الكذب عند الاطفال

الكذب عند الاطفال


يعد الكذب لدى جميع الناس سلوكاً، والسلوك ناجم عن دوافع أولية، لأن وراء كل سلوك دافع كما يؤكد علماء النفس،
لذا فإن هذا السلوك هو الدافع الأولي لذاته في ظاهرة الكذب،ويصنف علماء النفس هذه الظاهرة بعدة تصنيفات وأنواع منها:
1-الكذب الإيهامي،2- كذب التباس، 3-كذب اعتذاري،4-كذب الغرور،5- كذب الانتقام، 6-كذب أناني، 7-وكذب التبرير كما صنفها "د. عبد المنعم الحفني" في موسوعة "الطب النفسي".
وما يهمنا في هذا الموضوع هو الكذب عند الأطفال، وتداعياته النفسية، فالكذب شيء مألوف عند الطفل في مرحلة عمرية معينة،
ويعد حالة عارضة ومؤقتة في مرحلة زمنية محددة من العمر، إلاّ إنّها تصبح مرضية إذا استمرت معه، وأخذت إبعاداً جديدة.
فيقول علماء النفس بأن خلفيات الكذب عند الطفل تكمن في إن له دوافع ومحركات نفسية قوية بداخله، ولها امتدادات وجدانية،
ولأن الدوافع والمحركات النفسية لها تأثير قوي على السلوك، فإنها تنتج مظاهر انحرافية عدة منها: السرقة، العناد، الخوف، الغضب الشديد.
عُدَّ الكذب كما السرقة انحرافاً في السلوك حينما يبلغ الطفل فترة المراهقة،
ومازال يلجأ إليه كوسيلة لتحقيق ذاته ونجد إن الأم في معظم الأحوال تشجع طفلها على أن يعيش هذه التخيلات التي تسد شيئاً من نقص التوافق مع الواقع،
لأنه ربما يكون مؤلماً أو ما يريده الطفل أو المراهق فعلاً صعب التحقيق، لذا نؤكد إن الواقع المعاش شيء والتمنيات شيء آخر،
فيلجأ الطفل أو المراهق في البداية إلى أحلام اليقظة، وبها أيضاً الشيء الكثير من التخيل،
وهو يتسلل أيضاً إلى ذات الطفل أو المراهق مكوناً بعض لبناته على نحو محرف، مستخفِ، غير إنّ هذا السلوك بمرور الوقت مع ازدياد كمية الأفكار المتخيلة التي لا تظهر أبداً،
تظل حبيسة مكبوتة لا يسمح الطفل أو المراهق لنفسه بالتعبير عنها وإطلاق سراحها إلا على نحو مقنع مستتر في سلوك الكذب أو بدافع آخر على شكل أحلام اليقظة، أو حتى على شكل صور في أحلام الليل.
ويقول علماء التحليل النفسي إن بنيان الحلم في بعض جنباته يحمل أنواعاً من التخيل، يرجع تاريخه إلى سنوات الطفولة،
وهو ما نراه من قبيل ما يصدر من أطفالنا أثناء لهوهم ولعبهم مع أقرانهم أو منفردين بأنفسهم، يتخيلون أنواعاً من السيناريو،
يعبر عما يدور بأنفسهم من رغبات وصراعات ومحاولات للكشف عن المبهم. يقول "د. مصطفى زيو":" هذه الأخاييل التي يصوغ بها العديد من "السيناريوهات"
تظل قابعة حتى إذا بلغ الرشد، رأيناها تطفوا بشكل كبير في بناء شخصيته وتكوينه وخصوصاً تلك الأخاييل والأحاسيس التي كان عليه أن يسترها بصمته،
لأنه تعلم إن الإفضاء بها جزاءه الزجر والعقاب".
معظم الظواهر النفسية المشابهة مثل السرقة والخوف وضعف الشخصية وضعف الثقة بالنفس فضلاً عن الكذب،
هي ظواهر تكتسب من البيئة التي يعيش فيها الفرد، مع وجود قابلية كبيرة لدى الطفل في قبولها،
لذا تساهم أسرة الطفل بمختلف مشكلاتها على بروز هذه الظاهرة فالأسرة المفرطة في العقاب، أو الزجر، أو النهر، أو التحقير للطفل،
تظهر لدى أطفالها ظواهر عديدة واضحة على السلوك، وكذلك الاستخدام والإفراط في الكمال والدقة أيضاً،
يترك آثاراً سلبية فالكثير من الأُسر- تحت يافطة رعاية الطفل وتربيته وحمايته من الانحراف- تمارس عليه درجات مختلفة من القهر والقمع والكبت،
فلا يسمح له بأية درجة من التعبير المباشر عن ما يجول في داخله، فإذا ارتفع صوته أو زادت حركته أو مارس فضوله وفوضويته،
