د. مهدي كاكە يي : إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (9)

G.M.K Team

G.M.K Team
إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (9)

إستناد النضال الكوردستاني على الديمقراطية والواقعية

د. مهدي كاكە يي

في الحلقة السابقة، تكلمنا عن مشكلة الشخصية الدونية والتبعية، لذلك ينبغي أن يتزوّد المواطن الكوردستاني بمعلومات كافية عن تأريخ شعبه العريق و مساهماته الكبيرة في بناء الحضارة الإنسانية و المميزات التي يتمتع بها شعب كوردستان و الموارد البشرية و الطبيعية لبلاده، ليطلّع على حقيقة الشعب و الوطن اللذين ينتمي إليهما لتنمية ثقته بنفسه و بشعبه و ببلاده، ليتمكن أن يكسر حاجز الشعور بالنقص و التبعية للمحتلين و يعمل جاهداً من أجل تحرير كوردستان و تأمين حياة حرة كريمة لنفسه و للأجيال القادمة لشعبه و البدء من جديد في المشاركة الفعالة في تقدم و تطور الإنسانية.

يحتاج الكوردستانيون في إقليم غرب كوردستان الى تنظيم أنفسهم و الإستعداد لمواجهة كل الإحتمالات لكي لا يتفاجؤون بها و ليكونون قادرين على تحقيق أهدافهم.

معظم الأحزاب الكوردستانية في إقليم غرب كوردستان، بل في كل الأقاليم الكوردستانية هي عبارة عن أحزاب تقليدية ذات عقلية لا تؤهلها لقيادة الجماهير الكوردستانية و التفاعل و التواصل مع التطورات العالمية والإقليمية و الفكرية الكبرى التي تحدث على كوكبنا. تحقيق أهداف شعب كوردستان يتطلب وجود قيادة ديناميكية محنكة و مخلصة، واثقة من نفسها و تحمل عقلية تُعبّر عن روح العصر و الحداثة و الإنفتاح و تؤمن بالديمقراطية و تضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الشخصية و القبلية و الحزبية و تستوعب التغييرات العالمية و الإقليمية ليصبح الشعب الكوردستاني أحد أبرز الشعوب التي تحدد و ترسم التغييرات و التطورات التي تضمن الوصول الى تمتع الشعب الكوردستاني بحق تقرير المصير أسوةً بالشعوب الحرة في العالم. لذلك فأن كوردستان بحاجة الى ظهور تنظيمات سياسية عصرية، تستوعب التغيرات والتطورات الجارية في المفاهيم والأفكار الإنسانية والنظام العالمي الجديد والتطورات الدولية والإقليمية والداخلية وترفع شعار إستقلال كوردستان الذي هو الشعار الواقعي الوحيد لإخراج القضية الكوردستانية من مسألة داخلية للدول المغتصِبة لكوردستان وجعلها مسألة وطن مُغتصَب وشعب مُستعمَر، يناضل من أجل تحرير نفسه ووطنه من الإحتلال.

في هذه الظروف التي تتواصل فيها تطورات عالمية و إقليمية كبرى و التي تجري بسرعة كبيرة، ينبغي أن يقوم سكان الإقليم الغربي لكوردستان بعقد مؤتمر، تتم دعوة كافة القوى و الأحزاب و المنظمات و الجمعيات و النقابات و الشخصيات الكوردستانية إليه لمناقشة و دراسة التطورات الجارية في الإقليم بشكل خاص و في كوردستان بشكل عام و كذلك في سوريا و دول المنطقة و العالم و الإتفاق على تحديد الأهداف. من الضروي أن يُشكل ممثلو السكان الذين يعيشون في الإقليم الصوت البارز في المؤتمر بالإضافة الى ممثلي الكوردستانيين في المهجر و أن يتم عقده في إحدى الدول الأوروبية لخلق جو ديمقراطي للمناقشة و تبادل الآراء.

أقترح بأن يقوم المؤتمر بتبني النضال من أجل إستقلال غرب كوردستان. بعد إستقرار الأوضاع في الإقليم، ينبغي إجراء إنتخابات عامة لإختيار أعضاء البرلمان في الإقليم تحت إشراف الأمم المتحدة ليختار سكان الإقليم ممثليه و تشكيل الحكومة على ضوء نتائج الإنتخابات البرلمانية. يجب التأكيد هنا بأن زمن الزعيم الأوحد والحزب القائد قد ولّى الى غير رجعة وأننا نعيش في عصر الديمقراطية والتعددية وأن الأحزاب الشمولية أصبحت تعيش خارج الزمن وأنها سائرة نحو نهاياتها، حيث السقوط والإختفاء.

التجارب و الواقع تُخبرنا إستحالة نجاح أنظمة إتحادية (فيدرالية) أو لامركزية في البلدان المتأخرة و تجربة إقليم جنوب كوردستان مع الحكومة العراقية و التي تداعياتها لا زالت مستمرة، خير شاهد على فشل الأنظمة الفيدرالية في المجتمعات المتخلفة. لماذا نذهب بعيداً، مضى أكثر من سنة على الشعب البلجيكي، المؤلف من القوميتَين الرئيسيتَين، الألمانية و الفرنسية الى أن تمكن من تشكيل حكومة إئتلافية بسبب عدم توافق القوميات المكونة لهذا الشعب و من المتوقع أن تنبثق من بلجيكا الحالية دولتان جديدتان، إحداهما للناطقين بالألمانية و الأخرى للناطقين بالفرنسية. هنا يمكن التساؤل إذا كانت مكوّنات الشعب البلجيكي المتقدم غير قادرة على الإنسجام و العيش المشترك في دولة واحدة فكيف يمكن للشعوب المتخلفة أن تنجح في أن تعيش معاً ضمن كيان سياسي واحد؟

على الكوردستانيين أن لا يركضوا وراء الأوهام و السراب، مثل النظام اللامركزي أو الحكم الذاتي أو الفيدرالي ضمن الدول المغتصِبة لكوردستان، و إلا سيستمرون في العيش في هامش الحياة، تحت حكم المحتلين و يصبحون ضحايا أخطائهم و سوء تقديراتهم. يجب التمسك بالمبادئ الديمقراطية و جعل كوردستان دولة ديمقراطية في المنطقة، على غرار دولة إسرائيل.
 
أعلى