محمد قاسم : مفاهيم تخلف آثارا تربوية ذات خلل.

G.M.K Team

G.M.K Team
مفاهيم تخلف آثارا تربوية ذات خلل.
منذ الخلق الأول للإنسان، إذ يطلق صرخة الولادة (أو المخاض) ينمو، ويمر بتحولات (تغييرات) متدرجة نحو النضج الجسدي والنفسي (العقلي).
وكلما ازداد خبرة، عبر معرفة ينالها وتجارب يمر بها ... فإنه يزداد فهما ووعيا دقيقا للأحداث، والوقائع ،والمعاني، والأفكار... التي تمثلها؛ كأسماء وتوصيفات ... أو تتصل بها باي صورة كانت.
هذا يعني أن الكون مبني على حالة التغيّر في الحياة، وفي الإنسان.
والثابت الوحيد –في المعنى الديني-هو الله وحده،
خلا ذلك كل شيء يتغير بشكل ما.
ويبدو أن هيراقليطس انتبه إلى هذا المعنى عندما قال تعبيرا عنه " لا يمكن للمرء أنن يستحم في ماء النهر مرتين" فهو في جريان دائم (أي تغير دائم) وهذا حال الموجودات عموما خاصة الحية منها.
ولو عدنا لمثالنا الأول (الطفولة) فان الصيرورة هي خاصة حتمية لها في كل شيء فيها. فإذا توقف نمو الجسد (العظام خاصة) في عمر اثنين وعشرين عاما بحسب علماء. فان الخلايا تتجدد، والدماء تتغير بحسب نمط الغذاء والحياة... والعقل ينمو عبر المعرفة والخبرة...الخ. وحول العقل هناك راي يبدو منطقيا /معقولا. هو أن العقل عند ولادة الإنسان طبيعيا، واحد عند الجميع. أسماه بعضهم : "العقل المطبوع".
وسمى نموّ العقل بزيادة المعرفة والخبرة والوعي...بـ "العقل المسموع".
وهما" العقل المطبوع" و " العقل المسموع" متفاعلان طبعا، وفي الحال الصحيحة متناغمان.
وعلى أساس العقل المسموع تشتد الرغبة في تلقي العلم، واكتساب الخبرة ممن لديهم الخبرة. أو من خلال العمل في الحياة فيقال: " رجل بيضت الأيام لمّته" أي اكتسب خبرة وتعلم، وامتلك وعيا.
لكن الاستعداد والسعي هما اللذان يحققان للإنسان هذه النتيجة. فهناك من يتبع هواه، فيحرق عمره، وهناك من يبني عمره "طوبة طوبة" كما يقول المصريون، من خلال سعيه الى التعلم باستمرار.
كثيرا ما كان يضرب المثل بولدي هارون الرشيد، الأمين (ابن زبيدة بنت عم الخليفة) والمأمون (ابن جاريته) ويقال انه وطئها استجابة لشرط زبيدة في لعب الشطرنج، إذ كانا اتفقا على أن الغالب يطلب ما يشاء من المغلوب، وقد غلبته، فقالت له: نمر على جوارينا، والتي أشير اليها تطؤها. وقد حاول أن يغريها بالمال والضيع لكنها أبت. فكانت أم المأمون هي الجارية لقبحها –بحسب الرواية-واضطر هارون لوطئها فولدت له "المأمون" وكان متميزا عن أخيه الأمين، تميزا أعانه على انتزاع الحكم من أخيه المدلل بعد أن اضطر –كما يقال-لقتله في حرب نشبت بينهما (وشهوة الكرسي تقتل أقرب الناس).
مثل هذه الحكاية تذكرني بغزارة حكايا التراث في بلداننا وتاريخ شعوبها، لكن معظم الناس ووسائل الأعلام ... يتجه نحو التراث الغربي خاصة. ويهمل تراثه وتاريخه.!
ربما هذه احدى علامات ضعف الثقة بالتاريخ الخاص، وبالذات من جهة، كما أنها علامة على انبهار بالغرباء.
لا يعني هذا القول، أن لا يستفيد المرء من الأخرين، ففي المنهج الديني الإسلامي ما يحث على التعلم، وفي ذلك أقوال كثيرة منها الحديث " الحكمة ضالة المؤمن، التقطها حيثما وجدها".
بل المقصود \ أن لا يبالغ المرء في الانبهار بتراث الآخرين على حساب تراثه!
فليهتم بتراثه الغني يرتشف منه ما يفيد، وليهتم بتجارب وعلوم الآخرين بقدر حاجته اليها.
محمد قاسم
 
أعلى