تاريخ كردستان

G.M.K Team

G.M.K Team
clear.gif


تاريخ كردستان
المجلد الأول
استوكهولم /1985/


ترجمة
خالص مسور

حقوق الطبع ونشر محفوظة للمترجم
إسم الكتاب: تاريخ كردستان/ ج1/
المؤلف: جكرخوين .
المترجم: خالص مسور.
تنضيض والإخراج:Sengo Dumilî
مطبعة أميرال للطبع والنشر والتوزيع
بيروت - لبنان 1000/7/1996
تنويه :
عندما أعددنا كتاب ( تاريخ كردستان)المجلد الأول للطبع, كان الإستاذ جكرخوين لايزال حياً يرزق, وبناء على طلبه فإننا لم نتعرض للهجة الكتاب ولا الناحية اللغوية فيه, كما لم نغير في شيء من أسماء المدن والمقاطعات والدول التي وردت في الكتاب, ولكن من أجل التوضيح أكثر وللتسهيل على القاريء فقد قمنا بإضافة الفهرس إليه وبعض الخرائط والصور التوضيحية حيث تم نقل الخرائط من: (The penguin atlas of ancient history)
مقدمة
إن كتاب تاريخ كردستان الذي ألفه الشاعر والأديب والباحث المعروف جكرخوين باللغة الكردية, هو وثيقة تاريخية هامة للتراث الذي خلفته شعوب الشرق الأوسط عامة وبلاد مابين النهرين بشكل خاص, وبما أن معظم الناس في المنطقة وحتى غالبية الأكراد لايستطيعون قراءته وفهمه باللغة التي كتب بها. لذلك ارتأيت أن أنقل هذا الكتاب الى اللغة العربية حتى يتسنى لقاريء العربية الاطلاع عليه والإستزادة بما فيه من معلومات تاريخية قيمة, وحيث استعان المؤلف بالعديد من الباحثين الكرد والعرب والأجانب ألا أنه لم يثبت قائمة بالمراجع في آخر الكتاب لذلك أثرت أن اقوم بهذا العمل بنفسي, فبينت المراجع التي استعان بها المؤلف من سياق استشهاداته الواردة ضمن الكتاب. والكتاب لايقتصر فقط على تاريخ كردستان الموغل في القدم بل يشمل تلك الشعوب القديمة التي كانت , لها علاقات جوار مع الكرد, كالسومر يين, والبابليين, والكلدانيين, ثم الآشوريين, والفرس, والعرب, والترك . كما قمت بإضافة بعض الملاحظات وشرح بعض الأمور الغامضة التي تتطلب توضيحاً في هوامش صفحات الكتاب, ولذلك أرجو أن أكون قد قمت بعمل متواضع في هذا السبيل.
المترجم
خالص مسور

مقدمة المؤلف
غايتي من هذا الكتاب هو, أن أكتب وأنقل باختصار, وأسطر في الصفحة الأخيرة من كتابي قائمة بالكتب والمراجع التي نقلت منها واستعنت بها في إخراج كتابي هذا الى حيز الوجود وفي الكثير من المواضيع, أظهر رأيي ووجهة نظري في الأحداث وأتمحصها, وابتعد عن الغموض والقصص الخرافية والشك, وأنآى بكتابي عن الكذب والتلفيق والدجل . وفي مرات كثيرة أدافع عن الشعب الكردي وأهجامه مرات, وألجأ الى إظهار أخطائه وعيوبه ونواقصه للعيان . وقد بذلت في سبيل ذلك جهوداً مضنية خلال سنوات مد يدة, وعانيت الأمرين آملاً أن أقدم عملاً متواضعاً لشعبي, وألا أخرج من الساحة خالي الوفاض, بل مساهماً قدم ما استطاع تقديمه لشعبه . أنا لا أكن عداوة لأحد ولكني عدو لدود للعقلية الجامدة, المتحجرة والمهلهلة, وأريد لهذه العقلية, أن ترحل عن وطني سراعاً والى الأبد. والذين يريدون أن ينقلوا الماء بالغربال لايخدعون إلا أنفسهم. إن أعداء الشعب الكردي يريدون ابعادي عنه وابعاده عني حتى لايتأثر بالأفكار الحرة والنيرة, ولكن هيهات لهم ذلك . .والى أن يحين الوقت الذي يستطيع فيه هذا الشعب تمييز عدوه من صديقه ويفتح عينيه على مايجري حوله من أحداث, فسيكون الكثيرون منا قد رقدوا تحت الثرى وأصبحوا رمماًً بالية.
ولكن الشعوب لاتموت وفي آخر المطاف سيصمد الشعب الكردي أمام المحن والمصائب, وسيعرف الطريق الذي سيقوده الى بر الأمان عاجلاً أم آجلاً .
وسيأتي يوم يميز فيه أصدقائه من أعدائه. وأريد أن أوضح أيضاً , في هذا الجزء من كتابي اسم وجغرافية كردستان, وأصل الأكراد وثقافتهم, وديانتهم، ومجتمعهم, ونمط تفكيرهم. وعلى الرغم من أنني أعتبر نفسي غير أهل لهذا العمل, فمن الضروري أن أحاول رفع حجر عن هذا الدرب, وأمهد الطريق للمؤرخين والكتاب الذين سيأتون من بعدي ليكملوا المشوار كما مهد لي الطريق أيضاً مؤرخون أكراد أفذاذ أمثال: محمد أمين زكي بك, والمردوخي, وشرف خان البدليسي, وآخرون غيرهم, وهم جميعاً موضع حب وتقدير وشكر من الشعب الكردي.
فوائد دراسة التاريخ
يقول ابن الأثير الجزيري:
1- تتسع مدارك الأشخاص مع الأحداث والقصص القديمة.
2- التمييز بين الجيد والرديء والإطلاع على عيوب ونواقص الشخصيات التاريخية والإتعاظ بها.
3- بالإطلاع على الثقافات القديمة تتسع مدارك الفرد السياسية فهو أشبه بالمرآة تكشف كل شيء.
4- يستطيع الفرد أن يغشى المجالس ويؤثر على سامعيه فيكسب محبتهم, ويرفع من معنوياتهم, يمتعهم, ويسليهم.
5- لايخاف المؤرخ من الفواجع التاريخية بل يقف أمامها صلباً مستفيداً من دروسها.
أما شرف خان البدليسي فيقول :
1- إن دراسة التاريخ سهل وبسيط.
2- فيها الكثير من المتعة والتشوق.
3- التمييز بين الحقيقة والخيال.
4- يتعايش الفرد مع الحوادث والقصص القديمة.
5- المؤرخ يستطيع أن يثقف نفسه بنفسه.
6- المؤرخ شجاع لايخاف الأحداث المفجعة.
7- يلين التاريخ قلب الإنسان المتعلم ويبعده عن الخوف والوساوس .
8- في دراسة التاريخ يرتقي الإنسان الى المعارف والشهرة .
التاريخ هو وعاء ذكريات الشعوب, يقوي إيمانها, وعقائدها, ومبادئها, ويوسعها, وسع التاريخ نفسه, وعن طريقه يتعرف الإنسان على عصره ويطلع على أسسه وسيماته, وسيؤيد صحة ماذهب إليه الجزيري والبدليسي . ولكن يجب أن نعلم أن التاريخ ليس كل شيء وليس كل شيء هوالتاريخ, مع أن التاريخ ينير العقول ويشع نوره الى مختلف الجهات, كشعلة نار اتقدت فوق رأس جبل شامخ, تبدد ما حولها من ظلام دامس فتهدي الضالين طريقهم . نقول هذا ولا نغفل بأن هناك أنواع من العلوم أكثر فائدة من التاريخ وأفضل بالنسبة للإنسان. وخلاصة القول.إن التاريخ وغيره من العلوم, تدخل في باب الميادين التي يجب أن يقبل عليها الشعب الكردي بنهم ومنهجية. فالعلم هو النور والأمل للإنسانية جمعاء.

 

G.M.K Team

G.M.K Team
جغرافية كردستان



كردستان كلمة كردية (آرية) مؤلفة من مقطعين (كرد) وتعني البطل أو الشجاع, وهي تسمية لشعب آري كان قبل الإسلام فرعاً من أربعة فروع تشكل في مجموعها الشعوب الإيرانية وهم الكرد، والفرس، والديلم، والجيل . وقد ظهر الأكراد منذ القدم في سفوح جبال زاغروس مجاورين شعوباً عديدة, كالعرب, والفرس, والآشوريين, والعيلاميين, والأرمن, ولايزال يعيشون حتى اليوم في مناطقهم السابقة تلك التي هاجروا إليها ودخلوا في مناطق نفوذ لشعوب أخرى, كمااغتصبت أرضهم ووزعت بين دول عديدة . أما (ستان) فتعني الأرض والسكن والكلمتان معاً تعنيان أرض الأكراد, أو أرض الأبطال, فهي تدل على موطن الكرد وبلادهم, مثلما نقول . كردستان, أرمنيستان، كرجستان، تركستان ،عربستان، هندستان، وأفغانستان، وبلوجستان وهكذا فالكلمة كردستان, هي التسمية الجغرافية لموطن الكرد أو المناطق التي ينتشرون فيها منذ عصور موغلة في القدم . ويعتقد بعد الباحثين أن الأكراد من اقدم الشعوب على وجه الأرض إن لم يكن أقدمها, وترجع أصولهم الى الغوتيين سكان جبال زاغروس, الذين يعود تاريخهم الى أربعة آلاف عام قبل الميلاد. هذا في حين يرسم شرف خان البدليسي حدود الكرد ويحدد أراضيه بدءاً من سواحل الخليج العربي أو خليج هرمز وحتى سواحل البحر المتوسط, في موقع يتوسط العرب, والفرس, والأرمن, والروم(الترك) .

