جميل بايك يشدد على ضرورة وصل كوباني وعفرين وتعميم الفيدرالية

G.M.K Team

G.M.K Team
شدد الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني جميل بايك،على ضرورة وصل مقاطعتي كوباني وعفرين وجعل الفيدراليّة نموذجاً من أجل سوريا برمّتها مؤكداً أن فيدرالية روج آفا -شمال سوريا مبنية على أساس الحقوق(حقوق كل مكون) وليس على أساس الأقلية أو الأكثرية.
4.jpg

وجاء ذلك في حوار للصحفي في جريدة روناهي إدريس حنان مع الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني جميل بايك حول الأوضاع والمستجدات الأخيرة على الساحة الكردستانية والإقليمية.

– بداية نرحّب بكم في صحيفتنا روناهي، لو بدأنا من حيث الأوضاع التي تمرّ بها شعوب المنطقة، من أجل ألّا تنزلق الإدارات المجتمعيّة إلى مستنقع السلطة، ما هي الآليات التي يمكن اتّباعها للحفاظ على ديمقراطيتها؟

جميل بايك: إنّ شعوب المنطقة تناضل من أجل أن تدفع عن نفسها الحرب التي تفرضها الحداثة الرأسماليّة عليها، وتحقّق استقراراً وتنمية في بلادها. ولكيلا تستغلّ نضالاتها من قبل غيرها؛ عليها أن تستوعب وتعمل ما طوّره القائد APO.

إذا ما وصلنا في الشرق الأوسط إلى مجتمع ونظام ديمقراطيين ووفق حقائق الثقافة والهويّة الوطنيّة، عندها يمكن القول إنّ شعوبها قد تحرّرت. القائد APO يناضل لكي يحيا الشرق الأوسط مرّة أخرى على جذوره التاريخيّة، مثلما لعب عبر التاريخ دوراً رياديّاً في خدمة الإنسانيّة، عليه أن يأخذ ذات المكانة. وإذا لم يتّحد مع حقائقه، لا يمكن انتشال ذاته من وسط المشاكل والمنغّصات التي تعترضه، استناداً إلى هذه الحقائق طوّر القائد APO هذا النموذج.

كافة قوى الحرّيّة والديمقراطيّة التفّت حول كوباني

– تركيّا الآن تساوم على مسائل مصيريّة، والهدف هو تصفية الكرد، إلى أيّ حدّ تستطيع تركيّا أن تحرّض الأطراف المعارضة ضدّ مشروع الكرد في فيدراليّة روج آفا – شمال سوريا؟

بايك: الآن روح القائد APO تعاش في كلّ مكان وليس فقط في روج آفا، والقائد له تأثير على كافة أجزاء كردستان وسوريا والشرق الأوسط أيضاً.

على فكر وبراديغما الأمّة الديمقراطيّة، الآن في روج آفاي كردستان تأسّست إدارة ذاتيّة ديمقراطيّة، واستطاعت أن تجمع كافة المكوّنات والشعوب والأديان والثقافات ضمن بوتقتها، وباتت نموذجاً عالميّاً لكلّ من يطمح لتحقيق الحريّة، الديمقراطيّة، العدالة والمساواة. وكلّهم قناعة أنّهم سيحققون ذلك بالاعتماد على براديغما القائد APO. وهم وجدوا في روج آفا مثالاً رائعاً في ترجمة هذه الأفكار إلى واقع ملموس، ولهذا فهم يتطلّعون إلى الاقتداء بها.

عندما هاجم داعش كوباني، كافة أبناء الشعب الكرديّ التفوا حولها، لأنّهم وجدوا فيها مصيرهم ومستقبلهم، تصدّرت كوباني بعد فيتنام المشهد العالميّ بمقاومتها. كافة قوى الحرّيّة والديمقراطيّة التفّت حول كوباني، وهي في الوقت نفسه دفاع عن مبادئ الحريّة والديمقراطيّة وعن نفسها. في ذات الوقت كانت وقفة ضدّ شتّى أنواع الظلم والإنكار. وإن لم تكن روج آفا نموذجاً لحلّ المسائل التي تعاني منها الشعوب؛ لما اهتمّ العالم بها. لأنّ روج آفا تمثّل التاريخ المشرق والقيم الإنسانيّة، لذلك رأينا كيف توجّه الآلاف من أحرار العالم إلى الحدود الفاصلة بين كوباني وباكور، وهي تتواءم مع ما طرحه القائد APO. لذلك كلّهم يسعون لفهم ما يحدث في روج آفا، لكي يستفيدوا منها، لأنّهم وجدوا أنّه الحلّ الأكثر واقعيّة، بالمقابل ما هو سائد خارج هذه المنظومة الفكريّة والقيميّة الآن لا يمكن أن يكون قوة حلّ للمشاكل التي تعاني منها الإنسانيّة.

جميع أزمات باشور، العراق وسوريا تقف وراءها تركيّا

– إذا ما تابعنا خارطة ثورة روج آفا اليوميّة وتطوّراتها، ومواقف حكومة AKP سوف نجد مقارباتها تجاه روج آفا وسوريا وباشور كردستان عدائيّة، كيف تنظرون إلى سياسة AKP – أردوغان تجاه روج آفا وسوريا؟

بايك: أردوغان وحزب العدالة والتنمية أعداء للكرد، وهما يربطان وجودهما بهذه المسألة. والسياسة التي ينتهجونها معادية للكرد، وتراودهم دائماً أحلام كيف سيحوّل الشعب والمجتمع التركي وثقافته ورايته إلى سلطة تتحكّم بباقي الشعوب والبلدان في الشرق الأوسط وحتّى البلقان، أي إحياء السلطنة العثمانيّة التي في مضمونها قتل إرادة كافة الشعوب والأديان. والعقبة الكبرى في طريق إنجاز هذا المشروع هو الشعب الكرديّ والحركة الآبوجية. وهو دائماً يقول: “الحركة الآبوجيّة حالت دون تحقيقي لأهدافي، ومقاومتها تشكّل خطراً عليّ وحتّى إنّها تفتح الطريق أمام محاكمتي”. ولهذا هو ينتقم من الشعب الكرديّ متجاهلاً كافة القوانين الدوليّة. لكن على العكس تماماً، كافة محاولات الدولة التركيّة في القضاء على الحركة الآبوجيّة، طوّرت من مستوى عملها ونضالها وعلى كافة المستويات.

لأجل الحصول على نتائج ملموسة، وضع أردوغان روج آفا نصب عينيه، وحسب مخطّطه فإنّ القضاء على باكور يمرّ عبر القضاء على تجربة روج آفا، هذا المخطّط بُدئ بتنفيذه في الهجوم على كوباني، حيث كان يدّعي: ” لقد سقطت كوباني.. ستسقط، وبعدها ستسقط عفرين”. وعندما لم تسقط كوباني ووقف العالم الحرّ الديمقراطيّ أجمع معها، هنا كانت بداية فشل مخطط وسياسة أردوغان في روج آفا. لذلك غيّر من تكتيكاته واتّجه لتنفيذ مخططه في باكور كردستان. لكن فشل سياسته في روج آفا سيكتمل في باكور، لأنه لا يمكن الفصل بين روج آفا وباكور، وهذه هي الحقيقة.

إنجازات روج آفا تخدم باكور، وما يصيبها يصيب روج آفا، والعكس صحيح. لذلك دائماً هجماتهم مستمرّة على روج آفا، وبعض الأطراف الدوليّة تتناغم مع سياسة أردوغان وتعادي روج آفا.

أردوغان يسعى لأن لا تتّصل كوباني وعفرين ولا يصل الكرد لأيّ من حقوقهم. وتركيّا تحاول أن تبقي مناطق الشهباء تحت سيطرتها لتتحكّم بروج آفا وسوريا. يبدو أنّها اتّفقت مع أمريكا، لكن الكرد أفلسوا سياسة تركيّا من مضمونها، لهذا تسعى للانتقام منهم. وقصف مدينة كلّس ببعض الصواريخ مرتبط بهذه السياسة وأوامره تصدر من أردوغان مباشرة، ليستخدمها ذريعة للتدخّل في روج آفا.

