تاريخ كردستان

G.M.K Team

G.M.K Team
دياربكر بعد المروانيين :

عرفنا فيما مضى بسقوط آمد(دياربكر) في يد ابن الجهير الموصلي الذي كان من قدماء وزراء آل مروان كما كان ناصر الدولة قد سكن في قربة(حربة) فوقعت الأموال والأسلحة والأنعام العائدة للعائلة المروانية في يد العدو وكذلك الجواهر والأشياء القيمة والثمينة التي تقدر قيمتها بمليوني أو ملياري دينار.وبعد سنتين عزل ابن الجهير الموصلي من قبل ملك شاه وحل محله عميد الملك قوام الدين البلخي ونزولاً عند رغبة سكان البلاد فقد جعلوا عميد الدولة بن فخرالدولة بن الجهير حاكماً على فارقين سنة 482هجري وأخذوا قوام الدين الى أصفهان ألا أن فخرالدولة سرعان ماأدركته المنية بعد سنة من حكمه للموصل والجزيرة ودفن في تل التوبة وكان قبره ظاهراً للعيان حتى عهد ابن الأزرق وفي عام 482هجري تم نقل عميد الدولة من فارقين وحل محله أخاه(كافي) وفي سنة 485هجري عزل الكافي وتولى مكانه ابنه أبو الحسن وفي نفس السنة توفي (ملك شاه السلجوقي) ودفن في أصفهان فخلفه ابنه شهاب الدولة (بركياروق) وفي السنة ذاتها قتل البايتنيون في طريق أصفهان الوزير المشهور (نظام الملك) وتم عزل أبو الحسن بن كافي بن فخرالدولة عن فارقين وحل محله منصور شاه بن نظام الدين نصر حاكماً وملكاً ولم يمض بعد ذلك وقت طويل حتى استطاع تاج الدولة تتش أن ينتزع مدينة فارقين من أيدي المروانيين واستقر منصور شاه في الجزيرة وفي هذا الوقت قتل حاكم الجزيرة الحسين بن أحمد شاه المرواني مع عدد من حكام العرب على يد تاج الدولة تتش كما تم اعتقال منصور شاه على يد (جكرمش) وأدخل السجن وقد عمد تاج الدولة الى قطع رأس محي الدولة بن السد الذي كان وزيراً لدى منصور شاه في حران سنة 487هجري كما قتل سديد الدولة وابنه وابن أخيه وابن بناتة قتلهم جميعاً في فارقين وسلخ جلودهم وطاف بجثثهم في شوارع المدينة ولم يلبث أن قتل تاج الدولة في ساحة احدى المعارك قرب أصفهان بعدما عين (طغ تكين) حاكماً على فارقين فخلف تاج الدولة ابنه (دقاق) في الشام واصبح طغ تكين أتابكاً له أما منصور شاه فقد توفي في سجنه عام 486هجري في مدينة الجزيرة ودفن في آمد وبوفاة منصور شاه حلت نهاية الدولة المروانية بعد أن دامت مايقارب المائة عام. ويقول ابن الأثير توفي منصور شاه سنة 489هجري فدفنته زوجته في أرزن وبنت عليه قبة واشترت لنفسها ديراً في بلاد البجنويين واستقرت فيه وبقيت هناك حتى توفيت وقد مر معنا ذكر هذه الحادثة واختصرتها لكم الآن.وأثناء ذهاب طغ تكين من فارقين الى الشام عين مكانه(شمس الدين أناش) وجعل أبو الحسن جاب علي بن محمد بن صافي وزيراً وكان جده صافي هذا مملوكاً لآل بناتة كما توفي شهاب الدولة(بركياروق) بن ملك شاه في سنة 493هجري وحل محله أخاه السلطان محمد وفي هذه الأثناء أخضع الفرنجة (الصليبيون) مدينتي انطاكية وطرابلس لحكمهم وذلك في عام 491هجري وفي سنة 498هجري دخلوا القدس عنوة ثم الرها وبعض القلاع المجاورة لها كما سيطروا على آمد(دياربكر) وبقيت فارقين تحت حكم المدعو(دقاق) وآمد في يد (ينال) كما كان حسام الدين كامشتكين قد أخضع بدليس وأرزن لسيطرته أما (شاهروخ) فقد خرج من أرزن وانتزع مدينة جنة (هاني) كما تمكن قيزل أرسلان حاكم (دوين) من إخضاع اسعرد (سيرت) وطنزه(بهمود) لحكمه وانتزع سكمان بن أرتوق التركماني قلعة حصن كيف من موسى التركماني وأصبح موسى هذا حاكماً على الموصل وأصبح جكرمش حاكماً على الجزيرة كما أصبح الغازي بن أرتوق حاكماً على ماردين وبإختصار فقد توزعت بلاد آمد وفارقين بين الحكام التركمان وخضع أولاد مروان لحكمهم فبقي أحمد بن نظام الدين يحكم (هتاخ) فقط كما بقيت فارقين بيد شمس الدين أتاش وكان هذا حاكماً من قبل (دقاق) وفي سنة 491هجري ذهب دقاق الى فارقين وكان معه وزيره محمد الدفيني أو العجمي وفي سنة 493هجري اشترى ابن موسك المرواني من دقاق وزيره (المحتسب) وأحرقه في أتونه وفي عام 495هجري توفي جكرمش في الموصل ولكن سرعان ما أبعد أولاده عن الحكم.

ويقول ابن الأثير .توفي جكرمش عام 500هجري وفي عام 497هجري عين دقاق الأمير محمد الدفيني حاكماً على فارقين وعين حاجبه أميراً في برج الملك وقد تزوج الأمير محمد الدفني من خطافة ابنة بهرام بن نظام الدين ثم طلقها فيما بعد وفي سنة 497هجري نفسها تمكن دقاق من إلحاق الهزيمة بجيش الفرنجة في بلدة طبريا بقيادة جكرمش وأرتوق وغنم منهم أموالاً ومواشي وتوفي دقاق عام 498هجري وأصبح الأتابك طغ تكين حاكماً على الشام وبقيت حلب تتبع رضوان بن تاج الدولة وفي هذه السنة تنازل الأمير محمد الدفيني عن مدينة فارقين للمدعو (قليج أرسلان) ملك الروم(1) وابن السلطان سليمان بن قتلمش .

وفي عام 498هجري دخل قلبج مدينة فارقين وأصبح الأمير محمد وزيراً وفي فارقين زار السلطان قلبج حكام بلاد آمد فأعلنوا ولاءهم له وهم الأمير ابراهيم ينال من آمد وقيزل أرسلان من سيرت وسكمان بن أرتوق من حصن كيف وشاهروخ من حبنة (هاني) وحسام الدين من ماردين كما عين قلبج أحد مماليك أبيه حاكماً على فارقين ثم خرج من المدينة وأخذ معه الأمير محمد في ملاطيا وأعطاه مدينة (إبلستين) لينفق وارداتها على نفسه وبذلك استقر الأمير محمد في ملاطيا أما السلطان قلبج فقد سار على رأس جيش كبير الى الموصل وكان جاولي سقا حاكماً عليها من قبل محمد شاه السلجوقي فتمكن من الحاق هزيمة ماحقة بجيش قلبج أرسلان شاه وغرق قلبج في نهر الخابور وأخذوا جثته الى فارقين وبنوا عليه قبة ودفن في قبره عام 499هجري ثم نفلوا رفاقه فيما بعد الى مدينة دياربكر ولكنهم أعادوه ثانية الى قبته في فارقين وأصبح الأتابك غمرتاش مملوك السلطان قلبج أرسلان حاكماً على البلاد فحكمها بالحديد والنار وتحكم في رقاب العباد وسامهمألوان الآذى والعذاب كما كان ظالماً وطاغية متجبراً وفي سنة 499هجري سار ملك خلاط المدعو سكمان قطبي وكان هو الآخر مملوكاً لعتب الدين سار الى فارقين وأخضعها لحكمه سنة 502هجري وعندما هرب غمرتاش استولى سكمان على آمد (دياربكر) وفارقين فأنعم على الناس ومد لهم يد الخير والمحبة وعين (الغزوغلي التركماني)حاكماً على البلاد كما جعل الخوجة أثير الدولة أبو الفتوح الكردي الجزيري وزيراً وأصبح فخرالدين بن العمر حاكماً على فارقين وتم عزل أبو القاسم بن نباتة تذهب نظرية فيها الكثير من الصحة الى القول الى أن اسم الجزيرة ربما جاء من اسمي هذين الأخوين اللذين كانا يوماً ما من حكامها وهو جزيرة ابن العمر ومن الجائز أن يكون فخرالدين ابن العمر هذا هو أخا أثير الدولة ابن العمر وفي سنة 505هجري قتلسكمان في قتال حول مدينة الرها أو مات هناك وأصبح ابنه ابراهيم وأمه ملكين وفي نفس السنة توفي رضوان بن تاج الدولة في حلب وفي سنة 506هجري ذهبت خاتون وابنها ابراهيم من خلاط الى فارقين وعزلا الغزوغلي وجعلا سديد أبو سعيد الحويلي وزيراً في خلاط وجعلا أخاه منصور معين حاكماً على فارقين وأعادا الحاكم فخرالدين بن العمر الى الجزيرة وجعلاه حاكماً عليها كما عينا أخاهأبو الفتوح أثير حاكماً على فارقين وفي سنة 507هجري قتل (ابراهيم شاهرمن) وزيره سديد في ملاذكرد وتحصن أخوه معين في فارقين واصبح ملكاً كما أن علم الدين أبو حسن بن نباتة عزل عن الحكم وحل محله يحيى بن الضرير وعندما أصبح معين ملكاً عزل ابن الضرير واعتقله وعين محله أبو حسين أحمد بن عمار بن المظفر من بدليس وقتل ابن الضرير في سنة 508هجري على يد معين وفي نفس السنة قتل الباتينيون في الشام حاكم الموصل مودود بن تول تكين وكان قد أخضع الموصل سنة 502هجري وفي أواخر السنة ذاتها عين السلطان محمد بن ملك شاه مملوكه(قراجا) حاكماً على الموصل فاستولى عليها عنوة وذلك عندما زوده سيده بجيش كبير لإحتلال المدينة وجعل معين وزيراً وكانت مع القراجا ابنة السلطان وتدعى(فاطمة) وأخيراً عزل ابن المظفر عن الحكم واحل محله ابن نباتة علم الدين وبقي القراجا عزالدين في فارقين الى أن أرسله السلطان الى بلاد فارس(شيراز) وأخذ معه معيناً وأصبح جيوش بك حاكماً على فارقين من قبل السلطان وقد ترك جيوش بك هذا أحد أعوانه حاكماً على فارقين ويدعى (زربك) ثم عاد الى الموصل وفي عهد الزربك هذا قسمت بلاد فارقين الى أجزاء فمن جهة النهر ضم سكمان مئة قرية الى حصن كيف كما ضم نجم الدين إليه ثلاثين قرية وأخضع حسام الدولة صاحب أرزن خمس وعشرين قرية وتوفي السلطان محمد أمام باب همدان في سنة 512هجري فخلفه ابنه السلطان محمود الذي تزوج من ابنة عمه(سنجر شاه) وأنجب منها بنتاً تدعى (جوهر النسب) وفي سنة 552هجري حانت نهاية حكم سلاجقة كردستان وإيران والعراق .



