إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (16)

G.M.K Team

G.M.K Team
العلاقات السياسية مبنية على المصالح

د. مهدي كاكه يي

قد يتساءل المرء بأن الغرب و إسرائيل وقفوا ضد حزب العمال الكوردستاني و لا يزالون يقفون ضد هذا الحزب و يدعمون النظام التركي و أن الغرب و إسرائيل ساهموا عملياً في تسليم الزعيم الكوردستاني عبدالله أوجلان الى السلطات التركية، فكيف يتعاون و يتحالف هذا الحزب أو الأحزاب الحليفة معه مع الغرب و إسرائيل؟ للإجابة على هذا التساؤل نقول بأنه ليست هناك في السياسة مبادئ و قيم و صداقات، و إنما السياسة مبنية على المصالح فقط. لذلك لا يتم التعامل في السياسة كما يتم التعامل في العلاقات الشخصية و القبلية، حيث المبادئ و ثقافة الثأر و العداء، دون مراعاة المصالح الشخصية و القبلية في كثير من الحالات. التحالفات و العداءات السياسية تتأتى من المصالح و متى إلتقت المصالح، فأن هذه المصالح المشتركة تفرض إيجاد علاقات إيجابية بين الأطراف المعنية بِغضّ النظر عن سلبيات و إيجابيات العلاقات الماضية. من هنا ينبغي أن تكون إستراتيجية و علاقات التنظيمات السياسية الكوردستانية، مبنية على المصالح العليا لشعب كوردستان و مرتكزة على الظروف الذاتية و الموضوعية التي يمر بها الشعب الكوردستاني.

حقيقة أخرى أحب هنا أن أشير إليها وهي أن القدرة على تغيير المعادلات و التوازنات و الإتفاقيات و العلاقات السياسية لصالح النضال الكوردستاني و تحقيق أهداف الشعب الكوردستاني، تعتمد على القوة الذاتية لشعب كوردستان. كلما كان الشعب قوياً في المجالات السياسية و الفكرية و الثقافية و التنظيمية و الإقتصادية و العسكرية و الإعلامية، كلما تتوفر له فرص أكبر لنيل حريته و إستقلال بلاده. لذلك يحتاج المواطنون في الإقليم الى تنظيم أنفسهم في مختلف الجوانب لتكون لهم برنامج عمل متكامل، يقودهم نحو أهدافهم في حياة حرة كريمة.

في ختام هذا المقال أود أن أتكلم بشكل مقتضب عن المصطلحَين "القومية" و "الوطنية" فيما يتعلق بشعب كوردستان. ألاحظ بأن الكثير من الكُتّاب الكوردستانيين يتجنبون في كتاباتهم إستخدام مصطلح "الوطنية" ويستعملون مصطلح "القومية" بدلاً منه. هذا الإختيار الخاطئ ناتج عن تأثير فكر الدول المحتلة لكوردستان على هؤلاء، حيث يعتقد هؤلاء الذين ينتمون الى كل من غرب كوردستان و شرقها و شمالها وجنوبها بأن مصطلح "الوطنية" يعني "الوطنية السورية" و "الوطنية الإيرانية" و "الوطنية التركية" و "الوطنية العراقية" على التوالي. لذلك يستعملون مصطلح "القومية" بدلاً من مصطلح "الوطنية". يجب أن نعلم بأن شعب كوردستان مؤلف من قوميات أخرى، الى جانب القومية الكوردية و بإستخدام مصطلح "القومية" يعني "القومية الكوردية" وبذلك يتم إلغاء القوميات غير الكوردية التي أفرادها هم مواطنون كوردستانيون، كما يفعل العنصريون من العرب و الفرس و الأتراك. "الوطنية" تعني "الوطن الكوردستاني أي كوردستان" و "القومية" تعني "القومية الكوردية" وعليه فأن الوطنية هي أشمل من القومية، فالأولى تشمل شعب كوردستان بأجمعه، بينما الثانية تشمل القومية الكوردية فقط و التي هي جزء من شعب كوردستان.

هذا من جهة، و من جهة ثانية فأن إستخدام مصطلح "القومية" قد يُلغي شعب كوردستان كشعب، حيث أن هناك الكثير من القوميات التي ليست شعوباً و هذا يعني بأن هذه القوميات لا تملك أوطاناً خاصة بها، بينما شعب كوردستان هو شعب و أن كوردستان هي وطنه. عندما نقول "المصالح الوطنية" فأنها تعني "المصالح الوطنية الكوردستانية" و لا يعني المصطلح المذكور "مصالح الدول المغتصِبة لكوردستان". لذلك إستخدام مصطلح "الوطني" هو الإستخدام الصحيح الذي يعني الوطن (كوردستان) ويعني الأرض و البلاد الكوردستانية، بينما مصطلح "القومي" هو مصطلح خاطئ عند إستخدامه للتعبير عن "شعب كوردستان" الذي هو مكوّن من قوميات عديدة الى جانب القومية الكوردية.

من جانب أخر، عندما نتحدث عن "التاريخ الكوردي" نعني به القومية الكوردية كمجموعة إثنية و كذلك "اللغة الكوردية"، حيث لا توجد هناك "لغة كوردستانية" بل هناك "لغات كوردستانية" مثل الكوردية و السريانية و التركمانية و العربية و لغات كافة القوميات الأخرى التي أفرادها هم مواطنون كوردستانيون. كما أنه يجب إستعمال مصطلح "الفكر الوطني الكوردستاني" و "الفكر القومي الكوردي"، فالأول يشمل الفكر الكوردستاني الشامل للوطن الكوردستاني، بينما الثاني يقتصر على القومية الكوردية لوحدها. إستعمال مصطلح "شعب كوردستان أو الشعب الكوردستاني" هو الصحيح، بينما مصطلح "الشعب الكوردي" هو مصطلح خاطئ عند إستعماله للدلالة على "شعب كوردستان" المؤلف من عدة قوميات وليست القومية الكوردية لوحدها.
 
أعلى