تاريخ كردستان

G.M.K Team

G.M.K Team
الدولة الأكادية



1-قامت هذه الدولة في جنوب بلاد مابين النهرين (الجزيرة)ويعتبر الملك (ساركون) مؤسسها وأول ملك لها والأكاديون ذو أصل سامي هاجروا الى جنوب بلاد مابين النهرين منذ 3000عام قبل الميلاد وايتقروا شمال سهل شنعار في بلاد بابل قرب بغداد وكان تسربهم الى المنطقة سليماً وعلى شكل قبائل رحل ثم تحولوا فيما بعد الى الزراعة والإستقرار وأصبحوا ملوكاً وكان ساركون هذا واحد من حكام مدينة كيش من قبل الملك (أور-زاماما)(1) ثم استولى فيما بعد على بلاد كيش وانتهز فرصة انقسام السومريين الى قسمين فشن هجوماً صاعقاً عليهم وتمكن من السيطرة على بلادهم وأصبح ملك العالم كما لقب نفسه ووصلت دولته الى البحر المتوسط وخاض ضد الكوتيين معارك دموية حامية.

ويقول الدكتور عزيز عثمان: استطاع سركون (2) الحاق الهزيمة بالعشائر الكوتية القاطنة سفوح جبال زاغروس والذين كانوا يهاجمون بلاد مابين النهرين باستمرار.كما اسر ملك أوروك السومري (لوكال زاجيزي) وبنى مدينة أكاد بالقرب من كيش ولانعرف حتى اليوم موقع تلك المدينة بالضبط وفي أواخر حكم هذا الملك بنى الآشوريون مدن آشور ونينوى (نينوفا) وبدأوا بالتحرك وانتفضوا وأثبتوا وجودهم كشعب وفي هذه الثناء توفي الملك (ساركون)مخلفة ابنه(ريموش) .

2- ريموش بن ساركون(9):

بعد وفاة سركون خلفه ابنه (ريموش)فانتفض العيلاميون والسومريون ضده ولكن تمكن ريموش من إعادتهم الى جادة الصواب واستولى على مغانم كثيرة منهم أهداها الى إلهه (أنليل) وتمكن من قتل ثمانية آلاف من الجنود السومريين في مدن (أور) و(نيبور) و(أوما) واسر (5500)آخرين وفي معارك أخرى قتل ملك أوما مع (9000) من حلفائه في ميدان المعركة كما أسرمنهم (3500) جندي.

3- مانيتشو بن ساركون (15):

تولى الحكم بعد وفاة أخيه وكما يبدو فإن الآشوريين والعيلاميين كانوا من رعاياه وتحت سيطرته وبنى معبداً في (نينوى)كما صنع له حاكم عيلام تمثالاً نصفياً ووضعه في عاصمته (سوزا) وتقبع في متحف اللوفر في فرنسا مسلة عليها كتابات تدل على أنها تعود الى عهد هذا الملك الذي كان يريد تقوية أمبراطوريته عن طريق ضم المزيد من الأراضي.

4- نارام سين بن مانيتشو (37):

في بداية حكمه شنت هجمات ضارية على مملكته من قبل أعدائه كما خاض هو معارك حامية مع الشعوب القاطنة في الشمال الشرقي والتي وصلت في زحفها حتى نهر ديالي واحتلت مناطق سوربارتو والمناطق الواقعة جنوبي نهر دجلة.تغلب هذا الملك على العيلاميين وفرض سيطرته على بلاد (إنشان). وأهدى لوحة عليها صورته الى إلهه وإله عيلام (عشتار) ويبدو فيها مزهواً بإنتصاره على أعدائه من (اللولويين) المقيمين في جبال زاغروس .كما يظهر في اللوحة نارام سين الملك المنتصر بلباس الحرب وعلى رأسه خوذة حديدية ويتدلى من راسه قرنين وفي يده بلطة ويتقلد القوس والنشاب كما يبدو جنوده وهم ينحدرون من الجبال وبعضهم يرفعون الرايات والأعلام العسكرية والعدو يفر من أمامهم وهم يطاردونه ويدوسونه بالأقداموتتدحرج أجسادهم الى الوديان والشعاب الجبلية والبعض يتوسلون إليه طالبين الصفح والأمان.

وفي أعلى المشهد تظهر نجمتان عاليتان.هذه اللوحة موجودة الآن في متحف اللوفر في فرنسا. هذا وقد ترك (نارام سين) في مدسنة آمد(دياربكر) كتابان ونقوش تخلد إنتصارته على أعدائه وتبين عظم وإتساع البلاد التي استولى عليها حيث كانت حدود مملكته تصل حتى أرمينيا شمالاً وقدخاض نارام سين أيضاً قتالاً ضارياً ضد بلاد سومرو(سومر) وشدد ضغطه على بلاد (أوان) و(فارس)اللتين حافظتا بالكاد على استقلالهما ثم عقدتا معاهدة مع نارام سين وبموجب هذه المعاهدة يقدم ملك أوان له الطاعة والولاء ويصبح تابعاً له وفي عهد هذا الملك دخلت العادات والتقاليد والصناعات والحياة اليومية للأكاديين الى بلاد عيلام. كما انتزع هذا الملك مدينة (نوزي) التي تقع قرب كركوك من الحوريين وضمها الى مملكته ولاتزال ىثار ومخلفات نارام سين تكتشف في هذه المدينة كما ظهرت الآثار التي تعود الى عصره في مصر وكبادوكيا وفي أواخر حكمه ـألف ضده حلف من فارس وعيلام وبلاد الأرز وبدأ الهجوم على مملكته ولكنه تمكن من تشتيت شمل الحلفاء وهزمهم شر هزيمة زأخيراً قامت في (أوروك) سلالة حكمت المدينة حيث دام حكم خمسة من ملوكها مدة ثلاثين عاماً وبهذا الشكل فإن بلاد أكاد قبل وفاة نارام سين قد هزتها العواصف وتحكمت بها المطامح والهواء وعاشت في جو من الفوضى والخوف والإضطراب .



5- إشاركاليشاري :

وهو ابن نارام سين أو حفيد حكم مدة خمس وعشرين عاماً وفي عهد حدثت الإضطرابات والفوضى في بلاد أكاد التي تعرضت لهجمات شعوب عديدة. السومريون من الجنوب والعموريون من الغرب والعيلاميون من الشرق ولكن كان الكوتيون ألد أعداء هذا الملك وبلاده وكان هؤلاء يستقرون في بلاد (كوتيوم) على سفوح جبال زاغروس ويتألفون من قبائل وعشائر تمتهن الحرب وسفك الدماء وتتصف بالبأس وشدة الميراس في البداية تغلب عليهم ملك أكاد وأسر ملكهم ولكنهم عادوا الى نشاطهم من جديد وأغاروا على بلاد أكاد وتمكنوا من إخضاعها والإستلاء عليها وبعد وفاة الملك الأكادي دخلت بلاده كلها تحت سيطرة الكةتيين (كوتو) وبذلك تكون دولة أكاد قد زالت من الوجود والى الأبد بعد أن حكمت مئتا عام بلاد سومر وأكاد.

ملوك أكاد :

1- سركون 2-ريموش 3- مانيتشو 4- نارام سين 5-شاركاليشاري.

وكما يبدو من عدد السنين التي استغرقها حكمهم فإن هؤلاء الملوك الخمسة يكونوا قد حكموا أكثر من مئة سنة بقليل وليس مايقارب المئتي عام هذا في حال كون عددهم صحيحاً.



الدولة البابلية



يقال بأن العشائر البابلية تنحدر في نسبها من العموريين وقد سيطرت هذه العشائر في البداية أي في بداية حروبها على مدينة (إيسن).

ويقول عزيز عثمان: إن العموريين هم عرب هاجروا منذ عام 2500ق.م من شبه الجزيرة العربية متوجهين نحو الشمال واستقروا شمال شرق سورية مشكلين عدة إمارات وكان السومريون يسمونهم مارتو والساميون أطلقوا عليهم اسم العموريين ومعناه الغربيون لأنهم انتشروا غربي الفرات. ويقول علماء التاريخ القدماء في معرض ذكرهم للبابليين والعموريين أن لملوكهم أسماء عربية.وفي البداية كان العموريون في سورية بدواً رحلاً ثم مالوا الى حياة الإستقرار وأنشأوا مدينة (ماري) قرب البوكمال وتقدموا نحو بلاد مابين النهرين واستولوا على مدينة إيسن وأعلنوا قيام الدولة البابلية فيما بعدوقد أنشد أحد شعرائهم ومغنيهم مقاطع بهذه المناسبة حيث قال :

السلاح لايفارق العموريين

لايرضخون لأحد

يأكلون اللحوم النيئة

لايدفنون موتاهم

والآن يسكن مارتو البيوت

هذا وتسمى دولتهم التي أقاموها بالبابلية لأنهم استقروا في مدينة بابل وجعلوها عاصمة لهم وبابل معناها (باب- إيلو)أي بوابة الإله ثم توسعت مدلولات هذه التسمية فإصبح يطلق على كل بلاد ميزبوتاميا بل وعلى كل منطقة الشرق الأوسط فيما بعد وفي عهد هذه العائلة أصبحت بابل مركزاً حضارياً متقدماً حيث انتشر فيها العلم والمدارس وارتفعت أعمدة البناء والقصور وامتدت الحضارة صوب الشرق والغرب وبذلك خطى هذا الشعب خطوات حثيثة نحو الرقي والتمدن ويقول المؤرخون بأن بداية إنشاء هذه الدولة كانت عام 2105ق.م ويرجح آخرون العام 1905 ق.م ويدعي البعض بأن العموريين أصبحوا ملوكاً وحكاماً وأصحاب دولة في عام 1893 ق.م.

هذا وقد حكم هذه الدولة أحدعشر ملكاً بين سنتي 1893- 1595ق.م .

1- سومو آبو:

أصبح هذا ملكاً على بلاد بابل عام 1893 ق.م وفي عهده هاجم ملك آشور (إيلوشوما) بلاد بابل وسيطر على الكثير من المدن السومرية ولكن تحصن الملك في مدينته ولم يستسلم لعدوه وتمكن سومر آبو فيما بعد من إخضاع مدينتي سيار وكيش وحكمهما أربع عشرة سنة .

