حقائق عن الحزام العربي في كُردستان - سوريا

G.M.K Team

G.M.K Team
حقائق عن الحزام العربي في كُردستان - سوريا ( 1/3 )

بقلم : عبد الباقي اليوسف
سوريا كدولة نشأت بموجب اتفاقية سايكس-بيكو بين فرنسا وبريطانيا بعد إنهزام الامبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، و بموجب هذه الإتفاقية ضمت جزء من كردستان إلى الدولة الناشئة و بعد ترسيم الحدود بشكل نهائي بين سوريا و تركيا عام 1928 ضمت منطقة (ديريك) أيضاً. عدد الكرد في الوقت الحالي حوالي 3 ملايين من أصل 18 مليون نسمة، الهوية الكردية غير معترف بها، اللغة و الثقافة الكردية محظورة، المناطق
الكردية مهمشة من الناحية التنموية و الخدمية رغم أنها مصدر أهم الثروات الوطنية مثل الحبوب و القطن و الزيتون و الفواكة بالإضافة إلى النفط.
توجد جملة من المشاريع العنصرية في سوريا التي تستهدف صهر الكرد ضمن بوتقة القومية العربية . ما سنتحدث عنه هو الحزام العربي الذي طبق في محافظة الحسكة ذات الأغلبية الكردية و التي تقع بمحاذاة الحدود مع تركيا و العراق و التي تشتهر بأراضيها الخصبة، معظم الحبوب و القطن ينتج من هذه المحافظة و ينبع منها نهر الخابور كما تجري من جانبها الشرقي نهر الدجلة، أكتشف فيها النفط في أواخر الخمسينيات، و تم إستثماره في أواسط الستينات من القرن المنصرم، و لذلك إستهدفت بشكل أكثر من قبل القومويين العرب.
الحزام العربي :احدى المشاريع العنصرية التي وضعها حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا ، وبدأوا يروجون له منذ ان سيطر حزب البعث على السلطة عام 1963 ، وهذا المشروع هو احدى حلقات مشروع اكبر يستهدف تغيير ديمغرافية المنطقة الكُردية في محافظة الحسكة، المشروع كما اكده حزب البعث من خلال مؤتمراته القطرية هو السيطرة على كل الشريط الحدودي مع تركيا ابتداء من حدود محافظة الحسكة مع محافظة الرقة في الغرب انتهاء بنهر دجلة شرقا، وبطول 375 كم وعرض من 10 الى 15 كم على ان يجلى السكان الكُرد من هذه المنطقة ، وتسكن بعرب يجيء بهم من محافظات اخرى بعد ان تبنى لهم مستوطنات نموذجية، على غرار المستوطنات الاسرائيلية، مجهزة بكافة وسائل العيش ، المدارس النموذجية وشبكات المياه الصحية والمرافق الصحية والكهرباء لتشكل حاجزاً بشرياً بين الكُرد في كُردستان سوريا وإخوتهم في كُردستان تركيا والعراق .
تبلغ مساحة المحافظة 23333.59 كم2 من اصل مساحة سوريا البالغة 185180 كم2 ,تتكون المحافظة من اربع مناطق : منطقة الديريك , منطقة القامشلي ومنطقة رأس العين ومنطقة المركز الحسكة.
منذ عهد الوحدة بين سوريا ومصر, جرت الخطوات الأولى ضد الكُرد بتصفية ضباط الكُرد من الجيش ، حيث تم طرد العشرات منهم، كما بدأت عمليات تغيير ديمغرافية المناطق الكُردية تحت غطاء قانون الاصلاح الزراعي الذي بدأ تنفيذه في سوريا عام 1958. منذ تلك الفترة بدأ توطين العرب في المناطق الكُردية ففي عامي 1959- 1960 تم إنشاء مستوطنات للعرب في مناطق سريكانية ودرباسية وديرك وجلب المستوطنون من محافظات درعا وسويداء وحماة وادلب وأسكنوهم في مستوطنات: العريشة - المناجير – الأهراس – العامرية – الاربعين – ليلان – أم الخير ..... كل هذه المستوطنات تقع في منطقة الخابور وعلى حدود محافظة الحكسة مع محافظة الرقة ، بهدف فصل منطقة الجزيرة عن كوباني الكُردية. وقد سبق انشاء هذه المستوطنات الإستيلاء على أملاك عائلة إبراهيم باشا الملي, وصدرت فيما بعد قوانين إستكمالية منع بموجبها رخص السكن و شراء العقارات للكرد في منطقة تل ابيض ، لتشكيل حواجز بشرية عربية، كما مُرست نفس السياسات في منطقة جرابلس لتشكيل أغلبية عربية بين منطقتي عفرين و كوباني الكرديتيتن .