على من يُديرون روج آفا وكذلك كافة المكوّنات والأديان أن تدرك أنّ الجزء الكبير من الأزمة هو تركيّا، ما يستدعي أن تتّخذ مواقف ضدّ التدخّل التركي. إذا كان PDK وداعش يشكّلان تهديداً على روج آفا، فإنّ تركيّا تنظّمهما ويتحرّكون ضمن تحالف مشترك. جميع أزمات باشور، العراق وسوريا تقف وراءها تركيّا، والهدف منها فرض هيمنتها على المنطقة، عبر إضعافها تمهيداً للسيطرة عليها، لذا يتطلب من شعوب المنطقة أن تقف ضدّ هذه السياسات.

– الصمت الدوليّ إزاء سياسات الدولة التركيّة في روج آفا وباكور كردستان، يصفها بعض المحللين بأنّها مشاركة في عمليات الإمحاء والتصفية، ويراد من الكرد أن يكونوا فقط كأداة لتنفيذ سياساتهم في المنطقة، إلى أيّ مستوى الشعب الكردي مستعدّ لأن يفرّغ هذه المشاريع والمخططات من مضامينها؟

بايك: يجب على من يتبوّأ قيادة وإدارة الشعب الكرديّ أن يؤمن بقوّته وعلى أساسها يصعّد من نضاله، وأن يحلّ كافة مشاكله بالنضال والمقاومة، وأن يجد ويطوّر الحلول في نفسه، وإذا ما اُعتمد هذا الأسلوب في نضاله، سيُفشل المخططات التي تُحاك ضدّ الكرد، بل سيحققون انتصارات كبيرة.

سابقاً كانت فرص التصدّي لهكذا مخططات ضئيلة، لكن الآن هناك إمكانية لردّها وبقوة القائد APO وPKK أثبتوا ذلك. في بداية هذه الحركة القائد APO اتّخذ هذا الأسلوب أساساً في النضال، لأنّ العالم أجمع لم يكن يقبل بالكرد، وأيّ تطرّق للموضوع الكرديّ كان يعتبر ذنباً، لذا كانت كافة سياسات الإمحاء والإنكار تمارس ضدّ الكرد.

لقد طوّرنا في كردستان حركة الحرّيّة، حتّى ادّعوا أنّ العالم أجمع سيقف ضدّنا. وإذا كنت تريد أن تنقذ الكرد من بين براثن الموت وتحيّيهم مرّة أخرى، عليك أن تطوّر مفهوم التضحية والمقاومة وتأخذه كمنطلق في نضالك. وإن أثبتّ ذاتك وقوتك، حينها لك حقّ الحياة. وعندما تصبح حركة للحرّيّة والديمقراطية، حينها ستضع القضيّة الكرديّة على أجندات كافة دول العالم، وتفرض عليها قبولها. هذه النظريّة سابقاً والآن ومستقبلاً لها حيويّتها وفاعليتها. مازالت هناك مخاطر تهدّد الوجود الكرديّ، وإلى الآن يوجد من لا يقبل بالكرد كشعب له قضيّة.

على الكرد وصل عفرين بكوباني، وجعل الفيدراليّة نموذجاً من أجل سوريا برمّتها

– الشيء اللافت للانتباه، أنّ البعض يسعى لاستخدام الكرد لتحقيق أهدافه، ألا يحمل هذا الأمر معه مخاطر جدّيّة وكبيرة؟

بايك: الكلّ يحاول الاستفادة من الكرد، لأنّ الكرد مولعون بالحرّيّة والديمقراطيّة، لهذا حياتهم دائماً نضال وكفاح ومقاومة وحروب. الكلّ يسعى لوضع الكرد في خدمتهم، وليس لبناء علاقة معه كشعب له حقوقه الطبيعيّة ويعترف بها ويضع حلاً لقضيّته. حتّى المقاربات الإيجابيّة التي أبداها البعض في المجال العسكريّ، هدفها إقحام الكرد في الحروب، ويمكن ملاحظة هذا الأمر في روج آفا بشكل واضح. يرتقون بعلاقاتهم في الجانب العسكريّ، لكن السياسيّ يبقى كما هو ولا يولونها أهميّة ولا يعترفون به. لا يشركون الكرد في مفاوضات مؤتمر جنيف. الكرد بنضالهم أنشؤوا الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة ونظام الكانتونات، إلا أنّ تلك الأطراف التي تدعمهم عسكريّاً إلى الآن لم تعترف بها رسمياً. يقولون إنّه بإمكانهم تسخير الكرد وفي النهاية سنتمكّن من إخراجهم صفر اليدين، يجب على الكرد فهم هذه الحقيقة وإدراكها بشكل جيّد.

ينبغي ألا يصبح الكرد جنوداً للآخرين ويحاربوا لأجلهم، فقط عليهم أن يحاربوا لأجل أهدافهم المشروعة ويفرضوا على الآخرين القبول بها، وإذا أخذ الكرد بهذه المسلّمات، فأمامهم فرص كبيرة.

حتّى يتمكنوا من نيل الاعتراف السياسيّ بكياناتهم، عليهم أن يطوّروا هياكلها لتتلاءم مع أهدافهم وتطلّعات مجتمعاتهم. لذلك عليهم استيعاب ذلك جيّداً وأن لا يثقوا بأحد، عليهم أن يثقوا بأنفسهم فقط. يجب عدم الاعتماد على قوّة وفرص الآخرين للحصول على بعض المكاسب، يجب ألا ينخدعوا بها، إنّها تعتبر غفلة. وتوجد في التاريخ الكرديّ العديد من هذه الأمثلة. على الكرد من الآن فصاعداً إفشال هذه المخططات. لهذا أعلنوا عن فيدراليّة روج آفا – شمال سوريا، على الكرد فتح الطريق بين عفرين وكوباني، وجعل الفيدراليّة نموذجاً من أجل سوريا برمّتها، وبالتالي بناء جيشهم وحكومتهم التي تقود هذه المرحلة، عندها من يبدي مقاربات سلبيّة من الكرد سيغيّرونها كسياسة أمر واقع لا مفرّ منها، حينها سيكون حلّ الأزمة السورية داخل الوطن وليس في جنيف، لأنّ الفيدراليّة ستجهض كافة المحاولات الساعية لفرض أجندات خارجيّة عليها من قبل دول الحداثة الرأسماليّة، لذلك على الكرد إيصال هذه الفيدراليّة إلى النجاح لتحقيق الديمقراطيّة.

ENKS يلعب دوراً سلبيّاً ويخدم الأعداء بالهجوم على الكرد وقيمهم

– ثورة روج آفا توّجت بإعلان الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة وإعلاء راية المقاومة، كلّ ذلك تمّ بدفع أثمان باهظة من دماء أبنائها، ما هي كلمتكم للشعب الكرديّ في روج آفا وباقي المكوّنات المتعايشة معه؟

بايك: على من يقود النضال في روج آفا وشعبنا عموماً وباقي المكوّنات عدم تناول المسائل من زاوية ضيّقة، وأن يدركوا أنّ هناك مخططات كبيرة وخطيرة تُحاك ضدّ روج آفا. ديدنهم الفصل بين الكرد والشعوب والأديان والثقافات الأخرى، وتعكير صفو العلاقة التاريخيّة بينهم، ليسهل لهم التحكّم بها ووضعهم في خدمة أهدافهم وأجنداتهم، وبالتالي ترك الكرد وحيدين يواجهون مصيرهم وحدهم. وكذلك تعميق الشرخ الموجود بين الكرد أنفسهم حتّى بين من يقفون مع الثورة الآن. وفق هذا المخطط فرضوا الحصار ويمارسون ضغوطاً عليهم، حتّى وصلت بهم الوقاحة بأنّه على روج آفا قبول القطيعة مع فكر وفلسفة وإيديولوجيّة القائد APO كأحد الأساليب للقضاء على الثورة. لذلك من المفترض أن تتصف إستراتيجيّتهم بالموضوعيّة حيال كافة المسائل، وأن يقرّوا بكافة المكوّنات الأخرى ما يجدونها أنّها حقوق طبيعية لهم، ليصلوا إلى مجتمع ونظام ديمقراطيّ على أساس الكونفيدراليّة الديمقراطيّة لكافة الشعوب. ويوطّدوا العلاقات مع الحركات والقوى التحرريّة والديمقراطيّة، ولا يصحّ القول بأنّها صغيرة وأدوارها محدودة، حتّى وإن كان شخصاً يجب أن يُحتضن ويكون له دور وينفّذ ما يلقى على عاتقه من مهام ووظائف. كما لا يجوز أن يفرّق بين الشعب بدعوى” هذا قريب منّا، وذاك بعيد منّا”.

