إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (12)

G.M.K Team

G.M.K Team
القوة الذاتية الكوردستانية هي التي تحدد موقع شعب كوردستان في المعادلات السياسية الإقليمية و الدولية

د. مهدي كاكەیي
إن ظروف شعب كوردستان لا تسمح بإرتكاب الأخطاء و تكرارها و لا يمكن تحرير كوردستان بالوسائل الكلاسيكية البالية و بعقلية عبادة الفرد أو النظرة الحزبية الضيقة الدالة على التخلف، بل يحتاج الى عمل جماعي على مستوى الشعب كله و بإتباع وسائل متطورة واقعية عملية مدروسة، و أن تُساهم فيها كل القوى و الجهات الكوردستانية لأن المُهمة أكبر بكثير من قدرات و طاقات جهة واحدة أو حزب واحد أو عدة أحزاب، مهما كانت كبيرة و مُنظمة، لكي يتم ضمان تحقيق أماني الشعب الكوردستاني.

عليه يجب على القيادات السياسية في إقليم غرب كوردستان أن توحّد نفسها و تُرتّب البيت الكوردستاني و ترفع شعار "إستقلال كوردستان" و تضع إستراتيجياتها و تكتيكاتها و برامجها و خططها و الوسائل النضالية المستخدمة لضمان تحقيق أهداف سكان الإقليم. عليها أن تعمل ليلَ نهار لتعزيز قوتها و زيادة نفوذها لتكون في موقع قوة تستند عليه في مفاوضاتها، سواءً مع نظام بشار الأسد أو مع القوى العربية السورية التي قد تستلم الحكم في سوريا.

إن الأحزاب و القوى التي ستستلم الحكم في سوريا هي نتاج التربية الشمولية و العنصرية و الإسلامية السائدة في المنطقة و لا يجب أن ننتظر من هذه القوى أن تصبح خلال أيام بقدرة قادر، أحزاباً و شخصيات ديمقراطية متحضرة تعترف بحق شعب كوردستان في حقه في تقرير مصيره. لو إدعى بعض أطراف المعارضة السورية بأنها تعترف بحق تقرير مصير شعب كوردستان، سيكون هذا الإدعاء تكتيكاً لتثبيت حكمها و تقوية مركزها و بعد ذلك تتنصل من إدعائها و وعودها و تحاول إضطهاد الكوردستانيين من جديد. هذا يعني بأن الطريق الى الحرية و الإستقلال بالنسبة لسكان الإقليم هو القوة الذاتية و وحدة الصف للتمكن من فرض قبول حقوق الشعب الكوردستاني على الآخرين. سوف لا يفيد اللوم و العتاب و النقد و توجيه الإتهام للقوى غير الكوردستانية في عدم إعترافها بحقوق الكوردستانيين بعد إختفاء حكم البعث في سوريا، بل يجب على الكوردستانيين أن يعتمدوا على أنفسهم و يُثبتوا وجودهم و يكونون قادرين على فرض شروطهم على الآخرين لتحقيق تطلعات و أهداف سكان الإقليم و أن لا ينتظرون أن يقوم الآخرون بالمُهمّة نيابةّ عن الكوردستانيين، لأن هذا الأمر وهم لا يتحقق أبداً.

القوة الذاتية للكوردستانيين و مدى قدرتهم على لعب دور فعال و مهم في المعادلات و التوازنات السياسية السورية و الإقليمية و الدولية، هي التي تحدد مواقف السوريين و الدول الإقليمية و الدول الكبرى من حق تقرير مصير الكوردستانيين و تُقرر سياسات هذه الجهات و الدول تجاه حق الكوردستانيين في بناء دولتهم. إذا كانت القوى الكوردستانية مشتتة و ضعيفة و متصارعة فيما بينها، بحيث تكون غير قادرة على القيام بدورٍ حيوي في سوريا و المنطقة، فأن الحكومات الإقليمية ستتدخل في شؤون الكوردستانيين لإبقائهم تحت نير الإحتلال و الذوبان و الإضطهاد دون أي تخوّف من ردود فعل كوردستانية تجاه تدخلاتهم في الشأن الكوردستاني الداخلي و تصديهم لها. كما أنه في هذه الحالة سوف لا تُعير الدول الكبرى أية أهمية للكوردستانيين لأنهم لا يُشكلون قوة تستطيع التأثير على سياسة الحكومات المحتلة لكوردستان و أنهم سيكونون غير مؤهلين ليكونوا طرفاً في المعادلات السياسية داخل الدول المحتلة لكوردستان و على نطاق المنطقة بأكملها. الدول الكبرى تبحث عن مصالحها و لا تتحالف مع جهات و شعوب غير قادرة على إثبات وجودها و قوتها لتكون طرفاً في المعادلات و التوازنات السياسية الإقليمية و الدولية. الكوردستانيون هم بأنفسهم يقررون فيما لو يكونون موضع إهتمام العالم و يكونونون طرفاً يُحسب له حساب في المنطقة و عندئذ ستمتنع الدول المحتلة لكوردستان عن المجازفة بالتدخل في الشؤون الكوردستانية و الإستمرار في إحتلال كوردستان. كلما كان الكوردستانيون أقوياء و موحدين كلما يلعبون دوراً أكثر أهمية في تحديد الظروف الإقليمية و تحديد مسارات التطورات الحاصلة و أن يكونوا طرفاً في التحالفات الإقليمية و الدولية و كلما يقترب وقت تحرر كوردستان من الإحتلال. من هنا فأن الكوردستانيين يكونون موضع إعتزاز و فخر كلما نجحوا في تحقيق أهدافهم و إن فشلوا في ذلك ما عليهم إلا أن يلوموا أنفسهم فقط و سيلعنهم التأريخ و تلعنهم الأجيال الكوردستانية القادمة.
 
أعلى