الكورد في الأردن.. للكاتب ألكسي أغانين

G.M.K Team

G.M.K Team
clear.gif

الكاتب: ألكسي أغانين

الترجمة عن الروسية : أحمد حيدر

ظهور الكورد في الأردن مرتبط بفترة الحملات الصليبية، وفيما بعد في عهد الإمبراطورية العثمانية، وإنتشار حامياتها العسكرية فيه. رابط القسم الأكبر من العساكر الكورد في مدينة “السلط” في القسم الغربي من وسط الأردن. في القرن الثاني عشر أسكن صلاح الدين الأيوبي أفراد قبيلته وبني جلدته الأكثر وفاءً وولاءً وإخلاصاً في قلعة “السلط” لإمتلاكها أهمية عسكرية إستراتيجية.

في القرن السابع عشر والتاسع عشر كانت مدينة “السلط” عملياً المدينة الرئيسية في الأردن، وكان الوجود العسكري التركي على أراضي الأردن ضروريا وهاما بالنسبة للسلطان العثماني المقيم في إسطنبول. فضل عن العساكر الكورد الذين كانوا في السلط ضمن الحامية العثمانية السكن بشكل متراص جانب بعضهم بعضاً، وهكذا ظهر حي كردي كامل، وقد أسماه السكان العرب بـ: “محلة الأكراد” وسموا الوادي بالقرب منها: “وادي الأكراد”، ويعود أول ذكر للحي الكوردي إلى العام 1596.

وتم فيما بعد بناء المباني الحكومية ومن ضمنها قطاع الجندرمة، وكان من الطبيعي بأن غالبية العساكر الكورد وبأول فرصة سانحة يعودون إلى الوطن، وكان عدد الكورد ينخفض تدريجيا في حي الأكراد، وبدأت بيوت الأسر العربية بالظهور في الحي الكوردي، ومن المدهش بأن سكان المدينة كانوا يطلقون تسمية “ الكوردي” على السكان العرب القاطنين في “محلة الأكراد” أيضا.

العوائل الكوردية الأكثر شهرة في الأردن هي:

آل الكوردي:* وهو لقب أطلقه سكان “السلط” العرب عليهم، وفي حقيقة الأمر إسم العائلة هو الكوراني، ويعتبر علي حسين الكوراني الجد المؤسس لهذه العائلة في الأردن، وهو بالأصل من قبيلة دودكان المنتشرة في عدة مناطق من الأناضول وموطنه الأصلي هو سهل كوران ويقع بين ديار بكر وأورفة.

وصل علي إلى مدينة السلط العام 1880 للخدمة في سلك الجندرمة التركية، وكان الكورد في تلك الفترة يشكلون أغلبية عناصر الجندرمة في المنطقة. بعد إنتهاء خدمته في السلك لم يرجع علي الكوراني إلى وطنه كردستان، وإستمر بالعيش في “السلط” وتوفي فيها ودفن بالقرب من قلعتها.

رزق علي الكوراني بخمسة أبناء: خليل، سيدو، محمد، أحمد ومحمود، وقد ولد أربعة منهم في الأردن.

في العام 1908 إنتقل علي مع أبنائه للعيش في عمان، حيث إستمر في العمل بالتجارة التي بدأ بها في “السلط”، وذلك لأن مركز التجارة في الأردن إنتقل إلى عمان في بداية القرن العشرين عند الإنتهاء من بناء سكة الحجاز الحديدية، وكانت الأعمال التجارية لـ : خليل وسيدو هي الأكثر نجاحا، وفي العام 1910 إفتتح الأخوة في حي شبسوك وسط عمان مضافة الكوراني، وقيل عن المضافة بأن مساحة قاعتها كانت 50 مترا مربعا، وكانت المضافة تستهلك 25 كغ من البن يوميا.

بعد موت خليل العام 1960 إنتقلت زعامة العشيرة لأخيه سيدو (1880 ـ 1962) وكان سيدو قد أصبح تاجرا كبيرا وصاحب أملاكٍ وأراضٍ كثيرة.

