إقليم غرب كوردستان و الحرب الأهلية السورية

G.M.K Team

G.M.K Team
إقليم غرب كوردستان و الحرب الأهلية السورية (13)

- إيجاد مرجعية سياسية جامِعة -

د. مهدي كاكه يي

في ظل الظروف و التطورات التأريخية التي تمر بها كوردستان و المنطقة و العالم و في ظل الفوضى السائدة و صعوبة معرفة خارطة التغييرات النهائية التي سيتم رسمها و تأثيراتها على شعب كوردستان بشكل عام و على مواطني الإقليم الغربي بشكل خاص، يحتاج الكوردستانيون الى الإستعداد الكامل لمواجهة مختلف الإحتمالات التي تقود إليها التطورات الجارية في الإقليم و سوريا و المنطقة بأسرها، بل الإستعداد للتعامل مع أسوء النتائج التي قد تقود إليها هذه التطورات.

من هنا نستدرك بأن الكوردستانيين الغربيين بحاجة الى العمل الموّحد الجاد للتمكن من إيجاد مكانة مرموقة لهم، في خضم تنافس و تصارع القوى و تشابكها التي تجري في ظل ظروف معقدة، لإثبات وجودهم و هويتهم و ليكونوا قوة مؤثرة على الساحة الكوردستانية و السورية و بذلك سيكونون قادرين على فرض شروطهم على الآخرين و إعترافهم بحق الشعب الكوردستاني في تقرير المصير، حيث أن القوة بمختلف عناصرها، هي وحدها التي عن طريقها يستطيع شعب كوردستان فرض إرادتها على الآخرين و تحقيق أهدافه المشروعة. لو نعود الى التأريخ القديم و الحديث، لَنرى بأن القوة، سواء كانت عسكرية، دبلوماسية، سياسية، إقتصادية، ثقافية، فكرية أو غيرها، هي المنتصرة دوماً و الأقوياء في كل مكان و زمان هم السادة و الضعفاء هم التابعون و الخاضعون والخانعون.

قيادة الحركة التحررية لإقليم غرب كوردستان، في خضم الظروف الإقليمية و الدولية المعقدة، هي بدورها بحاجة كبيرة الى الكثير من الحكمة و الحنكة و الجرأة و الإخلاص و نكران الذات و العقلية العصرية المنفتحة لتأمين الوصول الى الأهداف المحددة، حيث تنتظرها الكثير من المهام و الأعمال الصعبة التي تحتاج الى قرارات صائبة و شجاعة.