ويقول العالم الروسي الكبير مينورسكي: بأن الأكراد يعيشون ضمن أراضي فارس والقوقاز وتركية وإيران والعراق, وهو يقصد بذلك أن أراضيهم قد قسمت بين هذه الدول, ويلاحظ أنه لم يذكر سورية وحدها. أما مؤرخو صدر الإسلام فيعتبرون أرض الأكراد تلك التي تمتد من همدان وحتى البحر المتوسط أو موطن (تكفور) و(ابن لاوين) . والتي كانت تعرف في ذلك الوقت, بتسميات عديدة مثل, كاردونياس، باقاردا، كارادوخان، بختويخ . أما في العهد الساساني, فلم يبق ذكر لوطن يعرف بكردستان, بل اقتصرت التسمية على أجزاء من الأرض وبعض المدن تعرف بسكانها الأكراد ولها تسميات كردية . وفي هذا الوقت دخل المسلمون الى كردستان ووقعت حروب طاحنة بينهم وبين الأكراد. و الشيء ذاته جرى مع الأذربيجانيين وفي أرمينيا والجزيرة والموصل والجبال(1) وخوزستان أيضاً, فبقيت منها أسماء مثل, كوردكوه, وحصن الأكراد, وكوردكا, متداولة حتى تلك الفترة الإسلامية. وفي خلال المئة الخامسة للهجرة تم اقتطاع جزء من جبال كرمنشاه، سنانداج، شهرزور, على يد الشاه ( سليمان السلجوقي) وسميت كردستان, وأصبح هو حاكماً عليها, وكانت هذه المقاطعة من بلاد الأكراد غنية جداً ومتقدمة حضارياً, بل كانت ميزانية كردستان هذه تبلغ في عهد هذا الشاه مليونان من النقود الذهبية, وكانت بداية ولاية الشاه سليمان السلجوقي هي سنة (511) هجرية.

أما الأتراك العثمانيون فقد سموا ديرسم والمناطق المجاورة لها بـ / كردستان/ ومنها انتشرت التسمية الى باقي مناطق الكرد . وفي عام التسعمائة للهجري تغنى الشاعر الكردي الملا الجزيري بكردستان فقال:

أنا شعلة في ليالي كردستان أنا من شعب نزيل جنة إرم, بوطان

وقد أكمل شرفخان كتابه التاريخي في عام 1005هجري وأورد فيه اسم كردستان مئات المرات, ومن هنا يبدو أن هذا الإسم كان قد انتشر بسرعة في جميع انحاء كردستان الحالية, وفي هذا السياق, جاء قول الملا الجزيري ونظمه - أنا شعلة في ليالي كردستان - ويستدل من أشعار هذا الملا العبقري أن بلاد الكرد كانت تئن – آنذاك- تحت وطأة أقدام الغزاة وأن سماءها كانت مجللة بغيوم حالكة السواد حتى في الزمن الذي عاش فيه هذا الملا الشاعر الصوفي الملهم. هذا ولقد شاهد (ثورودانجن) . مرتين موطن (الكاردوكا) الذي ارتبط اسمه ببلاد (سو) والذي كان يقع ضمن ممتلكات الإمبراطورية الآشورية الى الجنوب من بحيرة (وان) مباشرة, وحتى في عهد( شرف خان) فقد بقي اسم (سو) يطلق على احدى قلاع المنطقة جنوبي بحيرة وان .وفي اللغة الآرامية كان يقصد بالتسمية (كاردو- كازارتاي كاردو) جزيرة بوطان, والأرمن بدورهم أطلقوا على جزيرة بوطان (بختارة) اسم (بختويخ). وعلينا أن نشير بأن هذه لم تكن كلها أسماء لكردستان الحالية ومن المحتمل أنها كانت أسماء لبعض أجزاء من كردستان والتي كانت تخضع مراراً لسيطرة الشعوب الأقوى, لأن كردستان في القرون السابع والثامن والتاسع للهجرة, كانت تضم عدة إمارات إقطاعية لكل منها تسمية خاصة مثل أردلان، بابان، صوران، بادينان، بختان، غرزان، كورتكان، كردكان...الخ . كما كانت تطلق على كل تلك الإمارات والأراضي التابعة لها مجتمعة لفظة (كردستان) ويقول محمد أمين زكي بك : إن كردستان هي المنطقة الأولى التي استقرت فيها شعوب مابعد طوفان نوح, وبذلك يمكن القول أن كردستان كانت عامرة وأهلة بالسكان منذ تلك العصور السحيقة في القدم, وفي مقدمة الشعوب التي سكنتها هي لولو، كوتيون، كاشيون، خالديون، وسوباريون، والحوريون, والى الجنوب من هؤلاء كان العيلاميون وفيما عدا هؤلاء العيلاميين فإن كل هذه الشعوب تعتبر الأرومة والأصل للأكراد الحاليين. أما الميديون فقد هاجروا بعد هؤلاء الى كردستان واستقروا فيها ثم اختلطوا مع الشعوب الكردية القديمة والميديون في الأصل هم من الشعوب أو الأقوام الآرية وقد تمكنوا من دخول كردستان سلمياً على شكل مجموعات متتابعة من القبائل والعشائر الكردية التي امتهنت حياة البداوة والترحال, ثم سكنت مقاطعات أذربيجان (بختريانا) بين بحيرتي وان وأورمية حيث أطلق عليها اسم ( ميديا) وتقع الى الشرق من موطن الآشوريين وفي احتكاك مباشر معهم وقد سيطر الآشوريون على هؤلاء الميديين فيما بعد وأصبحوا رعايا الإمبراطورية الآشورية فكانوا يتكلمون لغة هندية-أوربية(آرية) وهذه اللغة هي أساس اللغة الكردية اليوم وقد انصهر الميديون ضمن المجتمع الكردي والفارسي وسكنوا لبعض الوقت في مناطق الجزيرة و/عامودا/تحديداً يقول كارلتون كون .في كتابه (كروان) القافلة:كانت (ماج)قبيلة ميدية وطقوس الديانة الميدية كلها كانت في يديها وهي من أعز القبائل وأعلاها مكانة في المجتمع الميدي ومن الجائز أن يكون الكورماج( الكورمانج)هم بقايا هذه القبيلة الميدية المتدينة والتي كانت تسكن في الموطن الميدي ثم توسعت في زحفها نحو الغرب.

ويقول سبايزر : من الممكن والمقبول أن تطلق هذه الأسماء المتنوعة على شعب واحد لأن كل شعب يطلق حسب لغته اسماء معينة على الأوطان والبلدان.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
أصل الأكراد :

يقول سدني سميث : كان الأكراد في موطنهم يتمتعون بالحرية والإستقلالية الكاملة وذلك في القرن السابع الميلادي.

أما مينورسكي فلايشك أبداً في أن (الكاردشوي)هي نفسها بلاد الكارد وتشكل هذه البلاد مع شعوبها الأصل والأساس لأكراد اليوم وموطنهم مثلما أن كلمتي (خالدي) و( كردايي)هما تسميتان لشعب واحد هو الشعب الكردي.

ويذهب ريسك الى أن كلمتي خالدي وكردايي لهما معنى واحد وحسب اللغة الكردية فإن الأكراد هم إيرانيون أومن الشعوب الإيرانية أو من الشعوب المجاورة للإيرانيين ولكن الكثير من الإيرانيين كانت لهم علاقات متينة مع الشعب الكردي أدت الى الإختلاط معهم كما اختلطوا مع شعوب أخرى وتمكن البعض من هذه الشعوب من القفز الى سدة الحكم والتحكم بمقدرات البلاد الكردية.

ويقول محمد أمين زكي بك:أن الأكراد القدماء هم من الشعوب القوقازية ولكن نتيجة اختلاطهم مع الميديين الأكراد الجدد أدى الى اقتباسهم اللغة الميدية الآرية وتحولوا من ثم الى آريين (هندو-أوربين).

أما شرف خان البدليسي فيقول:بأن الأكراد هم أحفاد أولئك الهاربون من مصاص الدماء المدعو(أزدهاك)الى رؤوس الجبال ثم تناسلوا هناك وبهذا المعنى فالأكراد ينحدرون من أصلاب أولئك الثوار المتمردين على حكم الطاغية ازدهاك ولكن أجزم بأن هذا غير صحيح.