جكرخون 14/9/1965م
 

G.M.K Team

G.M.K Team
الدولة والحكم في حصن كيف الكردية



حصن كيف أو حسن كيف هذه القلعة الذائعة الصيت كانت تطلق عليها سابقاً تسمية رأس الغول (سريه ديو)أو رأس العملاق وهي قلعة كبيرة وعالية تشرف على ضفة نهر دجلة من جهة الجزيرة وقد قطعت ونحتت من الصخر ويقول الأمير شرف خان البدليسي . يبلغ علو الحصن مئة وخمسون ذراعاً وهو محصن تحصيناً عالياً وتتبعه أربعة مناطق هي سيرت والبشري والطور وأرزن وتقطنه ثلاث عشرة عشيرة كردية وهي الآشيتية والمحلمية والمهرانية والبجنوية والشكاكية والسيتركية والكوردل الكبير والكوردل الصغير والرشانية والكشكية والجيلكية والخندقية والسوهانية والبيريا ويلاحظ هنا ورود أسماء أربع عشرة قبيلة فمن اين جاء هذا الخطأ حيث كتبت عشيرة البيديا ولم تعد ويستطرد أمير بدليس القول. أن اثنا عشرة ألفاً من المسيحيين يدفعون الخراج أو الجزية لهذه الإمارة ويقول في معرض ذكره لحكام حصن كيف مايلي في سنة 662هجري وعندما جاءت نهاية الدولة الأيوبية الكردية في الشام ومصر هرب أحد أمرائهم واختبأ في مدينة حماه لبضعة اشهر ثم التجأ الى ملك ماردين فأعطاه الملك قلعة سطور (سَوْر) ولكن لم يرضيه ذلك فذهب الى حصن كيف وتحصن بها وعلى الرغم من الهجمات المتعددة التي شنها جيش ماردين إلا أنه لم يفلح في القضاء عليه وأجبر هذا الجيش على التراجع أمام أسوارها الحصينة ومنذ ذلك اليوم أصبح الأيوبيون حكاماً على تلك المناطق ومن ملوكهم الذين أعطوا اسمهم للتاريخ بكثير من الشهرة والإعتزاز هو الملك سليمان.وهنا يتوجب علينا العودة نحو الوراء لنسلط بعض الضوء على هذه العائلة العريقة وسنبدأ من الملك الكامل محمد بن الملك العادل بن نجم الدين أيوب ففي سنة 374 هجري كانت قلعة حصن كيف تحت حكم العائلة المروانية الكردية وقد انتزعوها من عرب الحمدانيين حكام حلب ووقعت سنة 447هجري تحت سيطرة البجنويين الأكراد وفي سنة 489هجري كانت في يد موسى التركماني ثم دخلت في سنة 495هجري تحت حكم سكمان الأرتوقي التركماني وبقيت تحت حكم الأراتقة هؤلاء حتى سنة 629هجري وفي هذه السنة انتزعها الأكراد الأيوبيون ملوك الشام ومصر وكردستان وعربستان من أيدي الملك مسعود بن المودود بقيادة الملك كامل شاه الأيوبي الذي جعل ابنه الملك الصالح نجم الدين أيوب حاكماً على مناطق دياربكر وخلاط وحصن كيف .

1- الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد بن الملك العادل (أبي بكر) بن نجم الدين أيوب :

أصبح ملكاً على هذه المنطقة من كردستان سنة 629هجري واستقر في قلعة حصن كيف جاءه من ينعي إليه والده وهو في الرحبة عندئذ تحرك الخوارزميون دون ابطاء وكانوا يشكلون فرقة شرسة في الجيش الكردستاني وأرادوا قتل حاكمهم والإستلاء على مقاليد الأمور في الدولة وعندما سمع الملك الصالح نجم الدين بذلك هرب الى قلعة سنجار وتحصن فيها وبدأ الأعداء بمداهمة كردستان بجيوشهم من جميع الجهات فسار ملك الموصل بدرالدين لولو بجيش جرار الى مدينة سنجار وسيطر الخوارزميون على معظم أراضي الجزيرة كما هاجم كيخسرو ملك الروم مدينة دياربكر وكما كان نجم الدين متحصناً في سنجار فقد تحصن ابنه تورانشاه في دياربكر فأبدى الب والإبن مقاومة رائعة أمام أعدائهما كما هرب الإبن الآخر فتح الدين عمر من الخوارزميين والتجأ الى قلعة جعبر على نهر الفرات ولكنه لم يصمد أمام الجيوش المندفعة كالسيل الجارف نحوه فذهب الى عمته صفية خاتون في منبج ولكن امتنعت العمة عن حمايته فعاد الى حران وفي هذه الأثناء أرسل نجم الدين أيوب رسالة الى ابنة فتح الدين مع القاضي يوسف بن حسن الزرزاري قاضي سنجار يخبره فيها بوجوب إطاعة القاضي وعدم مخالفة رايه فلبس القاضي لباس العرب الرحل وانسل خفية الى فتح الدين عمر وسلمه الرسالة عندئذ توجه الإثنان دون أن يشعر بهما أحد الى الخوارزميين وبذلا لهم العهود والمواثيق ووعداهم بممتلكات في الجزيرة وسنجار وهكذا عقدا حلفاً معهم وساروا معاً الى سنجار وألحقوا هزيمة ماحقة بجيش الموصل واستولوا على غنائم كبيرة وهنا خرج نجم الدين من حصنه وتوجهوا جميعاً نحو دياربكر وهزموا جيش الروم فاستعاد نجم الدين سيطرته على البلاد واستقر من جديد في حصن كيف وقصة الملك نجم الدين أيوب طويلة ولكن يمكن القول وبختصار بأنه سجن في الكرك ولكن تمكن زعماء الدولة وحكامها من القبض على أخيه الملك العادل وإيداعه السجن في مصر وبايعوا نجم الدين ملكاً بعدما أخرجوه من السجن وأخذوه الى مصر ولكنه توفي وهو يقاتل الفرنجة فأخفوا خبر موته حتى جاؤوا بإبنه تورانشاه من حصن كيف عندئذ أعلنوا وفاته على الملأ.

2- الملك المعظم تورانشاه بن الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل بن الملك العادل أبي بكر بن نجم الدين أيوب:

بعدما ذهب والده الى مصر حله محله بجدارة واستطاع أن يلملم شتات كردستان وبذلك حافظ على حدود بلاده وحمى القبائل والعشائر الكردية من أعدائها وعم الخير البلاد ونشر المساواة بين الناس ومديد العون والمحبة لهم فازدهرت البلاد وعم الرخاء قراها ومدنها وبدأت حركة عمران نشطة.أما في مصر وكما اسلفنا فقد وقف والده في وجه جيوش الفرنجة التي كانت بقيادة الملك لويس الذي داهم بجيشه دولة الكرد والمسلمين وتوفي الملك الكردي والحرب في أوجها فأخفى زعماء الدولة موته ثم بايعوا تورانشاه وأرسلوه سريعاً الى مصر وقصة هذا الملك طويلة وسترد لاحقاً في بحث تاريخ الامبراطورية الكردية ولا أريد الإطالة هنا والاسهاب فيها. هذا ولما علم تورانشاه أن ضعف الدولة سببها المماليك وبعض الطامعين في الحكم بادر الى قطع دابر الفوضى وتقوية الدولة فبدأ بالمماليك فقطع عنهم الأرزاق وأذلهم ولكن كان المماليك أكثر دهاء منه فاستطاعوا أن يجمعوا حولهم قواد الجيش وقرروا الإستلاء على الدولة وفي خطوة أخرى استحالوا إليهم زوجة والده الدردارة(شجرة الدر) حيث تزوجها أحدهم كما كان البعض من الحكان الكرد ضالعين في التآمر معهم مثل ابو علي الهذبني حاكم القاهرة فبدأ الجمع بالهجوم على تورانشاه ومباغتته بالسيوف وتمكنوا من قتله ثم قتلوا شجرة الدر أيضاً وبذلك سيطروا على البلاد وبقيت فقط مناطق الشام وفلسطين وكردستان والحجاز واليمن ولبنان تتشكل منها الدولة الأيوبية الكردية وهنا تضيع الحلقة بين تورانشاه والملك سليمان الذي يقول عنه شرف خان البدليسي إنه من أوائل الملوك الذين حكموا حصن كيف ولكن يمكن الإفتراض بأن والد الملك سليمان كان يدعى الملك محمد لأن سليمان كان له ابن يدعى محمداً ولأن الناس درجوا على مرالعصور على اطلاق أسماء آبائهم على أبنائهم واعتماداً على ذلك يمكن وضع الملك محمد في هذه الحلقة المفقودة.