أهم شروط الإدارة الذاتية التي ينبغي توفرها للإقليم

1. إيجاد مرجعية سياسية جامعة: إن توحيد القوى الكوردستانية ضرورة ملحّة لتنظيم البيت الكوردستاني لوضع برنامج عمل يهدف الى تحقيق أهداف مواطني الإقليم. لو نظرنا الى الساحة الكوردستانية في الإقليم، لَنتأكد من تشتت القوى الكوردستانية في الإقليم و هامشية و ضعف قسم كبير من التنظيمات السياسية فيه، بحيث أنها عاجزة عن التأثير في الساحة الكوردستانية و السورية و الإقليمية و العالمية و في المحافل الدولية، حيث أن معظم الأحزاب السياسية هي أحزاب كلاسيكية هرِمة، عاجزةً عن إستيعاب مستجدات العصر و تجهل علم السياسة المعاصر. كما أن إختلافات و خلافات الكثير من هذه الأحزاب هي شخصية و فئوية بحتة يتم تغليبها على المصلحة الوطنية لشعب كوردستان. لذلك فأن مواطني الإقليم بحاجة الى الدعوة الى مؤتمر عام تتم دعوة كافة التنظيمات السياسية و الشبابية و منظمات المجتمع المدني و الشخصيات الوطنية إليه. ينبغي أن يؤخذ بنظر الإعتبار تمثيل مختلف التنظيمات السياسية و الشبابية الثورية و النسوية و تنسيقيات الشباب و الأكاديميين والمثقفين والكُتاب والصحفيين في داخل الإقليم و خارجه و كذلك منظمات المجتمع المدني و ممثلي القوميات غير الكوردية و الديانات غير الإسلامية و المذاهب الدينية المختلفة ليحتضن المؤتمر كل شرائح المجتمع الكوردستاني في الإقليم و يكون تركيبه متوازناً من حيث التمثيل الحزبي و السياسي و القومي و الديني و الطائفي و الجنسي و العُمري الذي يتم من خلاله إلتحام المواطنين الكوردستانيين في الإقليم مع البعض و ترتيب البيت الكوردستاني و بذلك يكون مواطنو الإقليم مؤهلين للتفاعل و التواصل مع التطورات السورية و الإقليمية و العالمية و يكونون قادرين على تحقيق أهدافهم في الحرية و العدالة الإجتماعية بإستغلال هذه الفرصة التأريخية المتاحة أمام شعب كوردستان من خلال التطورات الكبرى المتسارعة التي تمر بها كوردستان و سوريا و دول المنطقة، بل العالم بأسره. من خلال هذا المؤتمر، يتم إنبثاق قيادة متوازنة و كفوءة لقيادة الكوردستانيين في خضم الأحداث المتسارعة و في ظل المعادلات السياسية المتشابكة الى حيث الحرية و الكرامة. أرى أنه من الضروري جداً إفساح المجال للشباب لتحمّل الجزء الأكبر من مسئولية القيادة، حيث أنهم يزخرون بالحيوية و النشاط و يحملون عقلية عصرية، قادرة على مواكبة التطورات العالمية التي تفرض نفسها و التفاعل معها، مع حصولهم على الدعم و المشورة من الجيل القديم الذي له تجارب غنية و ممارسات و خبرات طويلة خلال عملهم السياسي و الحياتي. كما أرى أنه يجب أن يتم التركيز على مواطني الداخل في تحمّل مسئولية القيادة لتواجدهم في الساحة و دورهم المؤثر في الثورة و الإنتفاضات و في صنع الأحداث. أقترح أن يتم عقد هذا المؤتمر المقترح في بلد أوروبي، ليكون بعيداً عن الضغوط الإقليمية.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
إقليم غرب كوردستان و الحرب الأهلية السورية (14)

تأمين شروط الإدارة الذاتية

د. مهدي كاكه يي

في الحلقة السابقة تم الحديث عن إيجاد مرجعية سياسية جامِعة لإقليم غرب كوردستان كأحد شروط الإدارة الذاتية التي ينبغي إيجادها. في هذه الحلقة نواصل الحديث عن بقية الشروط.

2. وضع أهداف محددة للنضال الكوردستاني: يجب تحديد أهداف النضال الكوردستاني بكل وضوح للعالم أجمع، بدون خوفأو تردد أو"مجاملات" أو شعور بالدونية. ينبغي أن ترفع القيادة الكوردستانية في الإقليم شعار "إستقلال كوردستان" و تناضل من أجل تحقيقه، حيث بعد تبيان نتيجة الحرب الدائرة في سوريا، سيُحدد الكوردستانيون بأنفسهم كيفية ممارستهم لهذا الحق في إستفتاء شعبي حر، يتم تحت إشراف الأمم المتحدة و مراقبة المنظمات العالمية الحرة. إن المواطنين الكوردستانيين في الإقليم هم الطرف الوحيد الذي يحق لهم تحديد ممارستهم لتقرير مصيرهم، لذلك لا يحق لأي جهة، بما فيها القيادة المقترحة، أن تفرض وصايتها على الشعب و أن تنوب عنه و تغتصب إرادته و حقه في الحياة و تقرير المصير.

