كتاب عادات الأكراد وتقاليدهم ألفه بالكردية: ملا محمود بايزيدي

G.M.K Team

G.M.K Team
كتاب عادات الأكراد وتقاليدهم ألفه بالكردية: ملا محمود بايزيدي ترجمه ووضع هوامشه: محسن سيدا وجان دوست نلفت عناية القراء والباحثين إلى أن لفظة الأكراد الواردة في متن الكتاب تعني الكورد الرحل حصراً، وسيجد القارئ بنفسه أن المؤلف لا يقصد الكورد المستقرين. أما البايزيدي مؤلف هذا الكتاب بالكردية فقد ولد سنة 1797م، في بلدة بايزيد على المثلث الحدودي التركي الإيراني الروسي، وأكمل دراسته فيها, وكان قد أصبح حجة عصره في تفسير القرآن، وانتقل في العقد السادس من القرن التاسع عشر إلى مدينة أرضروم، ليلتقي بالقنصل الروسي الكسندر زابا، ويصبح رفيق دربه في البحث عن كنوز الأدب الكردي المدفونة في حجرات المساجد النائية، والزوايا المنسية لرهبان منسيين. وبفضل التعاون المثمر بين الرجلين، تم إنقاذ العديد من عيون الشعر الكردي، ومجموعة كبيرة من الحِكم والحكايا الفلكلورية، اضافة إلى أول ترجمة، قام بها البايزيدي لكتاب الشرفنامة المعروف عام 1858 م، ولايزال هذا الكتاب مخطوطاً في مكتبة لينينغراد العامة. كما أنه كتب تاريخ كردستان الجديد، بدأه من حيث انتهى شرفخان البدليسي, ولكن لم يكشف النقاب حتى الآن عنه، وله أيضاً كتاب عادات ورسومتنامهء أكراديه (عادات الاكراد، وتقاليدهم)، وهو كتاب يبحث في البنية الاجتماعية للأكراد الرحّل، ويتعرض لمجمل الحالة الكردية البدوية بدقّة الباحث، ولكن بأسلوب ممل أحياناً، لأنه لم يبوب الكتاب، وبسط المعلومات دون منهج معين، وهو بذلك يعتبر أباً للنثر الكوردي، وهذا ما يشفع له ضعف أسلوبه النثري. كما يقال أنه ساعد الكسندر زابا في تأليف قاموسه الكردي الفرنسي، الذي طبع بعد وفاة زابا سنة 1879 م، وقد جمع هذا القاموس حوالي خمس عشرة ألف مفردة كردية، بالإضافة إلى لعبه دوراً سياسياً في المنطقة الكوردية، والنزاع بين الحكومة والزعماء الكورد. كان البايزيدي يتقن إلى جانب لغته الكردية اللغات: الأرمنية والفارسية والعربية والتركية. الجزء السادس، والأخير وهن يخطن ثياب جميع أفراد العائلة ولا يذهبن إلى الخياطين, ويقوم الرجال بإحضار الكباش والعجول وفحول الجياد. وقليل من الأكراد من يغترب, والغربة عندهم قاسية جدا, حتى أنهم لو التحقوا بجيش, وبقوا في صفوفه طويلا, لهربوا وعادوا إلى بيوتهم, إذ لا يصبرون على البعد, وبمجرد أن تطول مدة بقائهم في الجيش يهرب في الليلة الواحدة بضعة نفر منهم. والأكراد يهابون البندقية كثيرا, فإذا وجدت في مكان ما وأيقن الأكراد بالهلاك فإنهم لا يقاومون العدو حتى ولو فاقوهم عددا. ومعظم جسارتهم تأتي بالحيلة والخديعة. وهم يترقبون من بعيد عدوهم ويميزون الشجاع عن غيره, فإذا أيقنوا أنه شجاع جرئ احتالوا على قتله. فمثلا: ينزل أحد