3- الملك محمد بن الملك تورانشاه أو فتح الدين عمر :

يشكل هذا الشخص الحلقة المفقودة بين حفيد وجد وقد ذكرته بالتقدير والشك ولم يرد ذكره في كتابات المؤرخين ولاأستطيع أن أذكر عنه شيئاً ويقول الدكتور جمال الدين الشيال الذي طبع كتاب (مفرج الكروب) في مصر عام 1953م أن هناك كتابين تاريخيين يتحدثان مطولاً عن دولة الأكراد الأيوبيين التي كانت قائمة في حماه وحصن كيف في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين ولكن يعتقد الشيال بأن هذين الكتابين مصدرهما هو مفرج الكروب ومما يؤسف له أنه حتى الآن لم يطبع كتابي التاريخ هذين والقسم الرابع من مفرج الكروب ليتسنى للمرء الكشف عن الحلقة المفقودة والبحث عنها.

4- الملك سلمان بن الملك محمد :

يقول شرف خان البدليسي.كان الملك سليمان من ملوك هذه الإسرة الذائعة الصيت وقد استمر في حكم هذه المناطق حتى أواخر حكم جنكيزخان أي حوالي العام 736هجري وعندما توفي خلفه ابنه الملك محمد.

5- الملك محمد بن الملك سليمان :

أصبح حاكماً على هذه المناطق بعد وفاة والده وقد بدأ بعمران بلاده وتقدمها وازدهرت بلاد حصن كيف خلال هذه الفترة كثيراً وكان عطوفاً سخياً وذكياً وعندما توفي خلفه ابنه الملك العادل .
 

G.M.K Team

G.M.K Team
6- الملك العادل بن الملك محمد بن الملك سليمان :

أصبح حاكماً على بلاد حصن كيف وكردستان بناء على طلب والده واستقر في قلعة حصن كيف وكان رحيم القلب حلوالمعشر ذكياً فطناً وفي عهده ازدهرت كردستان وحصن كيف ازدهاراً لم يسبق له مثيل في مجال العمران والبناء وتوفي سنة 781هجري.

7- الملك الأشرف بن الملك العادل بن الملك محمد بن الملك سليمان:

عاصر تيمورخان الكوركان(تيمورلنك) ويقول صاحب كتاب شرفنامه(1) (شرف الدين علي يزدي) في سنة 796هجري الموافق لعام 1394م سيطر تيمورلنك على بغداد وتوجه نحو ماردين وفي مدينة الرها تقدم إليه حاكم حصن كيف بالهدايا والأموال ثم عاد الى بلاده مزهواً وتوفي بعد ذلك.

8- الملك خليل بن الملك الأشرف بن الملك العادل :

بعد وفاة والده أصبح حاكماً على بلاد حصن كيف وفي سنة 824هجري الموافق 1433مذهب مع عدد من أمراء كردستان الى (وان) و(ستان) حيث قابلوا شاهروخ بن تيمورلنك وأغرقوه بالهدايا وقدموا له فروض الطاعة والولاء ومكثوا عنده حتى عادوا من (ألشكير) بفرمان ملكي الى بلادهم وهم الأمير شمس الدين البدليسي والملك محمد الهكاري وابن السلطان سليمان الهيزاني وفي هذه الأثناء عاد الملك خليل الى حصن كيف حيث توفي هناك سنة862هجري الموافق/1458م

9- الملك خلف (أحمر العيون)(2) بن الملك سليمان بن الملك الأشرف:

كان من حكام حصن كيف العظماء وقد حكم بعد وفاة عمه فدارت معارك حامية بينه وبين أمير بوتان وكان أحمر العيون ينتصر مراراً على عدوه ويهزم جيش بوتان وما كان يقال له احمر العيون كان يكنى أيضاً ب(ابو السيفين) لأنه كان يحارب بسيفين في المعارك وعندما حاول الأقيونلو حسن الطويل البياندوري السيطرة على كردستان وإرسال جيش كبير من جج بالسلاح الى حصن كيف استطاع احمر العيون رده على اعقابه معفراً بالتراب كما قتل عدداً كبيراً من جنوده ولما وجد الأعداء أن لاجدوى من اخضاع هذه البلاد بالقوة لجأوا الى الحيلة والخداع فتمكنوا من استحالة أحد أولاد الملك خليل قائلين له لماذا نحارب بعضنا فنحن لانريد إلا إزاحة الملك خلف وجعلك ملكاً مكانه ثم نعقد صلحاً فيما بيننا ولهذا فقد انطلت الحلية على أولاد الملك خليل وقتلوا عمهم البريء في الحمام غدراً وسلموا المدينة الى أعادائه ولم يصبحوا حكاماً بل غدر بهم العدو وأهانهم.

10- الملك خليل بن الملك سليمان بن الملك الأشرف:

في عهد مملكة الأقيونلو كان قد أختبأ لفترة في حماه وعندما بدأ الضعف يدب في هذه المملكة القائمة في كردستان وفي الوقت الذي بدأت فيه تخطوا سراعاً نحوحتفها وأصبحت على حافة الانهيار لجأ الملك خليل الى جمع العشائر الكردية حوله بمساعدة الأمير شاه محمد الشروي الذي كان أحد حكام ووزراء العائلة الأيوبية وأعلن نفسه ملكاً على حصن كيف ثم شن هجوماً صاعقاً على العدو وتمكن من السيطرة بسهولة على قلعة حصن كيف وانتزعها من أعدائه وأصبح مستقلاً وأخضع تلك المناطق لحكمه ويقوقل شرف خان البدليسي في الحقيقة لم يصل أحد من حكام كردستان الى مثل شجاعة ومكانة هذا الرجل الذي دخل في عداد عظماء الملوك وتزوج من أخت شاه إيران اسماعيل الصفوي وحضر حفلة عرسه ملوك وحكام كردستان وعقدت حلقات الدبكة والرقص وأقيمت الأفراح والليالي الملاح ودارت كؤس الشراب بايدي فتيات رشيقات القوام وراقصات مليحات تسر حركاتهن الناظرين وبإختصار كانت حفلة عرس لم يسمع بمثلها أحد قط. هذا وعندما انهارت الدولة الأقيونلية وعلانجم الشاه اسماعيل الصفوي في سماء إيران حضر لتهنئته اثنا عشرة من ملوك وحكام كردستان وقدموا له فروض الطاعة والولاء ولكن هذا الشاه الغبي عمد الى تقييد هؤلاء الملوك والحكام بالسلاسل وأودعهم السجن ودكل بهم (زينل خان شاملو) كما أرسل الملك خليل وابنته وزوجته وأولادهما الى تبريز على الرغم من الأيادي البيضاء التي أسداها إليه هذا الملك وهناك أدخل صهره السجن عندئذ تحرك الطامعون في ملكه فاقتطع البجنويون الجهة المقابلة للقزلباش من بلاد حصن كيف وكان الملك خليل قد قتل الأمير محمد والد الأمير حسين البجنوي فتحالف الأمير حسين مع القزلباش قلباً وقالباً حتى أن البجنويين مالوا الى مذهب هؤلاء وأصبحوا منذ ذلك اليوم أنصاف قزلباش كما استطاع التحالف الكردي-التركي الحاق الهزيمة بالتحالف الفارسي-القزلباشي في معركة (جالديران)عام 1514م وبعدها عاد الحكام الأكراد الى بلادهم وتمكن الملك خليل وبمساعدة (باشي بيوك) من قتل حراسه وسجانيه وهرب ليلاً متوجهاً الى بلاده ومعه جماعة من أصحابه وعند بحيرة وان سدت العشيرة المحمودية عليهم الطريق وقتل الباشي بيوك في ميدان المعركة فاستطاع الملك خليل النجاة بنفسه بعد أن قام بضرواة وفي هذه الأثناء بايعت عشائر شروان وزركان مع عشائر حصن كيف الملك سليمان بن الملك خليل ملكاً عليها أما عشيرة الرشان فقد اتخذت أحد أولاد عمومة الملك خليل كحاكم عليها كما أرسلت بوتان جيشها الى سيرت ولكن عندما سمعوا بقدوم الملك خليل عادوا الى بلادهم على عجل وقدم له أولاده وأقاربه الطاعة والولاء فاستولى بسهولة على سيرت وذهب بجيشه الى حصن كيف التي تحصن فيها البجنويون الذين كلنوا يجلبون الإمدادات والأرزاق من (طور) وقد أعطى الملك خليل قرية باله(بالانة) الى الأمير حسين دية والده وتصالحا ثم سلمت إليه القلعة صلحاً ويقول المهتمون بتاريخ البجنويين ان البخت والبجن (باجن) كانا أخوين يسكنان جزيرة بوتان ولكن الأخوان لم يكونا على وفاق فخرج البجن من الجزيرة وذهب الى حصن كيف التي اصبحت قلعة بجنوية إلا أن الأيوبيين انتزعوها من البجنويين أحفاد باجن فيما بعد وهذا كلام شرف خان درأيه وقد رويت لكم القصة الحقيقية سابقاً حول هؤلاء وبنيت كيف أن الحصن قد وقع في أيدي الأيوبيين ويتابع شرف خان القول. يعتقد البعض أن الأكراد هم جميعاً أبناء باجن وبخت والذين قالوا أن الأكراد من الجن قد اشكلت عليهم التسمية (باجا) وفسروها خطأ بالجن والبجن (باجن) هي عشيرة كردية سكنت (طور) ولاتزال تسكن هناك حتى اليوم وأفرادها يدينون باليزيدية أو القزلباشية كما يقول شرف خان ويقال لهم اليوم يزيديو الباجنة والباجن أيضاً تطلق على مجموعة كهوف أو أنها أطلال مدينة قديمة يقال لها اليوم (البجنخوير) وتقع في أراضي عشيرة الهفيركا وما من شك في أن البجنخوير كانت مدينة بجنوية وحسبما يقول الوزير القدير محمد أمين زكي بك فإن هذه الكلمة تلفظ بجنوي أو باجناوة أو باسناوة والصحيح هو الباجنة لأنه توجد عدة قرى تبدأ أسماءها ﺒ (با) في مناطق حصن كيف مثل باغاس وباطوش وباسيات وباجن وال(با) هنا بمعنى صاحب الشيء أو صفة للإسم أو كما يقول العرب ذات الشيء.