3. تحديد الخارطة الجغرافية للإقليم: يجب تحديد حدود الإقليم من الآن لمعرفة الجغرافية التي تتحرك فيها الثورة الكوردستانية و تقوم بعملياتها فيها و تتحمل مسئولية حماية سكانها و تقديم الخدمات لهم، أو بالأحرى لمعرفة الحدود الجغرافية لسلطات الثورة و حسم النزاع الآن مع العرب السوريين حول جغرافية إقليم غرب كوردستان. إرتكبت القيادة السياسية لإقليم جنوب كوردستان أخطاء كبيرة فيما يتعلق بتحديد جغرافية إقليم جنوب كوردستان، حيث أن أكثر من نصف مساحة الإقليم المذكور لا تزال غير تابعة رسمياً للإقليم و الصعوبات الكبيرة التي تواجة إستعادة هذه المناطق الكوردستانية و وقوف حكومات إقليمية و دولية كعقبات كبرى أمام عودة هذه المناطق الى الإقليم. لذلك يجب أن تكون هذه الأخطاء الإستراتيجية درساً لمواطني إقليم غرب كوردستان لحسم جغرافية الإقليم دون أي تأخير. إن جغرافية الإقليم واضحة و معلومة عند الإحتكام الى التأريخ و الديموغرافية الأصلية للمنطقة، قبل عمليات التعريب و التهجير العنصرية. يُخبرنا التأريخ بأنّ حدود كوردستان الغربية تمتد الى البحر الأبيض المتوسط وبذلك تكون المنفذ البحري الغربي لكوردستان.

4. الدستور: يحتاج سكان الإقليم الى وضع دستور دائم لإدارة الإقليم و تنظيم حياة المواطنين. منذ الآن ينبغي القيام بكتابة مواد دستور حضاري للإقليم، ليتم الإستفتاء الشعبي عليه .أرى أنه من الأفضل أن يتبنّى الدستور المقترح النظام البرلماني الديمقراطي و التداول السلمي للحكم من خلال صناديق الإقتراع و فصل السلطات القضائية و التشريعية و التنفيذية عن بعضها و إستقلال القضاء و فصل الدين عن السياسة و تحقيق العدالة الإجتماعية و منع تسييس القوات المسلحة. كما أقترح أن يعطي الدستور سلطات رمزية و محدودة لرئيس الإقليم، حيث أن روح التسلط الفردي و الدكتاتورية و التمسك بكرسي الحكم، لا تزال طاغية في المجتمع الكوردستاني.

5. الإنتخابات الرئاسية و التشريعية و البلدية: بعد إستقرار الوضع في الإقليم، ينبغي أن يتم إختيار رئيس الإقليم و أعضاء البرلمان و أعضاء مجالس بلديات المدن و القصبات عن طريق إنتخابات حرة تُجرى في الإقليم تحت إشراف الأمم المتحدة و بمساعدة المنظمات العالمية الحرة. هذا يعني بأن كل الأحزاب و الشخصيات المؤتلفة في الهيئة القيادية في الإقليم يجب أن تؤمن بالنظام الديمقراطي و تحترم إرادة سكان الإقليم في كيفية ممارسة حقهم في تقرير مصيرهم و إختيار رئيس الإقليم و ممثليهم في البرلمان و المجالس البلدية. قبول إرادة السكان من قِبل السياسيين الكوردستانيين سيكون حلاً ناجحاً وحاسماً لخلافات الأحزاب السياسية و إدعاءاتها بتمثيل السكان في إقليم غرب كوردستان، حيث سيختار السكان من خلال ممارسات ديمقراطية رئيسهم و ممثليهم في البرلمان و حكومتهم و أعضاء المجالس البلدية، و التي من خلالها يظهر مدى الشعبية التي يتمتع بها كل حزب و تجمع سياسي و شخصية مستقلة.

