إيجاد لغة كوردية موحدة (11)

G.M.K Team

G.M.K Team
إيجاد لغة كوردية موحدة (11)
د. مهدي كاكه يي
إنّ بعضاً من الكُتّاب يقترحون فرض لهجة معينة و جعلها لغة كوردية موحدة و يستشهدون بتجارب الشعوب الأخرى في هذا المجال، في محاولة لهم لإستنساخ تجارب الآخرين، دون أن يأخذوا بنظر الإعتبار الفوارق بين ظروف تلك الشعوب و الظروف التي يعيشها الكورد و الفواصل الزمنية التي تفصل التجربة الكوردية عن التجارب السابقة لشعوب عانت من مشكلة مماثلة و نجحت في خلق لغة موحدة. في مقدمة تلك الإختلافات هي أنّ تلك الشعوب كانت لها كياناتها السياسية و حكوماتها المركزية التي ساعدت على نجاح تجارب تلك الشعوب لتوحيد لغاتها، بينما نرى كوردستان محتلة من قِبل عدة دول و أنّ ثلاث لغات و ثقافات (العربية في جنوب و غرب كوردسان و التركية في شمال كوردستان و الفارسية في شرق كوردستان) مفروضة على الشعب الكوردي و يفتقد الكورد الى كيان سياسي يضع برامج طويلة الأمد لتنفيذ مثل هذا المشروع القومي المصيري. كما أن التأريخ الكوردي يختلف عن سواه و هناك ثروة لغوية كوردية غنية جداً، مهملة و متروكة و معرضة للضياع، و خاصة في اللهجة اللورية التي كانت لهجة كل الحضارات الكوردية، حيث تم بناء تلك الحضارات على سواعد أحفاد الناطقين بهذه اللهجة.
بعض اللغويين الكورد يقارنون إستخدام الأبجدية العربية للكتابة الكوردية مع اللغات اليابانية و الصينية و الكورية، التي لها أبجدياتها الكتابية الخاصة. يذكر هؤلاء بأنه رغم إستخدام أبجديات خاصة بهذه اللغات، فأن ذلك لم يقف عائقاً أمام تقدم و تطور لغات شعوب هذه الدول، بل أصبحت اليابان و الصين و كوريا الجنوبية على سبيل المثال، دولاً متطورة و متقدمة في العالم. نحن لا نستطيع أن نقارن الكتابة الكوردية مع الكتابة اليابانية و الصينية و الكورية الجنوبية لأسباب عديدة. أولاً: الدول الثلاث هي دول مستقلة و أن نفوسها كثيرة و أن هذين العاملًين يخلقان أرضية جيدة لتطوير اللغات المذكورة و أن تتبوأ مواقع متقدمة الى جانب اللغات العالمية المتطورة. ثانياً: إن شعوب بلدانٍ مثل اليابان و الصين و كوريا الجنوبية لا تتعرض لمخاطر الهيمنة الثقافية و اللغوية لشعوب أخرى، بينما الشعب الكوردي، بسبب إحتلال وطنه و تقسيمه و بسبب الدين الإسلامي المنتشر بين مواطنيه، قد فقد قسماً كبيراً من هويته و ثقافته و تراثه و أنه تتم كتابة لغته بثلاث أبجديات مختلفة و أن اللغة العربية قد أثرّت على اللغة الكوردية بشكل كبير و يكاد يكون التفكير الكوردي إستنساخاً للتفكير العربي. بكلام آخر، فأن اللغة و الثقافة الكوردية تواجه تحديات كبيرة بسبب هيمنة اللغة و الثقافة العربية عليهما.
يرى هؤلاء أيضاً بأن الكتابة الكوردية بالحروف العربية قد بدأت منذ فترة طويلة و نُشرت بها كتب و مطبوعات ضخمة و تم تطوير هذه الكتابة و تحسينها خلال تلك الفترة و لذلك يعتقد هؤلاء بأن إختيار الأبجدية اللاتينية لكتابة اللغة الكوردية الموحدة سيؤدي الى ضياع ثروة ثقافية و تراثية كوردية عظيمة، المتمثلة بتلك المنشورة و المطبوعة بالحروف العربية. إذا كانت الأبجدية اللاتينية ملائمة بصورة أفضل للغة الكوردية و تم إختيار الحروف اللاتينية لكتابة اللغة الكوردية الموحدة، عندئذ يمكن إعادة كتابة كافة النتاجات الكوردية المكتوبة بالأبجدية العربية و كتابتها بالأبجدية اللاتينية و أن التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم اليوم سيُسهّل كثيراً من القيام بإنجاز إعادة كتابة المطبوعات الكوردية المكتوبة بالحروف العربية. كما أن الفترة الزمنية التي خلالها تمت الكتابة الكوردية بإستخدام الأبجدية العربية هي قصيرة جداً مقارنةً بالفترة الزمنية التي يتم خلالها إستخدام الأبجدية اللاتينية لكتابة لغة كوردية موحدة، حيث أن الكورد قد يستمرون في إستعمال الحروف اللاتينية في الكتابة الكوردية الموحدة لملايين السنين أو لفترة سرمدية لا تنتهي.
 
أعلى