الثورات و الإنتفاضات الكوردستانية في إقليم شمال كوردستان (2)

G.M.K Team

G.M.K Team
الثورات و الإنتفاضات الكوردستانية في إقليم شمال كوردستان (2)

ثورة 1925 (القسم الأول)

د. مهدي كاكه يي

قامت جمعية إستقلال كوردستان بالتخطيط و التحضير لهذه الثورة، التي تشغل مكانة هامة في تأريخ الحركة الكوردستانية التحررية. كان العقيد خالد جبري بك زعيماً لهذه الجمعية الذي بدأ بالإتصال برؤساء العشائر الكوردستانية و رجال الدين و المثقفين و غيرهم، للحصول على التأييد و الدعم للقضية الكوردستانية و دعوتهم للإنخراط في صفوف جمعية إستقلال كوردستان. نجح العقيد خالد في تقريب حاج موسى، رئيس عشيرة موتكا و خالد حسنان بك، رئيس عشيرة حسنان، من قيادة جمعية إستقلال كوردستان. كما إستطاعت قيادة الجمعية تأسيس خلايا تنظيمية داخل الجيش التركي و نجحت في كسب ولاء بعض الضباط، الذين كان من ضمنهم ضباط من إقليم جنوب كوردستان.

نظراً للمكانة الإجتماعية المرموقة للشيخ سعيد پیران و ثرائه، قررت قيادة الجمعية الإتصال به و دعوته للعمل معهم، حيث سافر العضو القيادي للجمعية، يوسف ضيا الى مدينة (خينس) في نهاية صيف 1923 و إلتقى هناك بالشيخ سعيد و إتفقا على التعاون و التنسيق من أجل تنظيم القوى الكوردستانية و توحيدها لتكون مؤهلة و قادرة على القيام بثورة شعبية في كوردستان، بعد أن أدرك الشعب الكوردستاني زيف إدعاءات كمال أتاتورك بتأسيس دولة يكون فيها الأتراك و الكورد شركاء فيها و بعد أن رأى القادة الكورد أنّ الدولة الجديدة، التي ظهرت على أنقاض الإمبراطورية العثمانية، هي دولة خاصة بالأتراك و تعتبر كل الشعوب و القوميات و الأقليات التي تعيش فيها هي جزء من الشعب التركي و وضع النظام التركي خيارَين إثنين أمام الشعوب والقوميات غير التركية، و هما الذوبان و الإنصهار في العنصر التركي أو الموت و الفناء.

لتوفير متطلبات القيام بثورة كوردستانية ضد العنصرية الطورانية، قررت جمعية إستقلال كوردستان تسليح العشائر الكوردستانية و ذلك بمساعدة كلّ من ملك جنوب كوردستان، الشيخ محمود الحفيد و إسماعيل آغا (سمكو) في شرق كوردستان. قامت جمعية إستقلال كوردستان بإرسال مذكرة الى عصبة الأمم، تطالبها فيها تقديم المساعدة للشعب الكوردستاني. في عام 1924، ساهم زعماء كورد من جميع أنحاء كوردستان، في التخطيط للقيام بهذه الثورة و حددوا موعد إعلانها و البدء بها في رأس السنة الكوردية، في عيد نوروز من عام 1925.

أثارت التحضيرات الكوردستانية السرّية للقيام بالثورة ضد حكومة أتاتورك، إنتباه السلطات التركية، كما أنّ بعض زعماء عشيرة (خورميك) الكوردية قاموا بإبلاغ السلطات التركية عن تلك التحضيرات. نتيجة ذلك قامت الحكومة التركية بإعتقال كل من رئيس جمعية إستقلال كوردستان، خالد جبري بك و القيادي في الجمعية، يوسف ضيا واللذين تمّ إعدامهما في شهر آذار من عام 1925. كما تمّ إلقاء القبض على حاجي موسى. بعد إعتقال القياديين المذكورَين للجمعية، تمّ إنتخاب الشيخ سعيد پیران رئيساً لجمعية إستقلال كوردستان. ولِد الشيخ سعيد پیران في ناحية بالو في عام 1865 و أتمّ دراساته الدينية في مدينة خينس، حيث أصبح شيخاً للطريقة النقشبندية.

وقوع حادثتين في كوردستان، دفعتا قيادة جمعية إستقلال كوردستان الى التبكير بإعلان الثورة، حيث حصل صِدام مسلّح بين أهالي قرية پیران و قوة تركية كانت تحاول إلقاء القبض على عدد من سكان القرية، فتمّ قتل أعداد من أفراد القوة العسكرية التركية المذكورة و أسر الباقين منهم. الحادثة الثانية التي أرغمت الثوار على بدء ثورتهم قبل أوانها، هي قيام الشيخ طاهر پیران (أخو الشيخ سعيد) في العاشر من شباط من عام 1925، بالإستيلاء على دائرة البريد في مدينة (لجي) و أخذ محتوياتها من أموال و وثائق.

هكذا إندلعت الثورة في الرابع عشر من شباط بدلاً من الحادي و العشرين من آذار الذي كان مقرراً. قام الشيخ سعيد مع قوة مؤلفة من عشرة آلاف ثائر بتحرير مدينة (غنج) و أسر المحافظ و الموظفين الأتراك و تعيين رئيس عشيرة مودان، فقي حسنان، محافظاً جديداً لها و تمّ إختيار مدينة (غنج) عاصمة مؤقتة لكوردستان. لقد تمّ نقل جميع السلطات الدينية و السياسية الى الشيخ سعيد. خلال فترة قصيرة، إستطاع الثوار أن يحرروا أربع ولايات كوردستانية، حيث إنضم الكثير من المواطنين الكوردستانيين من الجركس و العرب و الأرمن الى صفوف الثوار الكورد. كان شعار الثورة هو تحريرالدين الإسلامي من حكام أنقرة الملحدين، إلا أنّ هدف الثورة الحقيقي كان تحرير كوردستان و تأسيس دولة كوردستانية مستقلة، حيث كان الثوار قد إتفقوا على إعلان ولادة دولة كوردستان بعد أن يقوموا بتحرير مدينة آمد (دياربكر)، إلا أنهم لم يفلحوا في تحرير المدينة من الإحتلال التركي. في الحلقة القادمة نواصل متابعة أحداث هذه الثورة.
 
أعلى