الآن هناك ثورة تمتلك إرادة خاصّة بها، ومن يديرها ويقودها عليه احتضان كافة أبناء المجتمع ولا يخلق التمايزات بينهم ويوزّع الفرص بين الجميع على أساس من العدل والإنصاف ويضعها في خدمة المجتمع، ليس فقط مع من يعملون ويناضلون معهم، بل حتّى تجاه أعضاء الأحزاب الأخرى، وأن يُنظر إليهم كجزء منهم. يعني ألا يحوّل التناقضات الموجودة بينه وبين الأحزاب الأخرى إلى تناقضات بين الشعب. كذلك بين الكرد، العرب، الأرمن، التركمان، الدروز، العلويين والتنظيمات الأخرى، عليهم إزالة الفوارق بينها.

عليهم أن يتفاعلوا مع الهويّات، القيم، الثقافات واللغات الأخرى ويغدوا جزءاً متكاملاً داخل نظامهم الديمقراطيّ. وأن يتّخذوا مواقف جريئة ضدّ سياسات الإنكار والتهميش، ويدرك ما يطلبه لنفسه وما يطلبه للآخرين، ويبني ضمن هذه التمايزات التي تغنيه، وحدة قوية ومتنوّعة. إذما تطوّر هذا الفكر وهذه الرؤية وغدت واقعاً ملموساً وعمليّاً، عندها لن يستطيع أحد بثّ الفتن وزرع التناقضات بينهم ويفرّق صفوفهم، وبالتالي لن يكون بمقدور أحد أن يقضي على الثورة. وإذا تطوّرت الثورة على الجذور والأسس التي انطلقت عليها، ستغدو ثورة دائمة وثورة الشرق الأوسط والإنسانيّة برمّتها.

على الكرد قبول حقوق الآخرين مثل حقوقهم، لا أن يقولوا إنّني حاربت أكثر من الكلّ لذلك يجب أن تكون حصّتي من الحقوق أكثر من غيري. من يدير ويقود النضال عليه أن يجذب الجميع إليه وإلى النضال والحركة، ويخلق وحدة وطنيّة بين الكرد.

بات واضحاً ومعروفاً أنّ ENKS يلعب دوراً سلبيّاً ويخدم الأعداء بالهجوم على الكرد وقيمهم، لأنّ ENKS يتحالف مع القوى التي تهاجم الشيخ مقصود، إنّه جزء من الإئتلاف. إذا أراد ENKS الوقوف ضدّ تلك الهجمات، فإنه يستدعي أن يبتعد عن الإئتلاف، ويحتلّ مكانه ضمن صفوف شعبه الكرديّ. على المرء أن يلاحظ، هم لا يبدون أيّ معارضة للإئتلاف لأنهم لا يريدون الخروج من صفوفه، وبالتالي يجدون أنّ تلك الهجمات مشروعة لأنّهم جزء منها، إنّهم يعادون الكرد، تدمير منازل الكرد وارتكاب المجازر بحقّهم يجدونه أمراً طبيعيّاً. لذلك على كلّ من يدّعي الشرف والغيرة الوطنيّة أن يعرف هذه الحقيقة ويتّخذ موقفاً معارضاً لها، عليه ألا يتّخذ مكانه ضمن ENKS بل بين شعبه ويناضل معه، لأنّه يرى بأمّ عينه عداء PDK، داعش، تركيّا والإئتلاف لروج آفا والمؤامرات التي تدبّر لها، ليس العسكريّة فقط، بل السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة في محاولة لزعزعة ثقة الشعب بالثورة.

عليهم أن يتأقلموا مع كافة الظروف والشروط ويسيروا بنضالهم إلى الأمام، ويثقوا بأنفسهم، ولا يربطوا أنفسهم بأحد ليتمكّنوا من الوقوف ضدّ كلّ من يحاربهم ويخطط للقضاء عليهم. ويناضلوا بقوّتهم وحدها ليذللوا العقبات التي تعترضهم، حينها ومهما تكُن الهجمات قويّة ومتعددة فإنهم سيردّونها عن أنفسهم، مهما كان الحصار جائراً وقاسياً سيتجاوزونه، مهما كانت المؤامرات كبيرة سيُفشِلونها، بقوّة الكرد فقط سينجح الكرد، وعلى هذا الأساس أتمنّى النجاح لهم.

فيدراليّة روج آفا تبنى على أساس الحقوق وليس مبدأ الأكثريّة والأقليّة

– ما هي التمايزات بين فيدراليّة روج آفا وباشور كردستان، وإلى أيّة أسس تستند كلّ منهما، وفي أيّ إطار يمكن القول إنّها تحمي المصالح الوطنيّة الكرديّة؟

بايك: لقد بُنيت الفيدراليّة في باشور كردستان على أساس “الدولة القوميّة”، فيما فيدراليّة روج آفا تستند إلى مفهوم “الأمّة الديمقراطيّة”، والإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة التي مازالت تؤسّس نفسها. لذلك بينهما فوارق كبيرة، رغم تشابههما في الاسم. الأولى تعتمد بالدرجة الأولى على السلطة وتخلق معها آلياتها في التبعيّة، بينما الثانية جوهرها المجتمع والنظام الديمقراطيّ. فيدراليّة باشور لم تغيّر من مفاهيم المجتمع، فقط طال التغيير شكل السلطة، سابقاً كانت الدولة العراقيّة هي الحاكمة، الآن هناك سلطة كرديّة كبديل لها وبذات المواصفات تقريباً، وهذا لم يُحدث تطوّرات ذات شأن في مفاهيم العبوديّة والتبعيّة التي كانت سائدة.

في روج آفا تمّ دفن السلطة، وتطوّرت المفاهيم الديمقراطيّة والحريّة والعدالة. فيدراليّة باشور تعتريها نواقص وأخطاء عديدة ولم تتمكّن من تجاوزها إلى الآن، لكن في روج آفا يتمّ الوقوف عليها ومعالجتها وترسيخ ديمقراطيّة المجتمع ليكون هو من يقود نفسه وليس عن طريق السلطة. فيدراليّة باشور تعتمد مفاهيم القرن العشرين المتمثّلة في الأكثريّة والأقليّة، والغلبة والسلطة دائماً للأكثريّة، فيما الأقليّة حظوظها قد تكون معدومة في الحصول على حقوقها.

فيدراليّة روج آفا التي تتماشى مع روح القرن الحادي والعشرين، تُبنى على أساس الحقوق، مهما كان عدد الأقليّة، فإنّ لها حقوقاً مثل الأكثريّة، وهذه هي الديمقراطيّة والعدالة والحريّة والمساواة، وهي التي تمهّد الأرضيّة لنشر السلام وهي تمثّل حقيقة الإنسانيّة، حيث تُلغى كافة الفوارق والحروب وحالات الإنكار وتقطع الطريق على المجازر الجماعيّة التي ترتكبها الأكثريّة ضدّ الأقليّة. روج آفا تسير في طريق التأسيس لإزالة هذه المظالم التاريخيّة التي وقعت بحقّ الأقليّات (القوميّة، الدينيّة، المذهبيّة، العرقيّة…إلخ).

فيدراليّة باشور وباعتبارها لم تتجاوز في جوهرها مفهوم الأكثريّة – الأقليّة، تعيش تناقضات جمّة، وهذا ما ينعكس على المجتمع في زيادة الشروخ لتصل إلى مستوى العداء. إذا ما نظرنا إلى باشور نجد أنّه يعيش تناقضات مع العراق ومحيطه الخارجي وبين أبناء شعبنا في باشور أيضاً، ولا يستطيع الخروج منها أو إيجاد حلول ناجعة لها، لأنّ النظام يخلق تناقضاته في ذاته ويحافظ عليها ويديمها. لذلك وصل إلى مرحلة الانغلاق والإفلاس، ويعاني من مشاكل سياسيّة واقتصاديّة ومجتمعيّة وحتّى عسكريّة تتعمّق أكثر فأكثر. ولا يستطيع أن يتوصّل إلى حلول واقعيّة مع أيّ من الأطراف المعنيّة بالأمر. بينما في روج آفا توصّلت المكوّنات إلى تفاهمات وتقاطعات فيما بينها ومع المحيط الجغرافيّ والدّيمغرافيّ، لأنّ الجميع لديه إيمان قويّ بأنّها تضمن الحقوق والعدالة والحريّة والمساواة.