الأكراد في طريق على هيئة فارس, بينما يكمن رفاقه بعيدا يراقبونه في أحد الوديان, وحينما يرى القادمون أن فارسا واحدا على الطريق, لا يحتاطون له و أتون إليه. فيقول لهم (ذلك الفارس): لقد نفد تبغي, فاملأوا لي هذا الغليون, فيرثون لحاله ويشفقون عليه يملأون غليونه, فيطلب منهم نارا, فيعمد أحد المسافرين إلى إشعال غليونه. عندها يمسك الكردي لجام الفرس, ويخرج أصحابه من كمائنهم ويأتون لنهب أولئك المسافرين وقد انطلت عليهم الحيلة. وكذلك إذا أراد الأكراد قطع طريق فإنهم يبعثون اثنين يستطلعان الدروب في مكان مرتفع, ويراقبان القادمين, فإذا شعرا بأن سلبهم ممكن أعطيا إشارة لرفاقها الكامنين كأن يلوحا بمنديل أو عباءة, فيخرج الجميع من الكمائن ويذهبون للنهب. فإذا انتهوا منه, عصبوا أعين المنهوبين ثم أخذوهم إلى واد قفر, فقيدوا أياديهم وأرجلهم إلى أن يحل الليل, فيذهب الفرسان اللصوص ومعهم الأسلاب, بينما يبقى بضعة فرسان إلى الفجر مع الأسرى كي لا يهربوا ويطلبوا النجدة. ثم يذهب أولئك الفرسان الحراس أيضا في حال سبيلهم. ويختار الأكراد الليل وقتا للنهب وذلك كي يأمنوا النجدة التي ربما تأتي من طرف, فيحملون الاسلاب في ظلام الليل و يهربون. وكذلك إذا هجموا على قرية لسلبها اختاروا المساء, لكي يتمكنوا من الهرب بالغنائم تحت جنح الليل, أي أنهم يحتاطون دائما ويحذرون عدوهم حتى ولو كانوا يفوقونهم عددا. وحديثهم دائما يدور حول المعارك التي جرت سابقا, وكيف وقعت المعركة الفلانية, وكيف أن فلانا قاتل ببسالة, إنهم دائما يلهجون بذكر الأسلحة والوقائع والحروب. ومع ذلك فهم مسلمون متدينون يقيمون الصلوات ويتصدقون و يؤدون الزكاة. والأثرياء منهم يدفعون عشر المحاصيل, وبالنسبة للأموال يدفعون قطعة ذهبية عن كل أربعين قطعة, ونعجة عن كل مئة من الأغنام. وعلى كل حال لا بد لهم من دفع الزكاة, فإن لم يدفع أحدهم الزكاة برضاه فإنه يضطر إلى ذلك بأمر الحكام ورجال الدين, إذ يوجد سعاة وموظفون موكلون باستخراج الزكاة وإحضارها إلى خزينة بيت المال حيث يتم حفظها ثم توزيعها على الفقراء والمحتاجين. وتوجد سجلات باسماء مستحقي الزكاة يشرف عليها القضاة والحكام, فيتلقى كل محتاج حسب عدد أفراد عائلته ما يستحقه. وإذا وجد في زموم الأكراد من كان فقير الحال, فإن الأغنياء يقومون بإطعامهم كل يوم, ولآغواتهم موائد يتوافد عليها الجيران فيأكلون ويتناولون القهوة. ومن واجبات الآغوية الإطعام والكرم وتقديم القهوة, مقابل تسخير أولئك الذين يتناولون الطعام على موائدهم ويشربون القهوة من مضافاتهم, ويستعملونهم في القيام بأعمال عديدة. وإذا حل ضيوف على الآغا ولم يكن في بيته مثلا شيء من قبيل السمن والرز والقهوة استعاره من بيوت الجيران. ولا حرج بين الأكراد في استعارة أي شئ, فإذا احتاج المرء شيئا مما يجد