إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (11)

G.M.K Team

G.M.K Team
القيادات الكوردستانية و تحمّل المسئولية

د. مهدي كاكەیي

يُحتم الواجب الوطني على القيادات الكوردستانية أن تعترف بمسئولياتها عن الهزائم و النكبات التي تعرض لها شعب كوردستان عبر تأريخ كفاحه الطويل لأخذ الدروس من أسباب تلك الإخفاقات و عدم تكرار نفس الأخطاء، بدلاً من إلقاء مسئولية الفشل و الهزائم على عاتق قوى خارجية تعمل وفق مصالحها. إن التعامل السلبي أو الإيجابي لهذه القوى الخارجية مع النضال الكوردستاني تُحدده مصالحها فقط.

تهرّبْ القيادات الكوردستانية من تحمل مسئولية فشل الحركات و الثورات الكوردستانية جعلَ من هذه القيادات أن تتّبع نهج الحكام الشموليين في كتابة تأريخ كاذب و بعيد عن الحقائق، كله عبارة عن إنتصارات و أمجاد و إتهامات للقوى الأجنبية ب"خيانة" القضية الكوردستانية و تبرئة نفسها من أية مسئولية عن مآسي شعب كوردستان، و بذلك يتم إطلاع الأجيال الكوردستانية على تأريخ مزوّر لا يمت بصلة بواقع تأريخ الشعب الكوردستاني. يجب إناطة مُهمة كتابة التأريخ الكوردستاني بأكاديميين مختصين لكتابة تأريخ واقعي للشعب الكوردستاني و الإبتعاد التام عن تسييس كتابة التأريخ و تزويره لصالح الحُكام و أن لا يُكتَب حسب رغباتهم و أهوائهم.

الطريق الوحيد لتحرر شعب كوردستان هو إعتماده على نفسه و في نفس الوقت العمل على إنتهاز الفرص التي تُتيحها الظروف الإقليمية و الدولية لخدمة القضية الكوردستانية و عدم إنتظار المساعدات الخارجية كبديل للعمل الذاتي الكوردستاني، حيث أن كل جهة أو شعب أو دولة لها مصالحها و على ضوء هذه المصالح تبني سياساتها و تحالفاتها و تعمل بكل قوة و بدون أدنى رحمةٍ على تدمير كل مَن يُهدد أو يُعرقل تحقيق مصالحها.

القضية تتعلق بمصير الملايين من الكوردستانيين الذين تعرضوا منذ زمن طويل و لا يزالون يتعرضون للإبادة و الإضطهاد و التعريب و التفريس و التتريك و محاولة إلغاء لغتهم و تأريخهم و ثقافتهم و تراثهم و أنّ خارطة وطنهم تنكمش يوماً بعد آخر بسبب الإستيطان من خلال التعريب و التفريس و التتريك و التهجير.

إذن من الشروط الرئيسية لتحرر و إستقلال كوردستان هي الإعتماد على النفس و توحيد كلمة الكوردستانيين و نضالهم و التنسيق فيما بينهم، بعيداً عن المصالح الشخصية و الحزبية و العشائرية و عدم الإعتماد على المساعدات الخارجية والإمتناع عن تلقّي "المساعدات" من مُغتصبي كوردستان، حيث تتحقق الأهداف الكوردستانية من خلال قوة الشعب و مدى قدرته على لعب دور رئيسي في خلق و تغيير المعادلات السياسية و التي تعتمد الى جانب القوة العسكرية، على الجوانب السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الفكرية و الثقافية و الإعلامية و الوعي الجمعي و تفعيل الديمقراطية.

إن للكوردستانيين تأريخ مأساوي، ينزف دماءً و آثار الإبادة و الدمار و الخراب تشهد على هذا التأريخ التراجيدي. لذلك يحتاج شعب كوردستان الى قيادة سياسية مخلصة و حكيمة و شجاعة، مؤهلة لقيادة هذا الشعب المظلوم و خاصة أنه شعب مجزء و بلاده محتلة من قِبل عدة دول و محاطة من قِبل الأعداء من كل الجهات. أي بكلام آخر فأن الظروف الجيوسياسية الصعبة لكوردستان و تأثير ثقافات المحتلين على المجتمع الكوردستاني تتطلب وجود قيادة كوردستانية نوعية فريدة واعية لتكون قادرة على تحرير شعب كوردستان من العبودية و الإحتلال بأسرع وقت ممكن و بأقل الخسائر البشرية و المادية في ظل هذه الظروف العصيبة.
 
أعلى