ويستطرد حاكم بدليس قائلاً:يذهب البعض الى أن الأكراد نظراً لشجاعتهم الفائقة لقبوا بالكرد(البطل)أو الشجاع وفي الحقيقة فقد ظهر من بين هذا الشعب أبطال ذائعوا الصيت أمثال (رستم) و (فرهاد) و(كوركين) وفي موضع آخر يقول البدليسي أن الأكراد كلهم من نسل البجن والبخت(1) ويتدخل هنا أبو الفداء ليقول بأن الكرد والديلم والجيل هم ثلاثة أخوة في الدم وكل واحد من هؤلاء أصبح أباً لشعب وحسب روايته يكون الأكراد من اصل إيراني أو من الشعوب الإيرانية ويقال للأباء الثلاثة وأنسالهم(الفرس).هذا وقد انتشر الأكراد في سفوح جبال زاغروس وحكموا إيران مرات عديدة أما المؤرخون العرب فيقولون.أن الأكراد هم عرب جاوروا الأعاجم فنسوا لغتهم العربية وتكلموا الكردية وانصهروا في بوتقة المجتمعات المجاورة ولكل منهم رأيه في وضع الأكراد على خانة العرب ولكن من الجائز أن يكون أحد عظماء ومشاهير العرب قد أطلق على نفسه اسماً كردياً حتى اختلط على هؤلاء الأمر ولذلك فمن المفروض أن يكون الأكراد قد وجدوا قبله حتى تسنى له أن يتخذ لنفسه الاسم الكردي متأثراً بهم مثلما يسمي الأكراد أطفالهم فارس وشركس وتتر وجاجان وعرب أما المؤخرون الترك فيذهبون الى أن كلمة كرد جاءت من (قورد-غور)التركية وأنهم أتراك جبال وقد أضاعوا لغتهم بعد اختلاطهم مع شعوب أخرى.

كما يدلي المؤرخون الفرس بدولهم ويقولون :بأن الأكراد هم جزء من الشعب الفارسي وأحد أقسامه واللغة الكردية هي لهجة من اللهجات الفارسية ولكن فقط الألفاظ غير متطابقة مع اللغة الفارسية كما يزعم الآشوريون والكلدان والأرمن بأن الأكراد منهم ولكن الملاحظ أن أحداً لم يقل أنه من الأكراد.وإذا كان الأكراد حقيقة تركاً أو عرباً أو فرساً(إيرانيون)لكانت الدول العربية وتركية وإيران قد انتصرت لهم ولطالبت بالأخوة العربية-الكردية والفارسية والتركية ويرفع الظلم والحيف عنهم مثلما ينتصر العرب لإرتيريا ودول الخليج وكما يدعم الأتراك بني جلدتهم القبارصةالأتراك وكما يطالب الفرس بجزر الخليج العربي فأين هؤلاء من حقوق اخوانهم الكرد كما يزعمون.والآن جاء دوري لأقول :إن الشعوب كلها من اصل واحد وقد افترقت شيعاً وأحزاباً حسب تباين لغاتها والأسماء التي أطلقتها على نفسها وكان للإنعزال وطبيعة الأرض دور كبير في تباين الشعوب(1) وبعد تطورها وانخراطها في لجة المدنية واختلاطها ببعضها فلم يبق هناك مجال للإدعاء بالنقاء العرقي أو اتخاذ الدم أو اللون أساساً لتصنيف الشعوب كما لايمكن للدين أن يكون الأساس للتصنيف ولكن اعتماداً على اللغة الكردية يمكن اعتبار الأكراد ابناء عمومة للشعوب الآرية وخاصة الفرس والأفغان والبلوج والهنود وهم بالتالي أقرب الى الشعوب الأوربية الآرية ولذلك فإننا نصادف الكثير من المفردات الكردية ضمن لغات هذه الشعوب وقد افترق الأكراد منذ القدم عن أبناء عمومتهم هؤلاء فنشأت لغة خاصة بهم كما أقاموا دولاً وإمارات عديدة فوق أراضيهم واستطاعوا أن يعرفوا العالم بشعب وأرض اسمهما الكرد وكردستان وعلينا أن نشير الى أن الأسماء العديدة التي أطلقت على الكرد يعود الى سببين الأول هو أن العشائر الكردية قد أقامت دولاً متعددة فوق أراض معينة عرفت بها وبأسمائها مثل سوبارو،سومر ،ميتان،حور،ماد،نايري،كاردو،كاشو،لولو،غوتو،كاردوخي، كوردين أما في العهد الإسلامي فقد عرفوا ب/بختان،بابان، بادينان، هكاريان، غرزان، مرداني، شدادي، برزكاني، لوري،بختياري، شادنجاني، كاكويي...

السبب الثاني هو أن القدماء الذين أطلقوا هذه الأسماء على الأكراد كانوا عديمي الاطلاع على أحوال الكرد ويجهلون لغتهم وثقافتهم وقد اقتبسوها من ألفاظ أطلقها أعداء كردستان أنفسهم ولكن الأكراد يشكلون اليوم شعباً له ثقافة متميزة ورقعة أرض واقتصاد ومسيرة تاريخية ولهم تطلعات نحو الإستقلال والحرية وإنشاء دولتهم على أساس من السلام والود والتفاهم مع الشعوب المجاورة الشقيقة.والحؤل دون إراقة الدماء وخلق المشاكل.ويدنهم المحبة والسلام للجميع. وسيأتي يوم يعيش فيه العالم كله بسلام وتفاهم على كوكب واحد هو الأرض وستصبح الكرة الأرضية موطناً لكل الشعوب المتآخية وسيعم الخير والنوايا الطيبة عليها وسيحارب الناس كلهم معاً ويناضلون ضد الجوع والأمية والظلم والمرض وإزالة آثارها على كوكبنا والى الأبد وبدون شك أن للأكراد علاقات ومداخلات مع شعوب الشرق الأوسط وتعيش بين ظهرانيهم الكثير من الشعوب التي لها امتدادات تاريخية ولاتزال تحافظ على بقاياها حتى اليوم ونحن شعوب كردستان نستطيع أن نكون يداً واحدة ونشكل معاً وحدة أخوية شريفة حرة وطوعية نكون فيها سواسية ونخدم جميعاً وطننا لنعيش أعزاء مكرمين نسير بخطوات ثابتة نحو العزة والمجد والحضارة اخوة سعداء تجمعهم المحبة والسلام.

هذا ويظهر من مقتطفات أوردها مؤرخوا الشرق الأوسط على أن الأكراد قد سكنوا أراضيهم الحالية قبل الإسلام ببضع مئات من السنين والكثيرون منهم استقروا في الأرض الواقعة بين إيران والعراق وفي مناطق (هزو)وحصن الأكراد ومرعش ويمتدون غرباً حتى البحر المتوسط وقد وجد البعض منهم أيضاً في الشام ومصر والحجاز واليمن ولا يزال الكثيرون منهم يحتفظون بهويتهم القومية ولغتهم وثقافتهم الى اليوم ولكي أطمئن المثقفين الأكراد فسأورد بعض الآراء حول ما ذكر.

يقول ابن الأثير الجزيري: كانت زوجة (بهرام جوبين)تتسمى بغسم كردي وأسماء أخواتها هي أسماء كردية وعندما توفي بهرام جوبين تزوج كسرى ملك الفرس هذه المرأة ولكن إذا ادعى البعض أن هؤلاء ليسوا أكراداً بل فقط لهم أسماء كردية استعاروها من الأكراد فحتى هذا الكلام يدل على أنه كان هناك شعب كردي عريق أعطى أسماءه لباقي الشعوب مثلما تظهر في بلادنا حتى اليوم اسماء مثل فارس جاجان وتتر وعرب...الخ .

ويستطرد ابن الأثير فيقول عندما فتح (أردشير بابك)بلاد المدائن (نايسفون) ووضع التاج على رأسه وطالب بالملكية والحكم عندئذ أرسل له شاه ايران رسالة يقول فيها:أيها الكردي ابن الكردي من سمح لك بوضع التاج على رأسك وتماديت حتى أمرت ببناء المدن فأنت تحفر قبرك بنفسك وتستعجل موتك.

ويقول القاضي بيضاوي :إن الذي أوحى بفكرة احراق النبي ابراهيم هو من أكراد فارس وقال عبدالله بن العباس إن هذا الشخص كان واحداً من عرب بلاد الفرس فسأله أحدهم هل كان في بلاد فارس عرب آنذاك فأجاب عبدالله أكراد بلاد فارس هم عرب بلاد الفرس وهو يقصد بكلامه الأكراد الرحل.

ويقول المسعودي في سنة 332هجري أن شاه جان هي عشيرة كردية تسكن همدان (دينور) كما سكنت عشيرة ماجردان في كنجاور وعشيرتا الهزبني والسرات سكنتا أذربيجان كما استقرت عشائر شاه ونجان ولابازفي الري وعشائر مادنجان،باريسان،خالي،الجلالي،جباركي،جاواني،والمسطكان كلها استقرت في جيا(الجبال) كما استقر الدبابلة في الشام وأما العشيرتان الكرديتان اللتان تنصرتا واعتنقتا الديانة المسيحية هما اليعاقبة والجوزقان فقد سكنتا جبل جودي.

