ثورة 11 ايلول ...

11 أيلول ثورة عملاقة وقائد أسطوري

يسلك الباحثون مناهج شتى عند دراسة سير الرجال الذين تركوا بصمات واضحة على مجرى التاريخ او كان لهم دور اساسي في نقاط التحول في حياة شعوبهم او احدثوا طفرات فيها ، ومهما اختلفت هذه المناهج فانهم يعكفون على دراسة مفاتيح الشخصية المراد ترجمتها لتحديد بواعث تميزها وقدرتها على توجيه حركة الشعوب أو تصحيح مسارها .
ان محاولات ونشاطات الخالدين الشيخ طه النهري والشيخ عبد السلام البارزاني والملك محمود الحفيد والشيخ سعيد بيران وقادة آكري والشيخ احمد البارزاني والقاضي محمد وحسين قلي خان أمير لورستان وغيرهم من عظماء الكورد وتاثير كل منهم في استنهاض الحركة القومية الكوردية وتعزيز دورها في تامين مستلزمات انطلاقها لاحقاً ، واذا كان البارزاني الخالد معلماً من تلك الظاهرة التاريخية وتتصل خطواته الاولى بخطوات اولئك الخالدين فأنه قد تجاوزهم بفعل الزمن وتطورات الاوضاع عموما التي شهدت صعود الوعي القومي واستعداد الجماهير للعمل بمختلف الاساليب وقدرتها على التماسك والوحدة اضافة الى مزايا البارزاني الشخصية التي تفرد بها وتجلت فيه القيادة على نحو اوضح وتامينه استمراريتها لفترات زمنية طويلة حتى اخذت تترك بصماتها الواضحة على حركة الشعب الكوردي التحررية ومسيرته كلها كما كان لها صداها العالمي بين الاطراف الاخرى الصديقة والعدوة .
يجب ان نلقي نظرة بين حين واخر على هذا الماضي والتاريخ وسيرة رجالاتنا الذين كان لهم الريادة في مجرى الحركة الكوردستانية وفي مقدمتهم البارزاني الخالد وفي هذا السياق علينا ان نزن الأمور بميزان العلم والتاريخ ومن الشخصيات من يصنعهم التاريخ ومنهم من يصنع التاريخ لأمته وشعبه والشخصية التي نحن بصددها هو الرجل الأسطورة زعيم الامة الكوردية وقائد ثورة ايلول الخالد مصطفى البارزاني .
كان الحزب الديمقراطي الكوردستاني والبارزاني الخالد دوماً مع الحل السلمي والديمقراطي للقضية الكوردية لكن انحراف نظام الحكم عن اهداف ثورة 14 تموز دفع البارزاني الخالد الى أشعال شعلة الثورة القومية الوطنية في 11 أيلول سنة 1961 لتشمل كل أرجاء كوردستان من زاخو الى خانقين ومندلي وليرفع شعار ( الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان).
وكانت ثورة قومية كوردستانية وكان لها التأثير الكبير على بقية أجزاء كوردستان مما أدى الى دفعهم لتأييد الثورة والمشاركة الفعالة فيها، كما أنطلق صوت أذاعة كوردستان في 28 - 9 - 1963 وقد سطر البيشمركة الأبطال أروع الملاحم البطولية نذكر منها:
1- ملحمة كه لي زاخو 1962 ( ملحمة وادي زاخو )
2- ملحمة زاويته سنة 1961.
3- ملحمة التصدي للجيش العراقي السوري 1963 وملحمة جبل متين.
4- ملحمة جبل هندرين 1966 وغيرها من ملاحم بطولية نادرة كل هذه الملاحم والبطولات أجبرت نظام بغداد علىلتوقيع أتفاق وقف أطلاق النار في 10 - 2 - 1964 و تأسس مجلس قيادة الثورة بمشاركة كل القوميات والأديان في كوردستان 28 - 2 - 1964 .
و تم أجبار نظام بغداد على توقيع أتفاقية 29 حزيران 1966 والأشتراك في الحكومة المركزية بحقيبتين وزاريتين .
