سنين خانقين العجاف !..

G.M.K Team

G.M.K Team
صباح كا كه يىالأحد 21/09/2008شفق
clear.gif


كان يا مكان ومنذ سالف الأزمان مدينة تحتضن الآلاف من السكان يديمـون الـرزق بمـودة وحنــان متراضين في عشرتهم كالإخــوان يشربون مـن عذب سـيروان ويبتهجون بخريـر ونــدها الرنــان وفي سكون الليل تغفى عيونهم قريرة بالراحـة والأمن والأمــان المدينة عراقية كوردية أصيلة فيها أخوة من العرب والتركمــان وتعرف نفسها بخانقين النفط والجبال والنخيل والبرتقال والرمان الخصوصية الاستثنائية لمدينـة خانقيـن تكمن في منابع نفطها والتقاء جبالها بنخيلها مما تضع لها معياراً تميزها عن المدن العراقيـة الأخرى، زد على ذالك خصبـة أرضـها الذهبيـة وكثـرة مياهها وتنوع ثمارها مثل الرمان والبرتقال والتمر حيث تعتبر من الحالات النادرة التي قلـما تتواجد في المدن العراقية الأخرى.
الحب كان ولا زال يفرض نفسـه بين أطيافه المتلونـة المتجانسة ويعتبر ركـيزتهم الداعمة في التعامل فيما بينهم حيث لم يأخذ البغض له دور في حالات سوء الفهم بصرف النظـر عن اختلاف معتقداتهم أو مذاهبهم أو تعدد لغاتهم ولهجاتهم، يا لروعة أعياد ومناسبات مدينة الوند الجميلة وهل هناك من ينسى ألأهزوجــة الفلكلورية المعروفة(هه لاران ومه لاران ياخودا بكه يده ى واران)عندما كانت السماء تحبس عليهم المطر، ولو تحدثوا عن الطب والفن والموسيقى والرياضة والأدب سوف لا يجدون حرجاً وتشهد لهم صالات الفن وساحات الملاعب ومحافل الثقافة والعلوم بالشموخ والإباء...

هكذا فإن السعادة تعدوا بسرعة وأيام الشدة تمر بسنين، ففي أحد أيام شهر تموز من ستينـات القرن المنصرم حطت بومـة الشؤم والخراب على مرتفع(قرية ملك شاه)منذرةً أهل المدينة بتعاسة وبلاء تحل عليهم من ظلم الأشرار، وبعد أيام معدودات غطت غيمة ملبدة سماء خانقين الصافية غشيت بها النهار عتمةً وظلاما ولاحت بوادر المأساة على الأهل الأصلاء، ثم توالت عليهم سنين جدب وعجاف أكثر مما توالت على قوم يوسف لكن ليست بسبب قلة الأمطار والجفاف بل لأنهم أبنـاء مدينة كوردية ورثوها عن آبائهم وأجدادهم الأقدمين عبر الأزمنة المتعاقبة وأبوا العيش دونها.
لقد جعلوا من عيون أهلها تنام على الخوف والذعر وأجدفوا على كراماتهم بمكائدهم المعروفة ومسالكهم الخاطئة من غير أن تساورهم المخاوف من نتائج غضب المعتدى عليه ولم يدرجوها ضمن حساباتهم الخاطئة، فخانقين الثقافة والتمدن جعلوا منها وكأنها بقايا خرائب الربع الخالي وتغلب الداكن على الألوان في كـل حدب وصوب وظلـت دمـوع المرارة تسيـل من أعيـن الأمهـات الثكالى وأرادوا بعصيهم الغليظة ابتزاز حرية شبابها وقصم ظهورهم الفولاذيـة ونقصوا في كفة ميزان العدالة واعوجت لوحتها من حائط بيتها الأصلي ومهنة صاحب البيت أمست غير نبيلة وكان يصدر أحكاماً دنيئةً أجفلت وهزت حمورابي من داخل قبره لأن شرائعـه التي سنها فقدت موازينها ومعاييرها الإنسانية المعروفة، فالمدينة التي كانت تتبختر بعنفوانها أثقلوا كاهلها وأشاخوها وقطعوا الملذات عــن أهلها، لقد أرادوا بسوء نواياهم مسخ عنوانهم وهويتهم الكورديـة الأصيلة وإطفاء شعلة نوروز الخالدة وكم الأفواه من التغني بنشيدهم الوطني، وترنحت المدينة تحت أثقال الويلات والأحزان ومصاعب التهجير ولم يبقوا عيناً إلا وأبكوها وكشفوا بسماجتهم انتحالهم لصفـات البرابـرة المغول الذين عاثوا في الأرض دماراً.
هكذا فعمر الظلم والجور قصير حتى وأن طال به الزمان، وإذا بالشغف والحماسة تملأ قلوب الشباب الغيارى وتوثبوا لتمزيق نسيج العنكبوت الذي حال بينهم وبين مدينتهم لسنوات عديدة حاملين معهم أغصان الزيتــون الخضـراء من بساتين باوه محمود واندفعوا إليها بفيض من الهيام وتبركوا بترابها التي عجنت بدماء شهدائها الأبرار وحرروا معصميها من قيود العبودية واستردوا إليها عافيتها واحتضنت أبنائها القادمين من أهوال الغربة بصدور منشرحة وشفاه مهللة وعيونهم ارتسـمت عليها تقاسيم الفـــرح والتفاؤل بلقاء الأحبة بعد أعوام الفراق والتغني ثانيةً بنشيد(ئه ى ره قيب)والاحتفال بأعياد نوروز الخالدة في حقول باوه محمود وخدر زنده وعلمدار وقد أزيلت عنهم الإقامة الجبرية في متاهات الاغتراب، وها هي دار عدالــة خانقين تمسح الغبــار عن لوحـــة عنوانها وتعلقـها في مكانها الصحيح ورجال العدل يكسبون ثقة أهلها من جديد معتمدين على الأنصاف في تطبيق الشرائع الإنسانية بغير تفرقة وتحيز وإحقاق الحق لأصحابها، وها هي حدائقها تغازل الأهل بألوان زهورها الحمراء والصفراء والبنفسجي وقلوب أهلها كانت ولا زالت ناصعة بياضها تسودها الغبطة والحبور، وتشكل الحيـاة الجديدة تغيراً جذرياً لمعالم المدينة ونشاطات أهلها بعـد سنوات طويلة من زؤام المعاناة وأضحت بعزيمة أهلها كاملة التوازن وفردوس العاشقين، وخرجت الأسماك تتراقص في الهـواء وكأنـها تعبر عن فرحتها بحدائق الكـورنيش التي ترتدي ثـوب عيدها الـزاهي الجديد التي لم يسبق أن رأته من قبل وخرير الوند يعاود إرسال نغماته الى مسامع الأهل في أرجاء المدينة.
وجبل كـه لات يتباهى بحلتـه المطرزة ومن زهور منتزهاته العالية تفــوح عبير الياسمين والبنفسـج ترسلـها مع الريـاح كي تعـطر بها أرجاء المدينة ابتداءً من أركوازي ومروراً بكهريز وعلياوة و ميخاس.
ملاحظة: عزيزي القارئ المقالة كتبت قبل سنوات عديدة لذا نرجو عدم المؤاخذة عندما لا تتفق بعض من مقاطعها مع المتغيرات التي طرأت على حالة المدينة وتحديداً(فاجعة جفاف الوند).


