تاريخ كردستان

G.M.K Team

G.M.K Team
الديانة الزرادشتية (1)



قبل زرادشت كان الإيرانيون يعرفون إلهين مقدسين وهما إله النور خالق الشمس والنار والطيبة وصفاء القلب وإله الشر أو الظلمة خالق الشر والظلمة والفساد والفتن والقتل والشتاء والعواصف ومسير الرعود والرياح والبرق والبراكين وكل ماهو سيء ويسيء الى الإنسان وفي وقت ماكان للإيرانيين ثلاث آلهة (ميترا) إله الخضرة والربيع والمراعي ويقول زرادشت نفسه عن ميترا بأنه حامي المرابع والخضرة والمراعي وإذا أراد أن يعطي أحد فلا رادلحكمه.ومن هنا يظهر بأن الأكراد كانوا بدواً رحلاً أصحاب مواشي وأغنام يرتادون المراعي ورؤوس الجبال وسفوحها(زوزان) كما كانت الصراعات لاتنقطع ولاتهدأ فيما بينهم على موارد الكلأ والماء .أما الإله الثاني فهو(يي ما) وهو إله مابعد الموت والثالث هو الإله(آشا)إله الأرض.وفي الحفريات الأثرية التي تعود الى العهد الحثي توصل العلماء الى حقائق جديدة تسلط النور على الديانة الإيرانية بشكل أوضح وتكشف عن أسماء آلهة يعبدها الإيرانيون وهي (ميترا) و(فيروندا)و(ناساي تا). وكان شاه إيران في القرن الرابع عشر قبل الميلاد يقدس هذه الألهة ويبجلها ويباركها ويعتقد الإيرانيون بأن النار شيء مقدس ومبارك وكبير .

كما أن هناك آلهة لاتظهر للعيان ولايراها البشر مثل إله الشر والإله قاتل الدببة والوحوش والإله مسير كل ذي روح ويخضع لإرادته كل شيء وبدونه لايستطيع أحد أن يفعل شيئاً ولم يره أحد وهو بدون بداية ونهاية وخالد لايموت ولايموته أحد.

وفي العهد الميدي عرف الإلهان (صومايان) و(فاهوما) كإلهين للشر وفي الفترة الأخيرة من عصرهم عرفوا إلهاً آخر للشر هو(ديوا إيفاديو) وسمي هذا الأخير فيما بعد ب(أهريمان ديو) أي أهريمان العملاق ولكن في هندستان عرف (داإيفا)كإله للخير وأنه روح النور أماإله الشر عندهم فهو (آصورا) مثلما أن (آهورا) هو إله الخير والنور والرحمة في الديانة الزرادشتية.

زرادشت :

مااسمه ؟ وأين موطنه ؟

لزاردشت أسماء متعددة. زرادشت، زوردشت، زرتشت، زاردشت، زوردسترا وما عدا هذه فله إثنا عشر اسماً آخر واسمه في (الآفستا) زرادسترا وأسبيتامازرادسترا ويسميه الأوربيون (زرواستر) وفي البهلوية (زراتوشت) وبالفارسية الجديدة (زوردشت) وينفرد ابن النديم وحده في القول بأن زرادشت هو ابن (أسبيتمان) وصاحب كتاب ( باسيتاني) وفلسفة ويسميه ( شتاشوزاردوشت) .

وفي رأيي أن المؤرخين يتخبطون في إيراد كثرة من هذه الأسماء وأن اسمه الحقيقي هو( زاردشت) زار تعني اللغة أو الحديث ودشت تعني الحقيقة والإستقامة أي (النبي الناطق بالحقيقة) ولكن يذهب البعض من المؤرخين الى القول بأن زارد تعني الأصفر (زر) وأوشترا بمعنى أوشتر وهو الجمل أي صاحب الجمل الأصفر ولكن إن ماقلته آنفاً من أنه النبي الناطق بالحقيقة أثبت وأصح وأجمل من صاحب الجمل الأصفر والفيلسوف الألماني (نيتشه) يكتب اسمه زارا لأن كلمة (زار-زاراف) بالكردية تعني اللغة أو الحديث ولكن يقال بأن كلمة زاراف تطلق على لغة الطيور والوحوش.

اسم والده :

اسم والد زرادشت هو (بروشف-بروشب)أحد أبناء (فريدون)الذي كان ملكاً على إيران وزرادشت هو ابن (بروشف)بن دوخد بن هاتي كاتاسبا ويستدل من كتب زرادشت بندهشين، زادسبادم، ويكركارت، دينجة، أن نسبه يتصل ب(منوشهر بن إيرج بن فريدون) وأن اسم والدته (دوخدو) وهي من نفس عائلة أبيه.ولكن وجود زرادشت نفسه موضع شك لدى بعض المؤرخين حيث هناك نظرتان حول ذلك الأولى تذهب الى القول بأن زرادشت ليس وجود ولم يأت أبداً الى هذه الدنيا وكل ماقيل فيه هو هراء وقصص وخرافات جاؤا بها على لسانه ونرى مشابهاً لهذه القصص والخرافات في ثنايا التاريخ الذي يصبح بأمثالها كا الملا المشهور جحا وبهلول واليوم لم يعد أحد يؤمن بهذه النظرة وهي غير صحيحة لأن المكتشفات الأثرية أثبتت أن زرادشت كان موجوداً وشخصية تاريخية واقعية وحقيقية وكان صاحب دين ومذهب وكتاب أما النظرة الثانية فنقول بأن زرادشت شخصية حقيقية أثبتها التاريخ وصاحب هذه النظرة هو (أفلاطون) الفيلسوف اليوناني الشهير حيث يقول أن (مازديسرمزدا)ابن أورهو نبي إيران وقد ضحك في اليوم الأول من ولادته.هذا وقد اختلف المؤرخون حول زمن وسنة ولادتهويرى البعض أنه ولد في بداية القرن السادس قبل الميلاد والبعض الآخر يميل الى الاعتقاد بأنه ولد في القرن العاشر قبل الميلاد وآخرون يقولون أنه ولد قبل الميلاد بستين قرناً ويدعي أصحاب النظرة الثانية أن دارا ملك الفرس المشهور كان يدين بالزرادشتية فيما بين سنتي521-485ق.م أو سنة 479ق.م وجعلها دين الدولة الرسمي وتم الإستدلال على ذلك مما ورد في كتابات ونقوش (بهستون) ولكن اعتماداً على الآثار والحفريات القديمة وخاصة النقوش والمخطوطات الآشورية يمكن القول أن الزرادشتية كانت موجودة في دولة ميديا قبل الملك الإيراني كي خسرو (قورش) بمئتي سنة هذا الملك الذي حكم إيران بين سنتي 558-530ق.م أي قبل الميلاد ب714عام لأن اثنين من ملوك ميديا سميا نفسيهما (مزداكا) التي جاءت من كلمة مزدا وبما أن زرادشت كان يطلق على إلهه اسم (أهورا-مزدا) فيمكن عندئذ الاعتقاد بأن هذين الملكين الميديين كانا يعتنقان الديانة الزرادشتية ولهذا فمن المفروض أن تكون هذه الديانة منتشرة قبلهما بمئات السنين بل ،ربما الألف سنة.ويعد أصحاب النظرة الأولى على أن الزرادشتية كانت منتشرة قبل الميلاد ب ستمائة عام ويمثل هذا الاتجاه كل من درمستد وهواردن الفرنسيان وويست بروان الانكليزي وجاكسون الأمريكي وهؤلاء العلماء والمؤرخون يميلون الى الاعتقاد بأن ظهور زرادشت كان في النصف الأخير من القرن السابع قبل الميلاد وكانت ولادته في سنة 660ق.م تحديداً وقتل في عام 583ق.م وكان عمره سبعاً وسبعين عاماً وأن موطن ولادته هي أذربيجان وجاهر برنيه في مدينة بلخ في عهد الملك(كوشتاسب).ويعتقد البعض بأنه هاجر من فلسطين الى إيران وهناك ألف كتابه ونشر أفكاره ولكنه لم يؤمن به أحد ولم يصدقه أحد وبعد حوالي العشر سنوات ذهب الى كوشتاسب فآمن به الملك الإيراني وبنى له موقداً للنار ويقال أنه كان في يد زرادشت كتلة من النار لم تحرق أحداً إذا مسته كما كانت الضياء والنور.هذا والنظرة الأخيرة لم تعد مجدية وأفلست تاريخياً واتخذت النظرة الإيرانية قبولاً وجدية أكثر يؤمن بها معظم الناس وحسب هذا الرأي فإن زرادشت هو من أكراد ميديا ولد في منطقة أذربيجان( أتروباتين) الحالية بالقرب من بحيرة أورمية ويعتقد البعض بأنه بشر بديانته في ميديا وآخرون يميلون الى مدينة بلخ(باكيتا-بختيريا)وقد جاهر هناك بدعوته كنبي وكان موقده يسمى (أترافان)أي بيت النار وفي اللغة الهندية أترافان تعني بيوت النار وكلمة آفان كردية وأبادان فارسية واسم كتابه الذي كتبه باللغة الميدية هو (كاتاها)وهو أول وأقدم كتاب كتبه في ميديا.

وباختصار فإن زرادشت هو كردي من ميديا وسم والده بروشف ولد قرب بحيرة أورمية في سنة 660ق.م وقتل في بلخ على يد الأتراك عام 583ق.م وبقي على قيد الحياة 77عاماً وهاجر الى بلخ (بكتيريا) وهناك جاهر بديانته الزرادشتية وأمضى عشر سنوات يتجول هائماً على وجهه في السهول والجبال.هذا وأن كوشتاسب ليس والد دارا الملك الفارسي الشهير الذي كان ملكاً على برسوبوليس في إيران .





الكوستي - الكوستك :

الكوستي أو الكوستك عبارة عن خيط مجوف يعقد مرتين في الخلف ومرتين في الأمام ويربط على خرق أوثياب (البير) وهولقب ديني زرادشتي والكوستك هذا عبارة عن خيط وخرق كان يتزين بهما الإيرانيون القدماء وعندما جاء زرادشت بارك هذه الحزق والخيوط وأبقى عليها ولايزال حتى اليوم يتزين بهما ويقدسهما الأكراد اليزيديون ولكن الأكراد المسلمين يتمنطقون بإزار حول خصورهم وفوق ثيابنهم أعلى البنطال (الشال) ويلفونها عدة مرات ثم يعقدونها في الأمام.

تزوج زرادشت ثلاث مرات أو تزوج بثلاث نسوة بقي من زوجته الأولى ولداً وثلاث بنات وزوج ابنته (بورشستا)الى الوزير(جاماسب) ومن زوجته الثانية خلف ولدين أحدهما يدعى(أورفاتات نارا) والآخر(هفاريكزا) أصبح أحدهما زعيماً للفلاحين والآخر قائداً للجيش الذي أسسه وبناه والده.أما زوجته الأخيرة وكان اسمها (هفوفه) وهي ابنة (فراش سواسترا)أخ الوزير جاماسب فلم تنجب ذرية وكان جاماسب واخوته من أوائل أصدقاء وحلفاء النبي زرادشت والملك وأولهم جاماسب وثانيهم فراشا.هذا وكان زرادشت في العشرين من عمره عندما جاهر بدينه الجديد وأمضى عشر سنوات يتجول في السهول والجبال فذاق العذاب والهوان وكان مسكنه القفار والكهوف وشقوق الجبال والصخور يشارك الحيوانات عيشها وقد أكثر من التضرع الى الله والبكاء والصراخ.ويجدر بنا القول بأن زرادشت كان ينوح ويصرخ .ومن الجائز أن كلمة زراشدت قد جاءت من معنى الصراخ والتضرع (زارزار)أو زارين أو جاءت بمعنى (دستزيرين) صاحب اليد الذهبية أو من معنى المغني والشاعر الذي ينظم اللغة الكردية شعراً ثم يلحن نظمه ويغنيه بصوت عال ومرتفع ويقال بأن زارا وجد على نهر دائيتي(آراكس)شخصاً يشع منه النور والضياء ممشوق القوام أشبه بعمود فارع الطول فتقدم النوراني نحوه وقال له. أنا فاهوما ملك الجبال فاخلع ثيابك والقها جانباً ثم أخذ معه زرادشت عارياً الى السماء وهناك قابل الله وتعرف على كل شيء وقد شاهد زارا الشخص النوراني ثلاث مرات واعتقد بأنه الإله أو نور الله وأصبح زرادشت بعد ذلك نبياً وكان له دعاء بغسم (مانترام أهونافيريا) وكان دائم الترويد له ويقرئه ويدعو الله ألا يجعله من الطغاة والمتكبرين وأن يبعد عنه الأشخاص المسيئين وكان يقول دائماً يريدنا الله أن نكون صادقين وذوي استقامة. والإله (فاهوما) ينعم على ذلك الشخص الذي يعمل أعمالاً صالحة للإله(أهورا-مزدا) ومن يساعد اخوانه من الفقراء والمحتاجين ينال رضى(أهورا-مزدا)الذي يضرب بيده على ظهره ويكون معه وعوناً له .وقد أراد أعداء زارا الحاق الأذى به وقتله ولكنه كان ينجو منهم مراراً وأول من آمن به وصدقه قبل كل الناس ابن عمه (ميترماه)أو ميتيوماه وتقول والدته (دوخدو) بعد أن حملت بزارا وجدت في منامي القتلة والأشرار وسفاكو الدماء والوحوش المفترسة تهاجمني بلآلاف وتريد أن تشق بطني وتخرج جنيني لتنهش لحمه ولكن في اللحظة الأخيرة نزل من السماء ملك فخلصني من الوحوش والغوغاء وأبعدني عنهم وطردهم ولم يصب من في بطني بأذى.هذا وقد أنتشرت ديانة زاراني بلخ ومنها انتقلت الى الهند واليونان وتركستان ويقال بأنه زاره الفيلسوف اليوناني (توتيانوس)وآمن به واعتنق ديانته وعمل على نشرها في اليونان كما زاره(موبذان)الهند وآمن به وصدقه.

آفستا:

إن الكتاب الذي نزل من السماء هو (آفستا)أو أبستاق وبالسريانية(أبستاكا) وبالفارسية الجديدة (أبستا) أو أويستا .وقد وجد اسم هذا الكتاب في نقوش بهستون مكتوباً (أبستام) وفي البهلوية (أوستاك) ويسميه دارمستد(أبستاك) ويقول الطبري أن اسم كتاب زرادشت هو (أشتا) ولم يستطع أحد قراءته أو الإيمان به فكتب شرحاً له باسم (زند) وآخر باسم (بازند) وكتب فيه عن الكثير من أنواع العلوم مثل الحساب والفلك والطب بكل وضوح ودقة وبين فيه تاريخ الكثير من الشعوب القديمة وقال. آمنوا بما أقول حتى يأتي صاحب الجمل الأحمر وهو يعني به محمد رسول الله ونبي الاسلام فيما بعد ويقول المسعودي إن زرادشت بن استمان هو بني المجوس وأن اسم كتابه هو(زمزم)ويدعى الكتاب عند الإيرانيين (فسيا)أو فستاه ويقال بأن الحروف التي استعملت في هذا الكتاب تبلغ ستين حرفاً ولكن لم يعرف أحد لهجة هذا الكتاب الذي كتبت كلماته بماء الذهب على جلود اثني عشرة ألفاً من البقر وفيه الكثير من التعاليم والأوامر والنواهي وكذلك القوانين والشرائع والشعر وحتى عهد الاسكندر المكدوني كان الإيرانيون يسيرون على هذه القوانين والشرائع ولكن احرق الاسكندر الكثير من سور وأجزاء هذا الكتاب وعندما تولى حكم إيران الملك (أزدشير بن بابك)عاود جمع الأجزاء الباقية من الكتاب الذي كان قد بقي .

قسم هام منه فأتى به وأطلق عليه اسم (اسناد وستا)ويستمر المسعودي قائلاً: لقد كتب زرادشت كتاباً آخر يدعى(زند).

وكتب اعتماداً على زند كتاب(بازند)وبعد موته ألف العلماء الإيرانيون اعتماداً على كتبه الثلاثة كتاباً جديداً باسم (بارد)أو (باور) اليقين والى اليوم لايستطيع المجوس أن ينسوا ذلك الكتاب وكل منهم يحفظ شيئاً منه .

ويقال بأنه كان في سحيستان شخص يحفظه كله.

ويقول المسعودي في موضع آخر في عهد (ماني)ظهر أناس يفسرون كتاب (الزند) بالتأويل فسموا بالزنادقة وواحدهم زنديق وقد جاءت التسمية من (زندي) وفيما بعد كان يقال ممن يعتقد بأزالية الأرض وأقدميتها يقال له زنديق لأن المسلمين يعتقدون بأن الدنيا(الأرض)خلقها الله في ستة أيام بأمره ونوره وستزول بأمره وإرادته أما المعنى من أفستا فهو الأصل والأساس أما في اللغة الكردية فكلمة (أويستا) تعني (آفيت) (خوست) أي رمى وطلب كما أنها كلمات بمعنى الغفوة والنوم(1) وكلمة (أفص)تعني شيء جديد لايزال في بطن أمه أو تعني المرأة الحامل ويحتمل جداً أن أفستا قد جاءت من هذه الكلمة (أفص).ولكن متى كتب وألف فإن الآراء حول ذلك متضاربة.