لو أنّ الكريلا لم تنجز عملاً بطوليّاً؛ لما تسنّى للبيشمركه دخول شنكال ثانية

– كيف لـPDK أن يتدخّل ويحدّد مهام ودور القوى الكرديّة، خاصّة عندما رأينا البرزاني يطالب الكريلا “بالانسحاب بسلام” من شنكال بعد حمايتهم لأهلها، رسالته تلك تخدم مَنْ؟

بايك: عندما دخلت الـHPG شنكال، لم تكن هناك لا حكومة الإقليم ولا البيشمركه، واستولى داعش عليها أيديهم وطردهم منها. ولو أنّ الأمر كذلك، لكنّا قلنا بأنّ للـPDK كلّ الحقّ في قول ذلك. الـYPG ساعدت الـHPG، الكلّ فهموا الأمر بشكل خاطئ ومعكوس بأنّ الـYPG تدخّلت والـHPG ساعدتها. وبقيت الـHPG هناك حتّى النهاية وحاربت وأسّست لمشروع، حينها لم تكن البيشمركه متواجدة في شنكال، بل سلّموها لداعش بدون أيّ قتال، فحاول داعش أن يرتكب مجازر وبالجملة، حينها وضعنا نصب أعيننا أنّه لو اُستشهد الكريلا جميعهم، فلن نترك شنكال لقمة سائغة لداعش، لذلك قطعوا الطريق على داعش لفرض سيطرته التامّة على شنكال، وقاموا بحماية المناطق التي لم يصلها. ولو أنّ الكريلا لم تنجز هذا العمل البطوليّ؛ لما تسنّى للبيشمركه أيضاً الدخول إلى شنكال ثانية، وفي هذه الحالة هم مدينون للكريلا، وكان المفروض أن يقدّموا لهم الشكر، وهذه حقيقة على PDK الإقرار بها. لولا تدخّل الكريلا في حماية شنكال لوجّهت ضربة كبيرة إلى حكومة الإقليم ومجلسها وحتّى PDK، لذا يتوجّب أن يحترموا الكريلا لا أن يعادوها.

تعاون PDK مع تركيّا جوهره توجيه الضربات لـPKK تمهيداً لتصفيته

– الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ وبدعم من تركيّا وعن طريق بقايا ما يسمّى الـENKS يسعى لفرض هيمنته وبالقوّة على روج آفا، وأبرز تجلياتها في الوقت الراهن الحصار وقطع الطرق، الحرب السياسيّة والتشهير بروج آفا، برأيكم هل هذه الأفعال ستحقق ما يصبو إليه PDK ويتصوّره في خياله؟

بايك: السياسة التي يتّبعها PDK في باشور وكذلك تجاه باكور وروجهلات وروج آفا لا تخدم الشعب الكرديّ، على العكس تماماً تلحق الضرر بالشعب الكرديّ، وتصبّ في خدمة أعداء الكرد وخاصّة الدولة الفاشيّة التركيّة وداعش.

إذا نظرنا إلى روج آفا، نجد أنّ مرتزقة داعش، تركيّا و PDKقد اتّفقوا فيما بينهم لفرض حصارهم الجائر عليها. كما أنّ تركيّا تسعى لاحتلال روج آفا، وكذلك الحزب الديمقراطيّ، ومعروف أنّ مرتزقة داعش لم توقف هجماتها عليها ولو ليوم واحد، أي إنّ الكلّ يحاول القضاء على ثورة روج آفا وإرادتها وتصفيتها. كذلك في باكور سياسة الديمقراطيّ تخدم AKP الذي لا يتوانى عن ارتكاب أفظع الأعمال الوحشيّة ضدّ شعبنا من خلال المجازر الجماعيّة والتهجير القسريّ الممنهج وتفريغ المدن، يهدّم البيوت فوق رؤوس أصحابها ويستولي على أملاكهم، يعرّي النساء، يقتل الشيوخ حتّى لا يرحم حيواناتهم، أي إنّه يقضي على كلّ شيء حيّ. رغم كلّ هذه الأفعال اللا إنسانية لم يصدر PDK إلى الآن ولو بيان واحد يدين الدولة التركيّة، بل يقول إنّ أردوغان وAKP أفضل للكرد من كلّ الأحزاب. لا ندري ما هي حسنات وميّزات أردوغان وحزبه، هو يسعى إلى إزالة الكرد من الوجود. وهو يتمادى في روج آفا وباشور أيضاً، حيث يقصف يوميّاً القرى ويلحق أضراراً بالغة بسكّانها، كما أنه يتدخّل في الشؤون الداخليّة في باشور ويؤجّج الخلافات البينيّة لتصل إلى الاقتتال والحرب الداخليّة.

تعاون PDK مع تركيّا جوهره توجيه الضربات لـPKK تمهيداً لتصفيته، وهو في النهاية يخدم سياسة أردوغان وحده، وهو يجد أنّ ما يمارسه أردوغان بحقّ الكرد أمراً جيّداً. أردوغان يقول للحزب الديمقراطيّ: “إذا وقفتم معي في محاربة PKK والتزمتم الصمت إزاء ما نفعله ضدّ الكرد وأبديتم مساندتكم لنا، حينها سندعمكم ونقف معكم لإعلان الدولة الكرديّة، وسنساعدكم لأن تنظّموا أنفسكم في روج آفا وباكور أيضاً كبديل للـPKK وسنقوي من نفوذكم مقابل تصفية ثورتي روج آفا وباكور”، والمؤسف أنّهم يقتنعون بذلك، وعلى هذا الأساس ينسّقون معاً.

لكن أردوغان بذاته قال لقد ارتكبنا خطأ في باشور ولن نكرّره في روج آفا، ويعني أنه لن يدع الكرد يحصلون على أيّ من المكاسب، وإن حصلوا عليها سيحاول القضاء عليها. أردوغان يمارس سياسة خبيثة في دفع الكرد لمعاداة بعضهم، ليقتل الكرد بيد الكرد وليحقق حلمه العثمانيّ، هذه السياسة بكلّ الأحوال لا تخدم PDK أيضاً وستقضي عليه أيضاً، لذا عليه أن يحترس لذلك ويقف في الموقف الصحّ مع شعبه.

– تُعرف ثورة روج آفا بثورة المرأة، كيف تقيّمون دور المرأة فيها خاصة بعد أن ذاع صيتها في كافة أرجاء العالم وأصبح لها مكانتها ووقعها الخاص بها؟

بايك: نعم ذلك صحيح، فثورة روج آفا التي تطوّرت في جوهرها بنضال المرأة بدأت تلقي بظلالها على الشرق الأوسط برمّته. ثورة المرأة بإمكانها أن تغيّر الذهنية التي ترسّخت عبر التاريخ حول المرأة ليس في كردستان فقط، بل في العالم والمتمحورة حول السلطة والعبودية، أي ذهنيّة الرجل.

في ذهنيّة الرجل المتسلط لا مكان للمرأة التي هي الحياة بحدّ ذاتها، ولا وجود للديمقراطية، الحريّة والعدالة فيها. وإن كنّا نريد أن نحدث تغييراً في الشرق الأوسط والعالم، علينا أن نتّخذ من حريّة المرأة أساساً ومنطلقاً لنا. والقائد APO خلق حركة تحرّرية مبنيّة على حرية المرأة. الآن المرأة الكرديّة في الشرق الأوسط تقود النضال ليس لأجل الكرد فقط، بل لزرع القيم الديمقراطيّة والحريّة ولأجل الإنسانيّة جمعاء. والمثال الأبرز والذي اندهش العالم حياله كان في كوباني. والمرأة الكردية تجسّد حقيقة المجتمع الكردي والحركة الآبوجية وأفهمتها للعالم. لهذا اتّجه الجميع إلى كوباني واتّخذوها قدوة لهم، لقد عرفت العالم بالمرأة الكردية وبالمجتمع الكردي والحركة الآبوجية في آن معاً. من جانب آخر أثبتت أنّ قوّة المرأة التحرّرية والديمقراطيّة وتحت كافة الظروف والشروط بإمكانها خلق فرص الحياة، تلك المرأة تسلّحت بفكر وفلسفة وإيديولوجية القائد APO.

