تاريخ كردستان

G.M.K Team

G.M.K Team
معركة جالينوس (معركة الجسر ) :

تمكن الجيش العربي بقيادة أبو عبيد الثقفي من الحاق الهزيمة بالجيش الإيراني وسيطر على (باقسياتا) عندئذ عاد جالينوس الى رستم الذي جهز جيشاً آخر وألقى به في المعمعة بقيادة(بهمن بن جادويه)و(جالينوس) نفسه وكان هذا الجيش يضم الفرسان وراكبوا الفيلة ومع قائده بهمن راية كاوه( درفش كاوه) متوجهاً بها نحو ميدان المعركة وفي هذه المرة كان النصر حليف الإيرانيين حيث قتل الكثير من المسلمين وفقد أربعة آلاف من جنودهم غرقاً في النهر قتل أبو عبيد نفسه دوساً بأقدام الفيلة وجرح المثنى الذي توفي بعد ذلك متأثراً بجراحه وعاد بهمن الى مهرسير(المدائن) عاصمة الفرس ودخل إيوان كسرى. ويقول ابن الأثير الجزري. كانت درفش كاوه(1) طولها أربعة أذرع (الذراع 72سم) وذراعين عرضاً ومصنوعة من جلود النمور وكانت ترفع أيام الشدائد والمحن بعد هذه المعركة انتفض الناس ضد رستم وانقسموا الى قسمين متصارعين وفي هذه الأثناء بعث الخليفة بنجدات كبيرة الى المثنى وتجمعت الجيوش العربية الإسلامية وتقاطر الناس من كل حدب وصوب يدافعون عن الدين الحنيف طالبين إحدى الحسنيين إما الشهادة أو النصر ومن ثم الفوز بمرضاة الله والجنة والحور العين والنعيم الأبدي مسلحين بهذه العقيدة الصلبة التي ستكون لها نتائج بعيدة الثر على سير المعارك اللاحقة بين الطرفين وعلى العالم ككل .

معركة البويب 13هجري:

عين رستم وفيروزان قائداً فطحلاً لجيشهما هو مهران الحمداني وأرسلوه لمحاربة المثنى القائد العربي المغوار اجتاز مهران بجيشه نهر الفرات وهناك دارت رحى معركة حامية الوطيس بين الطرفين قتل مهران خلال المعركة وتضعضع جيشه فظفر العرب المسامون بغنائم كبيرة وفي هذه المعركة قتل أخ المثنىمع قواد آخرين ممن اشتهروا ببلاءهم في ساحات القتال.

يزدجرد :

وجدت شعوب إيران-كردستان مايحل بها من مصائب وويلات على أيدي العرب من جهة وقادتهم المستهترين من جهة أخرى .فالعرب دخلوا البلاد وقتل أو فقد العديد من قواد الجيش والخوف والرعب ينتشران في كل مكان عندئذ اجتمع الزعماء الإيرانيون وقالوا لرستم وفيروزان إما أن تتصالحا أو سيكون مصيركما القتل قبل أن يضيع الوطن والشعب معاً على يديكما فجاء رستم وفيروزان عندئذ ب يزدجر وجعلاه ملكاً وخلعا بورانشاه عن عرش إيران وأعلن الجميع الولاء والطاعة له وحمل كل فرد سلاحه وتوجه باندفاع وحماس كبيرين نحو ساحات المعارك وتولى رستم بنفسه قيادة الجيش متوجهاً نحو خصومه مصحوباً بصيحات ( حيت هول) ولكن قتل هذا القائد في قلب معركة القادسية.

معركة القادسية 15هجري:

كان من المتوقع أن يحرز الجيش الإيراني نصراً حاسماً على المسلمين في هذه المعركة ولذلك قرر عمر بن الخطاب أن يحضر بنفسه ليتولى قيادة الجند ولما منعه أصحابه من ذلك أسند القيادة الى سعد بن أبي وقاص وأرسله لنجدة المثنى وقد تجمع في القادسية ثلاثون ألفاً من فرسان العرب الصناديد ورماة الرماح المهرة في هذه الأثناء توفي المثنى قبل وصول سعد متأثراً بجراحه فتولى سعد قيادة الجيش العربي وكان يؤازره قادة مشهورين أمثال حميسة بن النعمان وعمر بن معد يكرب وأبو صير بن ذويب ويزيد بن الحرس ومسيلمة وحبيب بن مسلمة وكذلك البشر بن عبدالله الهلالي وكان سلمان الفارسي مستشاراً ومترجماً لسعد بن أبي وقاص وخلال المعركة قتل رستم وحاقت الهزيمة بالجيش الإيراني وأسر الكثير منهم ومن هناك توجه الجيش العربي بكل ثقة واندفاع ورجولة نحو إيران- كردستان ودخل إيوان كسرى في مهرسير(المدائن) واستولى الجيش العربي الإسلامي في أواخر السنة الرابعة عشرة للهجرة على مدن برسوبوليس وبابل وكوتي وأفلت من براثن المسلمين بعض القادة الإيرانيين والفرس مثل فيروزان وخيرخان ومهران وهرمزان وبعد عدة مناوشات هرب كل واحد من هؤلاء الى مكان فهرب هرمزان الى الأهواز وفيروزان الى نهاوند وخيرخان ومهران الى إيوان كسرى وفي أواخر السنة الرابعة عشرة للهجرة أيضاً تزوج سعد من (سلمى) زوجة القائد المثنى وبنى لها قصراً في القادسية وكان سعد سيطر على المدينة في السنة السادسة عشرة للهجرة بعد النحياز حاكم (ساباط)الى العرب . حيث استعمل العرب الدبابات والمنجنيقات وأمطروا المدينة بوابل من الأحجار فاستسلمت بعد عشرة أشهر من الحصار وأصبح نهر دجلة الحد الفاصل بين الجيشين الإيراني في الإيوان والعربي في مهرسيرد (المدائن) وأخيراً اجتاز فرسان العرب النهر فكان لابد أن يفر يزدجرد الى حلوان ويحمل معه ماخف حمله وغلاثمنه ثم دخل الجيش العربي المسلم الى الإيوان وقام بنهبه ويقول لبن الأثير كل ما كان يحويه الإيوان من الجواهر والذهب والفضة والمقتنيات الثمينة أصبحت بيد العرب منا أخذوا تاج كسرى ودرعه ولباسه وأشياء أخرى لاتقدر بثمن ويتابع ابن الأثير القول أصبح العرب بعد ذلك يستخدمون الكافور محل الملح في العجين ويبيعون الذهب بسعر الفضة ويقول أيضاً دخل إيوان كسرى ستون ألفاً من جنود العرب فكان نصيب كل منهم اثنا عشرة ألف دينار ماعدا ماوزع منها على الفقراء والمساكين .

جلولاء وحلوان :

كان بهرام رازي القائد المشهور يقود جيوش جلولاء فأمر بحفر خندق حول المدينة وكان يتقدم نحو جلولاء جيش عربي قوامه اثنا عشرة ألفاً من الفرسان بقيادة هاشم بن عتبة فدخلها عنوة ويقول ابن الأثير.قتل وأسر من عساكر إيران-كردستان مئة ألف في جلولاء ولكنه لم يعط عدد قتلى العرب وبعدما سمع يزدجرد هذه الحادثة فضل النجاة على الموت وأطلق ساقيه للريح فاراً من حلوان الى مدينة الري(طهران) بعد ماترك قيادة الجيش ل(خسرو).هذا وقدأرسل سعد قوات كبيرة الى حلوان بقيادة القعقاع بن عمرو حيث قتل (زينبي) حاكم المدينة وزعيمها وخرج خسرو من حلوان فدخلها العرب المسلمون دون قتال واتخذها القعقاع مركزاً ومقراً له ثم عين عليها حاكماً من قبله يدعى(قوباد) وذهب هو الىالكوفة وفي تطور لاحق قتل مهران القائد الإيراني بيد القعقاع والتجأ فيروزان الى جبال كردستان وتحصن فيها ووقع الكثير من النساء والأطفال والأموال بيد المسلمين كما قتا عدد كبير من سكان إيران-كردستان من الكرد والفرس والجيل والديلم كما وقعت العديد من المدن الكردستانية بيد العرب المسلمين مثل تكريت والموصل ونينوى بالإضافة الى (بان هرزا) وهبتون وداسن وباقردي وبازبدي وجميع قلاع منطقة كردستان يقطت على يد (الرابعي) بينما يعتقد البعض بأن هذه المدن والقلاع سقطت على يد القائد المغوار عياض بن غنم ويرد في (الهامش) أن باقردا وبازبدا هما ولدان وسهلان ومدينتان تقابلان بعضهما قرب جبال جودي .
 