6. تحريم التحالف أو التعاون مع الدول المُغتصِبة لكوردستان: إن كافة الدول المُغتصِبة لكوردستان لا تعترف مبدئياً بحقوق شعب كوردستان و لذلك لا يمكن الوثوق بوعود حكوماتها للكوردستانيين، حيث عندما تمر هذه الحكومات بظروف صعبة و سيئة، تلجأ عادةً الى إتباع سياسة الوعود الكاذبة و عقد إتفاقيات مزيفة مع الكوردستانيين، كتكتيك مرحلي لتقوية نفسها و لإجتياز مصاعبها و بعد ذلك تعود من جديد الى سياستها العنصرية و تبدأ بإعلان الحرب على الشعب الكوردستاني. لذلك ينبغي على القوى السياسية الكوردستانية عدم تصديق الوعود المعسولة التي تتبجح بها حكومات الدول المحتلة لكوردستان، بل القيام بترتيب البيت الكوردستاني و الإعتماد على القوة الذاتية لتحقيق أهداف الشعب الكوردستاني. كمثال في هذا الصدد، لنأخذ الحكم البعثي السوري، حيث قام النظام بإقامة الحزام العربي و تعريب كوردستان و تهجير سكانها و الإستيلاء على أراضيها و ممتلكاتها و تعريب أسماء المدن و القصبات و القرى الكوردية و عدم الإعتراف بالشعب الكوردي و منع تداول اللغة الكوردية و تحريم حوالي 300 ألف مواطن كوردي من المواطنة السورية و الإسم الرسمي لسوريا هو "الجمهورية العربية السورية" الذي يفضح عنصرية البعثيين و إعتبارهم الشعب الكوردي عرباً و حتى أن الدستور الجديد للنظام ينص على أن الشعب السوري هو جزء من الأمة العربية أي أنه يعتبر الكورد عرباً و لا يعترف الدستور الجديد بالشعب الكوردستاني و بحقوقه. كما أن إبعاد الزعيم الكوردستاني عبدالله أوجلان من سوريا مثال حيّ آخر على خطورة الإطمئنان لمُغتصِبي كوردستان و التحالف معهم. لذلك يجب أن لا ينخدع أي طرف كوردستاني بوعود النظام السوري ووعود المعارضة السورية و أن يتم أخذ الدروس من تجارب المواطنين الكوردستانيين في الإقليم الجنوبي، حيث إنخدع القادة السياسيون الكوردستانيون بوعود حزب البعث العراقي الذي كان آنذاك في عام 1970، حديث العهد بالحُكم وضعيفاً، يعاني من تنافس وتناحر مراكز القوى الداخلية التي كانت قائمة في قيادة حزب البعث و كان الحزب لم يُرسّخ سيطرته على الوضع في العراق، فإستطاع البعثيون خداع القيادة الكوردستانية من خلال إتفاقية 11 آذار، لترسيخ حكمهم في العراق، على أن يتم تنفيذ بنود الإتفاقية بعد أربع سنوات. هكذا نجحوا في تكتيكهم مع الكوردستانيين و بعد إنقضاء الأربع سنوات، بدأوا بحرب وحشية ضد الشعب الكوردستاني. لذلك من المهم جداً أن تعي كل الأطراف بأن أي إتفاق مع أي دولة محتلة لكوردستان سوف لا يخدم القضية الكوردستانية و أنه إنتحار و في نفس الوقت فأن جميع الأطراف السياسية الكوردستانية ستخسر، بما فيها الأطراف التي تتحالف مع الحكومة البعثية السورية الحالية أو أية دولة أخرى من الدول المحتلة لكوردستان.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
إقليم غرب كوردستان و الحرب الأهلية السورية (15)

تحريم سفك الدماء الكوردستانية و تأسيس مجلس للأمن الوطني الكوردستاني

د. مهدي كاكه يي

في الحلقتَين السابقتَين تمّ الحديث عن قسمٍ من شروط الإدارة الذاتية التي ينبغي توفيرها كعوامل حيوية لتحرير إقليم غرب كوردستان و بناء ركائز إدارته وبُنيانه االتحتية و تقدم ورفاهية سكانه و التي هي إيجاد مرجعية سياسية جامِعة و رفع شعار (إستقلال كوردستان) و تحديد حدود الإقليم و وضع دستور له و إجراء إنتخابات رئاسية و تشريعية و بلدية عند إستقرار الوضع وتوفر ظروف ملائمة لذلك و تحريم التحالف أو التعاون مع الدول المُغتصِبة لكوردستان. في هذه الحلقة تتم مواصلة الحديث عن شرطَين آخرييَن لتحقيق التحرر والإستقلال.

8. تحريم الإقتتال الداخلي: يتم الإتفاق بين كافة الأطراف الكوردستانية في إقليم غرب كوردستان على ميثاق، يُحرم بموجبه سفك الدم الكوردستاني من قِبل طرف أو أطراف كوردستانية مهما كانت الظروف و حل كافة الخلافات و الإختلافات بالوسائل السلمية و الديمقراطية. الحرب الأهلية في كوردستان ستكون كارثة كبرى للشعب الكوردستاني و عملية إنتحار لكافة الأطراف السياسية. يجب أن يكون الإقتتال الداخلي الذي إندلع في إقليم جنوب كوردستان بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الإتحاد الوطني الكوردستاني في العقد التاسع من القرن الماضي درساً لمواطني غرب كوردستان في تجنب مثل هذه الحروب الكارثية التي تكون فقط في صالح الدول المُغتصِبة لكوردستان.