كما انشأت مستوطنة قصرك في منطقة الدرباسية ومستوطنتي الزهيرية و الاحمدية في منطقة الديريك بمحاذاة نهر دجلة .
في عهد الانفصال عام 1962ألغي قانون الإصلاح الزراعي و توقفت عمليات السيطرة على الأراضي الكُردية وبناء المستوطنات للعرب فيها ، إلا أن السياسات والمشاريع المناهضة للكرد لم تتوقف .
بعد انقلاب آذار ومجيئ حزب البعث إلى السلطة عام 1963، صدر المرسوم التشريعي /88/ الذي أعاد الحياة الى قانون الإصلاح الزراعي المذكور مع إدخال بعض التعديلات. وجاءت في التعديلات المذكورة فقرة تقول : "ان الأفضلية بالإنتفاع في أراضي الاستيلاء هي للفلاح أو العامل الزراعي وحامل الشهادة الزراعية من أهل القرية اولا ثم من القرية الاقرب" ، لكن الممارسة الفعلية كانت عكس ذلك.
رافقت عملية الإصلاح الزراعي جملة من القرارات الشوفينية و العنصرية والتي صدرت عن المسؤولين في دمشق والحسكة، هذه القرارات التي انتهت بإنشاء ما سمى بالحزام العربي في الجزيرة ، واستمر إستخدام هذه التسمية بشكل رسمي حتى عام 1966,بعد إنقلاب الجناح اليساري في حزب البعث، وسيطرته على السلطة عام 1967 تم تغيير الاسم الى (الحزام الأخضر) الا ان المضمون بقي كالسابق.
المساحات التي تم الاستيلاء عليها والتي خصصت لمزارع الدولة في محافظة الحسكة كانت كبيرة مقارنة مع باقي المحافظات السورية، مثلاً دمشق 614 هكتار ، حلب 167 هكتار ، الاذقية وطرطوس 300 هكتار، مجموع هذه المساحات والمخصصة لمزارع الدولة هي 1081 هكتار ، اما في الجزيرة وحدها 138853 هكتار، أي تساوي 130ضعف مجموع مساحات مزارع الدولة في المحافظات الاربعة.
الظروف والمقدمات التي أدت الى إنشاء الحزام العربي:
يتذرع الشوفونيون العرب بأن تأسيس الحزب الديمقراطي الكُردستاني في سوريا عام 1957, كان السبب الاول لإستيقاظ الفكر القوموي العربي الشوفيني ، أما السبب الثاني هو قيام الثورة الكُردية بقيادة الزعيم الكُردي المرحوم ملا مصطفى البرزاني في كُردستان العراق 1961. وقد روج لهذه الفكرة بعض المثقفيين وبعض الشخصيات الكُردية المقربة من السلطة، مستغلين ظروف ضعف الحركة الكُردية.
حقيقة ميلاد الحزب الديمقراطي الكُردستاني في حزيران 1957 جاء بعد الدعوات العنصرية ضد الشعب الكُردي بسنوات ، وأيضا نتيجة الاجحاف بحق الكُرد وحرمانهم من ابسط حقوق المواطنة وحقوق الانسان ، رغم الدور المهم للشعب الكُردي في استقلال سوريا.
في الواقع أفكار ومشاريع الشوفينيين العرب تعود الى ما قبل هذا التاريخ بكثير، تعود إلى ثلاثينيات القرن المنصرم، فزكي الأرسوزي الذي أصبح احد مؤسسي حزب البعث فيما بعد، كان ينظر الى ثورة ابراهيم هنانو بعين الشك، حيث كان يعتبر ابراهيم هنانو اكثر خطرا من الفرنسيين لكونه كُردي، أما ميشيل عفلق المؤوسس الآخر لحزب البعث العربي وأمينه العام ، لم يرضى على ضم الكُرد في الحزب الإشتراكي العربي الذي كان يترأسه أكرم الحوراني عند توحيد الحزبين المذكورين ، وإنشاء حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1952.
حزب البعث يرفض التعددية القومية، حيث أن المادة السابعة من دستوره ينص " الوطن العربي هو البقعة من الأرض التي تسكنها الأمة العربية والتي تمتد ما بين جبال طوروس وجبال زاغروس والخليج العربي والبحر العربي وجبال الحبشة والصحراء الكبرى والمحيط الاطلسي والبحر المتوسط " انطلاقا من هذه المادة ومواد اخرى كالمادة 11 والمادة 15, يرفض حزب البعث وجود أي أرض غير عربية في تلك البقعة الجغرافية ، ويؤكد انه سيجلي عن الوطن العربي كل من دعا إلى تكتل عنصري ضد العرب ، كما انه وحسب هذا التعريف يطالب حتى بمناطق أمد ( ديار بكر) من أراضي كُردستان تركيا.