فالبعض يفترض أنه كتب في سنة 560ق.م ومن الأسماء التي تعتقد بذلك مستر (جالدنر)الذي يقول في دائرة المعارف الإسلامية أن هذا الكتاب الكبير قد طبع للمرة التاسعة أما (جيندر)فيقول :حسبما ورد في كتاب (دين كرد) فقد بقي من كتاب زرادشت (آفستا) جزءان أو سورتان في مدينة (اصطخر) وقد احترقت احدهما في قصر الملك وضاعت الأخرى بيد اليونانيين ويعتقد البعض الآخر ببقاء جزء واحد منه وهو الذي أحرقه المكدونيون بدورهم. والبعض يدعي أن قسماً منه قد خبئي في بلخ أو سمرقند. ألا أنه يمكن التكهن بأن الكتب الثلاثة لزرادشت قد أحرقت بيد اليونانيين ويجمع العلماء على أن من أصل واحد وعشرين جزءاً بقي جزء أو مقطع واحد باسم (كاتاها) وهذا المقطع موجود اليوم بين أيدينا وهو أقدم ماكتبه زرادشت وأقدم مقطع من آفستا وهناك خلاف أيضاً حول كتابته وزمن وجوده فالبعض يعتقد بأن زرادشت هو الذي كتبه بيده وقرأه بصوت عال ملحناً إياه على شكل أغنية ويذهب البعض الى أن القسم الأول فقط كتبه بيده والقسم الثاني كتبه بمساعدة بعض أصدقائه وهناك رأي آخر يذهب الى أن (كاتاها) يتألف من ثلاثة أقسام الأول كتبه زارا بنفسه والثاني كتبه بمساعدة بعض أصدقائه والثالث كتب بعد موته ويترسخ الإعتقاد اليوم بأن الأجزاء الثلاثة كتبها زارا بنفسه لأن كلماتها قديمة جداً وكتبت قبل (آفستا) باللغة الميدية ولغة (الكاتاها) في بعض مواضعه روعة تسحر الألباب ولها وقع حسن على الآذان وأشبه بالترانيم يسهل على كل الناس قراءته وفهمه وليس صعباً مثل (الزند) وفيه ينوح زارا ويتضرع الى ربه كثيراً ويبدو أن زرادشت كان في بداية عمره يطوف الجبال والسهول مناجياً الله بصوت عال ومؤثر رافعاً يديه يطلب منه العون والنجدة والغفران .هذا وقد ضاعت الأقسام الأخرى من كتابه.وفي عهد (أردشير) نقلت من أفواه الرواة مجدداً وتم جمعها في كتاب ويقال بأنها جمعت على يد (فولوكيسيس)بين عامي 51-78م وقبل أردشير الذي حكم بين عامي 226-240م .وقد أصبح الكتاب من جديد واحداً وعشرين جزءاً ومن المحتمل أن تكون هناك إضافات زيدت ونسبت الى زارا ولكن يقول (ويست)المؤرخ الكبير بأن كتاب(آفستا) قد تم جمعه في العهد الساساني وكان يتألف من (347000) كلمة ولكن الكتاب الذي بقي بين أيدينا يتألف من ثلاث وثمانين ألف كلمة فقط.

الونديداد والبستا :

توصلنا الى أن آفستا كتب بيد زرادشت ومن ثم فقد أحرق كله وجمع من جديد في العهد الساساني وحتى هذا فقد ظهر الخلاف حوله فالمؤرخ (ويست)يقول بقي منه الربع فقط وقال آخرون بقي منه حزء واحد من أصل واحد وعشرين جزءاً ويعود الفضل في اكتشاف هذا الجزء الى العالم الفرنسي (إنكوتيل دويرن) الذي وجد في القرن الثامن عشر مخطوطات لأقسام من هذا الكتاب في مكتبة (بودليان) وأراد التعرف على الأجزاء الأخرى منه فسافر الى الهند وجلب معه من هناك ترجمات للأجزاء الباقية الى فرنسا وكان هذا المخطوط جزءاً من واحد وعشرين جزءاً من كتاب آفستا الذي جمع في العهد الساساني ويدعى (الونديداد) وأربعة أجزاء أخرى ظهرت مرتبطة مع بعضها بإسم (بستا) ويمكننا التعريف بالأجزاء الخمسة وهي :

1-الجزء الأول في المدائح.وتتعلق بالصلوات والأدعية والترانيم والقصائد وفي مدح الملائكة والأرواح يباركها ويدعو لها ويضم هذا الجزء الكاتاها أيضاً :

النجدة النجدة

من أجل الناس

فليأت الإله الكبير

لنجدتنا

أي الإلهين الخالدين

فلتأت الأرواح لمساعدتنا

أي أهورا اهدنا الصراط المستقيم

وطهر قلوبنا من الأدران

يامزدا أنت شاب رائع الجمال

أنت عال تفعل كل شيء وقادر على كل شيء

على قدر أعمالنا تحاسبنا

أعطيت النعمة للخيرين

وأعطيت الظلمة للأشرار

كل هذا من خيراتك وعطاءاتك

أي الإله الكبير والعليم

وفي هذا الجزء أيضاً يمتدح الملك(كوشتاسف)كثيراً ويدعو له الله أن يساعده ويمنحه الخير والبركة وطول العمر .

مازدا، أهورا أطلب وأدعو

الخير والطيبة والرفعة وعلوالشأن

لأولئك الأشخاص الذين آمنوا بدينك قبل غيرهم وآمنوا بكتابك وناصروك وقد اعتنق كوشتاسف قبل كل الناس دينك وآمن بكتابك وقدم مساعدته لك وأواني في بيته وأطعمني وسقاني

أي أهورا، أي مزدا

زوجني فراشا أوسترا ابنته

تلك الفتاة الجميلة.الحلوة القوام

التي أحبها كثيراً

أي الإله الكبير

خذ بيده الى الطريق القويم

وطهره وطيب قلبه أي أهورا

إن جاماسب شخص طيب طاهر القلب

آمل وأدعو أن تكون له خير معين

أنعم على ابن عمي ميتيوماه

لأنه قبل كل الناس

مديد المساعدة لأصدقائك وحلفائك

2- الجزء الثاني (فيسبرد):هذا الجزء مكون من 23-27جزءاً واسمه (كرده) ويقترب كثيراً من المدح وفيه الكثير من الترانيم والإبتهالات وينشد في أيام الأفراح والمناسبات الدينية كالأعياد ولكن يظهر أن هذا الجزء هو الأخير في المدح .

3- الونديداد-عدواهريمان: وهو أشبه بقانون ودستور الديانة الزرادشتية. فالعلماء والملمون بالمعرفة هم الذين يستطيعون تلقين الناس تعاليم العقيدة الزرادشتية وقد بين في هذا الجزء نكاح النساء وتوزيع الميراث والإيمان بزرادشت ويحوي الونديداد اثنين وعشرين جزءاً وفي الأول يبحث في خلق الدنيا وبين كيف أن (آرمزد) خلق الكون وأي أرض باركها وكيف أن الإلهين (أنفرومينو) و(أهريمان) خلقا أرواحاً شريرة مقابل الأرواح الخيرة ومن هنا يظهر أن لدى زرادشت الألهة جبهتان جبهة الشر ويمثلها أنفرومينو- أهريمان وجبهة الخير ويمثلها آرمزد-آزر والجبهتان عدوتان لبعضهما ويبين الونديداد الأعمال الشريرة والخيرة ويدعو الى أمور نافعة وصالحة كالإغتسال بالماء وغسل الأموات والأحياء وتطهير الجروح وقص الأظافر والشعر والإبتعاد عن الذنوب. ويقول زرادشت :ضعوا أدوات الحلاقة وقص وقص الأظافر على الطاولة أمام أعينكم وادفنوا الشعر المقصوص والأظافر المقصوصة.

4- بشتا (بسته) :هذ الجزء عبارة عن ترانيم وقصص وهو واحد وعشرين مقطعاً خصه بمدح الملائكة وأولياء الله كما كانت ترانيم (إنشاسنبد) و(سازبند) و(أزد) تقرأ في مناسبة واحدة ووقعت واحد وعرفت كل ترنيمة من تلك الترانيم بإسم ملك من الملائكة ويظهر منها الآن فقط اثنتا عشرة ترنيمة إذاً يكون المفقود منها تسع ترانيم أو أغنية.

5- خوردآفستا(الأفستا الصغير): وهو كله دعاء وتضرع الى الله وصرخات يرددها الناس وفي عهد (أردشير الثاني) وضع كهنة زرادشت ترانيم جديدة تدعى (آزربازمهرسبند) وذلك بين عامي (389-310) ق.م وقد نقل الكثير من هذه الترانيم والأقاويل من آفستا وبعضها نقلت من بازند وباللغة الجديدة التي تنتشر بها وكلها توسلات وأدعية وطقوس وصلوات وهذا الجزء ينقسم بدوره الى أربعة اجزاء:

أ- نيشيش: وهي خمسة أدعية يتضرع بها الى الشمس والقمر ومبترا والماء والنار.

ب- كاتاها: وهي أيضاً خمسة أدعية

ج- سيه روش:(الثلاثين يوم): وفي كل يوم يقرأ واحداً منها وتتألف من مقاطع صغيرة وكبيرة أيضاً.

ح- أفرينكان: وهي أربعة أدعية يرجو فيها من الله الخير والبركة وزيادة الأرزاق كما يرد في (خورد)ذكر الله والتقى والدعاء والصرخات والصلوات وكذلك فهي تواضع لله وتوسلات يتقرب بها الى الله وهو يستعمل كثيراً في أيام الأعياد والأفراح والزواج والدبكات وفي مناسبات أخرى ولكن أضاف الزرادشتيون أجزاء أخرى الى آفستا منها 1-بندهشي-2-أردا وبراف.

قصة الحياة في الديانة الزرادشتية:

يقول زرادشت أن العالم قد مر بأربع مراحل ومدة كل مرحلة ثلاثة آلاف عام(1):

1- المرحلة الأولى: وينعتها بالعصر الذهبي وهو الذي سيطر فيه (بي ما) و (جمشيد) و(أهورامزدا) على الكون وفي هذه المرحلة أسبغ الإله أهورامزدا الخير والبركة على العالم كله.

2- المرحلة الثانية: في هذه المرحلة عمت الظلمة الأرض وضاعت معالمها وسط هذا الظلام الدامس.

3- المرحلة الثالثة: وفيها يتصارع الخير والشر والنور والظلمة فكان النصر للخير والنور وفي هذه المرحلة أيضاً ظهر زرادشت وبين للناس طريق الخير والشر وميز بينهما.

4- المرحلة الرابعة: وفيها انتصر الخير على الشر وعمت العدالة والخير والبركة العالم كله .

خلق الإنسان:

في البداية خلق الإنسان من أجتماع ثلاثة أشياء 1- الجسدالفاني الذي سيصبح تراباً. -2- العقل وبواسطته يميز الإنسان بين الخير والشر -3- الروح وهي مثال الطهارة والبراءة ويقال لها(الفرواز) وهي خالدة لاتضيع وترتبط مع الله ومن أجل ذلك فالجسد الذي يفنى تتلقفه الأدران والأوساخ في الحياة الدنيا ولذلك فمن غير الجائز أن يلمس جسد الأموات ويجب أل تمسه النار أيضاً وألايدفن تحت الأرض لأن النار والأرض مقدستان ومباركتان وفي عهد زرادشت أنشأت (الده كوما)أو الدخمة التي كانت توضع فيها الجثث لكي تنهشها الطيور والوحوش المفترسة والأجل حمل الأموات الى الدخمة(2)هناك عائلة متخصصة في ذلك هي التي تقوم بحمل الجثث وتقرأ عليها الآيات والتراتيل الدينية والدخمة تتألف من أربعة حيطان تحيط بساحة غير مسقوفة يضعون فيها جثث الموتى لكي تنهشها العقبان والضباع ثم يدعون للميت ويطلبون له العفو والمغفرة مدة ثلاثة أيام ويصرخون ويتضرعون وفي اليوم الرابع يصومون ويبتهلون الى الله (أهورامزدا)أن يرحمه ويمرره بسلام فوق جسر القيامة.هذا والإنسان الذي مسه رجس وغير طاهر الجسم عليه ألايسير في موكب الجنازة وأخيراً يلقى بالميت الى الدخمة بعد أن يقرأوا عليه ترانيم واشعار(الكمتامزدا) .

قصيدة الكمتا مزدا:

ايها الإله الكبير مزدا .عداك من يستطيع أن يخلص المظلومين والمضطهدين من أيدي الأعداء الكفرة.أي مزدا أنت إله قوي تحب الحق.مبارك وكبير عليم.أنت الوحيد القادر على اهدائنا الصراط المستقيم.فعلمنا الحقيقة ،غيرك من يستطيع أن يحطم رؤوس الجبابرة الأعداء سواك من يستطيع حمايتنا،أي مزدا زودنا بحاكم صالح ودليل ومرشد طيب القلب يأخذ بيدنا ويوجهنا نحو طاعتك ورحمتك.اجعل قائد ملائكتك هادياً ومرشداً للفقراء والمساكين وطيبي القلب احمنا من الأعداء والأشرار ابعدهم عنا.حطكدم رؤوسهم ومن والاهم وكانوا علينا من أصدقائهم وحلفائهم أيها العدو الغدار ارحل الى شمال بلادنا خارجاً منها لنتخلص منك ومن غدرك.

قتل النفس :

حرم زرادشت قتل النفس وحمل قاتلها خطيئة ووزراً كبيرين وقال إن قاتل نفسه هو عدو الإله(أهورامزدا)وإذا قتل أحد نفسه فإنه ينقص واحداً من عساكر الخيريين وعلى المرء أن يحمي نفسه واخوته من الناس اجمعين كما يحمي البرامكة النار المقدسة .

آهورامزدا:

(آهوأز، راجهان، مزدا خوديه تي) أي إنني الله خالق الكون وكلمة خودا جاءت من دمج كلمتين.خو،وي،دا أي خلق أوجد يعني أنه خلق نفسه أوجد نفسه بنفسه. وفي الكرمانجية تعني الزوجين .

أو خو- دا- دياخو أي أعطى نفسه لوالدته.

وقد تاتي الكلمة بمعنى الأهل وصلة القرابة وولي الأمر فالأكراد يقولون (أز - بيه - خودي- أوخودانم) أي لاأهل لي ولاراع ومقطوع من الشجرة أما كلمات أزد، يزد ، يزدان فقد جاءت بمعنى الأكبر والأقوى فالأزد إله كبير أو أكبر ويزدان غورد تعني أسد الله أو الشجاع القوي. ونستخلص مما تقدم أن الإله أهورامزدا إله واحد أحد لامثيل له ولا حلفاء أو أصدقاء ولانظير ولايظهر أن أهريمان المقابل أو الضد له.وهناك إلهان آخران يتصارعان في جبهتين متضادتين وهما الإله (أسبتامينو) والإله(أنفرومينو) الأول يدير الخير والثاني يدير الشر في العالم أي أن (هرمز)إله للخير و(أهريمن) إله للشر.

ويقول الشهرستاني.في كتابه (الملل والنحل) أن دين زرادشت هو دين التوحيد ومعرفة الله والإيمان به وأن يزد هو الإله الأوحد وعدو أهريمن ويقول في موضع آخر أن الله جعل الظلمة والنور متلازمين ولكن خلق النور قبل الظلمة وكانت الدنبا في البداية كلها نور ثم وجدت الظلمة فيها فيما بعد.

في ديانة زرادشت :

إن الله واحد وأهورامزدا هو هرمز، النور هو الأصل والظلمة زينته وظله والنور مبارك وفي العالم قوتان عظيمتان هما قوة الخير وقوة الشر فالخيرون هم أشخاص طيبون وحلفاء الله والأشرار أشخاص فاسدون وأعداء الله وينقسم العالم الى قطبين متضادين :

1- الحياة والخير والنور والإستقامة من جهة -2- الشر والظلمة والموت والخديعة من جهة أخرى وفي مقدمة القطب الأول الإله (أستبتامينو) وتصحبه ستة أشياء أو حلفاء التربية الجيدة والشعر الجيد، الملكوت الكبير،الأشخاص المباركون، التقدير والاحترام الحياة والنعيم والسمعة الحسنة والخلود بالإضافة الى سبعة أشياء أخرى كالعلم والشجاعة والطهارة والرحمة والطيبة والإيمان والجود. كما يقف وراء القوى الشريرة الإله (أنفرومينو) ومعه كل الأشرار وتناصره سبع جبهات أو صفات شريرة فاسدة وهي النفاق والخداع وافلاس الضمير والخوف والبخل والظلم والقتل.وهاتان القوتان في صراع دائم ومستمر فيما بينهما عداوة لاتنتهي وتدوم الى الأبد وكل قوة تريد أن تسيطر على العالم وتتحكم بمصائر الناس.

ويقول زارا إن الرجل الصالح يجب أن يتحالف دائماً من الخير ويحارب الأشرار .هذا ويمكننا القول بأن الإيمان بالنور والشمس قد ارتبط بالمجتمع الكردستاني الجبلي لأن التجول في الجبال ذات الليالي الحالكة السواد يخلق الرهبة والخوف في النفوس وبدون النور والضياء يصعب السكن والإستقرار في جبال كردستان والنور ضروري في البيوت أيضاً وذلك عندما يجتمع الناس في المجالس ليشاهدوا معالم وجوده بعضهم ولهذا فإن ظاهرة الظلمة في هذه الجبال الرهيبة العمت خيال الأنبياء وحركت لواعج نفوسهم واعتبروها مصدر الشر ومكمن البلاد وستار العصاة والمجرمين أما الشمس فهي تمنح الحياة والدفء والوجود على الأرض وهي تحرك النجوم وتجود عليها باليمن والبركات .وبدون القوى والظواهر الأساسية الأربع لاتسطيع الحياة الاستمرار على هذا الكوكب وهي الحرارة والبرودة والأوكسجين والطعام أو كما يقال النار والماء والهواء والتراب وأن هذه المواد بالإضافة الى الأغذية تدخل في تركيب الأجسام الحية وفي الروح والمخ والدم والعظام والعضلات والأعضاء الداخلية والخارجية وتستحيل الحركة بدونها لكل كائن حي .وفي عهد زرادشت بنيت ثلاثة بيوت للنار (آكردان)أو أترافان:

1- بيت النار في كابول في أفغانستان وفيه يتم إيقاد نيران الإله.

2- بيت نيران الشجعان (الأبطال)على قمة جبل أزنوند(علوند) قرب سواحل بحيرة أورمية.

3- بيت نار العمال (الكادحين) على قمم جبال (ريونت) في خراسان.

وكان زرادشت يبارك الماء والهواء والتراب لأنها ينابيع الخلود وسر الحياة.

ويقول الشهرستاني.بإختصار أن زرادشت قسم الدنيا في الزند آفستا الى قسمين. الروح والجماد وكل شيء في هذا العالم هو قسمان العطاء والعمل أو العمل والعطاء ويقصد زرادشت بذلك أن الله يعطي والإنسان يعمل أو من المفروض أن يعمل الإنسان ثم يتصدق على الفقراء والمساكين والمقعدين وحصر كل جهد الإنسان وحركته في ثلاثة أشياء :

العقيدة أو الإيمان ثم العمل وأخيراً القول والكلام أي الإيمان الصحيح والعمل الصالح والقول الصحيح وبهذه الأمور الثلاثة يتعلم الانسان ويكبر ويصبح عضواً نافعاً في المجتمع. وامتدح زرادشت العمل وتمناه وقال يجب على الإنسان أن يعمل كثيراً ليصبح غنياً ولكي لايمرض يجب ألا يصوم وإذا صام فأياماً معدودات. ويدعو زرادشت الى تعدد الزوجات للإكثار من النسل وحتى ينتصر المؤمنون بقوتهم على الأعداء والمفسدين كما دعا الى العمل المتواصل وبارك الكلب والثور والبقرة لكي تتم الحراثة على الثور ولتصون المواشي بالكلاب.وقال هناك أربعة أمكنة مباركة. بيت النار والبيت والأرض الزراعية والأرض البوار والمراعي لأن في هذه فوائد كبرى فبالنار يتدفأ الإنسان وفي البيت تكون راحته وبالأرض الزراعية يقوي إقتصاده وفي الأرض البور يرعى مواشيه وأغنامه ويقول البيت الذي تدخله النار والدخان لايدخله أهريمن كما يقول ابتعدوا عن الكذب ولاتحنثوا بوعودكم وابتعدوا عن الأموات.هذا وقد فرض على الأكراد الصلاة في ثلاثة أوقات الصبح والظهر والمغرب وهي كلها أوعية وتضرعات الى الله.