2- سومولا إيلو :

بني في عهده برج المدينة ومعبد حدد.دام حكمه ست وثلاثون سنة.

3- سابوم:

ابن سومولا إيلو حكم أربع عشرة سنة.

4-إ بلسين :

في عهده وعهد من تقدموه ارتقت بابل كثيراً وخاصة من الناحية العمرانية وأصبحت بلاداً عامرة تنعم بالخير والرفاه.

5- سين موباليت :

اصبح ملكاً في عام 1810ق.م وامتد حكمه الى مدينة أور ودخل في صراع على مدينة إيسن مع ملك لارسا العيلامي ولكن الغلبة كانت لملك لارسا فوقعت المدينة في قبضته.

6- حمورابي :

ابن سين موباليت حكم اثنين وأربعين عاماً ويعتبر مؤسس الدولة البابلية وأقوى ملوكها وأعظمهم هؤلاء الملك الذين كانت تخضع لهم باستمرار بلاد سومر وأكاد. واستطاعوا توحيد شعوب المنطقة في دولة واحدة وتمكنوا من إخضاع مدن أوروك وإيسن لحكمهم.وتمكن هذا الملك أن يوسع حدود مملكته ويمد سلطانها الى بلاد أخرى وبعد فترة من حكمه شكل ملوك لارسا (ريم سين) وسوبارتو وكوتيوم حلفاً فيما بينهم وهاجموا معاً بلاد بابل ولكنتمكن حمورابي من الصمود أمام أعدائه وبعد ثلاثين سنة انتزع لارسا من العيلاميين وقد مدحه الشعراء والمغنون وأسهبوا في ذكر انتصاراته وانجازاته. واستطاع أن يضم مدينة ماري الى مملكته ويسيطر على معظم بلاد سومر ثم توجه نحو بلاد آشور وسوبارتو وكان الملك الآشوري (شمسي حدد) قد وسع حدود مملكته كثيراً وفي عهد ابنه (شمسي داغان) استولى حمورابي البابلي بالقوة على بلاد آشور وضم مدينتي (نينوى) و(آشور) الى مملكته واستسلم له السومريون دون حرب واصبحوا تابعين وحلفاء له وبهذا الشكل فقد أنشأ حمورابي دولة قوية وواسعة في بلاد مابين النهرين وذاع صيته في كل مكان ولقب نفسه بملك سومر وأكاد وملك الأطراف الأربعة وسيد العالم وكان يقال له (أبو العموريين) وقد بدأ بوضع قوانينه وشريعته المشهورة اعتماداً على ماجمع من القوانين والشرائع القديمة وخرج منها بقوانين ودساتير جديدة سميت بشريعة حمورابي وقد ترك هذا الملك العظيم وراءه الكثير من الأشياء القيمة والهامة لايزال يدوي صداها حتى اليوم وأوصل دولته الى مصاف الدول العظمى في ذلك الوقت وسار بها الى مرحلة متقدمة من الرقي والحضارة والمجد.

7- شمسوإيلونا بن حمورابي :

الذي حكم مدة سبعة وثلاثين عاماً وفي البداية سارت الأمور على مايرام ولكن فيما بعد انتفض ضده الكاشيون في الشرق والعيلاميون في الجنوب وهاجموا معاً مدينة لارسا وانتزعوا أيضاً مدن أور وأوروك وبعض المدن السومرية الأخرى. وتمكن السومريون أخيراً من إنشاء دولة القطر البحري وأصبحت هذه الدولة موطناً وملاذاً للسومريين والأكاديين الهاربين من ظلم البابليين واتفاد هؤلاء بالقوة الكثير من مدنهم. كما انتفض الآشوريون في وجه البابليين وناصبوهم العداء وفي تلك الأثناء هاجم الحوريون (الهفيركيون)من الشمال بلاد آشور وانتزعوها من البابليين واصبحت تحت سيطرتهم وفي خضم هذه الصراعات توفي الملك (شمسو إيلونا).

8- إيبي إيشو بن شمسو إيلونا:

وفي عهده وقعت حروب عديدة بينه وبين دولة القطر البحري دون أن يحرز أي منهما النصر على الآخر.

9- آموديتانا : استعاد البابليون في عهده مدن إيسن ونيبور.

10- أموصدوقا: في عهد هذا انتصر البابليون على العيلاميين.

11- شمسو ديتانا :

آخر ملوك بابل وفي عهده هاجم الحثيون بابل من الشمال الغربي وتمكنوا من الإستلاء عليها في عام 1595ق.م بقيادة ملكهم (مورسيل الأول) ولكن لم يدم وجوده في بابل طويلاً إذ قام بسلب المدينة ونهبها ثم رجع الى بلاده ولم يمض زمن طويل حتى تحطمت معنويات الجيش البابلي وخارت قواه وتمزقت الدولة البابلية الى أجزاء صغيرة فانتهز الكاشيون هذه الفرصة وداهموا بجيشهم بلاد بابل وسيطروا عليها بالقوة.وفي الحقيقة فإن تاريخ هذه افسرة وحكمها والدولة التي أسستها غير معروفة لدينا بشكل جيد وقد نشب خلاف بين العلماء حول ذلك ونحن بانتظار كتابات ومكتشفات أثرية قديمة تنير لنا الدرب للإطلاع على أسرار هذه الدولة العريقة التي حانت الآن نهايتها ونهاية العائلة التي حكمتها.
 

G.M.K Team

G.M.K Team
دولة القطر البحري



مر معنا سابقاً اسم هذه الدولة في أكثر من موضع وعلينا أن نقدم الآن بعض التفاصيل عنها من أسسها؟ وماهو أصلهم؟ومن أين جاؤوا؟وكم سنة دامت؟ وكم ملكاً حكمها؟ تزامن إنشاء هذه الدولة مع حكم الملك البابلي (شمسو إيلونا) ويعتبر الملك (إيلوما إيلوم)مؤسسها وذلك في عام 1740ق.م حيث يعرفنا على نفسه ويقول (أنا حفيد دمقليون ملك إيسن السومري) وكما يبدو فإن السومريين والأكاديين الهاربين من ظلم البابليين كانوا يلجأون الى هذه المنطقة التي تسمى (بيت ياكين)على الخليج العربي تخالطهم عشائ كلدانية أيضاً وقد أنشأ هؤلاء الفارون دولة لهم هناك وبذلك سميت دولة القطر البحري أو (بين ياكين) وشعبها أخلاط من السومريين والساميين وقد حكمها أحد عشرة ملكاً خلال ثلاثمائة وخمسين سنة وكان الملك البابلي (شمسو إيلونا)يتطلع الى احتلال هذه الدولة وضمها الى مملكته ولكنه لم يفلح في التغلب عليها وصمد أمامه الملك (إيلوما إياوم)صمود الأبطال واستطاع حماية بلاده من أعدائها وأخيراً تمكن أن يضم مدينتي لارسا ونيبور الى مملكته وفي عهد الملك (إيبي يشود) هاجم البابليون هذه الدولة من جديد ولكنهم عادوا أدراجهم خائبين هذه المرة أيضاً وفي عهد (آموديتان) تمكنوا من هدم سور مدينة إيسن ولكنهم لم يفلحوا في دخولها وتمكن (دمقليون)الملك الثالث من بين ملوك دولة القطر البحري من استعادة مدينة إيسن التي كان البابليون قد احتلوها لبعض الوقت.وأعاد بناء سورها مجدداً وعندما سيطر الكاشيون على بلاد بابل استولوا أيضاً على دولة القطر البحري ودمروا عاصمتها (بيت ياكين) وهدموا معبد (أيا).



الكاردوشيون واللولو والحوريون والميتانيون



- الدولة النايرية :

قبل مجيء الآريين كانت تسكن هذه المنطقة شعوب أخرى قديمة جداً كالناريين الذين استقروا في بوتان وشمدينان تحت هذا الإسم وقد اختلطوا مع العشائر الآرية التي هاجرت الى كردستان أو أنهم جميعاً انضوا تحت لواء الدولة الميدية الآرية.

ويقول الميجرسون: بأن الناريين هم الأسلاف المباشرون للشعب الميدي ولكن بعد زوال الدولة الميدية عرفت بلاد ناري بإسم (كرديان)أوبلاد كرديان وهؤلاء أسلاف أكراد اليوم وأحفاد الميديين القدماء.وكما يبدو وقبل أن تستقر العشائر الآرية في كردستان كانت هناك بعض العوائل والعشائر القديمة اتخذت من كردستان موطناً لها كاالكاشيين والناريين واللولووالكوتيين وكرديان وقد اختلطت هذه العشائر مع القبائل المهاجرة الجديدة وانصهرت في بوتقتها ويدعي البعض بأن الكاردوكيين والكاردوشيين والكارودخيين هم من تلك القبائل الآرية الرحل الجديدة التي سكنت كردستان قبل مجيء الميديين ويقول بأن ماد،،بارس،ماني،سيت هم كاردوشيون. هذا واستقر الماديون في بلاد ميديا والمانيون في جنوب شرق بحيرة أورمية والبارسيون في منطقة شيراز والكاردوشيون في مناطق بوتان وهكاري. ويقول سيدني سميث: حتى الآن لم تكتشف بلاد سيت ولانعرف عنها إلا القليل ولكن في جعبتنا معلومات تفيد بأن السيتيين كانوا يشاركون الميديين في هجماتهم ضد الآشوريين وفي معرض ذكره عن المانيين.يقول سميث: حتى اليوم لانعرف شيئاً عن لغة المانيين ولا إلى أي فرع تنتمي ولكن علينا أن نشير الى أن السيتيين يستقرون اليوم ضمن مناطق عشيرة (الأومريان) في شمال مدينة نصيبين ومن الجائز أن تكون عشيرة الأومريان هذه من بقايا السيتيين أو هي من بقايا (أوما) وتوجد اليوم عشيرة بإسم (ألمانا) في شمال بلاد غرزان-بدليس ومن المحتمل أن تكون من بقايا المانيين القدماء.ويستطرد سميث قائلاً: في الحقيقة يستحق الماديون والكاردوشيون من بين تلك الشعوب التحدث عنهم والإسهاب في ذكر أخبارهم.هذا ويعتقد أغلبية المؤرخين بأن الناريين هم من بقايا السوبارتيين وفي وقت ما كانت بلاد نايري تمتد من شمال سورية وحتى شمال بحيرة وان ومن بقايا الناريين اليوم في هذه المناطق عشائر النهري ويقال لها (شمدينان) نسبة الى أحد زعمائها (شمس الدين).

