الاكراد في ........السودان وتاريخهم الضائع

G.M.K Team

G.M.K Team
من اعلام العلماء والمشايخ الكورد خارج كوردستان امير الامراء الشيخ عثمان بن ابي بكر دقنه
كانت كوردستان ومازالت مركزاً من مراكز الاشعاع العلمي والثقافي ومنبراً من منابر الادب والشعر ومشعلاً من مشاعل الفكر الاسلامي المتنور المعتدل وتخرج في مدن كوردستان علماء افاضل ملأوا الدنيا بعلمهم.. وحواضر العالمين العربي والاسلامي تشهد بذلك.. وان العلم والادب هما مجد الامة وعظمتها وهما سراج الامة ونجمها وبهما يهتدي الناس بانوارهما. *الصدفة هي التي جعلتني اكتب عن رجل من اصول كوردية وثائر من رجالات السودان الوطنيين.. ولنقل انه شيخ الثائرين الذي يعرفه الصغير قبل الكبير في وطنه السودان وفي مصر وفي بلاد افريقيا.. انه اسد الشرق كما يسميه الشعب السوداني الامير الهمام الشيخ عثمان بن ابي بكر دقنه أي (ذو اللحية) .. وله الفخر والعز ان اسمه يحمله الالاف من ابناء وطنه وفي الدول الاخرى.. ويلفظ اسمه باللهجة البجاوية عصمان دقنو. *في شهر رمضان المبارك من العام 2007 عرضت القنوات الفضائية المصرية والسودانية مسلسلاً يحمل (امير الشرق الشيخ عثمان دقنه) وهو عمل مشترك مصري سوداني ذو ميزانية كبيرة ادى فيه الممثل المصري جمال عبد الناصر دور الشيخ عثمان.. والمسلسل في ثلاثين حلقة يحكي عن شخصية وطنية سودانية من اصول كوردية ثائرة ضد الدولتين البريطانية والعثمانية.. وقد شاهدت الحلقات الاخيرة من المسلسل وبعد انتهاء الحلقات اردت من بعض الاصدقاء السودانيين المثقفين والمقيمين في بغداد معلومات عن هذا الثائر الذي يشبه ابناء عمومته الكورد الثائرين من رجالنا الخالدين في كوردستان.. سبق وان نشرت عن الكورد السودانيين وخاصة عن الكاتبة والصحفية والاديبة السودانية زينب الكورديو عن وجود الكورد السودانيين الذين هاجروا اليها اما عن الهجرات التي جاءت من مصر او الهجرات الاخرى التي جاءتهم مباشرة من كوردستان واكثر وجود الكورد في مدن الخرطوم العاصمة وفي وداي حلفا وفي مدينة كوردفان (أي كورد مدينة فان) والواقعة في كوردستان تركيا او مدينة ام درمان (وتعني باللغة اللغة الكوردية ام الدواء) ومدينة ميناء سواكن عبر هذه المدينة تلاقت الاعراق وعلى اثرها تمازجت الدماء العربية والكوردية ودماء اخرى لتشكل الامة السودانية انها مدينة ملتقى الحضارات واخذت من ثقافات العالم المتنوعة أي انها بوابة السودان على العالم وثغرها الباسم لاهل الفكر.. انها المدينة الثائرة التي يوجد فيها اكبر قبائل الكورد وهي قبيلة الدقناب هذه المدينة تقع على ساحل البحر الاحمر الذي كان ولايزال حلقة الوصل بين افريقيا والمملكة العربية السعودية واليمن والهند.. وتعتبر المدينة مركزاً مهماً وفيها المركز المالي ونقطة الكمارك المهمة.. والاهم انها مدينة الشيخ عثمان دقنه.. ومن اشهر القبائل والعوائل الكوردية في السودان عائلات الكوردي والزهاوي والاغا وميرزا واكبر قبائلها هي الدقناب.. في مقابلة صحفية مع مام جلال الطالباني روى فيها حكاية عن الكورد السودانيين يقول: في العام 1967 عند عودتنا بالطائرة انا ومحسن ابراهيم والشهيد عبد الخالق محجوب (كان من قادة الحزب الشيوعي السوداني) من ندوة الاشتراكيين العرب التي عقدت في الجزائر سألني عبد الخالق: وقال لي جلال هل تعرف انه يوجد كورد في السودان؟ قلت لا والله.. قال نعم هناك كورد وتوجد عائلات كوردية وسأروي لك بعضها؟ عندما كنا طلابا في نادي القلم كان هناك شباب كورد سودانيون اعضاء في النادي وكان احدهم يهجو الشعر واخر يجاوبه.. وكان غالبا الشاعر الكوردي السوداني ينتصر على زميله السوداني العربي دائما الا مرة واحدة لكون الشاعر العربي عمل شعر هجاء؟. *نحن الكورد هل نحتاج الى توثيق لاسيما رجالات امتنا الكوردية وهم خارج كوردستان؟ سألت نفسي ما هو الضير ان نكتب عن رجالنا الخالدين كالامم الاخرى؟ لانهم وضعوا لنا تاريخاً ناصع البياض في تاريخنا القديم والحديث لان حياة الامم برجالها لان الماضي هو من قادنا الى الحاضر وهو بالطبع مسؤول عن المستقبل؟. *يقول المؤرخ والكاتب السوداني محمد ادرب اوهاج الذي الف كتابا عن سيرة الامير عثمان دقنه: كانت مدينة سواكن التي تقع شرق السودان قبلة المهاجرين وخاصة بعد ان استولى عليها السلطان سليم الاول جعل من مدينة سواكن عاصمة له.. وكان من ضمن حاشيته المقربين كورد من مدينة ديار بكر الكوردية مع مهاجرين آخرين وكان من ضمن حاشيته الشيخ عبد الله الكوردي الذي كان عالما ومن الرجال الصالحين والمتقين والملقب (ذو اللحية) وهو مرشد متصوف للطريقة القادرية ومعه اخوة الشيخ عبد القادر الكوردي وهو احد قادة الحملة العسكرية مع كورد اخرين واستقروا في المدينة وتزاوجوا من نساء عشيرة البجا وكونوا قبيلة (الدقناب) التي انحدر منها الامير عثمان دقنه.. جاء في الاعلام للزركلي: عثمان بن ابي بكر من امراء الدراويش في السودان ومن اهم الاشداء فيها، اختلف في اصله فقيل انه من احدى القبائل العربية او التركية وقيل انه كوردي وهي صحة لقبه دقنو.. كان موصوفا بالمقدرة والدهاء وسعة الحيلة في الحروب.. كان معتدل القامة اقرب الى الطول عريض الكتفين واسع العينين سريع الحركة شديد الاحتمال للمشاق له علم بالتفسير والحديث يجيد العربية والتركية واللغة البجاوية وهي لغة شرق السودان....وفي العام 1863م كانت مدينة سواكن يسودها الامن والامان والحياة البسيطة الهانئة ويسر حياة اهلها؟ ولكن بعد ضمها الى مصر في زمن الخديوي اسماعيل الذي ولى عليها ممتاز باشا الذي اتبع سياسة طائشة تجاه المدينة واهلها، وكان طائشاً في تصرفاته بسبب صغر سنه حيث كان يبلغ من العمر الثالثة والعشرين ولا توجد لديه خبرة ادارية لادارة الحكم مما سببت له عداوات كثيرة بين الناس.. وكان الشيخ عثمان هو الاخر في ذات السن تقريباً، وكان الى جانبه شباب المدينة والذين لهم حكايات بطولية ذات سمات حميدة ومجيدة ومنها نجدة المحتاج واغاثة الملهوف وكان اضافة للشيخ عثمان ابن عمه محمد موسى دقنه وهناك شباب اخرون كانت سماتهم واخلاقهم العالية يضرب بها المثل وواضحة لاهالي المدينة لرفضهم التمايز بين الاغنياء والفقراء ورفضهم الاحتلال.. تطورت الاحتجاجات الى ثورة عارمة وكان من قيادييها البارزين الشيخ عثمان لانه كان بطبعه ثائرا على الوضع السيئ الذي كان يسود المدينة من تسخير الناس ومصادرة ما يملكون لخدمة الاستعمار العثماني والظلم الاجتماعي.. وحدثت واقعة اثرت على الشيخ عثمان كثيرا وهي محاكمة صورية للشيخ محمود الفلج الذي قتل احد المسؤولين الانكليز وتم تعذيبه امام سكان مدينة سواكن وكان الشيخ عثمان شاهدا على هذه المحاكمة الصورية وعلى الظلم وسوء محاكمة المتهم وتعذيبه حتى الموت امامهم اثرت هذه الحادثة عليه كثيرا وكان هذا الحادث احد الاسباب لثورات الشيخ عثمان الطويلة ضدهم فقاد