كما يذكر المسعودي في كتابه التنبيه والإشراف أن عشيرة بازنجان هي كردية أيضاً ويقول الإصطخري في سنة 340هجري في معرض ذكره للعشائر الكردية فيعدد منها ماشوبرا، بوزكان،كيكا التي تسكن اليوم حول مدينة مرعش .ويتابع الاصطخري في الصفحة 282 من كتابه ليقول أن مناطق سكنى الأكراد هي بلاد فارس ،كرمان، سجستان، خراسان، أصفهان، جيا، ماه كوفة، ماه بصرة، ماه سبندان همدان ،شهرزور، دارا بفورد، صامخان، أذربيجان، أرمنيستان، دوين على نهر آراس، أران، باب الأبواب ، باب الأكراد، برزئة،بليقان، دربند، الجزيرة، الشام ،صخور.

ويعدد الاصطخري أسماء خمس مناطق تسكنها القبائل والعشائر الكردية وكل منها تسمى رام بالفارسية وتعني منطقة وهي :

1- رام جان أو رام جيلويه وتمتد بين أصفهان وخوزستان.

2- رام لواليجان وتقع بين شيراز وسواحل خليج هرمز.

3- رام ديوان وتقع في كورة أو منطقة سابور.

4- رام كاريان وتقابل كرمان.

5- رام شهريان وتقع قرب أصفهان ويقال لها بازنجان وقد هاجر عدد كبيرمن سكانها الى مدينة أصفهان.وهناك رام هرمز ورام احمد ويعتقد بأنهما وجدتا بعد وفاة الاصطخري إذ لم يعثر لهما على ذكر في كتبه.والرام كما أسلفنا كلمة فارسية تطلق على المناطق التي يسكنها الأكراد والجمع رموم.هذا ويتابع الاصطخري في استطراداته ويقول:إن كلاً من هذه الرموم كانت لها عاصمة وحاكم يدير شؤونها مستقلاً في مملكته ويأتي هذا الجغرافي على ذكر أثنين وثلاثين من العشائر الكردية كانت تسكن بلاد فارس وهي الكرماني،راماني،مودسر،محمد بني بشير، أويركاني ،بيقلي،بردامهري،محمد بني اسحاق،سوباهي،اسحاقي،شهراكي، طهمداني، زبادي،شهردي،بانداوكي،خسروي،زنجي،سفري،شهياري،مهراكي، مباركي، اشتامهري، شاهونين فراتي، سلموني، ميري، آزادوختي، مطلبي، برازدوختي ، ممالي، شه كاني، كجني، جليلي.

ويستمر الإصطخري في كلامه ليقول.لقد حصلت على هذه الأسماء من ديوان الصدقات وكانت هذه العشائر تمتههن حياة البداوة والترحال وتتخذ من بيوت الشعر مساكن لها وكان عددها يبلغ نصف مليون مسكن كما أنه يعد عشائر لورستان ضمن العشائر التي سكنت بلاد فارس ويعتبرها عشائر كردية سكنت هذه المنطقة.

أما ابن البلخي(1) فيقول:في سنة 500 هجري.إن العشائر الكردية تلك قد أبيدت في معظمها أو جميعها في عصر صدر الإسلام وضاع أثرها ولم ينج منها سوى شخص واحد يدعى (علك)(2)احفاده يتواجدون في هذه المناطق حتى سنة 500 هجري والأكراد الذين يقطنون اليوم بلاد فارس قد جلبوا إليها منذ أيام عضد الدولة من أصفهان. هذا إذا اعتبرنا أكراد لورستان في عداد الأكراد القاطنين بلاد فارس كما يقول الإصطخري فعندئذ يمكن عدم تصديق صحة ماذهب إليه ابن البلخي. ويمتدح البلخي عشيرة(شفان كاره)الكردية ويقول في السنين الأخيرة من حياة الدولة البويهية كانت هذه العشيرة لها جيش قوي وتشكل جبهة صلبة في وجه أعدائها وشرف خان وحده لم يذكرها ضمن الأكراد الإيرانيين أو العشائر الكردية الإيرانية ولكنه ذكر اسم راماني كأحد أجداد هذه العشيرة أو فخذ من أفخاذها.

ويقول ياقوت الحموي :زوزان وطن جميل جداً يقع بين أرمنيستان وخلاط وأذربيجان ويمتد حتى مدينة ساماس وقد استقر فيها الأكراد والأرمن.

أما ابن الأثير فيقول:زوزان موطن واسع جداً يقع الى الشرق من نهر دجلة على بعد مسيرة يومين أو (120) كم من الموصل ويحاذي حدود خلاط وأذربيجان ويصل حتى مدينة سلماس وتكثر فيه القلاع ويخضع بكامله لسيطرة الأكراد البجنويين والبختيين كما أن الجرقة والبشير تخضعان لحكم أكراد البجنوي أيضاً ورئيسهما يدعى(أئيلي)الذي يسكن قلعة(جردقيل) وتقع

مناطق بازل الحمراء, في أروخ, باخوخة, كنفورة, الطيره, خوشاب.في أيدي قبائل البختان الكردية.

ويقول القلقشندي في كتابه (صبح الأعشى) نقلاً عن مسالك الإبصار لفضل الله العمري في سنة 814هجري .يتألف الأكراد من شعوب عديدة ولكنهم شكلوا شعباً واحداً ومستقلاً في شؤونه وينتشرون بمحاذاة الحدود العربية ولم يتداخلوا أو يختلطوا كثيراً مع العجم كما أنتشرت بعض العشائر الكردية في الشام واليمن وفي مناطق أخرى من العالم وأكثرها في المنطقة الواقعة بين العرب والعجم حيث استقرت هناك .

ويتابع القلقشندي ويقول.القصد من الجبال (جيا)هي تلك الجبال الواقعة بين العراق العربي.البصرة والكوفة وبلاد خراسان.ويستمر القلقشندي ليقول.سأبين أسماء بعض العشائر الكردية المشهورة والمعروفة لدي وأسماء العائلات الكبيرة وزعماؤها. وسأبدأ بأكراد جبل همدان في شمال شهرزور وأربيل وحتى الجزيرة وكوار والموصل.

1- اللور: احدى العشائر الكردية الكبيرة والتي تضم بين جنباتها عشائر أصغر وهي صاحبة ملك وإستقلالية ولها حالمها وتنتشر فروعها في الشام ومصر والغالبية استقرت في الشام ورجالها شديدوا المراس معتدون بأنفسهم وهم أصحاب كلمة حق ونخوة وشهامة وينقسمون الى قسمين اللور الكبير واللور الصغير.

2- الشوك:احدى العشائر الكردية البدوية الذائعة الصيت ورجالها محاربون أشداء سفاكون للدماء ولكنهم يتميزون أيضاً بالسخاء والكرم والجود ويرحمون فقراءهم ويقدمون لهم مايحتاجون.

3- شفان كاره:وهو متدينون متعصبون (مسلمون)ولكنهم أصحاب ضمائر حية وأشخاص يعتدبهم.هذا ويعرفنا فضل الله العمري صاحب كتاب مسالك الإبصار على جبال كردستان ويقول .إنجبال كردستان (جبال)تمتد بدءاً من همدان وشهرزور باتجاه الغرب حتى تصل الى موطن (تكفور)والى مواقع كانت تابعة لإبن (لاوين) وعلى امتداد أرضيه أي تصل حتى اضنة والمصيصة التي تعرف بأرمينيا الصغرى وكان تكفور ملك الروم يملك حتى سيواس .

كما يورد صاحب المسالك أسماء عشرين منطقة كانت قد استقر فيها الأكرد المتمتعين بالحرية والإستقلال ولهم حكامهم الخاصون بهم وهذه المناطق هي:

1- ماهي دشت: وتقع في جبال همدان-شهرزور وهي موطن أكراد (الكوران) وهم أصحاب ملك وإستقلالية.

2- دارتنك: وهي موطن عشائر (الكورا)وهم مستقلون ولهم حكامهم الخاصون وينقسمون الى قسمين ويملكان معاً خمسة آلاف محارب.

3- دانسرك- نهاوند : تقعان قرب شهرزور وتسكنهما عشائر الجلالي وهم أصحاب عصبية وسيف وحرب يملكون ألف مقاتل ومستقلون في شؤونهم.

4-جبال همدان : تقطنها عشيرة كردية قريبة من الجلاليين تطلق على نفسها اسم (زنغنة)تتمتع بالحرية والإستقلال.

5- شهرزور: تقطنها عشيرتان كرديتان هما(كوسه)و(بابير) مستقلتان في شؤونهما الداخلية وبعد محنة بغداد هاجرأفرادهما الى مصر وحلت محلهما في أرضهما السابقة عشيرة خولسان(خوله) وهي غير معادية للسكان الأصليين من الأكراد.

6- في أذربيجان: منطقة تقع بين شهرزور وإشنو يقطنها أكراد الصيولي (شولي).