الكاردوشيون- الكاردوخيون- الكاردوكيون:

كلها تسميات لشعب واحد وساء أكان من المجموعات القديمة أم الحديثة فقد ظهر هذا الشعب في سنة 410ق.م على مسرح الوجود.وكزينوفون القائد اليوناني الذي كان أحد تلامذة سقراط يقول :إن الشعب الكاردوشي لم يقبل في يوم ماوصاية الإيرانيين عليه مطلقاً ولم يدخلوا تحت حكمهم ومن المفترض أن أحد ملوك إيران الأخمينيين قد داهم بلاد الكردوخيين بجيوش جرارة ولكن تحطمت قواته وأبيدت عن بكرة أبيها ولم يعد جندياً واحداً الى بيته حباً وكزينوفون هذا كان قد ألف في عام 401ق.م كتاباً سماه(أناساسيس)(1) يبين فيه تفاصيل انسحاب العشرة آلاف من الجنود اليونانيين الى بلادهم حيث يقول :في عام 401ق.م كان (كي خسرو) حاكماً من قبل أبيه على (كبادوكيا) وكان يتطلع الى انتزاع ملكية إيران من أخيه (أدشير) وكان في جيش كي خسرو ثلاثة عشرة ألفاً من المرتزقة اليونانيين بالإضافة إلى الجيش الفارسي وبعد مقتل كي خسرو وكذلك القائد اليوناني (كليرخوس) في المعارك المتلاحقة اختارني اليونانيون قائداً عليهم واضم الجيش الفارسي الى ملكه أردشير وعبرنا نحن جبال كردستان(الكردوخيين) جبال زاغروس متوجهين الى بلادنا نحو(طرابزون) والبحر الأسودوإعتباراً من(زاخو) بوابة زاغروس وحتى قرب طرابزون لم ينقطع الكردوخيون عن مهاجمتنا وقتلنا وسلبنا ومن أصل ثلاثة عشرة ألفاً من جنودنا وصل منهم عشرة آلاف الى بلادهم والباقون أبيدو على يد هؤلاء الكردوخيين الذين كانوا أبطالاً جبابرة شديدو المراس ورماة نبال مهرة. ويتابع كزينوفون القول :

لقد وصلنا الى مدخل ممر جبلي ضيق وكان من المفروض أن نمر به ونجتازه وعندها تذكرت بأن إجتيازنا لهذا الممر سيجلب لنا المخاطر ويعرضنا لمهاجمة الكردوخيين وسنباد عن آخرنا ولكن ابتسم لنا الحظ عندما ألقينا القبض على اثنين منهم في أعلى الممر الجبلي وقلت لهما بنبرة تهديد سأقتلكما إذا لم تدلاني على طريق آمن فوق سفوح هذه الجبال كي يسلكه جنودنا ولكنهما قاوما رغبتي وأصرا على الرفض عندئذ لجأت الى حيلة تمكنت بها من خداعهما فعمدت الى ربط أحدهما وسلمته الى بعض جنودي وأمرتهم أن يأخذوه الى ماوراء هذا المرتفع ليقتلوه ولكني أسريت للجنود أن إربطوه هناك ثم عودوا لتقروا بقتله وبذلك خاف الآخر ودلنا على طريق آمن في أعالي الجبال وبعدما ابتعدنا قليلاً تركناه وقلنا له اذهب وفك وثاق صاحبك.

ويقول مينورسكي :لقد اكتشفت وثيقة قيمة تعود الى القرن السابع قبل الميلاد في أرمينيا تتحدث عن بلاد (الكورجيخ) بأنها بلاد صغيرة تقع قرب مدينة (سلماس) ولكن أصبح هذا الإسم فيما بعد يطلق على مناطق واسعة تمتد من (جولمرك) وحتى جزيرة (بوتان) وكانت بلاد الكورجيخ تضم مدن.كوردوخ، شي كوردوخ، كوردزيخ، كورديخ،إيتوانخ،إيكارخ،موسلوخ، أوسولانخ،أوسيروخ،أورسيانك، كاراسونيخ ،سارابوتيخ، جاهوك، ألباك، بجوك.

ويستمر مينورسكي في كلامه قائلاً:يذهب (فوستوس)العالم اللغوي الشهير إلى أن كوردوخ وكوردويخ وتموريخ هي أسماء حلت محل مناطق أوبلاد (كوردين) القديمة وعلى مايبدو فإن هذه الأسماء التي ذكرها مينورسكي وفوستوس جاءت من اللغة الأرمنية ومثل هذه الأسماء أو قريبة منها يسردها شرف خان أيضاً مثل كورجكان، أوجكان، جخور،كفندور، أختمار،أوموك، كلهوك، كلخار، تاتيك، سو، وعلى مايبدو فإن هذه السماء والمناطق كلها تقع في بلاد (روشكا) كما يسميها المؤلف. أي بلاد الشرق:وهذه قريبة من الأسماء الأرمنية .(كورجيكان) و (أوجيكان) وهي ليست بعيدة عن التسمية (كورجيخين) ومن المحتمل أنها الكرمانجية القديمة.

السيرتيون :

يقول العلامة مينورسكي .كان يقطن كردستان شعب يدعى (سيرتي)أو السيرتيون وينتقل هذا الكلام عن ثلاثة علماء كبارهم (ليوواي)و(بوليم بيموز) و(ويسباخ) ويقول أيضاً .بين عامي 220-117ق.م وقعت حرب ضروس بين الرومان (السلوقيون) وملك بيدخاموند وكان جنود سيرتيون يشاركون في الحرب ويستطرد مينورسكي القول. السيرتيون أكراد جاؤوا من بلاد إيران وسكنوا كردستان ومناطقها الواقعة غربي جبال زاغروس وحلوا محل (الكاردو)القدماء واستقر بعضهم في شمال سوريا وآخرون في جبال طوروس.هذا ويقول محمد أمين زكي بك إن من الجائز أن يكون (سيرتي)سيرته اسم لعائلة كردية التي تحول اسمها فيما بعد الى (سبايرد)وقد التقى (مارك سايكس) بهؤلاء في شمال زاخو . وفي الحقيقة فإن سبايرد هي عشيرة كردية ولكن يطلق اليوم اسم سيرت(سيرته) على مدينة كردية تقع في كردستان الشمالية الواقعة تحت سيطرة الأتراك بين بوتان وغرزان وأن (سيرتا)أو سأرتا هي مدينة صغيرة وموقعها وسط منطقة غرزان وفي الحقيقة أيضاً فإن الذين استقروا في جبال أنتي طوروس هم سيتيون وليسوا بيسرتيين.



الموسريون - المزوريون :

يقول سيرأولمستد:إن موسري اسم عائلة كردية(مسري)وهؤلاء المسوريون منذ عهد سنحاريب الآشوري بين عامي 507-682ق.م وحتى اليوم يعيشون بين نهري الخازر (الزاب) ويستخرج مينورسكي من مخطوطة قديمة طبعت في لندن عام 1907م ويقول بأن ( الآساغاريتون)هاجروا من بلاد سيستان واستقروا في بلاد آشور قرب أربيل وأن اسم زعيمهم هو(جاتراتخما)الذي قتله الملك الفارسي (دارا) وعلى صخرة كبيرة في جبال بهستون اكتشفت لوحة له أو نصب أثري قرب نصب دارا وملوك آخرون ومن هذه النصب يظهر أن هيئته وملامحه ومايتزين به وسحنته تدل على أنه شخص كردي ومن المحتمل جداً أن يكون السيرتيون-السيرديون هم من الآساغارتا وأن سيرت وسيردا كل منهما اسم لمدينة والأخير هو اسم مدينة صغيرة في منطقة غرزان واسبايرد عشيرة كردية تتخذ من شيروان موطناً لها وعلى مايظهر فإن كردستان القديمة وكما هي عليه اليوم كانت مجزأة ومقسمة وكل عشيرة كانت تكون لنفسها دولة مستقلة تعرف بإسمها مثل بوتان، بهدينان، سوران، بابان، أردلان.

الآلان :

يدعى البعض بأن الآلان هؤلاء استقروا في البداية في بوابة (داريال) وتقدموا حتى وصلوا الى مناطق زوزان(1) ثم توجهوا نحو الغرب فارقين من بطش المغول وهم من السلالة الآرية وقد غرقت هجماتهم كردستان في بحار من الدماء وتظهر قصص وآثار الآلان في كردستان الغربية مثل(ممي آلان) بطل قصة (مم و زين) ويقول القاصون أن هذا البطل جاء من بلاد (مغرب زبين) الى الجزيرة ويلفظ هذا الاسم أيضاً آليان وآليكان و آلكان .

و(آيكا) هي عشيرة كردية من البدو الرحل تسكن شرقي مدينة نصيبين .
 

G.M.K Team

G.M.K Team
دولة وبلاد لولو



لم يعرف تاريخ بلاد لولو بشكل جيد وعلى نحو يدعو للإطمئنان .بل يكتنفه الكثير من الغموض والشك ويحدد الجغرافيون القدماء بلاد هذا الشعب .فيضعون في الشمال زاموا ونامري ومن الجنوب بلاد عيلام ومن الشرق سومي وهاشمار وهارهار وهالمان ومن الغرب بلاد (أرابخا) وكركوك هذه المواقع والبلدان تحدد بلاد لولو من أربع جهات وتقع ضمن هذه المنطقة مدن بابيت، داكار، بارا، كاكري، زيمري، هودون، مسد ، مسو ، أرزيرو، أوزي، كينيا، ومن الجبال المشهورة هنا نيسير، كيني، زركويي، نيكديم، نيكدي،إير،سيماكي، أزيرو، كولار، لالار، سيواني، تيشي هورمان.ومن الأنهار نهر رادنو وأدير. هذا وكانت بلاد لولو جميلة جداً وذات عمران وقصور وقد امتدحها بإعجاب الملك الآشوري(آشور ناصربال) الذي جلب البعض من اللولويين للعمل في بلاده.