9. تأسيس مجلس للأمن الوطني الكوردستاني: إن سكان الإقليم بحاجة الآن الى تشكيل مجلس إستشاري، يكون أعضاؤه أكاديميين و خبراء في مجالات مختلفة من سياسية و إقتصادية و إجتماعية و ثقافية و عسكرية و بيئية و إعلامية. المجلس سيتألف من هيئات مختلفة، كل هيئة تختص بإحدى المجالات. عمل هذا المجلس سيكون في الوقت الحاضر هو دراسة و متابعة التطورات الحاصلة في المجالات المختلفة المرتبطة بسكان الإقليم و شعب كوردستان و الدول الإقليمية و العالمية لرفع توصيات الى القيادة السياسية المُشكلة للإقليم في مختلف المجالات لمساعدة القيادة السياسية في وضع خططها و برامجها و تحديد آليات نضالها و تحالفاتها و بعد إستقرار الوضع في الإقليم، سيتطور عمل هذا المجلس، حيث تصبح مهمته وضع خطط و برامج و إستراتيجيات السلطة الوطنية الكوردستانية القادمة في الإقليم لخلق أمن وطني لسكان الإقليم و تطوير الإقليم و النهوض به و الحفاظ على مكتسباته. يمكن تسمية المجلس ب"مجلس الأمن الوطني" و الذي مهمته وضع إستراتيجيات الإقليم و تقديم توصيات و مقترحات وخطط و برامج للحكومة الكوردستانية التي ستنبثق بعد استقرار الوضع في الإقليم و سوريا.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
إقليم غرب كوردستان و الحرب الأهلية السورية (16)

- عقد مؤتمر كوردستاني عام و مؤتمر للإقليم -

د. مهدي كاكه يي

إن الخارطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا مقبلة على التغيير نتيجة التطورات العالمية و الثورات و الإنتفاضات التي تشهدها المنطقة. على سبيل المثال، فأن دولاً مثل العراق و سوريا و (تركيا) و إيران و السعودية و مصر و بلدان شمال أفريقيا، مرشحة للتقسيم و إنبثاق عدة دول من كل دولة من هذه الدول. الشئ الأهم بالنسبة لشعب كوردستان هو إنقسام الدول المُغتصِبة لكوردستان الى دول عديدة، حيث أن إيران مرشحة الى أن تنشأ منها على الأقل أربع دول، العراق تنشأ منه ثلاث دول، (تركيا) ستصبح دولتَين و أخيراً تنقسم سوريا الى دولتَين أو ثلاث دول، و هذا يعني أن كل أجزاء كوردستان تتحرر و ستتوفر للكوردستانيين فرصة تأريخية للإتحاد و بناء دولتهم الموحدة.

التطورات الكوردستانية و الإقليمية و الدولية الجارية تتطلب الدعوة الى عقد مؤتمر كوردستاني عام يحتضن ممثلي كافة الأقاليم الكوردستانية و ممثلي الكورد القاطنين خارج كوردستان، لإختيار قيادة سياسية لشعب كوردستان لتنظيم البيت الكوردستاني و وضع الخطط و الإستراتيجيات و آليات و متطلبات العمل، ليصبح شعب كوردستان قادراً على مجاراة الأحداث و التواصل و التفاعل مع التطورات السياسية الجارية، و يُشكّل قوةً مؤثرة في التوازنات و المعادلات و التحالفات السياسية و العسكرية و الإقتصادية. أقترح أن تشارك في المؤتمر المقترح، الى جانب الأحزاب السياسية، منظمات المجتمع المدني و أكاديميون و مثقفون و ممثلو الشباب و المرأة و القوميات غير الكوردية و أصحاب الديانات غير الإسلامية. أرى أن يأخذ الشباب و منظمات المجتمع المدني و الشخصيات الوطنية غير المنتمية الى الأحزاب، دوراً رائداً في القيادة السياسية المقترحة لتكون قيادة شابة مفعمة بالديناميكية و بعيدةً عن الخلافات الشخصية و الحزبية.