المرأة :

بارك زرادشت المرأة وأعلى من مكانتها وقال المرأة شريكة حياة الرجل وعنده الملائكة ستة ذكور وست إناث.ويمكن أن تصبح المرأة سدنة النار وتأخذ لقب (بير) وتكون لها مرتبة دينية كما ذكر زرادشت الجنة والجحيم فلإنسان الصالح ينال بعمله الجنة والشرير مثواه النار وبئس المصر والذي تتساوى حسناته مع سيئاته فسيلقي به الله بين الجنة والنار لاهو يدخل الجنة ولاهو بداخل النار.والديانة الزرادشتية ككل الديانات الباقية اليوم تحض على الفضائل وعمل الخير والتخفيف من عذاب الإنسان وهو انه وينهى عن الشر وفعل السوء وكل مايسيء الى الإنسان في حياته. والزرادشتية ديانة متماسكة كانت منتشرة بشكل واسع وأكثر ديانات العالم انتشاراً في التاريخ.

مقتل زرادشت :

في عهد زرادشت وقعت حرب بين إيران وطوران وكانت حرباً قاسية حيث كانت القتلى بمئات الآلاف والسلب والنهب قائمين على قدم وساق بين الطرفين وذاق الناس الويلات من جراء هذه الحرب الضروس التي سالت فيها الدماء بغزارة ثم جاء وقت تصالح فيه الطرفان الإيراني بقيادة الملك (كوشتاسف) والتركي بقيادة الملك (خارزاسف) ولكن هذه ليست المرة الأولى التي يتصالح فيها الطرفان ثم تندلع الحرب من جديد. وهنا اقترح زرادشت على الملك شيئين:أن يخرج ابنه (اسفنديار ) من السجن ثم يسلمه قيادة الجيش لقتال تركستان ولكن الملك لم يصغ لنصائح زرادشت وأرسل جيشه الى تركستان دون أن يطلق سراح ولده كما طلب منه زارا ذلك لأن اسفنديار كان متهماً بجناية كبيرة لأن أخاه كان قد وشى به سراً عند أبيه الملك مخبراً إياه بأن اسفنديار يريد قتله لتولي العرش فصدق الملك العجوز الوشاية وأدخل ابنه القوي والشجاع السجن ولم يوافق على طلب زرادشت بإخراجه وتسليمه قيادة الجيش وبعد معارك طاحنة بين الطرفين تمكن الملك التركي من تحقيق عدة انتصارات على الجيش الإيراني ودخل العاصمة بلخ فتم تدميرها وإحراقها ونهبها وسلبها وكان من جملة الضحايا زرادشت (1) نفسه مع ثمانين من أتباعه قتلوا في أترافان بلخ أو بيت النار وبذلك اختلطت دماؤهم مع النار المقدسة وهكذا كان مقتل زرادشت على يد الترك.وهنا كان لابد من توجه (جاماسب) نحو السجن وإخراج البطل الهصور (اسفنديار)الذي استلم قيادة الجيش وهاجم مملكة تركستان وبعد مواقع عديدة ألحق بالأتراك هزائم شنعاء وقتل منهم مالا يعد ولا يحصى وتمكن من قتل ملك تركستان(خرزاسف)نفسه في إحدى المعارك وجمع مملكتا إيران وتركستان في مملكة واحدة وأصبح حاكماً عليها.

ماني :

ولد ماني عام 216م وقتل في عام 293م وكان عمره أربعة وعشرين عاماً عندما أعلن نفسه نبياً ودعا الناس الى عبادة الله واعتناق ديانته وقد طاف أربعين سنة في خراسان والصين والهند وهو يدعو الى دينه الجديد.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
ديانة ماني :
يعتقد بأن الديانة المانوية هي مزيج من عقائد الديانة الزرادشتية والمسيحية وقد جعلها الملك(شاهبور بن أزدشير)الديانة الرسمية للدولة وبعد عشر سنوات عاد هذا الملك الى الديانة الزرادشتية وأراد قتل ماني ولكنه هرب الى الهند وفي عهد (بهرام) عاد ماني الى إيران ولكن سجنه هذا الشاه وقتله(1) في السجن وعلق جسده على عمود أمام بوابة المدينة وقتل من أتباعه خلق كثير وهرب آخرون الى تركستان ثم عادوا الى وطنهم بعد دخول العرب الى إيران فاتحين ونشط المانويون في العهد الأموي ولكنهم أبيدوا على يد والي الكوفة خالد بن عبدالله القسري وعادوا الى نشاطهم من جديد في العهد العباسي بين عامي 158-159هجري وقد نصح الخليفة العباسي المهدي ابنه الهادي بالقضاء على حركتهم وهي في المهد وأعدم هو أحدهم ويقول الطبري .إن المهدي نصح ابنه بالقضاء على المانويين وحركتهم وكان هذا الخليفة قد أقسم أن ينصب ألف مشنقة إذا بريء من مرضه ويقتل من الزنادقة بالآلاف ولكنه توفي ولم يبرء من مرضه ولم يبر بقسمه ويتابع الطبري ليقول .كان هؤلاء الزنادقة المانويون لايأكلون اللحم ويقدسون الظلمة والنور وينكحون أخواتهم ويغسلون بالبول ويسرقون أطفال المسلمين لئلا يزيد عددهم ويعلمونهم الديانة المانوية عندما يكبرون.
ويقول ابن النديم في الفرس. في أواخر القرن الرابع الهجري كان في بغداد مايقارب الثلاثمائة مانوي أي من أتباع الديانة المانوية وكان الجعد بن درهم من الزنادقة ومؤدباً لمروان بن محمد الأموي ولذلك يقال له مروان الجعدي وكان مروان خليفة للمسلمين بين سنتي 127-132هجري وقد قتل الجعد بن درهم في سجن والي الكوفة خالد بن عبدالله القسري في يوم عيد الأضحى (عيدالقربان) وقطع رأسه وكان كل من بشار بن برد ومحمد بن عبيد الله كاتبين لدى الخليفة المهدي وهما من الزنادقة فأمر المهدي بإعدامهما.وكل البرامكة كانوا من الزنادقة ماعدا محمد بن يحيى كما كان الفضل بن سهل و أخوه الحسن بن سهل قد استوزرا للمأمون وكان محمد بن عبدالملك الزيات وزيراً للمعتصم وكل الوزراء السابقين كانوا من الزنادقة وكان ماني يعتقد بوجود إلهين في الكون النور وهو المسؤول عن الخير في العالم والظلمة وهي مسؤولة عن الشر والأشرار وهما يقتسمان العالم ويديران الكون. ويقول:في البداية كان النور والظلمة يسيران معاً ولكنهما لم يكونا ليختلطان ببعضهما وعندما اختلطا حارب أحدهما الآخر.كما كان ماني يرى بأن ديانته هي الوحيدة الصحيحة بين ديانات العالم ويقول مثلما أن الحر والبرد لايمكن أن يجتمعا وينبثقا من مصدر واحد كذلك الخير والشر لايجتمعان في إنسان واحد ولكنهما يلازمان الإنسان والى الأبد ويعتقد ماني بأن هناك أربعة أشياء هامة وعظيمة وهي الله،نورالله ، وقوة الله وعلمه ، وأن الله ملك الجنة ، وأن النور منبعه الشمس والقمر وتتجلى قوة الله في الهواء والماء والنار والنور وفي ديانته علمه وذكاءه.
تعاليم ماني :
1- الإيمان بما أتيت به -2- الإبتعاد عن عبادة الأصنام والأحجار والأشجار.
3- الإبتعاد عن الكذب -4-نبذ البخل -5- لا تأكلوا اللحم .
6- لاتنتهكوا أعراض الناس -7- لاتسرقوا أموال الناس .-8-تعلموا التميز بين السحر والعلم -9- الإيمان العميق -10- لاتتهاونوا في أعمالكم .
وكان ماني يعتقد بنبوءة زرادشت وبوذا ومن أنبياء إسرائيل كان يؤمن بعيسى المسيح فقط وكان يقول عيسى من نور الله يضيء بنوره وأنه انبثق عن نورالله وأن الشخص الذي صلبه اليهود ليس هو عيسى المسيح بل كان ابناً لإمرأة أرمل.
والمانويون خمس طبقات :
العلماء، مفسروا الأحلام، طلاب علم، الأشخاص الأذكياء،والعارفون المستمعون وبارك ماني العلم والخط والنقوش الجميلة ووضع بنفسه بعض الأحرف الأبجدية وقد ذاعت شهرة نقوش ماني الذي ألف فيها كتاباً تحت اسم (أرشنك)فجعل الناس له من هذه النقوش علامة النبوة وقالوا لايستطيع أحد أن يأتي بهذه النقوش الرائعة والجميلة لو لم يكن نبياً أو عظيماً من العظماء وقد ألف ماني ستة كتب هي :
1- شاه برقان، وفيه يبين الفرق بين الإنسان الصالح والطالح وكيف أن أهريمان يدخل في جسد الشرار ويخدع الناس.
2- صندوق الحياة:وفيه يمتدح الشمس والنور وكيف أن الحياة تبتهج مع النور والشمس .
3- الطريق المستقيم(رياراست):يبين فيه العمل الصحيح والسليم وكيف أن العمل السليم ينير الدرب والسبيل أمام الإنسان.
4- أولبرستي (العبادة):يبين فيه اثنتي عشرة مادة ومحاسن كل منها وفوائدها كما يحوي بعض الأدعية والصلوات وطريق الإنسان الى تطهير قلبه.
5- فشارتي(المخبأ): وفيه يهاجم الديانات الأخرى ويبين مساوئها وعيوبها كما يهاجم الأنبياء القدماء.
6- كتاب الأبطال: وفيه يمتدح الشجعان والأبطال الذين قاموا بأعمال جليلة أو قتلوا من أجل شعوبهم. هذا ويقال لمعتنقي الديانة المانوية (زنديق)لأنهم يؤمنون فقط بكتاب زرادشت (الزند) ويفسرونه حسب رغباتهم ويقولون فقط أنه الكتاب الأصح والقدس ولذلك يقال لهم الزنادقة أو الزندكيون.
الإختلاف بين زرادشت وماني :
1- يؤمن زرادشت بإله واحد أحد.بينما يعتقد ماني بوجود إلهين.
2- زرادشت يعتقد بأن الخير والشر مكمنهما جسد وروح الإنسان بينما يعتقد ماني بطهارة الروح والجسد وحده موبوء بالشر وهو مصدره.
3- الديانة الزرادشتية تميل نحو المادية أكثر .بينما المانويون يقدسون الروح ويبتعدون عن المادة.
4- الزرادشتية ديانة وطنية وقومية ويحصر الزرادشتيون تفكيرهم في المواطن الإيراني ويريد له الخير والتوسع والتقدم والإزدهار. بينما المانوية ديانة عالمية والمانويون لاوطن لهم ويريدون أن يتطهر العالم كله من الرجس والوثان وينعم بالخير والرفاه.
الزرادشتية والإسلام :
لقد أدخل زرادشت الكثير من المعتقدات والأخلاق الإيرانية القديمة في صلب ديانته وخاصة تلك التي وجدها مناسبة لوطنه كما أضاف من عنده أشياء رآها ضرورية وجيدة وجعلها نظاماً وشريعة لمجتمع وطنه مثلما أبقى النبي محمد على الكثير من العادات والأخلاق والتقاليد العربية القديمة وأدخلها في الإسلام مثل تقبيل الحجر الأسود وركوب الخيل واستعمال السيف والسباحة وسقاية واطعام الحجيج من العرب القدماء.وأضاف إليها أشياء رآها مناسبة وجيدة للمجتمع الإسلامي بالإضافة الى نقله من بعض ديانات الشعوب المجاورة له من فرس وروم ويهود وشعوب مابين النهرين كما نبذ العادات العربية البالية وحرمها مثل وأد البنات وقتلهن وزواج عدة رجال من امرأة واحدة والسلب والنهب والسرقة والعصبية القبلية والإقتتال بين المسلمين كما أدخل بعض مايتزين به الشعوب المجاورة مثل الكرد والفرس كقص اللحى واطلاقها أو إطلاق الشوارب وقصها حيث قال: (احلقوا شواربكم واطلقوا لحاكم)كما دعا النبي محمد الى الأخوة والمساواة والعمل الصالح والمفيد وفي كل مكان وزمان نصادف مثل هذه التعاليم في باقي الديانات القديمة. وقوة الديانة تكمن في قوة أصحابها ونبيها وعندما يضعف أصحاب أية ديانة تضعف الديانة ذاتها وتتجه نحو الضياع وللتاريخ والزمن صولات وجولات ودواليب يديرانها في هذه الميادين ويجعلان كل شيء عاليه سافله.
27/3/1967
جكرخوين
نظرة مختصرة إلى ماقبل التاريخ
إن العصور التي سبقت كتابة التاريخ تسمى بعصور ماقبل التاريخ وقد دامت هذه الفترة مئات بل آلاف السنين ونحن نعرف الشيء الكثير عنها كما لانستطيع توضيح ماجرى فيها سوى بعض التفاصيل القليلة وأن الكتابات والنقوش المتناثرة التي تعود الى هذه الفترة لاتعطينا إلا النذر اليسير بالنسبة الى هذه العصور الطويلة التي قطعتها البشرية لأن إنسان هذه الفترة لم يستطع أن يدون تاريخه وكان متوحشاً قليل الخبرة يعيش في سفوح الجبال وشقوقها وكهوفها واحتمى بالأدغال والغابات ليقي نفسه من الرياح العاتية والوحوش الضاربة والحر والبرد الشديدين والمطر المنهمر ثم خرج الى السهول فيما بعد بعد أن ابتكر وسائل تمكنه الدفاع بها عن نفسه فاتجه علماء الآثار والتاريخ الى تلك الكهوف وشقوق الجبال ونقبوا عنها واهتموا بحفرياتها ودرسوا عظام الإنسان القديم فتبين لهم أن الإنسانية مرت بمراحل طويلة جداً وقد اتخذت من أسماء تلك الكهوف والمواقع التي اكتشفت فيها آثار الإنسان أسماء لحضارات قديمة حيث تم فيها اكتشاف الكثير من عظام الإنسان ويقاياه وأدواته التي كان يضعها من الحجارة وعظام الحيوانات ومن النحاس والحديد كما تم التعرف على نوع الطعام الذي كان يتغذى به واعتماداً على كل ذلك تمكن العلماء من رسم خطوط عريضة للحضارات البشرية وخط سيرها وأطلقت على هذه الفترة اسم (العصر الحجري)نظراً لأن الإنسان استعمل الحجارة بكثرة في صنع أدواته في هذا العصر الذي ينقسم الى ثلاثة عصور:
أولاً: العصر الحجري القديم (الباليوليتيك):(1)
وهذا العصر قديم وطويل جداً ويبدأ من ظهور الإنسان وحتى أثني عشرة ألف عام قبل الميلاد ونظراً لطوله فقد قسمه العلماء الى قسمين.
أ- العصر الحجري القديم الأول ب- العصر الحجري القديم الثاني .
كما قسموا كل عصر من هذين الى حضارات نسبت الى المواقع التي اكتشفت فيها وعرف بها ومعظمها في فرنسا ففي العصر الحجري القديم الأول اكتشفت بقايا عظام الإنسان في كهوف تعود الىهذا العصر الذي تسود فيه أربعة مواقع حضارات وهي السابقة للعهد الشيلي،والحضارة الشيلية(2)،والحضارة الأشولية ، والحضارة الموسترية . وفي هذه المواقع تم اكتشاف جمجمة في عام 1929م أطلق على صاحبها (إنسان الصين)(1) في كهف (تشوكوتين) قرب العاصمة بكين واكتشفت معها بقايا عظام حيوانات وأدوات حجرية ويعود تاريخ انسان الصين هذا الى نصف مليون عام ثم ظهر إنسان جاوا واكتشفت بقاياه بعد إنسان الصين في جزيرة جاوا بأندونيسيا وبعده اكتشفت عظام إنسان (هيدلبرغ) في ألمانيا عام 1907م وكانت عبارة عن ذقن لشخص ينتمي الى فصيلة هذا الإنسان وفي عام 1911م عثر على بقايا إنسان (بلنتون) في إنكلترا.هذا ويعتقد المؤرخون أن إنسان اليوم (الإنسان العاقل)هو موسابينز قد ظهر في آواخر العصر الحجري القديم الأول (الأدنى)أي في الفترة التي تعود الى الحضارة الموسترية وقد تفرع عن إنسان نياندرتال واكتشفت بقاياه قرب دوسلدورف في ألمانيا عام 1927م.
أما العصر الحجري القديم الثاني فقد قسمه المؤرخون أيضاً الى عدة حضارات
1-الحضارة الأورنياسية: سميت بذلك نسبة الى الموقع الذي اكتشفت فيه وهي أورنياك في حوض نهر الغارون في فرنسا.
2-الحضارة السولترية: نسبة الى موقع (سولتري)الذي اكتشفت فيه.
3- الحضارة المجدلانية:وقد اكتشفت في موقع بهذا الاسم قرب الدوردون بفرنسا وهذه الفترة طويلة جداً.
هذا ويطلق على هذين العصرين اسم العصر الجليدي الرابع في أوربا وبالعصر المطير أو الزمن الرابع (البلايستوسين)في الشرق الأدنى.ظهر في هذا العصر إنسان(غريمالدي) الذي اكتشفت بقاياه قرب مدينة (مانتون) في فرنسا وكان يعيش في فترة قريبة من الفترة الأورنياسية كما كان ذو ملامح زنجية وقد دخل الى فرنسا من أفريقيا وفي عام 1868م تم اكتشاف بقايا إنسان (كرومانيون) في كهف وسط منطقة الدوردون في فرنسا وينتمي الى الإنسان العاقل وقد عاصر الفترة الموسترية وذو ملامح قوقازية طويلة الرأس.وفي العصرين الحجرين القديمين الأول والثاني عاش الإنسان في الكهوف مشاركاً الدببة مسكنها وكان يقتات بثمار الأشجار ويطارد الحيوانات والوحوش ليصطادها ويلتهم لحومها كما صنع بلطات حجرية ذوات اطراف حادة وأخرى مدورة تصلح للعمل والقتال والحرب وفيما بعد صنع أدوات أخرى كالمناشر والسكاكين والمطارق وأدوات حفر مصنوعة من الأحجار والعظام وأغصان الأشجار ثم اكتشف الإنسان النار واستعملها في البداية للتدفئة والإضاءة وإضافة الوحوش الضاربة وكان اكتشاف النار خطوة بشرية هامة وأساسية نحو حضارته العتيدة كما رسم صوراً لحيوانات على جدران الكهوف وأغلبها في وضعية الحيوان الجريح وأهمها صورة لغزال يخترق السهم جسمه ووجد في كهف (تاميرا) في شمال أسبانيا صورة ملونة لثور يعود الى الحضارة المجدلانية هذا بالإضافة الى صور الدببة والغزلان والفيلة والجواميس ورسوم بشرية أيضاً على هذه الجدران الموغلة في القدم.
ثانياً:العصر الحجري المتوسط (الميزوليتيك):
يعتبر عصر انتقالي بين العصرين الأول والثالث أي بدأ الإنسان فيه يسارع الخطى ليقذف بنفسه من العصر الحجري القديم الى الجديد وامتد 12000-7000عام قبل الميلاد بعض المؤرخين يعدون هذا العصر من العصر الحجري القديم لأنه ليس هناك تغيرات هامة فيه بالنسبة للعصر الذي سبقه ولكن تطورت هنا بعض الأدوات الحجرية وأصبحت أفضل آداء وأكثر صقلاً.
ثالثاً:العصر الحجري الحديث (الينوليتيك):
أمتد هذا العصر من 7000-4500عام قبل الميلاد وفيه استطاع الإنسان أن يطور الكثير من أدواته ويشذ بها ويحسن مستوى فعاليتها واستطاع أن يغير عاداته واسلوب حياته كما مس التطور والإرتقاء نواحي غذائه وطعامه فانتقل لأول مرة من مرحلة الصيد والمطاردة وأكل أوراق الشجر الى مرحلة الزراعة واستئناس الحيوان وتدجينه أي أصبح الإنسان صاحب مزرعة وأغنام وحيوانات وأموال وتجارة وبذلك حقق قفزة كبرى الى الأمام ويفضل البعض تسميته بعصر الزراعة والبناء والإستقرار حيث أصبح الإنسان فردياً وبنى مساكن ثابتة لنفسه وأخرى لحيواناته وكان مسكنه يوفر له الراحة من عناء نهاره الطويل كما أصبح هذا الإنسان بمأمن نسبياً من الوحوش المفترسة والفيضانات الكاسحة والعواصف الهوجاء لأن هذا العصر صادف نهايات العصر المطير فجفت المستنقعات والبحيرات والسواقي والأنهار والبعض من الينابيع وأصبح الإنتقال على الأرض سهلاً ميسوراً فخرج الإنسان من كهوف الجبال الى السهول الرحيبة وبنى مسكنه فيها محاذياً الأنهار والبحيرات التي لم تجف وبدأ يحرث الأرض ويزرعها ولكنه هجر فيما بعد ضفاف البحيرات والأنهار خوفاً من الفيضانات المريعة في ذلك الوقت.وكانت تلك بداية تشكل العوائل والعشائر والقبائل التي اختلطت ببعضها وزاحمت بعضها الأخرى على موارد الكلأ والماء وبدأ الإنسان كما أسلفنا بتدجين الحيوانات البرية واستحوذ على المراعي ليرعى حيواناته فيها وبما أن المياه قد قلت في هذا العصر فقد لجأ الناس الى نقلها بالجلود والقراب على اكتافهم من مسافات بعيدة لهم ولحيواناتهم لأنهم كانوا قد سكنوا بعيدين عن مصادر المياه خوفاً من الفيضانات ثم تعلموا استخدام الحيوان للركوب ونقل المياه وبذلك تحولوا الى أنصاف رحل كما استخدموا الحيوان في الحراثة والجر والدرس وصنعوا بيوتاً من شعر الماعز يسهل نقلها ونصبها كما بنى بعضهم قرى صغيرة وصنعوا أوان فخارية وأدوات مصنوعة على الأغلب من حجر الديوريت الذي كان متوفراً في كل مكان ويحصلون عليها أحياناً عن طريق المقايضة كما صنعوا أدوات أخرى لحمل الماء والدرس والحصاد والحراثة فظهرت التجارة ونشط التبادل التجاري وظهرت الملكية الخاصة في المجتمع(1) كما ظهر في هذا العصر القوي والضعيف الظالم والمظلوم فالذي يملك الرجال والأسلحة تكون كلمته مسموعة ويسيطر على الأضعف الذي يفتقر الى المال والرجال فيلاحقه الظلم والإضطهاد وفي هذا العصر أيضاً انقسم الناس الى طبقات وظهر الحكام والمحكومين ولوى آلاف الناس أعناقهم لشخص واحد يملك أسباب القوة والجبروت وبدأت العشائر الأقوى تهاجم الأضعف وتقوم بسلبها ونهبها وفرض سيطرتها عليها وسيي نسائها وذراريها فنحن هنا أمام عصر انتصر فيه المال والقوة والكثرة وذو الثياب الفاخرة والسيوف الماضية على الضعف والفقر والجوع والعري حدث ذلك في مناطق الشرق الأوسط قبل غيرها حيث بدأت تجف سهولها أولاً بعد انتهاء العصر المطير فنزل الناس من الجبال والأماكن العالية ليعمروا السهول والبراريوبدأت الشعوب الجنوبية تهاجر شمالاً نحو المناطق الجبلية وضفاف الأنهار الخصبة كهجرة سكان شبه الجزيرة العربية الى بلاد مابين النهرين (دجلة والفرات)والتقت الشعوب المهاجرة في هذه المنطقة الخصبة ووقعت حروبطاحنة بينها أدت الى انتزاعها هذه المناطق من بعضها مراراً وقد ذابت بعض الشعوب ضمن أخرى في خضم هذه الصراعات التي كانت تبدو لانهاية لها.
رابعاً: العصر الحجري الرابع (الأحدث):
ويمتد من 4500-3200عام قبل الميلاد وتبدأ بعدها عصر الكتابة أو العصور التاريخية والمسمى (الكالكوايتيك)أو الإيتوليتيك حيث عرف الناس في هذا العصر النحاس والقصدير والبرونز الذي وجد في الألف الثالثة قبل الميلاد والحديد في الألف الثانية قبل الميلاد أما في أوروبا فقد ظهر الحديد في الألف الأولى لأن الأرض بدأت تجف كما استقر الإنسان في مناطق الشرق قبل أوروبا حيث تحقق في هذا العصر قفزات كبرى نحو الحضارة والإزدهار فظهرت المدن والدساكرد وانتشرت في كل مكان ودخلت الحيوانات كسلع تجارية وظهرت الكتابة وبدأ الانسان يدون تاريخه.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
بلاد سومر