يأتي الى جانب هذه الافكار المتطرفة و العنصرية الموقف التركي و الإيراني و العراقي العنصري تجاه الشعب الكُردي ، هذه الدول التي تشارك سوريا في تقاسم كُردستان، وترفض الاعتراف بالهوية القومية الكُردية، بشكل خاص تركيا و إيران . هذه الدول شاركت بعضها في مشاريع خاصة حيال القضية الكُردية في المنطقة و سبل طمسها بهدف القضاء عليها .كما أن ظروف الحرب الباردة في ذلك الحين ساعدت أيضا سوريا لتنفيذ مشاريعها ضد الكُرد رغم المعارضة الكُردية لهذه المشاريع ، و انتفاضات القرى و الفلاحين الكُرد لسياسات النظام في الإستلاء على أراضيهم ، و منحها لعرب من محافظات بعيدة ، لم تلقى الآذان الصاغية من قبل المجتمع الدولي .
إنطلاقأ من تلك الافكار العنصرية أصدر الملازم الأول محمد طلب هلال رئيس الشعبة السياسية في محافظة الحسكة كتاباً في أوائل الستينيات بعنوان " دراسةعن محافظة الجزيرة من النواحي القومية والاجتماعية و السياسية " مليئاً بالتلفيقات والاضاليل ينبع عن الحقد والعنصرية والشوفينية القومية العمياء ضد ابناء الشعب الكُردي في سوريا.اذ يقول :
. إنه قد آن الأوان لوضع خطة راسخة لهذه المحافظة ، وتنقيتها من العناصر الغريبة كي لا يبقى الأغيار ومن ورائهم الأستعمار يعثون فسادا في هذه الرقعة الغالية ذات الثروات الكبيرة من الداخل القومي وخاصة أن روائح البترول قد أخذت تفوح فيها ...ص4
.... إذا يمكننا القول بأنه ليس هناك شعب بمعنى الشعب الكُردي ولا أمة بكاملها بمعنى الأمة الكردية ... ولغته ليست بأصل الا لهجات خاصة كلغة " النور " ليس أكثر ......ص8
.... لا يتعدى الشعب الكردي هذا المجال، حيث لا تاريخ لهم ولا حضارة ولا لغة ولا جنس حتى ... اللهم ألا صفة القوة والبطش والشدة ......ص9
ليست المشكلة الكردية الآن وقد أخذت في تنظيم نفسها إلا أنتفاخ ورمي خبيث،نشأ أو أنشئ في ناحية من جسم هذه الأمة العربية وليس له علاج سوى بتره ....ص10
لذا وبناء على ذلك يجب أن ننظر إلى الأكراد بأنهم قوم يحاولون بكل جهدهم وطاقاتهم وما يملكون لأنشاء وطنهم الموهوم حيث يترتب على هذه النظرة كونهم أعداء ولا فرق بينهم وبين إسرائيل ورغم الرابطة الدينية فأن ( يهودستان ) و ( كردستان ) صنوان ....ص44
بعض مقترحات محمد طلب هلال:
1- أن تعتمد الدولة على عمليات التهجير إلى الداخل، مع التوزيع في الداخل ومع ملاحظة عناصر الخطر أولاً بأول, ولابأس أن تكون الخطة ثنائية أو ثلاثية السنين تبدأ بالعناصر الخطرة لتنتهي إلى العناصر الأقل خطورة وهكذا..
2- الأكثرية الساحقة من الأكراد المقيمين في الجزيرة يتمتعون بالجنسية التركية ، لذا يجب سحب الجنسية السورية منهم
3- سد باب العمل: لابد لنا أيضاً المساهمة في الخطة، من سد أبواب العمل أمام الأكراد حتى نجعلهم في وضع: أولاً :غير قادر على التحرك، وثانياً: في وضع غير مستقر ومستعد للرحيل في أي وقت. وهذا يجب أن يأخذ به الإصلاح الزراعي أولاً في الجزيرة بأن لايؤجر ولايملك الأكراد, والعناصر العربية كثيرة وموفورة بحمد الله.
4- إسكان عناصر عربية وقومية في المناطق الكُردية على الحدود فهم حصن المستقبل ورقابة بنفس الوقت على الأكراد ريثما يتم تهجيرهم ونقترح أن تكون هذه العناصر من شمر لأنهم أولاً أفقر القبائل بالأرض وثانية مضمونين قومياً مئة بالمئة.

