الاتحاد البرازي في كردستان ( البرازية)

G.M.K Team

G.M.K Team
الاتحاد البرازي في كردستان ( البرازية)
بقلم: علي شيخو برازي
ما هو شائع أن البرازية هي مجموعة عشائر تعيش ضمن ائتلاف عشائر متين ، في سهل ( سَروج ) الواسع منذ حوالي 300 عام على أقل تقدير ، ولم يتطرق إلى ماضيهم البعيد أحد من المؤرخين والمستشرقين ، إلا بمعلومات قليلة ، موجزة ، وغير دقيقة من حيث الإحصاء

السكاني والتوزيع الجغرافي ، وأحياناً متباينة ، وهذا الأمر يجعل القارئ في متاهات صعبة الخروج ، لعدم وضوح المعلومة .
ولا بد أن نبدأ بتعريف كلمة ( البرازية ) براز : تعني الخنزير باللغة الكردية ، والياء حرف نسبة . وهناك من يلفظها ( برازان ) وإضافة آن هنا للجمع ، وهذا الاسم كناية لـ ( گلي برازان ) : وادي الخنازير .
حيث كانت البرازية تاريخياً ولا يزال قسم منهم يعيش بالقرب من هذا الوادي في منطقة ( بين گول ) .
أما البرازية في (كرمنشاه ) فيقال لهم : بارزيني ـ برزيني ـ باريزكاني . نسبة لقصبة ( باريز ) التي تقع جنوبي بحر قزوين ، في منطقة شديدة الارتفاع ، وكلمة (برز) : تعني باللغة الكردية اللهجة السورانية ( العلو).
وقد عرف هذا الاتحاد العشائري الكبير منذ أكثر من1300 عام في ولاية كليب( كولب ) ثم توسع نطاق سيطرة هذا الاتحاد , إلى المنطقة التي تقع جنوب شرقي بحيرة ( وان ) حتى بلغت ( كرمنشاه ) جنوباً ، وقد امتدت سيطرة البرازية من جهة أخرى ، من ( أرز روم) إلى منطقة سَروج جنوباً ، حيث يأخذ نهر الفرات انحناءه شرقاً عند بلدة جرابلس ( كركميش ) ، وهناك انضم إلى هذا الحلف الرشوان والدنان ، وكان لهذه العشائر وجود تاريخي في ولاية حلب وحمص قبل العهد الأيوبي ، يقول أحمد وصفي زكريا : (ربما أول من أتى بهم هو عامل حمص ، شبل الدولة نصر بن مرداس سنة 1033 م ، وأسكنهم في حصن الصفح ، ليحفظوه ويصونوا الطريق بين حمص وطرابلس) (1) .
لهجة البرازية مميزة ، ومعروفة في كردستان وكل من يتكلم هذه اللهجة يعد برازياً ، وهذا الاتحاد في قسمه الجنوبي كان يتألف من أكثر من اثنى عشرة عشيرة هم : شيخان ـ كيتكان ـ پيژان ـ شدادان ـ أوخان ـ عليدينان ـ زرواران ـ دنان ـ قركيجان ـ ديدان ـ رشوان وغيرهم .
يبلغ تعداد البرازية عموماً حوالي 7 مليون نسمة ،أغلبهم سكنوا المدن والقرى ، ويعملون في الزراعة منذ أكثر من 300 عام ، وفي قسمه الجنوبي حوالي 700 ألف نسمة على وجه التقدير، كان قسماً منها سابقاً رحالة ( كوچر ) وقد اضمحلت هذه المعالم تماماً لدى هذا القسم منذ أكثر من 60 عاماً ، والآن يسكنون منطقة سَروج ، بيراجيك عينتاب ، كلس وقسم من منطقة عفرين ، في أكثر من 1000 قرية ومزرعة جنوب وشمال السكة الحديدية التي تفصل بين تركيا وسوريا ، بالإضافة إلى منطقة جبل الأكراد في اللاذقية ، وحارم ، وحماه ، ودمشق .
ولابد أن تاريخ البرازية هو جزء هام من تاريخ الأمة الكردية , هذا الاتحاد الذي ظل على هامش التاريخ , ولم يحظ بالاهتمام الكافي , سواء من مؤرخي الإسلام , أو المستشرقين , وخاصة في العصور الوسطى , حيث لم يأخذ حقه من الدراسة والبحث التاريخيين , وهذا ما جعل البحث في تاريخ القبائل الكردية , أمريحتاج إلى الكثير من الجهد والدقة, خاصة أن الفترة الزمنية التي تحتاج إلى الدراسة , تمتد من بداية التاريخ الإسلامي حتى العصر الحديث , ولم يكن دور القبائل الكردية بارزاً في الصراعات السياسية الإسلامية والإقليمية إلا نادراً , عدا كونهم افتقروا إلى حدود جغرافية وإدارية واضحة , بسبب عدم وجود كيان كردي مستقل وموحد .
ومهما تكن المعلومات , فأنها تلقي الضوء على جزء من تاريخ الشعب الكردي بشكل عام , خلال فترة زمنية تجاوزت 1300 عام على وجه التقريب , وعلى الروابط التاريخية للعشائر الكردية في كردستان بشكل خاص .
القبائل الكردية لم تكن قبائل تقليدية قط , لأن طبيعتهم الجغرافية كانت دائماً هي التي تحدد سبل عيشهم , فالجبال والوديان والهضاب التي تنتهي تدريجياً إلى سهول خصبة , جعلت هذه القبائل تعيش حيا ة الحضر والزراعة معاً .
التركيبة القبلية الكردية دائماً كانت تتأثر بالظروف الاجتماعية والسياسية , وفي الكثير من الأحيان كانت استمرار سلطة عائلة على أخرى , لها علاقة في تغير اسم القبيلة أو العشيرة , أما نسبة لحكامها أو نسبة للمنطقة الجغرافية التي يسكنوها , وأحياناً تسمى المنطقة أو المدينة على اسم العشيرة , مثلاً : جبل (گابار) نسبة لعشيرة الگاباري ـ البارزانيين نسبة لمنطقة ( بارزان) ـ
ميران ـ نسبة للأمير , توروزانلي , نسبة لجبال توروز . إلـخ ....
وقد مرت القبيلة الكردية بمراحل عدة , من تحالفات وانشقاقات وهجرة , كل ذلك كان له علاقة في تسمية القبيلة أو العشيرة أو الجماعة .
أما البرازية فكان لهم شأن مغاير , كونهم حافظوا على اسمهم التاريخي , ولم يتعرضوا لتغيرات تجعلهم يضمحلون اسماً وترابطاً , ضمن المجتمع الكردي , الذي تعرض إلى الكثير من التغيرات الديموغرافية .
وقد حاولت الحكومة العثمانية مراراً على تشتيت البرازية وفرقتهم , خاصة محاولات السلطان سليم الأول بعد معركة ( چالديران ) عام 1514 ميلادي . ومنها إبعاد قسم منهم إلى ( قونية ) . وتيمور لنك الذي أخذ معه 3000 أسرة إلى كردستان إيران , ولاية ( سنندج) عاصمة الحكومة الأردلانية الكردية .
1 ـ عشائر الشام . ج 2 . ص . 657.
 
أعلى