فانه يعنف وينهر حتى يصبح طفلاً مطيعاً أو خاضعاً أو على أحسن الأحوال طفلا"مثالياً" كما يعتقدون،
ولكنه في الواقع انه ملئ بالخوف ويكبت رغباته الطفلية التي ستتحول فيما بعد إلى سلوك عدواني ،أو يلجأ إلى أحلام اليقظة لكي يشبع رغباته المقموعة.
إن هذا الإخضاع للطفل بطرفيه السلبي (القسوة والعقاب) والايجابي (الإفراط في الكمال) يؤدي إلى التعبير المقنع بالسلوك مثل الكذب،
أو صورة الالتفاف بالكلام والتعبير عما يريد، ولا يقول مباشرة ما يريده، أو اللجوء إلى أحلام اليقظة، أو الهروب من المواجهة والاعتمادية،
وهي كلها أساليب تميل إلى الانحراف أكثر مما تميل إلى السواء.
يشكل الكذب بأنواعه وبدوافعه المختلفة انحرافاً، قد يؤدي إلى المرض حتى سُمي أحد هذه الأنواع بالكذب المرضي،
وهو ناتج عن شعور الطفل بالنقص أمام زملاءه، أو ناجماً عن رغبته في السيطرة، أو للتأثير في زملاءه واستمالتهم له.
إن في هذا النوع من الكذب الذي يمارسه الطفل هو في الحقيقة تلفيق حقيقة مشاعره الداخلية واحتباسها حتى يبدو في صورة
أما تعظيم لذاته المقهورة أمام الغير أو بغية البحث عن الاحترام والتقدير لغرض إضفاء شيئاً لنفسه لغرض إعلاءها وسموها،
انه يستجدي بأسلوب الكذب مكاناً في الوسط الذي يعيش فيه وأحياناً يدعي الطفل التمارض لغرض تحقيق مكاسب ثانوية له فهو ليس مريضاً،
ولا مصاب بحالة جسمية أو ما شاكل ذلك إنما يبحث لنفسه عن المكانة والتقدير (1). يمكن أن نطلق على هذا الكذب بالكذب الادعائي.
والذي يدفع الطفل لممارسة هذا الكذب أمران:
الأول: المفاخرة والمسايرة لزملائه الذين يحدثونه عن آبائهم أو مساكنهم أو لعبهم.
والثاني: استدرار العطف من الوالدين، ويكثر هذا اللون عند من يشعرون بالتفرقة بينهم وبين إخوانهم أو أخواتهم.
وينبغي للوالدين هنا تفهم الأسباب المؤدية إليه وعلاجها، والتركيز على تلبية الحاجات التي فقدها الطفل فألجأته إلى ممارسة هذا النوع من الكذب دون التركيز على الكذب نفسه. (2)
إنّ داخل هذا الطفل مشحون بانفعالات لا يستطيع التنفيس عنها أو تفريغها، فيلجأ إلى أساليب مثل الكذب أو التخيل أو أحلام اليقظة، حتى يصبح هذا السلوك جزءاً من شخصية ويكون بمستوى الإدمان.
أما الكذب " المتخيل" الخيالي، وهو احد أنواع الكذب الذي يمارسه الأطفال في سن صغيرة يريد بها الطفل تحقيق أماني أو رغبات لا يستطيع الإفصاح عنها،
فيتأمل على مستوى الخيال، وينسج أفكاره ولكنها غير موجودة في الواقع، وتتداخل لدى الأطفال في هذا النوع من الكذب بعض الصور المتكونة بسبب سماعها أو نسجها،
وهي من الخيال أو من الخرافة، والأساطير المنقولة أو المحاكاة والتقليد داخل الأسرة، وتختفي هذه التوهمات مع النمو العقلي – المعرفي كلما تقدم بالعمر زمنياً. (3)
ولقد ميز "جان باجيه" مراحل اعتقاد الطفل للكذب إلى ثلاثة مراحل:
المرحلة الأولى: يعتقد الشيء أن الكذب خطأ لأنه شيء سيعاقب عليه.
المرحلة الثانية: يبدو الكذب كشيء خطأ في حد ذاته وسوف يبقى ولو بعد زوال العقاب·
المرحلة الثالثة: الكذب خطأ ينعكس على الاحترام المتبادل والمحبة المتبادلة. الكذب عند
الأطفال يأخذ عدة أشكال مضاف إليها:
1- القلب البسيط للحقيقة أو التغيير البسيط
2- المبالغة:يبالغ أو يغالط الطفل والده.بشدة
3- التلفيق : كأن يتحدث بشيء لم يقم به
4-المحادثة : يتكلم بشيء جزء منه صحيح وجزء غير صحيح.
5- شكاية خاطئة: بأن يوقع اللوم على غيره فيما فعله هو. (4)