واشترك في تلك الثورات التي قتل فيها الكثير من الجيشين المصري والانكليزي واسر الكثير منهم.. وعندما استولت الحكومة السودانية على اموال واملاك الشيخ عثمان مع املاك اسرته قصد الشيخ عثمان القاهرة ليشكو امره الى الخديوي اسماعيل ما حل به وباسرته… ولم يلتفت اليه الخديوي فرجع الى مدينته فوجد ان الثورة المهدية قد اندلعت من جديد من مدينة الابيض السوادنية فقام الشيخ عثمان بمبايعة الامام المهدي بالثورة فولاه المهدي السودان الشرقي كله… فقام الشيخ عثمان مع انصاره بمقاتلة الجيش المصري والانكليزي فانتصر عليهم وسيطروا على تلك المدن… بعد وفاة الامام المهدي بقي الشيخ عثمان على عهده يدافع ويهاجم تلك القوات.. وقد صور لنا التاريخ استبسال وعظمة هذه الشخصية الوطنية الذي كان يجاهد بين الجبال والوديان والسهول.من اشهر معارك الشيخ عثمان مع الانكليز والجيش المصري هي معركة مدينة سواكن التي قتل فيها القنصل الانكليزي مونكريف وهزيمة جيش المستعمر بقيادة كاظم افندي شعرت الحكومة بان الشيخ عثمان اصبح خطرا عليها فعينت الجنرال الانكليزي بيكر وهو عسكري محترف له ثقله ومعروف بخبرته العسكرية فعين حاكما على مدينة سواكن الذي جهز جيشا قوامه (6600) جندي وضابط لحصار مدينة طوكر فانتقل الشيخ عثمان لنجدة هذه المدينة.. وكان الجنرال بيكر قد ارسل سرية لاستطلاع الامر بالمدينة وبعد ان علم الشيخ عثمان بذلك استخدم عنصر الذكاء والخدعة العسكرية وعندما علم بذلك العدد الكبير من الجيش اخذ بربط الرايات على سفوح التلال وعلى البهائم ومنها الابل والخيول ظن الانكليز ان عدد قوات الشيخ عثمان يفوق عددهم بالاف فبدأ الشيخ وانصاره بدق الطبول والتهليل فبدأت البهائم والابل بالجري من شدة الصوت فظن الانكليز ان الهجوم قد بدأ فهرب عدد كبير من القوات الغازية وتمكن الشيخ عثمان من قتل اكثر من (4500 منهم 112 ضابطاً) هذه احدى خططه العسكرية.*سئل الحاج طاهر الشيخ محمد محمود دقنه وهو كبير عائلة دقنه في احد اللقاءات الصحفية عما اذا كان الشيخ عثمان يعترف باصوله الكوردية؟ يقول الحاج طاهر ان الشيخ عثمان كان يؤكد على نسبه الكوردي وكيف جاء اجداده الى مدينة سواكن وسكنوا فيها حسبما اخبرنا بذلك والدنا الشيخ محمد محمود دقنه وهو ابن عم الشيخ عثمان والذي كان احد مساعديه في ذلك الوقت.. ويؤكد بان قبيلتهم قبيلة منتظمة وشجاعة اكتسبوا شهرتهم بسبب شجاعتهم وتمسكهم بارضهم ولكن تاريخنا المجيد محصور في الامير الشيخ عثمان...*في العام 1900 عندما كان الشيخ عثمان يقود معاركه مع احد اصدقائه من احد الكهوف من جبال الشرق كان صديقه وصاحبه قد خرج وعاد معه جيش الاستعمار للقبض عليه فتم اسر الشيخ عثمان بواسطة ذلك الصديق وحمل اسيرا الى مدينة دمياط المصرية ومنها رحل الى مدينة وادي حلفا في السودان ليقضي حياته في السجن وحتى مماته.. وكان الشيخ عثمان قد سأل صديقه الواشي بعد اسره؟ ان شاء الله يا صاحبي ارجو ان لا تكون قد بعتني رخيصا لهم؟ وفي سجنه زاره اللورد الانكليزي هربرت حاكم السودان وتوابعها اراد من الشيخ عثمان ان يتكلم معه؟ ولكن الشيخ عثمان ادار ظهره رافضا ان يتكلم معه بكل عزة وجبروت الابطال لاتجدها مع من كان اسيرا… وكان الشيخ عثمان قد هزم خيرة جنرالات الامبراطورية البريطانية التي كانت لا تغيب عنها الشمس ومرغ سمعتهم بالتراب بصولاته وجولاته مع غزاة بلده الاتراك والانكليز والذي دوخهم بالكر والفر وقاتل فرقتهم المسماة الخيالة الذهبية… عرض اللورد هربرت على الشيخ عثمان اطلاق سراحه وان يختار ويقيم في أي مكان لغرض السكن مع عائلته مع راتب شهري كبير مقابل ان يتعهد الشيخ بترك الجهاد والقتال ضدهم ولكنه رفض تلك المغريات والتنازلات وفضل السجن على ذلك.. والسؤال هنا أي مناضل هذا الذي فضل السجن على تلك المغريات؟ وظل سجينا سياسيا ومات كالابطال في سجنه رافضاً الذل والهوان نتيجة هذا الاستعمار الذي كان يحسب الف حساب للشيخ عثمان ولخططه العسكرية ضدهم.. حتى ان الشاعر الانكليزي اللورد ريدهارد كبير شعراء البلاط الانكليزي قد نظم قصيدة يمدح فيها الشيخ عثمان.. وكان الدكتور المهندس السوداني عبد العزيز سيد احمد قد اورد تلك القصيدة في مسرحية قام بتأليفها عن الشيخ عثمان باسم (الامير المحارب) حيث جاء في القصيدة في ظلم ليلك ايها... المحارب الممتاز فبشعرك الشبيه بكوم القش في رأسك ايها البطل الاسود لقد هزمت بمفردك كتيبة بريطانية فبينما كان اللورد ودجلو برايته الخضراء في اقصى اليسار...والخليفة شريف برايته الحمراء على اليمين...ويقول السيد ونستون تشرشل الذي... كان يعمل صحفيا ناشئا وكان مرافقا للجيش البريطاني والمصري في معركة كوري التي جرت بين انصار المجاهد الشيخ عثمان وبين جيش الغازين صباح يوم الثاني من سبتمر عام 1899م والتي انتهت هذه المعركة بانتصار جيش الامير الشيخ عثمان.. اورد السير تشرشل في مذكراته والمسماة حرب النهر: (كنت كحبة الارز امام عثمان دقنه) والسيد تشرشل اصبح بعد ذلك رئيسا لوزراء بريطانيا.*وكانت مجلة الهلال المصرية قد نشرت مقالا حول اعتقال الشيخ عثمان دقنه في عددها التاسع والصادر في الاول من شباط عام 1900م.. يقول احد الضباط الانكليز انه سأل الشيخ عثمان...لقد اهلكنا في واقعة الجميزة؟ فاجابه الشيخ عثمان لقد مضى وكان وصرنا للمقبل.. وسأله قائد اخر من قادة تلك القوات اين كنت بعد الواقعة الاخيرة الى ان تم القبض عليك....قال الشيخ عثمان كنت اتردد على بندر سواكن طوال اشهر رجب وشعبان وبعض من رمضان.. وسئل ايضا عن كيفية القبض عليه فاجاب؟ ارادة الله ولو كان سيفي معي لما تمكن احد مني؟ فقال له اين سيفك فاجاب الشيخ عثمان اخذه المجاهد التعايشي...منى ونزل الواقعه به...*توفي المجاهد الكبير الشيخ عثمان دقنه في سجن مدينة وادي حلفا يوم السابع عشر من كانون الاول عام 1925 وتم دفنه في مقابر السيد ابراهيم الميرغني بوادي حلفا… يقول المؤرخ السوداني حسن دفع الله في احد مؤلفاته انه في شهر اب من العام 1958 زرت قبر اميرنا الشيخ عثمان دقنه وفي اليوم التالي لوصولي الى مدينة حلفا قدمت طلباً الى والي المنطقة الشمالية راجيا فيه نقل رفات المجاهد الشيخ عثمان الى مسقط رأسه في مدينة سواكن في شرق السودان حيث ارض ابائه واجداده وبطولاته فيها ضد الدولتين الانكليزية والعثمانية ولاسباب مجهولة رفض طلبي؟ ولكن في احدى زيارات البرفيسور الدكتور طه بعشر الى مدينة حلفا اتفقنا سوية على التصدي لامر الرفض واعادة الطلب بنقل الرفات وعلى نفقتنا الخاصة والشخصية وبمبادرة من الامام الهادي المهدي والسيد الصادق المهدي اللذين دعما مبادرتنا مع حملة صحفية واسعة وبموافقة اجماع المجلس البلدي لمدينة بور سودان جعلت الجهات المعارضة لنقل الرفات والخضوع للامر الواقع تمت موافقة وزير الداخلية الذي اوعز الى مجلس بلدية بورسودان بنقل رفات المجاهد عثمان واعادة دفنه