G.M.K Team

G.M.K Team
ماه سيذان :

من المعتقد أن الجيش الإيراني كان له وجود بعد كل هذه الحوادث في (ماه سيذان) بقيادة (آزين بن هرمزان) فأرسل سعد بن أبي وقاص إليها جيشاً بقيادة هاشم بن عتبة حيث قتل آزين وسط المعركة ودخل هاشماً المدينة ودانت له هذه البلاد حتى سيروان فانسحب سكان ماه سيذان الى الجبال ولكن أعطاهم هاشماً الأمان فرجعوا الى المدينة بعد ماعين ابن عذيل(أزيل) حاكماً على هذه المنطقة وعاد هو الى سعد ويقول البعض أن سقوط ماه سيذان كان بعد سقوط نهاوند.

الجزيرة :

يقال بأن عياض بن غنم دخل المدن التالية فاتحاً وهي جزيرة بوطان ،نصيبين، حصن كيف، رأس العين، الرها، ماردين، طورعابدين، آمد، أرزن،بدليس،وخلاط كما سقطت ملاطية على يد حبيب بن مسلمة وفي عهد معاوية تمردت المدينة على حكم المسلمين إلا أنها سقطت نهائياً على يد هذا القائد مرة أخرى.

الأهواز :

أهواز عاصمة خوزستان(عربستان) وكانت مقراً للقائد الكردي المشهور (هرمزان) كما كانت منذ القدم جزءاً من بلاد عيلام ومن مدن هذه المنطقة المشهورة سوقل الأهواز ورام هرمز وإيزج وعسكر مكرم وششتر وقرية سابور وسوزا بالإضافة الى نهر طيري ومنازرن ومنذ عصور موغلة في القدم كانت سوزا عاصمة للعيلاميين وهي من المدن التاريخية القديمة جداً. هذا وقد أرسل سعد بن أبي وقاص جيشاً بقيادة عتبة بن غزوان لمحاربة هرمزان الى سوقل الأهواز وتحصن فيها وكان نهر الدجيل يفصل بين الطرفين وأخيراً تصالح هرمزان مع خصومه وهنا جاءته نجدات كردية لمؤازنة وهي المرة الأولى التي يالتقي فيها العرب المسلمون بالجيش الكردي والمرة الأولى التي يذكر فيها اسم الكرد صراحة وبشكل مستقل ومن الآن فصاعداً لن أذكر اسم الجيش الإيراني بل سأوضح الحوادث التي جرت للأكراد مع العرب.

نهاوند 641م :

سقطت مدينة نهاوند في السنة الثامنة عشرة للهجرة على يد النعمان بن مقرن المزني وقد قتل النعمان هذا بيد الكرد فيما بعد كما سقطت مدينة الدينور على يد أبي موسى الأشعري وتم الإستلاء على همدان بقيادة النعيم بن مقرن المزني ومدينة أصفهان سقطت في سنة (28هجري)على يد عبدالله بن عتبة. كما قتل (شهره برز بن جادويه) وتصالح زعيم مدينة (فاسوزفان) مع المسلمين ودفع لهم الجزية كما استولى العرب المسلمون على الري بقيادة النعيم بن مقرن. هذا وقد أبلى (سياه خوش بن مهران بن بهرام بن جوبين الكردي) بلاء حسناً أمام الجيش العربي الاسلامي ولكن التحالف الذي حصل بين (زينبي) وابن (مقرن) أدى الى هزيمة سياه خوش وأصبح زينبي حاكماً على البلاد واختفت اسرة بهرام من على مسرح التاريخ ويقول ابن الأثير يرى حتى هذا اليوم أي في سنة 600هجري أفراد من اسرة زينبي يحكمون هذه المناطق كشهرام وفرخام.

قومس- قرمسين-كرمنشاه :

سقطت المدينة على يد السويد بن مقرن المزني كما سقطت أذربيجان على يد السماك بن الحزشة واعتقل اسفنديار من قبل المسلمين وتجولوا به في تنقلاتهم ودخلوا بمساعدته مدن أذربيجان واحدة بعد أخرى كما دخل المسلمون (موقان) بقيادة بكر بن عبدالله وحبيب بن مسلمة ودخلوا أرمينيا بقيادة حذيفة بن الأسيد وكان معه سليمان بن ربيعة.

شهرزور :

وقعت بيد العرب المسلمين صلحاً بعد سنتين من المعارك والحروب على يد عتبة بن فرقد حيث قتل فيها الكثير من الأكراد وعين عمر بن الخطاب القائد عتبة والياً على أذربيجان وجعل هرثمة حاكماً على الموصل وضم إليها شهرزور وبقيت شهرزور تتبع الموصل حتى عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد.

فساو دارا بغورد :

سقطتا سنة 23هجري على يد سارية وقد ظهر الجنود الأكراد في الحرب تحت اسم أكراد فارس وفي هذه السنة تجمعت عساكر الكرد في (بيروز) والتقى أبو موسى الأشعري بهذه الجموع في طيري ومناذر حيث دارت معركة حامية الوطيس بين الطرفين وجاءت نجدات كردية وفارسية لتؤازر الجيش الكردي وقتل في هذه المعركة المهاجر بن زياد وتحصن الأكراد في بلادهم فعاد أبو موسى بجيشه الى أصفهان.

معركة بين الكرد والعرب :

زحف على بلاد الأكراد جيش إسلامي كبير بقيادة سلمة بن قيس الأشجعي وفي طريقه التقى بعدد من رجالات الكرد فدارت بين الطرفين معركة عنيفة انهزم الكرد في النهاية وغنم العرب ماكان بحوزتهم ومن هذه المغانم خاتماً بعثوا به الى الخليفة عمر بن الخطاب وكانت قيمته تساوي عشرين ألف درهم ولكن أعاد عمر الخاتم إليهم وقال بيعوه وفرقوا ثمنه على الجنود وفي هذه السنة قتل الخليفة عمر فخلفه عثمان بن عفان .

عثمان بن عفان :

بعد مقتل عمر انتخب المسلمون عثمان بن عفان خليفة ولم يقبل بخلافته كل من علي بن أبي طالب ومحمد بن أبي بكر وكان علي يرى نفسه أحق بالخلافة. في بداية عهده عزل عثمان والي الكوفة المغيرة وعين مكانه سعد بن أبي وقاص وفي سنة 25هجري عزل سعد عن ولاية الكوفة وعين محله الوليد بن عقبة وعندما عزل عتبة بن فرقد عن ولاية أذربيجان تمرد عليه ورفض أوامره فسار إليه الوليد من الكوفة وبعد مناوشات عديدة قتل الكثير من الأذربيجانيين رجعت أذربيجان وأرمينيا صلحاً الى حكم عثمان ثم عزل الوليد وعين مكانه على ولاية الكوفة سعيد بن العاص وفي سنة 29هجري تمرد أكراد (إيزج) ضد أبو موسى الأشعري حاكم البصرة وارتدوا عن الإسلام وعندما أراد أبو موسى الزحف عليهم سيراً على الأقدام اشتكاه الناس الى عثمان فعزله وأحل محله عبدالله بن الأمير ولانعرف اسم القائد الكردي ولا عدد جنوده في هذه الموقعة. وفي السنة ذاتها قتل الملك الإيراني (يزدجرد) وحول مقتله حصل خلاف بين الرواة بعضهم يقول أنه قتل في أحدى الطواحين وآخرون يرون أنه قتل على يد قائده (خرزاد) وآخرون يقولون أنه قتل في أحدى البراري وبمقتله حلت نهاية افسرة والدولة الساسانية وخرج الحكم عن أيدي الكرد والإيرانيين والفرس وخضعت بلادهم للحكم الأجنبي ولكن الشعوب الإيرانية من كرد وفرس وديلم وجيل لم يناموا على آذانهم ولم يتخلوا عن بلادهم بمحض إرادتهم وبدأوا ينتظرون الفرصة السانحة لإستعادة مملكتهم وأيام عزهم ومجدهم فقاموا بثورات دموية عديدة ولم يبخلوا بشيء في سبيل وطنهم وكرامتهم وقدموا الكثير من الضحايا وفي سنة 34هجري قتل عثمان بن عفان في بيته على يد محمد بن أبي بكر وفي سنة 38هجري قتل محمداً هذا وأحرق على يد الأمويين في مصر .
 

