إقليم غرب كوردستان و إستراتيجية التحرير (26)

G.M.K Team

G.M.K Team
مقومات تحرر شعب كوردستان (1)

د. مهدي كاكه يي

هناك عناصر و شروط أساسية يجب توفرها ليتمكن شعب كوردستان أن يُحقق أهدافه في الحرية و الإستقلال. من أهم هذه العناصر هي:

1. كوردستان القوية هي الضمانة الأكيدة لتحقيق الإستقلال: الحياة تكون دوماً للأصلح و الأقوى. القوة تشمل الجوانب الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية و الثقافية و العلمية و التكنولوجية و الإعلامية. كلما كان الشعب الكوردستاني قوياً كلما تزداد فرص تحقيق حريته و إستقلاله و كلما يكون له ثقل أكبر في التوازنات و التحالفات الدولية و الإقليمية. كلما كان مواطنو غرب كوردستان موحدين و لهم حُسن التنظيم و وضوح الهدف و صواب الإستراتيجية و صحة وسائل و أساليب النضال، كلما يتكلل نضالهم بالنجاح بتضحيات أقل و يتم إختصار فترة الوصول الى تحقيق حريتهم و إستقلال كوردستانهم .

2. الإعتماد على النفس: السياسة مبنية على المصالح فقط، قد تلتقي اليوم مصالح طرفَين و تتقاطع غداً، فليس هناك علاقات ثابتة بين الدول و الشعوب، حيث تتبع العلاقات دائماً المصالح. عليه فأنه ينبغي أن يعتمد مواطنو غرب كوردستان على أنفسهم و يضعون إستراتيجياتهم و خططهم و برامجهم على هذا الأساس، و في نفس الوقت أن يعملوا على التنسيق و التعاون مع الشعوب و الدول و الأحزاب السياسية و المنظمات المختلفة التي تلتقي مصالحها مع مصالح شعب كوردستان. التعاون مع الدول المُغتصِبة لكوردستان و الإعتماد عليها، فأنه سيكون كارثة كبرى للشعب الكوردستاني و الذي يؤدي الى المآسي و الفشل و الإنتكاسات. التأريخ الكوردستاني ملئ بالتراجيديا الناتجة عن التعاون مع الدول المُغتصِبة لكوردستان و الإعتماد عليها.

3. رفع شعار الإستقلال: رفع شعار الإدارة اللامركزية أو الإدارة الذاتية أو الحكم الذاتي أو الفيدرالية من قِبل الغالبية العظمى من الحركات و الأحزاب السياسية الكوردستانية هو كارثة كبرى لشعب كوردستان لأنه إعلان صريح من قِبل الجهات التي تنادي بهذه الشعارات بقبول الإحتلال الإستيطاني لكوردستان من قِبل كل من سوريا و (تركيا) و إيران و العراق و قبولها بتجزئة كوردستان و تشتت شعبها، بالإضافة الى أن رفع شعار الإدارة اللامركزية أو الإدارة الذاتية أو الحكم الذاتي أو الفيدرالية، يجعل القضية الكوردستانية قضية داخلية للدول المحتلة لكوردستان و التي تمنع أن تصبح القضية الكوردستانية قضية دولية لشعب مستعبَد و بلاد محتلة . كما أن أصحاب هذه الشعارات يجهلون أو يتجاهلون واقع مجتمعات وشعوب الدول المُغتصِبة لكوردستان والواقع الكوردستاني، حيث تخلّف الشعوب المُغتصِبة لكوردستان و التربية العنصرية و الإستعلائية التي تلقتها هذه الشعوب و الموقع الجيوسياسي المهم لكوردستان و كوْن كوردستان مصدر مياه المنطقة و إحتواء باطن أرضها على إحتياطي ضخم من البترول و المعادن، و الأهم من كل هذا هو كوْن الشعب الكوردي شعباً أصيلاً عريقاً، يعيش على أرضه منذ ما قبل التأريخ، و بذلك فأن جذوره ممتدة الى أعماق الأرض الكوردستانية، بينما المُغتصِبون هم غزاة لا يزالون يعيشون في قلق و خوف و كابوس لعدم إرتباطهم بأرض كوردستان و شعورهم بأنهم غرباء و مُغتصِبون لكوردستان، و لهذا السبب نراهم يحاولون إلغاء وجود الأمة الكوردية و لغتها و ثقافتها و تراثها و وسرقة و تشويه تأريخها و تعريب و تتريك و تفريس أسماء آثارها و قراها و بلداتها و مدنها و مناطقها و كل شئ كوردي.

