إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (17)

G.M.K Team

G.M.K Team
تأمين شروط الإدارة الذاتية (1)

د. مهدي كاكه يي

في ظل الظروف و التطورات التأريخية التي تمر بها كوردستان و المنطقة و العالم و في ظل الفوضى السائدة و صعوبة معرفة خارطة التغييرات النهائية التي سيتم رسمها و تأثيراتها على شعب كوردستان بشكل عام و على مواطني الإقليم الغربي بشكل خاص، يحتاج الكوردستانيون الى الإستعداد الكامل لمواجهة مختلف الإحتمالات التي تقود إليها التطورات الجارية في الإقليم و سوريا و المنطقة بأسرها، بل الإستعداد للتعامل مع أسوء النتائج التي قد تقود إليها هذه التطورات.

من هنا نستدرك بأن الكوردستانيين الغربيين بحاجة الى العمل الموّحد الجاد للتمكن من إيجاد مكانة مرموقة لهم، في خضم تنافس و تصارع القوى و تشابكها التي تجري في ظل ظروف معقدة، لإثبات وجودهم و هويتهم و ليكونوا قوة مؤثرة على الساحة الكوردستانية و السورية و بذلك سيكونون قادرين على فرض شروطهم على الآخرين و إعترافهم بحق الشعب الكوردستاني في تقرير المصير، حيث أن القوة بمختلف عناصرها، هي وحدها التي عن طريقها يستطيع شعب كوردستان فرض إرادتها على الآخرين و تحقيق أهدافه المشروعة.

لو نعود الى التأريخ القديم و الحديث، لَنرى بأن القوة، سواء كانت عسكرية، دبلوماسية، سياسية، إقتصادية، ثقافية، فكرية أو غيرها، هي المنتصرة دوماً و الأقوياء في كل مكان و زمان هم السادة و الضعفاء هم التابعون و الخاضعون.

في خضم الظروف الإقليمية و الدولية المعقدة، فأن قيادة الحركة التحررية الكوردستانية في إقليم غرب كوردستان، بحاجة كبيرة الى الكثير من الحكمة و الحنكة و الجرأة و الإخلاص و نكران الذات و العقلية العصرية المنفتحة، لتأمين الوصول الى الأهداف المحددة، حيث ينتظرها الكثير من المهام و الأعمال الصعبة التي تحتاج الى قرارات صائبة و شجاعة.

أهم شروط الإدارة الذاتية التي ينبغي توفرها للإقليم

1. إيجاد مرجعية سياسية جامعة: إن توحيد القوى الكوردستانية ضرورة ملحّة لتنظيم البيت الكوردستاني لوضع برنامج عمل يهدف الى تحقيق أهداف مواطني الإقليم. لو نظرنا الى الساحة الكوردستانية في الإقليم، لَنتأكد من تشتت القوى الكوردستانية في الإقليم و هامشية و ضعف قسم كبير من التنظيمات السياسية فيه التي يكاد يكون تأثيرها معدوماً في الساحة الكوردستانية و السورية و الإقليمية و العالمية و في المحافل الدولية. كما أن معظم الأحزاب السياسية هي أحزاب كلاسيكية هرِمة، عاجزة عن إستيعاب مستجدات العصر و تجهل علم السياسة المعاصر. كما أن إختلافات و خلافات الكثير من هذه الأحزاب هي شخصية و فئوية بحتة يتم تغليبها على المصلحة الوطنية لشعب كوردستان.

لذلك فأن مواطني الإقليم بحاجة الى الدعوة الى مؤتمر عام تتم دعوة كافة التنظيمات السياسية و الشبابية و النسائية و منظمات المجتمع المدني و الشخصيات الوطنية إليه. ينبغي أن يؤخذ بنظر الإعتبار تمثيل مختلف التنظيمات السياسية و الشبابية الثورية و النسوية و تنسيقيات الشباب و الأكاديميين والمثقفين والكُتاب والصحفيين في داخل الإقليم و خارجه و كذلك منظمات المجتمع المدني و ممثلي القوميات غير الكوردية و الديانات غير الإسلامية و المذاهب الدينية المختلفة، ليحتضن المؤتمر كل شرائح المجتمع الكوردستاني في الإقليم و يكون تركيبه متوازناً من حيث التمثيل الحزبي و السياسي و القومي و الديني و الطائفي و الجنسي الذي يتم من خلاله إلتحام المواطنين الكوردستانيين في الإقليم مع البعض و ترتيب البيت الكوردستاني و بذلك يكون مواطنو الإقليم مؤهلين للتفاعل و التواصل مع التطورات السورية و الإقليمية و العالمية و يكونون قادرين على تحقيق أهدافهم في الحرية و العدالة الإجتماعية بإستغلال هذه الفرصة التأريخية المتاحة أمام شعب كوردستان من خلال التطورات الكبرى المتسارعة التي تمر بها كوردستان و سوريا و دول المنطقة، بل العالم بأسره.

من خلال هذا المؤتمر، يتم إنبثاق قيادة متوازنة و كفوءة لقيادة الكوردستانيين في خضم الأحداث المتسارعة و في ظل المعادلات السياسية المتشابكة الى حيث الحرية و الكرامة.

أرى أنه من الضروري جداً إفساح المجال للشباب لتحمّل الجزء الأكبر من مسئولية القيادة، حيث أنهم يزخرون بالحيوية و النشاط و يحملون عقلية عصرية، قادرة على مواكبة التطورات العالمية التي تفرض نفسها و التفاعل معها، مع حصولهم على الدعم و المشورة من الجيل القديم الذي له تجارب غنية و ممارسات و خبرات طويلة خلال عملهم السياسي و الحياتي. كما أرى أنه يجب أن يتم التركيز على مواطني الداخل في تحمّل مسئولية القيادة لتواجدهم في الساحة و دورهم المؤثر في الثورة و الإنتفاضات و في صنع الأحداث. أقترح أن يتم عقد هذا المؤتمر المقترح في بلد أوروبي، ليكون بعيداً عن الضغوط الإقليمية.
 
أعلى