G.M.K Team

G.M.K Team
علي بن أبي طالب :

بعد مقتل عثمان خلفه علي بن أبي طالب ولكن لم يقبل الأمويون ولا أنصار عائشة زوجة النبي بخلافته وفي كل مكان ثار الأمويون وطالبوا بدم عثمان وبعد عدة معارك كشف معاوية الذي كان حاكماً على دمشق من قبل عثمان بن عفان عن طموحاته في الخلافة فانقسم العرب والمسلمون الى قسمين وقد ساندت أكثرية الكرد والفرس علي ابن ابي طالب الذي تمرد عليه بنو الناجبة بقيادة زعيمهم (خريط بن راشد) فجرد علي جيشاً كبيراً لمهاجمتهم بقيادة زياد بن أبيه وكان معظم جنود خريط من الكرد وأخيراً هرب خريط هذا بعد أن قتل كثيرون من أنصاره الكرد والعرب واستولى زياد على جميع بلاد الأهواز وأخيراً قتل الخريط أيضاً.وبعد عدة سنوات وتحديداً في عام 38هجري قتل علي وأصبح معاوية خليفة للمسلمين في دمشق فامتنع الحسن بن علي عن مبايعته وطالب بالخلافة فدست له زوجته السم بتدبير من معاوية نفسه ومات في سنة 41هجري .وقتل أخوه الحسين مع سبعين من أصحابه وأهله في كربلاء سنة 61هجري وبعدها لم تقم لأولاد على قائمة فتوجه العجم الى مبايعة أولاد العباس ابن عم الخليفة علي بن أبي طالب وبمقتل علي انتقلت عاصمة الخلافة الإسلامية من الحجاز الى دمشق وبه ايضاً انتهى عصر الخلفاء الراشدين وبدأت الدولة الأموية مع مؤسسها معاوية بن أبي سفيان عام 41هجري .

الثورات الكردية :

في عام 68هجري انتفض شخص من أهل الجزيرة يدعى كردم القرادي واستولى على مدينتي ساباط والمدائن متمرداً على الأمويين فحدثت صراعات دموية وسلب ونهب في هذه المنطقة .وفي عام 76هجري ثار المطرف بن المغيرة ضد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان وتوجه نحو مدينة حلوان-كردستان ولكن صده حاكم المدينة السويد بن عبدالرحمن السعدي بمساعدة الأكراد حيث قتل في هذه المعارك الكثير من الكرد .

وفي عام 83هجري ثار عبدالرحمن بن الأشعث ضد الأمويين ولكن قمعت ثورته بقساوة متناهية من قبل والي العراق الحجاج بن يوسف الثقفي فتوجه قائد الثورة نحو سجستان فتعقبه جيش الحجاج بقيادة ابنه محمد وجرت معارك عنيفة بين الطرفين في مدن سوزا وسابورخوست وكان الأكراد يناصرون عبدالرحمن حيث قتل عدد كبير منهم وعندما وصل عبدالرحمن الى سجستان قبض عليه حاكمها (روتبيل) وقطع رأسه وأرسله هدية الى الحجاج وفي عام 129هجري أخضع الأكراد المتواجدون في مناطق فارس هذه البلاد لحكمهم وجعلوا مدينة سابورعاصمة لهم ولكن تمكن الخليفة سليمان بن هشام من القضاء عليهم بسرعة.

وفي سنة 90هجري كان الأكراد قد أدخلوا هذه المناطق تحت حكمهم ولكن كان الحجاج لهم بالمرصاد فهزمهم.

وفي سنة 132هجري قام القائد العباسي عبدالرحمن أبو مسلم الخراساني بثورة عارمة ضد الحكم الأموي وكانت المعركة الأخيرة في حياة الدولة الأموية حيث هرب مروان بن محمد آخر خلفائها الى مصر فقتل هناك وأرسل رأسه الى الخليفة العباسي السفاح في العراق وبذلك سقطت الدولة الأموية في ذلك العام على يد هذا القائد الكردي وقامت على إثرها الدولة العباسية وأصبحت بغداد عاصمتها وننوه هنا بأن أم مروان كانت كردية وهي ابنة الأمير أحمد أمير جزيرة بوتان وفي الحقيقة بدأ الحكم الكردي مع أبو مسلم وكانت دولته هي الدولة الكردية الأولى ولكنها لم تدم طويلاً فانهارت بسرعة ولكن يبدو أن الأكراد توجهوا منذ الآن نحو الحكم وفي هذه الأثناء كان الحكم الأكراد مستقلون في شؤونهم وكانوا يدفعون الجزية أحياناً لسلاطين أقوى منهم وأحياناً أخرى يستقلون ويصبحون ملوكاً ومن الآن فصاعداً سيكون لهم وجود على مسرح التاريخ .

وفي عام 137هجري قتل أبو مسلم الخراسانس غدراً على يد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور وهناك تفاصيل حول حياة هذا الرجل ومقتله لامجال لذكرها هنا. وفي عام 141هجري قام الراونديون وهم الأكراد الذين تحالفوا أو كانوا من جنود أبو مسلم بثورة ضد المنصور وأفرجوا عن السجناء وقتلوا عامل البصرة ولكن الثورة قمعت بسرعة وشدة وفي عام 147هجري ثار أكراد الموصل ضد الدولة العباسية فأرسل المنصور إليهم جيشاً بقيادة خالد البرمكي الذي تمكن من قتل عدد كبير من الأكراد وعينه المنصور حاكماً على الموصل وفي عام 176 هجري قامت ثورة في الجزيرة بقيادة فضل الخارجي وامتدت الثورة حتى مدينة خلاط ولكن قتل الفضل أثناء هجومه على الموصل.