في بيوت الجيران, فإنه يذهب لإحضاره حتى ولو لم يكن صاحب البيت موجودا, ولا تمانع النساء ولا الأطفال في مساعدة أحد, بل يقدمون للمحتاج ما يلزم. وإذا جرت ـ قدر الله - حادثة, أوعقد فقير العزم على إقامة عرس, أو سعى إلى شراء جواد, فإنه يطلب المعونة يرجوها من أفراد العشيرة الذين لا بد لهم من أن يقيلوا عثرته كل حسب طاقته, فمنهم من يهبه مالا ومنهم من يهبه حيوانا, حتى يجتمع له مال وفير. وخيام الأكراد على درجات, منها ما يقوم على عمودين إلى تسعة أعمدة, ولايتعدى الأمر ذلك. فالذي يكون شديد الفاقة والفقر تقوم خيمته على عمودين إلى أربعة أعمدة, ومتوسط الحال من خمسة إلى سبعة أعمدة. أما الآغا والثري فخيامهم تقوم على تسعة أعمدة, وخيمة الأغا والثري مقسمة بستائر أو حواجز من القش وفيها الديوانخانه (المضافة) لاستضافة الرجال. وفي كل خيمة رواق يسمونه (بيشتمال), تشبه الأطناب, فإذا هطل ثلج أو مطر واشتدت البرودة, رفعوا تلك البيشتمالات وزرروها, وأوقدوا النار في جناح الحريم والديوانخانه حتى تدفأ الخيمة. والأكراد صغارا وكبارا يستعملون الغلايين, و إذا نزل فيهم ضيف كان لا بد من ملء غليونه تبغا. عندما يريد أحدا أن يحل ضيفا على أحد المضارب, يتمعن في الخيام فيختار أكبرها, ولا يمكن له أن يقصد خيمة صغيرة لعلمه أن صاحب الخيمة فقير ولا تضم خيمته مضافة أو جناحا خاصا للرجال. والغالب على طعام فقرائهم خبز الشعير وخبز الذرة واللبن والزازي (طعام يتخذ من الجبن والثوم) والمخيض. وإن الذين يقومون بأعمال السرقة وغيرها من المنكرات, والعياذ بالله , ينتمون إلى فقراء الأكراد الذين لا أمل في إصلاحه . ولا بد في كل زم من وجود عشر عائلات إلى خمس عشرة عائلة فقيرة خصص الآغوات والأغنياء لهم رواتب يومية ويبعثون إليهم الخبز والمخيض وما تيسر من الطعام. والرجال الفقراء يتناولون طعامهم دائما في بيوت الأغنياء والآغوات ويجمعون الفتات لأطفالهم وعيالهم. وإذا عزم آغا أورجل ثري على ختان ولد من أولاده, فلا بد أن يشرك معه بضعة أنفار من اليتامى وأولاد الفقراء. ومع ذلك يبقى كثيرون من الأكراد دون ختان إلى سن الشيخوخة حيث يجرون الختان. ولايوجد فيهم حلاقون , بل يحلق كل واحد شعر صاحبه, أما بالنسبة للجراحين ففي الاكراد رجال مهرة لأن الحروب شيمتهم الدائمة. وهم لايستعملون الشموع للإنارة, فالأغنياء والآغوات يستعملون البيسوس حجر الاسبستوس!!),والفقراء يشعلون النار ويتحلقون حولها. ومن الشائع لدى الأكراد أنه إذا أحب شاب فتاة, وزوجوها من غيره, فإن الشاب الذي خسر فتاته يعمد في ليلة الزفاف إلى ربط العريس بالأدعية والرقي, وفي الواقع يتم ربط العريس حقيقة ولا يستطيع أن يدخل بعروسه. ويبقى كذلك مربوطا مدة طويلة إلى أن يفتحوا عليه. وكثيرا ما يحدث أن الرجل لا يستطيع مطلقا الدخول بعروسه, فيعمد