يقول صموئيل كرايمر في كتابه (من ألواح سومر)قبل مئة عام لم يكن أحد يعرف أو يذكر اسم هذا الشعب ولايعرف أحد شيئاً عن تاريخه.وقد ركز المؤرخون وعلماء الآثار على الحفريات والتنقيبات في موطن الآشوريين والكلدان ونسوا حتى اسم (سومر) ولكن دخل السومر بين اليوم في قائمة شعوب الشرق الأوسط وبلاد مابين النهرين القديمة ونحن نعرف الآن الكثير عن تاريخهم ولغتهم وملامحهم وألوانهم وألوانهم وتعاملهم عن طريق اللقى والتماثيل وألواح الطين التي اكتشفت في بلادهم وعرفنا من هذه الألواح التي دونوا عليها تاريخهم ومعاملاتهم اليومية عرفنا التجارة والبناء ونوع الحكم والعمل وتعاملهم مع بعضهم ومع الشعوب المجاورة لهم في أماكن متفرقة وواسعة ويستطرد المؤرخ (كرايمر)لقد نقش السومريون كتابتهم منذ خمسة آلاف عام على ألواح من الطين وكانت هذه الكتابة بدائية ولكنها تطورت فيما بعد وتطورت حروفها (22-24)ويقول جيمس هنري برستد في كتابه(إنتصار الحضارة)أظهرت لنا الحفريات المكتشفة أن أقدم وأكبر الحضارات قامت في بلاد بلاد مابين النهرين على ضفاف دجلة والفرات واستمرت هذه الحضارات وازدهرت على أيدي شعوب ذكية دوات أصل سامي.وحتى اليوم لانعرف بالضبط من أين جاء هؤلاء السومريون.هذا الشعب الكبير والمكافح.ونسميهم السومريين فقط لأنهم استقروا في بلاد سومر ويقول الدكتور عزيز عثمان .لانملك حتى الآن إيضاحات حول السومريين من أين جاؤوا؟ وأين استقروا؟ وكم سنة حكموا؟وكم عدد ملوكهم؟ وحتى هذه اللحظة لم نصلبعد الى الحقيقة النهائية حول موطن وأصل الشعب السومري بشكل دقيق.ويقول فرانكفورت.استقر السومريون في موطنهم جنوبي بلاد الرافدين (ميزوبوتاميا)في عصر(العبي)أي بين سنتي340-310ق.م (1) كما يذهب البعض الى أنهم جاؤا الى هنا منذ عصر (جمدة نصر)(2)ويمكننا القول وبإختصار.أن السومريين هاجروا الى وطنهم الحالي في بداية العصور التاريخية(3) وقد تم العثور ومن خلال التنقيبات الأثرية التي جرت في القرن العشرين على الكثير من آثارهم وطرق معاملاتهم وتاريخهم ومخطوطاتهم وماكانوا يتزينون به في حياتهم اليومية وقبل ذلك كانت هذه الأمور غير معروفة للعلماء.ويظهر أن السومريين وقبل كل الناس بنوا المدن والقرى في شرق قارة آسيا هذه المنطقة التي تظهرها كتاباتهم باسم بلاد أو مدينة (كجة)وفي الكتابات السامية(سومر)ويقول علماء الآثار بأنهم توصلوا من خلال المكتشفات الأثرية والتماثيل التي خلفها السومريون بأن هؤلاء لايشبهون الآشوريين ولا البابليين.وفي كثير من الأحيان كانوا يحلقون لحاهم وشواربهم وأن رؤوسهم لاتشبه سحنة رؤوس الساميين حيث نرى أن رؤوس الساميين والعرب طويلة وجباههم عالية وأنوفهم واسعة .ولكن رؤوس السومريين تشبه رؤوس الآشوريين وقاماتهم قصيرة ورؤسهم مدورة وأنوفهم كبيرة أشبه بأنون الكباش أما الجبهة فمنحدرة ومتراجعة الى الخلف ولكن أسفل الراس ضيق ورقابهم قصيرة ومؤخرة الرأس عريضة والعيون واسعة ويظهرون في تماثيلهم عراة الصدور ألاأنهم يلبسون جلود الحيوانات ويبنون بيوتهم في الأماكن العالية.

ويقول علماء التاريخ أن السومريين هم سكان جبال.

كما يقول هرزون.أن السومريين جاؤا من سواحل بحر قزوين أو من تركستان الروسية أو مماوراء جبال القفقاس على شكل موجات متتابعة وكانت الموجة الأولى في عصر العبيد وينتمي أفرادها الى الأسيويين لأن رؤوسهم طويلة.أما الموجة الثانية فكانوا من الأسيويين المختلطين مع الأرمن ورؤوسهم مدورة.

ويعتقد(كرايمر)بأن الموجة الأولى هم من الإيرانيين الساميين وقد اختلطوا مع غيرهم من الشعوب ولكن يصعب الوصول الى رأي قاطع حول أصل السومريين ومن هم؟وماهو موطنهم الأول ويقول بعض الثقات أن اللغة السومرية قريبة جداً من اللغة (التركية-الأورالية)التي تشمل الأتراك والصينيين والتتر والمجر والفنلنديين وتكتب لغتهم بشكل متصل والكثير من الحروف الزائدة تكتب وتضاف الى أول وآخر الكلمات وفي اللغات السامية يتغير الفعل دون أن تزاد عليه الحروف كما يوجد ضمن اللغة السومرية بعض المفردات الآرية والقفقاسية ويقول هرزون: جاء السومريون من منطقة اختلط فيها الآريون بالأتراك كما اختلطوا مايقارب الألف سنة مع شعوب أخرى أيضاً واستقروا في بداية الأمر بين الأرمن وجبال زاغروس وشمال سورية وشعوب مابين النهرين ثم هاجروا الى أسفل بلاد مابين النهرين(ميزوبوتاميا)أو جنوبها .

السلالة السومرية الأولى:

من دون شك فإن الكتاب السومريين قد وضعوا العديد من المؤلفات لكن لم يبق منها شيء يستحق الذكر والكتابات التي وصلت الى أيدينا حول التاريخ السومري كانت عن طريق كتاب بابليين وآشوريين وبعضها جاءت على شكل قصص لايمكن الإعتداد بها كثيراً ومن الكتب القديمة التي وصلتنا بشكل كامل وتام هو كتاب المؤرخ البابلي برسوس(برسوشا)الذي وصفه بعد عهد الاسكندر المكدوني وقد أتحف هذا المؤرخ كتابه بقائمة من أسماء ملوك سومر ثم قسم هذه القائمة الى قسمين : 1- ملوك ماقبل الطوفان. 2- ملوك مابعد الطوفان .

وإذا دققنا النظر في قائمة ماقبل الطوفان سنرى أنها جاءت على شكل قصص وحكايات حيث لم يعثر على اسم واحد من هؤلاء ضمن الآثار السومرية القديمة أما ملوك مابعد الطوفان فيظهر أن عددهم كان سبعين ملكاً وأربع عشرة اسرة حكموا ثلاثين ألف سنة ويبدوللباحث المدقق أن هؤلاء الملوك وأرهم الأربع عشر لم يحكموا بشكل متواصل كل هذه المدة الطويلة ويمكن أن تكون هذه الإسرات قد حكمت في فترات متقطعة وفي مناطق مختلفة وقد يكون ماقاله عزيز عثمان صحيحاً حينما أورد بأنه قد بولغ في مدة حكم وحروب الامبراطوريات والحكام وزيدت السنين التي استغرقتها.هذا وقد ظهر في عهد السلالة الكيشية الأولى اسم البطل (إيتانا الراعي)على أنه بطل سومري صعد في وقت ما الى السماء ثم نزل الى الأرض ومن بين ملوك (أورك)ظهر إلهان هما (لوغال بنده ) ورد (ومزي) كما ورد اسم (كلكاميش) كبطل ملحمة طويلة بهذا الاسم وفيها يمتدح قوته وفتوته وأنه خلق نتيجة التزاوج بين الإنسان والآلهة فنصفه إله ونصفه الآخر بشر وبطل الملحمة هذا يعد من ملوك (أورك)أو أوروك الخامس وجائز أن يكون هذا البطل ملكاً ولكنه بولغ في وصف ذكائه وقوته .ويقول عزيز عثمان مستطرداً أن اسم كلكامش لم يظهر من خلال الأثريات المكتشفة الى الآن ومن المحتمل جداً أن يكتشف فيما بعد.

سلاسة أور الأولى(1) :

وحسب العالم الكبير ليوناردوولي فإن المكتشفات الأثرية القديمة التي شوهدت في مناطق حكم هذه السلالة والتي أتت على ذكرها قد أوصلتنا الى معرفة اسم ملكها الأول وهو (ميساني بادا) وابنه (آني بادا).وقد وجدت كتابة على قرميد من الطين عثر عليه في (تل العبي)يتحدث فيها الملك (آني بادا) ويقول (أنا آني بادا بن ميساني بادا ملك أور بنيت معبد نينوتارك).هذا وقد بينت الآثار القديمة في تلك المناطق أن مدينتي (أكشاك) و(ماري) كانتا معاصرتين لبعضهما وتبلغ المسافة بين المدينتين (300) ميل وأن المكتشفات القديمة في كلتا المدنينتين تظهر تشابهاً فيما بينهاولذا يعتقد بأنها من صنع شخص واحد كما توجد كتابات على عمود في معبد (نينوتارك) وفيها يظهر أن الملك آني بادا كان ملكاً على مدن أخرى مثل مدينة العبيد وكيش .بل يذهب البعض الى أنه ربما كان ملكاً على بلاد سومر كلها.كما حكم مدينة (أور) ملوك آخرون وأحد هؤلاء يدعى (آيارغي شوبادا) ويظهر أنه اسم امرأة وقد تم العثور على مقبرة هذه السلالة واكتشفت فيها الكثير من الأشياء الثمينة والقيمة ومن ضمنها أشياء مصنوعة من الذهب وأكثرها في قبر (شوبادا) والتي توضحت الآن بأنها سرقتمعظمها منذ أمد بعيد كما ظهرت عظام كثيرة بين قبري الملك والملكة وبدون شك فإن هذه العظام تعود الى حاشية القصر وقد دفنوا مع أسلحتهم الحربية وآلاتهم الموسيقة كما عثر على تمثال لأحد الأشخاص وعلى رأسه قبعة من ذهب ويتمنطق بخنجر ذهبي ويحمل على يده صحن من ذهب. هذا وقد دفن مع الملك كل ماكان معروفاً في الشرق بإرتفاع قيمته من ذهب وأموال وأدوات يندر وجودها وقد تمكن العلماء من العثور عليها في مقابر الشرق الأوسط وأغلبها على شكل آلات موسيقية وقوارب فضية وأسلحة حربية وأشياء أخرى. والأهم والأثمن من كل ذلك هو راية دولة (أور)التي كانت ترفع أيام انتصارات الملك وتتألف من قطع من الصدف تلتحم ببعضها بشكل جميل جداً ونقشت هذه الراية في وسطها وزينت بمشاهد من المعاك الهامة التي خاضها الملك وانتصر فيها على أعدائه وفي الطرف الآخر يرى الملك جالساً وهو ينظر الى الأسرى من أعدائه ويمر أمامه جنوده بلباسهم الحربية وفي الصف الثالث يراقب الملك احدى المعارك حيث تسير عربات محاربي السهول والقتلى مجندلون في ساحة المعركة ويداسون تحت حوافر الخيول وفي الطرف الثاني من الراية يبدو الملك منتصراً ومعه حاشية من النساء والرجال والمال والجاه وقواد الجيش والحكام وقد أخذتهم نشوة النصر والناس مسرورون وعلى أيديهم الطعام يقدمونه هدية لبعضهم وتعزف الموسيقى ويتبادلون التهاني بالإنتصار الكبير وهم يطلقون الملك على ماغنموه من أعدائهم.