لغة لولو :

يقول هوزينك: عالم لغات الشرق القديم .من المحتمل أن تكون لغة لولو مثل لغة العيلاميين من الفروع القوقازية -الآسيوية ولكن إذا تأملنا جيداً أسماء ملوك هذا الشعب فسوف يتبدار الى الذهن بأن لغته قريبة من لغات الحوريين والميتانيين والسوباريين وفي الحقيقة فمعرفتنا بلغة لولو قليلة جداً (كردوكردستان).

ويقول الدكتور عزيز عثمان: إن بلاد لولو هي تلك البقعة التي يمر فيها طريق بغداد-همدان-طهران وكان اللولو يفرضون الرسوم على القوافل والأشخاص الذين يمرون عبر هذا الطريق. ومع أنهم كانوا أعداء للشعوب القاطنة في جنوب بلاد مابين النهرين والتي شكلت هناك دولاً لها وكيانات إلا إنه كانت لهم علاقات تجارية مع هذه الشعوب يصدرون منتوجاتهم إليها ويمارسون البيع والشراء معها كما اقتبسوا من حضارات هذه الشعوب التي ساهمت في تقدمهم ورقيهم.

وفي ساريبولي اكتشفت آثار قيمة جداً وكذلك في زها وحلوان .وتم العثور على المسلة التي بناها (مارام سين) ودون عليها أمجاده وانتصاراته وحروبه وبطولاته ضد شعب اللولو والكوتيين. كما اكتشفت على ضخرة قديمة لوحة تمثل ملك لولوبي وهو يمسك بقوس ويضع رجله على ظهر أحد أعدائه ويحاول رميه بسهم إلا أن الكتابة على هذه الصخرة قد محيت ولم يبق أو يظهر منها سوى اسم الملك اللولوبي(تارلوني) وبشيء من الوضوح وفي حفريات ساريبولي أيضاً اكتشف نصب الملك اللولوبي(آنوبانيني) منقوش على صخرة يظهر فيه الملك فارع الطول عاري الصدر وذولحية مربعة وقلنسوة مدورة وثياب قصيرة مصنوعة من جلود الوحوش والضباع وينتصب واقفاً أمام الالهة (نيني) وفي إحدى يديه القوس والنشاب وفي الأخرى بلطة كما يبدو وهو يضع رجله على ظهر عدوه ونيتي هذه امرأة على رأسها تاج ثمين وثيابها طويلة مصنوعة أيضاً من جلود الوحوش وهي تمد يدها الى الملك وباليد الأخرى تمسك بحبل ربط به أسيران وهما يطأطآن رأسيهما للإلهة لاويين عنقيهما لها وفي أسفل الصورة ستة أسرى وقد ربطت أياديهم خلف أعناقهم ويقفون عراة يدعون الله ويتضرعون مثل هذه الآثار والمخطوطات والتماثيل القديمة قيمة جداً وثمينة من الناحية العلمية لأن الكتابة لم تكن قد دخلت إيران بعد لتدون لنا تاريخ هذا البلد ومن المحتمل أيضاً أن يكون اللولو قد اقتبسوا شيئاً من حضارة الأكاديين.

ويقول محمد أمين زكي بك . أن شعب لولو استقر في مناطق زهاو وحلوان وشهرزور والسليمانية ولا نعرف بالتأكيد متى كانت هجرتهم الى هذه البلاد وفي أي سنة جاؤاها والشيء الذي نعرفه عنهم هو أن هؤلاء اختلطوا مع الكوتيين وشكلوا معاً دولة مستقلة .هذا وقد اكتشفت مخطوطة قديمة في مناطق زهاو-حلوان تعود الى سنة 2800ق.م وتتحدث عن عهد آنوبانيني(آنوباني) ملك الكوتيين واللولوبيين ويرد فيها أن بلاد زهاو-حلوان كانت من ضمن ممتلكات اللولووحسبما يقول الدكتور سبايزر فإن بعض ملوك تلآشوريين في القرنين التاسع عشر والثامن عشر ق.م كانوا من اصل لولوبي.هذا وقد سكن البعض من اللولوبيين في سورية وكان ملكهم (لاسيراب) يعاصر سركون الأكادي.كما أن الوثيقة التي اكتشفت على يد الميجرسون في جبال قره داغ تتحدث عن نارام سين الملك الكادي وتقول هاجم هذا الملك بجنوده بلاد لولو واستطاع أن يخضعها لحكمه بالكامل ولكن الجيش الكوتي أنجد اللولوبيين وتمكنوا من إلحاق الهزيمة بالأكاديين ومن المحتمل أن يكون شعب لولو قد بقي مستقلاً في شؤونه الداخلية بمساعدة الكوتيين.ولكننا بعد تلك الحادثة لم نعثر على ذكر لأحداث مستقلة تتحدث عن شعب لولو المستقل ماعدا نتفاً من أقوال ترد على ألسنة بعض ملوك آشور تفيد بأن اللولوبيين قضوا فترة من الزمن مختلطين مع الكاشيين والكوتيين والسوباريين وقد عاصروا نارام سين ملك لولو المدعو(ساتاني) ومن المحتمل أن يكون نارام سين قد هزم هذا الملك في احدى حروبه.

ويستمر محمد أمين زكي بك في كلامه قائلاً في العهود التي حكم فيها ملوك الآشوريين (تيغلات بلايزر) و(حددنيراري) و(توكولتي نينورتا) وقعت في كردستان حروب دموية وسلب ونهب وقتل وتدمير على يد الآشوريين وقد لاقىالشعب اللولوبي الأمرين من هؤلاء الآشوريين كما داهم (ناصربال الثاني) بجيشه بلاد لولو بين سنتي (884-880)ق.م وخلال السنوات الأربعة هذه شن هذا الملك أربع هجمات على اللولوبيين الذين كانوا في تلك الفترة تحت سيطرة الملك الكاردونياشي-البابلي ثم اقتحم بوابة بابيت بازيان وتمكن من دخول بلاد لولو ومدن بابيت وداكار وباراوكاكري وعشرين مدينة أخرى واخيراً دخل مدينة (زيمري) عاصمة اللولوبيين وقام بتدميرها وحرقها ونهب ممتلكاتها وحسبما يقول (أولمستد). نقلاً عن التاريخ الآشوري فقد انهزم الملك اللولوبي(أميخا) بعساكره أمام الآشوريين وهربوا الى جبال نيسير وكينيا وبيرمغرون ولكنهم استسلموا أخيراً لإبن ناصربال الذي بنى مسلة كتب عليها وقائع هذه الحروب حتى يخلد انتصاراته فيما بعد هاجم الملك شالمنصر بلاد لولو واستولى في سنة (859) ق.م على مدن زاموا ونامري وكان حاكم نامري يدعى (مردوك)الذي هرب من الآشوريين الى الجبال وتمكن شالمنصر هذا أن يستولى في سنة (829)ق.م على مدينة (كورخي) أيضاً ولكن لم يصمد الملك الآشوري شالمنصر الثالث في سنة (773) ق.مأمام (ساروديس) ملك أورارتو(الخالديين)الذي أخضع بلاد لولو لحكمه أما في القرن الثامن عشر قبل الميلاد فقد دخلت بلاد زاموا تحت سيطرة الآشوريين الذين عينوا عليها حاكماً آشورياً يدعى (آبيلا)فغير اسم تلك البلاد الى (لولوم).وعلى مايبدو فإن زاموا كانت جزءاً من بلاد لولو ولكنها كانت تحت حكم أحد الآغوات المستقلين في شؤونهم ومن المحتمل أن تكون نامري أيضاً مركزاً لأحد الآغوات في ذلك الوقت. وأن يكون لولو اسم عشيرة كبيرة.

ويقول محمد أمين زكي بك . يعتقد أن نامري يقصد بها مناطق بيشدار وسردشت لأن اسم نميري ونميران تطلق على سكان منطقة هيزان ويحتمل أنهم جاؤها من مناطق أخرى.ويبدو أن لولان ولوران اسمين لعشيرتين كردتين في مناطق كردستان ولوي اسم منطقة جغرافية ولولان عشيرة كردية تسكن في أراضيها الواقعة على حدود منطقة بارزان وبيت الشيخ رشيد لولان من البيوتات المعروفة في تلك المناطق.

الخالديون والموشكيون :

يقولون سيدني سميث.سكن في المنطقة المحيطة ببحيرة(وان) شعب فتي يدعى (الخالدي) أو الخالديين وقد ذكرهم الملك الآشوري شالمنصر في سنة 1260ق.م وكانت بلادهم تدعى أورارتو أو أرارات ويحتمل أنهم كانوا يعبدون إلهاً يدعى (خالديان) على الرغم من أن اسمه لم يتوضح لنا بما فيه الكفاية ألا أننا يمكن أن نؤيد الإعتقاد السائد ونعتبره إله الخالديين الذين اتخذوا منه اسمهم. هذا ويذهب علماء التاريخ الى القول بأن الخالديين هم من الجنس القوقازي -الآسيوي كما يدعي فون مينورسكي ويقول .أن اسم (خالدي) كان معروفاً بشكل أكبر في أورارتو وبين الآشوريين.سكن هؤلاء في البداية في جبال أرارات ثم ظهروا في القرن التاسع قبل الميلاد في بلاد أرمينيا وأخيراً شكلوا دولة لهم في المنطقة المحيطة ببحيرة وان وقد عرفوا بهذا الإسم حتى القرن السادس قبل الميلاد وكانوا أصحاب جاه وسلطان.

ويقول(لهمانهوبت).وحسبما ورد في كتاب(كوتيغن).تختلط مع الخالديين شعوب عديدة غريبة عنهم جاءت الى المنطقة واستقرت فيها.(طبع هذا الكتاب سنة 1907م) .