آخر الأمر إلى طلاقها والزواج من أخرى, حيث لا يمكن ربطه ثانية. من جهة أخرى يقوم الملالي الأكراد بصنع لبوس الحرب ويكتبون عليها الأدعية والطلسمات والتعاويذ, فيشتريها الآغوات والفرسان الأكراد بمئات القروش, ويرتدونها تحت أثوابهم في يوم المعركة ومهما أطلق عليهم الرصاص أو ضربوا بالآلات الحربية فإنها لا تؤثر فيهم ويخرجون سالمين من المعارك. إنهم شديدو الإيمان بالرقي والتعاويذ, ولصفاء نياتهم فإن الأمور تجري كما يتوقعونها, حتى إنهم أحيانا يقومون بربط الذئاب والحيوانات المفترسة, فلا تقرب قطعانهم بحق. ومنهم من يروض الأفاعي ويحملها معه ويعلقها على عنقه وهي لا تؤذيه أصلا. ومنهم من تعلم الأسماء السريانية، يعمد إلى ضرب بدنه بالسكاكين والسيوف دون أن تنزل قطرة من الدم وسرعان ما يلتئم الجرح ويعود كما كان. ويشيع بين الأكراد رياضة مستحبة كثيرا هي اللعب بالسيف والدرع إذ يتعلم معظم شبابهم ويتدربون على استعمال الدرع والسيف, حتى يتقنوه ويمهروا فيه لدرجة أنه لو هوجموا من الخلف ومن الأمام لاستطاعوا رد جميع الطعنات دون أن تصيبهم مطلقا. وذلك لأنهم يستعملون في حروبهم الذاتية الخناجر والسيوف, بينما يندر وجود البنادق بينهم. هذا عند أكراد هذه المنطقة (يقصد بايزيد وموش ووان), أما الأكراد والرحل في مناطق هكاري وبوهتان وبهدينان فإنهم يحملون المسدسات صغارا وكبارا, حتى أنهم لا يردون النبع دون أن يحملوا معهم مسدساتهم, وهم يتدربون بشكل مستمر على الرماية وإصابة الأهداف بأول طلقة.و183 فارسي ويقع كثيرا أن فردا من أولئك الأكراد يسافر إلى اسطمبول ليحصل على بندقية يختارها ويأتي بها. وكذلك فإن ملاليهم وتلامذة مدارسهم الدينية أيضا يحملون معهم الخناجر والمسدسات. وللأكراد الحضريين عادة جارية في الشتاء تسمى (كه ره لاويز), والكه ره لاويز هي أن ينعقد مجلس ولابد لمن فيه من كبار وصغار أن ينشدوا قطعة من الغناء إلى نهاية المجلس, ولو كان في ذلك المجلس أحد الضيوف فإنه مضطر للغناء ولا يمكن قبول غير ذلك منه. ويسمي الأكراد تلك القطعة من الغناء التي يقدمها الناس في المجلس (كيسك), فلا بد للضيف من تقديم الكيسك للمجلس. وفي الأصائل يجتمع شباب وفتيان المضارب كلهم ويلعبون أمام البيوت بالهول (لعبة تشبه الهوكي) أو يتسابقون, أما المسنون فإنهم يتفرجون من بعيد, وبالنسبة للنساء والفتيات فإنهن يخرجن بمغازلهن إلى ساحة يسمونها (دارك) ويتفرجن على أولئك الشباب الذين يلعبون, أما الطاعنون في السن والعجائز فإنهم يجلسون أمام باب الخيمة ويتفرجون. وعندما يأتي المساء يذهب كل إلى عمله, فيجمعون القطعان ويعلفون الخيول ويتعشون. وبعد مضي ساعتين يعقدون حلقة رقص أمام الخيام, حيث يدخل فيها الشباب والبنات والرجال والنساء. وتغني الفتيات (على إيقاع الرقص) إلى أن يحل الفجر فينفرط