- ماذا نفعل عندما يكذب الطفل أو المراهق:
يجب على الآباء أن يقوموا بالدور الأكبر في معالجة أطفالهم، فعندما يكذب الطفل أو المراهق،
ينبغي على والديه أن يكون لديهم الوقت الكافي لمناقشة هذا الموضوع مع أبنائهم وأجراء حديث صريح معهم لمناقشة:
1- الفرق بين الكذب وقول الصدق
2- أهمية الأمانة في المعاملات في البيت والمجتمع.
كذلك من المهم أن نتعرف عما إذا كان الكذب عارضاً، أم عادة عند الطفل، وهل هو بسبب الانتقام من الغير أو أنه دافع لا شعوري مرضى عند الطفل،
وكذلك فان عمر الطفل مهم في بحث الحالة، حيث أن الكذب قبل سن الرابعة لا يعتبر مرضاً ولكن علينا توجيهه حتى يفرق بين الواقع والخيال، أما إذا كان عمر الطفل بعد الرابعة،
فيجب أن نحدثه عن أهمية الصدق ولكن بروح من المحبة والعطف، دون تأنيب أو قسوة، كما يجب أن تكون على درجة من التسامح والمرونة
ويجب أن تذكر الطفل دائماً بأنه قد أصبح كبيراً ويستطيع التمييز بين الواقع والخيال.
كما يجب أن يكون الآباء خير مثل يحتذى به الطفل، فيقولون الصدق ويعملون معه بمقتضاه حتى يصبحوا قدوة صالحة للأبناء.
وجدير بنا ألا نكذب على أطفالنا بحجة إسكاتهم من بكاء أو ترغيبهم في أمر من الأمور، فإننا بذلك نعودهم على الكذب كذلك يجب عدم عقاب الطفل على كل خطأ يرتكبه
مثل تأخر عودته مـن المدرسة أو زيارة لصديق بدون إذن، أو القيام بعمل بدون علم والديه فانه سيضطر للكذب هروباً من العقاب، وليكن في كلامنا لأطفالنا التوجيه والنصيحة ،
ولكن قـد نلجأ إلى العقاب أحياناً، كما ويجب إثابة الطفل على صدقه في بعض المواقف فذلك سيعطيه دافعاً إلى أن يكون صادقا دائماً، وإشعاره بثقتنا في كلامه ، واحترامنا،وتقديرنا له (5).

- المصادر:
1-د0أسعد الإمارة. تداعيات الكذب عن الأطفال
2-محمد بن عبد الله الدويش. الكذب عند الأطفال .
3-د0اسعد الإمارة. المصدر نفسه
4-طارق محمود جويد. من كتاب الطفولة مشاكل وحلول.
5-بسمة سحاب. أنواع الكذب عند الأطفال وكيفية علاجه، والبدائل الموجودة
judi
 

almkurdistan

مراقبة عامة
رد: الكذب عند الاطفال

معلومات قيمة كتير عزيزتي جودي..
تسلم حبيبتي ع الموضوع ..
الم..
 

جوان

مراقب و شيخ المراقبين
رد: الكذب عند الاطفال

معلومات قيمه الكذب اذا استمر عند الطفل رح يكون عاده
شكر جودى على الموضوع القيم

ماننحرم من مشاركتك القيمه والجميله
مودتي الك
 
رد: الكذب عند الاطفال

شكرا لمرورك الم الغالية , نورتي الصفحة
 
رد: الكذب عند الاطفال

الله يعيني ما كل دراستي تتعلق بالكذب والقلق والخوف ,....... عند الاطفال , يعني بدي كتير لاعرف نفسية الطفل , شكرا الك جوان على المرور الرائع نورت الموضوع وربي
 

كول نار

G.M.K Team
رد: الكذب عند الاطفال

كل الشكر لالك يا قلبي على الطرح
تسلمي
 
أعلى