سنين خانقين العجاف !..

صباح كا كه يى
20 / 9 / 2008
كان يا مكان ومنذ سالف الأزمان مدينة تحتضن الآلاف من السكان يديمـون الـرزق بمـودة وحنــان متراضين في عشرتهم كالإخــوان يشربون مـن عذب سـيروان ويبتهجون بخريـر ونــدها الرنــان وفي سكون الليل تغفى عيونهم قريرة بالراحـة والأمن والأمــان المدينة عراقية كوردية أصيلة فيها أخوة من العرب والتركمــان وتعرف نفسها بخانقين النفط والجبال والنخيل والبرتقال والرمان الخصوصية الاستثنائية لمدينـة خانقيـن تكمن في منابع نفطها والتقاء جبالها بنخيلها مما تضع لها معياراً تميزها عن المدن العراقيـة الأخرى، زد على ذالك خصبـة أرضـها الذهبيـة وكثـرة مياهها وتنوع ثمارها مثل الرمان والبرتقال والتمر حيث تعتبر من الحالات النادرة التي قلـما تتواجد في المدن العراقية الأخرى.
الحب كان ولا زال يفرض نفسـه بين أطيافه المتلونـة المتجانسة ويعتبر ركـيزتهم الداعمة في التعامل فيما بينهم حيث لم يأخذ البغض له دور في حالات سوء الفهم بصرف النظـر عن اختلاف معتقداتهم أو مذاهبهم أو تعدد لغاتهم ولهجاتهم، يا لروعة أعياد ومناسبات مدينة الوند الجميلة وهل هناك من ينسى ألأهزوجــة الفلكلورية المعروفة(هه لاران ومه لاران ياخودا بكه يده ى واران)عندما كانت السماء تحبس عليهم المطر، ولو تحدثوا عن الطب والفن والموسيقى والرياضة والأدب سوف لا يجدون حرجاً وتشهد لهم صالات الفن وساحات الملاعب ومحافل الثقافة والعلوم بالشموخ والإباء...