والخلاصة. فإن راية دولة أور قطعة أثرية نفيسة لاتقدر بثمن حيث تظهر نقوشها سجل ومفاهيم عصر كامل وعادات الناس وأنماط تفكيرهم والأسلحة وطريقة الحرب ولباس الناس وزينتهم والآلات والأدوات التي استعملوها في حياتهم اليومية.

3-مدينة لاكاش :(1)

يبدو أن هذه المدينة لم تكن عاصمة في الكثير من المرات وقد دخلت مراراً تحت سيطرة الدول المجاورة لها ولكنها كانت تنعم بالإستقلال في بعض الفترات وقد أكتشفها العالم الفرنسي (سارزاك)عام 1877م في (تل العودة) وقد تبين أن هذه المدينة كانت احدى المدن السومرية القديمة حيث تتابع على حكمها ملوك من السلالة الحاكمة.بدءاً من العصور التاريخية وحتى فترة أور الثالثة.وفي عصر لم تكتشف كل ملابساته يعتقد المرء بأن هذه المدينة عاصرت الفترة الثانية لما بعد الطوفان أو عهد سلالة أور الأولى .وكان الملوك يحكمون المدينة وكأنهم نواب الإله (إشاك) وباللغة السومرية يدعى (باتاس).وقد وجدت أسماء ملوك لانماش (لاكاست)القدماء وهم لوكال، شاك، أنكور، في مخطوطة كتبت على حجر من التوباز أهديت الى (نينكرسو)إله المدينة وقد أرسلت الهدية بغسم (مسيلم)(1)أحد الملك الساميين يقول فيها (مسيلم ملك كيش الذي الذي بنى للإله نينكوسو إله لاكاش معبداً أهدى إليه هذه المخطوطة وفي ذلك العصر الذي كان يحكم لاكاش الملك (لوكال شاك) أو أنكورشاك أهديت إله هذه الهدية) وقد تبدو من هذه المخطوطة أن لمدينتي لاكاش وكيش إلهاً واحداً مشتركاً ولكننا لانعلم أي المدينتين كانت الكبرى والأهم كما يقول عزيز عثمان ولكن يبدو أن لاكاش كانت أكبر وأهم من كيش على مايعتقد لأن ملك لاكاش هو في نفس الوقت ملك سومر كلها ولأن مسيلم حاكم كيش كان يقول عن (نينكرسو)الإله الأكبر الذي من المفروض أن يكون مقره في عاصمة الملك الأكبر ولذلك بعث له المخطوطة التوبازية هدية لكي يزكي نفسه أمام الملك الأعظم ملك لاكاش.وبعد الملك لوكال ظهر الملك(بادو) كملك علىلاكاش وبعده ظهر اسم (آني هيكاك)وبعده(أورناشا) وتظهر المخطوطات القديمة في هذه المدينة أن بلاد لاكاش انشقت عن بلاد (أور) وحصلت على استقلالها كما وجدت نقوش وكتابات سجلت على أحجار قديمة أظهرت أن الكتابة في ذلك الوقت كانت بلغة (أور-السومرية)وكانت هذه الكتابات بدائية وغير متطورة وقد عثر على لوحة عليها صورة الملك وأولاده في حفلة أقيمت بمناسبة إنشاء معبد وتظهر هذه الصور الإله (نينكرسو) كبير الألهة وتحته الآلهة (نيناوأنكووأنليل) ويبدو من أسمائها أن هذه الآلهة الثلاث جميعها من الإناث أو أنها آلهة أنثوية,هذا وقد جلب الملك الأخشاب من الجبال وبنى بها معابد الآلهة وقد تبدو هذه الإسرة أو السلالة خيرة مسالمة تريد الخير لوطنها وشعبها وتعمل في سبيل العمران وتقدم الوطن وازدهاره.





4-آكوركال بن أورناشا:

ويبدو أنه لم يكن شخصاً ذا سمعة وصيت كمالم يكن ملكاً وقد أضاف الى اسمع لقب (إشاك)محل كلمة الملك ولكن لقبه ابنه بالملك.

5-أبانادو (أياناتيم):

بعد آكوركال بن أورناشا أصبح هذا الشخص ملكاً على لاكاش ولكن لم يعرف اسم أبيه وقد لقب نفسه ب(إشاك) ويبدو أن لفظة إشاك هي على الأرجح بمعنى الملك وقد سيطر هذا الملك على بلاد(أوما) بالقوة وبنى سوراً بين لاكاش وأومادهو اشبه بالحدود بين المدنيتين ويبدو أن هذا السور بني على يد مسيلم ولكن تمكن (أوش) حاكم أومامن هدم السور وإزالة الحدود وهاجم بعساكره دولة لاكاش فسارع ملكها إيانانيم الى الإلتجاء الى بيت الله حيث طلب النجدة من الإله نينكرسو فانجده إله الشمس وأسبغ عليه الضياء ثم ما كان منه إلا أن جمع عساكره وهاجم بلاد أوما وتمكن من التغلب عليها وهدمها وجعلها أنقاضاً تحت أقدام جنوده وقدم سكانها طعماً للنسور وترك المدينة أطلالاً خاوية ثم رجع ووقع معاهدة بينه وبين ملك أوما (إيتالكي) ومن هنا ندرك بأن الملك القديم (أوش) قد قتل أو اختفى كما وضع حجراً باسم أياناتيم كحد فاصل بين البلدين وأبقى على الحدود القديمة كما تم حفر ساقية ماء بين الدولتين واعتبرت حدوداً بينهما وبعد عودة الملك إياناتيم الى لاكاش بنى معبداً لألهته عرفاناً منه بالجميل على ماعدته على تحقيق نصر سريع وساحق على أعدائه مثل الإله نينكرسو وأنليل وأنكي وبابر ونينورساك ويبدو من الكتابات القديمة لمدينة لاكاش أن هذا الملك قد خاض حروباً طاحنة مع المدن الأخرى أيضاً وسيطر على الكثير منها مثل أور،أوروك، لارسا،كيش،أوبيس كما سيطر على دولتي عيلام وماري وأصبح في النهاية ملكاً على سومر كلها.

6-إيناتوم الأول:

وهو أخ الملك إياناتيم وقد حل محل أخيه بجدارة بعد وفاته وفي عهده نقض ملك أوما المدعو (أورلاك)أو أورلاما المعاهدة المعقودة بين الطرفين وهاجم لاكاش وقطع عنها الماء ووقعت معارك عنيفة بينهما ولكن تمكن الملك إيناتوم من دحر القوات الغازية وهزيمتها.

7-أنتمينا بن إتاناما بن آكوركال بن أونانشا(أورناشا):

في عهده هاجم (أولاما)ملك أوما مرة اخرى مدينة لاكاش وقطع عنها الماء من جديد ووقعت معارك حامية بين الطرفين فانتصر ملك لاكاش ثانية على أعدائه وقتل الملك أولاما في المعركة وسيطر أنتيمينا على مدينة أوما بالقوة وعين عليها حاكماً من قبله يدعى (إيلي) وقد أمر الملك بكتابة هذه الوقائع ونقشها على الأحجار وفي المعابد وبعض البيوت والبنايات وقعت احداها في أيدي علماء التاريخ وأنتشرت في كل العالم.

8-الكهنة :

بعد وفاة الملك (أنتيمينا) تولى الحكم بعده الكهنة الذين أساؤا معاملة الشعب وتعرضت لاكاش الى السلب والنهب وسارت ببطء نحو الموت والإنهيار.

وفي هذه الثناء قام شخص يدعى (أوركاجينا)(1)استولى على الحكم ولقب نفسه ملكاً وبدأ حملة واسعة النطاق لبناء الوطن وإعادة النظام وسار بوطنه أشواطاً نحو التقدم والحضارة وقام بأعمال جليلة فأحبه الناس.ويقول المؤرخ هرزون.بأنه من الملوك الأوائل في العالم الذين وضعوا القوانين والشرائع وقد أخذ عنه (حمورابي) شريعته المشهورة.



- مملكتا أوما و أوروك :

إن هذه القوانين والشرائع التي سنها الملك أوركاجينا قد خلقت الكثير من الفوض والبلبلة في مدينة لاكاش فقد كثر أعدائه من الكهنة والمتزلقين والمحاربين والغزاة والطفيلين واللصوص وكل هؤلاء ناصبوه العداء فاستغل ذلك ملك أوما(لوغا زاغيزي)الذي هاجم دولة لاكاش واستولى عليها بالقوة ونهب المعابد وأحرقها ونصب نفسه ملكاً على سومر وأتخذ أوروك عاصمة له وبذلك أظهر هذا الملك الى الوجود سلالة جديدة بإسم سلالة (أوروك الثالثة)التي دامت حكمها (25) عاماً ويقال بأن مملكته كانت تمتد من الخليج الفارسي حتى البحر المتوسط كما نقل آلهة المدن الأخرى كلها الى مدينة أوروك وقد كتبت هذه الوقائع باللغة الكادية واكتشفت في مدينة (ينبور)وتبين من هذه الكتابات القديمة اسماء المدن التي استولى عليها كما يطلب فيها من الإله (أنليل )إله سومر أن يساعده ويمنحه القوة وفي عهده هاجم الملك (سركون الأكادي)بلاد لاكاش وأوروك واستولى عليهما بالقوة بين سنتي 2400-2350ق.م كما قتل الملك أوركاجينا وبذلك أصبح سركون ملكاً على سومر كلها.

- ملوك سومر :

1- ميساني بادا-2-بادا-3- ابن ميساني بادا-4- آباركي -5-شوبادا(إمرأة) -6- لوكال شاكان غور-7- بادو-8- أن هيكال-9-أورنانشا -10- آغورغال (آكوركال) بن أورنانشا -11- إياناتيم-12- إيتاناتوم بن آكوركال -13- أنتيمينا بن إيتاناتوم-14- أوركاجينا-15- لوكال زاغيزي.

- آلهة السومريين:

1-نينورساك-2-نينكرسو-3- تين-4- أنكي-5- أنليل-6- بابارإله الشمس.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
- ملوك أوما :

1- أوشي -2- إيتاكلي-3- أورلوما-4- إيلي-5- لوكال زاغيزي.





الدولة الكوتية في سومر



حكم الكوتيون الأكراد بلاد سومر التي تقع في بلادمابين النهرين (ميزوبوتاميا) قرابة مئة عام بدءاً من عام (2225) ق.م وكانت عاصمتهم مدينة (أرانجا) وتقع قرب كركوك الحالية.والكوتيون من الشعوب القديمة الذين تطلق عليهم تسمية الآسيويين وهم قوقازيون ولايعرف متى شكلوا دولتهم في هذه المناطق الجبلية. ويورد عزيز عثمان اسمهم مرادفاً مع كثير من التوحش والحقد وإراقة الدماء ويقول الكوتيون شعب اتصف بسفك الدماء والغزو والسلب ونهب الشعوب المجاورة وكانوا محاربين أشداء ترهب جانبهم.وفي عهدهم عم البلاد الفقر وتراجعت الزراعة والعمران.وكانوا قذرين قبيحي المنظر يسلبون كل شيء ويأخذون ضرائب من الشعوب التي وقعتتحت أيديهم ويستولون على أموالهم كما ارتكبوا الكثير من الفظائع .وقد ظل الناس يروون عنهم قصصاً وفظائع ارتكبوها بحق الشعوب من قتل وتدمير وتنكيل حتى بعد مئتي سنة من زوال حكمهم. وقد ظهرت بعض المخطوطات القديمة تصف الكوتيين بأنهم متوحشون ومصاصوا دماء قتلوا الرجال وسبوا النساء وفصلوا عنهن أطفالهن وسلبوا ونهبوا البلدان وأحرقوها وأخذوا الذهب والفضة وهربوا بها الى الجبال.وبعض الكتاب السومريين يصفونهم بجن الجبال وقد وصل الأمر الى حد أن الأطفال في المدن كانوا يبكون ويرتعدون ولاينامون الليل خوفاً من هؤلاء الكوتيين والى الآن يخوف الأكراد أطفالهم ليناموا ب عبارة (كوريه مانجو) وهكذا كانت النساء ينيمن بها أطفالهن ولاتزال.هذا وأن الأسماء باجن وبجن وبجنوي وبشتوي كلها أسماء لعشيرة كردية واحدة مشهورة وقد حلت محل الحوريين القدماء وسيطرت على قلاع (فنك) و(حصن كيف)و(طور) ويمتدحهم المؤرخون كثيراً ويأتون على ذكر أوصافهم ومنهم ابن الأثير وابن الأزرق الفارقي.

ويقول شرف خان.يدعي البعض أن الأكراد كلهم انحدروا من سلالة الأخوين البجن والبخت(1) وتوجد في منطقة (الهفيركان)الحوريون القدماء أطلال مدينة أثرية قديمة واسعة وكبيرة تدعة (بجنوير) وكانت البجن قرية يسكنها البجنويون ولازالوا يسكنونها حتى اليوم وهم شجعان لايهابون الموت ومشهورون في مناطقهم وقطاع طرق لايشق لهم غبار وسفاكو دماء وغزاة نهابون .

ويقول : عزيز عثمان. وأخيراً تمكن هذا الشعب الذي وصفه المؤرخون بالتوحش وسفك الدماء أن يقتبس ما هو جميل وحسن من الحضارتين السومرية والأكادية واعتنق ديانتهما وشرائعهما وتقدم أشواطاً في الحضارة هذا وأكتشفت بقايا أثرية بابلية وردت فيها أسماء ملوك كوتيين ويبدو من هذه الأسماء أنهم مثل الكاشيين واللولويين ينتمون الى جنس القوقازي ويكتبون باللغةالسومرية وفي كثير من الأحيان كانوا يسمون ملوكهم وبكثير من التكبر والإستعلاء ب(جهان كير) أي حاكم الدنيا وزعيم العالم .

ويقول عزيز عثمان في موضوع آخر إن الشعوب التي سكنت إيران ليست جميعها من سلالة واحدة وإعتماداً على العظام التي اكتشفها المؤرخون وعلماء الآثار والتي تعود الى عصور ماقبل التاريخ في إيران فقد تم الإستنتاج بأن هؤلاء الإيرانيين ينقسمون الى سلالتين إحداهما استقرت في غرب إيران -آسيا وانتشرت حتى بلاد السند وتركستان الروسية وأفرادها ذو رؤوس مدورة ويسميهم المؤرخون بالأسيويين-القوقازيين. وهذه السلالة ليست سامية ولاهندو-أوربية وتنضوي تحتها عدة شعوب منها أورارتو في أرارات والكاشيون في كركوك والأرمن في لورستان والحوريون-الميتانيون في سورية وكردستان الأوسط وميزوبوتاميا وهذه الشعوب جميعها كانت تتكلم بلغة واحدة وفي كلمات هذه اللغة الكثير من الأحرف الزائدة تضاف الى ماقبل وبعد الكلمة وكانت تكتب وتلفظ أيضاً. ومن الجائز أن يكون السومريون هم أيضاً فرع من الشعوب الآسيوية-القوقازية وقد انفصلوا عن بني جلدتهم منذ عصور موغلة في القدم.كما كان الشعب الأكادي السامي قد اتخذ مواقعه وسط هؤلاء وتقدم خطوات نحو الحضارة ولذلك نرى أن اللغة السامية وقد تداخلت مع اللغة السومرية -الآسيوية-القوقازية.

ويقول عزيز عثمان معقباً .عندما بدأت الدولة الأكادية تحتضر فإن الكوتيين واللولو قد هبطوا كالسيل الجارف من الجبال نحو الجنوب متوجهين الى بلاد سومر وأكاد.وفي موضع آخر يقول.إن الكوتيين هاجموا بلاد أكاد في أواخر الألف الثالثة قبل الميلاد وجلبوا لها الدمار والخراب كما سيطروا على بلاد عيلام أيضاً. هذا وقد حكم الكوتيون بلاد ما بين النهرين بالحديد والنار مدة تقارب ال(125)عاماً وداسوا قوانين وشرائع هذه البلدان بالأقدام وقد أثر ذلك على الحياة الإقتصادية فأصابها البوار والتأخر كما تظهر القائمة التي وجدت بأسماء ملوكهم بأن الأوضاع كانت مزعزعة والفوضة والخراب والدمار تضرب أطنابها في هذه المنطقة وترتكب أعمالاً منافية للشرائع والقوانين .كما كانت مدن لاكاش وأوما وأور تدفع ضرائب سنوية الى الكوتيين وبعضها تتمتع باستقلال نسبي تحت حكمهم.إلا أن هذه الشعوب استطاعت أن تحرر بلادها من الكوتيين وبدأت مرحلة سلالة (لاكاش الثانية) ومن ملوك هذه السلالة (لوكال آشومكال) الذي أصبح حاكماً على لاكاش في أواخر عهد نارام سين كما أنه عاصر (شاركالي شاري) وقد حكم من هذه السلالة عدة ملوك في العهد الكوتي منهم (أوربابو) وتوجد لوحة له في متحف اللوفر في فرنسا. وكان (جوديا)هو الملك السابع من ملوك لاكاش الذين حكموا تحت سيطرة الكوتيين وهو كبيرهم وفي عهده تقدمت بلاد لاكاش-سومر خطوات كبيرة نحو العلم والتجارة والعمل وفن البناء وكان حكم هذا الملك يصادف أواخر حكم المملكة الكوتية ويظهر من اسمه بأنه يمكن أن يكون كوتياً أو أنه اتخذ لنفسه اسماً كوتياً.وقد ترك هذا الحاكم (18) لوحة أثرية نقشت على أحجار سوداء وتماثيل ونقوش اكتشفها العلماء وأفضلها توجد في متحف اللومز بفرنسا تحت اسم (المعلم جوديا) كما توجد في المتحف العراقي لوحة أثرية تعود لهذا الملك ويظهر فيها جالساً وعلى رأسه خوذة حديدية ويضم يديه على بعضهما فوق صدره ويبدو كأنما يصلي وعلى ثيابه كتابات باللغة السومرية يظهر بينها اسمه واضحاً وكذلك بعض الأدعية والصلوات والإبتهالات الى الله ووضعت لوحته في المتحف البريطاني تحت اسم (جوديا) كما اكتشف علماء الآثار الفرنسيون الكثير من المخطوطات القديمةالتي تعود الى العهد السومري في لاكاش وتبدو فيها الأنشطة والفعاليات التي ازدهرت في عهد جوديا كالتجارة والبناء بشكل خاص مما يدل على أن الظلم والقوة والهمجية التي مارسها الكوتيون لم تحل دون تقدم بلاد سومر أشواطاً في الحضارة والرقي ولم يظهر بين هذه المكتشفات الأثرية مايدل على الحروب ونستنتج من ذلك بأنهم لم يستطيعوا إثارة القلاقل تحت حكم الكوتيين وفي الحقيقة لانعلم متى أصبح (جوديا) ملكاً على لاكاش بشكل دقيق ولكننا نعلم علم اليقين بأن لاكاش قد خطت في عهده خطوات كبيرة في نواحي الأدب والشعر والعلم وقد اكتشف هناك قرميدان كتبت عليهما أشعار عذبة رقيقة المشاعر باللغة السومرية في مدح جوديا ومضمونها.بنى جوديا معبداً وعلا صرحه الى السماء للإله (نينكرسو)فبه أسبغ النور على الوطن.احفظه يارب ويظهر أن الشعب الكردي حتى في هذه الفترة كان يقدس النار ويحافظ عليها وقد أوقدها في معابده وبنورها كانت تضيء المدن والوطن.