وفي عهد الأمير شرف الجزيري ساءت العلاقات بين الأمير حسين البجنوي والأمير شرف والملك خليل الذي قتل والد الأمير حسين المدعو الأمير محمد واثنا عشرة من أولاده قتلهم جميعاً لأن الأمير محمد تلاسن على أمير بوتان في حضرة الملك خليل ولذلك عندما دخل الزلباش كردستان تحالف معهم البجنويون وتحضوا في قلعة حصن كيف وأخيراً أعطى الملك خليل وكما أسلفنا قرية بالانة للأمير حسين دية والده وأخوته وتصالحا ثم دخل خليل القلعة دون قتال ومن هنا يظهر أن منطقة (طور) كانت في يد البجنويين وتوفي الملك خليل بعد أن خلف أربعة أولادهم الملك سليمان والملك علي والملك محمد والملك حسين.

11- الملك حسين بن الملك خليل :

أصبح حاكماً على مناطق حصن كيف بعد وفاة والده وعلى الرغم من صفر سنة فقد اختارته العشائر الكردية حاكماً عليها نظراً لشجاعته وسخاءه وفطنته وعندما شب عن الطوق وضع أخويه الملك علي والملك محمد في السجن وكان أخاه سليمان قائداً لجيشه وعندما توقع منه سوء النية هرب من أرزن الى دياربكر والتجأ الى خسرو باشا والي المدينة وعرفه بنفسه بأنه كبير اخوته ورجاه أن يساعده ليصبح ملكاً على بلاده وكان خسرو باشا ينتظر هذه اللحظة فأرسل دون إبطاء الى الملك حسين ليطلق سراح أخويه ثم قتله في دياربكر فحل محله أخاه الملك سليمان.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
12- الملك سليمان بن الملك خليل:

عندما تولى هذا الغبي الحكم مقته الناس وكرهوه وتحول مقتل الملك حسين الى دم (كوهرش) في ثدييه فهرب مذعوراً الى دياربكر حيث قدم مفاتيح قلعته الحصينة هدية لأعداء شعبه ووطنه ونظراً لهذا المعروف الذي اسداه طواعياً فقد جعله الملك حاكماً على الرها مع مبلغ سبعمائة ألف آقجة عوضاً عن حصن كيف كما منح أخاه الملك محمد من عائدات حصن كيف مبلغ ثلاثمائة وثلاثين ألف آقجة وأعطيت لأخيه الثاني علي زعامة قدرها مئتا الف آقجة وأصبحت حصن كيف تابعة لدياربكرووضعت تحت سلطة الدولة.

13- الملك محمد بن الملك خليل :

بعد وفاة أخيه الملك سليمان خرجت بلاد الرها من أيديهم إلا أن الأتراك منحوا منطقة (عرب كير) كسنجقية للملك محمد ثم انتزعوها منه أخيراً وجعلوه قائمقاماً في بدليس وفي نهاية المطاف استقر في جزيرة بوتان عند (بدربك البوطب) وزوج ابنته لإبن بدربك المدعو الأمير محمد بك وتوفي هناك بعد أن خلف أحدى عشرة ولداً وهم الملك خلف والملك سلطان حسن والملك أشرف والملك علي والملك سليمان والملك خليل ظاهر والملك عادل والملك محمود والملك حسن والملك أحمد. توفي خلف في ريعان شبابه بعد أن خلف ولداً يدعى حمزة ولم يخلف سليمان وظاهر والحسن أولاداً وماتوا دون ذرية وأصبح الحسين قائمقاماً والباقون كلهم حطوا الرحال عند أمراء كردستان.

14-الملك سلطان حسين بن الملك خليل :

بعد فترة استقال من منصبه كقائمقام ويهيم اليوم أي في عام 1005هجري في بطاح كردستان ينفق على نفسه من الأوقاف التي تعود الى عهد أبيه ويقول شرف خان كان هذا الرجل يعيش بهذا الشكل حتى السنة المذكورة اي سنة 1005هجري



الدولة الكردية- الزندية



عندما قتل الملك الإيراني نادر شاه وقعت بلاد إيران في دوامة من الفوضى والإضطراب وتطلع الحكام نحو الملكية والحكم وبدأ الصراع على السلطة. أحمد خان في خراسان ومحمد حسين القاجاري في استراباد ومازندران واسد الأفغاني في أذربيجان وهدايت خان في كيلان وهراقليس في كرجستان وكريم خان الزندي الكردي في جلفا ويقول المؤرخون أن كريم خان وعلي مرادخان كلاهما كرديان وقد حلفا لبعضهما في البداية على أن يأتيا بواحد من أولاد نادر شاه ويعلناه ملكاً وليصبح بعد ذلك علي مرادخان وزيراً وكريم خان قائداً للجيش ويقول البعض أن على مراد خان كان مسناً وبدون خلفة ولهذا كان كريم خان يريد أن يجعله ملكاً ليخلفه بعد مماته وبعد استلاء علي مرادخان على اصفهان بدأ باضطهاد الناس وظلمهم مما أثار غضب حليفه كريم خان وعلى الرغم من أن الأخير لم يكن من عائلة الخانات أو من عائلة كبيرة فقد كان الناس يحبونه ويقدرونه ومعظمهم كانوا من أنصاره ومؤيديه ويقول محمد أمين زكي بك في الكنار العدد الأول أن الناس في منطقة (خوي) يقولون في حكاياتهم أن كريم خان كان ابناً لصعلوك وقاطع طريق سفاح يدعى(إماك) وحتى اليوم لم يتم التعرف على اسم جده وفي تطور لاحق أمر علي مرادخان بقتل والي أصفهان فانتاب كريم خان القلق وساورته الشكوك وتملكه الذعر وقال في نفسه حتى إذا كان علي مرادخان لايريد قتلي بنفسه فإنه وبدون شك سيحاول ذلك بيد الغير ولم يمض وقت طويل حتى اندلعت الحرب بين الكرد حليفي الأمس فقتل علي مرادخان في ميدان المعركة بيد القائد محمد خان وفي عام 1160هجري أصبح كريم خان ملكاً على جنوبي إيران بدون منازع ولكنه لم يرض أن ينام مستلقياً ووراء ظهره عدو قوي ولدود كمحمد حسين خان القاجاري يتربع على عرش التاريخ والمجد في بلاد إيران كما كان كريم خان يريد التخلص من أعادائه واحداً بعد الآخر فجمع جيشاً من عشائر الكرد والعرب والتركمان ليكون على استعداد لقطع الطريق على كل من تسول له نفسه المساس بأمن البلاد واستقراره وعلينا أن نشيربأن سكان المدن والعرب والتركمان كلهم كانوا من مؤيديه ومحبيه.

1- كريم خان الزند الكردي :

يعتبر كريم خان مؤسس هذه الدولة وعظيمها فعندما قتل علي مرادخان اللوري الكردي لم يبق أمامه من ينافسه فتوجه لمحاربة أسدخان الأفغاني ومحمد حسين القاجاري وفي الطريق هاجم بلاد أذربيجان التي كانت خاضعة لأسدخان والتقى الجيشان الكبيران عند بحيرة قزوين وعند بدء المعركة لاحت بوادر الهزيمة على جيش كريم خان وتشتت شمله ووصل بصعوبة بالغة الى الجبال الموجودة بين الخليج وبلاد فارس وتحصن فيها وفي هذه الأثناء قدم له رستم سلطان الذي كان حاكماً على قرية(خشت)الصغيرة مساعدة كبيرة لأن قريته كانت تقع في سفح جبل يشرف على نهر (الكرمسير) ومن دربند الكوماريج هاجم عدوه أسدخان بعدما جمع شتات جيشهوتمكن من تحقيق نصر ساحق عليه فولى هارباً لايطلب سوى النجاة بنفسه وبذلك انتصر كريم خان على عدوه وأدخل في قلبه الرعب ولم يكتف كريم خان بهزيمة جيش العدو بل عمد الى مطاردته وسيطر على مدينة شيراز فهرب أسدخان الى بغداد ومن هناك الى كرجستان وأخيراً ألقى بنفسه أمام أقدام كريم خان عدوه اللدود واستقر لديه فأكرمه الملك الكردي واصبحا صديقين وحليفين ولكن هناك العدو الألد وهو محمد حسين خان القاجاري زعيم عشيرة قاجار التركية وكان تيمورخان قد جلب معه هذه العشيرة من سورية التي كانت تشكل جزءاً من جيوش حلفاء الشاه اسماعيل الصفوي.

وبعد هروب أسدخان أخضع محمد حسين خان القاجاري أذربيجان لحكمه واستعد لمحاربة كريم خان فسار بجيش كبير الى أصفهان عندئذ ترك كريم خان المدينة وعاد الى عاصمته شيراز وفي عملية مطاردة سريعة أرسل محمد حسين خان ثمان وثلاثون ألفاً من الجنود الى شيراز وترك ثمانية آلاف في أصفهان فقاومه أهالي شيراز مقاومة بطولية فلجأ علي خان زند الى مهاجمة العدو من الخلف كما خرج جيش كريم خان من المدينة والتقى بجيش محمد حسين خان الذي تراجع مرغماً الى أصفهان وترك بعض الجنود يحيطون بالمدينة ولكن توزع جنوده في بيوتهم سريعاً ولم يستطع جيش محمد حسين خان البقاء في أصفهان وولى نحو مازندران هارباً وفي سنة 117هجري هاجم كريم خان مدينة أصفهان وتمكن من دخولها دون قتال يذكر فاستقبله أهلها بالترحاب والفرح ثم أرسل جيشاً كبيراً بقيادة علي خان زند الى مازندران وحتى يتسنى له التغلب بسهولة على عدوه لجأ الى الحيلة للإيقاع بين العائلتين القاجاريتين المتنافستين على الدوام على زعامة العشيرة وتمكن من استحالة الطرف المنافس لمحمد حسين خان إليه وبدأ يحرك العداوات ضده وفي هذه الفترة كانت عشيرة قاجار قد انقسمت الى ثلاثة أقسام قسم سكن منطقة كنجة وآخر في منطقة مروة وثالث في منطقة استراباد وكان منافس محمد حسين خان من عشيرة قاجار يدعى هو أيضاً محمد حسين خان وكان زعيماً لعشيرة بوخواري قاجاري أو باخاري باشي الذي تحالف مع علي خان زند وعند بدء المعركة نزل محمد حسين خان الى ميدان المعركة بقلب من حديد ولكنه لم يصمد طويلاً وانهزم بسرعة فوقعت مازندران بيد علي خانكما أسر محمد حسين خان وأودع السجن في شيراز وبعد هذه الإنتصارات دخلت أذربيجان في ايدي كريم خان ولكن سرعان ما سيطر عليها عدوه فتاح على خان الأفشاري الكردي الذي سار بجيشه لقتال كريم خان ووقعت الحرب بين الطرفين في جنوبي مدينة تبريز (توريز) في منطقة (قره جيمن) وعند بدء القتال هرب فتاح علي خان إلى أورمية وفي سنة 1173هجري استسلم لكريم خان فأحسن وفادته وأكرمه ولم يلبث أن تآمر عليه فتاح خان مع بعض قادة جنده لقتله وعندما شعر كريم خان بخطورة الوضع بادر الى قتل فتاح خان وبدأ بذلك عهد من الفوضى والإضطراب في جنوبي إيران ولكن تمكن كريم خان من القضاء على هذه الإضطرابات واستتب الأمن من جديد وذهب أخوه زكي خان الى عشائر اللور يستنهضهم ضد كريم خان فلم يستجب له أحد فرجع الى أخيه مستسلماً فأكرمه غاية الإكرام وأرسله على رأس جيش كبير الى منطقة (دامغان) لقتال قولي خان القاجاري فتمكن زكي خان من الإنتصار عليه بسرعة وسهولة فهرب هذا مرغماً الى التركمان واختبأ عندهم وبهذا الشكل أيضاً تم القضاء على العديد من الثورات على يد زكي خان وبذلك حول هذا القائد إيران الى خاتم سهل الحركة في اصبع كريم خان الذي حكم مدة ثلاثين عاماً ولم يلقب نفسه بالملك على الرغم من سطوته بل ابقى على الشاه اسماعيل بن اخت الشاه حسين الصفوي ملكاً وأسكنه في شيراز ودأب هو على تسمية نفسه بقائد جيش الملك وناظر أعماله.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
ضم مدينة البصرة :