5- جعل الشريط الشمالي للجزية منطقة عسكرية كمنطقة الجبهة حيث توضع فيها قطعات عسكرية مهمتها إسكان العرب واجلاء الأكراد وفق ماترسم الدولة من خطة. * عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكُردي في سوريا

-----------------------------
حقائق عن الحزام العربي في كردستان - سوريا 2/3
ذكرنا سابقا بان الحزام العربي هو جزء من مشروع يستهدف منه تغيير ديمغرافية المنطقة الكردية في محافظة الحسكة، واقامة حاجز بشري من العرب لفصل أكراد سوريا عن اخوتهم في كردستان تركيا والعراق على طول الشريط الحدودي بمحاذاة الحدود مع تركيا، إبتداءً من حدود محافظة الحسكة مع محافظة الرقة في الغرب الى نهر دجلة في الشرق وبطول 375كم وعرض (10-15) كم، ويجلى الأكراد من هذا الشريط ويسكن مكانهم عرباً من محافظات أخرى .
منذ أن سيطر حزب البعث العربي الاشتراكي على السلطة في سوريا عام 1963, حتى سارع إلى إحياء قانون الإصلاح الزراعي، وإصدار دعوات لإخلاء حدود محافظة الحسكة مع تركيا من الأكراد، واسكان عرب مكانهم ، كما تم التصديق على نتائج الاحصاء الاستثنائي التي اجرته حكومة الانفصال في محافظة الحسكة عام 1962 ،بموجبه سحبت الجنسية من 120 الف انسان كردي . ففي المؤتمر القطري الثالث لحزب البعث العربي الاشتراكي في ايلول عام 1966، جاءت في الفقرة الخامسة توصية بخصوص محافظة الحسكة ،تقول " إعادة النظر بملكية الأراضي الواقعة على الحدود السورية التركية، وعلى إمتداد 350 كم وبعمق 10- 15 كم وإعتبارها ملكاً للدولة، وتطبق فيها أنظمة الإستثمار الملائمة، بما يحقق أمن الدولة " و عادةً ما يستخدم حزب البعث عبارة (أمن الدولة) ضد الكورد بشكل خاص و المعارضة السورية عموماً.
لم يمضى على قرار المؤتمر المذكور سوى شهرين حتى طالعتنا نشرة ( المناضل ) وهي نشرة دورية سياسية، يصدرها مكتب الدعاية والأعلام في التوجيه القومي لحزب البعث العدد/11 /، وتحت عنوان " تقرير لخطة إنشاء مزارع حكومية في محافظة الحسكة " " إن المخاطر التي واجهت ويواجهه شعبنا العربي في شمال العراق، والتي خلقت من قبل الأمبريالية بدأت تهددنا ايضا منذ بضعة أعوام اخيرة ، في محافظة الحسكة أهملتها الحكومات السابقة ولكن اليوم نحتاج الى حل جذري وصريح، ان حجم القسم الذي ندرسه من الحزام العربي يبلغ حوالي /3001911/ دونم ،ويمتد من المالكية الى الحدود بين محافظتي الحسكة والرقة .... , وبسب وجود عناصر غير عربية وغالبيتهم من الأكراد ،والذين يحاولون جاهدين أن يؤسسوا بلد قومي لهم في حدودنا الشمالية بمساعدة الإمبريالية......
بعض من هذه المقترحات : 1- يجب أن تصدر الحكومة مرسوما جديدا، يعتبر كل قرى المنطقة كأملاك دولة ،وأن الدولة لها الحق في إستثمارها كما تراه مناسباً.. 2- إن التجمع العرقي للسكان يجب ان يتبدل بنقل ونفي العناصر الغير عربية. 3- إنشاء قرى نموذجية للعناصر العربية الهاجرة من قبل الدولة. لقد طرأ بعض التجميد على تنفيذ الحزام العربي، وكان السبب في ذلك هزيمة سوريا في حرب حزيران 1967، بدأ خلال هذه الفترة ,إجراء الإصلاح الزراعي ،والسيطرة على الأملاك الكردية بشكل عنصري وهمجي ، دون مراعاة مصادر عيش الأخرين ، اللجان التي تشكلت من أجل تنفيذ هذه المهام كانوا من البعثيين . فقد إقتطعوا عشرات الألاف من الهيكتارات من الأراضي الزراعية وسلموها الى مؤسسة مزارع الدولة حيث أصبحت إحدى مظاهر الفساد بيد المتنفذين من المسؤولين الكبار في الحزب والدولة في محافظة الحسكة ، وبمشاركة مسؤولين كبار في دمشق . لكن الجزء الثاني من المشروع, أي مرحلة توطين العرب مكان الكرد, قد تاخرت نتيجة عوامل داخلية، بسبب التناحر حول السلطة بين أجنحة