الثورات و الإنتفاضات الكوردستانية في إقليم شمال كوردستان (1-8)

G.M.K Team

G.M.K Team
رد: الثورات و الإنتفاضات الكوردستانية في إقليم شمال كوردستان (8)

الثورات و الإنتفاضات الكوردستانية في إقليم شمال كوردستان (2)

ثورة 1925 (القسم الأول)

د. مهدي كاكه يي

قامت جمعية إستقلال كوردستان بالتخطيط و التحضير لهذه الثورة، التي تشغل مكانة هامة في تأريخ الحركة الكوردستانية التحررية. كان العقيد خالد جبري بك زعيماً لهذه الجمعية الذي بدأ بالإتصال برؤساء العشائر الكوردستانية و رجال الدين و المثقفين و غيرهم، للحصول على التأييد و الدعم للقضية الكوردستانية و دعوتهم للإنخراط في صفوف جمعية إستقلال كوردستان. نجح العقيد خالد في تقريب حاج موسى، رئيس عشيرة موتكا و خالد حسنان بك، رئيس عشيرة حسنان، من قيادة جمعية إستقلال كوردستان. كما إستطاعت قيادة الجمعية تأسيس خلايا تنظيمية داخل الجيش التركي و نجحت في كسب ولاء بعض الضباط، الذين كان من ضمنهم ضباط من إقليم جنوب كوردستان.

نظراً للمكانة الإجتماعية المرموقة للشيخ سعيد پیران و ثرائه، قررت قيادة الجمعية الإتصال به و دعوته للعمل معهم، حيث سافر العضو القيادي للجمعية، يوسف ضيا الى مدينة (خينس) في نهاية صيف 1923 و إلتقى هناك بالشيخ سعيد و إتفقا على التعاون و التنسيق من أجل تنظيم القوى الكوردستانية و توحيدها لتكون مؤهلة و قادرة على القيام بثورة شعبية في كوردستان، بعد أن أدرك الشعب الكوردستاني زيف إدعاءات كمال أتاتورك بتأسيس دولة يكون فيها الأتراك و الكورد شركاء فيها و بعد أن رأى القادة الكورد أنّ الدولة الجديدة، التي ظهرت على أنقاض الإمبراطورية العثمانية، هي دولة خاصة بالأتراك و تعتبر كل الشعوب و القوميات و الأقليات التي تعيش فيها هي جزء من الشعب التركي و وضع النظام التركي خيارَين إثنين أمام الشعوب والقوميات غير التركية، و هما الذوبان و الإنصهار في العنصر التركي أو الموت و الفناء.

لتوفير متطلبات القيام بثورة كوردستانية ضد العنصرية الطورانية، قررت جمعية إستقلال كوردستان تسليح العشائر الكوردستانية و ذلك بمساعدة كلّ من ملك جنوب كوردستان، الشيخ محمود الحفيد و إسماعيل آغا (سمكو) في شرق كوردستان. قامت جمعية إستقلال كوردستان بإرسال مذكرة الى عصبة الأمم، تطالبها فيها تقديم المساعدة للشعب الكوردستاني. في عام 1924، ساهم زعماء كورد من جميع أنحاء كوردستان، في التخطيط للقيام بهذه الثورة و حددوا موعد إعلانها و البدء بها في رأس السنة الكوردية، في عيد نوروز من عام 1925.

أثارت التحضيرات الكوردستانية السرّية للقيام بالثورة ضد حكومة أتاتورك، إنتباه السلطات التركية، كما أنّ بعض زعماء عشيرة (خورميك) الكوردية قاموا بإبلاغ السلطات التركية عن تلك التحضيرات. نتيجة ذلك قامت الحكومة التركية بإعتقال كل من رئيس جمعية إستقلال كوردستان، خالد جبري بك و القيادي في الجمعية، يوسف ضيا واللذين تمّ إعدامهما في شهر آذار من عام 1925. كما تمّ إلقاء القبض على حاجي موسى. بعد إعتقال القياديين المذكورَين للجمعية، تمّ إنتخاب الشيخ سعيد پیران رئيساً لجمعية إستقلال كوردستان. ولِد الشيخ سعيد پیران في ناحية بالو في عام 1865 و أتمّ دراساته الدينية في مدينة خينس، حيث أصبح شيخاً للطريقة النقشبندية.