7- ألشتار: ويقطنها أكراد الكرطاوي ويقع قسم من مدينة أربيل ضمن ممتلكاتها.

8- كاركار: ويقطنهاأكراد(الهسنا)وهم ثلاثة أقسام.عيسى،شهاب الدين،تيلي (جاكي) .

9- دربندالقره بلي: هي موطن أكراد القرباوي وهم مستقلون ويفرضون ضرائب على القوافل المارة بدربند ولهم علاقات وارتباطات مع بلاد مصر ولهم مكاتبات مع ملوكها.

10- كروحين(دقوق الناقة): يقول مينورسكي كان يقطنها أكراد التيركارين وتقع بين كركوك وتاوك وقد توفي حسام الدين الهزباني حاكم أربيل في هذه المدينة ودفن فيها وكان يلقب بأبي الهيجاء البدين.

11- في منطقة أربيل وبين جبلين سكن بعض الأكراد وكانوا يوالون مصر ويهادنون التتر أيضاً .

12- مازنجان.سكن أكراد مازنجان في مناطق بيره وه،نجمة،سواهران،وهم من أكراد الحميدية وهؤلاء الحميديون كانوا يشكلون القسم الرابع من الجيش الأيوبي الكردي.

هذا وقد احتل الهكاريون والزرزاريون والمهرانيون والميديون مكانة عالية في المجتمع الكردي وكان آل مبارز الدين هم الحكام القدماء لهذه القبيلة وكانوا ملوكاً لها أرسلت إليهم الهدايا من بغداد وكانت أربيل تخضع لحكم آل مبارز الدين-كك.

13- منطقة سوهران: وتضم شقلاوة وخفتيان أبو علي وخفتيان الصغرى وكانت تخضع بسهولها وبواباتها لعشائر الخوشناف في سوهران.

14- ملاذكرد- رستاق : سكن هاتين المنطقتين الأكراد الزراريون ويقال بأنهم كانوا عجماً ثم تأكردوا.

15- جولمرك: يقطنها الأكراد الجولمركيون الذين ينسبون أنفسهم الى العرب ثم أصبحوا أكراداً ويكن الأكراد لملوك الجولمركيين الإحترام والتقدير.ولكن الأكراد الجولمركيون في الحقيقة هكاريون وحكامهم فقط ينسبون أنفسهم الى العباسيين والرعية ليسوا عرباً ويفرض الجولمركيون الضرائب على القوافل المارة في البوابات والطرق وحكامهم مشهورون بأصحاب المراعي الخضراء(ملاحظة جكرخون).

16- المركفر: ويقطنها أكراد متحالفون مع الجولمركيين.

17- كوار: وتقع الى الغرب من الجولمركيين ويقطنها اكراد الكوار.

18- الدينار: ويسكنها أكراد الدينار.

19- العمادية- وهرور: ويقطنها أكراد هكاري ويقال لهم اليوم بادينان وبقي من الهكاريين الداسنيون.

20- القمراني- وكهف داوود : يقطن هذه المنطقة أكراد (التنبكي) والمسطكيون ويورد صاحب المسالك أسماء البختي والسندي والداسني والدنبلي ضمن مجموعات هذه المناطق كما يذكر اسم شخص يدعى (البالو الخرسي) ويصفه بالشجاعة والاقدام والذي كاد أن يستولي على ماردين .أما صاحب (التثقيف) فيستقي معلوماته من مخطوطات مصرية قديمة ويورد أسماء خمس وعشرين عشيرة كردية .كما يورد مينورسكي اسم أربع وعشرين عشيرة كردية سكنت جبال القوقاز وعشيرتين هما (كل)و(زنغنة) في منطقة خراسان وعشيرة (جيكان)في كرجستان.

أما ابن خلدون فيقول :هاجرت عشيرتان كرديتان الى الجزائر تحت اسم بادين ولاوين ويعتقد بأن عشيرة بادين هاجرت موطنها في بادينان الى الجزائر وأن لاوين هي بقايا قبائل اللولو.ويقسم شرف خان البدليسي الأكراد الى أربعة أقسام وذلك حسب اللهجات الدارجة وهي الكرمانج واللور والكور والكلهور وأكبر هذه الأقسام أو المجموعات هي الكرمانج ويعادل أو يبلغ عددها عدد المجموعات الثلاث الأخرى مجتمعة وموطن هذه المجموعة يمتد من البحر المتوسط وحتى بحيرة أورمية ومن الموصل جنوباً حتى كرجستان وأرمينيا شمالاً وأما الأقسام الثلاثة الأخرى فيمتد موطنها من بحيرة أورمية وحتى خليج هرمز ومن أربيل حتى كرمان-همدان(كرمنشاه)وهكذا فإن حاكم بدليس يحدد جغرافية كردستان بدءاً من خليج هرمز في الشرق الى خليج الاسكندرونة والبحر المتوسط في الغرب وحتى شمال ملاطية ومرعش ويضع الرقعة الجغرافية للكرد بين الفرس وأذربيجان وأرمينيا الكبرى وأرمينيا الصغرى وسورية والعراق العربي ويوزع الدول والإمارات الكردية على هذه الأراضي ويذكر العشائر والقبائل الكردية التي سكنت المنطقة ويحدد قلاعها وحصونها.ولكن مما يؤسف له أن ينقل تاريخ أمرائنا من أفواه أولادهم بشكل موجز لايفي بالغرض المطلوب وحتى سيرهم التي دونت في التاريخ لم تذكر الا باختصار شديد.

ويتوسع محمد أمين زكي بك في الموضوع أكثر ويأتي على ذكر أصل الأكراد وعشائهم ولكنه يستقي معلوماته من اشخاص غرباء لايعتدبهم كثيراً ولكن ماذا نفعل فهذا هو واقعنا لقد سدت أمامنا المنافذ وحوصرنا في موطننا ولامجال للإبداعات الفردية حيث تحد من تحركات مثقفينا وعلمائنا ولايفسح لهم المجال لتتسع مداركهم العلمية عن طريق المتابعة والدراسة وحيث هناك الكثير من الآثار الموجودة في بلادهم ويمكنهم فيما إذا لو نقبوا عنها لتمكنوا من الإطلاع على ماخفي من تاريخ هذا الشعب وكلي أمل في أن يأتي هذا اليوم الذي نستطيع فيه الكشف عن الكثير من الغموض وأسرار تاريخ بلادنا ونساهم في اغنائه. هذا وفي الأونة الأخيرة طبعت بعض الكتب الجيدة مثل )مفرج الكروب)لإبن واصل و(دولة فارقين) لابن الأزرق الفارقي كما صنفت كتباً قيمة حول حكام وإمارات بهدينان ويمكن للمرء أن يعتبرها مراجع ومصادر جيدة وينقل منها أشياء ومعلومات ثمينة ويجب ألاننسى جهود علماء أكراد ساهموا في إثراء معارف شعبهم وبذلوا جهوداً كبيرة في مؤلفاتهم حول الكرد وكردستان مثل محمد أمين زكي بك وشرف خان البدليسي والمردوخي وإني مع الشعب الكردي أشكر هؤلاء أبطال الكلمة والعلم وهناك مساهمون آخرون خاضوا في حقيقة شعبهم وهم احسان نوري ونوري ديرسمي وعبدالرحمن قاسملو وجلال الطالباني.