ويقول أحمد رفيق بك في كتابه (التايخ العام).حتى اليوم يتواجد الخالديون في مواطنهم وقد اختلطوا بالأرمن.أما فون مينورسكي فيقول تعقيباً على كلام هذا الأخير. في القرن السابع الميلادي وفي الوقت الذي تزامن فيه مجيء الأرمن الى المنطقة توزع الخالديون في الجبال ولكنهم حافظوا على تسميتهم ولاتزال آثارهم باقية هناك ويحتمل أن تكون مدينة(خلاط) من بقايا مدنهم وتطلق هذه التسمية (خالدي) اليوم على بعض الشعائر الكردية المتصفة بالإقدام والشجاعة الفائقتين وغالبية الناس المنضويين تحت لواء هذه العشائرهم يزيديون (يزداني)ظلوا متمسكين بالديانة الزرادشتية كما عرفت العشائر الخالدية الكردية في مناطق بوتان وغرزان بعلوا لهمة والشجاعة النادرة كما سبق ويحنمل أيضاً وجود بقايا هذا الشعب في جبل سنجار ومناطق غرزان حيث يتكرر الحديث هناك عن (سلالات أمراء بوتان).

لغة الخالديين :

يقول أحمد رفيق بك صاحب كتاب (التاريخ العام)أن لغة الخالديين قريبة من لغة الكرج واللاز وبدون شك فإن هؤلاء الخالديين لم يكن ليتحدثوا إلا بالكردية (الكرمانجية) وكانت عاصمتهم توشبا(وان) وفي سنة 743ق.م هاجم الملك الآشوري ( تيغلات بلايزر الثاني)بلاد الخالديين ووصل حتى مدينة توشبا (وان) عاصمتهم ومدن (بورسيبا) و(توروشبا) ولكنه جوبه بمقاومة عنيفة من الخالديين الذين استطاعوا وبعد معارك ضارية أن يردوه على أعقابه. وكانت نهاية الدولة الخالدية على يد الميديين ومن المحتمل أنهم لم يروا في سيادة الميديين انتقاصاً من كرامتهم بل اتحد الشعبان معاً في كيان واحد ووقفوا في وجه الدولة الآشورية الغازية.

الموشكيون :

وبناء على كلام السيد سيدني سميث فإنه في القرن الحادي عشر قبل الميلاد وفي الوقت الذي انهارت فيه الامبراطورية الحثية وقعت كردستان الشمالية تحت سيطرت الموشكيين ودام حكمهم لها خمسين عاماً وتمكن هذا الشعب الفتي من السيطرة على جنوب بلاد (كبادوكيا-كيليكيا) وكان الرومان يسمون هؤلاء (موشي) وقد حاول الموشيون مؤخراً الإستلاء على شرق بحيرة وان ولكنهم لم يفلحوا وبين سنتي (1110-1100) ق.م وجه الآشوريون بقيادة تيغلات بلايزر الأول.ضربة قاصمة الى الموشكيين فكانت هزيميتهم على يديه شر هزيمة.هذا ويمكن أن يكون قصد سميث بالحرب التي وقعت خلال هذه السنين هي تلك الحروب التي خاضها تيغلات بلايزر الأول ضد بلاد سوبار ومدينة (مشرش)أو شوش وقد جابه الموشكيون والسوباريون والكارتيون أعدائهم الآشوريين صفوفاً متراصة واستمرت المعارك فترة طويلة هذا وبقي البعض من هذه الأسماء القديمة حتى اليوم في كردستان فشرش أو (شيرش)هي قرية تقع اليوم في سهل(هساري) و (شوش) قلعة مشهورة في منطقة بادينانو(شورش)هي عاصمة الدنابلة (دنبلا) في جبال مازي و(كورتكا) اسم إمارة كردية تقع في منطقة سليفا-غرزان و(كوردكا) قلعة في منطقة شيروان أما(كورتي) فهي قلعة كردية مشهورة في غرزان و(كوديه) قرية في مناطق عشائر الأمريان و(كردا) اسم عائلة كردسة تنتمي الى عشيرة البوبلان كما يقع سهل (كردا)في شمال دياربكر و(موش) مدينة كردية تقع شمالي بحيرة وان وأن (موشيكا)هي عشيرة كردية تسكن منطقة قوما كما أن (مشكينا) عشيرة كردية تقطن غربي ماردين.

الحوريون- الحورانيون- الهفيركيون:

من هم الحوريون؟ومن أين جاؤا ؟ وماهو تاريخهم؟

منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد سكن الحوريون في المنطقة الواقعة بين نهر الفرات وجبال زاغروس (زاغو)وتعتبر هذه المنطقة جزءاً من بلاد ما بين النهرين تحت اسم سوبار وسوبارو وسوبارتو أو سابورو وهي تسميات لمسمى واحد. وأخيراً حل اسم حوري محل سابورو وقد بذل العلماء والمؤرخون جهوداً مضنية في البحث عن اسم الحوريين ومدلولاته وقد توصلوا إليه أخيراً واستنتجوا بأن اللغة الحورية تشبه اللغة الآسيوية-السومرية واعتقد البعض بأنها آرية وتكتب بحروف (ميخية) وتلك قصة اللغة الكاشية أيضاً.ويسود الإعتقاد بأن الكوتيين والكاشيين والسومريين والحوريين هم شعب واحد ومن أصل واحد مشترك وكان يحكم الحوريين والكاشيين زعمائهم الذين كانوا آريين ويعزى ذلك الى مجاورة هؤلاء للهندو-أوربيين الذين اختلطوا مع الشعوب القديمة أثناء هجرتهم الى هذه المناطق واسقرارهم فيها حيث اكتسبت هذه الشعوب مسحة آرية في اللغة والعادات والتقاليد وفي كل شيء وبذلك انصهرت في بوتقة المجتمعات الآرية وأصبحت جميعها في حكم الشعوب الهندو-أوربية ولكن لم يتوصل العلماء الى معرفة كل شيء عن الحوريين ويتطلب ذلك زمناً طويلاً حتى يتسنى للمهتمين التعرف على لغتهم بشكل مرض ونحن بانتظار المؤرخين ليفسروا لنا المخطوطات الأثرية التي كتبت باللغة الحورية لنصل الى ماهية هذه اللغة وحقيقتها وإنتمائها وعندئذ سنتعرف على أساس وأصل الشعب الحوري.هذا وقد اكتشفت بعض الكتابات الأثرية التي تعود الى الحوريين في أورغاريت(رأس شمرا) وكتابات أوغاربديت تخبرنا بوقوع بلاد سوريا(أوغاريت) تحت سيطرة الحوريين والسوباريين والميتانيين.كما استولى الحوريون في عام 1500ق.م على جميع أراضي سوريا أي أن الحوريين كانوا حكاماً لسوريا قبل 3400عام وامتد حكمهم من جنوب سوريا وحتى جبال زاغروس وكان المصريون يطلقون على فلسطين وسوريا اسم بلاد الحوريين أو بلاد حوري.كما اعتقدوا بأن الهيكسوس جاؤوا من هذه البلاد وفي بداية القرن السادي قبل الميلاد كان الحوريون في أوج قوتهم وعظمتهم ومملكتهم في أقصى اتساعها وفي هذه الفترة انقسم الحوريون الى قسمين الميتانيون والحوريون وشكل كل قسم دولة خاصة به .فالحوريون سكنوا في شمال بلاد الهلال الخصيب وكانت عاصمتهم في موقع مدينة أورفة(الرها) الحالية وامتدت بلادهم الجديدة من جبال زاغروس الى شمال ميزوبوتاميا(الجزيرة) وحتى نهر الخابور غرباً والشيء غير المؤكد حالياً هو حدود دولتهم وبلادهم حيث لازال الغموض يكتنف هذه الحدود والبلاد وكانت مدينة (نوزي) التي تقع قرب كركوك ضمن ممتلكاتهم وأحياناً تصبح عاصمة كما كانت مدينة (رزينا) واسمها اليوم رأس العين أحدى مدنهم المشهورة وفي كركوك اكتشفت كتابات وآثار قديمة تعود الى العهد الحري وهي مكتشفات ثمينة وقيمة جداً كتبت أيضاً بحروف(ميخية) وقد عرفنا منها الشيء الكثير عن الحوريين ولكنها ليست كافية لكشف كل غموض وأسرار هذا الشعب وتاريخه. وقد امتدت سيطرة الحوريين على المدن السورية الساحلية ومنها أوغاريت كما استولوا على مدينة (قطنا)(1)التي يقال لها اليوم (التل) وضموا أراضي فلسطين الى مملكتهم ووصلوا قرب مدينة حمص وقد اكتشف علماء الآثار مؤخراً ألواح من القرميد عليها كتابات تأتي مراراً على ذكر الحوريين ولكن الى الآن لم نعثر على كل مايتعلق بهذا الشعب وتاريخه كما أسلفنا وبقي قسم كبير من هذا التاريخ مفقوداً وغامضاً ولنا وطيد أمل في كشف الكثير من تاريخ هذا الشعب ولغته وحضارته من خلال الآثار التي اكتشفت في رأس شمرا وأوغاريت .
 

G.M.K Team

G.M.K Team
الميتانيون بلادهم شعبهم ولغتهم



1- إن حدود الميتانيين أو الحوريين الغربيين وتاريخهم أكثر وضوحاً وتحديداً من بلاد الحوريين وكان سكانهم في المنطقة الواقعة بين نهري الفرات والخابور وأحياناً يتوسعون شرقاً أو غرباً وكانت عاصمتهم (واشوكاني) تقع قرب رأس العين الحالية وخلال الحروب التي دارت رحاها بين المصريين والميتانيين كان المينانيون يحاربون الفرعون المصري(تحوتمس الثالث) بجنود من سوريا وكان هؤلاء يريدون إخراج المصريين منها ولكن كثيراً ماكان الميتانيون والسوريون يتراجعون أمام الجيش المصري ويدفعون لهم الجزية وفي عام 1450ق.م هاجم الملك الميتاني(شوشتار)بجيشه بلاد آشور واستولى عليها عنوة وبذلك وصلت حدود دولته الى بلاد الكوتيين وجبال زاغروس شرقاً والى البحر المتوسط غرباً ومن بحيرة وان شمالاً الى حدود فلسطين مع مصر جنوباً وبهذا الشكل فقد ضمت بلاده فلسطين وسوريا ولبنان والجزيرة (ميزوبوتاميا) وشمال العراق وشرق تركسة الحالية وعندما توفي الملك (شوشتار الكبير) خلفه ابنه (أرتاناما).

