جلولاء في التاريخ..





جلولاء في التاريخ..


كولاَلَة)1 هوالاسم القديم لمدينة جلولاء والتى كانت منطقة رعوية تجوبها عشيرتا (السنجاوية)2 والزركوش الكورديتين فى مواسم معينة، وكانت تسكن على ضفتى نهر سيروان (التى هى الحدود الغربية والجنوبية للمدينة) القبائل الكوردية امثال (الجاف والكيز والدور والزنكنة)3، وجاء فى رحلة (ريج) بأن منطقة (الدشتة) وهى السهل الممتد من مرتفعات حمرين بأتجاه قصبة قزلرباط وجلولاء تنتشر فيها الاكواخ التى يسكنها كورد السوره ميرى، كما توجد فى المنطقة عشائر الزركوش وكلاهما من قبائل الكلهور الكوردية اضافة الى عشائر الدلو والقره و لوس4...

وسميت المنطقة بجلولاء في سنة 16ه/637م نسبة الى المعركة التي وقعت في هذة المنطقة بين الاسلام والفرس، حيث تقول بعض الروايات ان قتلى الفرس بلغ مائة الف في هذه الواقعة (اكثرهم كانوا من الاكراد، لان سكان تلك المنطقة التي شكلوا منها الجيش كانوا اكرادا)5 حتى جلـلوا الارض بالجثث (اى غطت جثثهم الارض كالجل) ومن هناجاء اسمها، وكان يقود الجيوش الاسلامية كل من القعقاع بن عمرو وسعد بن مالك، وكان المال المتحصل من وقعة جلولاء قد بلغ ثلاثين الف الف (30 مليون درهم)6 وقدولى تقسيم ذلك بين المسلمين وتحصيلة سلمان بن ربيعة، ثم بعث بالاخماس من المال والرقيق مع زيادبن ابى سفيان وقضاعى بن عمر، وابى مفرز الاسود، فبات عبداللة بن الارقم وعبدالرحمن بن عوف يحرسانــه في المسجد، فلما اصبح، جاء عمر بن الخطاب في الناس، فأمرفكشف جلابيبه فلما نظرالى يـاقوته وزبرجده وذهبه الاصفر وفضته البيضاء، بكى عمرمما تحصل للمسلمين و فداحة المسؤولية التي القاها الله على عاتقه7، ولحق القعقاع في الفرس8 (والاكراد) وكانوا بقيادة مهران بخانقين فقتله وأدرك الفيرزان فنزل وتوغل في الجبل فتحامى وأصاب القعقاع سبايا فأرسلهم إلى هاشم بن عتبة فقسمهم فولدوا وعندما كبرهؤلاء الاولاد اشتركوا في معركة صفين التي وقعت بين معاوية وعلى بن ابى طالب وقد قتـــــــل العديد منهم وممـن ينسب إلى ذلك السني و الشيعي9.
وبعد السيطرة على جلولاء و حلوان من قبل المسلمين نصب كوردى (قوباد) واليا على حلوان10.
* وقد ذكر عبيد الله بن أحمد بن خرداذبه في كتاب "المسالك والممالك" السواد وهوماكانت ملوك الفرس تسميه(دل إيرانشهر) اى قلب العراق فالسواد اثنتا عشرة كورة كل كورة أستان اى (محافظة) وطسّاسيجه ستون طسّوجاً (اى ناحية)، ومن بينها كورة أستان شاذ فيروز وهي حلوان (وتقع بالقرب من مدينة قصر شرين الايرانيةحاليا) خمسة طساسيج وهى طسّوج فيروز قباذ وطسّوج الجبل وطسّوج تامرّا وطسّوج إربل وطسّوج خانقين‏، فيما كانت كورة أستان (شاذ قباذ) في ثمانية طساسيج وهى طسّوج روستقباذ وطسّوج سلسل وطسّوج مهروذو طسّوج جلولا وجللتاو طسّوج الذيبين و طسّوج البندنيجين و طسّوج برازو الروزو و طسّوج الدسكرّة والرستاقين‏.‏
ثم يقول (الطريق من مدينة السلام إلى أقاصي خراسان، من بغداد إلى النهروان أربعة فراسخ ثم إلى دير بازما أربعة فراسخ ثم الى الدسكرة ثمانية فراسخ ثم إلى جلولا سبعة فراسخ قال الشاعر‏ يومَ جلولاء ويومَ رستمِ ويومَ زحفِ الملكِ المقدّمِ) ثم إلى خانقين سبعة فراسخ، (وجلولاء كانت ثانى اكبر محطة مهمة بعد شهربان على طريق خراسان بين العراق وايران على شاطئ دجلة الايمن التي تخترق جبال حمرين)11 لكن (روبرت ماك ادمز) حدد جلولاء بموقع (منصورية –الصدور) الواقعة شمال شهربان ب (9كم )12 والمستوفى اشار الى جلولاء و دعاها (رباط جلولاء) اى الرباط الذي انشأ فيه ملك شاه السلجوقي ثكنه لجنوده.