كما قامت قيادة الثورة بوقف أطلاق النار في حزيران عام 1967 لأفساح المجال للجيش العراقي للمشاركة في حرب فلسطين ، كبادرة حسن نية والوقوف مع الشعب العراقي في معاركه التحررية القومية .
أن أتفاقية 11 آذار سنة 1970 تعد مكسباً قومياً وتأريخياً وتشريعياً ولأول مرة تعترف فيها الحكومة المركزية بحقوق الكورد في أطار رسمي حكومي وأمام الرأي العام العالمي ولكن سرعان ما أنكشفت نوايا النظام الحاكم في بغداد وتراجعه وقيامه بحياكة دسائس ومؤامرات خبيثة ضد قيادة البارتي وفي مقدمتها محاولة أغتيال الشهيد أدريس البارزاني في 1-12-1970 والبارزاني الخالد في 29 - 9 - 1971 وأغتيال مجموعة من كوادر الحزب على أيدي النظام في حينه والمماطلة في تطبيق بنود أتفاقية الحادي عشر من آذار مما دفع الثورة للتصدي لمخططات ومؤامرات النظام الدكتاتوري لتندلع مرةً أخرى نيران ثورة أيلول في 11- 3 - 1974 وكانت معركة للدفاع والتحرير وعندما لم تحقق حرب النظام أهدافه وفشلت مؤامراته ، ألتجأ الى شاه أيران وركع له بعد تقديم العديد من التنازلات منها التخلي عن سيادة العراق على نصف شط العرب وأراض عراقية لصالح شاه أيران وتم توقيع أتفاقية الجزائر في 6 آذار سنة 1975 وكانت هذه الأتفاقية مؤامرة دولية قذرة ضد الشعب الكوردستاني وثورته المجيدة . لقد انتكست ثورة ايلول تحت تاثير عوامل شتى معروفة على رأسها مؤامرة دولية في الجزائر ولكن الحركة السياسية الكوردستانية الواسعة والنهضة القومية العارمة التي احدثتها الثورة عند انطلاقها وفي مجرى تطورها رغم مظاهر الضمور التي انتابتها بعد النكسة مباشرة ظلت جمرة تحت الرمال سرعان ما التهب واشتعل اوارها في ثورة كولان المجيدة .
ان المسيرة البارزانية الطويلة في مراحلها المختلفة غنية بالدروس والعبر ، حين نقترب منه نجد ابن الطبيعة الجبلية التي اكسبته نقاوة وصلابة الحديد ، حيث ولد في كنف عشيرة لها عمقها التاريخي في النضال من اجل الحرية وتحقيق الذات القومية وهذه الطبيعة التي نشا فيها اكسبته صفاءه الذهني وحكمة الصبر والزهد والتواضع . ففي نهاية سنة 1962 وفي عهد الزعيم عبد الكريم قاسم نشرت صحف النظام العراقي في جميع قنواتها الأعلامية بياناً دعائياً كاذباً مفاده ان الزعيم الخالد مصطفى البارزاني قد أصيب في مناطق حدود كوردستان الشمالية وبعد ذلك فارق الحياة ، أن نشر هذا البيان في ذلك الوقت كان له وقعه السلبي على معنويات جماهير شعبنا الكوردستاني لأن البارزاني الخالد كان رمزاً وطنياً في النضال والكفاح لثورة أيلول المجيدة ، هذه الأشاعة فعلت فعلها السيئ في أذهان الناس وخلقت جواً كئيباً ، والحقيقة أن البارزاني في ذلك الوقت كان في قرية ( بردانكه ) بالقرب من قصبة رانية ، وشعر بتأثير هذه الأشاعة الكاذبة على الجماهير الكوردستانية ، لذلك أنتقل بنفسه الى منطقة خوشناو - وبالذات قرية جيوه - وفي تلك الأثناء كانت مجموعة أعلام ثورة أيلول والمتكونة من المناضلين التالية أسماوهم ( صلاح مهتدي ، احمد توفيق ، عبدالله أسحاقي ، فايق أمين ، ملا باقي ، شيخ جميل ، قادر شريف ، ملا سيد رشيد ، ملا عبد الرحمن ، حمه وى ئيلخاني زادة ) موجودة هناك وهؤلاء المناضلون كانت حقائبهم على ظهورهم وهم يؤدون واجبهم النضالي البطولي المقدس وطلب منهم البارزاني بتكذيب الخبر وبرهنوا على كذب ادعاء الحكومة لطمأنة الجماهير المتعطشة لسماع هذا الخبر وقال البارزاني ( انتم الحاضرون هنا لابد وأنكم قد سمعتم بالخبر ومن اجل ازالة الهموم من نفوس الجماهير الكوردية اذيعوا في أعلامنا وبرهنوا على كذب الاشاعة لطمأنة الجماهير ، وكشف ادعاء العدو الكاذب على كل حال ، فأننا اليوم او غداً سنلقي ربنا ونموت ، والشيء المطلوب منكم ان تكتبوا ايضاحاً بذلك وتنشروه ) وعند تقديم الأيضاح الذي كتبوه الى البارزاني كان مليئاً بالألقاب الرنانة كـ( القائد والمرشد والرئيس والمناضل ) الى ذلك من كلمات المديح فأخرج البارزاني قلماً وشطب على هذه الكلمات الرنانة وقال لهم ( أحب أن أنبهكم الى حقيقة وأرجو الأستماع اليها ( أنني لست رئيساً ولست قائداً ، ولست مناضلاً أنا واحد مثلكم … نحن ندافع عن بيتنا ولسنا بطالبي حرب ولكن الحرب فرضت علينا ، ولم يحن وقت الثورة ولكن قاسم واعوانه هم الذين شنوا هجماتهم علينا ولم يبق لنا الا ان نحمل السلاح للدفاع عن أنفسنا ولذلك أوصيكم بأن لاتنعتوني بأوصاف الرئيس وقائد الثورة ، أنا ( بيشمركة ) ولا أمنح هذا لنفسي ، وهذا لايليق بي).
ان الأمعان في هذا الموقف يؤكد بحق عظمة هذا القائد الرمز وكم كان تواضعه كبيراً وهو يحمل على أكتافه عبء هذا الواجب الكبير المقدس . وقائد يشعر بالمسؤولية تجاه شعبه والتأريخ . على الذين يريدون السير على درب البارزاني والاعتماد على رصيد تجربته ان يكونوا بارزاني عصرهم عبر اغناء ذلك الرصيد بالارتقاء الى مستوى المرحلة وتعقيداتها ومتطلباتها فما كان صحيحا بالامس يمكن ان لايكون كذلك اليوم لقد تطورت القضية الكوردية عموما ونما وتطور الفكر والشعور والثقافة القومية والاحساس بالكيان القومي واحتلت القضية حيزا مهماً من اهتمامات الراي العام الأقليمي والدولي .
وان التجربة التي نعيشها اليوم هي ثمرة النهج الذي أنتهجه البارزاني في رعايته للديمقراطية والتعددية الحزبية وهي ثمرة نضال شعبنا الكوردستاني الطويل المليء بالمعاناة والتضحيات والأصرار على المضي قدماً الى الأمام من أجل تحقيق الديمقراطية و الحرية لكوردستان.

 
اشكرك جزيل الشكر اخي جان على هذا التقرير الرائع عن هذا البطل الذي لم ولن ياتي مثله واضيف لك ولي وللجميع ايضا بان اي قائد يطالب بحرية شعبه ان يتحلى بهذه الصفات النبيلة التي تحلى بها البارازاني لان هذه الصفات كما يقولون من صفات الفارس النبيل واهم صفة هي التواضع وعلى اي قائد يريد ان تنجح ثورته انا باعتقادي الشخصي التواضع هو أهم صفة يكتسبها القائد او اي كان من الاشخاص التواضع هو المفتاح السري لفك شيفرة قلوب الناس وحبهم
الف شكر الك اخي جان تقرير رائع جدا
 
الشكر على تواجدك المميز اخي زارا في متصفحي بشكل دائم و وجهة نظر احترمها جدا ..
تو بخير هاتي زارا
 
أعلى