وفي عام 178هجري اندلعت ثورة عارمة بقيادة طريف الخارجي الذي سيطر على مدن نصيبين وآمد واخلاط ولكنه قتل بعد بدء الثورة.في عام 224هجري قام الأمير جعفر بن الأمير حسن الداسني بثورة في شمالي الموصل وتحصن هناك ضد الخليفة المعتصم وأصبح حاكماً على كردستان شمال مدينة الموصل وتجمع حوله الناس وتكاثروا فأرسل المعتصم إليه جيشاً بقيادة عبدالله بن أنس اليزدي بعد ما عينه حاكماً على الموصل وفي هذه الأثناء كان جعفر يعسكر في ماتيس فأخرجه الجيش العربي من مقره ولذلك التجأ الى جبل داسن وتحصن فيه فطارده الجيش العربي الإسلامي الذي وصل بصعوبة بالغة الى الجبل ولكن الأكراد الحقوا بهذا الجيش هزيمة منكرة وقتلوا الكثيرين من أفراده وقتل في هذه المعركة عم عبدالله المدعو اسحق بن أنس ووالد زوجته جعفر وكانا قائدين كبيرين ولكن أرسل المعتصم جيشاً آخر بقيادة (إيطاغ)التركي لمحاربة جعفر الداسني الكردي وتمكن هذا القائد أن يذسق الأكراد مر الهزيمة في جبل داسن حيث قتل جعفر في المعركة ويقول البعض أن جعفراً هذا عندما لاحت بوادر الهزيمة على جيشه تجرع السم ومات وبدأ الجيش العباسي بقيادة إيطاغ القائد التركي يصب جام غضبه على الأكراد فسبى نساءهم وذراريهم بدون رحمة وساقهم الى تكريت ويعتقد أن هذه الحادثة وقعت في سنة 226هجري.ومات القائد التركي سجيناً في عام 235 هجري. وفي عام 231هجري هاجم جيش بغداد بلاد الكرد بقيادة (وصيف) التركي الذي قتل عدواً كبيراً منهم وسيطر على الجبال وعلى مدينة أصفهان وقبض على خمسمائة شخص وأودعهم سجن السامراء فأهدى الخليفة الواثق خمساً وسبعين ألف دينار وسيفاً ذهبياً الى قائده وصيف التركي.وبإمكانك الآن أن تعتبر أن الدولة العباسية أصبحت في قبضة الأتراك التي بدأت تسير يوماً بعد يوم نحو حتفها وفي سنة 225هجري ثار مساور بن عبدالحميد الشاري البجلي من أهالي الموصل ضد الخليفة العباسي وانضم إليه الكثير من الأكراد والعرب وجرت معارك حامية بينهم وبين والي الموصل وفي هذه السنة أصبح عبدالعزيز بن أبي دلف الإجلي حاكماً على كردستان (الجبال وأصفهان) من قبل وصيف التركي وفي نفس السنة ذهب جيش بقيادة نبدار الطبري لمحاربة مساور شاري فقتل البندار في معركة وقطع رأسه وسيطر مساور على مناطق حلوان وجبال كردستان.فسار جيش آخر لمحاربته بقيادة(حترمش)التركي ولكن تمكن جنوده مساور من دحره وهزيميته ومن ثم السيطرة على جلولاء أيضاً.

وفي عام 254هجري أرسل إليه جيش آخر بقيادة المير حسن بن أيوب ولكنه دحر أيضاً وقتل عدد كبير من عساكر الأمير ومات الكثير منهم غرقاً في نهر رايات. وفي عام 255هجري سيطر يعقوب بن ليث الصغار حاكم سجستان على مدينة كرمان وتوجه نحو شيراز وكان يحكمها علي بن الحسين بن قريش وكان تحت إمرة الأمير احمد بن ليث الكردي عشرة آلاف جندي وبإمرة توق بن المفلس خمسة آلاف آخرين وقبل ذلك كان الأمير أحمد قد سيطر على بلاد كرمان ونهبهاوخطف سبعمائة امرأة ومئتا فتاة قض بكارتهن جميعاً. وسترد هذه الحادثة في صفحات قادمة ولذلك لاأريد الإطالة هنا. وفي سنة 256هجري سيطر محمد بن واصل والأمير أحمد على كل بلاد فارس وتمكنا من الحاق الهزيمة بحاكمها حرس بن سيما المعين من قبل الخليفة وأصبح محمد بن واصل حاكماً على مناطق فارس ولكن مما يؤسف له فإن اسم احمد بن الليث يرد مراراً وتكراراً ولكننا لانعرف تاريخ ومكان والمدن التي أقام فيها بشكل متسلسل.

وفي عام 261هجري سيطر محمد بن واصل على الأهواز وقتل عبدالرحمن بن المفلس كما قتل في هذه المعركة أيضاً قائد جيش عبدالرحمن المدعو (تاشتمر) وقد غنم الأكراد مغانم كثيرة واخيراً قتل محمد بن واصل بيد يعقوب بن ليث الصغار وكان اسم خال محمد بن واصل هو أبو بلال درباس وفي سنة 262هجري عين مسرور البلخي من قبله الأمير أحمد بن الليث الكردي حاكماً على الأهواز وتوجه الأمير أحمد بجيش كبير نحو الأهواز ونزل في مدسنة سوزا وكان حاكم الأهواز في هذه الفترة هو محمد بن عبيدالله بن هزارمرد الكردي من قبل يعقوب بن اليث الصغار وكان مركزه مدينة شوشتر وعندما سمع محمد خان بن عبيدالله بدخول أحمد بن الليث مدينة سوزا أرسل رسالة الى ملك الزنج(خريط بن راشيد)(1) يقول له أريد أن أكون حليفاً لك وسأقرأ الخطبة في بلادي باسمك وكان محمد يرمي من وراء ذلك الحصول على مساعدة عساكر الزنج لكي يستطيع مقاومة جيش بغداد فرد عليه ملك الزنج سأجعل قائد جيشي علي بن ابان حاكماً من قبلي على الأهواز وتبقى أنت بإمرته حاكماً على بلادك ولذا فقد جاء جيش الزنج بقيادة علي بن أبان لنجدة محمد بن عبيدالله الكردي وسار الجيشان الزنجي والكردي نحو مدينة سوزا لملاقاة جيش بغداد وبدأت المعركة بين الطرفين فسقط الكثير من جنود بغداد قتلى وتراجع أحمد بن ليث الكردي مرغماً الى قرية سايور فطارده الزنج والكرد ولما وجد هذا الأخير أنه لايستطيع مقاومتهما خرج من القرية وتركها تسقط بيد أعدائه ولكن محمد بن عبيدالله لم يف بوعده وبقي يلقي الخطبة على المنابر في شوشتر باسم خليفة بغداد وحاكم سجستان فخاف علي بن أبان أن يغدر به هذا الأخير فترك له البلاد وعاد الى الأهواز لائذاً بالفرار وهو يمتطي بغلاً بعد أن دمر جسر المنطقة.