عقدهم ويذهب كل واحد إلى بيته وينام. إن الأكراد لايعرفون الهموم والأحزان كثيرا, ولايبالون كثيرا بما يقع ومالا يقع (اليزيدية واحتفالاتهم), حتى أن عجائزهم ومسنيهم دائمو السرور مكحولو الأعين يترنمون بالألحان ويغنون, ولايتنازلون سريعا عن أفراح الحياة, فيدخلون الدبكة في الأعراس حيث لا يعد ذلك عيبا. وفي العرس يضعون الحناء في يد العريس ثم يخطفه الشباب العازبون ويضعونه في يد العروس, والبنات الابكار يخطفن الحناء بدورهن من يد العروس وهكذا. ويعتبرون ذلك مما يجلب الحظ لاولئك الشباب والبنات و يفتح أمامهم أبواب الزواج سريعا. وإذا كان بيت العروس قريبا, ذهب اثنان من أهل العريس وأحضروا العروس. أما إذا كان بيتها بعيدا أركبوها جوادا مزينا وأحضروها إلى بيت العريس. فإذا وصلت إلى باب الدار, كان العريس وثلة من الشباب العازبين واقفين في مكان عال, حيث ينثر العريس الدراهم على رأس العروس ويأتي الأولاد والفقراء ليجمعوا نثار تلك النقود ولكن العروس لا تدخل الخيمة أو الدار بل تقف خارجا حتى يعطيها صاحب العرس هدية فتدخل, وبمجرد دخولها يأتون بالطشت والإبريق لتغسل وجهها ويحضرون لها الشراب والسكر ثم يدخلونها حلقة الرقص, ولا بد لها من عدة دورات في تلك الحلقة. وفي الليل وعندما تزف العروس إلى عريسها (فيفض بكارتها) يطلق بعض الشباب النار احتفالا بذلك. وربما كان العريس مربوطا ولايستطيع فض البكارة, فيأخذه أصدقاؤه الشباب إلى النهر ويصبون عليه الماء البارد ثم يعيدونه إلى عروسه, فإذا لم يستطع فعل شئ تلك الليلة عدوا ذلك عارا كبيرا وينتشر في اليوم التالي أن العروس لم تكن بكرا. وإذا ظهر أن العروس ليست بكرا, والعياذ بالله, كان ذلك فضيحة كبرى, فيعيدون العروس إلى بيت أبيها ويستعيدون ما دفعوه من مهر بينما يقوم أهل الفتاة بقتلها ويكون ذلك سببا لعداوة كبرى. وكثيرا ما تعرف الفتاة أنها ليست بكرا قبل ليلة زفافها فتلجأ إلى تجرع السم قبل الحفلة, فتموت و لا تبقى إلى اليوم التالي. والأكراد جميعا حضرا وبدوا على المذهب الشافعي ولا يوجد فيهم فرد واحد من الحنابلة أو الحنفية أو المالكية. وفي مشايخ كردستان طائفة تسمى (جندار) ـ أصحاب الجن، فإذا أصيب فرد منهم بالجنون جاؤوا به إلى حضرة الشيخ الجندار ويملأ الشيخ طاسة بالماء و يتمتم عليها, إلى أن يتوافد جميع الجن إلى الطاسة فيعرف الشيخ الجني المتسلط على ذلك المجنون ويقبض عليه،ثم يعمد إلى حبسه في قصبة, ويختم بالشمع فوهتي القصبة ثم يرميها في الماء, وعلى زعمهم يبرأ المجنون ويتخلص من سلطة ذلك الجني. وفي الأكراد من يعرف باسم (البيلدار= صاحب الكتف), ويكون المرء بيلدارا من طفولته, حيث تنوي المرأة الحامل فيهم أن يكون وليدها بيلدارا. وعندما يولد الطفل, يذبحون جديا ويوزعون لحمه ما عدا الكتف, يأتون به ويفتحون فيه ثقبا