كالما أن سكان البصرة ومناطقها وكذلك سكان ايران هم شيعة ومن اتباع علي بن أبي طالب لذا فقد كان الزنديون يتطلعون دائماً الى احتلال البصرة والكوفة واخضاع العراق العربي لحكمهم واخراج مزاراتهم وحسينياتهم من أيدي السنيين والإستعداد لقتال الترك بالإيرانيين وتطهير البلاد من أعدائهم فكانوا يهيؤن بذلك حرباً بينهم وبين العثمانيين وهذه واحدة من أخطاء دولة الزند وفي هذا الوقت كان والي بغداد العثماني عمر باشا يجبي الضرائب والرسوم الباهظة من إيرانيي العراق ويضع العراقيل في وجه زياراتهم الى الأماكن المقدسة في كربلاء والكوفة وعلى الرغم من شكاوى واحتجاجات كريم خان لدى السلطات العثماني إلا أن أحداً لم يعره آذاناً صاغية ولهذا كان لابد من إرسال جيش بقيادة أخيه صادق خان الى البصرة فاجتاز هذا الجيش الخليج بخمسة آلاف من الجنود وهاجموا المدينة مع ثلاثين سفينة حربية اجتازت الخليج أيضاً لقتال الترك ومن البشير والريغ توجه صادق خان نحو البصرة وعلى الرغم من تواجد بعض من قطع الاسطول التركي في حوض البصرة أو مياهها إلا أنها لم تخض حرباً ولم تصمد أمام الإسطول الإيراني بسبب احكام صادق خان سيطرته على شط العرب بعد اجتيازه بسرعة وسهولة حيث شكل الإيرانيون جسراً من القوارب اجتازوا عليها المياه وحاصروا المدينة لقد كانت البصرة مدينة كبيرة جداً في تلك الأيام فكان عدد سكانها يقارب الخمسين ألفاً وتلفها الحدائق والبساتين كما كان والي المدينة سليمان آغا البصراوي شخصاً شجاعاً ومحبوباً من الجيش والشعب في المدينة ومسموع الكلمة مطاعاً وكان يحيط بالمدينة سوراً عالياً جداً ولكن المدينة كانت ضعيفة في دفاعاتها وقليلة التحصينات وتضم عدة أبراج وما يقارب المئة مدفع وفي عام 1189هجري تم حصار المدينة عندئذ أصدرت الولة العثمانية فرمانات وأوامر الى دياربكر والشام وحلب والموصل حيث أرسلت منها النجدات الى البصرة بشكل متتابع وعندما وصلت النجدات الى بغداد وجد الأتراك أنهم لايستطيعون قتال كريم خان عندئذ بادروا الى قتل والي بغداد وأرسلوا الى كريم خان يقولون له إذا كنت تشكو من سوء أفعال هذا الوالي فقد قتلناه ونأمل ألا تقع الحرب بين إيران والدولة العثمانية وأن تسحب جيوشك من حول البصرة فسركريم خان ذلك على أنه ضعف وخوف فلم يعر لهم بالاً وتابع صادق خان الحصار حتى استسلم له القائد التركي مرغماً بعد أن قاوم الحصار سنة وشهراً وفي عام 1190هجري سلم سليمان والي البصرة المدينة الى صادق خان الذي أرسله مع مجموعة من ضباط الجيش التركي أسرى معززين الى شيراز عاصمة كريم خان وقد أحسن صادق خان الى سكان المدينة وأكرمهم وعطف عليهم كما عين أحد قادة جيشه حاكماً عليهم ويدعى علي محمد خان وعاد هو الى شيراز ولم يلبث أن وقعت حرب بين عشيرتين عربيتين قرب البصرة وعندما ذهب علي محمد خان لوقف الحرب وعقد صلح بين العشيرتين قتل وهو يقوم بواجبه وفور سماع صادق خان بذلك سارع نحو العشيرتين وأوقف الحرب بينهما واستقر في البصرة حتى توفي كريم خان راحلاً مع أكفانه عن الدنيا وعندما سمع صادق خان بوفاة ملكه كريم خان ترك البصرة وذهب الى شيراز عاصمة الدولة فدخل الوالي العثماني البصرة من جديد دون قتال يذكر. هذا وقد عمر كريم خان ثمانين عاماً وتوفي عام 1193هجري وكانت مدة حكمه لإيران ثنانوعشرون عاماً ويعتقد البعض أنه عمر قرابة خمساً وسبعين عاماً وفي عهده ازدهرت التجارة والزراعة والصناعة في إيران وقضي على الفوضى وقطاع الطرق والسرقة والنهب والسلب ونشر المساواة والعدل بين الناس كما تقدمت شيراز من النواحي الإقتصادية والعمرانية والثقافية وعلى الرغم من أن كريم خان كان رجلاً أمياً إلا أنه كان يحب ويحترم العلم والعلماء ويحث الناس على التعلم كما جعل بيته ملتقى العلماء والعارفين والكتاب والشعراء كما جدد قبري الشاعرين سعدي وحافظ وأحاطهما بالحدائق والورود وكان كريم خان رجلاً جبلياً شب على الشجاعة والقتال والنهب والعنف ولكن بعدما صار ملكاً أبعد هذه الأمور ليس عن نفسه فقط بل عن البلاد كلها وقد امتدحه الوزير القدير محمد أمين زكي بك وذكره بكثير من الإعجاب وينقل عنه قصصاً مطولة ولا أريد ذكرها في كتابي هذا.

مابعد وفاة كريم خان :

في الحقية أن من يتأمل مجريات الأحداث بعد وفاة كريم خان فسوف يدرك عودة الصراعات والفوضى والقلق التي عصفت بدولة الكرد وأدت الى تراجعها خطوات نحو الوراء ولايخفى ذلك على أحد وقد خلف كريم خان أربعة أولاد وهم صلاح خان وأبو الفتح خان ومحمد علي خان وإبراهيم خان وتوفي ابنه محمد رحيم خان في حياته والباقون وقعوا في ايدي مناوئين من أقربائهم فقد عمد صادق خان الى فقأ عيني أبو الفتح خان كما فقأ أكبر خان عيني صلاح خان ومحمد علي خان وقطع أيضاً لسان ابراهيم خان وبذلك جلس أولاده الأربعة مكفوفين مقطوعي اللسان لاحول لهم ولا قوة ومن هنا يبدو أن هذه العائلة الغبية المتوحشة والمحبة لسفك الدماء لم تكن قادرة على المحافظة على بلاد إيران تحت سيطرتها ولم تكن لآئقة بحكم إيران وستأتي نهايتها سريعاً لأن أية عائلة تحل نهايتها إذا بدأ الظلم والإقتتال بين أفرادها وستسقط عاجلاً أو آجلاً بيد الغرباء الذين تهتز بهم شجرة الحكم وتتخلحل جذورها بسهولة.

زكي خان زند الكردي :

بعد وفاة كريم خان خلفه أخوه زكي خان الذي أصبح ملكاً على إيران ولكن وجهاء وقادة عشيرة (لك)التي يعتبرالزند أحد أفخاذها لم يوافقوا على ملكية زكي خان وأرادوا تولية أحد أبناء كريم خان وتحصنوا في قلعة المدينة(1) متمردين على زكي خان وبايعوا أبو الفتح ملكاً ولكن قطع زكي خان عليهم الطريق بقوله إن أبو الفتح ومحمد علي خان هما ملكين في مكان أوهما وأنا إلا قائد جيوشهما وقائم بأعمالهما ولكن كانت هذه خدعة فكل شيء كان بيده وبهذا الشكل للم يكن راغباً أن يتحدث عنه الناس بسؤ وكان يكرر دائماً أن ولدا كريم خان طفلين صغيرين وغير مؤهلين لحكم بلد كإيران ولذلك فأنا أقوم بواجبات الدولة وأدير شؤونها وكان مستشاره في هذه الأمور هو ابن اخته علي مرادخان الذي كان ساعده الأيمن فتمكن زكي خان هذا من إخراج المعتصمين بالقلعة بالحيلة وقتلهم جميعاً أما صادق خان فقد خرج من البصرة سريعاً الى عاصمة الدولة شيراز بعد سماعه خبر وفاة كريم خان وعند وصوله ركز جيشه في باب المدينة وبادر الى إرسال لبنه جعفر خان الى زكي خان فسمع من زكي خان الكثير من العهود والكلام المعسول ولكنه لم يكن مرتاحاً لكلام هذا الأخير واندلعت الحرب بين العم وابن الأخ بضراوة بالغة وعندما وجد زكي خان أنه لايستطيع التغلب بسهولة على صادق خان لجأ الى تحصين المدينة وإغلاق أسوارها كما القى القبض على أبو الفتح خان بن كريم خان وسجنه وجعل محمد علي خان بن كريم خان ملكاً بالإسم وقبض على أولاد صادق خان الثلاثة الذين كانوا في المدينة وأرسل الى حلفاء وقادة جيش صادق خان ينذرهم بذبح نساءهم وأولادهم إن هم حاربوا الى جانب صادق خان فصدقوه وخافوه وعرفوا أنه شرس يفعل مايشاء بدون رحمة فتركوا أماكنهم وانضموا إليه فهرب صادق خان مع ثلاثمائة من فرسانه المخلصين الى كرمان عندئذ وجه له زكي خان مجموعة من الفرسان يطاردونه ولحقوا به على بعد أربعين ميلاً شرقي شيراز فدارت حرب شرسة بينهما في دربند أورينجان وأثناء المعركة قتل قائد جيش زكي خان وتشتت شمله فاستطاع صادق خان الوصول الى قلعة كرمان بصعوبة بالغة وتحصن فيها ليستعد لمعركة كبرى.