ويقول جوديا في احدى أدعيته وصلواته.

أنا يتيم لا ام لي وأنت أمي الحقيقة أنا لا أب لي وأنت والدي الحقيقي.

هذا وقد بنى جوديا معبد (إينونو) ومن أجله جلب الأخشاب والأحجار الصلبة كالرخام والازورد من إيران وجلب الذهب والفضة والآلات والأدوات من بلاد مختلفة كما شق الترع والسواقي والأنهر فكان بمثابة الأب الحنون لشعبه.

2-أونين غرسو بن جوديا.

لانعرف الشيء الكثير عن تاريخ هذا الملك ألاأنه ترك ثلاث لوحات أثرية وأفضلها موجود في متحف اللوفر في فرنسا وهو يبدو من خلال هذه المخلفات الأثرية أكثر شبهاً بأبيه وهذه اللوحة منقوشة على حجر نصف مرمر وبرى عليها بعض الناس يقدمون له الضرائب السنوية ولكن على مايعتقد فإن حكمه لن يدوم طويلاً أو ربما نقل عاصمته من لاكاش الى مدينة (أور) ويظهر هنا اسم(أورابا) كحاكم لمدينة لاكاش.

5- سلالة أور الخامسة :

في أواخر حكم الملك جوديا في لاكاش ظهر شخص يدعى (أوتوحجال)الذي انتفض ضد الكوتيين وتمكن من التخلص من سيطرتهم ويقول في احدى المخطوطات القديمة.هؤلاء الكوتيين تنانين الجبال وأعداء الله قد انتزعوا الملكية من يدنا وأخذوها الى الجبال وملأوا بلاد سومر بالعداوة والبغضاء والفساد وأخذوا الرجال والنساء والآباء والبنين بالقوة كسبايا وعبيداً لأنفسهم. وأن (إنليل)الإله الكبير فوضني وجعلني حاكماً أنا(أوتوحجال) ملك(أوروك) وحاكم الدنيا والملك الذي لايكذب لأومر مملكة الكوتيين وأدحرهم من بلاد سومر وبالفعل فقد تمكن هذا الملك المتمرد أن يقتل الملك الكوتي (تيريكان) ومنذ ذلك اليوم اختفى برابرة الجبال من بلاد سومر.

ويقول مستر هول: بأن حاكم الكوتيين الأول عرف بإسم (أناتوم) الذي حارب العيلاميين في الألف الثالثة قبل الميلاد.

2- آنوبانيني :

حسبما يقول مستر هول فإن الملك الكوتي هذا أصبح حاكماً على بلاد الكوتيين والسومريين وذلك في عام 2800ق.م .وكما يقول البروفسور سبايزر: إستناداً الى تشابه الأسماء فإن الكوتيين يحتمل أن يكونوا قد دخلوا بلاد سومر منذ فترة بعيدة جداً وفي وقت مبكر من تاريخهم وسيطروا على بلاد أكاد أيضاً وكما يبدو فإن بلاد لاكاش قد مرت بفترة ازدهار ورخاء خلال حكم الكوتيين من حيث الفنون والعمران والبناء ولكن وحسبما يقول محمد أمين زكي بك فمن المفروض أن يكون الكوتيين قد هزموا الملك الأكادي (نارام سين) وسيطروا على بلاد سومر-أكاد ومن المفروض أيضاً أن تكون لاكاش قد دخلت تحت حكمهم في نفس الوقت ودام حكمهم لهذه البلاد قرابة مئتي عام وكان جوديا يحكم لاكاش من قبل الكوتيين ويحتمل أن يكون هو نفسه كوتياً .

3- تيريكان:

وكما يبدو فإن الدولة الكوتية في عهد هذا الملك كانت شديدة الفقر وأهلها يعيشون في بؤس وحرمان وفي القرن الخامس والعشرين هاجم ملك أور بلاد سومر-أكاد وقتل تيريكان فتراجع الشعب الكوتي الكردي الى مواطنه القديمة في سفوح جبال زاغروس ولكنهم عادوا في القرن الثامن عشر قبل الميلاد وبالتحالف مع الكاشيين ليهاجموا بلاد بابل من جديد ومنذ ذلك الوقت وحتى القرن الثالث عشر قبل الميلاد لم يسمع شيئاً عن الكوتيين وانقطعت أخبارهم. ويقول (شالمنصر الأول) في القرن الثالث عشر قبل الميلاد وتحديداً بين سنتي 1280-1261ق.م (في هذا الوقت اشتهر الكوتيون بالجبروت والعنف وانتفضوا ضدي ودامت إنتفاضتهم مدة طويلة ويتابع شالمنصر القول.من أوراتري (أورارتو) وحتى كموخي سالت دماء الكوتيين أنهاراً) ويبدو أن بلاد الكوتيين من أرمينيا وحتى طورعابدين قد أغرقت في بحار من الدماء على يد الملك الآشوري هذا .

ويقول علي عوني في بداية كتابه(شرف نامة) .إن المؤرخين المعاصرين يقولون ليس الأكراد هم فقط أولاد وأبناء أولئك (الكردوكيين)الذين التقى بهم المؤرخ والقائد اليوناني (كزينوفون) قبل الميلاد بمئة عام بل ويحتمل أيضاً أن يكون الكوتيون الذين عرفوا بهذا الاسم ومعناه المحاربون الشديدوا المراس قد سكنوا هذه البلاد منذ عصور سحيقة جداً وكان الآشوريون يسمون هذا الشعب ب(كاردو-جاردو) ويعتقد البعض بأن الكاردو هؤلاء هم من السلالة القوقازية ولكنهم اختلطوا مع الآريين ولذا فهم يعدون أنفسهم من الآريين القدماء ويستطرد علي عوني قائلاً: بعد زوال الإمبراطورية الآشورية من الوجود استطاع الكوتيون إنشاء امبراطورية مع أبناء عمومتهم الميديين. وكان جودرز بن كيو من الملوك الذين حكمو هذا الشعب والى يومنا هذا فإن أكراد الكوران والكلهور يدعون صلتهم مع جودرز.

ويتابع علي عوني بك كلامه ويقول. إن جودرز هو أبو رهام الذي هاجم بلاد اليهود في عهد بهمن كياني ثم أصبح رهام ملكاً على إيران وحكمها بإسم الاسرة الكورانية(الجورانية) واسم هذا الملك لدى المؤرخين العرب هو (بختنصر) وقد اكتشف مؤخراً حجراً في بهستون في قصر شيرين نقشت عليه كتابات تفيد بأن جودرز هو اسم لأحد الأشخاص ويكتب أيضاً (كوهدرز)ويقول سبايزر:بأن الكوتيين (كورتي)من حيث اللغة ينتمون الى مجموعة شعوب زاغروس ولهذا يجب ألا ننظر إليهم على أنهم ساميون أو هندو-أوربيون والحقيقة فقد وجدت في حوالي الألف الأخير قبل الميلاد بعض العائلات الآرية في بلاد مابين النهرين (الجزيرة)وقبل بدء الألف الأخير لماقبل الميلاد كان قد تحول الكثير من شعوب زاغروس الى آريين (هندو-أوربيين)ولكن لايمكننا من خلال هذا القول اعتبار الكوتيين من السلالة الآرية لأننا لانملك أدلة تجعلنا نميل الى الإعتقاد بذلك.

ويقول مستر (مزروك) في الإنسيكلوبيديا الإسلامية إن المؤرخين المسيحيين يسمون جبل جودي بجبل الكرد (كردين)وقبل ذلك كان يسمى (نيسير) ويقع في بلاد (كردين) وفي العهد الآشوري أطلق اسم (كوتيوم)أي بلاد الشعب الكوتي على جبال بوتان وعلى مايبدو فإن هذا الإسم استمر حتى عهد صدر الإسلام حيث استبدل باسم (جودي) لأن الحرف (g) الأجنبية تقابل الحرف (ج) العربية.هذا وقد اصطدم الملك الآشوري (تيغلات بلايزر)مرات عديدة مع الكوتيين في حروب مريرة في جبال (آزو)هزو.

ويقول درايفر: أن آزو وهزو هما تسميتان لجبل واحد .ويقول المؤرخ اليوناني (كزينوفون) يمتد موطن الكاردوك حتى مناطق (بختان) وقد تحول اسم هذه البلاد الى كردين وباللغة الآرامية تسمى (هود-كاردو) كما يسمي الآراميون جزيرة بوتان ب(كازارتاي-كاردو) والأرمن يسمونها (كردوز) والبلاجوريون يلفظونها (باكاردا) وهكذا يقول الطبري أيضاً أما ياقوت الحموي فيذكر بأن باكاردا جزء من بلاد جزيرة بوتان(جزيرة ابن العمر)وعلى مايبدو يمكن الإفتراض بأن الرقعة الجغرافية (كردين-باكاردا)تمتد من جنوب بحيرة وان شمالاً وحتى جبال جودي وجزيرة بوتان جنوباً ومن شرقي الجودي وحتى شرقي آمد(دياربكر) .كما أن هذا الاسم الذي عرف به الأكراد قديماً يلفظ باشكال متعددة مثل كودي، كوتي، كورتي، جوتو، كاردو، كردون، كردوخ، وكلها الفاظ وتسميات لشعب واحد هو الشعب الكردي.

ويقول درايفر أيضاً: أن كاردا ،كاردوخي، كورتوخي، خوردي، كارداك، سيرت، خوردابي، خوردوئني، كارداوي، لها معنى واحد وتطلق على شعب واحد مثلما أن أكراد اليوم والكردوخيين الذين كانوا قبل الميلاد باربعمئة عام و(الكاردو) الذين وجدوا قبل الميلاد ب ألفي عام هم شعب واحد. وحتى اليوم لايزال الناس يختلفون حول تسمية هذا الشعب فالعرب يقولون : كرد، أكراد، كراد، كردي، والأتراك يقولون: كرد،كردو، كردلر، قرهكرد، باباكرد، ونحن الأكراد نطلق على أنفسنا اسم كرد، زازا -دنبلا ونقول أيضاً كرداسي،كرمانج، ويقال ل زازا -دنبلا (الزازا) كما أن هناك عشائر كردية تدعى بأسماء معينة مثل بوتا، بهدينان، سورا بابا ،كورا ومن الجائز أن تكون التسميات القديمة التي تظهر اليوم في عموم مناطق كردستان كانت فيما مضى أسماء لعائلات وعشائر كردية عريقة في قدمها فمثلاً (كودي)اسم لإحدى الجبال و(كرديه)اسم قرية و(كوردكا) قلعة تقع في شيروان و(كورنكا)عشيرة كبيرة تنتشر في منطقة غرزان و(كودا)اسم لعائلة بوبلانية ودشتاكردي (عشيرة كردي) في منطقة أربيل والدشت هنا بمعنى السهل. كما بقي الى اليوم اسم كاسي(كاسكا) ويعتقد أنها عشيرة كردية لاتزال باقية حتى اليوم ومن ميتان بقي اسم (متينا) في ثلاثة مواقع هي هوري(حوري) وهويريني وهفيركي والهوري اسم قلعة تقع اليوم في كردداغ كما بقي من سوباري وسومري اسم (سو) وهي قلعة تقع في بدليس وبقي من نايري ونهري اسم (شمزينان) وبقي السيرتيون والسيتيون في مدينة سيرت ومنطقة أومريان ومحل ماني بقي مانا (ألمانا).

وبإختصار فإن أسماء الشعوب التي استقرت في كردستان قبل العصور التاريخية بقيت حتى اليوم هناك ولا أعتقد أن كلاً منها كانت اسماً لشعب بل يمكن أن تكون كل منها اسم عشيرة حيث كانت العشيرة الواحدة ترى في ذلك الوقت نفسها عشيرة ودولة تحارب أعدائها بنفسها وكما هو عليه الحال اليوم فإن هذه العشائر لم تستطع أن تتوحد وتشكل دولة واحدة على رأسها ملك واحد. يحكم الناس جميعاً ليدافع عنهم ويدافعون عنه ويطيعوه ويقودهم هو الى حيث الدولة الكبيرة والشهرة والمجد ليساهموا في إعمار العالم وتقدمه.

- ملوك الكوتيين :

1-أنا توم -2- آنوبانيني-3- شارلاك-4- تيريكان-5- لوكال زاجيزي الذي أصبح ملكاً على لاكاش ويظهر من قائمة الملوك هذه بأن هؤلاء حكموا بالقوة بلاد سومر-أكاد مايقارب المئة عام ملوكاً وحكام.

- سلالة أور الثالثة :

وكما أسلفنا فإن دولة الكوتيين (كوددي) قد تراجعت من بلاد سومر وأكاد على يد عدوها أو توحجال(أوتوهي كال) وانسحب الكوتيون متوجهين صوب جبال زاغروس وفي هذه الأثناء ظهر أحد الأشخاص ويدعى (أورنامو)الذي تمكن من السيطرة على جميع بلاد سومر.

1-أورنامو : أسس هذا الملك سلالة أور الثالثة وقد حكم خمسة من ملوكها قرابة المئة وإثنين وعشرين عاماً وقد اختلف المؤرخون حول بداية ونهاية حكم السلالة.

يقول ديلابورن في كتابه (ميزوبوتاميا) إن هذه السلالة حكمت (116)عاماً ويقول في كتابه الآخر (شعوب الشرق الأوسط) أن هذه السلالة حكمت مئة وثمان سنوات .وأن بداية حكمها كان عام (2328) ق.م وأورنامو هذا هو كبير ملوك سومر وقد عثر العالم ليوناردوولي على مكتشفات أثرية هامة تعود الى عهد هذا الملك في أطلال مدينة أور وقد تم التوصل منها سبع سنوات من حكمه انتفض ضد الملك وانتصر عليه وتمكن من السيطرة على البلاد وأصبح ملكاً وقد بنى العديد من المدن والمعابد والقصور ومنها معبداً لإله القمر (ننرا) وآخر لزوجته (نين كال) كما بنى لنفسه قصراً ملكياً في أور وبرجاً وسوراً للمدينة وأتحف بالعمران مدن لاكاش وأريدو وأوما ولارسا وأرب. وشق الترع والسواقي والبرج الذي قاوم عوادي الزمن في أور منقوش عليه اسمه ويتألف من ثلاثة طوابق. كما وضع هذا الملك شرائع وقوانين اقتبس منها حمورابي شريعته وتوجد الآن هذه القوانين في متاحف استانبول وكانت مدة حكمه أي حكم أورنامو (18) سنة وامتد بين عامي 2123-2106ق.م .

2-شولكي بن أورنامو :

قبل أن يصبح ملكاً كان يعرف ب(دونكي)وقدحكم مدة خمسين عاماً من سنة 2106 الى 2057ق.م وكأبيه اهتم بالعمران وبناء دولته وقد خص مدينة أريدو باهتمام خاص تلك المدينة التي كانت تقع على نهر الفرات واليوم تبعد عن هذا النهر قرابة المئة ميل وهي من المدن السومرية القديمة ويقع معبد (أبا) في هذه المدينة وهو أقدس المعابد السومرية وبنى المعابد في الكثير من المدن كما هدم معبد نينوى وبنى معبداً في عيلام ولم يكن هذا الملك ليمنح صلاحيات واسعة لحكام المدن وكان يبعث برجاله وأقاربه الى تلك المدن ليجمعوا منها الضرائب السنوية ولذلك لم يستطع حكام المدن أن ينافسوه ويقوموا بثورات ضده كما لم يكونوا قادرين على التحرك وخلق مشاكل له فكان لهم بالمرصاد وخاض حروباً دموية مع برابرة جبال زاغروس ولقب نفسه بحاكم المناطق الأربعة سومر وأكاد وسوبارتو وأومورو وبعد عشرين سنة من حكمه أرسل جيشه الى بلاد سوبيرو وجبال زاغروس عدة مرات لأن هذه المناطق كانت تثور ضده ويتمكن من إخمادها في كل مرة ثم أرسل عساكره الى بلاد (إنشان عيلامي) وسيطر عليها مع إنه كان متزوجاً من ابنة ملك إنشان ورغم ذلك فكان حموه أي أقارب زوجته يثورون عليه ويهاجمون بلاد (لولو وسيموري)ولكنه تمكن من القضاء على ثورات حميه الطامعين في الملك.وكان ينقل عن طريق البحار والأنهار الكثير من الأشياء الضرورية واللازمة لمملكته.

3- أموسين بورسن :

حاكم الطراف الربعة الذي حارب مراراً شعوب سوبارتو وجبال زاغروس فسيطر على الكثير منها.

4-شوسن بن بورسن :

في عهده توجه العموريون من مناطق الفرات الى جنوب بلاد الجزيرة (ميزوبوتاميا) وخوفاً من هؤلاء فقد بنى شوسن سوراً حول مدينته سماه بسور (عامورو) أوجدار مارتو ويعتقد العالم هرزوني بأن العموريين كانوا يفرون أمام الحثيين نحو جنوب الجزيرة وصلوا حتى بلاد سومر أوبالقرب منها وكان السومريون متقدمين في الحضارة ويستون أراضيهم ويساتنهم عن طريق الري من الأنهار .