لقد انقسمت كلّ التحالفات المضادّة للحركة الآبوجية والتي قادتها المدنيّة الرأسماليّة والأنظمة الرجعيّة، وأوجدوا بديلاً آخر ليزيدوا الشرخ بين الشعوب، الأديان والثقافات وكان تأثيرها الأكبر على المرأة.

حقيقة الحركة الآبوجية ليس كما تصوّرتها المدنيّة الرأسماليّة وسوّق لها النظام التركي وحدث تشويه متعمّد لهذه الحقيقة، إلا أنّها الآن بدأت تبدي مقاربات مختلفة ومغايرة، لأنّهم يتطلعون إلى تحقيق أهدافهم وأمانيهم في هذه الحركة، هذا التغيير في كردستان خلقته المرأة الكردية بنضالها، وهذا التغيير مستمرّ وبوتيرة قويّة.

– شعبنا في باشور كردستان يعيش ثورة روج آفا وباكور كردستان، لكن للأسف يواجه وطأة الخوف الذي فرضه PDK عليه، ما هو المطلوب منه لينضمّ إلى مسيرة الانبعاث الجديدة؟

بايك: النظام المتّبع في باشور لا يمكنه الاستمرار بهذه الذهنيّة والهيكليّة، وكلّ يوم تتعمّق المشاكل الاقتصاديّة، السياسيّة، الاجتماعيّة والعسكريّة. ولهذا تظهر معارضات ضدّ الحكومة والأحزاب، ومن أجل ألا تتطوّر أكثر، يُديرون وجهة المعارضين تُجاه اللجوء إلى الخارج، وهذا خطأ، يجب أن يبقوا في وطنهم، واللجوء لا يحلّ المشكلة، بل يعقّدها. السلطة الراهنة تسعى لإطالة عمرها حتّى وسط الأزمات المتفاقمة. كيف للشعب أن يتحرّر من الممارسات السلطويّة ويفتح الطريق أمام التحوّلات الديمقراطيّة وهو يتطلّع للهجرة واللجوء. ما هو سائد في باشور ليس نظاماً ديمقراطيّاً، هو نظام فردي لا يدع المجتمع يعبّر عن إرادته بحرّيّة وديمقراطيّة، وعليه من الواجب إحداث تغيير في الذهنيّة التي أخذت نموذج الدولة السلطويّة، التي تعدّ منبعاً للمشاكل الاجتماعيّة والشخصيّة.

أن يتّخذ PDK من السياسة الوطنيّة أساساً له

– كلّ ما يطرحه PDK يدّعي أنّه يأتي تحت يافطة “الوطنيّة الكرديّة”، وهي تتجلّى في الأزمات التي تعصف بباشور كردستان، فيما إذا أراد العودة إلى الخيمة الوطنيّة، ما هي استحقاقات ذلك، وإن لم يعد ما هي انعكاسات ذلك عليه كحزب؟

بايك: الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ مسؤول عن الأزمة التي يمرّ بها باشور، ومن أجل صرف الأنظار عن جوهرها يدّعي أنّه سيعلن دولة كرديّة. أحياناً يلعب على قضيّة كركوك وطوز خورماتو، وبهذا يخدم سياسة المحتلّين. والانتهاكات التي يرتكبها بحقّ الشعب يسعى للتغطية والتمويه عليها وإخفاء حقيقته. وتنعكس عليه سلباً، حيث يفقد مشروعيّته بين الكرد ويدخل في أزمات أعمق وينزلق نحو الكارثيّة. لقد ربط مصيره بأردوغان في باشور وباكور وروج آفا والكلّ يتحدّث عن ذلك, ولو اتّجه نحو شعبه وقواه الوطنيّة يمكنه انتشال نفسه ممّا يمرّ به، ورويداً رويداً يفقد احترامه بين الشعب الكرديّ.

إنّ هذا العمل لا يخدم الكرد ولا PDK، وعلى شعبنا رؤية هذه المخاطر وتحدّيها ومواجهتها، لأنّها سياسة لا وطنيّة وأدّت إلى استفحال الأزمات في باشور. هذه السياسة تخدم أردوغان والدولة التركيّة فقط ومعادية للكرد، وعلى شعبنا أن يرفض هذه السياسة. نحن لا نريد أن يكون مصير PDK كمصير أردوغان وAKP، ولا مصلحة للشعب الكرديّ فيما يُقدم عليه الحزب الديمقراطيّ، وعليه أن يتّخذ من السياسة الوطنيّة أساساً له، ويقطع علاقاته مع داعش. إلى جانب أنّه من المفترض أن تخدم سياساته روج آفا وباشور معاً، في وضع إمكانات باشور في خدمة كافة أجزاء كردستان، لا أن يضعها في خدمته، يضحّي بكلّ شيء في سبيل الحفاظ على سلطته. أملنا أن يتخلّى عن سياسته هذه، اليوم قبل الغد، ونحن جميعاً بحاجة ماسّة إلى عقد مؤتمر وطنيّ، فأمام الشعب الكرديّ فرصة تاريخيّة رغم وجود مخاطر كبيرة عليه في الوقت ذاته، إلّا أنّه يمكنه أن يزيلها ويقود شعوب المنطقة أيضاً نحو حلّ مشاكله ومشاكل شعوب الشرق الأوسط قاطبة. إنّ عقد المؤتمر الوطنيّ الكردستانيّ هو بمثابة الخبز والماء والهواء بالنسبة للكرد.

على الشعب الكرديّ الضغط باتجاه عقد مؤتمر وطنيّ كردستانيّ وتأخيره ليس في صالحه

– كيف يمكن أن يخدم المؤتمر الوطني الكردستانيّ قضيّة الكرد والإنسانيّة؟

بايك: إن لم ينعقد مؤتمر وطنيّ، فإنّه لن تتطوّر سياسة كرديّة، وتتوحّد إرادة الكرد وشعوب المنطقة. وما يكابده الكرد من منغّصات تحول دون عقد المؤتمر، ومردّها إلى PDK لأنّه يمارس سلطة مطلقة في باشور وله ذيول في كافة الأجزاء. وحدها سياساته تلحق الضرر بالكرد وتزيد من المخاطر على القضيّة وتغلق الأبواب أمام الحلول. لا يستثمر الفرص السانحة ولا يدع غيره أيضاً. ونقول يجب أن يتّخذ شعبنا موقفاً منه، حتّى إن كان PKK أو أيّ حزب آخر يأخذ ذات المواقف، عليه أن يعارضها. كما على الشعب أن يطالب ويضغط باتجاه عقد هذا المؤتمر لأنّ تأخيره ليس في صالحه. فعبر المؤتمر الوطنيّ يمكن الوصول إلى دبلوماسيّة كردستانيّة فاعلة وتشكيل قوة عسكريّة مشتركة، تنضوي تحت مظلّته كافة القوى الكردستانيّة وتنبثق عنه لجنة وطنيّة وسياسيّة ودبلوماسيّة تراعي مصالح جميع أجزاء كردستان، وتتّخذ القرارات المصيريّة باسم الكرد، وليس باسم الأحزاب، على كافة الصعد السياسيّة والعسكريّة، حينها يمكن القول إنّ الكرد يعملون لأنفسهم ويخدمون الإنسانيّة.

جميع الحكومات والأحزاب التركيّة تعرّضت للهزيمة في مواجهتها للـPKK

– منذ 5 نيسان 2015 قطعت الحكومة التركيّة كافة سبل اتّصال قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان مع الخارج، وشرعت تشنّ حرباً وحشيّة ضدّ الشعب الكرديّ، خاصة بعد أن وصلت سياساتها في سوريا إلى حائط مسدود، بالتوازي مع فضح دورها في دعم مرتزقة داعش، ما أفقدها صوابها، السؤال لماذا قلبت تركيّا طاولة دولما باهجه وانتقلت إلى الضفّة الأخرى؟

بايك: لا يوجد أيّ تغيير في ذهنيّة الدولة التركيّة وأحزابها، ما يدور في مخيّلتها فقط هو إمحاء الكرد. والكرد منذ سنوات يناضلون ضدّ هذه الذهنيّة الإنكاريّة، وحقّقوا مكاسب كبيرة ضمن مسيرة نضالهم هذه. بالمقابل وُجّهت ضربات كبيرة لسياسة الدولة المتمحورة حول إنهاء الكرد، لأنّهم لا يقبلون بحقوق الكرد الطبيعيّة في الحياة، وهذه السياسة عبر التاريخ تعرّضت لإخفاقات ولم تحقّق مآربها المرجوّة.

