هذيان يراودك قبل الموت ..

الموت سكون يتلو العاصفة ، وأنا وعاء جف رواؤه .. تتلوه العصافير آية من شجن .
ثم لا تلبث أن تمتطي صهوة الريح ، تغازل وعد السحاب ، وتحلم بإيقاع المطر .
لن تبكيني السماء ، فقد جف حزن الغيوم ، وخبا وله الأغصان .
ستجمعك الأوصال حطبا ، وتوقدك دفئا كي يسكن ارتجافها ،
الدموع قناع يقينا وهن النفوس ، والحزن كتاب يتلو الملل .. والأشياء كلها تنساك ..
حتى الألم . والأرض تشقى بك .. حتى ينخرك الدود .. ويأتي عليك العدم .
لا تفكر في مكان القبر أو شكله أو العبارات التي سينقشونها ،
فأنت خارج دائرة الشعور .. مجرد هذيان يراودك قبل الموت ..
تريد أن تعرف من أخلص ، ومن خان ، ومن التحف ذكراك في برودة عبق فيها دخان النفاق .
ودمعة ساخنة هربت من عين موبوءة بالحمى . ما شأنك فيما يكون وقد أصبحت رهن الفناء ..
دعهم يقرضون ذكراك كما الديدان تنخر عظامك .. فلكل نصيب . ورودك التي تركتها ستضحك لكل عابر سبيل ..
وتبث شذاها مع وشوشات النسيم ، وتهتز طربا كلما أفعمها وقع المطر .
والمنازل التي رصفتها بتعب العمر لن تبكيك . ستحتضن كل قادم جديد ،
وتشاركه نخب النسيان . إغمض عينيك ، ونم حتى العدم . فإنك لن ترى بعد اليوم حلما ، ولن تصحو ..
ولن تغرد الشمس على فرع ليلك السرمدي .

=========
نضال كلان
 
أعلى