(وقد قسمت الدولة العباسية امبراطوريتها الواسعة اداريا الى اقاليم واهمها اقليم العراق13 وكانت تتضمن ايضا المنطقة الكوردية الممتدة من جبل حمرين حتى حلوان وكانت تشمل خانقين و جلولاء وقصر شرين و حلوان،
وان هذه المنا طق الحقت بالعراق من الناحية المالية فقط وهذا الالحاق كان بعد حوالى قرن ونصف من بدء العهد العباسى الى وقت ما من (القرن التاسع الميلادى) ثم فصلت هذه المنطقة من العراق وضمت الى اقليم (الجبل)، واعتبراليعقوبى في القرن التاسع الميلادى في كتابه البلدان جلولاء- اول الجبال اى انه ادخلها ضمن جبال كوردستان14، بعدها دخلت جلولاء تحت سلطة دولة بنى عناز الكوردية التي تأسست سنةحوالى 406هـ او قبيلها ودامت حتى سنة 500ه /1107م وكانت حلوان عاصمتها15.
*وكان ياقوت الحموى في معجم البلدان قد عرف جلولاء، بأنها – نهرعظيم يمتد الى باقوبا (اى بعقوبة) ويجرى بين منازل اهله، وكانت واردات جلولاء من الحنطة والشعير (100 الكر من الحنطة و 800 الكر من الشعير)16، ثم اصبحت هذه المنطقة كسائر المناطق الاخرى الكوردستانية تحت سيطرة الدولة الايلخانية و المغولية و الجلائرية و القرة قوينلو و الاق قوينلو والدولة الصفوية قبل ان تدخل في سيطرة الدولة العثمانية، و بعد الاحتلال العثمانى للمنطقة في القرن السادس عشر (1534) من قبل سلطان سليمان القانوني تم تشكيل ولاية شهرزور من واحدوعشرين سنجقا ومن ضمن هذا السناجق سنجق جبل حمرين الذي يشمل (جلولاء) والتى اصبح إسمها (قره خان) أي الخان الأسود نسبة للخان الذي كان في بداية المدينة على حافة (شؤراو)17 ويلفظها الناس (قره غان) بإبدال الخاء بالغين لسهولة اللفظ، او كما يقول ملا جميل الروزبيانى ان قره غان كانت تسمى (كرخ جدان) التي نسب اليها الشيخ معروف الكرخي ابن فيرزان18، وظلت جلولاء حتى عام 1870 قرية تابعة الى ولاية شهرزور، (وفي كانون الاول سنة1870 صدر نظام ادارة الايالات وعلى اساس القانون الجديد، وفي زمن مدحت باشا وولايته العراق (1869-1872) فقد قسم العراق الى ايالتين هما بغداد والموصل فدخلت كوردستان العراق برمتها الى ولاية الموصل بأستثناء خانقين وتوابعها)19 وبذلك انفصلت جلولاء مرة اخرى عن كوردستان لانها كانت من توابع خانقين التي اصبحت تابعة الى سنجاغ (زنكاباد) والتى بدورها اصبحت تابعة الى ولاية بغداد20.
وتنتمى مدينة جلولاء التي تنتهى حدودها بسلسلة مرتفعات حمرين لمجموعة المدن التي ظهرت في العراق بعد الحرب العالمية الاولى، وكان يسكنها عدد قليل من كورد الرعاة في الناحية الجنوبية الشرقية منها، و التي تقع فيها تلال ومرتفعات متاخمة للمنطقة العربية، اى متاخمة لحدود (مدينة شهربان)، وازداد عدد سكانها عقب تأسيس الحامية العسكرية فيها، ومحطة السكك الحديد التي انشأت في نهايات الحرب العالمية الاولى (1918) والتي كانت تربط جلولاء بأنحاء البلاد.
فى سنة 1917 عندما احتلت القوات البريطانية بغداد فقد تقدمت نحو الشمال اى بأتجاه كوردستان وكانت اول منطقة كوردية احتلتها هى جلولاء ومنها اتجهت لاحتلال كركوك21.