لقد تعرّضت العديد من الحكومات والأحزاب التركيّة للهزيمة في مواجهتها للـPKK، والكرد في كفاحهم الممتدّ لعشرات السنين حقّقوا مكاسب كبيرة، والإصرار على المضيّ قدماً على هذا النهج يعني الحصول على نتائج أكبر. لذلك اتّبع الكرد سياسات وتكتيكات حالت دون إيغال السلطات التركيّة ومعها الحداثة الرأسماليّة في سياسات الإنكار والتهميش والمجازر، لأنّ الاستمرار في الحرب ضدّ PKK والكرد لن يؤدّي لنتيجة.

القضيّة الكرديّة تتعاظم مع مرور الوقت وتكسب لجانبها العديد من الأصدقاء في الداخل والخارج، لذلك جاؤوا بـAKP إلى السلطة بهدف خداع الكرد والقوى الديمقراطيّة وتوجيه ضربة قاصمة لها، وما ادّعاؤها أنّها “لا تعترف بالقضيّة الكرديّة وستحلّها بطريقتها” إلا لانتشال الدولة من حالة الضعف والوهن التي تعتريها وإضعاف PKK. دائماً سعوا إلى الترويج لخطاب من هذا النوع، وتوهّموا أنّهم بهذه السياسة سيواصلون خداع الشعب الكرديّ والـPKK، وقالوا: “نحن نتحاور، ولنا تواصل مع إيمرالي التي تطوّر الحوار، وتفتح باب النقاش، ولن ندفع بالأمور لتصل حدّ العنف والحرب، نحن نسير في طريق الحلّ”. والكلّ اقتنع بهذه الخديعة، فيما كانت في ذات الوقت تنفّذ حملات تصفية سياسيّة وعسكريّة شاملة.

لم يكن هدفهم من الحوار إفساح المجال أمام بدء النقاش والمفاوضات الفعليّة وبالتالي حلّ القضيّة الكرديّة، إنّما تبيّن أنّها ترمي للقيام بحملات تصفية، وهذه هي حقيقة الحوار الذي تتحدّث عنه.

القائد APO وPKK أرادوا قطع الطريق أمام الحرب وحملات التصفية، وأن يفرض عليهم قبول الحلّ السلميّ السياسيّ، وأن يغيّر في ذهنيتهم. وخلال تلك الفترة تكشّفت نواياهم للجميع بعدما خدعوا الرأي العام بأنّهم سيجلبون الديمقراطيّة لتركيّا وحلّ القضيّة الكرديّة.

القائد APO وPKK عملوا على نشر ثقافة وسياسة السلام والتآخي. وما تمّ معايشته في كلّ من شنكال، روج آفا وباكور أيضاً من تجارب إثر الهجمات البربريّة والإرهابيّة، قوّت من عضد الحركة الآبوجيّة، وأهّلتها لأن تفرض إيقاعها على التمدّد التركيّ، ووجدت أنّه فقط بالحرب يمكن إنهاء السياسة التركيّة الهادفة للتصفية. قبلها لجؤوا إلى هذه الأساليب فأفرزت نتائج عكسيّة؛ أي صقلت تجربتنا وازددنا قوّة وإصراراً على المقاومة.

اتّخذ قرار الحرب في 30 تشرين الأول عام 2014 والبداية كانت بعزل القائد APO

في تجربة مقاومة كوباني أردوغان أصدر قرار الحرب والهجوم عليها، وهو من كان يقود شخصيّاً تلك الحرب، لذلك دائماً كان يردّد “كوباني ستسقط، عفرين ستسقط”، وعندما لم تسقط كوباني، لجأ إلى تغيير تكتيكاته وأسلوبه، فأعلن حرباً على شعبنا في باكور. حينها قال داود أوغلو (المُقال): “عندما انتفضت المناطق المتاخمة لكوباني، اتّخذت قرار الحرب” وهو تأتي في سياق تهيئة جنوده للحرب، وفهم أنّه بعدها اتّخذوا قرار الحرب. وهذا ليس صحيحاً، الجيش التركيّ كان يواجه انهياراً كبيراً لولا لجوئهم إلى إعلان حرب الإبادة. قرار الحرب اتّخذ في 30 تشرين الأول عام 2014 في اجتماع مجلس الأمن القوميّ التركيّ، وفي البداية طبّقوه ضدّ القائد APO، لأنّ كافة المسائل كانت تُدار وتناقش تحت إشرافه. القائد APO يطوّر الحركة ويقوّيها، لهذا السبب أسروه وفرضوا عليه عزلة مضاعفة، لكي يتّخذوا قرار الحرب ولا يتدخّل القائد في منع حدوثها.

للأسباب التي ذكرناها اجتمع العسكر، الأرغنكون،JITEM ودائرة الحرب الخاصّة، حتّى حضرها من كان سابقاً معتقلاً تحت اسم الأرغنكون وتقاسموا الأدوار فيما بينهم، ضمن هذه الحرب صُلبُ اتّفاقهم كان محاربة PKK والكرد. واشترطت الأرغنكون إطلاق سراح المعتقلين وعدم محاكمتهم للمشاركة في الحرب، وطالبوا بضمانات (حصانة) قانونيّة بألا يحاكموا. AKP وتحت اسم “الحماية في تركيّا” قدّم مشروعَ قانونٍ إلى البرلمان يحمي بموجبه البوليس والعسكر من الأفعال الجنائيّة التي يرتكبونها ويجنّبهم المحاسبة القانونيّة.

بعد هذه الخطوة صعّدوا من حملتهم العدائيّة ضدّ HDP، هم يعتبرون أنّ كافة القوى الديمقراطيّة تنضوي تحت راية PKK. فعلاً لو كان الأمر كذلك، هذا يعني أنّ نظام الدولة القوميّة في طور الزوال، وهم يدركون جيّداً أنّ PKK سينتصر وسيُلقي بظلال نصره على الشرق الأوسط برمّته، ولهذا يسعون لعرقلته والحدّ من تأثيره. وحسب مخطّطهم فإنّه سيتمّ تصفية الحركة في حزيران، ولهذا شنّوا هجوماً كبيراً في 8 حزيران.

جهود القائد APO أثمرت في 7 حزيران وأعلن عن إفلاس نظام الدولة القوميّة وخسر AKP السلطة وفُتِحَ الطريق أمام محاكمة أردوغان

– ما مردّ الصمت الدوليّ تجاه ما يمكن تسميته “الانقلاب الفاشيّ” في تركيّا، والأعمال الوحشيّة التي تقوم بها حكومة AKP في كردستان وتركيّا أيضاً؟

بايك: تفاهمات دولما باهجه التي وضعها القائد APO كان لها وقعها وأثرها البالغ في الأوساط الشعبيّة والسياسيّة عامّة، هذا من جهة، من جهة أخرى تقاربت القوى الديمقراطيّة في تركيّا تحت مظلّة HDP وخطت خطواتها الجادّة نحو دمقرطة تركيّا. جهود القائد APO أثمرت في 7 حزيران وأعلن عن إفلاس نظام الدولة القوميّة وخسر AKP السلطة بشكل فعلي وفُتِحَ الطريق أمام محاكمة أردوغان. هذا الانتصار شكّل مخاوف كبيرة لدى AKP ودول الحداثة الرأسماليّة، وتهيّأ الاثنان لإحداث انقلاب كبير في تركيّا، وأعلنوا الحرب على كافة المستويات بما فيها ضمن البرلمان، وبهذه الطريقة كسبوا انتخابات 1 تشرين الثاني. وارتأى الناتو أنّه إن لم يساند أردوغان فإنّه سيخسر تركيّا وأنّ PKK سيكسب هذه الجولة أيضاً، وعلى هذا الأساس دعموا أردوغان، لأنّ كليهما بحاجة للآخر، ووجدوا أنّهم فقط بالحرب يستطيعون حماية النظام “المنهار” من السقوط، ولن يكون بمقدور أحد بمفرده حمايته، وهكذا اتّفقوا على إعلان الحرب. وهذا ما يفسّر صمتهم إزاء الأفعال الوحشيّة التي ترتكبها حكومة AKP من قتل للمدنيين، تصفية الجرحى وحرقهم، تفجير المقابر والجنازات وجرّهم وسحلهم خلف العربات العسكريّة وإلى ما هنالك من أفعال شنيعة، حتّى إنّ أردوغان أمر بإدخال عناصر مرتزقة داعش واللاجئين إلى أوروبا، رغم ذلك ساعدوا أردوغان في ذلك، فمصالحهم تتطلّب التزام الصمت.