وفي معرض ذكره لحوادث وقعت في هذا العصر يقول محمد أمين زكي بك في الصفحة (303) من الكنار العدو واحد بعدما اعتقل محمد حسين خان القاجاري هرب أولاده الى تركستان وبعد أربع سنوات عادوا الى كريم خان الذي أكرمهم وأعطاهم مكانة ومنزلة رفيعتين وتمكن محمد أغاخان بن محمد حسين خان القاجاري أخيراً من القضاء على هذه العائلة وحكمها وأصبح ملكاً على إيران وكان كريم خان متزوجاً من ابنة محمد حسين خان القاجاري وبعد موت كريم خان هرب محمد آغاخان الى مازندران وطالب بملكية إيران وقد علم زكي خان نوايا الحاكم القاجاري وبدا أنه يطمح الى أكثر من مازندران ولذلك بادر الى ارسال جيش كبير إليه بقيادة ابن أخته علي مرادخان وكان هذا لايميل الى زكي خان وغير راض عن حكمه وظلمه للناس فبقي ينتظر الفرصة الملائمة للإنقضاض ليه وعندما وصل الى طهران-الري جمع قادة الجيش وخطب فيهم قائلاً:

أيناسبنا أن نكون مع هذا الشخص السفاح الظالم الذي قاد أولاد كريم خان الى السجن أذلاء صاغرين ولم يترك لنا ولا حتى لنفسه صديقاً أو حليفاً واحداً في هذا العالم وحول كل من حولنا الى أعداء يتربصون بنا الدوائر وبهذا الشكل كسب عطف وصداقة قواده وتوجه بهم نحو أصفهان فاستطاع أن يعزل والي زكي خان المعين من قبله وكان يردد دائماً أنه يريد تولية واحد من أولاد كريم خان ملكاً على عرش إيران وأنه لايحمل في نفسه طموحات في شيء لايستحقه أو في اغتصاب حكم ليس من حقه فمال إليه الناس متوسمين فيه الخير والحكمة وعندما سمع زكي خان بذلك توجه بجيش كبير نحو أصفهان وفي الطريق مرب(يزدي خواست) وبدأ فصلاً مريعاً في اضطهاد الناس وفرض عليهم ضرائب باهظة وعندما ذهبت إليه جماعة من سكان المدينة يطلبون منه تخفيف الضرائب عليهم فما كان منه إلا أن أمر برميهم من القلعة فقتلوا جميعاً وهنا اجتمع عليه سكان المدينة وقتلوه.

3- ابو الفتح خان بن كريم خان :

عندما قتل زكي خان في (يزدي خواست)عام 1779هجري أصبح أبو الفتح خان بن كريم خان ملكاً على إيران وعلى الرغم من أنه كان عطوفاً شجاعاً وسخياً معتداً بنفسه فإنه لم يكن ليصلح لحكم إيران ولذلك خرجت الملكية من يده وبسرعة فأصبح صادق خان ملكاً خلفاً لزكي خان.

4- صادق خان شقيق كريم خان زند الكردي:

عندما سمع صادق خان بمقتل زكي خان ذهب بقلب من حديد الى عاصمة الدولة ولم يمض وقت طويل حتى اعتقل أبو الفتح خان وأودعه السجن وفقأ عينيه وفي عام 1194هجري أعلن نفسه ملكاً وأرسل ابنه جعفرخان الى أصفهان وفي هذه الأثناء كان علي مرادخان قد انتصر على عدوه ذوالفقار خان وسيطر على مناطق قزوين والسلطانية وزنجان وأرسل رأس ذو الفقار الذي قطعه في احدى المعارك الى شيراز ثم ذهب الى طهران-الري وعندما سمع بإعتقال أبو الفتح خان أعلن النداء الملكي ورفع راية الإستقلال في وجه صادق خان ثم ذهب الى اصفهان وعين عليها (ولي بك) من قبله حاكماً يأتمر بأمره ولكن أرسل إليه صادق خان عشرين الفاً من الجنود بقيادة ابنه تقي خان الذي استطاع أن يحقق نصراً ساحقاً على عدوه علي مراد خان بعد ما انضم إليه الكثير من جنود هذا الأخير الذي هرب ووصل بصعوبة بالغة الى همدان عندئذ أرسل صادق خان الى ابنه يطلب منه تدمير قوات علي مراد خان.وعدم الإنكفاء عن مطاردته ولكن تقي خان هذا انخدع بهروب علي مرادخان فدخل أصفهان مزهواً واستقر فيها بفرح وطول بال وبذلك أعطى لعدوه الفرصة لتجهيز جيشه وتهيئة نفسه من جديد فجمع علي مرادخان جيشاً كبيراً ومدرباً وعندما سمع تقي الدين خان بذلك سار لملاقاته من جديد وفي الطريق انفض عنه معظم جنوده وتفرقوا في بيوتهم بعد ذلك التقى جيشا الكرد- زند قرب همدان وبدأت الحرب بينهما وفي هذه المرة انتصر علي مراد خان على جيش خصمه واستطاع أن يشتت شمله ولم ينج تقي خان من براثن الموت إلا بفضل حوافر حصانه السريع ووصل بصعوبة كبيرة الى شيراز عندئذ أرسل صادق خان جيشاً آخر لملاقاة عدوه وكان علي مرادخان نفسه يتوجه بسرعة نحو شيراز فوصل جنوده الى سور المدينة حيث تحصن فيها صادق خان وتمت محاصرة المدينة لمدة ثمانية اشهر عندئذ لم يقاوم السكان الجوع وسوء الأحوال فلجأوا الى فتح الأسوار أمام جيش علي مراد خان الذي دخل المدينة بسهولة ولكن بقي صادق خان وقواده ونساؤه مدة يقاومون في القلعة ثم استسلموا أخيراً لعلي مرادخان الذي قتلهم جميعاً بالسيف وكان ذلك في عام 1186هجري عندئذ خبت شعلة دولة صادق خان بعاصفة من الظلم والعنف ولم ينج من عائلته سوى ابنه جعفرخان لأنه كان من أصدقاء علي مرادخان فلم يقتله وعلينا أن ندرك الآن بأن نهاية حكم هذه العائلة قد دنت وبدأت تسير سريعاً نحو حتفها على أيدي الطامعين بمملكتها وهذه حقائق تظهر أنها أبدية لازمت ملوك وحكام الكرد القليلي الحيلة والذين كانوا يديرون شعوبهم بغباء بالغ ولكن متى تنهض ونفتح أعيننا ونلملم جراحنا ونرى مايجري حولنا لنقف صفاً واحداً أمام الشدائد والمحن والأعداء فالتاريخ وحده يستطيع الإجابة عن هذه التساؤلات. هذا وكان مقتل صادق خان وأولاده قد تم بيدي أكبر خان بن زكي خان وبعد مدة تخلص علي مراد خان من أكبر خان على يد جعفر بن صادق خان ثم عين هذا الأخير حاكماً على أصفهان وأصبح ابنه الشيخ ويس قائداً للجيش فنقل عاصمته الى أصفهان ووكل ابنه ويس خان بالحدود الشمالية لإيران وأرسله لقتال محمد آغاخان القاجاري فتمكن من التغلب عليه وهرب آغاخان الى استراباد .
 

G.M.K Team

G.M.K Team
5- علي مرادخان بن أخت كريم خان :

وكما أسلفنا القول فقد نقل علي مرادخان عاصمته الى أصفهان وأرسل ابنه لقتال محمد آغا القاجاري فتغلب عليه وهرب القاجاري الى استراباد ولكن أرسل ويس خان جيشاً كبيراً الى المدينة بقيادة محمد ظاهر خان الذي قتل في ميدان المعركة وأصاب التشتت جيشه فهرب ويس خان من مازندران الى طهران ودخل بين جنوده والده عام 1199هجري وفي تلك الأثناء مرض شاه إيران علي مراد خان وعلى الرغم من مرضه فقد كان يستعد لقتال عدوه.

وفي هذه الأثناء جاءته أخبار غير سارة تفيد بأن جعفر خان بن صادق خان قد ثار في أصفهان يطالب بالملكية فسار إليه بجيشه رغم مرضه واندلع القتال بين الطرفين وبذلك ترك الساحة خالية لمحمد آغاخان القاجاري ولم يصغ علي مرادخان لنصائح أطبائه فتوحه لقتال جعفر خان ولكنه توفي في منتصف الطريق وتمدد تحت الثرى هامداً في سنة 1785م.وكان علي مراد خان هذا رجلاً شجاعاً ذكياً وعطوفاً معتداً بنفسه سخياً كما كان أحولاً فلقبه آغا محمد بالأعور وكان يقول إذا لم يمت هذا الأعور فلن نستطيع أن نفعل مانريد.