5-أبيسن بن شوسن (25):

حكم قرابة ربع قرن وفي عهده ثار العيلاميون ضده ولكنه تمكن من إخضاعهم كما سيطر على العشائر العمورية الرحل ولكن عقد العموريون حلفاً مع العيلاميين وهاجموا معاً بلاد سومر وانتصروا على جيش أبيسن وأسروا أعداداً من هذا الجيش حيث أخذ العيلاميون بعضهم الى مدينة (سوزا) عاصمة مملكتهم كما أخذوا معهم تمثال (ننرا) إله القمر وبهذا الشكل انتهى حكم سلالة أور الثالثة واقتسم العيلاميون والعموريون بلاد سومر فيما بينهما فأقام العيلاميون دولة في مدينة (لارسا) وأقام العموريون أخرى في (إيسن) ومنذ تلك الفترة أصبحت اللغة السومرية في طي النسيان وبقيت فقط حيث يرددها المسنون في صلواتهم وأدعيتهم. وفي أطلال مدينة (ينيور) اكتشف ليوناردوولي بعض الأغاني والشعر أو القصائد مكتوبة على ألواح من الطين وكان الموضوع الذي تناوله الشعراء والمغنون هو في رثاء ما اصاب وطنهم من تقسيم وويلات ودمار .ونقتطف هنا بعضاً من هذه القصائد :

طغى العيلاميون وبارت الشرائع

جاؤا كالطوفان

دمروا كل شيء

أي سومر متى تستعيدين مجدك

العائلة المقدسة أخرجوها من المعبد

تركوا المدن والمعابد أطلالاً

لم يبقوا على شيء

اغتصبوا منا العرش

انتزعوا منا الحكم

مزقت الشريعة بهمجية

توجه إنليل الى بلد آخر

كل شيء بلا أمل

لقد ساقوا أبيسن المقدس الى عيلام

العدو الحقير داس على كل شيء

خطفوهم جميعاً النساء والمال والبنون

أكاد أموت خوفاً من الأشباح

لم يراعوا إلاً ولاذمة

أخذوا لباسي وأعطوها لزوجاتهم

وزينتي ومقتيناتي الى أخواتهم

وأصبحنا نزلاء السجون

بالقوة داسونا تحت الأقدام

خوفي من القتل يهزني

حتى في بيتي يخوفني

كاالحمام اهتز في داخلي

كاالبومة أختفي في الكهوف

يهاجمونني حتى في قبري

يطردونني حتى من مدينتي آه فأنا أتحسر

لقد خلفت ورائي معبدي فهو و أنا لمفترقان.

هذا ويقول ليوناردوولي .حول حضارة بلاد سومر بأنه في الوقت الذي كان فيه الناس يعتقدون بأن الإغريق كانوا رواداً في العمارة والعلم والحضارة والتقدم يمكننا القول الآن بأن الإغريق نقلوا تلك عن الحثيين والميديين والفينيقين ومن كريت وبابل ومصر وقبلهم كانت بلاد سومر منبع الحضارة والعمران ومنها انتشرت الى انحاء العالم فقد بنى السومريون القصور وضعوا الأواني الخزفية والأسلحة والألبسة وشقوا الترع والسواقي وأوجدوا الشرائع والقوانين ولهذا يجدر بنا أن نلتفت لنشاهد ونمتدح الشعوب التي سبقتنا بإنجازاتها العظيمة.

ويقول ول ديورانت في كتابه(قصةالحضارة).وبإختصار فإن فن البناء والعمران في بلاد سومر قد ارتقى من بيوت وابنية بدائية مصنوعة من الطين الى عمائر خالدة وعظيمة ضمن حضارة لاتزال أضوائها تبهر الأبصار حتى اليوم. وبالمقارنة مع شيء بدائي وآخر جميل ومتقدم في بلاد سومر ندرك كيف استطاع الإنسان أن يفكر وينشيء دولته الأولى وأمبراطوريته لأول مرة ويجر المياه الى بلاده ووطنه.إن ذلك إنجازاً كبير إنها المرة الأولى التي يدخل الذهب فيها ميدان الإستعمال وتتزين به الشعوب الغربية (1) القديمة.ولقد عمل السومريون بالتجارة وكتبوا القوانين والشرائع وظهرت الديانات في وسطهم وكتبوا قصص الطوفان وأنشأوا المدارس والمكتبات ونظموا القصائد ولحنوا الأغاني وعالجوا الأمراض وضعوا آلات وأدوات الزينة والحفر وآلات لاتحصى. كما أن العبودية والظلم والإضطهاد واحتلال البلدان والأديرة والمعابد والحروب كلها ظهرت في بلاد سومر وتجسدت في بعض مدنها وبدون شك فإن احتلال بلاد سومر قد مزق إسرة أور الثالثة واقتسمت الدولة بين العيلاميين والعموريين ولم تبق هناك دولة مستقلة يعتد بها بل أصبحت مقسمت الى دويلات صغيرة ومستعمرة لاذكر لها بين الدول.

1- دولة إشنونا :

تقع مدينة إشنونا القديمة على بعد سبعين كيلومتراً الى الشمال الشرقي من بغداد ويقال لها اليوم (تل اسمر) وقد نقب عالم الآثار الكبير (فرانكفورت)عن هذه المدينة بين عامي 1930-1936م واكتشف معبداً وقصراً وتوصل الى أن القصر رمم أكثر من عشرين مرة وفي المرة الولى كان في عهد (جمدة نصر) وفي عهد السلالات الأولى كانت هذه المدينة متقدمة وقد حكمها عدة ملوك وحكام.وفي عهد (سركون) الأكادي وقعت المدينة تحت سيطرة الأكاديين وأخيراً حكمتها سلالة أور الثالثة وعندما قضي على هذه السلالة وانتهت على يد العيلاميين والعموريين عندئذ تشكلت في هذه المدينة دويلة صغيرة ومستقلة تخضع لحكمها (خفاكي) و(سادويو).

- بيلالوما :

وهو من ملوك الأوائل لهذه الدولة وقد وضع بعض القوانين باسمه تدعى (قوانين اشنونا) وقد وجد علماء الآثار أثناء حفرياتهم في سادويو (تل حرمل)الكثير من الآثار القيمة ومنها سور المدينة ومعبد إله الحصاد (فسابا) وبعض طبقات من أبنية قديمة وبعض الآلاف من الرقم والقرميد عليها بعض قوانين اشنونا وهي من اقدم القوانين في العالم وهي تتعلق بالتجارة ومصالح وأملاك سكان المدن وافحصاء والجبر والحساب والهندسة ومواضيع أخرى قيمة وهامة كما تحوي هذه المخطوطات والكتابات الشعر والأدب واللغة والجغرافية وتأتي على ذكر أسماء سبعة من ملوك هذه المدينة وثانيهم يدعى (بيلولوما) وبعد (32) سنة سيطر حمورابي على هذه المنطقة وأخضعها لحكمه.

2- دولة إيسن :

أثناء هجمات الآريين والحثيين والميتانيين على شمال سورية في بداية الألف الثانية قبل الميلاد فر أمامهم العموريون الى جنوب منطقة بلاد مابين النهرين(الجزيرة) وبنوا مدينة ماري (تل الحريري) بالقرب من البوكمال واتقروا فيها وتركوا حياة البدواة والترحال والهمجية وازدهرت بلادهم في مجال العمران والبناء وكانوا يتطلعون الى تدمير دولة سومر وسلالة أور الثالثة وعقدوا أخيراً معاهدة مع العيلاميين وهاجموا معاً بلاد سلالة أور الثالثة وتمكنوا من تدميرها وتقسيمها فشكل العموريون دولة لهم في مدينة (إيسن) وأنشأ العيلاميون أخرى في مدينة (لارسا) ويطلق اسم (إيشبي إيرا)على الملك العموري الأول.

1- إيشبي إيرا :

استمر حكمه بين عامي 2023-1990ق.م أي أنه حكم (33)عاماً ولم يكن هناك من يناصبه العداء سوى بلاد عيلام حيث لم يستطع رد هجمات العيلاميين على بلاد سومر ليتسنى له السيطرة على هذه البلاد كلها. وقد خاض هذا الملك حروباً طاحنة مع أعدائه كما قام بأعمال جليلة في بلاده وهاجم مرات عديدة بلاد سابور التي تقع في الشمال الغربي من سومر وتوجه لمحاربة العيلاميين حلفاء الأمس ولكنه لم يكن من القوة بحيث يستطيع الإنتصار عليهم ولقب نفسه بملك أورد ملك سومر وأكاد.

2- شو إيليشو بن إيشبي إيرا:

حكم عشر سنوات وفي عهده وقعت حرب ضروس بين العموريين والعيلاميين استطاع الملك العموري هذا أن يحقق من خلالها نصراً مبيناً على أعدائه وأن يسحقهم ويستعيد تمثال إله القمر(ننرا) الذي كان العيلاميون قد نقلوه الى بلادهم وقد وجد من ضمن الآلهة التي كان يعبدها هذا الملك واحد بإسم (داغان)الذي منح اسمه لملكين حكما هذه البلاد وهما (إيدي داغان) و( إيشمي داغان) وقد عرف إيدي داغان بغسم ملك سومر وأكاد الذي ضم مدينة (سيار)الى مملكته أيضاً وفي فترة حكم إيشمي داغان تم ضم مدن نيبور وأوروك وأورو أريدو. كما عثر في أور على مخطوطة أثرية قديمة تفيد بأن هذا الملك هو كبير ملوك أوروك والذي تزوج من (نيني) صاحبة أوروك وكان يحبها حباً جماً وقد أنجب منها الملك ولداً سماه (إيتاناتوم) وكان هذا اسماً لآحد ملوك سومر القدماء ثم جعل ابنه هذا زعيماً للكهنة وكان مقره في مدينة أور.

3- ليبت عشتار :

هو كبير ملوك هذه السلالة وفي عهده جمعت القوانين التي تم اكتشافها في مدينة ينبور والتي توجد الآن في مكتبة المتحف العلمي في بنسلفانيا .

يقول هذا الملك (نشرت المساواة التي تعلمتها من الإله (أونو) إله الشمس وجعلت بلاد سومر وأكاد تعيشان معاً بكل الإحترام والمساواة والأخوة .أنا عشتار ليبيت بقوة الإله (أنليل) رفعت من بين الناس البغضاء والضغينة والحسد والظلم). وهذه القوانين جاءت مكتوبة باللغة السومرية ومن المعتقد أنها قوانين قديمة جداً جمعها عشتار وطورها وهذبها ثم تركها باللغة السومرية.

4- جونجونوم (1867-1841ق.م) :

أراد هذا الحاكم أن يضم بلاد (إيسين)الى مملكته ومن المحتمل أن يكون قد ضمها فعلاً لبضع سنين .

5- إيناتوم بن شو إيليشو :

كان زعيماً دينياً في أور في عهد أبيه فبنى معبداً للشمس ليصون الملك جونجونوم وفي هذه الأثناء تمرد أحد الأشخاص ضد الملك في مدينة (إيسين) وأصبح حاكماً عليها ولقب نفسه ب(نيتورتا) واستطاع ان يسيطر على بعض المدن السومرية وضمها الى بلاده مثل أريدو وأور وأوروك ونيبور وكان مدة حكمه (28) عاماً ثم خلفه ابنه (بورسين) وفي هذا الوقت هاجم (أبيسارا) ملك لارسا بلاده وضمها الى مملكته بالقوة وبذلك أصبح هذا الملك حاكماً على (لارسا) بعد جونجونوم وتمكن من انتزاع (إيسن)من الملك بورسين.

6- أبيسارا :

الذي أصبح ملكاً على لارسا بعد (جونجونوم) وكما أسلفنا فقد انتزع مدينة (إيسين) من ملك(بورسين) ثم ظهر شخص آخر يدعى (صموئيلو) الذي أصبح ملكاً على إيسين ووقع نزاع على أور بين لارسا إيسين فتمكن ملك لارسا من السيطرة على كامل بلاد سومر وبعد الملك بورسين تعاقب على حكم إيسين خمسة ملوك ولكنهم كانوا ملوكاً ضعفاء وعاجزون فأصابت المملكة الفوضى والإضطراب وتمكن ملك عيلام ولارسا الذي يدعى (ريم سين) من مباغتة بلاد سومر والسيطرة على إيسين وأخضع آخر ملوكها المدعو (دامقليشو) لحكمه كما سيطر على أغلبية المدن السومرية. وتعاقبت على حكم إيسين ستة عشرة ملكاً خلال مئتي عام من (2023-1791) ق.م .
 

G.M.K Team

G.M.K Team
3- مدينة لارسا :

في الحقيقة هذه المدينة كانت ضمن ممتلكات العيلاميين وكما تقدم كان العيلاميون قد شكلوا دولة لهم في هذه المدينة أما العموريون فقد أقاموا دولة لهم في إيسين .حكم هذه المدينة أربع عشرة ملكاً من العيلاميين واستمروا في حكمهم بين عامي 2023-1791ق.م وكما مر معنا فإن ملك إيسين كان قد سيطر على هذه المدينة وبقيت الأمور هكذا حتى قيام جونجونوم من مدينة لاسار وسيطر على مدينة (أور ) وأصبح ملكاً على سومر وأكاد وبعده أبيسارا وبعده صموئيلو الذي حكم مدينة أور أيضاً وكان حكمه يمتد الى (لاكاش) و(كيش) ومن ملوك هذه السلالة الملك (سيني دينام) الذي ضم إيسين الى مملكته وقهر ملكها (زبا) وكان عهده عهد رخاء وعمران فعمد الى حفر نهر دجلة وتعميق مياهه كما قام بأعمال أخرى هامة وعظيمة وفي عام 1833ق.م قام (كورمايوك) من بلاد عيلام وعقد معاهدة مع ملك بابل وهاجما معاً بلاد(سيلي حدد) وسيلي هذا هو آخر ملوك لارسا وتمكنه كورمايوك من الإستلاء على المدينة وعين ابنه ( وارادسين) حاكماً عليها ثم هاجم أور واستولى عليها أيضاً وبعده خلفه أخوه (ريم سين)الذي أصبح ملكاً ودام حكمه ستين سنة وتغلب على ملك آشور ثم أخضع ملك أوروك لحكمه .وفي هذه الأثناء ظهر الملك المشهور (حمورابي)وهاجم بلاد سومر ثم تصالح مع العيلاميين وأغار معهم على بلاد (سوبارو)واقتسم الطرفان بلاد بابل كما داهم بجيشه بلاد إيسين وبعد حرب دامت خمس عشرة عاماً سيطر على بلاد عيلام وتوجه نحو لارسا وشتت شمل جيوش ريم سين وفي عام 751ق.م سيطرعلى كامل الجزء الجنوبي من بلاد (ميزوبوتاميا) الجزيرة.وتمكن حمورابي بالسير ببلاده نحو القوة والمجد والحضارة وأنشأ دولة بابلية قوية.

دولة عيلام



يقول الدكتور عزيز عثمان : إن الشعوب الإيرانية الأربع العيلاميون والكوتيون واللولوييون والكاشيون هي من سلالة واحدة ولها أصل مشترك.هذه الشعوب الجبلية التي كانت تعيش على النهب والسلب كانت ترنو بأربصارها وتتطلع لغزو ومداهمة شعوب مابين النهرين المتحضرة.صاحبة الدول والكيانات تريد نهب مافي أيديها من الخيرات والجاه والمال.ويتعرف الدكتور عزيز عثمان على شعوب مابين النهرين ويسميهم السوباريين والحوريين والسومريين والميتانيين والكاديين والآشوريين والكلدان.

وتبدو الأربعة الأوائل أكراداً والثلاثة الآخرين عرباً جاؤوا من الجزيرة العربية. ويظهر من كتاباته بأن الآشوريين مختلطون. ويستطرد الدكتور قائلاً : إن العيلاميين هم أحد هذه الشعوب التي شكلت دولاً لها في الألف الثالثة قبل الميلاد وكانت بلادهم واسعة وتبدأ من مناطق اتصال السهول بالجبال(1) وحتى خليج هرمز وبندربوشهر جنوباً.وكانت عاصمتهم مدينة (سواز) وقد اكتشف أحد علماء الآثار مخطوطة وكتابات قديمة باسم أحد ملوك عيلام مكتوبة باللغة السومرية واستنتج بأن لغة الكتابة عند العيلاميين كانت السومرية بالإضافة الى لغتهم وعندما أصبح سركون الأكادي ملكاً هاجم بلاد عيلام أبدى العيلاميون بطولات رائعة وقاوموا عدوهم ببسالة نادرة ولكن تمكن سركون من إخضاعهم وانتصر عليهم عدة مرات ودخل عاصمتهم سوازا نفسها وبعد وفاة سركون كان الملك (مانيشتسو)أشد عداوة للعيلاميين وتمكن نارام سين من إخضاع العيلاميين ووصل حتى نهر الزاب ولكن هذه المرة تمكن اللولوييون وبالتحالف مع الكوتيين من مهاجمة بلاد بابل وأكاد -سومر فكان العيلاميون أيضاً طرفاً في التحالف واستطاعوا انتزاع حريتهم والخروج من قبضة الأكاديين الحديدية ولكن تمكن نارام سين من التغلب بشجاعة على تحالفات أعدائه وحطمهم تحطيماً قاهراً وقد سجل الملك هذه الوقائع على صخرة كبيرة تفيد بأنتلك البلاد تقع في مناطق شهرزار ونصب من قبله حاكماً على عيلام مقره مدينة سوزا.كما فرض اللغة الأكادية على العيلاميين وأطلق عليهم أسماء سامية لأن الأكاديين كانوا يريدون صهروإذابة العيلاميين ضمن مجتمعهم ومحوهم من الوجود ولكن تمكن هؤلاء من الحفاظ على لغتهم في المناطق الجبلية ولم يستطع الكاديون تحقيق ما أرادوا حيث اتبع العيلاميون سياسة مرنة مع الأكاديين ولم يحاولوا إثارتهم مما ساعد ذلك على بقاءهم كشعب حافظ على كيانه .وعين نارام سين الأكادي من جانبه حاكماً عيلامياً على مدينة سوزا كما مرمعنا. وتمكن هذا الحاكم المدعو (بزور إنشوشيشاك) المحبوب والمحب لشعبه في نفس الوقت من البلوغ بهذا الشعب الى مستوى متقدم من الرقي والحضارة وقام بأعمال مفيدة وهامة وبذلك كسب محبة بني جلدته من العيلاميين وكبر في أعينهم وباسم نارام سين وسع حدود بلاده وجعلها زاخرة بالعمران والقصور وفي كثير من الأحيان كانت الشعوب المجاورة تلوي له أعناقها وتحاول كسب وده وبعد وفاة نارام سين هاجم بجنده دولة أكاد وأعلن استقلال بلاده وبعد معارك حامية أجبرت قوات بزورنشو على التراجع الى بلادها لتحميها وتدافع عنها. وما إن بدأ الضعف يسري في أوصال الدولة الأكادية وتصل الى حافة الإنهيار حتى سارعت الشعوب الجبلية من لولويين وكوتيين تنحدر من قمم الجبال وسفوحها كاالسيل الجارف نحو بلاد سومر وأكاد (ميزوبوتاميا) وتسيطر عليها .