في العام 1905 أسكنت الحكومة العثمانية على أرضه في الزرقاء والزوراء الشيشان الذين جاءوا إلى الأردن (تم تعويضه بإعطائه مساحة كبيرة من الأرض في الضاحية الجنوبية من عمان). وتشهد سجلات الدائرة العقارية والمساحية لقضاء عمان العام 1912 على أن مساحة قرية الكوردي بلغت 1034 دونم (1 دونم يساوي 910 متر مربع) في منطقة جافا، 130 دونم في مناطق صخب وسلبود، وأغلب تجارته كانت مع البدو القاطنين على أطراف مدينة عمان من قبائل داج وبني صخر.

ساهم سيدو الكوردي بحيوية في النشاط الإجتماعي والسياسي، وقبيل إقامة إمارة الأردن إنتخب سيدو عن مدينة عمان عضواً في مجلس الشورى لحكومة “السلط” التي تشكلت في 21 آب 1920.

شارك سيدو الكوردي في المؤتمر الوطني الأردني الأول المنعقد في 25 تموز العام 1928 الذي تم فيه وضع الميثاق الوطني للإمارة وفي نفس العام إنتسب لحزب الشعب الأردني الذي تزعمه الشخصية المعروفة هاشم الخير. لقد أولى سيدو أهمية خاصة لتعليم أولاده، حيث كان إبنه الكبير علي أول أردني ينهي دراسته في الجامعة الأمريكية في بيروت العام 1928

في أعوام (1937 ـ 1939) أصبح علي سكرتيراً للمجلس التشريعي الأردني، وفي أعوام (1941 ـ 1944) عمل في سلك وزارة الداخلية، في البداية كان نائبا للوزير وبعدها أصبح محافظا لـ: عجلون، وفي العام (1944 ـ 1945) كان عميد كلية “السلط”، وفي بداية العام 1960 كان سفيرا للأردن في السعودية، أما أشرف الكوردي إبن علي (ولد في عمان العام 1937) ساهم منذ شبابه بنشاط الحركة الطلابية اليسارية مما إضطره إلى مغادرة الأردن، حيث أنهى الدراسة في المدرسة في بغداد، وفي العام 1961 حصل أشرف الكوردي على شهادة الطب البشري من جامعة بغداد ثم عمل في إحدى مشافي المملكة العربية السعودية، حيث كان والده في تلك الفترة سفيرا للأردن في الرياض، ثم تابع أشرف دراسة الإختصاص في بريطانيا، وبعدها خدم ضمن الطاقم الطبي الملكي الأردني منذ العام 1965 وإختص بالأمراض العصبية في جامعة لندن أعوام (1970 ـ 1973) وعمل بروفسيورا في جامعة هارفارد العام 1975، ودرّس في الجامعة الأردنية أعوام (1982 ـ 1992)، ومنذ العام 1984 إلى العام 1993 ترأس الدكتور أشرف الكوردي إتحاد الأطباء العرب للأمراض العصبية، وأثناء عمله ضمن الطاقم الطبي الملكي تقرب أشرف الكوردي من الملك حسين، وبسبب خدمته المميزة عينه الملك عضوا في مجلس الأعيان في تشرين الثاني العام 1993، وفي العام (1997 ـ 1998) شغل الدكتور أشرف منصب وزير الصحة في حكومة صديقه المجالي.

إبن علي الثاني، عبد الإله الكوردي عمل في الإستخبارات والسلك الدبلوماسي، شغل منصب نائب مدير الأمن العام الأردني، وفي أعوام (1997 ـ 2000) كان سفيرا للأردن في ماليزيا، وفي العام 2000 تم تعيين عبد الإله الكوردي سفيرا في إسرائيل، إلا أنه لم يلتحق بعمله بسبب إنخفاض مستوى التمثيل الدبلوماسي للأردن، والذي كان مرتبطا بسوء أوضاع الأراضي الفلسطينية.