6- جعفر خان بن صادق خان :

بعد وفاة علي مرادخان دخل جعفر خان مدينة أصفهان وعزل واليها المعين من قبل علي مرادخان وبلإحضاره أويس خان وفقأ عينيه تزعزعت الدولة الكردية وتخلخلت أركانها وكانت فرصة سانحة لآغاخان القاجاري لضرب الأكراد وتحطيمهم وقتلهم وفقأ عيونهم فسادت فترة من الفوضى والإضطراب بين أكراد المملها سندة مما اثار سخط الناس ونقمتهم على الأوضاع المزرية وطلبوا من الله أن يخلصهم من هذه العائلة المهلهلة فكانوا ينتظرون من يخلصهموينقذهم من هذه المصائب والويلات التي ابتليت بها بلاد إيران. في هذه الأثناء خرج محمد آغا القاجاري ومعه ثلاثمائة فارس من مازندران وفي الطرق انضم إليه الكثير من الجنود وتوجه بقلب من حديد نحو أصفهان ودخلها عام 1788م وكان جعفر خان قد خرج من المدينة قبل وصول جيش العدو إليها ووصل الى شيراز بعدما عين حليفه الحاج ابراهيم حاكماً على فارس وفي هذه المرة لم يستقر آغا محمد خان في اصفهان بل توجه نحو شيراز وفي الطريق وقعت بعض المعارك بينه وبين عشائر لورستان فعاد أدراجه الى طهران- الري مرغماً وتمكن جعفرخان من إعادة سيطرته مرة أخرى على أصفهان وظفر برحيم خان وقتله ثم تراجع ثانية نحو الخلف فوقعت أصفهان مرة أخرى بيد عدوه وللمرة الأخيرة أيضاً لم يستقر في أصفهان فتوجه نحو شيراز وفي هذه الأثناء وقعت لجعفرخان حوادث كبيرة وأهمها حادثة (همدان) فقد تمرد عليه داليه الذي استطاع أن يلحق بجيشه هزيمة ماحقة وأخرج مدينة (يزد) من سيطرته وهنا حالف الحظ جعفرخان حيث أخضع ابنه لطوف خان بلاد لار(لارستان) عندئذ بادر الى ارسال جيشه مرة أخرى الى اصفهان وأخضعها لحكمه ولكنه تركها للعدو من جديد وعاد الى شيراز وقد استطاع جعفرخان وبمساعدة وزيره ميرزا حسين خان من أن يكسب ود الناس وعطفهم ومحبتهم وكانوا لايزالون يكنون له الود والإحترام وهنا اندلعت لهيب ثورة حامية في كاشان وامتد لهيبها يوماً بعد يوم الى مناطق أخرى بقيادة عرب محمد حسين خان ولكن تمكن علي قولي خان الكازروني قائد جيش جعفرخان من اعتقال عرب حسين خان مع ألف وخمسمائة شخص بعد أن أعطاهم العهود والأمان وجاء بهم الى شيراز ولكن لم يأبه جعفر خان لعهود قائده وأودع هؤلاء السجن وإزاء هذا فقد اعتزل القائد الحاج علي قولي خان في بيته غاضباً من سيده ولم يكتف جعفخان بذلك بل أرسل جيشاً الى قائده مرغماً الى شيراز وأدخله السجن ومن زنزانته استطاع الحاج قولي أن يدير مؤامرة ضد سيده فكثر أنصاره ومؤيديه وتطلعوا جميعاً لمقتل جعفرخان ونجحت مؤامرتهم بفضل مساعدة الوزير القديم سيد مرادخان الذي كانت له أياد بيضاء على جعفرخان وقد أدخله هذا الأخير السجن بدون سبب يذكر فتمكنوا من وضع المخدر (الأفيون) في طعامه وعندما فقد وعيه هجموا عليه وقتلوه في سنة 1789م وقطعوا راسه وطافوا به شوارع المدينة بعد سيطرتهم عليها.

7- لطوف علي خان بن جعفرخان بن صادق خان:

كان حاكماً على كرمان من قبل أبيه وعندما قتل والده أعلن(سيدخان) زعيم الحركة الثورة نفسه ملكاً على إيران ومنذ البداية فقد نصح شيخ بلدة (أبي شهر)ابنة الشيخ ناصر بشد أزر لطوف خان فأرسل الشيخ ناصر جيشاً صغيراً الى شيراز ولكنه تراجع أمام جيش حاجي هاشم أخي سيدخان عندئذ أرسل الأخير جيشاً بقيادة(حاجي ابراهيم)(1) لقتال لطوف خان ولكن انحاز هذا القائد الكبير الى لطوف خان وسارا معاً الى شيراز وسيطرا عليها فتحصن سيدخان وحلفائه في القلعة ولكنهم استسلموا فيما بعد فأعدم لطوف عدوه اللدود سيدخان وأطلق سراح حاجي علي قولي خان بناء على توسلات حليفه حاجي ابراهيم ثم أحسن إليه وأكرمه وعلى الرغم من أن لطوف علي خان أصبح ملكاً وهو في ريعان شبابه إذ كان عمره لايتجاوز العشرين ربيعاً إلا أنه لم يكن كفؤاً لحمل أعباء الحكم المرهقة وفي هذه الأثناء هاجم محمد آغاخان القاجاري مدينة شيراز فخرج لطوف خان لملاقاته ولكنه هزم عند بدء المعركة وتراجع الى شيراز وتحصن فيها وبعد شهرين من الحصار انسحب محمد آغاخان نحو طهران وتمكن بذلك لطوف خان من لملمة نفسه وتجهيز جيشه واستعد لحرب حاسمة وطويلة الأمد في هذه الأثناء كان محمد آغاخان يحارب أعداءه في أذربيجان فكان لطوف خان ينتظر قدومه بفارغ الصبر ليلقنه درساً لن ينساه ثم بادر الى شن هجوم صاعق على مدينة كرمان.

توتر العلاقات بين لطوف خان ووزيره :