كما أدلى آخرون بدورهم في هذا الميدان وحاولوا إخراج كتب جديدة واسمع عن قدري جميل باشا وأكرم جميل باشا ولكنني لم أضطلع على نتاجاتهم بعد وهذه كلها أعمال كبيرة تقدم للشعب الكردي ولشعوب العالم أجمع كما أن هناك كتابات تتحدث عن تاريخ الكرد وكردستان باللغات التركية والفارسية والعربية والأوربيون ساهموا ببعض الكتب القيمة في هذا الاتجاه وترجمت بعضها الى الكردية وبعضها لم تترجم بعد لأن هذه الكتب عديدة وكتبت بلغات متعددة فصعبت ترجمتها بالإضافة الى أنها قد ألفت في عصور متفرقة وسأبذل جهدي في أن أجمع كل هذه الكتب وأحاول ترجمتها ثم أضيف إليها ما أراه مناسباً لكي أصل الى إخراج تاريخ ضخم لهذا الشعب يأتي على جميع جوانب حياته ولغته وثقافته وكلي أمل أن أجعل هذا العمل الكبير والصعب ومايرافقها من جهد مساهمة متواضعة مني لشعبي وبذلك أكون قد ساهمت بقسط ولو بسيط في هذا المضمار وأن تكون لي حصة ونصيب في إثراء اللغة والثقافة الكرديتين.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
اللغة الكردية
بدون شك فإن اللغة الكردية هي فرع من اللغة الهندو-أوربية(الآرية) وهي قريبة جداً من اللغة الفارسية وهذه اللغة لم تهب عليها رياح التطور بما فيه الكفاية وينقسم اللغويون بشأنها الى قسمين القسم الأكبر يقول أن اللغة الكردية لغة قديمة وهي اقدم حتى من الفارسية والقسم الآخر يعتقد بأن اللغة الكردية هي لهجة من اللهجات الفارسية انفصلت عن اللغة الأم على مر الزمن. وفي الحقية تظهر بعض اللهجات القديمة ضمن اللغة الكردية ولاتمت بصلة إليها وبعيدة عنها كل البعد وقد تشكلت من اللغات الفارسية والكردية والتركمانية والعربية حتى أن الأكراد وخاصة الكرمانج لايفهمونها كاالورية والهورامية والكلهورية والدنبلائية(الزازائية) ولكن يمكن التصور بأن هذه اللهجات الغريبة هي بقايا اللغة الميدية أو البهلوية القديمة ثم طرأ عليها تطور وتغيير ضمن اللغة الفارسية ويعود ذلك الى الشاهات الإيرانيين الذين كانوا يجبرون العشائر الكردية الرحل على التجوال والاختلاط بالعشائر الفارسية وبحكم التجاور هذا أيضاً مع القبائل التركية في العهود السابقة فإن القبائل الكردية تخلت عن الكثير من مفردات لغتها الى القبائل التركية التي اقتبستها وأصبحت ملكاً للغتها ومع مرور الزمن لم يعد الأكراد قادرين على تذكرها والتكلم بها أو لفظها وكذلك أخذ العرب المفردات الكردية وجعلوها ملكاً لهم وخاصة بعد اعتناق الأكراد الدين الإسلامي وليس الأكراد وحدهم قد تخلوا عن مفردات لغتهم الى العرب بل حدث ذلك مع جميع الشعوب الاسلامية حيث أصبحت بعض كلماتها أيضاً ملكاً للغة العربية ونشاهد اليوم كلمات من اللغات الروسية والأرمنية والأوربية تدخل الى اللغة الكردية فأسماء الطاولة وآلات وأدوات الطعام والألبسة والحصاد والفلاحة وحتى تعليم أبناء الكرد قد أصبحت أوربية وفارسية وتركية وعربية .ولكن اللغة الكردية وعلى الرغم من تلك المحن التي مرت بها فقد بقيت متحصنة في خنادقها ومتارسها تقاوم عوامل الفناء وتحافظ على نفسها حتى اليوم متجسدة في الأغاني والقصائد والقصص والدبكات الشعبية فهناك أغان فولكلورية قديمة تؤدى في مناسبات ومواسم معينة كأغاني بردان وبردولاب(1) وبيلوته(2) وكانت هذه عوامل ساعدت على الحفاظ على اللغة من الإندثار.هذا وعندما تحين ساعة تحرير الكرد وكردستان ،فيتسنى عندئذ للأكراد تطوير لغتهم وسيحافظون عليها نقية من كل شائبة. وهناك أمران اثنان يساهمان في اغناء أية لغة الأول هو وضع مرادفات للكلمات الدخيلة والثاني هو التقدم الإقتصادي الذي يساهم في إيجاد كلمات أو مصطلحات جديدة تعطي للغة زخماً واندفاعاً كبيرين نحو التطور والإرتقاء.
ويقول البدليسي .إن اللغة الكردية تتالف من اربعة أقسام أو لهجات وهي :
الكرمانجية واللورية والكورية والكلهورية ولكن تظهر اليوم الى جانبها اللهجة الزازائية وقد أخذت أبعاداً واضحة ضمن اللهجات الكردية ويمكن أن تكون هذه اللهجة قد اعتبرت كلهورية في عهد البدليسي ولذلك لم يأت على ذكرها ولكن في الحقيقة فإن اللهجة الزازائية بعيدة عن الكردية ويحتمل أن تكون البهلوية القديمة علماً بأن عاصمة هؤلاء القديمة كانت تسمى (بهلو- بالو) كما يمكن أن نعتقد اليوم بوجود لهجتين كرديتين كبيرتين تتنافسان فيما بينهما لكي تسبق احدهما الأخرى ولتصبح اللغة الكردية الرسمية لكل الأكراد ويميل السيدان توفيق وهبي ومحمد أمين زكي بك الى اللهجة الكرمانجية ويعتبرانها اللغة الكردية الأصلية وأن سوران هم كرمانج الجنوب وكان الملا أحمد الخاني يضع الكرمانجية في مقام اللغة الكردية الرسيمة والمطلع على اللهجات الكردية يرى اختلافات بين هاتين اللهجتين الكبيرتين الكرمانجية والسورانية ويمكنكم الرجوع الى كتابي (النحو وقواعد اللغة الكردية) لتدركوا الفوارق بينهما من حيث الألفاظ والكلمات فإن الكرمانجية أخف وأسهل وأعذب من السورانية ولكن تتقدم اللهجة السورانية على الكرمانجية في نواحي الإهتمام بها من حيث القراءة والكتابة والتدريس وثم تأليف كتب عديدة بهذه اللهجة أكث من الكرمانجية فهي منذ خمسين سنة تدرس في المدارس والجامعات ولكن الكرمانجية من حيث المجالات الأدبية كالقصة والأغنية والشعر فهي أغنى وأوسع من السورانية.ويقف محمد أمين زكي بك متعجباً من اللهجة الكرمانجية ويقول كيف صمدت هذه اللهجة حتى الآن وقاومت الزوال واللغة أو اللهجة الكرمانجية قادرة على احتواء مجالات عديدة كالأغاني والشعر ولأغاني الراقصة والقصة والملحمة وأغاني الحصاد واالبردان والبردولاب والبردستار والبيلوتة وبشكل معبر ودقيق أما في السورانية فتختفي مثل هذه المجالات ولا يقف على قدميه سوى الشعر.ويظهر في منطقة أربيل (الحيران) ونقول لها (لاوكى شنكالي) وفي أربيل للأغنية مقام واحد فقط بينما في اللهجة الكرمانجية لكل أغنية (لاوك) مقام محدد بخلاف (حيران) أربيل هذا وقد وصنفت قواميس لكلتا اللهجتين وفي أرمينيا طبعت الكثير من الكتب باللهجة الكرمانجية كما طبعت بعضها في تركية وسورية وبعضها قيد الطبع. وطبع رشيدكرد وكمال بادلي وأنا (جكرخوين) كتباً في قواعد اللغة الكردية ووضع جلادت بدرخان وكاميران بدرخان طبعات لألف باء الكردية بالحروف اللاتينية في سورية ولبنان كما طبع كاميران مقاطع ونثريات باللغة الكردية وهناك مؤلفات ظهرت في سورية بالحروف اللاتينية وبعضها دواوين شعراء طبعت بعضها وبعضها لم تطبع بعد وباللهجة الكرمانجية ومن الكتب التي طبعت (ديوان الجزيري)و(مموزين) لأحمد الخاني و (روضة النعيم) للأختبي و(سيف الملوك)لسيابوش. كما أن بعض الدواوين مثل ديوان (الملا زاهر) وديوان (حجي فتاح)وديوان(لجي)وديوان(مر)وبعض الكتب التاريخية التي الفتها لم تطبع بعد وفي أرمينيا السوفيتية تطبع بعض الكتب القيمة كما ألفت بعضها في سورية أيضاً ولم تطبع بعد.ولكن مهما كان الكتب التي ألفت باللهجة الكرمانجية فإنها لم تصل بعد الى مقدار ماكتب وألف منها باللهجة السورانية ولكن ماالعمل فللذين لايريدون الخير لكردستان دور كبير في عدم تأليف وطبع الكتب باللهجة الكرمانجية وحتى في بادينان لايستطيع الكرمانج تعليم أولادهم بلهجتهم ويفرض عليهم السورانيون بالقوة اللهجة السورانية في المدارس وبقي البادينيون دون تعليم يذكر وفي الختام فإن هاتين اللهجتين تتنافسان على احتلال مركز الصدارة بين الأكراد وكل منهما تسعى للوصول الى مرتبة اللغة الرسمية لكل الأكراد.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
ديانة الأكراد الحالية