من جانب آخر يُهجّر المواطنون وبالقوة من أحيائهم وبلداتهم وقراهم، لكي تستفرد الدولة بوحدات حماية المدنيين YPS، وتريد أن تقنع العالم بأنّ الـYPS هي كريلا متمركزة ضمن المدن، والدولة كمؤسّسة شرعيّة لها كامل الحقّ في إخراجهم منها وباستخدام كافة الأساليب بما فيها تدمير المدن، وتريد التسويق لها وكأنّها أمر عادي، وحقّ من حقوقها لممارسة سيادتها، لهذا هم صامتون.

أردوغان وAKP يوجّهان ضربات قاصمة للدين

– حزب العدالة التنمية وأردوغان يعملون تحت يافطة “الإسلام”، وهو يحاول “لبرلة الإسلام” أي ما يدّعون أنّه الإسلام “المعتدل”، أين مصالح الشعب من هذا التوجّه؟

بايك: من جاؤوا بأردوغان إلى السلطة يدركون جيّداً أنّ لا علاقة له بالإسلام، على العكس تماماً، هو يسيء إليه، وجدوا أنّ لبرلة الإسلام على يد أردوغان وAKP يتمّ على أكمل وجه، وهو يأتي في سياق هدم الدين. الدين في جوهره يعتمد على تفعيل دور المجتمع، ولبرلته تعاكسه وتلغيه. أردوغان وAKP يوجّهان ضربات قاصمة للدين، لذلك نرى بأنّ من كان مخدوعاً بهما بدأ يتلمّس حقيقتهما ويعارضهما حتّى من بين صفوف حزبه، وهو ما يفسّر إبعادهم من الحزب، وهذه مسألة باتت واضحة للجميع. جميع هذه المشاكل وضعت AKP في مأزق داخليّ وخارجيّ، وبهذه السياسة الخاطئة وضع نهاية له ولتركيّا أيضاً. المثال الأكثر سطوعاً على ما تحدّثنا حوله هو داود أوغلو، رغم أنّه خدم AKP أكثر منه والآن يشهّرون به.

في بداية إعلان مقاومة الإدارات الذاتيّة لم يستوعب الكثيرون هذه الحقائق، فقط من خلال المقاومة يمكن أن نحمي أنفسنا من المجازر التي ترتكب بحقنا، وخاصة العلويين ممن أدركوا أنّهم يواجهون عمليّة تصفية لوجودهم، ويتأكّدون مرّة أخرى أنّ KCK حذّرتهم من هذا المصير ولكنّهم لم يستوعبوه تماماً، ولهذا فالعلويون والقوى الديمقراطيّة يبدون مقاربات إيجابيّة من KCK. إنّ الكرد وPKK هما محرّك جبهة الديمقراطيّة. أمام سياسة الدولة التركيّة الفاشيّة و AKPوأردوغان يكابد سكرات الموت السريريّ، هنا يتوجّب علينا تصعيد المقاومة وزيادة لحمة قوى الحريّة والديمقراطيّة.

تعتبر تركيّا كلّ ما هو خارج مفهوم الدولة التركيّة والتركياتيّة يُعتبر عدوّاً

– ما هي تأثيرات الفوضى التي تنشرها تركيّا في الشرق الأوسط، وكذلك تماديها في مدّ أذرعها إلى دول القفقاس، على سياستها في كردستان؟

بايك: الآن السياسة التي ينتهجها أردوغان وAKP هي سياسة الحرب فقط، وخارج هذه السياسة لا يمكنهما حماية أنفسهما، لأنّه إن لم يلجؤوا إلى الحرب، ستبدأ تغييرات داخل النظام والحزب، أي إنّ تحوّلات ديمقراطيّة ستأخذ مجراها داخل النظام والحزب، وستحلّ كافة المشاكل عن طريق السياسة والحوار. ولأنّ تركيا تأسّست على مفهوم الحرب الخاصّة والدولة القوميّة، تسعى دائماً إلى تسوية وحلّ مشاكلها عن طريق العنف والحرب، وتأخذ استعداء الآخرين مبدأ لها، وتبحث عنها دائماً كسبيل لإنقاذ نفسها من أزماتها، وتجد تعبيرها في الفاشيّة والمجازر الجماعيّة، الاعتقال، الاغتيالات، التعذيب…إلخ. وعبرها ترسّخ الفكر القومويّ والفاشيّ، حيث تدّعي أنّ كلّ ما هو خارج مفهوم الدولة التركيّة والتركياتيّة يُعتبر عدوّاً. ومعظم المؤسّسات والأحزاب التي تأسّست فيها تتبنّى هذا الفكر. أردوغان و AKP جاؤوا إلى السلطة على هذا القطار وضمن هذا السياق واتّحدوا مع هذا الفكر.

واليوم سقط قناع أردوغان وبات الجميع في تركيّا والخارج يدركون أنّه دون الحرب لا يستطيع الاستمرار في السلطة، والآن الكلّ يسعى للتخلّص منه. بقناعتي أنّه كلّما ارتقت القوى الديمقراطيّة في نضالها، قَصُرَ عمر هذه السلطة.

ولأنّها – حسب ادّعائها – في حالة حرب مع روسيا، فإنّها تريد أن تجرّها إلى دول قفقاسيا أيضاً، وهي كذلك مع دول الشرق الأوسط، فيما تشهد علاقاتها مع أمريكا وأوروبا تناقضات حادّة، إلى جانب الانقسامات الداخليّة التي تعصف بها. ومن الآن فصاعداً لا تستطيع خداع أحد، إما أن تتخلّى عن هذه السياسات الرعناء – وهذا غير متوقّع – أو أنّها ستستمرّ فيها حتّى تأتي بنهايتها معها.

تركيّا تحاول استيطان اللاجئين السوريين في القرى والمدن الكرديّة

– تركيّا تحاول إنشاء حزام تركيّ – عربيّ بين روج آفا وباكور كردستان، لتجعل من الحركة الثوريّة الكردستانيّة كسمكة أخرجت من الماء، برأيكم إلى أين تريد أن تصل بهذا المخطط، وما هي الاستحقاقات التي يفرضها على المقاومة الكرديّة؟

بايك: هذا صحيح، الدولة التركيّة الفاشيّة وAKP وأردوغان يمارسون كافة أنواع الإمحاء على الشعب الكرديّ، وإحداها تغيير ديمغرافيّة كردستان، فالمدن التي دمّرتها مثلاً وضعت فيها يدها على أملاك المواطنين، وتحاول أن تستوطن آخرين ممن استقدمتهم كاللاجئين السوريين العرب في مدن وأحياء الكرد ومنازلهم، ولتمحو هويّتها الكرديّة. تحاول أن تقتلع الكرد من حدودها مع سوريا والعراق مثل كلّس، نصيبين، جزير، سلوبي وجولميرك وإفراغها. وبالتالي قطع أواصر التواصل بين كرد روج آفا وباكور، وفي ذات الوقت خلق عداوة بين تلك الشعوب والكرد لتصل حدّ الاقتتال. أي إنّ الهدف من هذه السياسة إمحاء الكرد. وعلى الكرد ألّا يسمحوا باستيطان الآخرين في وطنهم وأن ينتفضوا ضدّ هذه السياسة، وإن تطلّب الأمر محاربتها. وكذلك الوقوف ضدّ استهداف وتدمير أمكنتهم التاريخيّة والثقافيّة وآثارهم وأملاكهم وألّا يدعوا المجال أمام انتشار الثقافة التركيّة فيها.

