إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (14)

G.M.K Team

G.M.K Team
وضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الشخصية و الفئوية و الحزبية

د. مهدي كاكه يي

رغم التطورات التأريخية الكبرى المتسارعة التي تحدث في المنطقة و في كوردستان و التي تقود الى تغيير الخارطة السياسية للمنطقة و تتيح فرصةً تأريخية لشعب كوردستان للتمتع بحريته و تحرره من الإحتلال و إستعادة توحيد كوردستانه و دخوله في المعادلات الإقليمية و العالمية كقوة لا يمكن تجاهلها أو الإستغناء عنها، فأن الكثير من الأحزاب السياسية في غرب كوردستان لا تزال تتصرف من منطلق حزبي ضيق و تُفكر بعقلية تجاوزها الزمن، و قسم من هذه الأحزاب لا تزال تعيش في زمن الحرب الباردة و عصر الآيديولوجيات و التفرّد في النضال و في تمثيل الجماهير الكوردستانية، فتهتم بالجزئيات مثل كثرة أعضاء أحزابها و المؤيدين لها و سعة المناطق التي تتمتع فيها بالشعبية و التأييد و النفوذ، دون أن تعي هذه الأحزاب بأن شعب كوردستان أمام منعطف تأريخي فريد، يتخطى الأحزاب و الآيديولوجيات و أن مصير الشعب الكوردستاني مرتبط بنتائج التطورات الحاصلة في المنطقة و بذلك ترتبط مصائر كل الأحزاب الكوردستانية بنتائج هذه التطورات، بغض النظر عن مواقف هذه الأحزاب و تحالفاتها.

إن شعب كوردستان يعيش في مرحلة التحرر الوطني و لذلك يحتاج النضال الكوردستاني الى تجاوز الإختلافات الآيديولوجية و الخلافات الحزبية و وضع المصلحة الوطنية فوق الإختلافات و الإجتهادات الى أن تتحرر كوردستان، حينئذٍ يمكن للأحزاب و الحركات السياسية التنافس على إستلام السلطة و الحكم و ذلك بالرجوع الى رأي و إرادة الشعب الكوردستاني من خلال الإحتكام الى الإنتخابات التي عن طريقها يختار الشعب ممثليه في البرلمان و في مجالس البلديات و يختار كذلك رئيس الدولة. إن الواجب الوطني يفرض على كافة الأحزاب و المنظمات و الحركات و الشخصيات الوطنية في إقليم غرب كوردستان أن تعي بأنها أمام مسئولية تأريخية و أخلاقية تجاه الشعب الكوردستاني في هذه الظروف التأريخية التي يمر بها شعب كوردستان، و يجب عليها إنتهاز هذه الفرصة التأريخية التي قد لا تُتاح للكوردستانيين مرة أخرى. ستدخل أسماء الذين يخدمون شعبهم في هذه الظروف الحاسمة، في صفحات التأريخ المضيئة و سيلعن التأريخ كل مَن يساهم في التسبب في إستمرارية معاناة و عبودية شعب كوردستان و مَن يقوم بإفشال نضال هذا الشعب الهادف الى تحرير بلاده من براثن الإستيطان و الإحتلال. إن مصير و مستقبل الشعب الكوردستاني مرتبطان بهذه التطورات الداخلية و الإقليمية و الواجب الوطني يُحتم على الجميع الإبتعاد عن الأنانية الفردية و الحزبية و أن يناضلوا معاً موحّدين ليتمكنوا من خلق حياة جديدة للشعب الكوردستاني و كتابة تأريخ جديد لهذا الشعب العريق المجزأ و المُستعبَد.

إن تسارع التطورات في المنطقة و في سوريا و غرب كوردستان، يتطلب العمل السريع و المنظّم لمواكبة الأحداث القائمة و التأثير في مساراتها و رسم معالمها. عدم وحدة كلمة الكوردستانيين و إهمال ترتيب البيت الكوردستاني سيُسبب كارثة كبرى للشعب الكوردستاني. إن تشتت و تشرذم القوى الكوردستانية في تجمعات المعارضة السورية مثل المجلس الوطني السوري و هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، لا يخدم النضال الكوردستاني. المصالح الشخصية و الفئوية و الحزبية الضيقة و التنافس على النفوذ و قُصر نظر قيادات الأحزاب، تجعلها تتحالف مع القوى العربية السورية ومع مغتصبي كوردستان، تركيا وإيران، التي جميعها لا يعترف بحق شعب كوردستان في تقرير مصيره. الواجب الوطني يفرض على الأحزاب و الحركات و المنظمات و الشخصيات الكوردستانية أن تتحالف مع البعض و إختيار مرجعية سياسية لمواطني إقليم غرب كوردستان لقيادة النضال الكوردستاني في هذه الأوقات الدقيقة في تأريخ شعب كوردستان و تمثيل المواطنين في الإقليم بصوت واحد في المفاوضات و التحالفات مع القوى السورية و الإقليمية و الدولية و التي تمنح هوية و شخصية مستقلة للقضية الكوردستانية. إن تشتت و تشرذم القوى الكوردستانية و تحالف كل تنظيم سياسي منها على إنفراد مع تكتلات المعارضة العربية السورية والتحالف مع مغتصبي كوردستان، يؤدي الى الفشل في تحقيق أهداف شعب كوردستان في الإقليم و العجز في مواجهة التحديات الكبرى التي يواجهها مواطني الإقليم في ظل الظروف التي يمر بها الإقليم و سوريا و المنطقة، حيث أن المعادلات و التوازنات السياسية السورية الحالية ستتغير، سواء ينجح النظام السوري الحالي في الإحتفاظ بالحكم أو ينهار و يختفي على الساحة السياسية.

المرحلة الحالية تتطلب وحدة الكلمة الكوردستانية في الإقليم و وجود قيادة سياسية موحدة ليكون الصوت الكوردستاني مسموعاً كوردستانياً و سورياً و إقليمياً و دولياً و لفرض إرادة المواطنين الكوردستانيين في الإقليم على القوى السياسية و الحكومات المؤثرة في المنطقة و العالم بالإعتراف بحقوق شعب كوردستان في تقرير المصير و التعامل مع القضية الكوردستانية كقضية شعب يناضل من أجل تحرره، بدلاً من رؤية القضية كمسألة سورية، تتعلق بمظالم الحكم السوري، كما هو الحال بالنسبة للعرب السوريين. يجب العمل على تخليص القضية الكوردستانية من التبعية لقضايا الدول المحتلة لكوردستان و جعلها قضية مستقلة، قضية شعب، بلاده محتلة و هويته و لغته و شخصيته مهددة بالإلغاء.
 
أعلى