2- دولة سوزا :

سوزا عاصمة عيلام دخلت ميادين التقدم والحضارة منذ 3500عام قبل الميلاد وسارت بخطوات متسارعة في مجالات العمران والبناء لأن العيلاميين كانوا من أكثر الشعوب ارتباطاً بشعوب بلاد مابين النهرين ودخلت الحضارة الى بلادهم في وقت مبكر .فظهرت الأدوات والأواني المشكلة من الطين كالفخار الملون بالأسود فجأة في بلادهم ثم تطورت هذه الأواني بسرعة وتغيرت ألوانها الى الأحمر والخاكي ويظهر أنها قد انتقلت من بلاد أوروك الى بلاد عيلام -سوزا وتقدمت أوروك بخطى متسارعة نحو الحضارة والرقي وأوصلت بنفسها الى مرحلة الكتابة والتدوين وقد سمى العيلاميون كتابتهم ﺒ (قبل عيلام).ويقال بأن الحضارة انتقلت من بلاد مابين النهرين الى عيلام ويظهر أن الحضارات قد اختلطت ببعضها. واستفاد كل شعب من حضارة الآخر(وتوصل العيلاميون الى معرفة الكتابة منذ (3000) عام قبل الميلاد .لأننا نرى البيوت قد بنيت بشكل أحدث مع أن الأبواب لاتزال ضيقة وغير عالية كما كانوا يدفنون موتاهم في البيوت ومعهم الأدوات التي كان يستعملها الأموات في حياتهم مثل أواني وصحون من المرمر وبداخلها العطور والبخور وأدوات حجرية ومرايا نحاسية وأطعمة وأدوات الزينة كالخرز والعقيق والعقد اللازوردية والصدف والذهب وأقراط ذهبية واساور فضية.وعلى مايظهر فإن الأدوات كانت تضع في سوزا أو يؤتى بها من بلاد ما بين النهرين. وتتمتع حضارة سوزا بتقدير خاص وذلك لأن الكتابة في هذه الوقت لم تكن قد دخلت إيران بعد.

ويقول كريشمان: لقد وجدت في سيالك شرق إيران قطع أثرية صغيرة وعليها كتابات عيلامية (قبل عيلام) وقد استطاع بعض علماء الغرب فك رموز تلك الكتابات ومضمونها. وقالوا أنها تحتوي على حسابات تتعلق بالتجارة ويظهر أن بعضها علقت ببعض الأقمشة لأنها مثقوبة وكانت مدينة سيالك ترتبط بعلاقات تجارية مع عيلام ولذلك دخلتها الحضارة العيلامية بسرعة. ولكن اختفت القراءة والكتابة من بلاد عيلام بعد دخولها تحت سيطرة الأجانب.

3- الدولة العيلامية في مدينة لارسا :

وكما ذكرنا سابقاً فإن العيلاميين كانوا قد أنشأوا دولة لهم في لارسا التي حكمها(14) ملكاً بين عامي 2023-1761ق.م وكما تقدم فإن ملك إيسن كان قد سيطر على مدينة لارسا وتمكن الملك الخامس جونجونوم من دحر أعدائه واستولى على مدينة أور وأصبح ملكاً على سومر كلها.

2- أبيسارا :

أصبح وكما نوهنا سابقاً ملكاً على لارسا بعد جونجونوم وكان الملك المشهورين في هذه الدولة .

- صموئيلو:

جاء بعد أبيسارا حيث أصبح ملكاً على لارسا واستولى على أور و لاكاش وكيش وأحرز نصراً مبيناً على (زبا) ملك إيسن ثم توجه نحو تأسيس دولته وأتحفها بالعمران والقصور وفي عهده ظهر الكثير من الأعمال والأشياء الهامة وأمر بحفر نهر دجلة وتعميق مياهه.

4- كورمايوك:

وكان ملكاً على سوزا وبلاد عيلام.عقد هذا الملك معاهدة مع ملك بابل وهاجم بقواته مدينة لارسا وانتزعها من يد سيلي حدد.

5- سيلي حدد. الرابع من ملوك لارسا.

انتزع كورمايوك ملك سوزا مدينة لارسا منه ثم أصبح أخوه ريم سين ملكاً على لارسا بعده.

6- ريم سين :

حكم هذا الملك ستين سنة وفي سنة 1761ق.م كانت لارسا وبلادما بين النهرين كلها تحت سيطرة الملك حمورابي. وفي عهد (كي خسرو) الفارسي أي بين سنتي 640-600ق.م وقعت حرب ضروس بين الآشوريين والعيلاميين وتمكن الملك الآشوري (آشوربانيبال) من الإستلاء على مدينة سوزا في جنوب وماداكاتو في الشمال. وانتزعهما من العيلاميين .

- تامارينو :

اصبح حاكماً على عيلام من قبل الآشوريين وبعد مدة طرد من منصبه فنهبت البلاد واحرقت سوزا ووقعت مدن(ماداكاتو)و(دورانتاش) وقصور الملك العيلامي (أونتاش) و(غالة) بيد الآشوريين الذين تابعوا التوجه نحو الغرب ووصلوا حتى مدينة (بارسومشا) عاصمة الفرس هذا الشعب الاري الحديث العهد ثم وصلوا جبال بختياري وقد وضع الملك الإيراني ابنه (آروكو)رهينة لدى ىشور بانيبال ليطمئنه وبذلك رده عن بلاده.

- عيلام وسومر :

في عهد (أبيسن)الذي كان من ملوك سلالة أور الثالة عقد العموريون والعيلاميون معاهدة فيما بينهم وهاجموا بلاد سومر وسلالة أور الثالثة واستطاعوا أسر الملك أبيسن فأخذه العيلاميون مع إله القمر(ننرا)الى عاصمتهم سوزا ومنذ ذلك اليوم اختفت الدولة واللغة السومريتان وبقيت اللغة فقط يتناقلها العجائز ويرددها الكهنة في المعابد وكما تقدم فقد أنشأ العيلاميون دولة لهم في لارسا والعموريون أخرى في مدينة إيسن. وقد أنشد الشاعر السومري قصائد ومراثي حزينة على هذه الواقعة المريرة والكارثة التي حلت ببلده فقال :

أصبح العيلاميون أقوياء وداسوا على شرفنا

جاؤا كاالطوفان ودمروا كل شيء

أي سومر متى يأتي الخلاص

العائلة المقدسة أخرجوها من المعبد

دمروا المدن والمعابد

اغتصبوا منا الحكم بالقوة

وكما جاء في ذكر سلالة أور الثالثة فإن ملك بابل (آموصدوق) حارب العيلاميين. وفيعهد الملك العيلامي (شوتروك ناخونتي) تم الإستلاء على بلاد كاردوني البابلية وفي سنة 1170ق.م دخلت كاردونياش أيضاً تحت سيطرةالعيلاميين ولكن بعد مدة قصيرة انتزعها (بختنصر)البابلي منهم بعد معركة حاسمة أريقت فيها الكثير من الدماء ويقول (هورزنك).إن لغة لولو مثل لغة العيلاميين تشكل فرعاً من اللغة القوقازية-الآسيوية ومع ذلك فالمتأمل في أسماء ملوك لولوبي(اللولويين) سوف يدرك صلتها بلغة الحوريين وتبدو من كتابات عزيز عثمان ومحمد أمين زكي بك.أن الشعب الحوري-الميتاني يعد من السابوريين وحل أخيراً اسم نايري محل (سوباري) سوبارتو وأن السوباريين والناريين والكوتيين واللولويين والكاسيين (كاساي) والعيلاميين كلها تعد من شعوب جبال زاغروس وهذه الشعوب هي الأساس والأصل للشعب الكردي أو أنها عبارة عن قبائل وعشائر كردية قديمة ليس إلا.هذا وقد اختلط الآريون والقوقازيون ببعضهم منذ القدم وحتى اليوم تظهر أسماء هذه الشعوب والعشائر في كردستان.وفي أجزاء ومناطق متعددة منها.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
الدولة الكاشية



اسم هذا الشعب يلفظ باشكال متعددة مثل كاشي ،كوشي،كاشو،كاسي، كاساي، وكوسي. في البداية سكن الكاشيون في مناطق لورستان(كردستان الجنوبية)وفي حوالي العام 1600ق.م دخلت بلاد سومر في دوامة من الفوضى والإضطراب مما أدى الى هجرة عشائر من الرحل من روسيا نحو هذه البلاد جنوباً.كما هاجر الحثيون الى شمال سورية وانتزعوها من الميتانيين الأكراد وهاجموا بلاد بابل ونهبوها ومن جهة البحر داهمت جيوش دولة القطر البحري بلاد سومر التي كانت تخضع للبابليين. ولم تمض فترة طويلة حتى زحفت برابرة سفوح جبال زاغروس كاالسيل الجارف نحو بلاد سومر وبابل وجعلوهما تحت سيطرتهم وأنشأوا الدولة الكاردونية (كارونياش) وظلوا يحكمون هذه البلاد مدة ثلاثمائة وستين سنة بين عامي 1530-1170ق.م وكانوا قبل ذلك أنشأوا دولة لهم في جبال زاغروس وبذلك بلغت مجموع مدة حكمهم خمسمائة وسبعين عاماً منها مئتان وعشر سنوات في زاغروس وثلاثمائة وستون سنة في سومر. ويذهب محمد أمين زكي بك الى القول بأن إنشاء دولة الكاشيين كان بين سنتي 1760-1746ق.م وإذا كان ذلك صحيحاً فسيكونون قد حكموا ثمانمئة عام .

أما الدكتور عزيز عثمان فيورد على لسان المؤرخين القول بأن الكاشيين هم مثل الكوتيين والحوريين والميتانيين ينتسبون الى السلالة الآسيوية-القوقازية وقد اختلط هؤلاء الكاشيون مع الشعوب الآرية وتحولوا جميعاً الى آريين واقتبسوا اللغة الآرية (الهندو-أوربية).ويعتقد البعض بأن ملوكهم كانوا غرباء عنهم.وفي الحقيقة فنحن حتى الآن لانعلم علم اليقين ماهية اللغة التي كان يتحدث بها هؤلاء الكاشيون لأنهم تركوا لغتهم وتخلوا عنها عندما دخلوا بلاد سومر وجعلوا اللغة البابلية اللغة الرسمية في دولتهم وبما أنهم كانوا برابرة ومتوحشين فإن بلاد سومر وبابل قد تراجعتا خطوات نحو الوراء في عهدهم وكان السومريون والبابليون أكثر تقدماً منهم بكثير في ميادين الحضارة ولذلك اقتبسوا لغة الأقوى حضارياً ولكنهم حافظو على أسمائهم ولم يخالطوا كثيراً الشعوب الأخرى الغريبة عنهم والتي كانت تعيش ضمن دولتهم واعتبروا أنفسهم أسياداً لتلك الشعوب وقائمة أسماء ملوك الكاشيين تدلنا على أن أول ملك حكم منهم بلاد سومر وبابل عرف ب(كانديش) الذي اتخذ من مدينة بابل عاصمة له .يطلق المؤرخون على هذه الدولة الجديدة بدءاً من هذا الملك اسم الدولة البابلية الثانية كما كان ملوك الكاشيين يسمون أنفسهم بملوك سومر وأكاد وملوك الأطراف الأربعة وحكام العالم وفي البداية لم ترضخ دولة القطر البحري لحكمهم إلا أنهم سيطروا عليها فيما بعد كما سيطروا على شمال بلاد بابل بالقوة وهاجم ملكهم (آغوم الثاني) بلاد الحثيين في سنة 1530ق.م وانتصر عليهم واستعاد تمثال الإله (مردوخ)الذي كان الحثيون قد أخذوه عنوة من سومر كما جلب معه الكثير من الآلات والأدوات الهامة الى بلاده وكان أكبر ملوك الكاردونيين هو (بورنابورياش الأول).

بورنابورياش :

أصبح ملكاً في سنة 1440ق.م بعد آغوم الثاني وحارب الملك الآشوري الرابع (بوزورآشور) ولكنه عقد معه معاهدة فيما بعد وتصالحا. ومن ملوك هذه الدولة أيضاً دكشتل ياش الثاني.

أولاك بورياش :

الذي حاول السيطرة على دولة القطر البحري عام 1440ق.م أو سيطر عليها ولكنها استطاعت أن تحرر نفسها فأعاد آغوم الثالث السيطرة عليها مجدداً.

آغوم الثالث :

استولى على بلاد القطر البحري بالقوة وهدم مدنها ومعابدها.نقل الكاشيون فيما بعدعاصمتهم الى مدينة (دوركولي كارزو)التي بناها الكاشيون أنفسهم وعلى يد ملكهم (كوري كالزو) الذي حكمها سنة 1400ق.م وكانت تقع في مكان أقرقوف (عقرة)الحالية وقد نقب في هذه المدينة اشهر علماء آثار شرق العراق سنة 1942م وحصل على مكتشفات قيمة وهامة وتتحدث مكتشفات عقرة هذه عن الفترة مابين القرن الخامس قبل الميلاد وحتى أواخر أو نهاية الدولة الكاشية (الكاردونية) كما تأتي على ذكر برج ومعابد بنيت في سنة 1330ق.م على يد ملك الكاشيين (كوري كالزو) الثالث وتدل الكتابات الموجودة على المعابد وكذلك قصور المدينة بأن باني هذه القصور والمعابد هو الملك (كوري كالزوالأول) كما تعرفنا على الصلة الوطيدة والعلاقات القائمة بين الكاشيين والمصريين في مختلف المجالات ومن مخطوطات وكتابات تل العمارنة توصلنا الى أن ملك بابل وكاردوني (أنليل كدشمان الأول) بن (كوري كالزوالأول) كان قد بعث برسالة الى ملك مصر (أمنوحتب الثالث) يعاتبه فيها ويقول(كيف ولماذا لم ترسل لي ابنتك لأتزوجها) وفي مخطوطة أخرى نرى أن أخ الملك كوري كالزو الأول ويدعى بورنابورياش الثاني قد بعث برسالة الى فرعون مصر(أخناتون) ولغة الرسالة عنيفة يقول فيها (كيف استقبلت الرسول الآشوري بنفسك وباحترام زائد مع أن والدي أنب الكنعانيين عندما حاولوا محاربتكم ورفض أن يتحالف معهم وقال لهم ألم تعلموا بأنني وملك مصرمتآخيان وبذلك منعهم من محاربتكم). هذا وكانت هناك علاقات تجارية بين الكاشيين والمصريين .حيث كان الكاشيون يصدرون الى مصر الخيول والجواهر ويستوردون منها الذهب كما كانت العلاقات جدية بين الحثيين والكاشيين وكانا طرفين متحالفين ضد أعدائهما الآشوريين ورغم ذلك فكانت العلاقات تتوتر بينهما من حين لآخر ولكنها كانت تنتهي في كل مرة بالتصالح والهدوء ويحدث نفس الشيء بين الكاشيين والآشوريينوكانا عدوين في غالب الأحيان ويحاربان بعضهما ولم يكن لينتصر أحدهما على الآخر.

وفي سنة 1350ق.م تزوج الملك بورنابورياش الثاني من ابنة الملك الآشوري (آشورأوباليت) وعندما أصبح كوري كالزو بن بورنابورياش ملكاً انتفض ضده البابليون ولم يقبلوا بحكمه فإنجده جده آشورأوباليت وأرغم البابلين على الإعتراف به وبحكمه ثم رجع الى بلاده وكذلك تحالف الحثيون والكاشيون وهاجموا بلاد آشور ولكن تمكن الملك الآشوري (توكولتي نينورتا) من السيطرة على بلاد بابل. وباللغة الكاشية فإن اسم بلاد بابل يدعى (كاردونياش) كاردوني ويقصد به بلاد الكرد أما (ياش) فهي أداة تضاف الى أواخر السماء ويعتقد أنها جاءت من اللغات الأجنبية أو ربماجاءت ياش بمعنى (ياك) مثل كاردونياك.ونحن نقول كاردوني، كاردونيان، كاردوكي، كاردوكيان ،كاردوشي، كاردوشيان، ومن المحتمل أن الحرف (ش) في هذه الكلمات وغيرها تفيد الإستمرارية والإستئناف أو استمرارية الجملة واتصالها بالتي تليها مثلما يقول الأكراد كاردونياشي (Kardonyajî) وفي اللهجة السورانية تلفظ (كاردونيش). ونعود الى المسار التاريخي لنقول: بعد توكولتي نينورتا قام رجل من بابل يدعى (حددشوماسر) استطاع أن ينتزع بلاد الكاشيين من يد الآشوريين وجعلها تحت حكمه وبعد ذلك حافظ ملوك الكاشيين على استقلاليتهم ولكن لم يمض وقت طويل حتى سيطر الملك (آشوردان) الآشوري مرة أخرى على بلاد كاردوني .

ويقول محمد أمين زكي بك: بأن آخر ملوك الكاشيين كان يدعى (إيكاميل) وبعد فترة تمكن ملك عيلام (شوتروك ناخونتي) من الإستلاء على بلاد كاردونياش سنة 1170ق.م واصبح آخر ملوك هذه الدولة في عداد المفقودين كما نقل الأشياء القيمة والهامة الى عاصمته (سوزا)كذلك نقل قانون حمورابي والمسلة التي خلدت انتصارات نارام سين ومسلة (مانتشتو سو).وقد اكتشف العلماء الفرنسيون العاملون في مجال الآثار القديمة هذه الأشياء كلها في مدينة سوزا ويقول صاحب كتاب (الرافدان) أن دولة الكاشيين كانت قوية وكبيرة جداً وتتصف بالبأس وشدة الميراس كما كان هؤلاء الكاشيون مثل الميتانيين شعب بدون حضارة ولكنهم اقتبسوا فيما بعد من حضارات الشعوب القديمة واهتدوا بها .

ملوك كاردونيا :

1- كانداش -2- آغوم الأول -3- آغوم الثاني -4- بورنابورياش -5- كشتلياش -6- بورنابورياش الثاني -7- آغوم الثالث-8-كوري كالزوالأول -9- كوري كالزو الثاني -10- كوري كالزو الثالث -11- كدشمان أنليل الأول -12- كدشمان أنليل الثاني -13- حددشوماسر -14- إيكاميل .

هذا ولم يتوسع المؤرخون في جوانب حياة وأعمال هؤلاء الملوك وأن الأسماء الأربع عشرة الواردة أعلاه هي من أصل سبعين اسماً ملكياً وذلك لأن مجرد ورود كلمة الأول معناها وجود الثاني حتماً وأحياناً ترد كلمة الثالث فحتماً يوجد الأول والثاني وهكذا وأنا حتى الآن لم أعثر على قائمة بأسماء جميع الملوك حتى استطيع ذكرهم وهنا نصل الى نهاية الدولة الكاردونية-الكردية في بلاد مابين النهرين. ويعود الكاردوشيون الى بلادهم لورستان.
 
أعلى