إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (15)

G.M.K Team

G.M.K Team
تحالف شعب كوردستان مع القوى الإقليمية والدولية

د. مهدي كاكه يي

يمكن تصنيف حكومات و قوى منطقة الشرق الأوسط الى مجموعَتين، المجموعة الأولى عبارة عن حكومات و منظمات و أحزاب متحالفة أو تلتقي مصالحها مع الدول الغربية، مثل (تركيا) و السعودية و الأردن و إسرائيل و حكومة إقليم جنوب كوردستان (الحزب الديمقراطي الكوردستاني بشكل خاص) وغيرها، بينما المجموعة الثانية هي عبارة عن حكومات و حركات سياسية متحالفة أو تلتقي مصالحها مع كل من روسيا و الصين، مثل إيران و النظام السوري و حزب الله اللبناني و حماس و غيرها. كما نرى أن هاتين المجموعتَين من الدول تصطف دولها طائفياً مع البعض (بإستثاء حركة حماس)، حيث أن المجموعة الأولى تنتمي للطائفة السُنيّة، بينما المجموعة الثانية تعتنق المذهب الشيعي.

من خلال هذه المعادلة السياسية، يفرض الواقع على الكوردستانيين الذين هم جزء من سكان المنطقة أن يختاروا الإنضمام الى أحد المجموعتَين (الحلفَين) المذكورتَين. الآن لندرس هذا الواقع المفروض على الكوردستانيين ليختاروا الحلف الذي هو أفضل لمصالح شعب كوردستان و تحقيق أهدافه، حيث أن الظروف الذاتية الكوردستانية الحالية لا تسمح للكوردستانيين أن يكونوا غير منحازين لطرف من الطرفَين المذكورَين.

بالنسبة الى الحلف الغربي، هناك (تركيا) تعمل من أجل تهميش الدور الكوردستاني و حرمان شعب كوردستان من حقوقه، لتمنع مواطني إقليم شمال كوردستان من التأثر بالإنجازات الكوردستانية في الأقاليم الأخرى من كوردستان وتحرير كوردستان من الإحتلال، إلا أن (تركيا) ليست دولة عظمى و طموحاتها و أحلامها أكبر بكثير من إمكانياتها و قدراتها، حيث أنها تدور في فلك الولايات المتحدة الأمريكية، فتُنفذ الخطط المرسومة لها في المنطقة من قِبل الأمريكيين بشكل خاص و الإتحاد الأوروبي بشكل عام، لذلك فأن (تركيا) عاجزة عن تحقيق كل رغباتها و أهدافها التي تطمح إليها و "البُعبع التركي" مُبالغ فيه بشكل كبير، حيث أن إمكانياتها محدودة. كما أن الفوضى السائدة في المنطقة و التي قد تتفاقم بشكل أكثر، تجعل تحقيق الخطط المرسومة من قِبل (تركيا)، و من ضمنها تلك المعنية بالشعب الكوردستاني، صعباً جداً، حتى أن الولايات المتحدة الأمريكية و الإتحاد الأوروبي تواجه تحديات كبيرة في الوصول الى أهدافها في المنطقة في ظل الفلتان الأمني و الحروب الأهلية و الصراعات القومية و الطائفية، و ربما في ظل إندلاع حروب إقليمية مدمرة في المنطقة. كما أن الأزمة الإقتصادية التي يمر بها العالم اليوم، تُحدد الى درجة كبيرة من قدرة (تركيا)، بل الدول الغربية أيضاً في تحقيق أهدافها و خوض حروب باهضة الثمن التي سوف لا يتحملها الإقتصاد المتدهور لهذه الدول، حيث أن الإقتصاد العالمي الحالي لا يتحمل الحروب و النفقات العسكرية الباهضة، في الوقت الذي هناك دول غربية على حافة الإفلاس من دون خوض حروب.

نقطة مهمة أخرى يمكن الإشارة اليها وهي أن النظام التركي، الذي يحتل جزء من كوردستان يكاد يكون الطرف الوحيد في هذا الحلف الذي يحاول عرقلة تحقيق أهداف الشعب الكوردستاني، بينما الدول الأخرى المحتلة لإقليم شرق و غرب كوردستان (إيران و سوريا)، تنتمي الى الحلف المضاد و أي تغيير سياسي شعبي فيها، سيكون لمصلحة شعب كوردستان.

إن ضعف أو إنهيار الحكومات المركزية للدول المحتلة لكوردستان، هو لصالح الكوردستانيين، لذلك فأن قيام الثورات الشعبية و نجاحها يُتيح فرص تأريخية للكوردستانيين لتحررهم و تحقيق أهدافهم. من العناصر الإيجابية الأخرى لهذا الحلف لشعب كوردستان هي الديمقراطية السائدة في الغرب و العدالة الإجتماعية النسبية فيه، بالإضافة الى نفوذ منظمات المجتمع المدني في هذه الدول، تتيح الفرصة لحشد الرأي العام الغربي و الدولي ضد المظالم التي يعيش في ظلها شعب كوردستان و التظاهر و تنظيم الإحتجاجات في هذه الدول من قِبل الجاليات الكوردستانية و الصديقة و منظمات المجتمع المدني و المنظمات الإنسانية.

الآن لنأتي الى الحلف الآخر، الحلف الروسي-الصيني-الإيراني، لنرى مدى إلتقاء مصالح هذه الدول مع مصلحة شعب كوردستان. الروس و الصينيون لا يعترفون بحقوق الشعوب الأخرى، مثل الشعب الكوردستاني، حيث أن لهاتين الدولتَين أنظمة حكم شمولية (إنتخابات مزوّرة تُجرى عادةً في روسيا)، كما أن هاتين الدولتين تقمع كفاح الشعوب و الطوائف التي تعيش ضمن هذين الكيانَين السياسيين و المتطلعة نحو الحرية و الإستقلال، مثل الشعب الشيشاني و شعب التبت و المسلمين. روسيا و الصين لهما مصالح مشتركة مع كل من إيران و سوريا، اللتين تحتلان أجزاء من كوردستان و اللتين لهما نظام حكم شمولي و دكتاتوري و لا تعترفان بحقوق شعب كوردستان. كما أنه في حالة إنتصار هذا الحلف، فأن الحكومة (الشيعية) في بغداد ستصبح شريكة لهذا الحلف. إن الصين و روسيا من الدول العظمى، حيث تتبعان سياسة تساعدهما في تنافسهما مع الدول الغربية على المصالح و النفوذ و تبذلان جهودهما لتحقيق مصالحهما في العالم. لذلك فأن هاتين الدولتين تبنيان سياستهما وفقاً لمصالحهما و التي تلتقي مع مصالح النظامَين الإيراني و السوري و تتقاطع مع مصالح شعب كوردستان. من هنا يتوصل المرء الى أن النتائج تكون كارثية لشعب كوردستان فيما لو إنضم الى الحلف الروسي-الصيني-الإيراني و قام بمعاداة الحلف الغربي، و خاصة في العصر الحاضر، فأن الأنظمة الشمولية و الدكتاتورية، مثل النظامَين الإيراني و السوري، أخذت تعيش خارج الزمن و أن هذين النظامَين في طريقهما نحو الزوال. عليه فأن من مصلحة الشعب الكوردستاني أن يجد نفسه، على الأقل في الوقت الحاضر، في المعسكر الغربي في نضاله من أجل حريته و إستقلال بلاده.
 
أعلى