المسخر لتعريف الإنسان الكندي بالقضية ومعاناة الشعب له تأثير يضاهي مجلة واسعة الانتشار.
clear.gif

قرية كردية

ليس الرسم وحده من جوانب فناننا البارع؛ اشتهر في أوساط الكرد عندما كان في الوطن بالتمثيل وكتابة المسرح. علاوة على ذلك له قصائد شعرية وخواطر ومواضيع تبحث كما فنه نواحي القضية الكردية ومعاناة الكرد وأوضاعهم المعيشية الصعبة.

تزوج فنانا حديثا كردية من الوطن. فأبى ارتباطه الشديد بالوطن أن يتزوج إلا من هناك بالرغم من توفر من يتمنين كسب وده والارتباط به. هذه المشاعر الوثيقة بالوطن طاغية عليه، لا تراه سوى متحدثا عن العمل من أجل مستقبل القضية ودفعها إلى الأمام وبقوة.

فهو أسير فنه المسخر للقضية ولكون فنه أسير القضية وبالتالي هو أسير القضية نفسها. فهو أسير القضية ومتعلق بها إلى أبعد الحدود، يمكننا أن نقول بأنه يمارس هذا الفن ليكسب المزيد من الأصدقاء للقضية. كوّن علاقات متينة مع المجتمع الكندي معرفا إياه بمأساة الكرد ومشروعية قضيتهم.
clear.gif

البيانو

عندما يتواجد بيننا، نحن الكرد المعانين في الجزء الغربي من كردستان المقسمة، أمثال هؤلاء نشعر بالراحة، ويزداد فينا الأمل بمستقبل مشرق لقضيتنا، لأن أمثال هؤلاء يكسبون أصدقاء من الطبقة العليا في المجتمع الغربي، هؤلاء الأصدقاء يقفون في وجه جشع المصالح المادية لدولها والتي من شأنها أن تضر الشعب الكردي وقضيته. لو أن المزيد من شبابنا ذوي المواهب صرفوا وقتهم لتعريف المجتمع الغربي بقضية شعبه، لاستطعنا أن نحد من شوكة هذا النظام الجائر.
 
لوحات جميلة جدا و معبرة كتير كل الشكر الك كول نار ....
بتمنى منك تضيفي موضوعك لمكتبة الفن التشكيلي الكردي ...
سباس كولى
 
أعلى