الحزب، فقد جرت محاولات إنقلابية عديدة. وفي عام 1967 جرت الحرب بين اسرائيل والدول العربية، خسرت فيها الدول العربية وأصبحت دمشق على مرمى المدفعية الإسرائيلية ، هذه التطورات أدت الى تأخير التنفيذ الكامل للمشروع إلى حين مجيء الرئيس حافظ الأسد إثر حركة إنقلابية عام 1967 . بعد سيطرة حافظ الأسد على السلطة بإنقلابٍ عام 1970, لم يطرأ أي تغير في موقف النظام السوري تجاه المسألة الكُردية في سورية ،لا بل أخذ طابعا تصاعدياً ففي المؤتمر القطري الخامس لحزب البعث العربي الإشتراكي الذي انعقد في أيار عام 1971 ,جرى بحث المسألة الكُردية من زاوية كيفية تطويق الكُرد وتجريدهم وتهجيرهم. جاءت الفقرة / 12/ من توصيات المؤتمر مايلي: " العمل على أصلاح الخلل القائم في التوزيع السكاني في القطر وبما يحقق الأنتاج الزراعي والأقتصاد والأمن القومي بشكل عام" الخطاب السياسي لحزب البعث و ممارساته العملية منذ أن سيطر على السلطة في سوريا, يتميز بالشوفينية القومية العربية ،بعيدة عن الحقائق الجغرافية و التاريخية .فهو لا يعترف بالقضية الكًردية إن كان على صعيد الأرض أو الإنسان لذا فإن سياسته ترتكز على محورين:
1- تغيير ديمغرافية المنطقة الكُردية بالأساليب القسرية من خلال السيطرة على الأرض دون مكافئة أصحابها، و تغيير أسماء المعالم و القرى و البلدات الكُردية. 2- سياسة صهر الكُرد داخل المجتمع العربي من خلال تهجيرهم بشتى السبل، و التعتيم الإعلامي على كل ما هو متعلق بالكورد ، و يرفض إستخدام مصطلح كُردستان حتى إذا ما تعلق الأمر بكُردستان العراق .حيث يسميه شمال العراق، كما فرض النظام البعثي عن طريق أجهزته الأمنية على أحزاب الحركة الكُردية عدم إستخدام مصطلح (كُردستان سوريا) . بعد قرابة 25 سنة أعيد استخدام هذا المصطلح من قبل حزب يكيتي إلى الخطاب السياسي في أواخر التسعينيات من القرن الماضي ، اليوم أصبحت هناك ثلاث أحزاب كردية تستخدم هذا المصطلح ،لكن من المؤسف تُحارب هذه الاحزاب من قبل فصائل كردية اخرى متهمة الاحزاب الثلاثة بالتطرف ، والاساءة الى العلاقات الكردية العربية . مع بداية عام 1973 بدأت الأعمال التحضيرية لجلب العرب الى منطقة الحزام بعد تهيئة الأر ضية لذلك : - الأستيلاء الكامل على مساحات الشريط الحدودي بطول / 275/كم وبعمق 15- 20كم وتسليمها الى مايُسمى بمزارع الدولة لحين البت فيها نهائياً وأعطاءها لعرب في وقت لاحق. - إيجاد ذريعة في الأراضي التي غمرها سد الفرات في محافظة الرقة وذلك بنقل اولئك العرب الساكنين هناك الى هذا الشريط - التفكك والضعف الكبير في الحركة السياسية الكُردية في سوريا - الحصول على موافقات خفية من بعض كبار الملاكين والإقطاعين الكرد وحتى من أحد أطراف الحركة الكردية والحزب الشيوعي السوري .
بعد انتهاء حرب تشرين عام 1973 بدأت الخطوات الأولى التحضيرية لجلب المستوطنين الى منطقة الحزام فقد بدأت حملة لبناء المستوطنات كما أصدرت القيادة القطرية لحزب البعث القرار رقم / 521 / بتاريخ 24/6/1974, والقاضي بتوزيع الأرض و المحاصيل الزراعية على المستوطنين العرب حيث أعطيت لكل عائلة 150 , ,300 دونم وذلك حسب موقع المستوطنة وجودة الأراضي ،كما أن بعض العوائل حصلت على إستثمارين أي / 300 ـ 600 / دونم. هذا وقد بلغ طول الحدود المغطاة بالمستوطنين والمستوطنات / 275 كم / وعمق من /10-20 كم / وبلغ إجمالي الأراضي المعطاة لهم /702018/ دونم موزعة على /35/ مستوطنة كما بلغ عدد العوائل المستفيدة من هذه المساحات اكثر من /4000/ عائلة، وإن عدد القرى الكردية الداخلة في منطقة الحزام /335/ قرية عدد سكانها أكثر من 150 الف نسمة يعانون من حرمان الأرض و سبل العيش.