هكذا فإن السعادة تعدوا بسرعة وأيام الشدة تمر بسنين، ففي أحد أيام شهر تموز من ستينـات القرن المنصرم حطت بومـة الشؤم والخراب على مرتفع(قرية ملك شاه)منذرةً أهل المدينة بتعاسة وبلاء تحل عليهم من ظلم الأشرار، وبعد أيام معدودات غطت غيمة ملبدة سماء خانقين الصافية غشيت بها النهار عتمةً وظلاما ولاحت بوادر المأساة على الأهل الأصلاء، ثم توالت عليهم سنين جدب وعجاف أكثر مما توالت على قوم يوسف لكن ليست بسبب قلة الأمطار والجفاف بل لأنهم أبنـاء مدينة كوردية ورثوها عن آبائهم وأجدادهم الأقدمين عبر الأزمنة المتعاقبة وأبوا العيش دونها.
لقد جعلوا من عيون أهلها تنام على الخوف والذعر وأجدفوا على كراماتهم بمكائدهم المعروفة ومسالكهم الخاطئة من غير أن تساورهم المخاوف من نتائج غضب المعتدى عليه ولم يدرجوها ضمن حساباتهم الخاطئة، فخانقين الثقافة والتمدن جعلوا منها وكأنها بقايا خرائب الربع الخالي وتغلب الداكن على الألوان في كـل حدب وصوب وظلـت دمـوع المرارة تسيـل من أعيـن الأمهـات الثكالى وأرادوا بعصيهم الغليظة ابتزاز حرية شبابها وقصم ظهورهم الفولاذيـة ونقصوا في كفة ميزان العدالة واعوجت لوحتها من حائط بيتها الأصلي ومهنة صاحب البيت أمست غير نبيلة وكان يصدر أحكاماً دنيئةً أجفلت وهزت حمورابي من داخل قبره لأن شرائعـه التي سنها فقدت موازينها ومعاييرها الإنسانية المعروفة، فالمدينة التي كانت تتبختر بعنفوانها أثقلوا كاهلها وأشاخوها وقطعوا الملذات عــن أهلها، لقد أرادوا بسوء نواياهم مسخ عنوانهم وهويتهم الكورديـة الأصيلة وإطفاء شعلة نوروز الخالدة وكم الأفواه من التغني بنشيدهم الوطني، وترنحت المدينة تحت أثقال الويلات والأحزان ومصاعب التهجير ولم يبقوا عيناً إلا وأبكوها وكشفوا بسماجتهم انتحالهم لصفـات البرابـرة المغول الذين عاثوا في الأرض دماراً.
هكذا فعمر الظلم والجور قصير حتى وأن طال به الزمان، وإذا بالشغف والحماسة تملأ قلوب الشباب الغيارى وتوثبوا لتمزيق نسيج العنكبوت الذي حال بينهم وبين مدينتهم لسنوات عديدة حاملين معهم أغصان الزيتــون الخضـراء من بساتين باوه محمود واندفعوا إليها بفيض من الهيام وتبركوا بترابها التي عجنت بدماء شهدائها الأبرار وحرروا معصميها من قيود العبودية واستردوا إليها عافيتها واحتضنت أبنائها القادمين من أهوال الغربة بصدور منشرحة وشفاه مهللة وعيونهم ارتسـمت عليها تقاسيم الفـــرح والتفاؤل بلقاء الأحبة بعد أعوام الفراق والتغني ثانيةً بنشيد(ئه ى ره قيب)والاحتفال بأعياد نوروز الخالدة في حقول باوه محمود وخدر زنده وعلمدار وقد أزيلت عنهم الإقامة الجبرية في متاهات الاغتراب، وها هي دار عدالــة خانقين تمسح الغبــار عن لوحـــة عنوانها وتعلقـها في مكانها الصحيح ورجال العدل يكسبون ثقة أهلها من جديد معتمدين على الأنصاف في تطبيق الشرائع الإنسانية بغير تفرقة وتحيز وإحقاق الحق لأصحابها، وها هي حدائقها تغازل الأهل بألوان زهورها الحمراء والصفراء والبنفسجي وقلوب أهلها كانت ولا زالت ناصعة بياضها تسودها الغبطة والحبور، وتشكل الحيـاة الجديدة تغيراً جذرياً لمعالم المدينة ونشاطات أهلها بعـد سنوات طويلة من زؤام المعاناة وأضحت بعزيمة أهلها كاملة التوازن وفردوس العاشقين، وخرجت الأسماك تتراقص في الهـواء وكأنـها تعبر عن فرحتها بحدائق الكـورنيش التي ترتدي ثـوب عيدها الـزاهي الجديد التي لم يسبق أن رأته من قبل وخرير الوند يعاود إرسال نغماته الى مسامع الأهل في أرجاء المدينة.
وجبل كـه لات يتباهى بحلتـه المطرزة ومن زهور منتزهاته العالية تفــوح عبير الياسمين والبنفسـج ترسلـها مع الريـاح كي تعـطر بها أرجاء المدينة ابتداءً من أركوازي ومروراً بكهريز وعلياوة و ميخاس.
ملاحظة: عزيزي القارئ المقالة كتبت قبل سنوات عديدة لذا نرجو عدم المؤاخذة عندما لا تتفق بعض من مقاطعها مع المتغيرات التي طرأت على حالة المدينة وتحديداً(فاجعة جفاف الوند).
 

كلبهار

مراقبة عامة
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 
أعلى