الاسم: فرحان خلف كوري
الاسم الحركي: ديار
اسم الأب: حسن
اسم الأم: بريشان
مكان وتاريخ الولادة: قامشلو 1968
تاريخ الانضمام: 1987-1988 التحق بأكاديمية معصوم قورقماز
تاريخ الالتحاق الى صفوف الكريلا: 1989
تاريخ الاستشهاد: 1989 ايالة جقورجة
تاريخ الاعلان: 1992
كان صاحب إرادة وتحمل المشقات، غير عادي أبدا
هناك الكثيرين من الناس لم يحالفهم الحظ في الدراسة لأسباب عديدة وعلى الأغلب الظروف المعيشية الصعبة، بالرغم أنهم أذكياء ولديهم قدرات خارقة وطاقات كبيرة لاستيعاب وفهم كل ما يتلقونه في الحياة اليومية، ويستطيعون فهم الكثير من المسائل حتى أكثر من بعض المثقفين. ولكن كما ذكرت لم يحالفهم الحظ ولم يساعدهم الظروف وظلوا أميين هذا ليس بأمر غريب أبداً فهناك فلاسفة من الأميين ومن الذين لم ينهوا دراسات عليا إلا إنه لديهم مواهب وقدرات عقلية هائلة ومهيئون لاستيعاب ما يتلقونه من غيرهم، بالطبع هؤلاء لهم رغبات قوية في دخول المدارس ولكن فرض عليهم أن يبقوا عاملين عاديين في هذا المجتمع.
الرفيق ديار كان إنساناً أمياً لم يكن يعرف الكتابة ولا القراءة وذلك نتيجة ظروف عائلته الفقيرة مادياً ولأبعد الحدود... فتح عينيه على الحياة فوجد نفسه عاملاً. كان أخاه الكبير قد استأجر دكاناً يصنع المشبك فاضطر أن يعمل معه لأنه لم يكن يملك مصدراً لكسب الرزق غير هذا العمل ... لم يكن يعرف المدرسة.. بل كان مجبراً على العمل في هذا الدكان ولا بد أن يعمل حتى يعيش ويعيّش عائلته الكثيرة الأفراد وأغلبهم من الصغار والنساء أي وقع على عاهله أن يؤمن معيشة وحاجات تلك العائلة وهو في سن صغيرة.
صحيح أنه لم يدرس ولكنه كان ناجحاً في عمله، وقدراته في العمل أصبحت حكاية بين أقاربه حتى هذا اليوم، وكان فريداً في قدرته على العمليات الحسابية إلى درجة أن الكثير من الزبائن كانوا يندهشون من تلك الإمكانيات، كنت أحياناً بل أغلب الأحيان أذهب إليه وأبقى معه - طبعا كنت أصغر منه بسنتين - وأرى فيه الروح القومية التي كانت عالية جداً وكان دائما يتحدث معي ويطرح بعض الأسئلة ذات مستوى رفيع تضاهي فكر المثقفين.
في ذلك الحين كان عمري لا يتجاور ست أو سبع سنوات وكان هو في الثامنة من عمره وكان يفكر بالمسائل القومية وكيفية تحرير كردستان وبالشكل الذي يجب أن نناضل كل ذلك كان يطرحه لي، وأتذكر وهو مثال لن أنساه أبداً في حياتي. ذات مرة سألته كيف سنحارب؟ جاوبني ببراءة وبساطة إلا إنه كان ذو معنى كبير بالنسبة لي الآن...." كان يقول سنضع أكواماً من الرمال على هذا الشارع وسنأخذ وضعية الانبطاح على البطن والأعداء مثلا سيكونون في ذلك الاتجاه سنقوم حينها بإطلاق النار عليهم هكذا " وصار يمثل " سنقذف عليهم القذائف من هنا وهم سيرمونها من هناك هكذا هي الحرب".
أحاديثه كانت على الأغلب متعلقة بمسائل قومية، ولكن الظروف أبقاه عاملاً لم يكن يستطيع التنفس... حياته كانت صعبة جدا يعمل فوق طاقته.
الآن عندما نتحدث نحن الأهل عن العمل مباشرة نتذكر العمل الذي كان يقوم به وقدرته على العمل أصبحت عبرة لنا وحكاية بيننا، كان صاحب إرادة وتحمل المشقات، غير عادي أبدا، حقاً كان ذو إرادة قوية على التحمل، وبالرغم من كل ذلك العناء والتعب كان مرحاً وفرحاً وكأنه أراد بذلك أن يجسد اسمه " فرحان " .
عندما تعرف على الحزب أراد أن يتعلم القراءة والكتابة وخلال فترة قصيرة بدأ يدرس الكتب السياسية ويقوم بشرحها لنا برغم تعلمنا وأميته، كنا نتعلم منه الكثير من المسائل السياسية, لهذا عندما أردت الكتابة عن هذا المناضل وعدت بذاكرتي إلى أيام طفولته خرجت هذه الكلمات بشكل سهل وعفوي جداً، فعلا هناك أذكياء ولكن الظروف أبعدتهم وجردتهم من أن يصبحوا مثقفين. بالرغم من كل ذلك بدأ يصبح صاحب نظرة سياسة مستقبلية لأهداف كبيرة ومسائل كبيرة في غاية الأهمية على ماذا يدل كل هذا يا ترى؟!!!!!!!...
كل ذلك كما ذكرت إنما يدل على أن هناك بعض الشخصيات لديهم قدرات وقوى داخلية كبيرة كامنة ومخزونة فيهم ولكن محرومون من وسائل يستطيعون طرحها والقيام بها.
هذا هو المناضل " ديار" وهو مثال لكل أمّي.. لكل إنسان حرم من أن يتعلم القراءة والكتابة أثبت أن كل إنسان يستطيع أن يتعلم بدون إمكانيات مثل" المدرسة" أن من يريد شيئا سيحصل عليه إذا أراد هو ذلك.
أثبت أن الإنسان صاحب القرارات والقدرات ولكن يجب عليه أن يظهرها بنفسه فهذا الإنسان الأمي أصبح كادراً سياسياً يقود شعباً. ومن هنا أستطيع القول بأن كل شخص مدرسة بحالها إذا عرف ذاته وقدّر إمكانياته ومن هذا المثال، نستطيع أن نقول أن كل إنسان أمي بإمكانه أن يصبح مثقفا بكل سهولة فليس كل متعلم يكون مثقفاً.
لهذا إن معرفة الإنسان أو أي شخص هي معرفة خزينة من قدرات، هي بحر من المعرفة وإن كانت غير مدروسة وغير منظمة ولكن إن أراد يستطيع أن ينظمها ويحولها إلى دراسة يستفيد منها البشر لهذا إنني لا أؤمن بأن من هناك جاهل بل هناك من لا يستطيع أو لا يمتلك وسائل لإظهار حقيقته أو قوته وإمكانياته الحقيقية.
لأننا نرى هنا العالم ولكنا نعيشه وينطبع في ذاكرة كل إنسان منّا ما يدور في هذا العالم وما يجري من أحداث ولكن ليس كلنا ما نمتلك الإمكانيات والوسائل التي تجعلنا أذكياء.