الأكراد في غالبيتهم مسلمون والأكثرية منهم سنيون وفي كل سنة يحج بالآلاف منهم الى مكة ويصرفون الذهب والمال بالآلاف أيضاً في هذا الطريق. وفي كل قرية على الأقل هناك مسجد وله إمام (ملا) يقوم القرويون بإحكامه هو وتلامذته (فقه) أوالفقهاء ويعطون الزكاة من كل عشرة واحد من مالهم للفقراء والمساكين ويجتمعون في كل يوم خمس مرات في المسجد لأداء الصلوات الخمس المفروضة كما يحضرون الخطبة في كل يوم جمعة وإلقائها تكون باللغة العربية وأغلبهم لايفهمون معانيها ومايردده (الملا)أو الشيخ ويلجؤن الى خفض رؤوسهم والبكاء أحياناً ويستغرقون في التأمل والتفكير لأنهم يعرفون مسبقاً إن مايردده الملا هو من كلام الله ورسوله وفي كل مكان تصادف مشايخ وهم يعتمدون على الناس في معيشتهم ويجمعون منهم الهدايا والتبرعات وهؤلاء الناس يفقرون باستمرار ومنهم الصوفي والمريدون الذين لايقدمون على أي أمر هام إلا بإرادة الشيخ وكلهم رجالاً ونساء يتسارعون لخدمته ويطأطؤن رؤوسهم عند استقبالهم له وإذا تيسر لهم ذلك قبلوا يديه أيضاً وهم يركعون أمام الشيخ ويضعون يديهم الواحدة فوق الأخرى كدلالة على الاحترام والتقدير ويتمتعون عن الكلام في حضرته ويسود الصمت حتى يأذن لهم الشيخ بالكلام والجلوس على ركبهم.ويسكن الشيخ في البنايات والقصور الفخمة والقرويون يجتمعون أمام بيته ويستغرقون في ذكر الله وتسبيحه وتعلو أصواتهم بكلمات (هاي هاي) أو يجلسون بمحاذاة جدران مساكن الشيخ في حر الشمس وبرد الشتاء وهم حفاة عراة فقراء ومساكين يقومون بكل الأعمال التي يكلفهم الشيخ بها دون مقابل ولا يبتغون إلا مرضاة الله ثم الشيخ وفي كثير من الأحيان يعتقدون بأن للشيخ صفة إلهية وهو قادر على انقاذهم يوم العقاب والثواب ويوم يحشر الناس ضخى الى أرض الشام وسيفتح لهم أبواب الجنة مع الإعتقاد بأن الشيخ يعرف كل شيء وقادر على كل شيء .ومنذ فترة غير بعيدة كانت تلحق بكل مسجد مدرسة أو حجرة لتعليم أطفال الأكراد القراءة والكتابة باللغة العربية وكان البعض من هؤلاء القرويين يشتهرون بالكرم والجود ويغدقون على العلماء من رجال الدين وكانت مواضيع الدراسة بالإضافة الى القراءة والكتابة تشمل النحو والصرف والمنطق والبيان والفلسفة والشعر والفلك والحساب والهندسة والحديث والتفسير وكان التلاميذة يسمون بالفقهاء(فقه) ولكن نظراً لتدني مستوى المعرفة لدى بعض الملالي وعدم المامهم ببعض العلوم بشكل جيد ونظراً لصعوبتها وعدم امكانهم فهمها لتلامذتهم فقد تخلوا عن تدريسها مثل الحساب والهندسة والفلك كما حاربوا المنطق بقولهم(إنه من عمل الكفار)وقالوا كل من يدرس المنطق ويلم به فهو زنديق ملحد وكان التلاميذ من المتنورين.هذا وقد قضى التصوف الديني على تطلعات الكثيرين من الأشخاص المبرزين والمجدين وفتوجه هؤلاء الملالي والشيوخ نحو محاربة الشعب الكردي والتقرير به ومنعه من الإتصال بالحضارة الإنسانية وأولغوا أفواههم في كدح وشقاء هؤلاء المساكين.

في كل يوم يؤذن الشيخ في مكان عال خمس مرات في اليوم يدعو الى الصلاة في المسجد باللغة العربية والنكاح أو القران يعقد بالعربية والتلقين على الأموات بالعربية وكذلك الدراسة والكتابة والصلاة والصيام كلها باللغة العربية. هذا وعلى الرغم من كل المحن والمآسي فإن الخنجر والحرب والمقاومة البطولية من فوق قمم الجبال وحدها منعت الكرد من التحول الى عرب وكان الشيوخ والملالي أيضاً يتدخلون مثل الآغوات في الصراعات العشائرية والقبلية ويحاربون بعضهم البعض مرة يتهمون بعضهم بالكفر والإلحاد وأخرى يتقاتلون ويتذابحون ولم يكن يهاجمون بعضهم في ميادين المعارك بل كان آداتهم هم الفلاحين والقروين البسطاء الأميون الجهلة فكانوا وقوداً لمعارك الشيوخ والآغوات وكان هذان الأخيران يبنيان أمجادهما على دماء هؤلاء المساكين الذين يقدمون بعضهم الآخر قرابين للشيخ ويذبحون على روحه وإذا كان الملالي لايهاجمون بعضهم كالآغوات والبكاوات في الحرب ولكنهم كانوا يسيؤن الى سمعة بعضهم ويمرغونها في التراب.وإذا كان الأكراد بسطاء وجهلة وفقراء الى هذا الحد فكان الأجدر بهؤلاء العلماء والمتنورين أن يخافوا الله ويتمنعوا عن إيذاء هذا الشعب بل كان عليهم أن يأخذوا بيده الى حيث النور والمعرفة والإنسانية وقد أكل أصحاب البروج والإيوانات والسرايا العالية من أتعاب وشقاء هؤلاء الفلاحين التعساء وكانوا يسرقونهم جهدهم وكدحهم ويسكتونهم بوعودهم بجنات عدن يخلدون فيها وهو عزاؤهم الوحيد في هذه الدنيا لأنهم وكما يقول الشيوخ عن أنفسهم أصحاب وأدلاء شريعة الله ورسوله في الأرض وفي الحقيقة تلزم لسرد الروايات والأعمال التي ارتكبتها هذه الصفوة من الشيوخ والآغوات بحق هذا الشعب كتاباً كاملاً وخاصاً بذلك.

الصوم: في شهر رمضان وعلى مدى ثلاثين يوماً يمتنع المسلمون عن الطعام والشراب والجماع الى أن يحين الليل عندئذ يفطرون ويأكلون العشاء وما بعده ويقضون الليل أغلبه بصلاة التراويح وبعد افطار آخر يوم من الشهر يوزعون مقدار حفنة من الحنطة عن كل فرد من أفراد العائلة للفقراء والمساكين ويجب أن توزع هذه الحنطة قبل يوم العيد ولكن في الأونة الأخيرة فإن الشيوخ اعتبروها من حقوقهم والقليل منها يذهب الى المحتاجين والمستحقين وتسمى زكاة الفطر .

أعياد المسلمين :

1- عيدالفطر (عيد رمضان): وكما نعلم وكما نعلم فإن العيد يأتي بعد انتهاء شهر رمضان أو بعد ثلاثين يوماً من الصيام ويؤيد العيد برؤية الهلال فإذا شاهدوا هلال شهر شوال يكون يوم الغد هو العيد وفي العيد يتصافح الأهل والأصدقاء والجيران ويصافحون الشيخ ويأكلون أطايب الطعام في بيوتهم أوبيوت المسلمين ويتبادلون التحية والتهاني ويقبلون وجوه وأيادي بعضهم ويدور الصبيان في الحارات ويلتقطون الحلوى من البيوت كما يعقد الناس حلقات الدبكة والرقص ويلعب الأطفال ويتنكرون بوضع الأقنعة على وجوههم وفي هذا اليوم كل واحد يريد أن يمسح خطاياه وذنوبه بالتضرع الى الله وتمجيده وفي يوم العيد وبعد شروق الشمس يصعد الشيخ المنبر في المسجد ويلقي خطبة العيد والقرويون صامتوت خافضوا الرؤوس يبتهلون الى الله في سرهم ويدعون ربهم أن ينتشلهم من خطاياهم ويبارك لهم في دنياهم ويصلون صلواتاً طويلة كله تضرع ودعاء الى خالق الكون وبارئه ويبكون ويتمنون الخير والصحة والسعادة لهم ولمجتمعهم ولكل المسلمين.

2- عيد الأضحى (عيد الحجاج): في هذا اليوم يطوف الحجاج حول الحجر الأسود في الكعبة ويسعون بين الصفاء والمروة مهرولين عراة إلا مايستر مابين الركبة والسرة ولكن النساء مكسوات حسب الشرع وتضامناً مع الحجاج المسلمون بهذا اليوم ويذبحون الذبائح ويأكلون منها ويوزعون الباقي للفقراء والمحتاجين ويرقصون ويدبكون وماعدا هذين العيدين الدينيين فإن للأكراد أعياداً أخرى ومناسبات فرح في الربيع والخريف وأهمها عيد نيروز ويصادف رأس السنة الكردية .كما يحتفلون بزواج أبنائهم أو ولادة طفل أو طهور أو خروج أحد الأعزاء من السجن أو تسريح من الجيش .وفي هذه المناسبات السعيدة دائماً هناك الرقص والغناء والطعام والشراب والإستماع الى الموسيقى الصلخبة تشارك فيها الطبول والمزامير (زرنه) ويبتعد الناس في مثل هذه الأيام عن مواعظ الشيوخ وينسونها.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
العلويون-المسيحيون-اليزيديون :

لانملك احصائيات عن عدد العلويين الأكراد ولكن الأكثرية من اكراد لورستان وجبال ديرسم هم علويون وهؤلاء أيضاً ينقسمون الى مذاهب فالبعض منهم يقول أن (علي ولي الله) والبعض الآخر يعتقد بإلوهية علي أي أن هو الله ويطلق الأكراد على علويي ديرسم تسمية(رافضي)الرافضون ويطلقون على علويي لورستان (العلويون) ويسمون هؤلاء الأخيرين ﺒ (علي إلهي) والقسمان الأخيران يعدان من المسلمين .