2- أرتاناما بن شوشتار الكبير:

في عهد هذا الملك توطدت الصداقة بين المصريين والميتانيين وتزوج الملك المصري (تحوتمس الرابع) من ابنة (أرتاناما الأول) كما عقد الملكان حلفاً عسكرياً ضد الحثيين ومن هنا يظهر كم كان الحثيون يشكلون خطراً على الإثنين معاً وكل منهما كان خائفاً يترقب ويريد المحافظة على إستقلال بلاده وفي تلك الثناء توفي الملكان المصري والميتاني فخلف تحوتمس ابنه (أمنوحتب) كما أصبح (شوشتار بن أرتاناما بن شوشتار الكبير) ملكاً على الميتانيين .

3- شوشتار بن أرتاناما بن شوشتار الكبير :

عندما توفي أرتاناما خلفه ابنه (شوشتارنا) وتزوج الملك المصري (أمنوحتب بن تحوتمس) من ابنة خاله الملك الميتاني الذي أرسل مع ابنته الى أخته هدايا قيمة من ألبسة وذهب وخواتم وحلي ومجوهرات وبعد فترة قصيرة توفي (شوشتارنا) فاقتسمت مملكته بين أولاده وقد عمد الحثيون الى دعم وتأييد (أرتاناما).

4- أرتاناما بن شوشتارنا بن أرتاناما بن شوشتارنا الكبير :

بعد وفاة أبيه أصبح (أرتاناما) وبمساعدة الحثيين ملكاً على الميتانيين ولكن المصريين أيدوا (توشرانا بن شوشتارنا) وواجهوا به أخاه الى أن جعلوه ملكاً على بلاد (ميتاني)وهنا انقسمت بلاد الحوريين الواسعة فأصبح أحد أبناء (شوشتارنا) ملكاً بمساعدة الحثيين وأطلق على بلاده اسم (حري)والإبن الآخر أصبح ملكاً بمساعدة المصريين وسمى بلاده (ميتاني).

5- توشرانا بن شوشتارنا :

وكما أن الحثيين ايدوا وناصروا (أرتاناما بن شوشتارنا)فإن المصريين ناصروا (توشرانا بن شوشتارنا)وجعلوه ملكاً واندلعت الحرب بين الأخوين أغرقت فيها بلاد (ميتاني-حوري)بالدماء وانتشرت الحرائق والسلب والنهب في كل مكان وعاشت البلاد في جو من الرعب والخوف وانعدم الأمن ويبدو أن هذه حقيقة أبدية لازمت الشعب الكردي فالأعداء دائماً لهم بالمرصاد يوقعون بينهم وتقع بلادهم بالتالي فريسة بيد الطامعين بها.وأراد الملك المصري (أمنوحتب الثالث) مصاهرة الميتانيين فتزوج من ابنة توشرانا الميتاني فأرسل هذا الملك ابنته الى مصر محملة بالذهب والهدايا الثمينة وبعد فترة مرض الملك أمنوحتب الثالث فأرسل الى (حماه) والد زوجته .يطلب إرسال (عشتار) له وكان عشتار هذا إلاهاً للآشوريين ويظهر أنه حتى ذلك الوقت كان الآشوريين يعيشون تحت سلطة الميتانيين.فبعث له الملك الميتاني الإله عشتار للإستشفاء والمعالجة والتبرك به.ولكن توفي أمنوحتب فخلفه ابنه أمنوحتب الرابع الذيتزوج بامرأة والده الجميلة (تادوكيا)ابنة توشرانا ملك ميتان).ويقول بعض المؤرخين إن تادوكيا هي نفسها ملكة مصر الحسناء الذائعة الصيت (نفرتيتي).وعندما تولى أمنوحتب الرابع الحكم بعث الملك الميتاني رسالة الى صهره الجديد يهنئه فيها ويتمنى له القوة والسعادة ولم يمض وقت طويل حتى قتل الملك الميتاني هذا في سنة 1370ق.م على يد ابنه ومرة أخرى اندلع قتال عنيف بين العم وابن الأخ وكان أرتاناما بن شوشتارنا ملكاً على بلاد حوري فأصبح يطالب بملكية الحور والميتان معاً وداهم بجيشه بلاد ابن أخيه بالتحالف مع الآشوريين واستطاع ضم بلاد ميتان بالقوة الى بلاد حوري وأصبح مثل والده ملكاً على البلدين وبذلك توسعت حدود مملكته من جديد.وفي هذه الأثناء هرب ابن توشارنا الأصغر(ماتي وزا) الى بابل ومعه بعض كبار أرباب الدولة.فنظر إليه ملك كاردونيا كعدو وحاول قتله ولكنه تمكن من الإفلات منه والتجأ الى ملك الحثيين (شوبيليو ليوما) وقد اكرمه هذا الملك وزوجه ابنته وأرسل معه جيشاً بقيادة ابنه الى بلاد (حور-ميتان)الذي تمكن من التغلب على أورتاناما وانقسم البلاد مرة أخرى الى قسمين حوري وميتاني .

6- ماتي وزا بن توشرانا :

الذي اصبح ملكاً على ميتان وصهراً للملك الحثي شوبيليوليوما وفي هذه الأثناء توفي الملك الحثي فخلفه ابنه (باسيل)الذي فرض سيطرته على الحوريين الغربيين أيضاً أي أن نصف بلاد ميتانأصبح تحت سيطرته وفيما بعد عقد الملكان معاهدة بينهما حيث وجد علماء الاثار نصوص هذه المعاهدة في (بوغازكوي) في تركية مكتوبة باللغة الأكادية وبعد مضي فترة قصيرة تمكن الآشوريين من ضم قسمي البلاد الى مملكتهم.



الحرب بين الحثيين والأكراد الحوريين والميتانيين



من كتابات الدكتور عزيز عثمان يتوضح أن بلاد(ميتان-حوري-حورانيان) كانت واسعة جداً من الشمال بحيرة وان ومن الجنوب مصر ومن الشرق جبال زاغروس وبلاد الحثيين والبحر المتوسط من الغرب .في ذلك الوقت كانت بلاد الآشوريين (نينوفا)تحت سيطرة الحوريين والميتانيين وبلاد بابل تحت سيطرة الأكراد الكاشيين ومن هنا يتوجب علينا توضيح نبذات من تاريخ الشعوب المجاورة لدولة (ميتان-حور).

1- الحثيون :

وكما يعلمنا التاريخ فإن هذا الشعب ينتيمي الى السلالة الهندو-أوربية ومن المعتقد أن بعض العشائر الآرية هاجرت من روسيا الجنوبية وانقسمت الى قسمين توجهت بعضها نحو الشرق ووصلت حتى الهند وغيران وكردستان وأفغانستان وتوجه القسم اآخر نحو الغرب وانتشر في أوربا والبلقان كما عرجت عشيرة(النيز) نحو شرق الأناضول وقطنت فيها وقبل هؤلاء كان يسكن هناك شعب يدعى (خاطي- الحثيين) وشيئاً فشيئاً اختلط الضيوف الجدد مع الشعوب القديمة وتخلوا عن أسمائهم واتخذوا جميعاً لأنفسهم اسم (حثي) وبنوا عاصمة لهم على نهر الهاليس ( قيزيل يرماق) واصبحوا أسياداً لتلك الشعوب وحتى اليوم لانعرف إلا القليل عن تاريخ الشعب الحثي الموغل في القدم حيث لم تكتشف آثاره بعد. وعندما استلم نارام سين الآشوري الحكم هاجم بجيوش جرارة حلفاً تشكل من أعدائه وكانوا سبع عشرة ملكاً ورؤوساء عشائر يحاربون الآشوريين في جبال زاغروس باسم (بامبا) ويظهر أن بامبا هذا كان أحد زعماء الحثيين وواحد من السبع عشرة زعيماً تحالفوا ضد الاشوريين وكما يبدو فإن عصبة ال(17) لم يكونوا ملوكاً بل ربما كانوا رؤوساء عشائر كردية تحالفهم شعوب أخرى غريبة وقفوا جميعاً صفاً واحداً أمام عدو مشترك.وقدأظهرت الكتابات الأثرية المكتشفة في (كبادوكيا) باللغة البابلية وجود مدينة تجارية في هذه المنطقة كانت تخضع لحكم الآشوريين ثم انتزعتها منهم عشيرة (النبز) بالقوة وذلك في سنة 2000ق.م وفيما بعد أنشأت الدولة الحثية المختلطة وكان ملك هذه الدولة القديمة يدعى (بيتانا) ثم خلفه ابنه(آنينا) الذي استطاع أن يوسع حدود دولته قليلاً وامتدت من البحر المتوسط وحتى البحر الأسود وكانت عاصمتها (حاتوشا) أو هاتاي التي تظهر أثارها اليوم قرب بوغازكوي في تركية ولقب آنينا نفسه بالملك الكبير الذي وسع مدينة (نيزا) وبنى فيها معبداً لإله السماء.

تودوليا الأول .

لابارناش :

في عهده سارت بلاد الحثيين في مدارج الرقي والتقدم وازدادت اتساعاً وكثر فيها العمران والبناء ويعتبر هذا الملك من مؤسسي الدلو الحثية وواحد من الذين ساهموا في تقوية ركائزها كما استطاع هذا الملك أن يلم شمل شعبه ويبني دولة موحدة ومزدهرة تحت حكمه.







حاتوشيل بن لابارناش :

انتهج هذا الملك خطى أبيه وحاول الإستلاء على حلب ولكنه لم يفلح بسبب الفوضى والإضطراب اللذان بدءا ينخران كيان هذه الدولة وسرعان ماحانت منيته فتوفي .

مورسيل بن حاتوشيل :

خلف والده في الحكم واستطاع أن يمسك بزمام الأمور بقوة وأن يخوض غمار ثلاث حروب طاحنة مع أعدائه .في الحرب الأولى استولى على حلب وفي الثانية الحق هزيمة ساحقة بالحويين الأكراد ثم دخل جنوب سوريا بعدما انسحب الحوريون منها وفي الثالثة هاجم بلاد بابل وهزم جيشها ثم دخلها ظافراً غانماً وعاد بعدها الى بلاده مكللاً بالغار.