وعندما سمع أحمد بن الليث الكردي ذلك الخلاف بين حليفي الأمس توجه بقولته نحو شوشتر وبعد معركة حامية انتصر على محمد بن عبيدالله ثم التقى عساكر الزنج بقيادة علي بن أبان وألحق بها الهزيمة وجرح علي أثناء المعركة ونجا بإعجوبة من موت محقق ودانت بلاد الأهواز كلها لحكم أحمد بن ليث الكردي قائد جيش بغداد .وفي عام 263هجري سار علي بن أبان مرة أخرى بجيش كبير لمحاربة أحمد بن الليث وتمكن من دخول بلاد الأهواز ولكن تم دحره على يد أحمد بن الليث هذه المرة أيضاَ بعد سقوط قتلى عديد من الطرفين ومن بينهم ثلاثون قائداً من قواد جيش ابن الليث وفي عام 256هجري سار يعقوب شاه الصفاري من سجستان بجيش كبير نحو بلاد الأهواز وعندما سمع أحمد بن الليث ذلك ترك له البلاد فأصبح (خضر) قائد الجيش الصفاري حاكماً عليها ولكن مرة أخرى سار علي بن أبان بجيش كبير وهاجم الخضر وحقق عليه نصراً ساحقاً بعدما الحق به خسائر فادحة وحصل على غنائم كبيرة ثم تصالحا أخيراً وأصبح خضر مرة أخرى حاكماً على الأهواز وفي هذه السنة توفي مساور بن عبدالحميد الشاري البجلي زعيم الخوارج الذين اجتمعوا وقرروا تولية محمد بن خرزاد الكردي زعيم عشيرة (شومرد) حاكماً لهم ولكنه رفض الولاية عليهم فاختاروا أيوب بن حيان وقد تمكن ابن خرزاد من قتل أيوب في معركة فاختار الخوارج (محمد بن عبدالله واري)حاكماً ولكنه قتل أيضاً بيد خرزاد واختاروا أخيراً هارون بن عبدالله البجلي فرجع محمد بن خرزاد الى شهرزور وكان الجنود الشومرديين يمتطون الثيران ويلبسون الصوف المنسوج وفي هذه السنة أيضاً هاجم أحمد بن الليث الكردي عساكر الزنج وانتصر على زعيم سليمان بن جامي ووقعت في يد أحمد غنائم كثيرة كما أبيد عدد كبير من الزنج من ضمنهم أربعون قائداً ثم رجع الليثي الى مدينة (جنبلا) التي تقع بين واسط والكوفة ومرة أخرى توجه علي بن أبان بجيش كبير الى مدينة شوشتر وفي تلك الأثناء كان الخليفة الموفق قد سيطر على مناطق الأهواز وسلمها الى مسور البلخي حاكم العراق فعين عليها مسرور حاكماً من قبله يدهى (تكين بخاري) الذي وصل بقوات كبيرة الى شوشتر وهزم جيش ابن ابان حيث قتل الكثير من قواده ولكنهما تصالحا فيما بعد ولم يكن الخليفة راضياً عن هذا الصلح بين القائدين فتوجه مسرور بنفسه الى الأهواز ووضع تكين في السجن فاقسم جيش الأخير الى قسمين انحاز قسم االىمحمد بن عبيدالله الكردي وآخر انضم الى الزنج.وفي عام 266هجري داهم القائد الزنجي المشهور علي بن أبان مدينة شوشتر ثم انتزع مدينة رام هرمز من محمد بن عبيدالله ومرة أخرى أرسل محمد هذا الى ملك الزنج علي بن محمد يقول اه أريدك أن تأمر بخروج ابن أبان من بلادي ثم اطلب ماتريد وسألبي طلبك من الساعة وعندما سمع علي بن أبان بذلك ضيق الخناق على محمد بن عبيدالله ولكن لم يحاربه الأخير وفضل الإنسحاب الى الجبال وأخيراً دفع لعلي بن أبان مئتا ألف درهم وأخرجه من بلاده ثم رجاه أن يبعث له جنوداً ليؤازروه ضد أكراد(داريان)أو درنان ولكن تمكن هؤلاء الأكراد من الحاق الهزيمة بالجيشين وقتلوا عدداً كبيراً منهم. كما وقعتفي لأيديهم مغانم كثيرة كذلك ارتد عساكر محمد بن عبيدالله عن حلفائهم الزنوج وغنموا منهم الكثير وتركوهم حفاة عراة لايملكون شروى نقير فأرسل زعيم الزنج علي بن محمد الى محمد بن عبيدالله يقول له بنبرات غاضبة:(أنت المسؤول الأول عن هذه الهزيمة) وهدده وتوعده وأخيراً تصالح معه محمداً هذا وأرسل له الأموال وقرأ الخطبة باسمه في المساجد وفي هذه السنة عين عمر بن الصفار حاكم سجستان من قبله المدعو أحمد بن عبدالعزيز بن أبي دلف الإجلي حاكماً على أصفهان وفي نفس السنة خرج اسحق بن كنداج من جيش موسى بن بغا التركي حاكم الموصل ودخل مدينة (بلد) وسلب نهب شمال الموصل والأكراد اليعاقبة وقتل الكثيرين منهم. وفي عام 267هجري سار الموفق خليفة بغداد بجيشه نحو بلاد الزنج وحقق نصراً كبيراً عليهم ثم زاره حاكم شوشتر محمد بن عبيدالله الكردي ومعه الكثير من الأموال والهدايا فأبقاه الخليفة حاكماً على بلاده والأهواز وفي السنة ذاتها سار محمد بن خرزاد زعيم عشيرة شومرد الكردية القاطنة في شهرزور بجيشه الى هارون الشاري وبعد معركة حامية انهزم هارون في قرية (شامرخ) بعد مقتل عدد كبير من جنوده والتجأ الى عرب بني تغلب وعاد محمد أدراجه الى شهرزور وتمكن هارون بدهائه كسب حلفاء له بين صفوف أنصار ابن عبيدالله واستطاع بذلك عزله وكان سكان شهرزرو أكراداً والعداء المستحكم ضارب أطنابه فيما بينهم وفي هذه السنة التقى محمد بن خرزاد بعشيرة الجلالي ودارت بين الطرفين معركة دموية قتل فيها ابن خرزاد زعيم عشيرة شومرد وأصبح هارون الخارجي زعيماً على الخوارج.وفي سنة 268هجري القى عمر بن ليث الصفار حاكم سجستان القبض على محمد بن عبيدالله بن هزارمرد الكردي حاكم خوزستان وشوشتر وأودعه السجن وفي سنة 273هجري دارت رحى معركة عنيفة بين اليعاقبة الأكراد وقائد جيش محمد بن أبي ساج الذي استولى على بلاد الجزيرة وتمكن اليعاقبة من قتل الكثير من عساكر (فتح) قائد الجيش الساجي وشتت شملهم وقبل ذلك كان جنود فتح قد قتلوا غدراً الكثير من اليعاقبة ونهبوا ممتلكاتهم أيضاً وهؤلاء اليعاقبة هم أكراد تنصروا وفي عام 279هجري أصبح علي بن داوود بن زهراد الكردي حاكماً على الموصل رغماً عن إرادة أهلها.

أما في سنة 281هجري فقد سار الخليفة العباسي (المكنفي) بجيشه الى ماردين التي تحصن فيها حمدون بن حمدان وتمكن من إستعادتها وقبل وصوله الى ماردين جرت معركة كبيرة بينه وبين بعض الأكراد والعرب وفي طريق عودته مر بمدينة الحسينية وكان قد تحصن فيها شداد الكردي مع عشرة آلاف من أتباعه الكرد وبعد معارك عنيفة ترك الأكراد المدينة للمكتفي وانسحبوا الى الجبال فدمر الخليفة قلعة المدينة ورجع الى بغداد وفي هذه السنة أيضاً خرج الخليفة العباسي من بغداد متوجهاً الى جبال كردستان وعين ابنه (علي المكنفي) حاكماً على هذه الجبال واستولى على مدن الري وقزوين وزنجان وأبهر وقم وهمدان وينور كما عين عمر بن عبدالعزيز بن أبي دلف الإجلي حاكماً على أصفهان وضم إليه
 

G.M.K Team

G.M.K Team
نهاوند وكرج ثم عاد الى بغداد.

