إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (27)

G.M.K Team

G.M.K Team
مقومات تحرر شعب كوردستان (2)

د. مهدي كاكه يي

في الحلقة السابقة، كمقومات تحرر كوردستان، تم ذكر قوة الكوردستانيين وإعتمادهم على أنفسهم و رفعهم لشعار إستقلال كوردستان وتأسيسهم لنظام ديمقراطي و في هذه الحلقة يتم الإستمرار في سرد عدد آخر من هذه المقومات.


5. المرجعية السياسية الكوردستانية الموحدة: إن إفتقار الكوردستانيين لمرجعية سياسية موحدة، تحدد أهداف شعب كوردستان و تخطط و ترسم إستراتيجيته و تحدد وسائل و أساليب نضاله، يُعتبر أحد الأسباب الرئيسة لفشل شعب كوردستان في التمتع بحق تقرير المصير و إستقلال بلاده. لو نعود الى التأريخ الكوردستاني، نرى بأن سكان كل إقليم أو منطقة معينة قاموا بالنضال المسلح بشكل منفرد، بينما محتلو كوردستان قاموا بالتنسيق و التعاون فيما بينهم لقمع شعب كوردستان و الإبقاء على إحتلالهم الإستيطاني لكوردستان رغم الخلافات السياسية و الطائفية و التأريخية بينهم و رغم تنافر مصالحهم. يجب على الكوردستانيين أن ينتهزوا الظروف الراهنة التي يمر بها العالم و الدول الإقليمية في المنطقة لتأسيس قيادة مشتركة تجمع كافة أجزاء كوردستان لقيادة النضال التحرري الكوردستاني الى حيث الإستقلال و الحرية. مواطنو إقليم غرب كوردستان بدورهم مدعوون الى تأسيس إئتلاف وطني يضم الأحزاب السياسية الكوردستانية و منظمات المجتمع المدني و ممثلي كافة القوميات و الطوائف التي يتألف منها الكوردستانيون في الإقليم الغربي و الشخصيات الوطنية و ممثلو مختلف الطبقات و الشرائح في الإقليم.

الإتفاق المبرم بين مجلس شعب غرب كوردستان و المجلس الوطني الكوردستاني الذي حصل، هو خطوة تأريخية لتوحيد القوى السياسية في غرب كوردستان و نأمل أن يتم تفعيل هذا الإتفاق الوطني الإستراتيجي لوضع مصلحة شعب كوردستان فوق المصالح الحزبية و يكون نواةً لمرجعية كوردستانية شاملة تضم كل القوى و الأطراف و الشخصيات الوطنية في الإقليم. ينبغي على القوى السياسية في هذا الجزء من كوردستان أن يعرف بأن مصير كل الأحزاب و التنظيمات الكوردستانية مرتبط مع البعض و أن سياسة مُغتصبي كوردستان هي تشتيت القوى الكوردستانية و خلق حرب بينها لضمان إستمرار إستعباد الشعب الكوردستاني و أن أي إنتكاسة أو فشل لأي تنظيم سياسي في الإقليم ستكون إنتكاسة و فشلاً لجميع مواطني الإقليم بشكل خاص و لشعب كوردستان بأكمله بشكل عام و تعمل على ضياع الفرصة النادرة السانحة أمام شعب كوردستان لكسر قيود الذل و العبودية و إشراقة شمس الحرية في سماء كوردستان. ينبغي أن تتحول الثورة في غرب كوردستان من ثورة الأحزاب و ثورة الكورد الى ثورة الشعب الكوردستاني بمختلف قومياته و طوائفه. لِيتّم رفع العلَم الكوردستاني و رفع لافتات تُعبّر عن طموحات شعب كوردستان و ترديد الشعارات التي تجسّد أهدافه و الإبتعاد عن الشعارات الحزبية.