عن طريق مثل هذه القيادة الموحدة يمكن التنسيق و التعاون بين الأقاليم الكوردستانية و حضور تواجد كوردستاني متميز في المنطقة كقوة لا يمكن رسم سياسة المنطقة بدونها. أقترح عقد المؤتمر في دولة أوروبية، ليكون بعيداً عن نفوذ و تدخلات الدول المحتلة لكوردستان، خاصة كل من إيران و (تركيا)، فيما لو تم، مثلاً عقد المؤتمر في إقليم جنوب كوردستان. إن عقد مؤتمر عام للكوردستانيين هو حاجة مُلحة و ضرورية جداً و يجب البت فيه بسرعة لأن المنطقة مقبلة على التقسيم، كما حصل طبقاً لإتفاقية سايكس – بيكو بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى و لذلك على الكوردستانيين وضع الخلافات الشخصية و الحزبية و الآيديولوجية جانباً و وضع مصلحة شعب كوردستان فوق المصالح الأخرى و التحرك بسرعة لتوحيد صفوفهم و كلمتهم و إغتنام هذه الفرصة التأريخية لتحرير أنفسهم من الإحتلال و العبودية، ليكونوا سادةً في وطنهم و أصحاب ثروات بلادهم و يبدأون من جديد بالمساهمة في بناء الحضارة البشرية كأسلافهم الإيلاميين و السومريين و الميديين.

إن تسارع التطورات الجارية في الإقليم و سوريا و المنطقة يفرض على مواطني الإقليم أن يعقدوا مؤتمراً وطنياً عاماً، تنبثق عنه قيادة سياسية، تتسلم مسئولية تنظيم الجماهير و التخطيط و إدارة الإقليم و تمثيل مواطنيه في المحافل الكوردستانية و السورية و الإقليمية و الدولية. إن إيجاد مرجعية سياسية توافقية، تُمثل كل القوى المؤثرة على ساحة الإقليم، هو حاجة ملحة و ينبغي تحقيقه بأسرع وقت ممكن لتحقيق أهداف المواطنين الكوردستانيين في تقرير مصيرهم بأنفسهم و هذا لا يمكن الوصول إليه إلا أن يكون الإقليم قوياً و مؤهلاً لفرض شروطه على العرب السوريين و الحكومات الإقليمية و الدول الكبرى في العالم.

يجب أن لا يتوقع الكوردستانيون بأن يقوم العرب السوريون أو الدول الإقليمية أو العالمية الكبرى بالإعتراف بحقوقهم عن طيب خاطر لأسباب إنسانية أو أخلاقية، بل أن كل طرف سيحاول الإستحواذ على أكبر نسبة ممكنة من المكاسب و المنافع و بذلك يتم تقسيم الثروة و السلطة بين المتنافسين، تبعاً لمقدار القوة التي يتمتع بها كل طرف. المسائل القانونية و الإنسانية و الأخلاقية ليس لها دور في الإستحواذ على المغانم. هكذا كلما يكون الإقليم قوياً، كلما تكون القوى المؤثرة على التطورات الجارية مضطرة للإعتراف بحق تقرير المصير للكوردستانيين. فيما لو لم يقُم الكوردستانيون في الإقليم بتأسيس هيئة قيادية لهم بسرعة و لم ينظموا أنفسهم و يستعدوا لمواجهة نتائج التطورات الجارية، حينذاك لا يفيد العويل و الصراخ و إلقاء تبعية الفشل على عاتق جهات خارجية لأن كل جهة تعمل من أجل تحقيق مصالحها و لا تكترث بمصالح الآخرين و كل جهة مسئولة عن نفسها و عن مدى نجاحها أو فشلها في تحقيق أهدافها و لا يحق لأية جهة فاشلة توجيه اللوم أو الإتهام الى طرف آخر بسبب فشلها. في حالة الفشل، على مواطني الإقليم أن يلوموا فقط أنفسهم و سيلعنهم التأريخ و الأجيال الكوردستانية القادمة.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
إقليم غرب كوردستان و الحرب الأهلية السورية (17)

