إيجاد لغة كوردية موحدة (10)

G.M.K Team

G.M.K Team
إيجاد لغة كوردية موحدة (10)

د. مهدي كاكه يي

إن السير في المسار الذي تسلكه الأنظمة الشمولية و الدكتاتورية بسيادة رأي القيادات السياسية في مختلف مناحي الحياة و عدم فسح المجال أمام المختصين الذين هم المؤهلين الوحيدين لإداء المهام التي تقع ضمن إختصاصهم، كلّ في إختصاصه، سيسبب كارثة كبرى لشعب كوردستان و يقود هذا الشعب نحو الفشل. في نفس الوقت فأن السير بخطى الأنظمة المتخلفة في المنطقة بتسييس العلم و المعرفة و تدخّل الحكام والتنظيمات السياسية في شئونهما، سيقود الى مزيد من التخلف و الفشل و لنأخذ الدروس من الحكومات الشمولية في منطقتنا التي قادت و تقود شعوبها نحو الكوارث و المآسي و الجهل و التخلف و التي من أحد أسبابها الرئيسة هو إتخاذ القرارات في كافة المجالات لإدارة الدولة من قِبل أناس يجهلون تلك المجالات و لا يفسحون المجال لِأصحاب الإختصاص من علماء و باحثين لدراسة تلك القضايا و التوصل الى نتائج علمية في دراساتهم و إيجاد حلول صائبة لها.

يزج البعض و خاصة الإسلاميون الكورد، الدين الإسلامي و السياسة في تحديد لغة كوردية موحدة، في محاولة لفرض اللهجة الكرمانجية الجنوبية و الأبجدية العربية كلغة مشتركة. إنه يبدو واضحاً أنّ الإسلاميين الكورد يحاولون إستغلال الرموز الكوردية و الدين الإسلامي لفرض الأبجدية العربية على الشعب الكوردي و فرض الثقافة العربية عليه و ربط الكورد بالعرب ليعيشوا مثلهم في عصور القرون الوسطى، في تخلف و جهل و عزلة عن التقدم الإنساني و العجز عن المساهمة في بناء الحضارة الإنسانية، بل العمل على تخريب الحضارة الإنسانية، دون القيام بأية دراسة علمية للمقارنة بين مدى ملاءمة كل من الأبجدية العربية و اللاتينية للنطق الكوردي و دون مراعاة المصلحة الوطنية الكوردستانية.

إن المرء حر في إبداء آرائه و ملاحظاته و رؤاه حول أي موضوع مطروح للبحث و المناقشة أو في طرح أفكاره و مبادراته و مناقشتها، إلا أنه لا يحق له أن يقحم أسماء قيادات و رموز كوردية سياسية في محاولة للتأثير على تقرير مصير قضية مصيرية مثل اللغة الكوردية الموحدة، لفرض آرائه و رغباته الذاتية و الآيديولوجية على الشعب الكوردي و خاصة في موضوع هام جداً كإختيار لغة كوردية مشتركة، حيث أن اللغويين المختصين هم وحدهم المؤهلون لتحديدها، بعد دراسة علمية شاملة و عميقة، و إلا فأن تدخّل الدين و السياسة في إيجاد لغة كوردية موحدة سينتج عنه الفشل و التخلف و يقودنا الى الكوارث و المآسي.

هناك أشخاص و جهات كوردية تريد الإبقاء على المفردات العربية في اللغة الكوردية لدوافع دينية بالرغم من وجود مفردات كوردية أصيلة بديلة لها. على سبيل المثال، لا الحصر، كلمات مثل، حيوان الذي تقابله بالكوردية كلمة (ئاژەڵ = Ajeł) و كلمة (حبيبة) تقابلها (دڵدار Diłdar ، يار YAR ، خۆشەویست XOŞEWÎST) و كلمة (غاردان) التي مرادفها بالكوردية هو (ڕاكردن = Ŕakirdin) و هكذا بالنسبة لبقية المفردات العربية الداخلة في اللغة الكوردية و التي يعتبرها هؤلاء كلمات مستكردة.

من المفيد الإشارة أيضاً الى أنّ دخول مفردات عربية الى اللغة الكوردية يتم من خلال قناتين إثنتين؛ هما عن طريق الإحتلال العربي المباشر لأجزاء من كوردستان و عن طريق الدين الإسلامي، لكون أكثرية الكورد مسلمين. في جنوب و غرب كوردستان، يتم هذا الغزو اللغوي نتيجة إحتلال هذين الإقليمَين من قِبل العرب و نتيجة تأثير الدين الإسلامي أيضاً الذي هو الدين الرسمي في كل من سوريا و العراق، بينما في شمال و شرق كوردستان المحتلين من قِبل كل من "تركيا" و إيران على التوالي، تدخل المفردات العربية الى اللغة الكوردية، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق الدين الإسلامي، و في نفس الوقت تتعرض اللغة الكوردية في شمال و شرق كوردستان الى الغزو اللغوي التركي و الفارسي على التوالي. لهذه الأسباب، نلاحظ بوضوح آثار هذه الغزوات اللغوية على اللغة الكورية في كوردستان و أن بصمات تأثيرات اللغات العربية و الفارسية و التركية تنعكس على اللغة الكوردية و يمكن للمرء معرفة الإنتماء الإقليمي لأي مواطن كوردستاني من خلال الكلمات العربية و التركية و الفارسية الداخلة في اللغة الكوردية.
 
أعلى