الحركة العلوية حركة دينية سياسية أراد الإيرانيون أن يحاربوا بها المسلمين وبخاصة الأمويين منهم لأن هؤلاء كانوا أعداء لدودين للشعبين الكردي والفارسي وأعداء لكل العجم ولذلك كان يحاربهم الإيرانيون ويكشفون عن ألاعيبهم وقد انتهت الدولة الأموية وسقطت على يد الكرد والإيرانيين وجاءت بعدها الدولة العباسية على يد القائد الكردي أبو مسلم الخرساني التي كانت انطلاقته من خراسان عام 132هجري بداية للدولة العباسية ونهاية للدولة الأموية.

أما الأكراد المسيحيون (العيسويون) فهم قلائل وقد اعتنقت ديانة السيد المسيح (عيسى بن مريم) عشيرتان كرديتان ويذكر المسعودي بأن هاتين العشيرتين مهما اليعاقبة والجوزقان وكانت رقعة انتشارهما تمتد من شمالي الموصل وحتى نصيبين وشمالها ولكن المسيحين الكرد يعتبرون أنفسهم سرياناً ويتكلمون السريانية وبها يقرؤن ويكتبون ويصلون الى جانب الكردية حيث بقيت بعض الصلوات والتراتيل باللغة الكردية أيضاً وتؤدى على أنغام وموسيقى الأغانيالكردية وهم مثل الأكراد ماهرون في القتال وأصحاب سلاح وحرب وقد يتحالف الأكراد المسلمون والمسيحيون مع بعضهم ضد أعداء مشتركين من العشائر الأخرى قد يكونون مسلمين أو مسحيين أو من اليزيديين ويقتلون ويسلبون وينهبون.

وفي عام 1915م اصدرت الدولة العثمانية فرمانات ضد مسيحيي كردستان تقضي بإبادتهم وذبحهم وفعلاً فقد ذبح الكثيرون منهم على يد العشائر الكردية ومنذ ذلك اليوم يتخذ المسيحيون موقف الحذر من الأكراد.وهناك شيء واحد يحب أن ننوه به وهو أن الشعب الكردي الذي تخلف عن بقية الشعوب في العالم لم يكن يوماً ما عدواً للمسيحين أوقاتلوهم بل كانت للأيام آنذاك أحكامها حيث أن العداوات والقتل والذبح كانت تجري بين الأكراد أنفسهم وقد قتلوا وذبحوا من بعضهم لا بالآلاف بل بالملايين وتركوا أوطانهم للعدو خاوية على عروشها وعاشوا تحت رحمتهم أذلاء صاغرين كل ذلك نتيجة الفتن والمشاكل المحتدمة فيما بينهم. والمسيحيون الأكراد يعيرون آذاناً صاغية لما يقوله أعداء الكرد وينقلون القيل والقال عن هذا الشعب ولم يهتم المسيحيون الكرد يوماً مابتاريخهم كأكراد ولم يعتبروا كردستان موطناً لهم وذلك لأنهم لايعتبرون أنفسهم أكراداً ولاأمل ولاطموحات لهم في الكردية وهناك مسيحيون غير اكراد في كردستان مثل الأرمن والسريان والكلدان والآشوريين.وهناك خلاف حول اصل الآشوريين والكلدان. بعض الروايات تعتبرهم اكراداً تنصروا وأصبحوا كلداناً وآشوريين وآخرى تعتبرهم من الشعوب التي جاورت كردستان من الجنوب ثم هاجرت إليها فيما بعد واستقرت فيها الى اليوم .هذا وكان الأكراد المسلمون ينظرون الى المسيحين من الأكراد نظرة ازدراء واستعلاء وقد منعوهم من حمل السلاح لكي لايستخدموها ضد الأكراد المسلمين الذين كانوا يعتبرون المسيحيين الكرد دونهم منزلة وفي وقت ما كانوا يبيعونهم لبعضهم البعض ويشترونهم ويقدمون ضريبة الرأس عنهم وعن أطفالهم ونسائهم الى الإمارات الإقطاعية الكردية المسلحة كما كانوا يشغلونهم ويسخرونهم لقاء الطعام والشراب فقط.في أراضيهم وبساتنهم فلاحون تعساء يتعطر من ثيابهم الرنة الفقر والحرمان.

وإذا انعطفنا ناحية الأكراد اليزيديين فسنرى أن المؤرخين بشؤون الشرق الأوسط قد انقسموا الى قسمين حولهم فمنهم من رد اليزيديين الى بقايا الزردشتيين وآخرون قالوا أنهم من أتباع يزيد بن معاوية والراي الأول أميل الى الحقيقة والصواب لأن الراي الثاني فيه جوانب سياسية يريد أصحابه من ورائه دفع اليزيديين نحو معاوية وابنه يزيد للإنتقام منهم ويراد بذلك أيضاً فصل اليزيديين عن الأكراد وشعبهم وبالتالي خلق واقع تقسيمي ضمن الشعب الواحد لأنهم يعلمون أنالكثير من الأكراد يحبذون علي بن طالب وأولاده ويكرهون أعداءهم فوضعوا اليزيديين في صف معاد وجعلوهم أتباع يزيد بن معاوية لتضطرم نيران العداوة والبغضاء بين الشعب الواحد حيث يعنبر يزيد من ألد أعداء أولاد علي وفي الحقيقة فقد أفلح الأعداء في ذلك حيث ذهب قتلى كثيرون في مصادمات مروعة بين الكراد الحسينيين واليزيديين فأفرحوا بذلك أعداءهم وشرحوا صدورهم ويظهر من دراسة التاريخ أن اليزيديين الذين ظلوا متمسكين بدينهم الزردشتي قد صمدوا في قمم الجبال أبطالاً صناديد يدافعون عن تراثهم وينهم حتى الموت بشرف وكبرياء ورجولة.

يقول البلخي(عام500هجري).أن نصف مليون اسرة كردية كانت قد استقرت في مناطق فارس في ايران نجا منهم واحد فقط ويدعى(علك) والآخرون قتلوا جميعاً أو فقدوا ولم يبق لهم اثر وفي عام 250هجري داهم أحمد خان بن الليث الكردي بآلاف من فرسانه مدينة (كرمان) مركز الأمير أحمد وتمكن من سلبها ونهبها واتخذ نساءها وعذاراها سبايا كما عمد الى فض بكارة العذارى منهن وفي أثناء ذلك أرسل يعقوب بن سفر الى أحد رجال علي بن الحسين حاكم شيراز يشكك في اسلام الأخير ويقول هل من الإسلام في شيء أن يرسل المدعو أحمد بن الليث الكردي الكافر(1) لقتال كرمان فيسلب وينهب أموال المسلمين ويسبب ذراريهم وعذاراهم.

ويقول شرف خان في القرن الحادي عشر للهجرة.كانت العشائر التالية تدين باليزيدية وهي :1-الدمبلية-2- المحمودية-3-السليفانية-4- الخالدية- 5- البختية-6- الداسنية واليوم بقيت عشيرة الداسنية فقط تدين باليزيدية والأخرى قد أسلمت وحتى عام 1972م كان عدد اليزيديين المنتشرين على الساحة الكردستانية يقارب المليون شخص .واليزيديون معادون للدين الإسلامي ويكرهون المسلمين ويعتبرونهم كفاراً بقدر مايعتبر المسلمون غير المسلمين كفرة ومشركين ولليزيديين في الإسلام أقوال مشهورة فيقول (ليس هناك ماهو أسوأ من الفقر سوى الإسلام) وعندما يريد أحدهم ازدراء صاحبه يقول له (يجعلك مسلماً) أي يدعو له بالإسلام وبئس المصير.وإذا قبل مسلم امرأة يزيدية أو فتاة فإنها تغدو محرمة على جميع اليزيديين ولايتزوجونها مطلقاً فإما أن يتزوجها (2) أحد المسلمين أو تقتل لأنهم لايستطيعون تدنيس أنفسهم برجس مسلم مس اليزيدية وعندما يمرض ابن أحدهم فإنه ينذر لشفائه ذبح رجل مسلم إن ظفر به ولاينام الرجل اليزيدي في الفراش امرأة مسلمة واليزيديون يقدسون ويناصرون الإله (آهريمن)إله الشر في الديانة اليزيدية وهم يقبلون أول بقعة من الأرض تنيرها اشعة الشمس في الصباح وقد اقتبسوا أيضاً بعض المفاهيم الديانة الإسلامية.مثل تقديس (الشيخ هادي) واتخاذ قبره مزاراً يحجون إليه (لالش-حج) كما ينقسم المجتمع اليزيدي الى طبقات وبصرامة ودقة فالبير(لقب ديني) يتزوجون من طبقتهم والشيوخ أو الفقراء يتزوج كل منهم من طبقته وتأتي في أسفل السلم الإجتماعي طبقة عامة الناس فيتزوجون من بعضهم أيضاً الأمر الذي لانجده عند المسلمين .ولكي نثبت أن اليزيديين هم اتباع زرادشت وديانته فيجب أن نعطي فكرة مختصرة عن الديانة الزرادشتية.
 
أعلى