الخليج عربي أم فارسي؟

G.M.K Team

G.M.K Team
clear.gif


بقلم : ضياء طيارة

مرة اخرى تعود مسألة تسمية الممر المائي الذي يفصل بين ايران الى الشرق, والعرب الى الغرب والجنوب وجزء من الشمال لتطفو على سطح العلاقات العربية-الايرانية كقمة جبل جليدي في تلك المياه الدافئة والمنطقة شديدة السخونة, وذلك بسبب عودة اسم »الخليج العربي« الى التداول, واصرار ايران على عدم الاعتراف بهذه التسمية على اعتبار انها غير صحيحة وتتعارض مع الوقائع التاريخية والقانونية, وبأنها حلقة من مؤامرة مدبرة ضد ايران.



وكانت ايران قد فرضت الرقابة على موقع »غوغل ايرث« بسبب استعمال عبارة »الخليج العربي« كما نجح بعض »البلوغرز« باطلاق »قنبلة غوغل« تسفيها لعبارة »الخليج العربي« واظهار وجهة النظر المؤيدة لتسمية »الخليج الفارسي« باسلوب التحدي والدعابة.
ودعا رجل الدين الكبير رفسنجاني امام مجموعة تهتم بالدفاع عن اسم "الخليج الفارسي" الى تخصيص يوم وطني لذلك.
كما جرت تظاهرات احتجاج امام سفارة الامارات العربية المتحدة في طهران في منتصف ابريل الفائت بسبب الموضوع نفسه. وقد حرص المتظاهرون على اظهار عدم نية ايران التخلي عن الجزر الثلاث في الخليج التي جرى احتلالها في عهد الشاه السابق, مستخدمين عبارات معادية بقوة لدولة الامارات.
اما الناطق باسم الخارجية الايرانية محمد الحسيني فقد وصف اللجوء الى استعمال اسم آخر غير اسم »الخليج الفارسي« بانه امر يجافي الوقائع التاريخية والقانونية.
وكانت(NGS) Society National Geographic او "الجمعية الجغرافية الوطنية" قد اضطرت عام 2004 تحت ضغط ايران للتراجع عن اضافة اسم »الخليج العربي« في الطبعة الثامنة لاطلس العالم. وكانت الجمعية قد اصدرت بيانا على الانترنت يوضح قرارها استعمال التسمية المزدوجة اسم »الخليج الفارسي« كاسم اساسي, واسم »الخليج العربي« كاسم ثانوي نظرا لشيوعه وكونه معترفا به في عدد من المراجع المعتمدة في خرائطها.
كما اوضح بيان NGS ان اللجوء الى التسمية المزدوجة يعود الى الرغبة بالاعتراف بوجود خلاف حول الاسم دون اطلاق احكام حول مدى صحة تلك الادعاءات. ويضيف البيان ان سياسة الجمعية في ما يتعلق باسم »الخليج الفارسي« لا تختلف عن سياستها عند وضع خرائط لامكنة اخرى مثل الجسم المائي الممتد بين اليابان وكوريا حيث ان الاسم الاساسي هو "بحر اليابان" والاسم الثانوي هو (بحر الشرق).
والجدير بالذكر ان هناك اربعة عشر اسما لا تتبناها المرجعيات الجغرافية مثل: "خليج اللؤلؤ", "خليج غرب آسيا", "خليج ايران", "خليج البصرة", "خليج العجم", "الخليج العربي ¯ الفارسي", واقدم تسمية هي "البحر المر" حسب الكتابات الاشورية القديمة قبل ان يسكن الايرانيون ¯ الاريون الهضبة الايرانية.
ومنذ عامين اوقفت ايران توزيع احد اعداد مجلة "ايكونوميست" لنشرها مقالا وخارطة حول "الخليج" وليس "الخليج الفارسي". ويذكر ان محطة "بي بي سي" ومعظم الصحف البريطانية تلجأ الى عبارة "الخليج" منذ اكثر من ثلاثين سنة, ربما, للتدليل على موقف محايد من موضوع التسمية.
وكان الخلاف حول اسم هذا الجسم المائي, ذي الاهمية الستراتيجية والاقتصادية, قد ظهر للمرة الاولى في الستينات من القرن الماضي حين ظهر شاه ايران وقتها وكانه يلعب دور "شرطي الخليج" في مواجهة جمال عبد الناصر, والقومية العربية الصاعدة, ولا تزال معظم الدول العربية حتى اليوم, بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي يستعملون عبارة "الخليج العربي" بعضهم مثل دولة الامارات العربية المتحدة يمنع استعمال عبارة "الخليج الفارسي" ويسري المنع على الكتب المدرسية والصحف.
تشير الحدة التي طبعت احتجاج ايران على استعمال اسم "الخليج العربي" الى الحاجة الى محاولة فهم الاسباب العميقة للامر, توصلا الى استدراك الوضع كي لا تؤدي هذه المسالة التي يمكن معالجتها بالتفاهم الى مفاقمة اوضاع اشد تعقيدا وتتطلب الكثير من الحلحلة والعناية في منطقة تطغى عليها المشاعر القومية والدينية في ظل عولمة اقتصادية وعسكرية وغنى غير مسبوق.