وقوع حادثتين في كوردستان، دفعتا قيادة جمعية إستقلال كوردستان الى التبكير بإعلان الثورة، حيث حصل صِدام مسلّح بين أهالي قرية پیران و قوة تركية كانت تحاول إلقاء القبض على عدد من سكان القرية، فتمّ قتل أعداد من أفراد القوة العسكرية التركية المذكورة و أسر الباقين منهم. الحادثة الثانية التي أرغمت الثوار على بدء ثورتهم قبل أوانها، هي قيام الشيخ طاهر پیران (أخو الشيخ سعيد) في العاشر من شباط من عام 1925، بالإستيلاء على دائرة البريد في مدينة (لجي) و أخذ محتوياتها من أموال و وثائق.

هكذا إندلعت الثورة في الرابع عشر من شباط بدلاً من الحادي و العشرين من آذار الذي كان مقرراً. قام الشيخ سعيد مع قوة مؤلفة من عشرة آلاف ثائر بتحرير مدينة (غنج) و أسر المحافظ و الموظفين الأتراك و تعيين رئيس عشيرة مودان، فقي حسنان، محافظاً جديداً لها و تمّ إختيار مدينة (غنج) عاصمة مؤقتة لكوردستان. لقد تمّ نقل جميع السلطات الدينية و السياسية الى الشيخ سعيد. خلال فترة قصيرة، إستطاع الثوار أن يحرروا أربع ولايات كوردستانية، حيث إنضم الكثير من المواطنين الكوردستانيين من الجركس و العرب و الأرمن الى صفوف الثوار الكورد. كان شعار الثورة هو تحريرالدين الإسلامي من حكام أنقرة الملحدين، إلا أنّ هدف الثورة الحقيقي كان تحرير كوردستان و تأسيس دولة كوردستانية مستقلة، حيث كان الثوار قد إتفقوا على إعلان ولادة دولة كوردستان بعد أن يقوموا بتحرير مدينة آمد (دياربكر)، إلا أنهم لم يفلحوا في تحرير المدينة من الإحتلال التركي. في الحلقة القادمة نواصل متابعة أحداث هذه الثورة.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
رد: الثورات و الإنتفاضات الكوردستانية في إقليم شمال كوردستان (8)

الثورات و الإنتفاضات الكوردستانية في إقليم شمال كوردستان (1)

إنتفاضة 1919

د. مهدي كاكه يي

في هذا المقال، يتم الحديث عن إنتفاضة 1919 التي قام بها الشعب الكوردستاني في الإقليم الكوردستاني الشمالي الحالي، ضد محاولات الحكومة التركية الهادفة لتتريكه و تجهيله و تجويعه و نهب ثروات بلاده الغنية، منذ تأسيس الكيان التركي على أنقاض الإمبراطورية العثمانية. إنّ هذه السلسلة من المقالات، ليست مكرّسة لسرد التأريخ الكوردستاني بكل تفاصيله، و إنما لإلقاء الضوء على جانب منه و بشكل مختصر، بالإضافة الى أنّ هذه المقالات تهدف الى تحليل الظروف التي يمر بها كل من (تركيا) و كوردستان و مستقبلهما على ضوء الظروف الذاتية و الموضوعية، في محاولة للعمل على رسم ملامح مصير الشعبين الكوردستاني و التركي على المدى المنظور و البعيد و رسم خريطة لبرنامج عمل لقيادة الشعب الكوردستاني الى الحرية و الإستقلال على ضوء التحاليل و الدراسات المتعلقة بهذه الظروف و ذلك بطرح بعض الإستنتاجات و التوصيات التي ترمي الى تحقيق أهداف الشعب الكوردستاني.

