التغييرات في تركيا و موقف الكرد منه

G.M.K Team

G.M.K Team
عرف الترك تاريخيا بالغدر تماما كالذئاب التي تنقض على فريستها خلسة و من دون ضجيج ، لذلك سمو بالذئاب ،وخلال علاقتهم و تعايشهم الطويل مع الأكراد في ظل دولة الخلافة العثمانية ومؤازرة الكرد الفعالة لهم لتوسيع ملكها الى أن شملت الوطن العربي و كردستان ، ووصلت حدودهم الى قارة أوروبا، ولكن الخلفاء العثمانيين عرفوا أيضا بالغدر بأصدقائهم وحتى ذويهم ، وهكذا نجد أنهم قتلوا أو نفوا الكثير من الأمراء الكرد و أنهو حكم إماراتهم ،ولكن الخلافة العثمانية في نهاية عهدها مع بدء الحرب العالمية الأولى و هزيمتها على يد الأوروبيين وتقاسم ممتلكاتها الواسعة وضعفها الشديد ، ومن ثم قيام أبو الأتراك (مصطفى كمال) بالإطاحة بحكم الخلافة نهائيا ثم النهوض مجددا من تحت الركام ، إستنجد بالكرد في ذلك وأستغل قوتهم للوقوف على قدميه ، وبناء الجمهورية التركية الحالية ، واعدا الكرد بحريتهم و بشراكة حقيقية في جمهوريته الجديدة ،لكن كعادتهم وبعد تثبيت أركان حكمهم تنصلوا من تلك الوعود و اعلان الحرب عليهم و خاصة ثورة الشيخ سعيد 1925
ومن ثم إعدامه مع رفاقه الآخرين ، و إرتكاب فظائع كبيرة بحق المدنيين والمسالمين الكرد ، و حرمان الكرد من كل حقوقهم القومية والحريات النسبية من حيث اللغة و التجمعات الثقافية التي كانوا قد تمتعوا بها في السابق ، وبرزوا وجههم البشع وطبعهم الغدار مرة أخرى، ووقع الكرد ثانية ضحية الخداع كعادتهم السيئة ،وضحية نياتهم الصافية بأناس مجربين عبر التاريخ الطويل،ودام الحال لسنين طويلة ذاق خلالها الكرد الأمرين من الإضطهاد القومي الفظيع على يد الأتراك إلى أن تغيرت ظروف الحكم فيها و بروز دور الإسلاميين فيها من جديد ومن ثم حاجة هؤلاء مرة أخرى إلى إستخدام الكرد مجددا كقوة جماهيرية و انتخابية للوصول إلى الحكم ،فغازلوا الكرد وبرز هذا الغزل بوضوح في عهد الرئيس الحالي لتركيا (أردوغان) ،حيث أرخى قيود الإضطهاد وفتح الحوار مع الزعيم الكردي (عبدالله أوجلان) وسمح لحزب الشعوب الديمقراطية بحرية العمل السياسي والسماح لهم بالوصول إلى البرلمان التركي ،و هكذا إلى أن قوي حزبه وشدد قبضته على الحكم في تركيا والتي تسير شيئا فشيئا إلى الحكم الدكتاتوري لحزب واحد وشخص واحدا ، ممهدا لذلك بالإطاحة بأقرب المقربين له في حزبه ومؤخرا أدار ظهره للكرد أيضا و خاصة لحزب العمال الكردستاني و زعيمه و أغلق كافة الحوارات معه من أجل حل القضية الكردية حلا سلميا ،وهذه الإجراءات التصعيدية لتصفية معارضيه أولا والخلاص من الكرد ثانيا جاءت بعد إفشاله لمحاولة الإنقلاب المزعومة ضد حزبه من قبل (فتح الله غولن) ،وفي سياق التصدي لتلك المحاولة وقع الكرد مرة أخرى ضحية لنياتهم الحسنة بالغير حيث وقفواضد الإنقلاب المزعوم في الشارع و البرلمان إلى جانب أردوغان ،ولكن موقفهم هذا لم يكن مجديا و لا واقيا لهم من الخطوة الثانية لأردوغان الذي لجأ إلى إعتقال قادة الكرد مثل (صلاح الدين دمرتاش ،أحمد ترك) والكثير من البرلمانيين الكرد الآخرين ومن تم سحب البلديات من حزب الشعوب الديمقراطي والتي وصلوا إليها عبر الإنتخابات الشرعية ومن ثم القيام بحملة إعتقالات كبيرة في صفوف السياسيين الكرد والتي جاءت كآخر مسمار تدق في نعش نهج السلم مع الكرد واعلان الحرب على حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد لحزب العمال الكردستاني و زعيمه عبد الله أوجلان واللذين يعتبرون المدافعين الفعليين عن الكرد في تركيا حاليا ،حيث هناك غيرهم من القوى السياسية الكردية لكنها ضعيفة جدا ولا جماهير لها مقارنة بحزب الشعوب الديمقراطية،ومما أثار دهشتي بعد كل هذه الإعتقالات في صفوفهم هو تأييدهم الجديد لمساعي أردوغان في البرلمان التركي لتغيير الدستور و تغيير نظام الحكم فيها إلى النظام الرئاسي وإن ربطوا تأييدهم بجملة من الشروط ،حيث أنهم من المفترض بهم أنهم أستفادوا من الدروس القاسية والتي لم يمضي الكثير من الوقت عليها من قبل أردوغان. وهذا إن دل ذلك على شيئ إنما يدل على أن الكرد لا يتعلمون من الدروس أبدا و لا يفقهون في السياسة ،وكان من المفترض أن يسلك حزب الشعوب الديمقراطية الموقف المحايد في كل هذا الصراع على السلطة بين أردوغان و فتح الله غولن وبين أردوغان وبين القوميين الترك أيضا ، و عدم الإصطفاف مع طرف ضد آخر إلا بشروط واضحة جدا و مضمونة لصالح حل القضية الكردية في تركيا ومواقف سياسية لا لبس فيها لهذا الطرف أو ذاك بحيث لا يمكنهم الرجوع عنه عند انتخاء الصراع لصالحهم.
الدكتور شفيق ابراهيم
13/1/2017
 
أعلى