نوري بريمو:اللهم احمي أطفالنا

G.M.K Team

G.M.K Team
2309alsh3er.pjpeg


يُعزى احتضان الأبوين لأطفالهم والاعتناء بهم والعطف عليهم فور ولادتهم إلى نعمة الفطرة الإلهية التي وهبها الله لعباده، ومَثَلُ الطفل في ذلك الاهتمام كمَثل مواليد باقي الكائنات الحية التي تحظى بالرعاية من لدن أبويها اللذان يحتضناها بشكل غرائزي ويبذلان ما بوسعهما لتأمين الغذاء لهم وحمايتهم حتى يبقوا على قيد الحياة وريثما يترعرعوا ويقوى عودهم ويعتمدوا على أنفسهم في مسعى البحث عن الرزق. ولعلّ أولوية الاهتمام بالأطفال وإيلائهم مرتبة

متميزة أكثر من الكبار يرجع تاريخها إلى يوم انطلاق الخلية الأسَرية الأولى التي تزاوجت فيما بينها وتوالدت وتكاثرت وانبثق عنها ما يُسمى بباكورة المجتمع البشري الذي خاض صيرورة من التطوّرات التي رافقها صدور قوانين وأنظمة تحثُّ الدول على حماية الطفل وتحدُّ من انتهاك حقوقه هنا أو هناك ولهذا السبب أو ذاك. وقد أخذ هذا الاهتمام بعداً دولياً واسع النطاق لأول مرة في تاريخ الشرية عندما أقرّت عصبة الأمم المتحدة شرْعَنة خصوصية معينة للأطفال عبر إقرارها لوثيقة إعلان حقوق الطفل عام 1924م، وفيما بعد كان لصدور الإعلان العالمي لحقوق الطفل في عام 1959م وقعاً إيجابياً أكبر على أوضاع الأطفال لجهة تحسينها على صعيد المعمورة، ودعا الإعلان الآباء والأمهات والمنظمات الخيرية والسلطات المحلية والحكومات إلى الاعتراف بهذه الحقوق والسعي لتطبيقها من خلال التشريعات والتدابير الأخرى التي تتخذ تدريجيا وفقا للمبادئ العشرة، بيد أن هذه الوثيقة بقيت قرارا غير ملزما للجمعية العامة، وبعد 30 عاما تبنت الجمعية العامة اتفاقية حقوق الطفل في 20 نوفمبر عام 1989، ودخلت هذه الاتفاقية التي تعد أول اتفاقية دولية ملزمة قانونا تؤكد على ضرورة تمتع الأطفال بجميع حقوق الإنسان، حيز التنفيذ فيما بعد. وفي مثل هذا اليوم من كل عام تستذكر شعوب العالم يوم الطفل الذي يتذكر بدوره حينها بأنه كائن بشري ينبغي أن يكون مدلّلاً ويستحق أن يحظى بحقوق أكثر من الاعتيادية حسبما أقرته منظمة اليونيسيف المهتمة بشؤونه بموجب توصيات هيئة الأمم المتحدة. لكنّ معاناة الصغار المتزايدة على أرض الواقع وتفاقم مشكلاتهم تبقى أكبر بكثير من سريان مفعول كافة القوانين الدولية التي نصّت على حلول ومخارج لا حصر لجماليتها من الناحية النظرية لكنها باتت أحلاماً صعبة المنال في عالم الطفولة وخاصة في البلدان المتخلفة مثل بلداننا الشرق أوسطية المتعثرة بسبب أزمات سياسية ومالية واجتماعية مستعصية تنسيها ملف الأطفال الذي يوضع في كل الأحوال فوق الرفوف ويتعرّض للتهميش والتسويف لدى الحكام بحجة أنّ "الأخطار الخارجية تتربص بأوطاننا" ولا بديل عن التقشف والتقنين وشدّ الأحزمة على البطون حتى ولو جاء ذلك على حساب حرمان الأطفال من الحليب!؟، ورغم أنّ غالبية المنظمات الغير حكومية الناشطة في ميادين حقوق صغار السن في أوطان عديدة مثل العراق ولبنان وكوردستان والسودان وفلسطين واليمن والصومال وغيرها من البقاع الساخنة التي تُطبَخ فيها السياسة على نار تصعيدية مستعرة، تقدم بدورها الاستبيان تلو الآخر بخصوص الانتهاكات الصارخة التي تعكر صفوة حياة فلذات أكبادنا الذين أضحوا بالجملة ضحايا لتوسّع دائرة صراعاتنا التي يبدو أنها ستتصاعد بفعل فاعل ولن تنتهي في الأمد القريب نظراً لحدة تناطح الأقطاب الذين لهم مصلحة حقيقية في ديمومة دوّامة العنف والعنف المضاد وسطنا، إلا أنّ ظاهر الأوضاع وباطنها يوحيان إلى أنه لا حياة في من تنادي كما يُقال، خاصة وأنّ حبل النزاعات والقلاقل لا يزال يركب على جرار الآدميين الأبرياء الذين أمسوا وقوداً يومياً للاختلافات السياسية والمتناحرات القومية والدينية والطائفية و...الخ، يُذكر أنّ عشرات الآلاف من الأطفال الكورد لا يزالون محرومون من أبسط حقوقهم لأنهم مجردون من الجنسية السورية التي سُحبت من أهلهم بموجب قانون الإحصاء العنصري الذي أصدرته الدوائر الشوفينية في سوريا عام 1962. وللعلم فإنّ الطفل يُعتبَر أول المستفيدين من حالات السلم والاستقرار والرفاهية والحياة العصرية الآمنة، وفي ذات الوقت هو أول المتضررين من حالات الحرب واللااستقرار والتشرد والفقر والحياة البدائية الخطرة، وبما أنّ الأمر كذلك وبما أن أولادنا أمانة في أعناقنا فلا يجوز تركهم عرضة للمجهول ولا سبيل أمام عقلاءنا سوى الاعتراف بالآخر والاحتكام إلى لغة الحوار التي عساها ولعلها تعمل على تهدئة نشوباتنا وتوفر حظوظ أكثر لحصول تآلفات مجتمعة وتوافقات سياسية من شأنها الإتيان بغدٍ أفضل لنا ولصغارنا ولأجيالنا القادمة. وبهذه المناسبة التي قد لا يكترث بها البعض لا لخلفية عدائية حيال أطفالهم وإنما لانشغالهم بانشغالات لا بل ببلاوي كثيرة لا تُعَدُّ ولا تُحصى، ليس بالوسع سوى تقديم التهنئة لكل الأطفال في يومهم العالمي، وليس بالمقدور سوى الدعاء لأطفال منطقتنا بأن يبقوا على قيد الحياة ريثما يحين موعد أعيادهم التي باتت مجرّد لقمة سائغة في أفواه ذئاب وسلاطين الاستبداد والإرهاب ومروِّجي ظاهرة قتل الإنسان لأخيه الإنسان التي حرّمها الله في جميع كتبه السماوية الكريمة.
 
رد: نوري بريمو:اللهم احمي أطفالنا

الف شكر على هذا الموضوع الروعة يا أخ عبدو
 

كول نار

G.M.K Team
رد: نوري بريمو:اللهم احمي أطفالنا

كل الشكر لالك عبدو على روعه الطرح
 

كلبهار

مراقبة عامة
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 
أعلى