تأسست دولة العراق في عام 1921 بعد الحرب العالمية الاولى من قبل الدول المنتصرة وخاصة بريطانيا بعد ان اتفق الحلفاء على رسم خريطة جديدة لمنطقة الشرق الاوسط على اساس الاتفاقيات التي حصلت فيما بينهم دون اخذ رأى السكان، حيث تشكل العراق من ولايتي بغداد والبصرة ثم الحقت به ولاية الموصل، وبعد سنة 1921 قامت الحكومة العراقية بأرسال العرب الى (المناطق الجنوبية لكوردستان وخاصة مناطق السعدية وجلولاء)22. ويقول الحسني ان معظم سكان جلولاء من الكورد ولغتهم على الاغلب الكوردية شأنهم في ذلك شأن مدينة خانقين23، حيث استوطنت العشائرالعربية حولها، و على الاطراف الجنوبية والغربية للمدينة، وطغى النمط العربي على عادات وتقاليد الاكراد في تلك المنطقة يقول ملنخن (ان النهاية الجنوبية لكوردستان تحدد بسلسلة جبال حمرين التي تتاخم سهول بغداد وارض دجلة المنخفضة.. هنا، كما هو الحال على ضفتى نهر دجـلة.
ادى الاحتكاك المتواصل للكورد مع جيرانهم العرب الى ان يبصم الامر على خصائصهم واسـلوب حياتهم بما يشبه النمط العربى)24 وبعد تشكيل الحكومة العراقيةبنيت معسكرات للجيش العراقي حول جلولاء، وكان لهذه المعسكرات اثركبيرفى تجمع السكان في المدينة مما ادى الى استقرار العرب الوافدين للخدمة العسكرية حتى بعد تقاعدهم، و (قد ازدهرت المدينة بمد خط سكة الحديد عبرها، حيث شرع الجيش البريطانى في مده خلال فترة الاحتلال البريطانى للعراق وهو بعد ان يترك بغداد ويمر ببعقوبا و بشهربان وقره غان (جلولاء) وبكفرى فطوز وبشير يصل الى كركوك، عابرا جسرين حديديين في بعقوبا و قره غان )25، وقد اثر هذا الخط في تجمع السكان فيها، و في سنة 1949 انشأ خط سكة حديد بغداد-كركوك – اربيل وكان هذا الخط يسيرمن بغداد بمحاذاة نهر ديالى حتى يـصل جلولاء، وعندها ينحرف نحو الشمال حتى يصل مدينة كركوك، ويتفرع من هذا الخط عـند جلولاء فرع يتجه الى خانقين)26، اى ان هذه الخطوط كانت تقوم بتنظيم الاتصال بين العاصمة ومدن المنطقة الشماليةمن جهه، ومدينة خانقين من جهه اخرى، وكان يشتغل في المحطة 600 عامل وموظف و قد ازيل هذين الخطين في اواسط الثمانينات من القرن الماضى بسبب قدمها، و بعد ان زاد الاهتمام بجلولاء وتوسعت حركتها التجارية بفضل موقعها الملائم واهميتها العسكرية بدأت الهجرة لجلولاء من مدينة السعدية، (واستـمرت المدينة في امتصاص هذه الهجرة حتى سنة 1957)27، وكان نهر سيروان الذي يقع الى الغرب والجنوب من المدينة اثره في تجمع السكان، (وبين عامى 1958-1962 عند الاعداد لبناء مشروع سد دربنديخان فقد انشأ الطريق البرى بين بغداد- جلولاء-دربنديخان)28، وكانت جلولاء في فترة (1965-1970) قد سجلت اعلى نسبة في زيادة الكثافة السكانية في العراق حيث بلغت 1،1نسمة /كم2 سنويا وهى زيادة تفوق مثيلاتها في المحافظة او العراق29، وفيما يلى جدول كثافة سكان قضاء خانقين حسب الوحدات الادارية من 1947-1970.