وفي سنة 282هجري أرسل الخليفة جيشاً كبيراً الى كردستان بقيادة (وصيف بن موشخير) التركي وكان قد تحصن فيها حمدون بن حمدان ونشب قتال عنيف بين الوصيف والكرد وكان الأمير حسن بن علي كوره قد تحصن في قلعة الزعفران التي تقع شمال الموصل ومالبث أن استسلم الحكام الكرد والعرب واحداً بعد الآخر الى جيش بغداد فبقوا في مناصبهم بعد أن أعطوا الأمان وفي هذه السنة جعل الخليفة الأمير حسن هذا حاكماً على الموصل وأرسله بجيش كبير لمحاربة هارون الشاري الخارجي كما راسل الحكام وزعماء المنطقة طالباً منهم الإنضمام الى الأمير حسن والقتال تحت رايته ضد هارون الخارجي فجمع الأمير حسن قواته التي تقاطرت عليه من كل جانب واندفع كالليث الهصور نحو ساحة الوغى حيث دارت بين الطرفين رحى معركة حامية الوطيس في قرية(مقلة) وكانت الحرب سجالاً بينهما حيث بادر جيش هارون بشن سبع عشرة هجوماً على جيش الأمير حسن ولكن لم يتزحزح جيشه الكردي من مكانه في استيسال غريب وأخيراً شن هارون هجوماً صاعقاً على خصمه فتراجع جيش الأمير حسن نحو الخلف وبقي محده صامداً في ميدان المعركة لايهاب الردى وتناوشت السيوف راسه من جميع الجهات ولكنه لم يتأثر بها نظراً لدفاعه المستميت وفي وسط هذا الموقف الغريب أدرك الخجل اصحابه الذين تخلوا عنه في ساعات الشدة فرجعوا الى ساحة المعركة بقوة وألحقوا الهزيمة بجيش هارون وشتتوا شمله فهرب بعضهم الى أذربيجان وبقي مع هارون بعض الفرسان ومن الذين هربوا الى أذربيجان الأمير ابراهيم والأمير ديسم حيث أصبح أولاد هذا الأخير حكاماً على أذربيجان وقسم آخر استسلم للأمير حسن حاكم الأكراد ومناطق الموصل وأخيراً قتل هارون في برية خالية ورجع الأمير حسن الى الموصل وفي هذه السنة تحصن الحرس بن عبدالعزيز بن أبي دلف الإجلي ضد الخليفة العباسي ومن بغداد عاصمة الخلافة خرج جيش كبير بقيادة الأمير عيسى نوشري الى كردستان وفي تطور لاحق قتل أبو ليلى الحرس ولا أريد أن أطيل قصة أبوليلى لأنها سترد لاحقاً.هذا وأن عائلة أبو دلف الإجلي كانت غريبة بالأصل عن هذه المناطق ولكنها أنشأت دولة لها في كردستان التي كان منها جنودها وفي سنة 288هجري أرسل الأمير حسن بن علي كوره حاكم الموصل جيشاً الى الروم بقيادة نزار بن محمد وتمكن هذا القائد الكبير من فتح الكثير من قلاع الروم ونهبها كما جلب معه أسرى كثيرون وغنائم هامة وفي سنة 289هجري ارسل الأمير حسن رسولاً الى بدر خادم الخليفة العباسي ليقول له (اختر اية بقعة من بلادي وسأهبها لك) ولكن رفض البدر أن يذهب الى أحد وفي عام 290هجري هرب أبو سعيد القائد الخوارزمي من بغداد الى تكريت وقتل حاكمها(غلامنون) وتحصن فيها وتصهر مع الربيع الكردي عن طريق تبادل النساء ثم أصبحا عدوين لدودين للعباسيين وفي عام 293هجري أصبح أبو الهيجاء عبدالله بن حمدان بن حمدون حاكماً على الموصل وعندما دخل المدينة صرخ الناس وقالوا أن اكراد الهذباني يتقدمون بقيادة محمد بن بلال لنهب نينوى فكان لابد لأبو الهيجاء من محاربة هؤلاء الأكراد الذين مالبثوا أن انتصروا عليه في (مرويان) بعد معارك عنيفة قرب نهر الخارز قتل في هذه المعركة ابن عم أبو الهجاء المدعو سيما الحمداني ورجع عبدالله الى الموصل يجر أذيال الهزيمة فطلب النجدة من الخليفة العباسي وعندما وصلته النجدات هاجم أكراد الهذباني الذين تحصنوا في جبال السلق وهي من سلاسل جبال شهرزور الشديدة الوعورة والضيقة المسالك والممرات وأخيراً نجا محمد بن بلال من براثن الموت باعجوبة وبحيل بارعة وتحصن في جبل قنديل فعاد جيش الموصل ادراجه وبعد فترة سمع عبدالله بعودة محمد بن بلال الى نصب خيامه مرة أخرى في جبال السلق فجرد عليه جيشاً كبيراً لمحاربته ولكن أعاقت الثلوج الغزيرة تقدمه في هذه الجبال بالإضافةالى عدم قدرة الجيش العربي على القتال في مثل هذه الظروف الجوية غير الملائمة فرجع الجيش العربي صلحاً الى الموصل وجعل محمد بن بلال حاكماً على (الحره) بعد أن حصل هو وجيشه على الأمان وذهب الأمير محمد وأولاده الى الموصل ووضع الأكراد الحميديين والداسنيين وأكراد المنطقة عموماً أنفسهم تحت عدالة حاكم الموصل واحداً بعد الآخر وبقي كل منهم في منصبه.وفي سنة 294هجري تحصن عبدالله بن أسيب المسمعي حاكم الموصل في أصفهان ضد الخليفة العباسي ومعه عشرة آلاف من المقاتلين الكرد والذين سيطروا على جميع مناطق الموصل فسار عليهم الحسن بن أحمد وقتل منهم خلق كثير وسلب أموالهم وسبى نسائهم وذراريهم أما زعمائهم فقد التجأوا الى الجبال ولم يستطع الحسن مطاردتهم فرجع الى الموصل وفي سنة 304هجري أرسل الخليفة خادمه (مؤنس) بجيش كبير الى أذربيجان التي تحصن فيها يوسف بن أبي ساج الديلمي وتمكن مؤنس من أسر يوسف وجاء به الى بغداد ولكنه استولى أحد قواد هذا الأخير على أذربيجان ويدعى (موسك) فأرسل الخليفة جيشاً للقضاء عليه بقيادة محمد بن عبدالله الفارقيني الذي لاذ بالفرار في أول لقاءله مع جيش سبك(1) وعاد الى بغداد وفي سنة 314هجري تمكن الأكراد والعرب المجاورين للموصل من إثارة الكثير من القلاقل والإضطرابات في وجه دولة الموصل فأرسل عبدالله من بغداد الى ابنه حسين ناصر الدولة يقول له أريدك أن تقضي عاجلاً على هذه الفوضى والفتن وتعيدالعرب والأكراد الى جادة الصواب وتخضعهم لحكمك.وبعدما تفرغ الأمير حسين من العرب ذهب لملاقاة الكرد في شهرزرو لاسكات الأكراد الجلاليين ودارت بين الطرفين معارك حامية انتهت بعودة الحسين صلحاً الى الموصل .وفي سنة 316هجري سار (مراداويج) قائد جيش اصفرشاه الديلمي بقواته الى (شميران) و(طرم) وطلب من الأمير محمد سالار بن مسافر الكردي أن يقدم الولاء لأصفر شاه والخضوع لحكمه ولكن شرح له الأمير(محمد سالار) عسف وجور الأصفر وتجبره وقال له: إذا بادرت الى قتل هذا الشاه فسنعلن ولائنا لك ونكون من اتباعك المخلصين عندئذ سار (مراداويج)الى شاه الديلم وقتله وبذلك أصبح ملكاً ولم يكن هذا بأقل من الأصفر ظلماً وتعسفاً فصب جام غضبه على الأكراد وأذاقهم المر والهوان.وقد رويت هذه الحادثة لقرائنا ومثقفينا ليعلموا أن الأكراد ومنذ عصور صدر الإسلام وحتى اليوم يعيشون وسط حروب ومذابح وصراعات لاتنتهي ويتطلعون دائماً الى الإنعتاق مما يعيشون فيه من غبن وجور نحو المجد والحرية والإستقلال ولكنهم لم يفلحوا فيما يصبون إليه على مر العصور باستثناء فترات قصيرة كانوا فيها أسياداً لأنفسهم وكانت العقبة الكأداء في الطريق هي التفرقة وانعدام الوحدة والإنسجام .
 

G.M.K Team

G.M.K Team
الدولة المروانية



تأسيس الدولة المروانية (الحميدية):

في عام 347هجري سيطر المروانيون بقيادة الأمير (حسين أبو الفوارس) و(شاه باذ أبو شجاع)وهما ولدا دوستك الحميدي على عشائر حيزان وأرديش ومعدن ولم يمض وقت طويل حتى تمكنوا من انتزاع مناطق آمد وجزيرة بوتان ونصيبين وحران وأخلاط والرها وبدليس من الحمدانيين حكام حلب وطالبوا بالملكية والحكم وبالإختصار فقد وقعت العديد من المعارك بينهم وبين ملك الديالمة وفي كل هذه المعارك كان النصر حليف الأكراد والمراوانيين.قتل أبو الفوارس (حسين شاه) في بداية هذه المناوشات كما قتل الشاه باذ أبو شجاع في الحروب الأخيرة التي جرت على الموصل وأصبحت الدولة والأموال والأولاد والنساء بيد ابن اختهم (أبو علي حسن شاه) الذي تزوج من امرأة خاله الديلمية واصبح ملكاً خلفاً لأخواله وكان لمروان بن كسرى أربعة أبناء من زوجته ابنة الدوستك وهم أبو علي حسن وسعيد وأحمد وكسرى كك .

