د. مهدي كاكەیي : إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (10)

G.M.K Team

G.M.K Team
إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (10)

إعتماد الكوردستانيين على قواهم الذاتية

د. مهدي كاكەیي

في الحلقات السابقة تطرقتُ الى العولمة و تطور وسائل الإتصال و نقل المعلومات و أزمة النظام الرأسمالي و تأثيراتها على شعوب العالم، و منها الشعب الكوردستاني. تحدثتُ أيضاً عن إستحالة العيش المشترك لشعوب و قوميات و طوائف ذات مجتمعات متخلفة و التي لها ثقافات و مصالح و أهداف مختلفة، في كيانات سياسية ديمقراطية، كما هو الحال في الوقت الحاضر بالنسبة لشعوب الدول المصطنعة في منطقة الشرق الأوسط و الشرق الأدنى و شمال أفريقيا. كما أشرتُ في الحلقات السابقة الى عجز "تركيا" في تحديد نوعية و شكل النظام السوري القادم عند إنهيار نظام بشار الأسد. ذكرتُ كذلك بأنه من خلال قراءة متأنية لصفحات التأريخ الكوردستاني يتوصل المرء الى أن من أهم أسباب تجزئة كوردستان و عدم إنبثاق دولة كوردستان الى الآن، هو تفرّق كلمة الكوردستانيين و التحارب فيما بينهم و إستغلالهم من قِبل الدول المحتلة لكوردستان و الدول الكبرى و بذلك يفتقرون الى الوحدة و التخطيط و التنسيق و نكران الذات. إقترحتُ في الحلقات السابقة بأن يتم عقد مؤتمر وطني في إقليم غرب كوردستان تشترك فيها الأحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني من نقابات و جمعيات و كذلك شخصيات كوردستانية و إعطاء أهمية خاصة للشباب الكوردستاني في تمثيل سكان الإقليم في هذا المؤتمر المقترح. عبّرتُ أيضاً الى حاجة الإقليم، بل كوردستان بأكملها الى ظهور أحزاب جديدة شابة، تتمتع بالديناميكية و الحنكة و نكران الذات و تحمل عقلية منفتحة قادرة على التواصل مع المتغيّرات العالمية و الإقليمية و مؤهلة لتحقيق أهداف شعب كوردستان في الحرية و حق تقرير المصير، لتحلّ محل الأحزاب الكوردستانية التقليدية التي تجاوزها الزمن.

إن السياسة هي كالتجارة، القائمون بإدارتها يستندون على الربح و الخسارة في التعاطي معها، كل جهة تبذل جهدها للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب، دون مراعاة مصالح الآخرين. لذلك فأن كل دولة أو شعب يكافح في سبيل تحقيق أعلى نسبة ممكنة من أهدافه و طموحاته و أنه يتحمل لوحده مسئولية نجاحه أو فشله في الوصول الى الأهداف المحددة. هنا أريد أن أقول بأن شعب كوردستان هو المسئول الوحيد عن تحقيق أهدافه في الحرية و الإستقلال، ففي حالة نجاحه سيُثبت جدارته و صحة برامجه و خططه و في حالة فشله يتحمل لوحده مسئولية ذلك الفشل و يتحمل نتائجه السلبية لوحده أيضاً. هذا يعني بأنه يجب أن لا ينتظر الكوردستانيون بأن تقوم جهة أو جهات خارجية غير كوردستانية بحل القضية الكوردستانية بالنيابة عنهم و أن يعرفوا بأن هذا الشئ لا يحدث أبداً بالشكل الذي يُلبي طموحات و تطلعات شعب كوردستان. هذا يعني بأن شعب كوردستان يجب أن يعتمد على نفسه و على قواه الذاتية في نضاله في سبيل إستقلاله و أن يضع في نفس الوقت تكتيكات و إستراتيجيات ناجحة لإستغلال الفرص الإقليمية و الدولية المتاحة للإستفادة منها في تعزيز نضاله و تحقيق أهدافه.

إنّ تحميل الدول و الجهات الخارجية مسئولية فشل الثورات الكوردستانية و إفشال تحرر الشعب الكوردستاني و تحرير كوردستان، هو ناتج عن تهرّب القيادات السياسية الكوردستانية من تحمّل مسئولية الإخفاقات و الفشل و عدم إعترافها بفشلها و أخطائها و إتهام القوى الخارجية بالتسبب في الهزائم و الإنتكاسات المتواصلة عبر التأريخ الكوردستاني، و ذلك لإيجاد تبريرات لإستمرار هذه القيادات في التمسك بمواقعها و نفوذها و الحيلولة دون فقدانها لسلطتها. مثلاً، لحد الأن تتم تسمية إتفاقية الجزائر التي تمت في عام 1975 بين صدام حسين و شاه إيران ب"الإتفاقية الخيانية" و التي أدت الى إنهيار الثورة الكوردستانية المسلحة. يتم إتهام كل من الولايات المتحدة الأمريكية و شاه إيران ب"خيانة" الشعب الكوردستاني و كأنما الأمريكيون و شاه إيران كانوا كورداً و خانوا شعبهم!

ليست هناك في السياسة مواثيق و عهود ثابتة و جازمة ولا مبادئ أخلاقية و لا ضمائر حية، بل هناك فقط مصالح و يتم تحديد التحالفات و العداوات إستناداً الى مدى إلتقاء المصالح أو تنافرها. الدول و الشعوب لها مصالحها الخاصة و التي تعتمد على الظروف التي تتغير بإستمرار و بذلك تتغير إستراتيجيات و تكتيكات و أولويات و برامج و خطط الشعوب و الدول بشكل متوازٍ مع هذه التغيّرات الظرفية.
 
أعلى