وفى عام 1958 تم تشكيل اللواء التاسع العشرفى الجيش العراقى، والذى استقرفى جلولاء، واثر قيام الاضطرابات في لبنان (زمن حكم الرئيس كميل شمعون) فقدكلّفت حكومة العراق وبناء على رغبة نوري السعيد (رئيس الوزراء العراقي انذاك) جحفل اللواء الـ19 بالتحرك الى الحدود السورية لتعزيز موقف شمعون في لبنان (لان سوريا كانت جزءا انذاك من الجمهورية العربية المتحدة المهتمة بزعزعة الوضع في لبنان، وهكذا تحرك اللواء ال19 في تموز سنة 1958 من جلولاء بقيادة العقيد عبد الكريم قاسم الى بغداد وكانت التعليمات تنص على انه سيتجه الى لبنان. ملتحقا بلواء العقيد عبد السلام عارف في معسكر سعد في بعقوبة لكن قاسم وعارف غيرا طريقهما بناء على اتفاق مسبق وقاما بقلب النظام الملكي في 14تموز واعلان الجمهورية العراقية.
وفى سنة 1958 وبموجب المرسوم الجمهورى اصبحت جلولاء ناحية تابعة الى قضاء خانقين التابع بدوره الى محافظة ديالى، واصبح اسمها مرة اخرى جلولاء بعد استحداثها بعد ان كانت قرية تابعة الى ناحية السعدية منذ سنة 1921، وبعد انقلاب 8 شباط في 1963 وظهور الحرس القومى بدأت الحكومة العراقية بأول عمليات التعريب داخل المدينة بصورة علنية، حيث اسكنت عدد من عوائل الحرس القومى داخل المدينة، وكذلك بعد 1968 حيث قامت الحكومة بتوزيع الاراضى بصورة غير قانونية على الـعرب وخاصة في محلة سه راى والتى تغير اسمها الى (جماهير) بعد التعريب مما ادى الى قيام تظاهرة كبيرة من قبل الكورد وكان من نتيجتها حدوث صدامات دموية ادت الى وقوع جرحى من الكورد والعرب كما جرح اثنان من عناصر الامن30، وكذلك كانت هنالك اعتداءات علنية على الاكراد في جلولاء، وقد تناولت الصحافة هذا الموضوع لاحقا جريدة الحياة في تاريخ 10/6/2003 في معرض حديثها عن ابراهيم الداود الذي كان عضو مجلس قيادة الثورة و وزير الدفاع في الحكومة العراقية انذاك (قبل ان يقوم البعثيون بخلعه في حادثة 30 تموز 1968) *.
وفى بداية السبعينات قامت مجموعة مسلحة من عناصر الحزب الديمقراطى الكوردستانى بتلغيم احدى نقاط سكة الحديد بين جلولاء وكركوك مماادى الى تدمير نصف القطار الذي كان ينقل الجنود الى كركوك ومنها الى ساحات القتال في كوردستان.
وفى عام 1975اجلت الحكومة العراقية 1193 عائلة كوردية من داخل مدينة جلولاء)31، وفى عام 1980 سفرت الحكومة العراقية عدد من العوائل الكوردية من داخل المدينة على اساس انهم من التبعية الايرانية.
وفى عام (1982 اثناء الحرب العراقية الايرانية) قامت الطائرات الحربية الايرانية بغارة جوية على مخازن الاسلحة والاعتدة في معسكرات جلولاء مما ادى الى وقوع اضرار بالغة بالجيش العراقي لانها كانت تعتبر ثانى اكبر مخازن للجيش العراقى، واثناء انتفاضة سنة 1991 حررت قــوات البيشمركه عددا من القرى التابعة الى جلولاء ووصلت الى مشارف المدينة ولكنها لم تدخلها.
تحررت جلولاء ايضا كباقي المدن العراقية الاخرى في 10/4/2003 الساعة الثامنة صباحامن قبل قواة البيشمركه الكوردية وخاصة من الاتحاد الوطني وعدد ضئيل من افراد قوات التحالف وكان المسؤول العسكري لتحرير جلولاء هو السيد اسو مامند الملقب ب (اسو الماني)، وكانت جلولاء اول مدينة زارها السيد جلال طالباني بعد سقوط النظام السابق حيث وصل اليها بعد الظهر في نفس يوم التحرير.
هوامش
 
شكرا الك جـــان عالتقرير والتعريف كالعادة مميز
 
الف شكر جان على التقرير المميز بصراحة الواحد ما بيعرف كيف يشكرك على المواضيع الهامة والمميزة
الف شكر الك جان
 
اجمل شكر أناله و يروق لي هو تواجدكم الرائع في كل ما يخص شعبنا الكردي وتاريخه العريق ...
اهلا بك دوما
 
أعلى