الثورات و الإنتفاضات الكوردستانية في إقليم شمال كوردستان (3)

G.M.K Team

G.M.K Team
الثورات و الإنتفاضات الكوردستانية في إقليم شمال كوردستان (3)

ثورة 1925 (القسم الثاني)

د. مهدي كاكه يي

مع بدء شرارة الثورة، أعلنت الحكومة التركية حالة الطوارئ في كوردستان و أقرّ البرلمان التركي قانوناً يعتبر جميع الأعمال التي تحاول إستغلال مشاعر الشعب الدينية لأهداف سياسية ، سواء تتم بصورة شفهية أو تحريرية، جريمة ضد الوطن و أنّ كل مَن يستخدم الدين، سواء كان ذلك شفهياً أو تحريرياً، كأداة لتأسيس جمعيات أو نشر مقالات أو إستغلال الدين للأهداف السياسية، يرتكب الخيانة العظمى بحق الوطن و تمّ بموجبه أيضاً منع التنظيمات السياسية على أسس دينية. كما أنّ البرلمان التركي أقرّ قانوناً يُخول بموجبه القيادات العسكرية التركية في مختلف مناطق كوردستان، المصادقة على أحكام الإعدام الصادرة عن المحاكم الميدانية المُشكّلة في تلك المناطق. أمرت الحكومة التركية الجنرال كمال الدين سامي باشا، الذي أنيطت إليه مسئولية قيادة القوات التركية ضد الثوار الكوردستانيين، بقمع الثورة بدون رحمة و تجريد الكوردستايين من أسلحتهم، سواء الذين شاركوا في الثورة أو لم يشاركوا و تهجير الكورد من كوردستان و توزيعهم على المناطق التركية، بحيث لا يُشكلوا الأكثرية في أي منطقة و إستيطان الأتراك محلهم في كوردستان. وضعت الحكومة التركية جائزة قيمتها ألف ليرة ذهبية لِمَن يلقي القبض على الشيخ سعيد حياً و أخرى قيمتها سبعمائة ليرة ذهبية لِمَن يعثر عليه ميتاً. تم إلقاء القبض على قادة الثورة، بِمَن فيهم الشيخ سعيد پیران.

تمّ تنفيذ حكم الإعدام بحق الدكتور فؤاد بك في مدينة آمد في شهر نيسان 1925، الذي كان يقود تنظيماً كوردياً سرياً في مدينة آمد قبل بدء الثورة الكوردستانية. هتف الدكتور فؤاد بك أمام حبل المشنقة قائلاً: (كنتُ أحلم دائماً بالتضحية بنفسي من أجل وطني، لا يساورني أدنى شك بأنّ راية الإستقلال سترتفع على هذه الأرض، حيث يتم إعدامنا عليها الآن). كما أنه تم تنفيذ حكم الإعدام في مدينة آمد بحق سيد عبد القادر و الصحفي كمال فوزي و حاجي آختي و كور عبدالله سعادي و خوجه عسكري. هتف المحامي حاجي آختي أثناء إعدامه قائلاً: (عاش النضال في سبيل كوردستان، عاشت كوردستان)، بينما تمنى سيد عبد القادر أن يساعد إعدامه على تقوية عزيمة الشعب الكوردستاني في سبيل تحرره الوطني.

في نهاية شهر مايس 1925 بدأت محاكمة الشيخ سعيد و القادة الآخرين للثورة و التي إستغرقت شهراً واحداً. جلس في قفص الإتهام الى جانب الشيخ سعيد كلّ من الشيخ عبدالله و الرائد المتقاعد قاسم و حاجي خالد عبد الحميد و رشيد (من القومية الشركسية) و الرائد المتقاعد إسماعيل و الإمام ملا علي و الشيخ على و الشيخ إسماعيل و الشيخ عبد اللطيف و كامل و بابا بك و رشيد تيمور و محمد و سليمان و الرائد المتقاعد بحري أمين و شوكت و مقصود و المدعي العام في ملازكرت، عبد المجيد و الشيخ شريف و سليمان و علي و يوسف و حسين و المعلّم ملا جمال و نعمت و أحمد و ملازم الجندرمة محمد مكري و الموظف الصحي في غنج، نيازي و حاجي صادق و غيرهم. في 30 مايس 1925 تمّ تنفيذ حكم الإعدام بحق 47 ثائراً كوردستانياً في مدينة آمد، و كان على رأسهم الشيخ سعيد. قال الشيخ سعيد أمام حبل المشنقة: (لقد بلغتُ نهاية الحياة الطبيعية، لستُ نادماً على أنني الآن أضحي بحياتي في سبيل وطني و من أجل شعبي و يكفينا أنّ أحفادنا سوف لن يخجلوا أمام الأعداء). بعد القضاء على ثورة 1925، قامت الحكومة التركية بإعدام النائب الكوردي في مجلس الشعب التركي، حسن خيري الذي لم يشترك في الثورة ، بل كان يلتزم جانب الكماليين و كان ذنبه الوحيد هو أنه كان مواطناً كوردياً و كان يحضر جلسات مجلس الشعب التركي (البرلمان) بالزي الكوردي. هتف حسن خيري أمام المقصلة قائلاً: (عاش الشعب الكوردي، يا ضحايا كوردستان، الآن ينضم إليكم حسن خيري).

في نهاية شهر أيلول 1925، أصدرت (محكمة الإستقلال التركية) حكماً بالإعدام على 400 مواطن كوردستاني في (بالو) و (جباقجور) و حكمت محكمة المحافظات الشرقية بإعدام 120 مواطناً كوردستانياً و بالسجن لمدد مختلفة على 116 آخرين. ساهم قسم من الآشوريين و الأرمن و الشراكسة في الثورة الكوردستانية و هذه المشاركة تدل على التلاحم بين مختلف القوميات و الأديان في كوردستان و تشير كذلك الى الإضطهاد الذي كانت تتعرض له مختلف الأطياف الكوردستانية.
 
أعلى