النظام الفيدرالي ماهو إلا نظام إداري لتوزيع الصلاحيات الإدارية بين الحكومة الفيدرالية و الحكومات المحلية و أن الحكومة المركزية تكون مسئولة عن قضايا السياسة الخارجية و المالية و القوات المسلحة. الأقاليم تكون تحت سيطرة الحكومة المركزية في النظام الفيدرالي من خلال سيطرتها على القوات المسلحة و السياسة المالية و الخارجية. يفشل النظام الفيدرالي في مجتمعات متقدمة مثل المجتمعات البلجيكية و الإسبانية و البريطانية و الكندية و غيرها فماذا ننتظر من مجتمعات متخلفة مثل المجتمعات السورية في تطبيقها للنظام الفيدرالي؟ تجربة إقليم جنوب كوردستان مع الفيدرالية و مع الحكومة العراقية ماثلة أمامنا اليوم و التي يجب أن تكون درساً بليغاً لمواطني إقليم غرب كوردستان، حيث كان يجب على القيادة السياسية لإقليم جنوب كوردستان، بعد إنشاء المنطقة الآمنة في عام 1991، أن تجري إستفتاءً شعبياً على إستقلال جنوب كوردستان تحت إشراف الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني العالمية، ليقرر من خلاله مواطنو الإقليم أن يستقلوا وينهوا علاقتهم مع دولة العراق، إلا أن هذه القيادة لم تقم بهذا الأمر، بل قرر الحزبان الحاكمان، الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الإتحاد الوطني الكوردستاني بتبنّي النظام الفيدرالي من خلال البرلمان الكوردستاني و بذلك أضاعت هذه القيادة فرصة تأريخية لإعلان إستقلال كوردستان، نتيجة الثقافة التبعية لهذه القيادة لمحتلي كوردستان و المتجذرة فيها، حيث أن هذه القيادة قررت بمحض إرادتها أن يستمر العراق في إغتصاب إقليم جنوب كوردستان، دون العودة الى رأي الشعب الكوردستاني في مثل هذا القرار المصيري. و ها هو اليوم يجنون نتائج قرارهم الكارثي و يتحمل شعب كوردستان آثاره المدمرة. من هنا ينبغي أن يرفع مواطنو غرب كوردستان شعار إستقلال كوردستان ليتخلصوا من الإحتلال و يكونوا سادة أحراراً في وطنهم.

4. تأسيس نظام سياسي ديمقراطي: إننا نعيش اليوم في عالم يتجه الى تبنّي النظام الديمقراطي نتيجة التطورات الكبرى الجارية في العالم، حيث أنه عصر إرادة الشعوب في إختيار أنظمتها السياسية و ممثليها من خلال إنتخابات حرة نزيهة و إنه عصر التعددية الحزبية و إحترام حقوق الإنسان و المرأة و الطفل و كبار السن و قبول الآخر المختلف و عصر المؤسسات، بعيداً عن التدخلات الحزبية و العشائرية و الشخصية، و عصر فصل السلطات التشريعية و القضائية و التنفيذية و فصل الدين عن السياسة. لذلك فأن أهم مقومات تحقيق حرية مواطني الإقليم هي التمسك بالنظام العلماني الديمقراطي و منع تدخل الأحزاب السياسية و رجال الدين في شؤون الدولة و إحترام القانون و بناء إدارة موحدة و جيش موحد لحماية مواطني الإقليم و الإبتعاد كلياً عن عقلية الحزب "القائد أو الأوحد" أو تفرد حزب واحد بالحكم، حيث أن نظام الحزب الأوحد أصبح خارج العصر الذي نحن فيه. الكوردستانيون يمرون في الوقت الحاضر بمرحلة التحرر الوطني، لذلك هم بحاجة الى توحيد صفوفهم و ترك الآيديولوجيا و الخلافات الحزبية جانباً الى أن تستقل كوردستان، حينذاك تبدأ المنافسة بين الآيديولوجيات و الأحزاب و الأفكار و يختار الشعب الطرف أو الأطراف الحاكمة من خلال إنتخابات حرة نزيهة. كما أنه ينبغي على مواطني غرب كوردستان القيام بأسرع وقت ممكن بوضع دستور متحضر، ينص على العلمانية و الديمقراطية و إحترام حقوق الإنسان و حرية التعبير و الرأي و المعتقد و التملك، ليكون مصدر القوانين و لتتم إدارة الإقليم إستناداً الى نصوصه.
 
أعلى