إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (19)

G.M.K Team

G.M.K Team
تأمين شروط الإدارة الذاتية (3)

د. مهدي كاكه يي

في المقالَين السابقَين، تمّ الحديث عن إيجاد مرجعية سياسية جامعة و ضرورة رفع شعار إستقلال كوردستان و تحديد حدود غرب كوردستان وكتابة دستور عصري للإقليم وإجراء إنتخابات برلمانية وبلدية بعد أن تستقر الأوضاع، كشروط للإدارة الذاتية الكوردستانية و في هذا المقال نواصل الحديث عن الشروط الأخرى.

6. الإمتناع عن التحالف أو التعاون مع الدول المحتلة لكوردستان: إن كافة الدول المحتلة لكوردستان لا تعترف مبدئياً بحقوق شعب كوردستان و غير مستعدة لإنهاء إغتصابها لكوردستان، لذلك لا يمكن الوثوق بوعود حكوماتها للكوردستانيين. عندما تمر هذه الحكومات بظروف صعبة و سيئة، تلجأ عادةً الى إتباع سياسة الوعود الكاذبة و عقد إتفاقيات مزيفة مع الكوردستانيين، كتكتيك مرحلي لتقوية نفسها و لإجتياز مصاعبها و بعد ذلك تعود من جديد الى سياستها العنصرية و تبدأ بإعلان الحرب على الشعب الكوردستاني. لذلك ينبغي على القوى السياسية الكوردستانية عدم تصديق الوعود المعسولة التي تتبجح بها حكومات الدول المحتلة لكوردستان وعدم التحالف معها، بل القيام بترتيب البيت الكوردستاني و الإعتماد على القوة الذاتية لتحقيق أهداف الشعب الكوردستاني.

كمثال في هذا الصدد، لنأخذ الحكم البعثي السوري، حيث قام النظام بإقامة الحزام العربي و تعريب كوردستان و تهجير سكانها و الإستيلاء على أراضيها و ممتلكاتها و تعريب أسماء المدن و القصبات و القرى الكوردستانية و عدم الإعتراف بالشعب الكوردي و منع تداول اللغة الكوردية و تحريم حوالي 300 ألف مواطن كوردي من المواطنة السورية و الإسم الرسمي لسوريا هو "الجمهورية العربية السورية" الذي يفضح عنصرية البعثيين و إعتبارهم الشعب الكوردي عرباً و حتى أن الدستور الجديد للنظام ينص على أن الشعب السوري هو جزء من الأمة العربية أي أنه يعتبر الكورد عرباً و لا يعترف الدستور الجديد بالشعب الكوردستاني و بحقوقه.

يجب أن لا ينخدع أي طرف كوردستاني بوعود النظام السوري ووعود المعارضة السورية و أن يتم أخذ الدروس من تجارب المواطنين الكوردستانيين في الإقليم الجنوبي، حيث إنخدع القادة السياسيون الكوردستانيون بوعود حزب البعث العراقي الذي كان آنذاك في عام 1970، ضعيفاً و يعاني من تنافس مراكز القوى الداخلية فيه و لا يسيطر سيطرة تامة على الوضع في العراق، فإستطاع البعثيون خداع القيادة الكوردستانية من خلال إتفاقية 11 آذار، لترسيخ حكمهم في العراق، على أن يتم تنفيذ بنود الإتفاقية بعد أربع سنوات. هكذا نجحوا في تكتيكهم مع الكوردستانيين و بعد إنقضاء الأربع سنوات، بدأوا بحرب وحشية ضد الشعب الكوردستاني.

كما أن إبعاد الزعيم الكوردستاني عبدالله أوجلان من سوريا مثال حيّ آخر على خطورة الإطمئنان لمحتلي كوردستان و التحالف معهم. لذلك من المهم جداً أن تعي كل الأطراف بأن أي إتفاق مع أي دولة محتلة لكوردستان سوف لا يخدم القضية الكوردستانية و أنه إنتحار و في نفس الوقت فأن جميع الأطراف السياسية الكوردستانية ستخسر، بما فيها الأطراف التي تتحالف مع الحكومة البعثية السورية الحالية أو أية دولة أخرى من الدول المحتلة لكوردستان.

7. الإمتناع عن الإقتتال الداخلي: يجب الإتفاق بين كافة الأطراف الكوردستانية على ميثاق، يُحرم سفك الدم الكوردستاني من قِبل شخص أو طرف كوردستاني مهما كانت الظروف و حل كافة الخلافات و الإختلافات بالوسائل الديمقراطية و بالتفاهم. الحرب الأهلية في كوردستان ستكون كارثة كبرى للشعب الكوردستاني و عملية إنتحار لكافة الأطراف السياسية.

يجب أن يكون الإقتتال الداخلي الذي إندلع في إقليم جنوب كوردستان بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الإتحاد الوطني الكوردستاني في العقد التاسع من القرن الماضي درساً لمواطني غرب كوردستان في تجنب مثل هذه الحروب الكارثية التي تكون فقط في صالح الدول المحتلة لكوردستان.

8. تأسيس مجلس إستشاري للأمن الوطني الكوردستاني: إن سكان الإقليم بحاجة الآن الى تشكيل مجلس إستشاري، يكون أعضاؤه أكاديميين و خبراء في المجالات المختلفة من سياسية و إقتصادية و إجتماعية و ثقافية و عسكرية و بيئية و إعلامية. المجلس سيتألف من هيئات مختلفة، كل هيئة تختص بإحدى المجالات. عمل هذا المجلس سيكون في الوقت الحاضر هو دراسة و متابعة التطورات الحاصلة في المجالات المختلفة المرتبطة بسكان الإقليم و شعب كوردستان و الدول الإقليمية و العالمية لرفع توصيات الى القيادة السياسية المُشكلة للإقليم في مختلف المجالات لمساعدة القيادة السياسية الحالية المختارة في وضع خططها و برامجها و تحديد آليات نضالها و تحالفاتها و بعد إستقرار الوضع في الإقليم، سيتطور عمل هذا المجلس، حيث تصبح مهمته وضع خطط و برامج و إستراتيجيات السلطة الوطنية الكوردستانية القادمة في الإقليم لخلق أمن وطني لسكان الإقليم و تطوير الإقليم و النهوض به و الحفاظ على مكتسباته. يمكن تسمية المجلس ب"المجلس الإستشاري للأمن الوطني" و الذي مهمته وضع إستراتيجيات الإقليم و تقديم توصيات و مقترحات وخطط و برامج للحكومة الكوردستانية التي ستنبثق بعد استقرار الوضع في الإقليم وسوريا.
 
أعلى