....................................................................... *

حقائق عن الحزام العربي في كردستان - سوريا 3/3
بدأ مشروع الحزام العربي مع مجيء حزب البعث الى السلطة عام 1963, وتحت غطاء قانون الإصلاح الزراعي ، والحملة الدعائية التي رافقت هذا القانون، والتي روجت بالخطوات الثورية لحزب البعث، شكلت لدى عامة الشارع امالا, لما كان لهذه الأفكار رواجاً وسمعة طيبة في الشارع السوري بشكل عام، والشارع الكردي بشكل خاص بسبب تأثيرات الدعاية والثقافة السوفيتية, ودور الحزب الشيوعي السوري آنذاك في نشر ثقافة

الدعوة إلى العدالة الإجتماعية وتوزيع الأرض على الفلاحين, ومشاركة العمال في إدارة العمل ومؤسسات الدولة. لهذا فأن قانون الإصلاح الزراعي لاقى إستحساناً من قبل العمال والفلاحين وسائر الفقراء ،خاصة وأن النظام قد روج بأن أفضلية الإنتفاع ستكون لفلاحي القرية المعنية, ثم الأقرب.

مع بداية 1966 انتهت السلطات السورية من دراساتها وأبحاثها، وبدو مهيئين للبدء بتنفيذ المشروع السيء الصيت, من ناحية أخرى, ومنذ بداية الستينات, كان الحزب الديمقراطي الكردستاني_سوريا, يعاني من حملات الإعتقال الواسعة التي جرت ضده, وشملت معظم كوادر وقيادات الحزب, هذه الإعتقالات أحدثت شرخاً داخل الحزب, أدت فيما بعد إلى الإنشقاق عام 1965 وبروز تيارين, الأول سمي شعبياً باليسار الكردي, أما الأخر فسمي باليمين الكردي.

منذ أن إنطلق التيار اليساري بدأ بحملة إعلامية واسعة ضد الحزام وحرض الفلاحين الكرد على المقاومة والوقوف صفاً واحداً ضد عمليات الإستيلاء على الأراضي الكردية, وقد شاركهم الشيوعيون الكرد ايضا.في حزيران عام 1966, أنكشفت غايات النظام حتى على مستوى الإنسان البسيط ،وتأكدت مقولات الحزب اليساري الكردي, عندما بدأ مدراء النواحي ورؤساء مخافر الشرطة بإبلاغ الفلاحين .حيث قاموا بتشكيل دوريات وعلى طول الحدود مع تركيا, تجوب القرى بحدود إدارتها تطالبهم للتهيؤ لمغادرة مناطقهم ،وإختيار مكان العيش الجديد في المناطق الجنوبية ذات الطابع العربي

حصلت مواجهات دامية بين الكرد والشرطة المجهزة بالأعتدة والسيارات والمدعومة بقوات من الهجانة في العشرات من القرى الكردية, رافضين الهجرة والتنازل عن أرضهم لصالح مايسمى بمزارع الدولة, فتعرضوا إلى التعذيب وإطلاق النار والإعتقال ،وقد سجل فلاحي العديد من القرى ملاحم نضالية ضد عمليات الإستيلاء حيث سيطروا على الآليات وحرقوها وتمكنوا من صد الشرطة بأسلحتهم البسيطة من الحجارة والعصي, مما أضطرت بالشرطة ومدراء النواحي أن يستعينوا بقوات كبيرة من الهجانة للسيطرة على الوضع ومن هذه القرى: تل خاتونك التابعة لناحية (تربة سبي), قام الفلاح فقير حسي Feqir Hissi,بالقاء الخطاب بين الفلاحين في القرية وتصدى الفلاحون لقوةً مؤلفة من خمسة عشر سيارة (زيل) تحمل حوالي مئتي عنصر مسلح من الهجانة والشرطة ،وحدث إشتباكٌ دام أكثر من ساعة وقع خلاله العديد من الجرحى بين صفوف الفلاحين , إلا إن سكان القرية أصبحوا أكثر إرتباطاً وتشدداً بأرضهم مفضلين الموت على الهجرة وترك الأرض وهكذا ايضا في قرية(Nef)

كانت لإنتفاضة (علي فرو) أصداء واسعة داخل سوريا وخارجها وبالغت الشرطة بوصف إنتفاضة الفلاحين بإندلاع ثورة كردية, حتى أن صحيفة اللوموند الفرنسية كتبت عنها في شهر آيار عام 1967, كما أن الصحفي الفرنسي جان بيير رينو الذي زار محافظة الحسكة عام 1972, تحدث عن ذلك في مقاله, وأستفسر عن مصير فلاحي قرية (علي فرو), عند إجتماعه ببعض قيادي الحزب اليساري الكردي في سوريا . في منطقة ديرك وتربسبي قام الفلاحون بأستخدام الزجاجات الحارقة في اشعال مزارع الدولة التي أنشأت على أراضيهم وأستمر هذا الغليان حتى عام 1969.