ان تمسك ايران باسم "الخليج الفارسي" وسيادتها على الجزر الثلاث التي تطالب بها دولة الامارات هو في احد وجوهه نتيجة للموقع الجغرافي لايران. شيرين هنتر, التي تعتبر مقربة من طهران, كتبت العام 1989 تقول بان الخليج هو المنفذ الوحيد لايران على العالم. اذ "بدون موانئ الخليج تصبح ايران بلدا قاريا مغلقا مثل افغانستان. وهي تعتمد اقتصاديا على اقليم خوزستان والجرف القاري للخليج من ناحية الشرق, وهو الامر الذي يجعلها حساسة الى حد بعيد لوجود قوى عسكرية خارجية في المنطقة". وترى هنتر ان شعور العرب بالضعف امام ايران يعود الى عوامل مثل اتساع المساحة, وعدد السكان الكبير, والشواطئ الطويلة, ووجود موارد متنوعة من دون نسيان ميل قادتها, سواء في عهد الامبراطورية او في ظل الجمهورية الاسلامية, الى استعمال لغة نارية متعالية.
وقد حرصت ايران العام 2007 على تأكيد حقها في السيادة على الجزر الثلاث التي تطالب بها دولة الامارات.
ومن مظاهر حساسية طهران تجاه اي تسمية بديلة او حتى موازية لاسم "الخليج الفارسي" احتجاجها على حذف كلمة "فارسي" من الدليل الجديد لمتحف "اللوفر". ويرى البعض ان خطوة "اللوفر" هذه تأتي بالتزامن مع ازدياد التنديد العالمي الذي يواجه ايران بسبب برنامجها النووي.
وكانت ابو ظبي قد وقعت, منذ وقت قريب, اتفاقا مع متحف "اللوفر" الفرنسي, اشهر المتاحف في العالم على الاطلاق, على اقامة فرع للمتحف ضمن مركز للفنون لا يزال قيد الانشاء قرب ابو ظبي, مقابل اكثر من بليون دولار. وهو الامر الذي يرى البعض بانه خطوة من قبل الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك, كان قد وصف تلك الخطوة بانها جسر ثقافي بين الغرب والاسلام تتحدى فكرة صراع الحضارات.
يقود الحديث عن موضع "لوفر الصحراء" الى النظر في مسألة اخرى في غاية الاهمية وهي التفاوت في النظرة الى العالم بين ايران ودولة الامارات. هناك في طهران يجلس متشددون عقائديون قوميا ودينيا ينظرون الى العالم المحيط بهم نظرة ريبة وحذر تجاه الاخرين. وهي نظرة تجد مبررها في الحرب العراقية-الايرانية التي دامت ثماني سنوات وفي المخاوف من تواجد الاساطيل الغربية على مقربة من مياه ايران الاقليمية.
لكن اذا كانت الاساطيل تشكل خطرا فما الخطر على المجتمع الايراني الذي تشكله الدمية "باربي" التي منع استيرادها? ان حادثة "باربي" ليست سوى مثال للنظرة الى الخارج.
في المقابل هناك دولة الامارات العربية المتحدة, صغيرة الحجم, قليلة عدد السكان, لكنها تتمتع بغنى غير مسبوق. وهي بلد معولم اقتصاديا ومنفتح على ثقافات عشرات الالاف من البشر من مختلف الاجناس الذين يعيشون فيها, بينهم الاف من التجار الايرانيين. صحيح ان عمرها صغير لا يقارن بتاريخ ايران الضارب في القدم والحضارة لكنها تحاول الاستفادة ثقافيا من ثروتها ولا ترى ضيرا في ذلك. ولا تشعر انها تفقد تمايزها الحضاري.
ان اسلوب المواجهة بين ايران والدول العربية المطلة على الخليج لا يجدي بنظر د. حسان النجار, بل يسيء الى مجمل العلاقات بين تلك الدول ناصحا ايران بالبحث عن السبب الاساسي لهذه المسالة بالحوار مع الدول العربية التي تتمسك باسم "الخليج العربي". ويعبر النجار عن الخشية, في حال لم يتم التوصل الى حل حول هذا الموضوع, الى ظهور جو من عدم الثقة والعداء بين الطرفين ليس بسبب التسمية فحسب بل بسبب الجو المشحون الذي يؤثر سلبا على حل خلافات تتعلق بمسائل اخرى مثل موضوع الجزر الثلاث.
بالاضافة الى ذلك, يذكر الكاتب عاملين كان لهما اثر كبير على تردي العلاقات بين ايران والعرب هما الحرب العراقية/الايرانية, ورغبة النظام الاسلامي في تصدير الثورة الى البلدان العربية. ويلاحظ ان العلاقات شهدت تحسنا في ظل رئاسة محمد خاتمي. لكنها عادت للتوتر بعد صعود جناح المحافظين واتباع سياسة خارجية تهدد استقرار الدول العربية.
لكن مهما كان الامر فان الحكمة لن تخون احدا من الجانبين. فالمنطق يستدعي عدم ترك الظروف القائمة في الوقت الراهن ان تؤثر سلبا على قيام تعاون وثيق مستقبلا بين جميع الدول على طرفي الخليج لضمان ازدهار واستقرار هذه المنطقة الحساسة من العالم. لكن حتى يحل ذاك اليوم المنشود والذي يجب ان يتم التحضير له, لا باس ان يترك للدول حرية اختيار الاسم الذي يعبر عن هويتها وشخصيتها في احاديثها وفي خرائطها.
* باحثة لبنانية
 

جوان

مراقب و شيخ المراقبين
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه abdokurdish

تقبل مروري

ولكم كل شكر
 

G.M.K Team

G.M.K Team
الف شكر لمروركم الجميل

يا احلى اعضاء في منتدى صوت شباب كردستان

منورين دائما بردودكم الجميلة

وتعابيركم الحلوى ما ننحرم منكم يارب


الف شكر لكم جميعا


سلاف بو وا
 
أعلى