إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (20)

G.M.K Team

G.M.K Team
خارطة طريق العمل الكوردستاني (1)

د. مهدي كاكه يي

إن الخارطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا مقبلة على التغيير نتيجة التطورات العالمية و الثورات و الإنتفاضات التي تشهدها المنطقة. على سبيل المثال، فأن دولاً مثل العراق و سوريا و (تركيا) و إيران و السعودية و مصر و بلدان شمال أفريقيا، مرشحة للتقسيم و إنبثاق عدة دول من كل دولة من هذه الدول.

الشئ الأهم بالنسبة لشعب كوردستان هو إنقسام الدول المحتلة لكوردستان الى دول عديدة، حيث أن إيران مرشحة الى أن تنشأ منها على الأقل أربع دول، العراق تنشأ على أنقاضه ثلاث دول، (تركيا) ستصبح دولتَين و أخيراً تنقسم سوريا الى دولتَين أو ثلاث دول، و هذا يعني أن كل أجزاء كوردستان تتحرر و ستتوفر للكوردستانيين فرصة تأريخية للإتحاد و بناء دولتهم الموحدة.

هذه التطورات تتطلب الدعوة الى عقد مؤتمر كوردستاني عام يحتضن ممثلي كافة الأقاليم الكوردستانية و ممثلي الكورد القاطنين خارج كوردستان، لإختيار قيادة سياسية لشعب كوردستان لتنظيم البيت الكوردستاني و وضع الخطط و الإستراتيجيات و آليات و متطلبات العمل، ليصبح شعب كوردستان قادراً على مجاراة الأحداث و التواصل و التفاعل مع التطورات السياسية الجارية، و يُشكّل قوةً مؤثرة في التوازنات و المعادلات و التحالفات السياسية و العسكرية و الإقتصادية. أقترح أن تشارك في المؤتمر المقترح، الى جانب الأحزاب السياسية، منظمات المجتمع المدني و أكاديميون و مثقفون و ممثلو الشباب و المرأة و ممثلو القوميات غير الكوردية و ممثلو أصحاب الديانات غير الإسلامية. أرى أن يأخذ الشباب و النساء و منظمات المجتمع المدني و الشخصيات الوطنية غير المنتمية الى الأحزاب دوراً رائداً في القيادة السياسية المقترحة لتكون قيادة شابة مفعمة بالديناميكية و بعيدةً عن الخلافات الشخصية و الحزبية. عن طريق مثل هذه القيادة الموحدة يمكن التنسيق و التعاون بين الأقاليم الكوردستانية و حضور تواجد كوردستاني متميز في المنطقة كقوة لا يمكن رسم سياسة المنطقة بدونها. أقترح عقد المؤتمر في دولة أوروبية، ليكون بعيداً عن نفوذ و تدخلات الدول المحتلة لكوردستان، خاصة كل من إيران و (تركيا)، فيما لو تم، مثلاً عقد المؤتمر في إقليم جنوب كوردستان. إن عقد مؤتمر عام للكوردستانيين هو حاجة مُلحة و ضرورية جداً و يجب البت فيه بسرعة لأن المنطقة مقبلة على التقسيم، كما حصل طبقاً لإتفاقية سايكس – بيكو بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى و لذلك على الكوردستانيين وضع الخلافات الشخصية و الحزبية و الآيديولوجية جانباً و وضع مصلحة شعب كوردستان فوق المصالح الأخرى و التحرك بسرعة لتوحيد صفوفهم و كلمتهم و إغتنام هذه الفرصة التأريخية لتحرير أنفسهم من الإحتلال و العبودية، ليكونوا سادةً في وطنهم و أصحاب ثروات بلادهم و يبدأون من جديد بالمساهمة في بناء الحضارة البشرية كأسلافهم الإيلاميين و السومريين والسوباريين.

إن تسارع التطورات الجارية في الإقليم و سوريا و المنطقة يفرض على مواطني الإقليم أن يعقدوا مؤتمراً وطنياً عاماً، تنبثق عنه قيادة سياسية، تتسلم مسئولية تنظيم الجماهير و التخطيط و إدارة الإقليم و تمثيل مواطنيه في المحافل الكوردستانية و السورية و الإقليمية و الدولية. إن إيجاد مرجعية سياسية توافقية، تُمثل كل القوى المؤثرة على ساحة الإقليم، هو حاجة ملحة و ينبغي تحقيقه بأسرع وقت ممكن لتحقيق أهداف المواطنين الكوردستانيين في تقرير مصيرهم بأنفسهم و هذا لا يمكن الوصول إليه إلا أن يكون الإقليم قوياً و مؤهلاً لفرض شروطه على العرب السوريين و الحكومات الإقليمية و الدول الكبرى في العالم.

يجب أن لا يتوقع الكوردستانيون بأن يقوم العرب السوريون أو الدول الإقليمية أو العالمية الكبرى بالإعتراف بحقوقهم عن طيب خاطر لأسباب إنسانية أو أخلاقية، بل أن كل طرف سيحاول الإستحواذ على أكبر نسبة ممكنة من المكاسب و المنافع و بذلك يتم تقسيم الثروة و السلطة بين المتنافسين، تبعاً لمقدار القوة التي يتمتع بها كل طرف. المسائل القانونية و الإنسانية و الأخلاقية ليس لها دور في الإستحواذ على المغانم. هكذا كلما يكون الإقليم قوياً، كلما تكون القوى المؤثرة على التطورات الجارية مضطرة للإعتراف بحق تقرير المصير للكوردستانيين. فيما لو لم يقُم الكوردستانيون في الإقليم بتأسيس هيئة قيادية لهم بسرعة و لم ينظموا أنفسهم و يستعدوا لمواجهة نتائج التطورات الجارية، حينذاك لا يفيد العويل و الصراخ و إلقاء تبعية الفشل على عاتق جهات خارجية لأن كل جهة تعمل من أجل تحقيق مصالحها و لا تكترث بمصالح الآخرين و كل جهة مسئولة عن نفسها و عن مدى نجاحها أو فشلها في تحقيق أهدافها و لا يحق لأية جهة فاشلة توجيه اللوم أو الإتهام الى طرف آخر بسبب فشلها. في حالة الفشل، على مواطني الإقليم أن يلوموا فقط أنفسهم و سيلعنهم التأريخ و الأجيال الكوردستانية القادمة.
 
أعلى