عام 1969 حصل تآمر داخل قيادة اليسار ضد المؤسس و سكرتير الحزب أوصمان صبري، بسبب مواقف أوصمان العملية والنضالية الجدية, ومحاربته الفعلية لمشروع الحزام العربي, أدار خيوطها صلاح بدرالدين والذي فيما بعد أصبح سكرتير الحزب ومع مغادرة أوصمان صبري, يمكن القول بأن التمرد في وجه الإستيلاء توقف و أختصر النضال على المذكرات والوفود الجماهيرية التي كانت تراجع المسؤولين إن كانت في المحافظة أو في العاصمة مطالبين بإنصافهم.
في عام 1973 عندما بدأت الخطوات العملية في بناء المستوطنات والتحضير لجلب المستوطنين العرب, كانت الساحة السياسية الكردية تضم ثلاث أحزاب سياسية, الحزب اليساري الكردي, الحزب الديمقراطي الكردي (البارتي) والحزب الديمقراطي التقدمي, الحزب اليساري والبارتي وقفوا في وجه تنفيذ الحزام، وأصدروا بيانات سياسية تدعو إلى مقاومة تنفيذ الحزام, وتعرضت قيادات وكوادر الحزبين إلى حملة إعتقالات واسعة على أثرها أعتقل العشرات ،وأحتفظ بأغلب قيادات البارتي بمن فيهم سكرتير الحزب وكوادر الحزب اليساري لمدة تزيد عن ثمانية أعوام.

المعاناة مستمرة:

جلب المستوطنون في اواخر عام 1974, وبدايات عام 1975. في ظروف كانت سيئة جداً بالنسبة إلى الشعب الكردي, وبعد أن حصلت أجهزة الدولة الأمنية والإدارية على موافقات سرية من بعض الإقطاعيين والملاكين الكبار, وحتى من بعض رموز الحركة السياسية الكردية, ومنظمة الحزب الشيوعي السوري في محافظة الحسكة, خاصة وأن الحزب الشيوعي السوري في عام 1972 كان قد دخل في تحالف سياسي مع حزب البعث وأحزاب أخرى عربية سمي هذا التحالف بالجبهة الوطنية التقدمية.
من الناحية المعاشية ، تردت الاوضاع الاقتصادية بشكل فظيع، لم يعد لمعظم الفلاحين أي مصدر للعيش سوى ما يملكون من الحيوانات من اغنام وابقار ، حتى تربية الحيوانات اصبحت عبئا عليهم خاصة وبعد فترة بدا المستوطنون يمنعون حيواناتهم من الرعي في الاراضي التي منحتهم اياه الدولة ،في بعض الاراضي التابعة لمنطقة ديريك وجدت مناطق حجرية غير قابلة للزراعة ، بدا الفلاحون الكرد باستصلاحها وكل عائلة استحصلت بعض الدونمات لتامين قوتها من الحبوب، وبدا الشباب الكرد يتشردون في مدن الداخل السوري ، بحثا عن العمل لتامين سبل المعيشة لاسرهم الذين ابوا ان يغادروا قراهم

من الناحية النفسية :

