تفسير سورة البقرة ( 32 )

G.M.K Team

G.M.K Team

237 – (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ ) أباح الله تعالى طلاق المرأة التي لم تمسّها أي لم تدخل بِها سواء فرضت لَها مهراً أو لم تفرض ، وذلك قوله تعالى (أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ) والتقدير : ما لم تمسّوهنّ مِمّن فرضتم أو لم تفرضوا لَهنّ فريضة .

فالتي فرضت لَها مهراً وأردت طلاقها فلها نصف المهر ، أمّا التي لم تفرض لها مهراً كالبديلة والموهوبة وغير ذلك فلها جعالة : أي تجعل لها مقداراً من المال ، وذلك قوله تعالى (وَمَتِّعُوهُنَّ ) أي أعطوهنّ من متاع الدنيا ، وذلك للمطلقة التي لم تفرض لها فريضة ، أي للتي ليس لَها مهر كالبديلة والموهوبة (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ ) أي على الغنيّ قدر تمكينه (وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ ) أي على الفقير قدر تمكينه (مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ ) أي وسطاً ليس فيه إسراف ولا تقتير (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) أي واجباً على الذين يحسنون الطاعة ويجتنبون المعصية .

239 – (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ ) جمع صلاة ، أي داوموا عليها بأوقاتها ولو كان ذلك في الحرب ، وهي خمس صلوات فقد جاء ذكر ثلاث منها في سورة هود وهي صلاة الصبح أي الفجر وصلاة العصر والمغرب وذلك قوله تعالى {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ} فقوله تعالى {طَرَفَيِ النَّهَارِ} يعني الصبح والعصر {وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ} يعني أوّل الليل وهي صلاة المغرب فهذه ثلاث , وجاء ذكر اثنتين من الصلاة أيضاُ في سورة الإسراء وهي صلاة الظهر وصلاة العشاء , وذلك قوله تعالى في سورة الإسراء {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} ودلوك الشمس زوالها وهي صلاة الظهر ، وغسق الليل ظلامه وهي صلاة العشاء فصار المجموع خمساً ، وقوله (والصَّلاَةِ الْوُسْطَى ) هي صلاة الجمعة (وَقُومُواْ ) بعد الصلاة (لِلّهِ قَانِتِينَ ) أي ذاكرين في جميع أوقاتكم وحركاتكم وسكناتكم ، ويؤيّد ذلك قوله تعالى في سورة الجمعة {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي واذكروه دائماً .

ويباح الجمع بين الصلاتين عند الضرورة والحرب والسفر فيجمع بين الصلاتين عند اغتنام الفرصة .

240 – ثمّ بيّن سبحانه حكم الصلاة عند الخوف من العدو ، أي وقت الحرب وذلك عند سيرهم مشاةً أو رُكباناً والعدوّ يتربّص بهم فقال : (فَإنْ خِفْتُمْ ) من عدوّ وكنتم سائرين (فَرِجَالاً ) أي فصلّوا راجلين ، جمع راجل ، يعني فصلّوا وأنتم ماشون على أرجلكم (أَوْ رُكْبَانًا ) أي راكبين على ظهور دوابّكم ، والإنسان مخيّر في هذه الحالة بالتمام أو أن يقصر فيصلّي ركعتين ، وذلك لقوله تعالى في سورة النساء {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} .

وتكون صلاة وقت الخوف بلا ركوع ولا سجود بل بالإيماء ، وذلك عند المسير لا عند الإقامة ، ويسقط عند التوجّه إلى القبلة ، وإذا لم يمكنه الوضوء فبالتيمّم . وإذا كان الإنسان في مواضع الحرب وصار وقت الصلاة فليصلّ في مكانه ولو كان اتّجاهه لغير القبلة ، ولا حرج عليه أن يصلّي وهو جالس أو نائم إذا لم يمكنه القيام لسبب من الأسباب (فَإِذَا أَمِنتُمْ ) من العدوّ وزال الخوف عنكم (فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم ) أي فصلّوا بركوع وسجود والتوجّه إلى القبلة كما علّمكم أن تصلّوا (مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ ) قبل الإسلام .

241 – (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ ) أي يموتون (وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ) أي يتركون زوجات (وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم ) يعني فليوصوا قبل موتهم وصيّة لهنّ (مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ ) يعني ما ينتفعن به من النفقة والكسوة والسكنى سنة كاملة (غَيْرَ إِخْرَاجٍ ) أي لا يخرجن من بيوت الأزواج (فَإِنْ خَرَجْنَ ) باختيارهنّ قبل الحول وبعد انتهاء المدّة من غير أن يخرجهنّ الورثة (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) يا معشر أولياء الميّت (فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ ) من التزيّن والتعرّض للخطبة (مِن مَّعْرُوفٍ ) أي مِمّا ليس ينكر شرعاً ، فوليّ الميّت عليه أن يقوم بنفقة الزوجة حولاً كاملاً ، فإذا خرجت زوجة الميّت قبل الحول وبعد انتهاء المدّة لكي تتزوّج ولم تعد لدار زوجها الميّت سقط حقّها من النفقة (وَاللّهُ عَزِيزٌ ) ينتقم مِمّن يخالف أوامره (حَكِيمٌ ) في أفعاله فلا يأمركم بشيء إلاّ فيه صلاح لكم .


منقول من كتاب المتشابه من القران للمرحوم محمد علي حسن
 
أعلى