1- أبو علي حسن شاه بن مروان بن كسرى:

في سنة 380هجري وعندما جرح خاله(الشاه باذ) في إحدى المعارك ترجل من فرسه ووقف يخاطب خاله وهو في الرمق الأخير(انهض ياخال لآخذك الى مكان آمن) فرد عليه الخال الحصيف والمعتد بنفسه والحريص على جنده في نفس الوقت قائلاً (لافأنا ميت لامحالة وجراحي لاتساعدني على النهوض والهرب فاجمع عساكرك وانسحب بهم الى الجبال وكن حذراً حريصاً على نفسك لئلا تقتل أنت الآخر) ومنذ ذلك اليوم أصبح أبو علي حسن شاهحاكماً على البلاد وقائلاً لجيش كردستان-آمد-فارقين في هذه الأثناء كان مروان حاكماً على قرية (كرماس)التي تقع بين سيرت ومعدن وكان لمروان طواحين ومزارع ومتزوجاً من أخت الشاه باذ وابنة دوستك الحميدي وأولاده كلهم جاؤوا من رحم هذه المرأة وفي سنة 382هجري شن عساكر الروم هجوماً على مدن خلاط وملاذكرد وأرديش وباركيري ولكن استطاع الجيش الفارقي أن يلحق هزيمة ساحقة بالروم بقيادة أبو علي حسن شاه وانتزع البلاد من أيديهم ثم عقد الطرفان فيما بعد هدنة مدتها عشر سنوات وبهذا الشكل وسع حسن شاه حدود بلاده وقام بتجميلها متحفاً إياها بالعمران والقصور الجميلة ومديد الخير والعطاء الى شعبه وسار على طريق المساواة بين الناس فازداد الغنى وازدهرت البلاد وخطت بقوة نحو ميادين العلم والبناء والزراعة والتجارة ولكن علينا أن نكن الإحترام والتقدير لذلك العجوز الذكي والوزير الفطن المدعو (مم) الذي أمسك زمام الوزارة الكردستانية بيد من حديد وكان يقدم للملك المشورة ويقال بأنه كان يدير طواحين بدون ماء (كناية عن ذكائه) وفي سنة 384هجري قال حسن شاه يوماً لوزيره.أنا لم أعد أتحمل إهانات سكان المدينة الذين يقضون حوائجهم لدى ضباط الجيش ولايعيرون انتباهاً لحكام الدولة وهؤلاء الضباط يتحكمون بمصير البلاد ويسيرون كل شي على حسب هواهم.فرد عليه الوزير القدير.مولاي اترك هذا الأمر لي وسأعرف كيف ألوي أعناقهم وبقي الأمر هكذا حتى جاء عيدنيروز وخرج سكان المدينة الى ساحات والضواحي فقال الوزير للملك اليوم هو يومنا وأعطيا الأوامر للجيش بإغلاق جميع أبواب المدينة ثم القوا القبض على زعمائها وأودعوهم السجن أما المقربون من الملك فقد جاؤوا بهم الى المدينة والباقون هربوا الى خارجها وعمدوا الى قتل كل من كان يتسنم في نفسه الزعامة ووضعوهم في السجن أوقتلوهم ونهبوا أموالهم ومات الكثير منهم في الخارج ولم يعد البعض إلا بعد موت الشاه الى المدينة واقتنعوا منذئذ عن إثارة القلاقل واعتباراً من الآن أصبح حسن شاه ملكاً مشهوراً وذاع صيته وخافه الناس وحسبوا له ألف حساب وأصبحت البلاد بفضل ذكاء هذا الوزير القدير تتقلب في النعيم وتتقدم وتزدهر واختفت منها المشاكل والفوضى وفي سنة 386هجري طلب حسن شاه يد(ست الشام) ابنة سعدالدولة شريف بن سيف الدولة ملك حلب وعندما وصلت العروس السيئة الطالع الى مدينة الرها سمعت خبراً غير سار يفيد بمقتل الملك العريس فعادت الست أدراجها الى بيت أهلها حزينة منكسرة القلب تندب حظها العاثر .
 

G.M.K Team

G.M.K Team
مقتل حسن شاه :

في أحد الأيام خرج الملك من فارقين متوجهاً الى آمد (دياربكر) وكان يصحبه وزيره (شروه بن مم ) وكان الوزير الغدار يطمح للوصول الى الحكم وما فتيء يحبك المؤامرات لقتل سيده آملاً في أن يخلفه في الحكم وفي سنة 387هجري نصب الملك الكردي خيامه خارج المدينة فاستقبله زعماؤها ووجهاؤها وجلبوا له الهدايا وكان من جملة من استقبله شخص يدعى(عبدالبر) وينتمي الى أحدى العائلات الكبيرة في المدينة فأكرمه الملك وأجلسه بجانبه باذلاً له العطاء وقضى معه سهرة ممتعة وودية ولكن الوزير غير المؤتمن وجد فيه ضالته فتقدم من عبدالبر وقال له لقد رأيتم وسمعتم ماذا فعل هذا الملك السفاح بأهل فارقين وأنتم لستم بأقوى منا وبدون شك إذا دخل الملك المدينة فإنه سيفعل بكم مثلما فعل بأهل فارقين وأكثر .وبقليل من التردد اتفقا على قتل حسن شاه وحلفا لبعضهما وبذلا العهود والمواثيق وعندما عاد عبدالبر الى المدينة جمع زعماؤها ووجاؤها وحاكوا جميعاً مؤامرة لقتل الملك وأبقوها طي الكتمان وعندما دخل حسن شاه باب المدينة نثر عبدالبر على رأسه الدراهم فخفض الملك راسه وأغمض عينيه فانهال عليه شخص يدعى(ابن دمنة) من الخلف طعناً بالخناجر وقتله ثم رموا بجثته الى جنوده من فوق سور المدينة وأغلقوا أبوابها واستعدوا للحرب ولكن الوزير الخائن جمع جنوده وعاد بهم الى فارقين وخرجت مدينة آمد لفترة من الوقت من أيدي آل مروان وقد دام حكم حسن شاه سبع سنوات بعد أن ترك للشعب الكردي تراثاً وذكراً ومقاماً عالياً ولبلاده التقدير والاحترام وشهرة وصيتاً لامعتين .

ممهد الدولة سعيد شاه بن مروان بن كسرى:

عندما قتل حسن شاه غدراً في مدينة آمد خلفه أخوه ممهد الدولة سعيد شاه ولبس التاج وسلم الوزارة مرة أخرى ل مم وابنه شروه ودفن جسد ورأس حسن شاه في المقبرة المروانية في مدينة أرزن حيث بنيت عليه قبة كانت تقع في شمال الجسر وتشرف على الجامع وكانت ظاهرة للعيان حتى القرنين السادس والسابع الهجريين .وقد نقل مروان وزوجته بيتهما الى أرزن واستقروا قرب قبر ولدهما. خلف حسن شاه ولداً يدعى(الفضل) الذي اشتهر بأبي دلف فزوجه نصرالدولة ابنته وخلف أبو دلف بنتاً تدعى(فاطمة) فتزوجها ابراهيم بن نصرالدولة وكانت أم ابراهيم هي ابنة سنحاريب زعيم أرامنة صاصون.وفي عام 387هجري أصبح سعيد شاه ملكاً على فارقين وآمد وبذلك حل محل أخيه في الحكم وفي سنة 388هجري طلب يد(ست الشام) ابنة سعد الدولة شريف بن سيف الدولة علي حاكم حلب وكما مر معنا فقد كانت هذه الفتاة مخطوبة لحسن شاه الذي قتل بيد وزيره ولم يتزوجها فتزوجها سعيد شاه وأسكنها مدينة فارقين وترك لوزيره شروه أمور البلاد والعباد.

وكانت البلاد تعيش حالة ازدهار ورخاء تحت حكم المروانيين الأكراد وخاصة تحت حكم سعيد شاه حيث كانت كردستان (آمد-فارقين) تخطو خطوات متسارعة نحو التقدم في ميادين البناء والزراعة والمعيشة عاشت البلاد حياة كلها مساواة وتعاون ومحبة وبنيت فيها القصور الجميلة وازداد الغنى وعم الرخاء والرفاهية القرويين والفلاحين والناس جميعاً.