- خارطة طريق العمل الكوردستاني -

د. مهدي كاكه يي

في الظروف الكوردستانية و الإقليمية و الدولية الحالية، تنتظر القيادة السياسية الكوردستانية في الإقليم مهام و أعمال كثيرة التي تتطلب الحنكة و الشجاعة و الإخلاص و الصبر و إرادة لا تُقهر لقيادة السفينة الكوردستانية الى شاطئ الحرية و الإستقلال. هنا أرسم خارطة طريق للنضال الكوردستاني في هذه الأوقات العصيبة، وذلك من خلال تحديد الأعمال و المهام التي ينبغي القيام بها، لعلني أنجح في طرح و عرض بعض آليات العمل الكوردستاني في الإقليم ليتم تطويرها من قِبل المختصين في المجالات التي أشير إليها لتصبح خارطة طريق متكاملة و متطورة للعمل الكوردستاني و التي تضمن تحقيق الأهداف الكوردستانية بشكل عام و الأهداف المحددة لسكان الإقليم الغربي بشكل خاص.

1. إستقلالية الهوية و الشخصية: يحتاج الكوردستانيون في الإقليم الى أن تكون لهم هوية مميّزة و شخصية مستقلة. ينبغي أن تكون لسكان الإقليم شعاراتهم و مطالباتهم المُعبّرة عن تطلعاتهم كشعب يعيش في ظل الإحتلال و أن لا يكونون جزء من المعارضة السورية و لا يكونون تابعين للحكومة السورية. هذا لا يعني عدم التحالف و التعاون و التنسيق مع المعارضة السورية أو الحكومة السورية، و إنما الدخول في الأحلاف معها كممثلين للشعب الكوردستاني و بهوية و شخصية كوردستانية، لا أن تتم إذابة الهوية و الشخصية الكوردستانية في الهوية و الشخصية السورية.

2. إدارة الإقليم: ينبغي تهيئة القوة البشرية المتدربة لإدارة الإقليم. الإقليم بحاجة ملحة الى كوادر و عاملين في مختلف المجالات من إداريين، إقتصاديين، باحثين علميين في مختلف الإختصاصات، مهندسين، أطباء، مدرسّين، معلمين و مهنيين و غيرهم. لهذا الغرض، يمكن الإعتماد على الكوادر الكوردستانية للإقليم، سواء الذين يعيشون في الإقليم أو الذين يعيشون في المهجر. هنا أؤكد أيضاً على وجوب وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، إعتماداً على الشهادة و الكفاءة و الخبرة و الإبتعاد الكامل عن الإعتبارات الحزبية، للتمكن من بناء البُنية التحتية للإقليم و النهوض به في كافة المجالات و تحقيق العدالة الإجتماعية و الرفاهية للمواطنين.

3. تكريد التعليم و الإدارة: ينبغي العمل على تكريد التعليم و الإدارة في الإقليم، مع مراعاة لغات القوميات غير الكوردية في الإقليم، حيث يمكن في البداية تنظيم دورات مكثفة للمعلمين لتأهيلهم و من ثم فتح المدارس أو دورات دراسية لتعلم اللغة الكوردية لأطفال و طلاب المدارس و للبالغين أيضاً. يمكن إختيار الحروف اللاتينية المقترحة من قِبل الدكتور جمال نبز للكتابة الكوردية، كحروف الكتابة الرسمية في الإقليم، مع إضافة حرف (Ö) الى الحروف الموضوعة. يمكن إصدار صحف و مجلات باللغة الكوردية و فتح محطات إذاعية تبث موادها باللغة الكوردية و لغات القوميات الأخرى. كما يجب تغيير المناهج الدراسية وخاصةً لِمادة التأريخ التي يكاد جميع المعلومات فيها خاطئة و مزيفة لا تمت بالواقع بصلة و تبديلها بالتأريخ الكوردي و تأريخ القوميات الأخرى من مواطني الإقليم.