6. خلق شعب كوردستاني متجانس: التنظيمات الكوردستانية لم تعمل على توحيد المكونات الكوردستانية القومية و الدينية و الطائفية لخلق ثقافة و أهداف و مصالح مشتركة بينها. تحتاج القوى السياسية الكوردستانية في غرب كوردستان، بل في كافة أجزاء كوردستان الى إحتضان كافة القوميات و الأديان و الطوائف الكوردستانية، ليلتحم التركماني و الكلداني و السرياني و الآشوري و العربي و الكوردي و المسلم و المسيحي و الإيزيدي و الشبكي و الكاكائي و الدروزي و العلوي و السُنّي و الشيعي و الإسماعيلي مع البعض و لتحتضن كوردستان بناتها و أبناءها و تُحقّق المساواة و العدالة بينهم، بغضّ النظر عن القومية و الدين و الطائفة و الجنس. إن هذا الأمر مهم جداً لتوحيد الكوردستانيين و ربطهم بأرض كوردستان و ذودهم عنها. من هذا المنطلق أرى أنه يتحتم على الأحزاب السياسية في الإقليم أن تمثل كافة سكان الإقليم بمختلف قومياته و طوائفه و أن تكون أحزاباً كوردستانية، بدلاً من أحزاب كوردية و هذا يتطلب تغيير أسماء الأحزاب من "الكوردية" الى "الكوردستانية" و فسح المجال أمام القوميات غير الكوردية في الإقليم و تشجيعها على الإنضمام الى الأحزاب الكوردستانية و أن تلعب دوراً أساسياً في النضال الكوردستاني.

بناء مؤسسة إعلامية مهنية: تعاظمَ دور الإعلام في السنين الأخيرة بعد ظهور العولمة و نشوء الثورة المعلوماتية و الإتصالاتية الكبرى، حيث بدأ الإنترنت و الفضائيات و الموبايل بإزالة الحدود الدولية و تعاشر الإنسان في بيته و عمله و في أسفاره و أماكن قضاء أوقاته. نظراً لهذا الدور الهام للإعلام في العصر الراهن، فأن النضال الكوردستاني في الإقليم الغربي بحاجة الى تأسيس مؤسسة إعلامية متكاملة، تشرف عليها و تديرها نخبة من الإعلاميين المهنيين الكفوئين، بعيداً عن الإعتبارات الشخصية و الحزبية. يمكن أن تتضمن هذه المؤسسة قناةً تلفزيونية فضائية و بثاً إذاعياً و مواقعاً إلكترونية و صحف و مجلات ورقية و لجنة تنظيم التوعية و المحاضرات المتعلقة بشعب كوردستان.

7. وسائل و أساليب النضال: لو نتصفح تأريخ النضال التحرري الكوردستاني، نرى أنه تم إستخدام أساليب و وسائل سياسية و إعلامية و ثقافية و عسكرية لا ترقى الى الشروط التي يتطلبها تحرر الكوردستانيين و إستقلال بلادهم و إلا فأن كوردستان كانت اليوم دولة مستقلة. في مجال النضال المسلح، إتبعت القيادات الكوردستانية أسلوب حرب عصابات كلاسيكية متخلفة، حيث إلتجأت الى الجبال و جعلت من كوردستان ساحة للقتال و الدمار و الخراب، تتعرض للتعريب و التتريك و التفريس، بينما تركت مدن و قصبات و قرى الدول المحتلة لكوردستان تعيش في أمان و سلام. لذلك ينبغي إتباع إستراتيجية صائبة في النضال الوطني في إقليم غرب كوردستان، تستند على العمل الجماهيري من خلال ترسيخ الفكر الوطني الكوردستاني و تنظيم الجماهير و توعيتها. في حالة الإضطرار الى حمل السلاح للدفاع عن النفس و عن الأهداف الكوردستانية، يجب نقل الحرب الى المدن السورية، مثل دمشق و حلب و غيرهما التي تسكن فيها أعداد كبيرة من الكوردستانيين و إتباع حرب المدن بالإضافة الى حرب العصابات.
 
أعلى