إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (22)

G.M.K Team

G.M.K Team
خارطة طريق العمل الكوردستاني (3)

د. مهدي كاكه يي

في الحلقتين السابقتَين تمت الإشارة الى الحفاظ على إستقلالية الهوية و الشخصية الكوردستانية و كيفية إدارة شؤون الإقليم و تكريد التعليم والإدارة فيه وتنظيم شؤون الجاليات الكوردستانية في الخارج و في سوريا، كخارطة طريق للعمل الكوردستاني. في هذه الحلقة نواصل تحديد بعض المهمات الأخرى التي من المفروش العمل بها و إنجازها.

6. تأسيس مركز إعلامي: ينبغي تأسيس مركز إعلامي متطور، يُدار من قِبل نُخبة كفوءة من الإعلاميين لإيصال الحقائق عن شعب كوردستان و عن الأوضاع التي يعيش في ظلها. تأمين نجاح الهدف الإعلامي يتطلب إختيار الإعلاميين على أسس الكفاءة و الخبرة و المهنية، بعيداً عن الإعتبارات الحزبية و الفئوية. يمكن فتح موقع إلكتروني رصين و إصدار صحف و مجلات و إفتتاح فضائية كوردستانية خاصة بالإقليم و الذي سيلعب دوراً كبيراً في دعم الثورة و التأثير على الرأي العام الكوردستاني و العربي و العالمي. خلال فترة الإنتفاضة و الثورة، يمكن بث القناة التلفزيونية باللغات الكوردية و العربية و الإنكليزية.

7. إزالة آثار التعريب: منذ الآن يجب البدء بإزالة "الحزام العربي" من الإقليم و إعادة العرب الوافدين الى مناطقهم الأصلية و عودة الكوردستانيين الى مناطقهم و إعادة ممتلكاتهم و أراضيهم التي تم الإستيلاء عليها من قِبل النظام البعثي و تم منحها للوافدين العرب. الآن هو الوقت المناسب لتطبيع الأوضاع في المناطق المعربة في الإقليم لتحقيق العدالة و المساواة و إزالة المظالم المرتكزة على العنصرية و إلغاء الآخر المختلف، و إلا فأن إهمال تنفيذ هذا الأمر أو تأخيره الى أن تستقر الأوضاع نسبياً في سوريا، سواء في حالة بقاء البعثيين في الحكم أو إستلام الحكم من قِبل المعارضة، سيجعل من الصعب جداً، إن لم يكن من المستحيل، القيام بإزالة آثار التعريب في الإقليم آنذاك.

لِتؤخذ العِبر و الدروس من تجربة جنوب كوردستان بهذا الشأن، حيث أن القوات الكوردستانية هناك قامت مع القوات الأمريكية في عام 2003 بتحرير كافة مناطق إقليم جنوب كوردستان و كان هناك فراغ سياسي و أمني تام في العراق، حيث لم تكن هناك حكومة عراقية و القوات المسلحة العراقية تفتت و إختفت، إلا أن القيادة الكوردستانية لم تقم بإعادة المناطق الكوردستانية، التي كانت تحت سلطة الحكومة العراقية البعثية، الى كوردستان و إنشغل الحزبان الحاكمان في الإقليم، الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الإتحاد الوطني الكوردستاني بخلافاتهما و المنافسة بينهما على النفوذ و الثروة، مما أضاعا فرصة تأريخية ثمينة جداً لتوحيد إقليم الجنوب.

8. القوات المسلحة: نتيجة إختلال القوة العسكرية بين الإقليم و قوة النظام السوري أو قوات المعاضة التي يتم دعمها من جهات عديدة، يحتاج الإقليم الى تأسيس قوات شبه عسكرية، تتمتع وحداتها بالمرونة و التنقل و التحرك الدائم و اللامركزية في إتخاذ القرارات، للتغلب على التفوق العسكري العددي و النوعي و التسليحي للطرف الآخر.

بسبب التفوق العسكري للعدو، ينبغي أن يركز الجيش الكوردستاني الى إتباع حرب العصابات و حرب المدن. يمكن بناء وحدات عسكرية صغيرة على شكل خلايا تتألف كل خلية من 10 الى 12 فرداً، حيث كلما يقلّ العدد، كلما يقلّ خطر إكتشاف أفراد الخلية من قِبل العدو و بالتالي ضمان ديمومة المقاومة. ينبغي أن تتسلح القوات المسلحة الكوردستانية بأسلحة دفاعية، مثل الألغام و مضادات الآليات المصفحة و مضادات الهليوكوبتر و بنادق القنص و القنابل اليدوية و المفرقعات و غيرها. كما أنه يجب أيضاً إنتشار القوات المسلحة في أكبر رقعة جغرافية ممكنة لإجبار العدو على نشر قواتها و بالتالي تشتيت قواتها و إضعافها و التغلب عليها. هكذا ترتبط الخلايا مع بعضها و تُشكّل وحدات أكبر، كما في الجيوش النظامية. كما يمكن أن يتم تقسيم الوحدات حسب الأصناف، مثل وحدات المدفعية و المشاة و مضادات الجو و مضادات الدبابات و التموين و النقل و الإتصالات و الإعلام و القيادة و القوات الخاصة و الإستخبارات و توفير المخابئ السرية و الوحدات الطبية و التمريضية و غيرها. يمكن أن يكون الضباط و ضباط الصف و الجنود الكوردستانيون الذين يتركون الجيش السوري، المصدر الرئيس لتشكيل الجيش الكوردستاني. كما أنه في حالة قلة أعداد الملتحقين بالجيش الكوردستاني أو الحاجة الى أفراد يخدمون في صنوف عسكرية محددة، يمكن فتح دورات تدريبية للشباب المدنيين لتأهيلهم في مختلف المجالات العسكرية.

أحب هنا أن أشير الى نقطة مهمة جداً و التي تتعلق بالموضوع الذي نحن بصدده، يجب تأسيس جيش كوردستاني مهني، و إبعاده عن السياسة و الأحزاب، و إلا سيصبح مجرد ميليشيات حزبية تتقاتل فيما بينها و يفشل في إداء مهمّته و تحقيق أهداف الثورة. ليتم أخذ الدروس و العِبر من التجربة الكوردستانية في إقليم جنوب كوردستان الذي لا يزال يفتقر الى جيش مهني موحّد و القوات المسلحة فيه منقسمة الى قسمَين، كل قسم ينتمي الى أحد الحزبَين الحاكمَين، و بذلك بعد مرور حوالي 23 عاماً من حكم الكوردستانيين لأنفسهم في الإقليم الجنوبي، لا يزال المسئولون الكوردستانيون عاجزين عن بناء قوات مسلحة (جيش و شرطة و مخابرات و أمن) كوردستانية مبنية على المهنية و الكفاءة.

في البداية، يمكن الإعتماد على ما يجلبه الملتحقون من الأسلحة عند تركهم الجيش السوري و من المغانم الحربية و عن طريق تهريب السلاح، خاصةً من إقليم جنوب كوردستان. عند إنهيار النظام البعثي، يمكن بسهولة وضع اليد على كافة الأسلحة التابعة للجيش السوري و الشرطة السورية في الإقليم، بل خارج الإقليم أيضاً.
 
أعلى