تلبينو :

لم نعثر على مكتشفات أثرية حتى الآن لتدلنا على تاريخ هذا الملك وحياته ولكن بحوزتنا معلومات تفيد بانهيار الدولة الحثية القديمة في عهده حيث لم يستطع المحافظة عليها وبكل ما أوتي بها من قوة.

2- الدولة الحثية الجديدة :

بقيت بلاد الحثيين قرابة المائة عام دون ذكر وعلى مايبدو فإنهم خضعوا للأشوريين ولكن تمكن أحدهم في عام 1420ق.م وهو(تودوليا الثاني) أن يتزعم شعبه ويعلن نفسه ملكاً على الحثيين ويخضع بلاد حلب لحكمه مجدداً حيث قام بانتزاعها من الحوريين الأكراد وبعد موت هذا الملك استعاد الحوريون حلب إلا أن الحثيين أعادوها الى حكمهم مرة أخرى في عهد ملكهم (حاتوشيل الثاني) وبذلك خضع لهم ملك حلب الحوري-الميتاني الذي أصبح حاكماً من قبل حاتوشيل وحلف اليمين على ألا يقلق راحته مرة أخرى وأن يبقى على ولائه له.



تودوليا الثالث :

عندما توفي حاتوشيل خلفه تودوليا الثالث وفي عهده قامت ثورات وإنتفاضات عديدة ضده وسادت الفوضى والغش في أرجاء دولته وفي خضم تلك الصراعات قتل تودوليا فخلفه (شوبيليوليوما) .

شوبيليوليوما :

أصبح ملكاً على الحثيين بعد وفاة (تودوليا الثالث) وهو بعد من الملك العظام المشهورين في التاريخ فدام حكمه بين عامي 1388-1347ق.م وحسب كتابات ومخطوطات أثرية تعود الى عهد ابنه(مورسيل) فإن مدة حكم هذا الملك ينقسم الى ثلاث فترات في الفترة الأولى عمد الى شن هجمات ضارية على شمال سوريا التي كانت خاضعة لحكم الملك الميتاني-الحوري المدعو(توشرانا) ولكنه رد على أعقابه خاسراً وأخيراً فكر في خطة يهاجم بموجبها الحوريين -الميتانيين من الشرق كما استغل الإنقسام الحاصل بين هؤلاء وتحالف مع (أرتاناما)أحد طرفي الصراع الذي نشب بين الحوريين والميتانيين وبهذا الشكل استطاع ضم قسم من شمال بلاد ميتان وأخيراً داهم مدينة(واشوكاني) عاصمةالبلاد واستولى عليها ولكن بقيت (كوكميش) تحت حكم الميتانيين واصبحت حلب مرة أخرى خاضعة لحكم الحثيين كما استطاع هذا الملك بدهائه إخضاع مدينة (ألالاخ)التي تقع قرب بحيرة(العمق) وتمكن من اسر الملك (أتاكاما بن توشرانا) في مدينة (قطنا) ولكنهما تصالحا فيما بعد هرب الملك الميتاني المدعو (مشتو) الى مصر كما استطاع الملك شوبيليوليوما انتزاع بلاد سوريا وضمها الى مملكته ونظراً لإنتصاراته الساحقة في ميادين القتال فقد أرسل له (أمنوحتب) ملك مصر رسالة تهنئة يبارك انتصاراته ولكنه كان يكيد له في الخفاء ويدير المؤامرات ضده وفي تطور لاحق تحالف ملك العموريين المدعو (عزيزو) مع الحثيين ووسع حدود بلاده على حساب دولة الميتانيين وضم قسماً من سوريا الى بلاده وفيما بعد تحالف (عبدعشتار بن عزيزو) مع الحثيين مجدداً وناصروا المصريين الباقين في سوريا العداء وبهذا الشكل قسم الحثيون بلاد سوريا يوماً بعد يوم وحصلوا لهم على مواطيء أقدام واسعة فيها.

الفترة الثانية :

وتمتد بين عامي 1378- 1358 ق.م في هذه الفترة عاد شوبيليوليوما من سوريا متوجهاً نحو الشمال فتحصن المصريون في جنوب سوريا وفي هذه الأثناء توفي (توشرانا)أو قتل بيد ابنه عندئذ تدخل شوبيليوليوما في شؤون بلاد (ميتان - حور) ودخل في صراع مرير مع الملك الميتاني (أرتاناما) وهو أخ (توشرانا) الذي أصبح ملكاً على (ميتان-حور) بمساعدة الآشوريين كما أصبح (شوترانا) ملكاً على الميتانيين من قبل الملك الحثي شوبيليوليوما وبذلك اندلعت حرب الأخوة بين أرتاناما وأخيه توشرانا فوقف الملك الحثي يراقب الموقف وعلى شفتيه ترتسم ابتسامة عريضة فالإثناءهما من أعدائه اللدودين.

وكما تقدم فقد هرب (ماتي وزا بن توشرانا) والتجأ الى شوبيليوليوما الذي زوجه ابنته وأرسل معه ابنه باسيل على رأس جيش لمحاربة أرتاناما الذي سيطر على ميتان-حور بمساعدة الآشوريين وطرد اخوته وأبناءهم من البلاد ولكن لم يمض زمن طويل حتى تمكن الجيش الحثي انتزاع هذه البلاد من أرتاناما وأصبح باسيل ملكاً على بلاد الحور و(ماتي وزا)ملكاً على نصف البلاد ولكنه كان خاضعاً لملك حلب الحثي (تلبينو بن شوبيليوليوما ).

وبإختصار يمكن القول.أن بلاد الميتانيين والحثيين والحوريين شمال سوريا وقعت كلها تحت سيطرة الآشوريين .وكان ماتي وزا ضعيف الشخصية مسلوب الإرادة لاحول له ولاقوة وكان اسماً على مسمى حيث تعني كلمة(وزا)بالكردية الضعيف والخور.

الشعوب المجاورة للآشوريين:

نظراً للحوادث التي جرت والحروب التي نشبت بين الكرد والآشوريين . فيجدر بنا الخوض في بعض التفاصيل حول التاريخ الآشوري وسرد قصص وأخبار هذا الشعب القديم جداً الذي جاور بلاد الكرد وأسهم في بناء الحضارة العالمية .
 

G.M.K Team

G.M.K Team
الآشوريون أصلهم وموطنهم



في جنوب بلاد سوبار(الأكراد القدماء) وفي مناطق الموصل تقع بعض المدن القديمة التي سكنها الآشوريون فيما مضى وإذا ما أرادنا التعرف وبشيء من الإسهاب على بلاد الآشوريين عندئذ يمكن اللجوء الى تحديد الرقعة الجغرافية لبلادهم والتي تحدها شمالاً بلاد سوبار(قدماء الأكراد) وفي الجنوب بلاد بابل ومن الغرب بلاد حور-ميتان ومن الشرق بلاد (كوتي)الكوتيين وكما أسلفنا القول فإن هذه المدن الآشورية كانت في البداية تخضع لسيطرة الحوريين والميتانيين واستفاد الآشوريون من الصراعات المستمرة بين هؤلاء الأقارب في الدم.وانتهزوا الفرصة لتقوية مراكزهم والإستعدادات اللازمة لتحرير بلادهم وبعد فترة طويلة من المعاناة والضيم انطلق الجيش الآشوري فيما يشبه الإنفجار وسيطر على انحاء الشرق الأوسط .ويعتقد بأن الآشوريين يتصلون بنسبهم الى السومريين الذين سكنوا الى الجنوب منهم وكانوا أصحاب دول وحضارات والسومريون أقدم الشعوب التي استقرت في جنوب بلاد مابين النهرين (ميزوبوتاميا) وكما ذكرنا فهم يشكلون مع الآشوريين سلالة واحدة أوهما من اصل واحد(1) ويدعي بعض المؤرخين أن السومريين هاجروا من موطنهم الأول من جبال سوبارشمال بلاد آشور الى حيث المياه والأنهار والتربة الخصبة الصالحة للزراعة وتربية المواشي أما الآشوريون فيعتقد أنهم هاجروا في حوالي العام (3000) ق.م من موطنهم شبه الجزيرة العربية على شكل قبائل رحل متوجهين نحو الشمال واستقروا جنوب بلاد سوبار والموصل وسموا بلادهم (آشور) وكذلك عاصمتهم ويرجح البعض أن عاصمتهم كانت (نينوى)أو يحتمل أن يكون نينوى قد أصبحت عاصمة بعد آشور.ومنذ العصور القديمة كانت بلاد سومر وشمال الموصل من المراكز الحضارية الهامة وذات عمران وقصور ومنشأت أي بدأت الحضارة هناك وانتقلت فيما بعد الى جنوبي الموصل .هذا وقد ابتليت نينوى وبلاد سوبار بالحروب والمعارك التي تكاد لاتنقطع مما سببت في تخلفها ولوقليلاً عن ركب الحضارة والتقدم.

