يجاد لغة كوردية موحدة (7)

G.M.K Team

G.M.K Team
يجاد لغة كوردية موحدة (7)
د. مهدي كاكه يي
فيما يخص توحيد اللغة الكوردية، النزعة الإقليمية أواللهجوية تدل على نقص في الوعي القومي و الوطني و ضحالة في فهم الواقع الكوردستاني و قُصر نظر في الرؤية. بعض الطروحات الإقليمية الكوردستانية التقسيمية تُطرح من قِبل أناس يعملون على فصل وعزل الأقاليم الكوردستانية عن بعضها و بقاء كوردستان مقسمة أو تأتي من أناس يائسين فاقدي الأمل في تحقيق توحيد كوردستان.
أما أصحاب النزعة اللهجوية، هم من المتعصبين للهجتهم الذين لا يجيدون التكلم باللهجات الأخرى، بل لا يريدون تعلمها أو هم من القلقين على إندثار لهجتهم و إختفائها. على هؤلاء أن يدركوا أن مصير أقاليمهم و لهجاتهم مرتبطة بشكل عضوي بمستقبل توحيد كوردستان و توحيد اللغة الكوردية لأن هذه اللهجات ليست لها مقومات البقاء و الحياة إذا لم تتوحد و إذا لم تفلح في التزاوج و التلاقح و التفاعل مع بعضها لتكوين لغة موحدة تمثل الأمة الكوردية و تصبح لساناً كوردياً واحداً يشق طريقه نحو الحياة و التقدم و التطور.
كلما تبقى كوردستان محتلة و مجزأة كلما تواجه اللغة الكوردية تحديات أكبر لتصبح لغة موحدة للأمة الكوردية. في منطقة مضطربة تسودها النزعة العنصرية و العنف و إلغاء الآخر، مثل منطقة الشرق الأوسط، و في عالم التكتلات السياسية و الإقتصادية و العسكرية الإقليمية والعالمية الكبرى، فأن وحدة الكورد و تطورهم هما الضمان الوحيد لبقائهم كشعب قادر على إيجاد هويته و الحفاظ على وجوده و ثقافته و لغته. من هنا ندرك أن النزعة الإقليمية و اللهجوية عند بعض الكورد هي نزعة غبية و لها آثار سلبية خطيرة على مستقبل و وجود الشعب الكوردي. ليعلم أصحاب هذه النزعة بأن محتلي كوردستان مستعدون لصرف مليارات الدولارات لتشجيع الفكر الإقليمي و اللهجوي و الإستسلامي بين الشعب الكوردي لتمزيقه و تقسيمه الى قبائل و طوائف متناحرة و بائسة لإنجاح مشروع تذويب الشعب الكوردي و القضاء عليه، بعد أن عجزت ماكنتهم العسكرية من طائرات و دبابات و مدافع و أسلحة كيميائية، عن تحقيق هدفهم بإبادة الشعب الكوردي و سرقة كوردستان و محو وجودها.
ينطبق نفس الشئ بالنسبة الى توحيد الكتابة الكوردية، حيث ينطلق الذين يدعون الى إستخدام الأبجدية العربية، من حقيقة الإنتشار الواسع لهذا النوع من الكتابة أو ينطلقون من منطلق ديني، حيث أن لغة القرآن هي العربية و يريد هؤلاء إستمرار تواصل الكورد مع الثقافة الإسلامية و العربية. هناك فريق آخر يفضّل إستخدام الأبجدية اللاتينية في الكتابة الكوردية لإعتقاده بملاءمة هذا النوع من الحروف للأصوات الكوردية و لتمكين الكورد من مواكبة التطور التكنولوجي و العلمي العالمي. إن مناقشة هذه المواضيع مفيدة، إلا أنه يجب مراعاة الجانب العلمي و المصالح القومية العليا للأمة الكوردية. إن اللغويين الكورد هم الأشخاص المؤهلون لإداء هذه المهمة التأريخية في توحيد الكتابة الكوردية و إيجاد لغة كوردية مشتركة. على اللغويين و المسؤولين الكورد الشعور بالمسئولية و التفكير بمستقبل و وجود الشعب الكوردي و البدء بالعمل بكل جد و همّة على إنجاز هذه المهمة التأريخية الكبرى التي يتوقف عليها مستقبل و مصير الأمة الكوردية.
الى أن تظهر لغة كوردية موحدة و التي من الصعب جداً تحقيقها بدون إستقلال كوردستان، إلا أنه من الممكن إتخاذ بعض الإجراءات في الوقت الحاضر لبناء أسس صائبة لها لتسهيل عملية تقارب و دمج و تكامل اللهجات الكوردية. منذ نشوء الدولة العراقية الحالية، فأن الحكومات العراقية المتعاقبة عملت على تكريس اللهجوية في إقليم جنوب كوردستان لتعميق الإختلافات بين اللهجتين الكرمانجية الشمالية و الجنوبية، حيث تعاملت هذه الحكومات العنصرية مع هاتين اللهجتين كلغتين مستقلتين عن طريق بث الأخبار و المقابلات الإذاعية و التلفزيونية بهاتين اللهجتين بشكل مستقل و كذلك سلكت هذه الحكومات نفس الطريق بالنسبة الى نشر الكتب و المجلات و الصحف.
بالرغم من مرور أكثر من 24 سنة على تحرر إقليم جنوب كوردستان و تشكيل مؤسسات الحُكم في الإقليم، فأنه من المؤلم جداً أنه خلال هذه السنين الطويلة لم تقُم السلطات الكوردستانية في الإقليم بِإيجاد لغة كوردية موحدة توحّد سكان الإقليم، بل سارت حكومة جنوب كوردستان على نفس نهج مُحتلّي كوردستان، حيث تتم في الإقليم قراءة الأخبار باللهجتين بشكل منفصل و تُعدّ البرامج الإذاعية و التلفزيونية بإحدى هاتين اللهجتين بشكل مستقل وتُصدَر كتب ومجلات وصحف بهاتين اللهجتَين بشكل مستقل وبذلك قسّمت حكومة الإقليم سكّان الإقليم الى مجموعتَين "لغويتَين" تجدان صعوبة كبيرة في التفاهم والتواصل مع البعض.
هناك الكثير من المواطنين الذين لهم إلمام في مجال الكتابة و الصحافة و اللغة و الذين يجيدون عدة لهجات كوردية. ينبغي دعوة هؤلاء و فسح المجال أمامهم ليصبحوا مذيعين و مُعدّي برامج في الإذاعة و التلفزيون للعمل عل خلق لغة مشتركة مؤلفة من اللهجات الكوردية الهورامية و اللورية و الكرمانجية الشمالية و الجنوبية في إقليم جنوب كوردستان، حيث لا يخفى الدور الحيوي للإذاعة و التلفزيون في التقارب بين اللهجات الكوردية. كما يجب أن يتم إصدار كُتب و صحف و مجلات باللغة الكوردية المشتركة، بإختيار مرادفات و مفردات جميع اللهجات الكوردية.
 
أعلى