وفي سنة 390هجري هاجم (باسيل) ملك الروم بقوات كبيرة مدينة آمد وفارقين ولكن تصالح الملكان وعاد سعيد شاه الى بلاده كردستان مرفوع الرأس عزيز الجانب وكانت تأتيه الهدايا من الخليفة العباسي ومن بهاء الدولة حاكم بغداد ومن ملك مصر .وفي سنة 396هجري أعاد ترميم الكثير من أجزاء سور مدينة فارقين وقد نقش اسمه على خمس وعشرين موضعاً من الطرف الخارجي للسور وعلى ثلاثين موضعاً من الواجهة الداخلية وعندما تهدم باب السور بناه من جديد وبنى باب (القلوفه). وكذلك البرج الذي يقع في الباب الأوسط بني على يديه .

آمد بعد مقتل حسن شاه :

بعد مقتل حسن شاه دخلت منطقة آمد كلها تحت سيطرة عبدالبر وصهره أبو طاهر بن دمنة الذي أصبح حاكماً على البلاد وقائداً للجيش وانتشر اسمه وشهرته في كل انحاء البلاد واشترى مدينة آمد كإمارة تحت حكمه على يد الوزير شروة من سعيد شاه ب ميئتي الف درهم وبقيت فقط النقود والخطبة باسم الملك سعيد ومالبث أن بدأت رائحة الحكم تزكم انفه فقتل حماه وقطع رأسه وقام بعرضه على وجهاء المدينة وقال لهم.أنتم تعرفون كم أنا حريص على نفسي وأنا أحرص عليكم أيضاً مثلما أحرص على نفسي ولا أريد لكم إلا الخير ولا أريد أن يغشيكم حتى دخان السجاير وكان حمايي هذا يريد ادخال آمد تحت سيطرة الملك المرواني ويجعلنا جميعاً عرضة للقتل ومن منكم يريدني فليرفع يده ومن لم يرض بحكمي فليخرج الساعة من بلدي ولكن عندما شاهدوا راس عبدالبر قالوا نحن نعاهدك على الولاء والطاعة ورفعوا أياديهم بالموافقة على حكمه ثم عمد الى فتح خزائن حماه وأخذ لنفسه المال والثياب النظيفة ووزع بعضها على اصدقائه وحلفائه وبذلك كسب ودهم وأنعم على سكان المدينة وأغدق عليهم العطاءات وبهذا الشكل تعاطف معه الصغار والكبار وكسب ولاءهم له فعلا شأنه في قلوب الناس وأحبوه ثم أرسل الى شروه وحصل منه بموجب المعاهدة المعقودة بين الملك وحماه عبدالبر على المدن التي كانت من حصة هذا الأخير وألزم نفسه بدفع ميئتي ألف درهم سنوياً للملك سعيد شاه وكما أسلفنا ألقيت الخطبة ونقشت النقود باسم الملك وبنى طاهر بن دمنة لنفسه قصراً شمال المدينة في مكان يشرف على نهر دجلة وحفر نفقاً تحت الأرض أوصله بالمياه التي جرها الى قصره وكتب رسائل الى معاصريه من الملوك والأمراء كما أرسل الهدايا الى ملوك بغداد ومصر وكانت له علاقات مع ملك الروم وأصبح في عداد الملك وأغدقت عليه الهدايا وقصده الناس من جميع الأنحاء وأصبح بيته ملجأ الفارين والمستجيرين ومدحه الشعراء والمغنون ومنهم الشاعر (التهامي) بقصائد رائعة وعندما كان يركب في موكب يرافقه سبعون جملاً محملاً بالأطايب وكل أنواع الزينة والجمال وأضاف الى سور مدينة آمد علو قامة وهو ظاهر للعيان حتى اليوم وبقي طاهر بن دمنة يحكم بهذا الشكل مدة ثمان وعشرون عاماً وفي عهد نصرالدولة أحمد شاه توترت العلاقات بين ابن دمنة وصهره (مرنج) فذهب مرنج هذا خفية الى الوزير القدير أبو قاسم الأصفهاني وكان يلقب (بالخوجة) وقال له إن يعطيني الملك الأمان فساقتل ابن دمنة واخضع آمد لحكمكم وأريد مقابل ذلك المحافظة على حياة أهالي وأقربائي وأن يكونوا أعزاء مكرمين لديكم كما تحافظون على حياتي عزيزاً مكرماً واتفقا على هذا الأساس فذهب مرنج وقتل ابن دمنة ولكن تمكن حاجب ابن دمنة ويدعى(قرواش) من قتل القائد مرنج وجاء الى الوزير بجواهر وذهب ابن دمنة وقال أنا وحدي أعرف أين تخبأ أمواله وخزائنه وعندما وصل الجيش الكردي الى باب المدينة وجد أولاد مرنج قد أغلقوا المدينة وحضوا أسوارها واستعدوا للحرب فقال لهم الملك والخوجه مثلما أعطينا والدكم العهد والأمان فلكم مثلهما أيضاً وإذا سلمتمونا المدينة فلا يشملكم السلب والنهب والقتل فرد أولاد مرنج قائلين إنا نقبل تسليم المدينة لكم إذا سلمتمونا الحاجب الذي قتل أبانا وهنا كانت الغلبة للخوجة على الملك حيث قال نحن لانريد أن نفرط بهؤلاء من أجل شخص قتل أباهم بيده فولفق الملك على تسليم قرواش الحاجب لأبناء مرنج الذين بادروا الى قتله ثم فتحوا أبواب المدينة أمام أحمد شاه وجيشه الذي انتشر فيها.هذا وكلما كان سعيد شاه يعلي ذكره وقدره كان الوزير شروه أيضاً يعلى مقامه وكل يوم بمضي تزداد فيه شهية هذا الوزير الى الحكم ويرنو ببصره عالياً نحو التاج والعرش وبمساعدة قائد الجندرمة (ابن فيلوس) تمكن من تدبير مؤامرة لقتل سعيد شاه وسعى الإثنان الى الدس والمكيدة ونصب الفخاخ للملك وانتظرا الفرصة السانحة لتحقيق مآربهما وقد لجأ الوزير الغدار الى دس السم عدة مرات في طعامه ولكنه لم يمت فأعدا خطة أخرى لقتله فكان الشاه سعيد يزور في كل سنة قلعة هتاخ وفي احدى زياراته استطاع القائد الخائن أن يسمم طعامه فبقي شهراً عند الوزير شروه يقضي فترة نقاهة واستجمام وكانت هذه القلعة عالية تشرف على مروج خضراء مكتظة بالورود والرياحين وبحيرات ماء صافية وحدائق غناء تخلب الألباب وتبهر الأبصار وتبعث في النفس النشوة والراحة وكان الملك والقائد والوزير يقضون أياماً جميلة هناك ويقوم ابن فيلوس بخدمتهما بنفسه وتلبية طلباتهما وفي أحدى الليالي جلس الثلاثة مع آخرون من حاشية الملك يسهرون فوضع الوزير شروه عساكره على أبواب القلعة وأمرهم بمنع دخول أحد إليهم ثم بدأوا بالشراب حتى الثمالة وكان كلما ثمل أحد من أقارب الملك أخذوه الى السجن ويقولون هذه أوامر الملك سعيد شاه وعندما شرب سعيد شاه الكأس الأخيرة على شرف الوزير نهض الى مخدعه لينام فجرد ابن فيلوس سيفه ودخل غرفة نوم الملك ليقتله ولكن استيقظ سعيد شاه بسرعة وصاح به ياولد ماذا تفعل في غرفة نومي فرد عليه قائد الجندرمة قائلاً لأطمئن عليك يامولاي ولكن الشاه انتزع منه سيفه وألقاه أرضاً تحت قدميه ونادى على شروه وعندما دخل هذا الناكر للجميل هجم على الملك بسيفه وقتله ثم قبض المتآمران على (موشرف) حاجب ومستشار الملك وأخذاه معهما الى فارقين وقد فتح الحراس باب المدينة على صوت الموشرف ودخل عساكر شروه المدينة وبايعه أهلها خوفاً على أنفسهم من البطش والقتل وارتضوا بحكمه واصبح المال والسلاح والألبسة في يد الوزير الغدار شروه ونودي بنفسه ملكاً ولبس التاج على العرش .
 
أعلى