4. تنظيم الجاليات الكوردستانية في الخارج: ينبغي تنظيم الجاليات الكوردستانية في الخارج، خاصة في البلدان الغربية لتعضيد الثورة الكوردستانية في الإقليم و الدفاع عن حق الكوردستانيين الغربيين في تقرير المصير، و ذلك عن طريق القيام بالمظاهرات و المسيرات و التجمعات في مختلف بقاع العالم أمام مقرات البرلمانات و الحكومات التي يتواجدون في دولها و أمام سفارات الدول الكبرى و مكاتب الأمم المتحدة و الإتصال بمسئولي الدول و النقابات و الإتحادات و منظمات المجتمع المدني و مكاتب الأمم المتحدة و منظمة العفو الدولية و منظمة حقوق الإنسان و رجال الدين لإيصال صوت الثوار و مظلومية شعب كوردستان اليهم. كما يمكن تشكيل لجنة في كل دولة لجمع التبرعات و المساعدات للثورة.

5. تنظيم الكوردستانيين القاطنين في سوريا: يجب تنظيم الجماهير الكوردستانية المتواجدة بكثافة في المناطق السورية، و خاصة في كل من حلب و دمشق. حيث يمكن تأسيس قوات عسكرية فيها، مشابهة لتلك التي مُشكّلة في الإقليم، الى جانب إتباع الوسائل السلمية في هذه المناطق و في الإقليم للمطالبة بحق تقرير المصير لشعب كوردستان، مثل العصيان المدني، تنظيم المظاهرات، الإعتصامات، الإضراب عن العمل و عن الطعام و غيرها.

6. تأسيس مركز إعلامي: ينبغي تأسيس مركز إعلامي متطور، يُدار من قِبل نُخبة كفوءة من الإعلاميين لإيصال الحقائق عن شعب كوردستان و عن الأوضاع التي يعيش في ظلها. تأمين نجاح الهدف الإعلامي يتطلب إختيار الإعلاميين على أسس الكفاءة و الخبرة و المهنية، بعيداً عن الإعتبارات الحزبية و الفئوية. يمكن فتح موقع إلكتروني رصين و إصدار صحف و مجلات و فتح فضائية كوردستانية خاصة بالإقليم و الذي سيلعب دوراً كبيراً في دعم الثورة و التأثير على الرأي الكوردستاني و العربي و العالمي. خلال فترة الإنتفاضة و الثورة، يمكن بث القناة التلفزيونية باللغات الكوردية و العربية و الإنكليزية.

7. إزالة آثار التعريب: منذ الآن يجب البدء بإزالة "الحزام العربي" من الإقليم و إعادة العرب الوافدين الى مناطقهم الأصلية و عودة الكوردستانيين الى مناطقهم و إعادة ممتلكاتهم و أراضيهم التي تم الإستيلاء عليها من قِبل النظام البعثي و تم منحها للوافدين العرب. الآن هو الوقت المناسب لتطبيع الأوضاع في المناطق المعربة في الإقليم لتحقيق العدالة و المساواة و إزالة المظالم المرتكزة على العنصرية و إلغاء الآخر المختلف، و إلا فأن إهمال تنفيذ هذا الأمر أو تأخيره الى أن تستقر الأوضاع نسبياً في سوريا، سواء في حالة بقاء البعثيين في الحكم أو إستلام الحكم من قِبل المعارضة، سيجعل من الصعب جداً، إن لم يكن من المستحيل، القيام بإزالة آثار التعريب في الإقليم آنذاك. لِتؤخذ العِبر و الدروس من تجربة جنوب كوردستان بهذا الشأن، حيث أن القوات الكوردستانية هناك قامت مع القوات الأمريكية في عام 2003 بتحرير كافة مناطق إقليم جنوب كوردستان و كان هناك فراغ سياسي و أمني تام في العراق، حيث لم تكن هناك حكومة عراقية و القوات المسلحة العراقية تفتت و إختفت، إلا أن القيادة الكوردستانية لم تقم بإعادة المناطق الكوردستانية، التي كانت تحت سلطة الحكومة العراقية البعثية، الى كوردستان و إنشغل الحزبان الحاكمان في الإقليم، الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الإتحاد الوطني الكوردستاني بخلافاتهما و المنافسة بينهما على النفوذ و الثروة، مما أضاعا فرصة تأريخية ثمينة جداً لتوحيد إقليم الجنوب و الآن أصبحت عودة هذه المناطق الى حضن كوردستان صعبة و غير مضمونة.
 
أعلى