وجود المستوطنات الى جانب القرى الكردية وعلى محاذاة الطرقات من راس العين الى ديريك ، هي بمثابة اجسام او كيانات عربية دخيلة في ديمغرافية المناطق ، ماثلة امام اعينهم ليلا نهارا كالسكين تحز في قلوب ومشاعر سكان المناطق الاصليين، لقد مات العديد نتيجة هذه المعاناة والاعتداء البغيض من جانب السلطات . في البداية كان المستوطنون خائفون ويرفضون المجيء الى المناطق الكردية ،ويطالبون السلطات ان توزع عليهم الاراضي في حوض الفرات ، وعندما لم تحدث عمليات ضدهم حصل استقرار نسبي بينهم ، وفي اوائل الثمانينيات من القرن المنصرم وبعد ان طاب لهم العيش في المنطقة ، وجنوا المحاصيل الوفيرة ، ولقوا المساندة والرعاية من الدولة ، بداووا يتطلعون الى المزيد من الاراضي ، واستثاغت شهيتهم الى بضع الدونمات التي استصلحها الفلاحون الكرد ، فابتكروا مقولة النقص في المخصصات وبمساندة اجهزة الدولة الامنية بداووا يعتدون على الفلاحين الكرد ، ويعملون على الاستيلاء حتى على تلك المساحات الزهيدة ، ومن جديد حصلت الاشتباكات والانتفاضات ، هذه الاعتراضات لاقت المساندة من قبل بعض الاحزاب الكردية ، وشملت هذه المشاكل معظم القرى التي قامت باستصلاح الاراضي .
يجدر الاشارة الى ان الدولة عندما قامت بتوزيع الاراضي الى المستوطنين قطعت حصصهم من الاراضي الزراعية والخصبة ، ولم تشمل حصصهم على الاراضي غير المستصلحة ، والوثيقة التالية تؤكد على ذلك : قرار رقم 493/ق من محافظ الحسكة... تنفيذا لتكليف الرفيق الامين القطري المساعد ، رئيس لجنة الغمر ، واستنادا لقرار القيادة القطرية رقم /521/ تاريخ 24/6/1974 حول التفويض بتوزيع المحاصيل والاراضي للمستحقين من ابناء منطقة الغمر بعد تدقيق استماراتهم ......... يقرر ما يلي : توزيع الاراضي العائدة لمزارع الدولة والواقعة في منطقة المالكية على مستحقيها من اهالي منطقة الغمر المهجرين من محافظة الرقة ، وتخصص لكل وحدة مساحة

150 دونم بعل، يعتمد في توزيعها الاسس التالية :
يعتمد في التوزيع المساحات المستثمرة من قبل منشاة مزرعة الدولة بالمالكية حسب واقع الاستثمار الفعلي .
تستبعد الاراضي المحجرة والمشجرة والمروية والمحاور والاراضي المؤجرة والمفروض عليها اجر مثل من التوزيع .
القرار واضح وصريح ، ان الشوفينية وغلات القومية العربية برغباتهم قطعوا سبل العيش على الكرد لدفعهم الى

الهجرة من مناطقهم الاصلية واخلائها
ان ما قام به النظام السوري ، والمحاولات الاخيرة للاستمرار بنفس السياسة تتعارض تماما حتى مع الدستور السوري الذي فصله النظام البعثي على مقاسه ، فالمادة /12/ من الدستور تقول: " ان الدولة في خدمة الشعب ، وتعمل مؤوسساتها على حماية المواطنين" كما تنص المادة /15/ على انه :" 1- لا تنزع الملكية الفردية الا للمنفعة العامة ، ومقابل تعويض عادل ووفقا للقانون. 2- المصادرة العامة في الاموال ممنوعة " كما ان مشروع الحزام العربي يعد انتهاكا صارخا للعهد الدولي والذي وقع عليه النظام السوري

لا شك ان الحزام العربي احدث شرخا في الوحدة الوطنية في البلاد الى جانب مجموعة اخرى من المشاريع والقوانين الجائرة بحق الكرد ، وان حزب البعث والنظام البعثي يتحملون المسؤولية مهما طالت الظروف لصالحهم ، لانه ماضاع حق وراءه مطالب ، ومثل ما توفرت لهم الظروف سوف ياتي اليوم الذي يرجع فيه الحق لاصحابه ، ويحاسب المسؤولون عن هذه الجرائم بحق الانسانية ، وهم يدركون جيدا انها باتت قريبة .

....................................................................................

*عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكردي في سوريا.
المراجع: الحزام العربي في الجزيرة - سوريا– برزان مجيدو.
المسالة الكردية في سوريا- د. عبدالباسط سيدا.
دراسة عن مجافظة الجزيرة من النواحي القومية والاجتماعية والسياسية-محمد طلب هلال .
دستور حزب البعث.
 
رد: حقائق عن الحزام العربي في كُردستان - سوريا

لاحول ولاقوة إلا بالله
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم عليك بالظالمين وخسف بهم الأرض يارب العالمين

 
رد: حقائق عن الحزام العربي في كُردستان - سوريا

مشكور أخي عبدو على المجهود الكبير اللذي قمت به و لا يسعني القول إلا حسبي الله و نعم الوكيل و اللهم رد كيدهم في نحرهم
 
رد: حقائق عن الحزام العربي في كُردستان - سوريا

الأهم من هيك صدر قانون سياسي عدم تمليك الأكراد قطعة أرض أو بيت في محافظة الحسكه وعفرين
 
رد: حقائق عن الحزام العربي في كُردستان - سوريا

شكرا اخي عبدو عالموضوع القيم ..
لا يصح الا الصحيح والله سبحانه وتعالى لا يضيع حق احد لابد وان يرجع الحق لاصحابه
 
أعلى