إيجاد لغة كوردية موحدة (8)

G.M.K Team

G.M.K Team
إيجاد لغة كوردية موحدة (8)

د. مهدي كاكه يي

من الوسائل الأخرى للتقارب بين اللهجات الكوردية هي إنخراط المواطنين الكورد، سواء في كوردستان أو خارجها، في الجمعيات و الإتحادات و النقابات الثقافية و الإجتماعية و المهنية الكوردية و المجتمعات المدنية الأخرى وفي صفوف الأحزاب الكوردستانية و التي توفر فرصة ممتازة لإلتقاء اللهجات المختلفة و تواصلها و تقود الى التقريب بين اللهجات الكوردية و تجانس اللغة الكوردية. كما ينبغي فتح دورات تعليم اللغة الكوردية في كوردستان و في كل المناطق و الدول التى تتواجد فيها الجاليات الكوردية، لتعلم اللغة الكوردية بإشراف معلمين يجيدون التكلم بأكثر من لهجة واحدة للوصول الى تقارب و تجانس اللهجات الكوردية.

مما سبق نستنتج أن مشروع إيجاد لغة كوردية موحدة هو مشروع قومي إستراتيجي، يحتاج الى كثير من العمل و التضحيات و النضال و على الكورد أن يقوموا بإنجازه إذا يُراد للشعب الكوردي أن يبقى كشعب واحد و أمة موحّدة.

يجب أن يكون الأشخاص الذين يتصدون لهذا المشروع الإستراتيجي الهادف الى توحيد اللغة الكوردية، مختصين باللغة الكوردية و بأصولها و تأريخ تطورها و بلهجاتها. كذلك يتطلب ذلك منهم أن يكونوا ملمّين بالمبادئ الأساسية للبحث و الدراسة، للتمكن من النجاح في تحديد الأهداف و إختيار المواد و العناصر و الوسائل اللازمة لإستخدامها للحصول على نتائج جيدة و صائبة و من ثم أن يكونوا كفوئين في تحليل النتائج التي يتوصلون إليها و الخوض في مناقشتها لكي يصلوا الى إستنتاجات و مقترحات و توصيات تخدم توحيد اللغة الكوردية و الذي بدوره يساهم في توحيد الأمة الكوردية. عندئذ يستطيعون إغناء الموضوع و تطويره و خدمته و الوصول الى الهدف بنجاح.

إن إيجاد لغة كوردية موحدة هي عملية صعبة تحتاج الى كثير من الجهد و الوقت، إلا أن تحقيق الحلم الكوردي ممكن بكل تأكيد. كما نوهتُ، أن صعوبة إيجاد لغة مشتركة للكورد تكمن في تقسيم كوردستان الى أربع أجزاء رئيسية و كل جزء تحتله دولة ذات نظام لا يعترف بالشعب الكوردي و لا يعترف باللغة الكوردية، بل يحاول القضاء عليها عن طريق التتريك و التعريب و التفريس. هذا التقسيم الجائر خلق لغة كوردية تُكتب بثلاث أنواع من الحروف (العربية و اللاتينية و السنسكريتية) و بلهجتين رئيستين (الكرمانجية الشمالية و الجنوبية). كما أن الحدود المصطنعة التي تقسم كوردستان، تمنع التواصل و الإختلاط بين الكورد، و بذلك تعرقل تكوين لغة كوردية مشتركة. إلا أن تحرر إقليم جنوب كوردستان و تسلم السلطة فيه من قِبل حكومة كوردستانية، بعث الأمل في نفوس الكورد في توحيد لغتهم و الذي بدوره يُعتبر شرطاً أساسياً لتوحيد كوردستان و شعبها.

أود هنا أن أسلّط الضوء على جانبين مهمين من جوانب توحيد اللغة الكوردية. الجانب الأول؛ هو علمي بحت يتناول تحديد اللغة الموحدة و وضع خريطة طريق للوصول الى ذلك الهدف، و الجانب الثاني هو الجانب التنفيذي للمشروع. مسئولية الجانب الأول من المهمة، تقع على عاتق اللغويين. لتحديد الهدف بوضوح و بشكل شفاف، حيث أن اللغة المشتركة ستصبح اللغة الرسمية للبلاد، و التي تعني أنها ستكون لغة الكتابة و التفاهم و التعليم و وسائل الإعلام، على أن تتم مراعاة الإرث اللغوي الكوردي و لهجات اللغة الكوردية، بحيث يتم الحفاظ على كل الموروثات اللغوية الكوردية السابقة، سواء كانت كتباً أو مجلات أو صحفاً أو أغانٍ أو برامج تلفزيونية و إذاعية أو أفلاماً و غيرها و في نفس الوقت إستمرارية اللهجات الكوردية التي تُشكّل أيضاً جزءاً من التراث و الثقافة الكوردية، والتي هي لهجات محلية تتفاهم بها أصحاب هذه اللهجات فيما بينهم و ينشرون بها أشعارهم و غناءهم، إلا أنه يجب أن يكون واضحاً بأن اللغة الرسمية ستكون اللغة الكوردية الموحدة و التي تعني أن التعليم و وسائل الإعلام و المخاطبات الرسمية ستكون بهذه اللغة.
 
أعلى