بقدر حلمة ثدي الأم, فإذا أرادت الأم أن ترضع وليدها, وضعت ثديها في عظم الكتف وأخرجت الحلمة من الثقب وأرضعته. ولا يمكن لها أصلا أن ترضعه من دون الكتف إلى أن يتم فطامه, فإذا فطم الطفل دفعوا تلك الكتف إليه مرتين في اليوم صباحا ومساء حيث يمعن الطفل النظر فيها, ويستمرون على هذه الحال إلى أن يبلغ الطفل سن الرشد, فإذا أصبح بالغا راشدا صار بإمكانه, حسب زعمهم, أن يعرف ماذا يحصل في الدنيا من وقائع بمجرد النظر في الكتف. ولكن يشترط في البيلدار أن تتم رضاعته دائما من الكتف ويجب ألا تسهو الأم ولو مرة واحدة عن ذلك وإلا فلن يتيسر لها أن يصبح ولدها بيلدارا. ويبدو أن هذا الأمر شائع لدى غير الأكراد أيضا, إذ رأيت بأم عيني باشا من باشوات أورمية اسمه سيف الدين باشا كان بيلدارا ينظر في الكتف وينقل ما يجري. وليس هذا الأمر وقفا على الرجال فقط, بل إن من النساء من تصبح بيلدارا. ومهما يكن فإن البيلدار رجلا كان أم امرأة معتبر في كردستان, ويصدقه الناس كثيرا ويؤمنون بما يقوله لهم. ويحصل البيلدار والجندار على كثير من المال والنقود لأن للأكراد فيهم اعتقاد كبير. وفيهم نساء يضربن بالرمل وينظرن في الفأل, يملأن الكأس ماء ويمعن النظر فيها, وينقلن للحاضرين واحدا واحدا ما يرغبون في معرفته, ويصدقهن الأكراد ولا يحيدون عن كلام البيلدار والمرأة البصارة. ويوجد في الأكراد من يسمى أفسونكر من قسم النساء العجائز, فإذا وقع شخص مريضا, أحضروا امرأة تمارس تلك المهنة فتعمد إلى قطعة من الخبز وملح وتلفهما في رغيف وتطوف حول المريض عدة مرات وهي تتمتم وتقرأ, ثم ترمي بذلك الرغيف للكلاب فيبرأ المريض. وفي كردستان في منطقة هكاري يوجد طائفة تسمى كفري, وهم رجال اعتادوا تسلق الصخور والجروف الصعبة المرتقى وكأنهم الماعز الجبلي, دون أن يقعوا, مما يحير العقول ويزيغ الأبصار. ولكل طائفة من الأكراد مطربوهم الخاصون, يسمون بكزاده, وهم فقراء لا عمل لهم سوى العزف على الآلات الموسيقية وقرع الطبول في الأفراح والأعراس, بينما تقوم نساؤهم بالتسول من بيت إلى بيت وهكذا يعيشون. ولهم لغة خاصة يتكلمون بها في بيوتهم ولا يعرفها أحد غير طائفة المطربين. ومع الأكراد يتعلمون الكرمانجية ولا يتزوج الأكراد منهم ولا يزوجونهم بناتهم. وفي كردستان توجد طائفة اليزيديين من الأكراد, وهم ليسوا مسلمين, إنهم يزيديون, ولهم رسوم وعادات ومذاهب مختلفة, وهم يسمون الشيطان طاووس ملك ويعبدون إبليس،لكن لغتهم الكردية. ولو أردت أن أطنب في الحديث عنهم لطالت الرسالة ولكن يكفي هذا القدر. ومعظم الأكراد يعرفون مواقع النجوم وإن اقتضى الأمر نظروا فيها ليهتدوا بها في معرفة الطريق, وهم يعرفون من حركاتها موعد هطول الثلوج والأمطار مثلا
 
شو هالابداع مديرنا هههه
يسلموا دياتك يارب على الموضوع القيم
تحياتى الك
 
أعلى