حسين الكوردي (1906 ـ 1987) وهو إبن آخر لـ: سيدو، عمل في البداية مزارعا في إدارة أملاك العائلة، وبعدها إنتقل إلى العمل في سلك الدولة، وأصبح تاجرا ناجحا، وتم إنتخابه عدة مرات في مجلس إدارة غرفة تجارة عمان، وكذلك في المجلس البلدي للعاصمة عمان. شغل حسين الكوردي منذ تشرين الأول العام 1960 إلى شباط العام 1962 منصب محافظ عمان، مما يؤكد بأن الملك حسين كان يقدره كثيرا ويثق به، وفيما بعد أصبح حسين الكوردي عضوا في مجلس مدراء البنك المركزي الأردني، وأسس بنجاح “ بنك الأردن” الحالي وشغل فيه منصب المدير العام ورئيس مجلس المدراء، وفي الحياة الإجتماعية كان شغوفا بلعبة كرة القدم والتي روج لها كثيرا في الأردن، وكذلك شارك في أعمال جمعية صلاح الدين الأيوبي الخيرية وإنتخب رئيسا فخريا لها. إن محبة الرياضة والسعي لترويجها بين الجماهير هي سمة مميزة لآل الكوردي، حيث يترأس اليوم عصمت الكوردي اللجنة الأولمبية الوطنية الأردنية.

تضم عائلة الكوردي أشخاص من مختلف المهن المميزة، حيث إجتاز الجنرال صلاح الكوردي كل المراتب العسكرية وقاد القوى الجوية الحربية الأردنية.

وليد الكوردي ــ أحد أفراد آل الكوردي صاهر الأسرة الملكية، حيث تزوج في العام 1980 من الأميرة بسمة بنت طلال شقيقة الملك حسين بن طلال.

أما العائلة الثانية الأكثر شهرة بين كورد الأردن هي آل جمعة، والتي تعود بأصولها إلى قبيلة القائد الكوردي العظيم صلاح الدين الأيوبي، وقد أتى الجد الأول لهذه العائلة الأيوبية في بداية القرن العشرين من ديار بكر (آمد)إلى دمشق وبعدها ذهب إبنه محمد جمعة الأيوبي إلى الأردن وعمل هناك في دائرة مساحة الأراضي في مدينة عمان، وتزوج هناك من صبحية توتونجي، والتي تعود بأصلها إلى عائلة سورية معروفة من حلب. رزق محمد جمعة بخمسة أبناء، والإبن الأكثر شهرة بينهم هو سعد جمعة (1915 ـ 1979) أنهى سعد دراسة القانون وعمل في مؤسسات الدولة.

في أعوام (1948 ـ 1950) شغل منصب رئيس دائرة الصحافة والنشر، وفي أعوام (1950 ـ 1953) شغل منصب السكرتير الأول لرئيس الوزراء، وفي أعوام (1953 ـ 1957) شغل مناصب قيادية في وزارة الداخلية، وفي عام (1957 ـ 1958) كان محافظ عمان، وفي أعوام ( 1965 ـ 1967) أصبح وزيرا للقصر الملكي. كان سعد جمعة مقربا جدا من الملك حسين، وقد عينه الملك في 24 نيسان عام 1967 رئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع (بقي في هذا المنصب حتى 6 تشرين الأول عام 1967)، وكذلك عمل سعد جمعة فترة طويلة سفيرا للأردن في كل من :

إيران (1959 ـ 1961)، سوريا (1961 ـ 1962)، الولايات المتحدة الأمريكية (1962 ـ 1965)، بريطانيا (1969 ـ 1972) وتم تعيينه عضوا في مجلس الأعيان الأردني ( بقي فيه إلى أن وافته المنية ).

ألف سعد جمعة العديد من الكتب منها : “ المؤامرة”، “ المعركة القضائية “، “ مجتمع الكراهية “، “ مجتمع القيم الفاضلة “ وكتب أخرى، وتعتبر مذكراته وثائق قيمة عن تاريخ الأردن، رزق سعد بولدين : أسد وسمير، وبنت: ندى وهم سائرون على طريق أبيهم في خدمة الأردن.

المصدر : الموقع الإلكتروني “نوفوستي كردستان”
 
أعلى