عند مدخل مدينة سواكن.. قام المؤرخ السوداني حسن دفع الله والبرفيسور الدكتور طه بعشر وبحضور من تبقى من معاصريه واحبابه تم فتح القبر في الساعة الرابعة من مساء يوم الثلاثاء الثلاثين من شهر اب عام 1963 كانت المفاجآت لكل الحاضرين لما شاهدنا وجود الكفن بحالته الجيدة جدا وكان لونه ابيض وبعد الكشف عن وجه المجاهد الشيخ عثمان دقنه للتعرف عليه رأينا وجه الكريم واضح الملامح كما لو كان حيا وكان شعر راسه واحواجبه على هيئتها واما لحيته الكريمة فكانت كما هي وهي مخضبة بالحناء بعد هذه الاعوام الطوال التي تجاوزت الثمانية والثلاثين عاما على وفاته؟ فاخذت جموع الحاضرين بالتكبير والتهليل على ما شاهدوه لهذا المجاهد الكبير؟ تمت اعادة تكفينه مرة اخرى ووضعه في تابوت خاص وتمت تغطيته بعلم السودان وفي احتفال مهيب يليق به حمل الرفات الى محطة القطار لنقله الى مسقط رأسه .. ويقول المؤرخ حسن دفع الله انه عند وصولنا الى محطة القطار تلقينا رسالة رسمية تفيد بنقل رفاته يجب ان ينقل ويدفن في مدينة اركويت بدلا من مدينة سواكن لاسباب تاريخية وجغرافية وسياسية ارتبطت بشخصية الامير عثمان حسبما برر كتاب وزير الداخلية فتم نقله الى مدينة اركويت وفي المقبرة المخصصة له كان في استقبال الجثمان رجالات السودان بكل طبقاتهم لتحية رفات هذا الرمز الخالد الامير عثمان دقنه.. فتبارى الخطباء والشعراء في مدح خصال الامير وهكذا تم دفن رفات الشيخ عثمان على رابية عالية قرب فندق اركويت ودفن قرب شيخه وحبيبه الطيب قمر الدين حمد محمد المجذوب وكان الشاعر السوداني المعروف محمد احمد محجوب قد القى قصيدة بحق هذا الثائر الوطني.. وهذه بعض الابيات منها...وانت الشمس تسري بك الاحرار في حلك الدجون تنقل في الخواطر والبوادي وتسطع في الوهاد والخزون وعدت كما بدأت نصير حق ونبراساً يضيء مدى القرون رواءك لم تغيره الليالي ولا عصفت له سؤد السنين ولو نفض الغبار بعثت حيا تصارع قوة البغي الحصين *وهكذا اسدل الستار على حياة واحد من اعظم الابطال الذين عرفهم تاريخ السودان.. القائد المحارب الذي هزم جيش الامبراطورية البريطانية ومدن توكر وهندوب وسنكات وخور شمبات وتأماي.. ويشهد على نضاله الذي جعل رئيس وزراء بريطانيا السير ونستون تشرشل يخلع عليه خلل الاطراء بشجاعته وبطولاته.. وهذا ليس بغريب على الامة الكوردية التي انجبت الكثير من الابطال والمحاربين لانهم اسود الشرق وابطال الجبال كما قال عنهم المؤرخون والرحالة المنصفون الذين عاشوا بينهم.. انهم احفاد الناصر صلاح الدين الايوبي والشيخ سعيد بيران والعائلة البدرخانية والشيخ عبيد الله النهري وسمكو شكاك وملك كوردستان الشيخ محمود الحفيد والشهيد الشيخ عبد السلام البارزاني والشهيد القاضي محمد ومفخرة واب الكورد القائد الخالد البارزاني مصطفى والقادة الاخرون...*وقبل ان انهي مقالي هذا سألت الصديق ابو عثمان السوداني حول الكورد في السودان فقال لي: يكفينا فخرا نحن ابناء الامة السودانية بان من اشهر واعرق مدننا هي اسماؤها كوردية ومنها ام درمان وتعني باللغة الكوردية ام الدواء ومدينة كوردفان وتعني كورد مدينة فان المدينة الشهيرة في كوردستان تركيا وكيف انسى الصحفي المعروف ياسر الكوردي ورجل الاعمال المعروف والمقاول الشهير عبد القادر الكوردي والمزارع المشهور مزمل حسن الكوردي ومن اشهر الشركات الخاصة للمقاولات وهي شركة الكوردي للمقاولات الهندسية.
 
أعلى