كانت من أهم أسباب هذه الإنتفاضة هو بدء أتاتورك بملاحقة القيادات الكوردستانية في إستانبول و التي كانت تهدف الى القضاء على قيادة الحركة الكوردستانية التحررية و بسبب التشجيع الذي لقيه شعب كوردستان من الحكومة البريطانية التي كانت ساخطة على الحركة الكمالية، حيث كان البريطانيون لا يهدفون الى مساعدة الشعب الكوردستاني في تحرير وطنه، و إنما كانوا يسعون في ذلك الى إضعاف الأتراك. هذه الحقيقة يؤكدها مضمون التقرير الذي بعثه الوكيل الإنگليزي الى وزارة الخارجية البريطانية الذي جاء فيه (... تحدثتُ مع عبد القادر و بعض من أمثاله. عرضتُ عليه السفر الى كوردستان و إستخدام نفوذه هناك. لأجل التأثير عليهم، كنتُ مضطراً الى التكرار لما لا يقل عن خمس مرات، بأننا نحاول خداع الأتراك. و مع هذا لا يجوز الثقة بالكورد كثيراً. إنّ هدف حكومة جلالته هو إضعاف الأتراك بقدر ما يمكن. إستنهاض الكورد لهذه الفعاليات خطة غير سيئة) (لمزيد من المعلومات حول هذه الإنتفاضة، راجع كتاب "كردستان تركيا بين الحربين" لمؤلفه البروفيسور م. أ. هسرتيان، ترجمة الدكتور سعد الدين ملاّ و باڤي نازي، الطبعة الأولى، رابطة كاوه للثقافة الكردية، السويد، 1987، صفحة 13 - 30).

ساهم في التحضير لهذه الإنتفاضة بعض أعضاء جمعية إنبعاث كوردستان، من أمثال ممثلو عائلة بدرخان، كاميران علي بك و جلادت بك بالإضافة الى جميل پاشازادة و أكرم بك (من مدينة آمد "ديار بكر") و علي غالب بك، والي خربوت (العزيز) و ممثلو العديد من العشائر الكوردية و كذلك الرائد الإنگليزي نوئل.

أصبح متصرف ملاتيا السيد خليل رحيم بك بدرخان، حاكماً لكوردستان. خلال إنعقاد مؤتمر زعماء الكورد الذي تمّ في بلدة "شيرو" التي تبعد عن مدينة "ملاتيا" بحوالي 20 كيلومتر، قام حاكم كوردستان، خليل رحيم بك بدرخان بتلاوة مبادئ كوردستان المستقلة التي تضمنت تحرير كوردستان من الإحتلال التركي و تأمين سعادة شعب كوردستان عن طريق تطويره إقتصادياً و إجتماعياً و روحياً و دعت الى تشكيل مجلس تشريعي كوردستاني و التدريس باللغة الكوردية في المدارس. علِم كمال أتاتورك بتحركات الزعماء الكوردستانيين و تحضيراتهم للقيام بإنتفاضة شعبية لتحقيق إستقلال كوردستان، فأمر القوات التركية التي أرسلها الى مدينة (ملاتيا) لهذا الغرض، بإلقاء القبض على القيادات الكوردية التي تجمعت في المدينة للبدء بإعلان الثورة. أخبر الزعماء الكورد العقيد بيل، مندوب الخدمات المخابراتية البريطانية في مدينة حلب، عن إستعدادهم لإعلان ثورتهم ضد القوات التركية، إلا أنّ العقيد بيل نجح في إقناع الزعماء الكورد بالتخلي عن القيام بالثورة التي خططوا لها.

من جهة أخرى، من أجل إجهاض الثورة التي كان الكوردستانيون يستعدون للقيام بها، إلتقى أتاتورك بِزعماء كورد، ممثلين لمحافظة درسيم و نجح في إقناعهم بعدم المشاركة في مساندة الثوار الكوردستانيين المتجمعين في محافظة (ملاتيا). هكذا إستطاع الكماليون عزل الثوار الكوردستانيين و منعهم من الحصول على مساعدة العشائر الكوردية المجاورة لِمدينة (ملاتيا) و بذلك أخفقت الإنتفاضة الكوردستانية المعادية للكماليين، حيث هرب علي غالب الى حلب و تمّ إبعاد الرائد البريطاني نوئيل من المنطقة و بذلك أصبحت الثورة تفتقد الى القيادة و الدعم الإنگليزي. هكذا تشتت شمل الثوار و فشلوا في إعلان ثورتهم.
 
أعلى