كان الميرزا مهدي محاسباً في جيش جعفرخان وقد اتهم بسرقة بعض الأموال فعمد جعفر الى قطع أذنيه كما كان لميرزا مهدي دور في مقتل جعفرخان ومن المتآمرين عليه وعندما اعتلى لطوف العرش وأخضع شيراز عنوة كان يتطلع الى قتل الميرزا مهدي ولكن قتل هذا الأخير كان ثقيلاً على الوزير الشجاع الذي كان له أياد بيضاء على سيده علي لطوف خان ونزولاً عند رغبته لم يقتل الميرزا مهدي وبدلاً من ذلك أغدق عليه الأوسمة والنياشين فاستثار بذلك حفيظة والدته التي عاتبت ابنها على ذلك قائلة له ( أليس من المعيب حقاً أن تعلق النياشين برجل تلطخت يداه بدم والدك) فأثرت هذه الكلمات كثيراً في لطوف خان وأمر بقتل الميرزا مهدي وإحراقه وعندما سمع وزيره حاجي ابراهيم بذلك تملكه الخوف والذعر وخاف على نفسه من بطش سيده وأراد أن يحمي نفسه من مفاجآت القدر ففكر بالتخلص من لطوف خان وانهاء حكم الملك الكردي ولم يكن يساوره أدنى شك في أن سيده يحاول التخلص منه أيضاً وقد روى الوزير بنفسه هذه الحادثة للسير مالكو لم ويبدو من المشاكل التي لازمت ملوك الأكراد وأوضاعهم المضطربة أن نهاية دولتهم قد قربت الآن ولايستلزم سوى أن يقوم أحد الوزراء أو القادة العسكريين ليمسك بزمام الأمور في هذه الدولة بيده أويسلمها لشخص آخر كواجهة ويتحكم هو بمصير البلاد والعباد لأن الجسم متى ما أصابه الوهن والضعف يصبح مرتعاً للجراثيم الممرضة التي تنغث فيه سمومها وذيغاناتها فتضعف مقاومته ويصبح بحاجة الى رعاية الغير له والدولة الأيوبية والمروانية والروادية(الديسمية) كلها وقعت في أيدي وزرائها الناكرين للجميل بعد أن أصبحت العوبة في ايديهم فتخلخلت أركانها وتداعت الى السقوط والإنهيار.هذا وكان الوزير الغدار يرنو ببصره الى اليوم الذي يقضي فيه على هذه العائلة الكردية وبدأت رائحة الملكية تزكم انفه ووجد بثاقب نظره أن هذه الدولة بدأت تخطو أولى خطواتها نحو التداعي والإنهيار فلماذا لايكون هو لابس تاجها ووريث ملوكها. وتلاحقت الأحداث سراعاً إذ لم تمض فترة قصيرة حتى هاجم لطوف علي خان مدينة أصفهان بجيش كبير وقبل أن يبدأ المسير عين شخصاً(1) من اسرة الزند قائداً لجيش شيراز كما أسند حامية القلعة الى أحدهم وهنا سيطر الوزير حاجي إبراهيم على العاصمة شيراز في الوقت الذي لم يبتعد عنها لطوف خان كثيراً بجيشه واحتل الوزير القلعة بسهولة وقبض على أصحاب وأقارب الملك كاسرى ثم عين أخاه محمد حسين خان قائداً للجيش وأرسل الى أخيه الآخر الذي كان جندياً في جيش لطوف خان يخبره بما حصل وعندما اقترب جيش محمد آغاخان القاجاري بقيادة ابن اخته(باباخان) على بعد عشرين فرسخاً من جيش (2) لطوف خان عمد أخ الوزير المتمرد الى مهاجمة الملك مع ثلة من جنوده ليلاً وهم يصرخون بأعلى أصواتهم ويتصايحون عندئذ أدرك الملك أن جيشه قد أنقسم وتحول الى صف العدو فركب جواده وتمكن من الهرب مع أخص أصحابه ( طهماسب قولي خان فيلي اللوري) وسبعين من فرسانه المخلصين وبذلك أنقذ نفسه من مؤامرة دنيئة كادت أن تودي بحياته وعرشه.وفي سنة 1791م توجه نحو شيراز وهو لايدري بما حدث فيها وفي الطريق علم بالخبر وكان قد تجمع لديه ثلاثمائة من فرسانه وعندما وصل الى شيراز أرسل الى الوزير يسأله ماذا يبغي من وراء عمله هذا فرد عليه الوزير المتفطرس(لاأريد سوى عزله عن الحكم وخير له أن ينفذ بجلده قبل فوات الأوان) فلم يرضخ الملك لشروطه ودارت بينهما الحرب ولما وجد الوزير المتمرد حاجي ابراهيم أن جيش عدوه يكبر باستمرار لجأ الى الحيلة حيث القى على مسامع جنود لطوف خان أن من يقاتل مع هذا الرجل فسألجأ الى قتل نساءه وأطفاله وعائلته ومن يهرب إلي فهو آمن) وبهذا القول هرب معظم جنود لطوف خان ودخلوا المدينة ولم يبق معه سوى القليل فتراجع لطوف نحو بوشهر ولكن بما أن شيخ مدينة بوشهر نفسه أصبح من اتباع حاجي ابراهيم فلم يقبل بدخوله الى المدينة ولم يعرض عليه حمايته فالتجأ الملك مرغماً الى حاكم (بندرريك)الذي أكرم وفادته وأعزه وجمع له جيشاً ثم سار معه على عدوه ففوجيء لطوف خان بجيش شيخ بوشهر يسد عليه الطريق ولكنه استطاع الإنتصار على هذا الجيش حيث أبدى شجاعة فائقة وأثناء المعركة انضم إليه القائد (قولي رضا خان)(2) فهاجما معاً مدينة (كازرون) وتمكنا من السيطرة عليها وفقاً الملك عيون حاكمها(حاجي علي خان) ولهذا فقد هجره كثير من عساكره واصدقائه وتوزعوا في بيوتهم وعندما أعاد الهجوم على شيراز قاومه حاجي ابراهيم مقاومة بطولية وطلب في الوقت نفسه النجدة من محمد آقاخان القاجاري فوصلته النجدات في اللحظة المناسبة ولكن لطوف خان تمكن من إلحاق الهزيمة تلو الأخرى بالجيش القاجاري في سلسلة من المعارك الحاسمة ولم ييأس محمد آقاخان فأرسل جيشاً آخر الى شيراز بقيادة (جان محمد خان) و(رضاقولي خان) وعلى الرغم من قلة عدد جيش لطوف خان فقد انتصر على أعدائه بتكتيكات حربية بارعة واسر قائد الجيش القاجاري رضا قولي خان من قبل الجيش الكردي وقد ألقت هذه الإنتصارات الرعب في قلب الوزير حاجي ابراهيم وفقد الأمل باعتلاء العرش فبادر الى تقديم بلاده على طبق من ذهب الى آقا محمد خان القاجاري وعلى مبدأ قول الأطفال (لالي ولا لك وإنما للإله الذي فوقنا) وماذا كان يريد محمد آقاخان غير هذا فقد وجد عرشاً خالياً وملكاً لاصاحب له فتوجه مع ثلاثين ألفاً من الفرسان الأشداء نحو شيراز عاصمة الدولة الكردية الزندية وهو يقول هذه هي المرة الأخيرة التي سيجلس فيها أحدنا مكان الآخر والملكية ستكون لأحدنا إما أنا أو لطوف خان ولاغير ذلك وعندما وصل جيش محمد آقاخان الى قرية (ميان)بادر لطوف الى الهجوم عليه بقليل من القوات واعتمد على عنصر المباغتة مما أدى الى نجاح الخطة وتضعضع الجيش القاجاري الذي الحق به عار الهزيمة ووقعت غنائم كثيرة بيد جيش لطوف خان كما قتل إبراهيم القاجاري وتشتت شمل جيشه وأثقلت الغنائم كواهل جنود لطوف مما أعاقته عن مطاردة محمد آقاخان القاجاري وظناً منه أن آقاجان ليس في وضع يؤهله للدخول في ميادين المعارك مرة أخرى وأنه انهزم الى البد وسف لن تقوم له قائمة بعد ذلك وفي هذه اللحظة أقنع أحد قادة لطوف خان سيده بأنه من غير المناسب أن ينهب جنودنا خزائن الأمة الكردية ونقوم بمطاردة آقاخان ولكن يظهر أن كل ذلك كان سراباً انخدع به لطوف خان فلم يبادر الى مطاردة عدوه ليكسر شوكته وينهيه كمنافس خطير له وقد أدرك هذا في التباشير الأولى من الصباح وعلى أصوات نداءات الحرب التي انطلقت من معسكر عدوه ولكن بعد فوات الأوان حيث ظهر له أن التاج والدولة قد ضاعتا منه في ساعات من الغفلة القاتلة وفقد الأمل بلبس تاج إيران مرة أخرى ففضل الفرار على الموت وهرب مع عدد من فرسانه الى مدينة كومان وهناك جمع جيشه من جديد عندئذ سار محمد آقاخان بنفسه الى شيراز وأرسل قسم من جيشه الى كرمان وعندما سمع جنود لطوف خان بقدوم الجيش القاجاري بدأوا بموجة من السلب والنهب وتفرقوا أيدي سبأ فتوجه لطوف خان نحو خراسان ووصلها في سنة 1207 وقد أكرمه الأمير حسين حاكم مدينة (توبوس) وأعانه على عدوه وسار معه مع مائة من فرسانه الى مدينة (يزد) فاعترض طريقهم جيش حاكم المدينة ولكن تمكن لطوف خان من دحر هؤلاء ووصل الى مدينة(أبركوه) واستولى عليها وجعلها مقراً لجنده واستقر هو فيها أيضاً ولم يمض وقت طويل حتى تجمع لديه الف وخمسمائة فارس فتوجه بهم سنة 1208 الى مدينة (دار بجرد) وعندما سمع محمد آقاخان (شاه إيران) وحاجي ابراهيم بقدوم جيش لطوف عمدا الى إرسال جيشين من طهران وشيراز وأرغماه على الخروج من دارابجرد فتوجه لطوف خان نحو قرية( الرونيز) حيث تحصن فيها وبعد مدة خرج منها أيضاً متوجهاً نحو قرية(توبوس) وهنا بادره صديقه وحليفه القول أنا لم أعد قادراً أن أفعل لك شيئاً والأفضل هو أن تذهب الى (تيمورخان) ملك أفغانستان وهو الوحيد القادر على إرجاعك الى عرشك ولكن من سوء حظ هذا الرجل أن يسمع وهو في الطريق خبر وفاة تيمورخان فتجمد في مكانه دون حراك وراودته الشكوك وتملكه الخوف والبأس ولم يعد يتقدم وبينما هو على هذه الحال إذ جاءته رسالة مشتركة من حاكمين لمنطقة (ترمانشير) يقولان فيها نحن (محمد خان) و(جهان كيرخان) نريدك أن تحل علينا ضيفاً عزيزاً مكرماً وسنبذل في سبيلك الغالي والرخيص المال والدم.فكانت هذه الرسالة فاتحة خير له وساهمت في رفع معنوياته وشعر بالأمل يخطو نحوه وانشرح صدره وما كاد يصل الى ترمانشير حتى اجتمع حوله رهط من الفرسان الأشداء فقادهم نحو كرمان وبعد معارك دموية حامية استطاع جيش الملك الكردي دخول المدينة من فوق أسوارها فخاف حراس السور وتركوا مواقعهم وتحصنوا في قلعة المدينة كما لاذ قائد جيش كرمان بالفرار طالباً لنفسه النجاة وهو يرتعد رعباً فوقع الكثير من الغنائم بيد لطوف خان وقتل الكثيرين من أعدائه ومرة أخرى عاد لطوف خان ملكاً على إيران وسك النقود باسمه وقرئت خطبة الجمعة باسمه أيضاً ةتنفس الصعداء من جديد وعندما سمع محمد آقاخان بذلك سار في سنة 1210هجري على راس جيش كبير الى كرمان إلا أن لطوف خان تمكن من شل حركة القائد (علي شاه) عند أسوار المدينة ودامت الحرب بينهما شهراً كاملاً وبقي لطوف خان صامداً وهنا خانه بعض قواد جيشه نظراً للتململ الذي نشأ بين الجنود بسبب الحصار الطويل وسلموا بعض أبراج المدينة الى الأعداء كما اخترق سور المدينة بضعة آلاف من الجيش القاجاري ولكن تمكن الأكراد وبعد صراع مرير من إنتزاع الأبراج منهم ثانية وفي هذه اللحظة خانه قائد آخر وفتح باب السور على مصراعيه للعدو فتدفق منه عساكر القاجار بقوة الى المدينة وضيقوا الخناق على جيش لطوف خان إلا أنه تمكن من الخروج مرة أخرى من المدينة(كرمان) ووصل الى ترمانشير بسلام وبدخوله مدينة كرمان عمد محمد آقاخان الى إباحتها لجنوده ثلاثة أيام بلياليها حيث داس القاجاريون على كل شيء وانتهكوا أعراض الناس بشكل لم يسمع بها أحد وارتكبوا فظائع يندى لها جبين الإنسانية خجلاً أما لطوف خان فقد استقر في ترمانشير وفي أحد الأيام قال له قواد جيشه إن حاكم ترمانشير يتربص بنا وينوي قتلنا جميعاً غدراً وسيأخذنا يوماً ماعلى حين غرة ولكن لم يصغ إليهم لطوف خان فنام قرير العين مرتاح البال وفي إحدى الليالي السوداء وجد الشاه الكردي نفسه مطوقاً من قبل مجموعة من الرجال المسلحين فاستل سيفه وحاربهم بمنتهى الجرأة والإقدام وقتل منهم خلق كثير ثم امتطى جواده محاولاً النجاة بنفسه ولكن تمكن أحدهم من قتل جواده وجرحه آخرون في موضعين من جسمه وأخذوه فيما بعد الى آقا محمد خان وقد عمد هذا السفاح الى فقأ عينيه حيث انشب فيهما أظافره ثم قتلوه عام 1794 وهنا ينسدل ستار أسود على الدولة الكردية الزندية وانتهى دورها على مسرح التاريخ وكانت نهاية القصة كما انتهت حياة لطوف خان الكردي بشكل درامي وعنيف بعد أن قضى خمساً وعشرين عاماً مابين حكم ومعركة وانتصار وتشريد إن ماذكرناها من أحداث ترقى الى مستوى حوار يصلح لعمل فيلم سينمائي وهي بذاتها حوار ممتع وشيق ومأساوي بنفس الوقت.
 
أعلى