إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (13)

G.M.K Team

G.M.K Team
إنعدام فرص القوى الإسلامية في تسلّم الحكم

د. مهدي كاكەیي

هنا أود أن أثير موضوع تخوّف البعض من سيطرة الإسلاميين على الحكم بعد إسقاط الأنظمة الشمولية و الفاسدة من قِبل الجماهير الثائرة و ذلك عن طريق الإحتكام الى صناديق الإقتراع و الفوز فيها، كما حصلت في كل من تونس و مصر و قد يفوزون في ليبيا أيضاً.

إن الحُكم على الأمور دون دراسة علمية للعوامل المؤثرة و بمعزل عن المتغيرات و التطورات الجارية و إهمال عامل الزمن، يقود الى أخطاء في النتائج المستحصلة و التي تكون بعيدةً عن الواقع. إن سيطرة الحُكام الشموليين و الأحزاب الدكتاتورية على الحكم في بلدان الشرقَين الأوسط و الأدنى و شمال أفريقيا منذ بداية العقد الخمسين للقرن العشرين، كانت نتيجة مباشرة للحرب الباردة بين كل من الحلف الأطلسي و حلف وارشو، حيث كان هدف كلٍّ من هذين القُطبَين هو الإنتصار على القطب الآخر بكل الوسائل الممكنة، بغض النظر عن النُظم السياسية للدول الأخرى التي أراد كل من القطبَين العالميَين جعلها حليفة له لتعزيز موقعه و تحقيق الإنتصار على القطب المنافس.

إستغل الحكام الدكتاتوريون و الشموليون الظروف التي خلقتها الحرب الباردة آنذاك و أسسوا أنظمة دكتاتورية شمولية جائرة و فاسدة، تُمسك بكراسي الحكم عن طريق الإبادة و القتل بوحشية و السجن و التهديد، دون أن يكون هناك رادع يردعهم أو يحاسبهم. أما اليوم فأن الحرب الباردة قد إنتهت و نعيش في عصر العولمة و ثورة الإتصالات و المعلومات و أن الشعوب بدأت تكسر حاجز الخوف من بطش الحكام الجائرين، لذلك لا يتمكن أي حزب إسلامي، يستلم الحكم عن طريق الإنتخابات، أن يؤسس نظاماً شمولياً للحكم في عصرنا هذا، بل يضطرون الى مواكبة التطورات العالمية و التأقلم مع العصر الحاضر و ذلك بالسير نحو القيم الديمقراطية بالضد من إرادتها، كما هو الحال مثلاً بالنسبة لحزب العدالة و التنمية التركي. ستفشل أية محاولة لأحزاب إسلامية لبناء أنظمة شمولية و إلا ستقوم الشعوب بالإطاحة بها وأن الإطاحة بِحُكم الإخوان المسلمين في مصر هو مثال حيّ على ذلك.

كما أن البلدان المتحررة من حكوماتها الشمولية، مثل تونس و مصر و ليبيا ستعاني من مشاكل سياسية و إقتصادية و إجتماعية صعبة جداً بعد زوال الحكومات المركزية القوية التي كانت تُبيدهم و تنكل بهم، حيث ستستمر مشاكل إثنية و دينية و إقتصادية و تسود الفوضى في هذه الدول لفترة طويلة، و قد تدخل شعوبها في حروب أهلية طاحنة.

مما تقدم يستنتج المرء بأنه لن يكون بمقدور أي حزب السيطرة على الوضع و بناء حكم إستبدادي جديد في سوريا. العراق مثال حيّ على ما تؤول إليه الأوضاع بعد تغيير الأنظمة الإستبدادية. في مثل هذه الظروف المستجدة في هذه البلدان فأن الفرص تكون مؤاتية للشعوب و القوميات و الطوائف و أصحاب الأديان المضطهَدة، لتكثيف نضالها من أجل التمتع بحقوقها بعد حرمان طويل و بعد تعرّض هوياتها و لغاتها و تأريخها و تراثها و حقوقها لمحاولة الإلغاء و الإنكار وبعد أن تعرّض ثروات بلدانها للنهب والسرقة. إنّ هذا العصر هو بحق هو عصر تحرر الشعوب و القوميات و الأديان و الطوائف المضطهَدة، و منها شعب كوردستان.
 
أعلى