مثلاً يقع على عاتق الجميع، العلويين والسنّة أيضاً، ألّا يسمحوا بإقامة معسكرات اللاجئين هناك، لأنّ مرتزقة داعش ستتسلّل إلى صفوفها وتخلق حرباً مذهبيّة. وإن لم يتّخذوا تدابيرهم الآن، فسيتعرّضون لأبشع عمليّات القتل والتصفية. بهذه المناسبة أنادي جميع اللاجئين العرب ممّن يعيشون في ظروف مزرية ألّا يقبلوا بأن تستوطنهم الدولة التركيّة الفاشيّة في المدن والقرى الكرديّة، يجب أن يحتكموا إلى ضمائرهم، كيف سيقبلون أن يعيش الكرد ذات الظروف المأساوية التي مرّوا بها من لجوء وتشتّت. عليهم أن يوجّهوا وجهتهم شطر وطنهم، لأنّ الكلّ يحيا على جذوره وقيمه التي زرعها في وطنه. وعلى العرب ألّا يُديروا ظهورهم لأخوانهم الكرد ويتخلّوا عن إنسانيتهم، على العكس تماماً، يجب أن يناهضوا السياسة التركيّة. والكرد لن يرضخوا لهذه السياسة ومعهم كلّ العالم الحرّ الديمقراطي، ومثلما تشتّتوا في سوريا، سينزحون مرّة أخرى من كردستان أيضاً، عليهم العودة إلى وطنهم اليوم قبل الغد.

القائد APO في البراديغما الجديدة حيّد الحرب من أجل الدولة والسلطة

– في جميع أجزاء كردستان باتت البراديغما التي طوّرها قائد الشعب الكرديّ عبد الله أوجلان تحتلّ الصدارة في توجيه وقيادة نضاله، برأيكم كيف ستؤثر هذه البراديغما على خارطة الشرق الأوسط، وما هو الدور المرتجى أن تلعبه وتترك بصمتها عليه؟

بايك: القائد APO أسّس لنهج جديد في كردستان وطوّره، ولا يقبل أيّ تفسير أو تأويل خارج نيل المكاسب ليس للكرد فقط، بل لكافة الشعوب والأديان، ويعتبر في الوقت نفسه ضمانة المستقبل، وكلّ ما عداه لا يخدم مصالح الشعوب.

لقد منح الحركة جرعات كبيرة أهّلتها لإحداث تغييرات وتطوّرات نوعيّة في صفوفها، وهي لا تتعارض مع البراديغما التي اعتمدناها سابقاً، لكن ما يميّز الجديدة أنّها تجاوزت جوانب القصور والأخطاء التي وقعت فيها القديمة. القائد APO أضاف تحديثات على بعض منها وصحّح بعضها الآخر، وهذا لا يعني أنّ القديمة كانت خاطئة، فقد حققنا قفزات كبيرة بها، وهكذا يجب فهمها.

في البراديغما الجديدة حيّد الحرب من أجل الدولة والسلطة، لأنّه لا يمكن البتّة الوصول إلى الحرّيّة، الديمقراطيّة، العدالة والمساواة عبر الدولة وشكلها القائم، وطرح بديلاً لها الكونفيدراليّة الديمقراطيّة والإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة، والأمّة الديمقراطيّة كبديل للدولة القوميّة. كذلك أحدث تغييراً في النضال من أجل الحرّيّة والديمقراطيّة وآلياتها وفلسفتها، لكي تجدّد الحركة ذاتها دائماً. كما أولى أهميّة كبيرة لدور الشبيبة والمرأة واعتبرها طليعة النضال وطوّر جوانبها وخصوصيّاتها داخل الحركة.

مثل هذه الحركة تعيش هذا الزخم من التغيير والتجديد وتحقّق الانتصارات وفق الأهداف والإستراتيجيّا التي تضعها، أصبحت قوّة حلّ لكافة المسائل المستعصية على الحلّ في كردستان وخارجها، ولا تدع المجال للبقاء تحت رحمة وعبوديّة السلطة. كذلك أزالت العقبات أمام الاشتراكيّة، الديمقراطيّة والعدالة والحرّيّة. وللوصول إلى الاشتراكيّة والديمقراطيّة، عرّى نظام الدولة من ثيابها، واعتمد إستراتيجيّة حرّيّة المرأة كمنطلق لتحرير المجتمع، وصحّح مفاهيم المساواة بين الرجل والمرأة. أي إنّها أحدثت ثورة في جملة من المفاهيم التي كانت سائدة فيما سبق على المستوى السياسيّ والاجتماعيّ والفكريّ والاقتصاديّ والبيئيّ وفي كافة المجالات. بمضامين هذه البراديغما يتمّ خوض النضال، وغدت أمل الشعوب، الأديان وكافة الثقافات والكلّ يجدون خلاصهم ضمنها. وكلّ فلسفة وإيديولوجيّة خارجها لن تكون جواباً على أسئلة ومطالب الشعوب، لهذا الكلّ يسعى إلى فهم واستيعاب النظام والفلسفة التي طوّرها القائد APO. وقناعتي أنّ هذه البراديغما ستعتمدها شعوب الشرق الأوسط كمنهج لنضالاتها للوصول إلى حقيقتها.

– في هذه الأوقات المصيريّة، ما هي رسالتكم إلى كافة أجزاء كردستان وخاصة إلى المقاومين في باكور كردستان؟

بايك: الكرد في الأجزاء الأربعة فُرضت عليهم حرب كبيرة، ولم يستثن أحد خارجها، لهذا لن يكون مقبولاً أن يدّعي أحد أنّه خارجها وأنّه سيعيش براحة وطمأنينة، ولديه أملاك وأولاد، وأنّني أتّخذ موقف الدفاع. كلّ هذه التسويفات مجرّد خداع وغفلة عمّا يجري في كردستان. رغم أنّ نضال الكرد في مستوياته العليا، إلا أنّه في ذات الوقت لا تزال المخاطر موجودة. متى ما سنحت الفرصة لأعداء الكرد سيحتلّون كلّ شيء، الأملاك، الأولاد وكدحهم، والادّعاء بأنّه يضمن نفسه ويبعد الخطر عن نفسه غير صحيح، هناك حاجة لدى الكلّ لتنظيم نفسه وخلق آليات الانضباط.

يجب على كافة أفراد المجتمع أن ينظّموا صفوفهم ويطوّروا من حمايتهم الجوهريّة، عندها يمكن القول إنّ هذا المجتمع بإمكانه أن يحمي نفسه ويردّ على كافة الهجمات التي تستهدفه، إن لم نتّبع هذا الأسلوب في حياتنا، فإنّنا وجهاً لوجه مع التصفية. المكتسبات التي حقّقها الكرد خلال كفاحهم ونضالهم من المفترض أن تخدم الإنسانيّة وتُزيل المخاوف. وعليهم أن يستعدّوا ويهيّئوا أنفسهم لحرب طويلة، وليدركوا أنّ الحرب في كردستان لن تنتهي بتلك السهولة، الأعداء وحلفاؤهم لن يدعوا الكرد يعيشون حياة هانئة ويحققوا المكاسب، سيلجؤون إلى استخدام كافة الأساليب ضدّهم؛ الحصار، شنّ الهجمات وإعداد المؤامرات بهدف توجيه ضربات مستمرّة للكرد.

يجب على الكرد أن يثقوا بأنفسهم، ويطوّروا اقتصادهم، نظامهم الصحّيّ والتعليميّ، وألا يثق أحد بما يقدّمه الآخرون من ضمانات وهميّة. وأن يعملوا وفق الإستراتيجيّة التي وضعتها الثورة ويتحرّكوا وفقها وينظّموا أنفسهم على أساسها، وألا يسيروا وفق إستراتيجيّات تركيّا، إيران، سوريا والعراق التي تدّعي أنّها ديمقراطيّة. ما هي الديمقراطيّة التي تنشأ في الشرق الأوسط وفي تلك الدول؟ عليهم أن يناضلوا حسب قوّتهم واستناداً إليها للانطلاق نحو حلّ مشاكلهم. وفق هذه الرؤية والإستراتيجيّة، ومهما تكالبت الهجمات وتعدّدت أنواع الحصار سيتمكّن الكرد من إفشالها، ومن أجل كافة الكرد أتمنّى لهم النصر.
 
أعلى