وقد تعرض الآشوريون مراراً لهجمات الكوتيين والكاشيين والسومريين وكذلك الأكاديين والبابليين الذين كانوا يذيقون العشائر الضعيفة والمتخلفة الويلات والدمار كما كان الميتانيون والحثيون يهاجمونهم أحياناً ويريدون ضمهم الى ممالكهم وعندما هاجر الآشوريون الى جنوب سوبارتو اختلطوا مع عشائر خاضعة وذليلة ضعيفة لاحول لها ولاقوة كما اختلطوا مع عشائر من أصل سامي وبقدوم الآشوريين الضيوف الجدد في المنطقة تألفت قوة كبيرة من هذه العشائر ومن بينها جميعاً برز الشعب الآشوري كقوة يحسب لها ألف حساب ومن الجمع بين قساوة الشعوب الجبلية وصلابتها ومرونة شعوب السهول وهدوءها نتج الكثير من الأحقاد والظلم والقتل والتدمير. وتحمل الآشوريون فترة طويلة ظلم وعدوانية الشعوب المجاورة لهم كالأكراد والسوباريين والكاشيين والميتانيين والحوريين وعاشوا صابرين تحت طغيان وعسف هؤلاء وتحملوهم بمرارة وفي كثير من المرات كان هذا الشعب ينتفض في وجه الغرباء ويتطلع الى يوم الخلاص ويحلم بإخضاع هذه الشعوب يوماً مالحكمه فيزيح بذلك عن كاهله الظلم والحيض وتأمل الآشوريون هذه الشعوب فوجدوها غارقة حتى أذنيها في الصراعات والأحقاد والسلب والنهب والمذابح وتسودها الفوضى والإضطراب وعدم الإستقرار وبالإختصار يمكن القول أن هذه الشعوب قد أنهكتها الصراعات وتعيش أيامها الأخيرة وسنرى لاحقاً كيف استغل الآشوريون حالة هذه الشعوب للإنقضاض عليها وسحقها .عمد الآشوريون الى بناء عاصمتهم في منطقة جبلية تشرف على نهر دجلة في موقع مدينة (شرقاط)الحالية حيث تنساب تحت قلعتها مياه نهر دجلة الخالد .والتاريخ الآشوري مليء بالحروب والمنازعات وسفك الدماء والحديد والنار.هاجموا الشعوب المجاورة لهم بوحشية متناهية وتسببوا في إراقة دماء غزيرة ولكنهم لم ينسوا العمران والبناء فبنوا مدينيتين هما (كالح)و(نينوى)وكان إلههم (عشتار) مقره في نينوى.لقد تعاقب على حكم آشور ست أسر والبعض يعتقد بثلاث لأن الآشوريين شكلوا ثلاث دول في ثلاث مراحل هي الدولة القديمة والوسطى والحديثة.

1- الدولة القديمة (الأولى)1900ق.م :

تأسست هذه الدولة عام 1900ق.م وتعاقب على حكمها اسرتان ومن أشهر ملوكها(بوزورآشور الأول)الذي وسع حدود دولته كثيراً ثم جاء بعده (إيلوشوما) وأعقبه ملكان ضعيفا الشخصية حضعا للأجانب صاغرين وبعدهما جاء (سركون) الملك الآشوري المشهور ثم خلفه (شمسي حدد)الذي عاصر (حمورابي)البابلي وفي عهده توسعت حدود دولته ووصلت حتى غربي الفرات وبنى معبداً في (نيركا) ويقال لها اليوم (إيشاره) كما بنى معبداً آخر في عاصمته آشور ولكن تمكن حمورابي أن ينتزع منه بلاد آشور ويخضعها لحكمه.

الأسرة الثانية :

ومن ملوكها المشهورين (شمسي حدود الثاني) الذي تمكن من إخضاع بلاد بابل بعدما أخضع لحكمه بلاد فارس أيضاً وقد أصبح شمسي حدد هذا ملكاً على آشور بعد ثورة عارمة أعلن خلالها استقلال بلاده وتجدر الإشارة الى أن بلاد آشور قبل هذه الثورة بقيت فترة طويلة تحت حكم البابليين ولكن أثناء خضوع بابل لحكم الإيرانيين انتفض شمسي حدد وحرر بلاده كما استطاع ضم بلاد سوريا وأرمينيا أيضاً الى مملكته.بعد هذا الملك جاء(آشورنيراري) وبعده(بوزور آشور بن نيراري)وفي عهد هذين الملكين الأخرين أصبح تقديس الشمس من صلب الديانة الآشورية حيث بنوا لها المعابد وكان إلههم يدعى (سين سماش عشتار) .

وقد رسم الملك (بوزور آشور الرابع)الحدود بين بلاده والكاشيين (الأكراد) الذين كان يحكمهم الملك(بورنابورياش) ولكن كان الملوك الذين جاؤوا بعده ضعفاء الشخصية عاجزون فإنهارت دولتهم بين كماشة الدولتين الكرديتين القويتين الكاشية والميتانية حيث تمكن الميتانيون من الإستلاء على بلاد آشور ودخلوا عاصمتهم آشور عنوة وبذلك بقيت هذه البلاد ترزح تحت حكم الحوريين والميتانيين والسوباريين حتى عهد الملك (أرتاناما الأول بن توشرانا) الذي زوج ابنته من ملك مصر (تحوتمس الرابع) وأرسل له إله الآشوريين (عشتار) عندما ألم به المرض ليشفيه ويعيده الى عافيته ونستدل من هذه الحادثة بأن الآشوريين كانوا خاضعين حتى هذا الوقت للحوريين والميتانيين وفي عهد (آشور بيل نيشيشو) حفيد الملك (بوزور آشور الرابع) استعادت بلاد آشور عافيتها قليلاً .حيث عمد هذا الملك الى بناء عاصمته من جديد ولكنها عادت مرة أخرى الى حكم الميتانيين وخضعت لهم وبعد موته تحسنت العلاقات بين المصريين والآشوريين وعقدت بين الطرفين نوع من الصداقة ولكن الكاشيون والبابليون لايريدون لهذه الصداقة الإستمرار لأنهم كانوا يتوجسون خيفة من الآشوريين .

3- الدولة الوسطى(1)الإسرة الثالثة:

ضعف الميتانيون في هذه الفترة وحدثت بينهم صراعات مستمرة أدت الى انقسامهم الى قسمين الحوريون والميتانيون وقد تدخل الآشوريون والحثيون في شؤون دولتهم مراراً وتكراراً .

أ- أربياحدد الأول:

مؤسس هذه الإسرة الذي انتفض ضد الميتانيين وحرر بلاده منهم ولكنه توفي قبل أن يكمل حلمه فخلفه ابنه (آشور أوباليط) وفي سنة 1392ق.م انسحب الملك المصري (أخناتون) من اتفاقية الصداقة التي عقدها مع الميتانيين وأصبح كاهناً وزعيماً دينياً بالإضافة الى منصبه كملك ودعا الى التوحيد وعبادة الشمس وفي تلك الأثناء عقد آشور أوباليط معاهدة مع الحثيين وهاجم معهم بلاد الميتانيين وتمكن مع حلفائه من إلحاق الهزيمة ب(أرتاناما)الميتاني وأصبحت آشور دولة مستقلة في عام 1370قبل الميلاد.

ب- آشور أوباليط (1365-1330)ق.م :

زوج ابنته من ملك الكاشيين الأكراد المدعو (بورنابورياش الثاني)وكان ملكاً على بابل في نفس الوقت ولكن كان الشعب ناقماً عليه فثار في وجهه وقتله عندئذ سارع الملك الآشوري ليعين حفيده (كوري كالزو)حاكماً على بابل وكان الملك الآشوري هذا يعتقد بأنه كسب صداقات الشعوب المجاورة له ولكن أثبت كوري كالزو خطل رأي جده حيث انتفض في وجه آشور بعد وفاة الجد آشور أوباليط.

ح- أ نليل نيراري :

بعد وفاة أبيه اندلع القتال مرة أخرى بينه وبين ابن اخته (كوري كالزو الثالث) ملك البابليين والكاشيين والكرد واستطاع أنليل نيراري أن يحقق نصراً ساحقاً على ابن اخته ثم اندلع نحو بلاد بابل-كاردونياش. ومن الجنوب شن العيلاميون هجوماً ضارباً على بلاد كاردونياش فكان لابد من أن يلوي كوري كالزو عنقه لخاله وحمى نفسه من العيلاميين وفي هذه الأثناء توفي أنليل نيراري فخلفه حدد نيراري الذي أصبح ملكاً على بلاد آشور.

ج- حددنيراري الأول (1300) ق.م :

توجه في سنة 1310ق.م بقوات كبيرة نحو غربي الفرات وفرض سيطرته على مدينة كركميش (جرابلس) وبذلك انفتح أمام بلاده طريق التجارة مع الأناضول فاستورد منها الحديد والأسلحة وصادق ملك كاردونيا(كوري كالزو) وعقد معه معاهدة وعلى مايبدو فقد أعلن هذا الأخير خضوعه لخاله الملك الآشوري ونفذ رغباته في عدم التعرض للدولة الآشورية.

خ- شلما نصر الأول :

في سنة 1280ق.م حقق الملك الآشوري (شالمنصر الأول) نصراً ساحقاً على الحثيين والآراميين ووسع حدود مملكته وبنى مدينة (كالح)جنوب نينوى على الضفة اليسرى لنهر دجلة ويقال لها اليوم (نمرود).

و- تيكولتي نينورتا :

الذي أصبح ملكاً عام 1218ق.م هزم الحثيين في عدة معارك وامتد حكمه حتى بحيرة (وان) وتمكن من أسر ملك كاردونيا (كاشتيلاش الثالث) في بابل حيث قام بنهبها وحرقها وأخذ معه (مردوخ)إله الكاشيين كغنيمة.لكن قتل هذا الملك على يد ابنه وبمقتله أغرقت بلاد آشور في بحار من الدماء والفوضى وبدأ الإقتتال والحروب بين الآشوريين وازدادات ضراوة وفي خضم هذه الصراعات سيطر الملك العيلامي (شوتروك ناخونتي) على بلاد بابل وكاردونيا وشن هجمات ضاربة على بلاد آشور من الجنوب. وكان عام 1170ق.م هي عام سقوط جميع بلاد كاردونيا بيد العيلاميين وفي هذه الفترة تولت اسرة جديدة حكم بلاد بابل .كما تعرض بلاد آشور لهجمات(بنوخذ نصر الأول) ولكن استطاع الملك(رشيش آشور) أن يصمد أمامه صمود الأبطال ويرده على أعقابه خاسراً.

ل- آشور رشيش :

وكما تقدم كان في عهده تعصف ببلاد آشور الفوضى والصراعات والإضطراب كما هوجمت بلاده من جميع الجهات وبعنف متزايد فقاوم الملك (رشيش) أعدائه مقاومة رائعة ولكنه توفي بعد فترة قصيرة من هذه الحروب.

ي- تيغلات بلايزر الأول (1089-1068) ق.م :

بعد وفاة (إيشرش) خلفه تيغلات بلايزر الذي يقول في إحدى كتاباته (في البداية خضت حروب ومعارك دموية ضد أعدائي.هاجم الموشكيون بلاد كموخي-كوماجي ب عشرين ألفاً من المحاربين وكان يقودهم خمسة قواد فصدهم الجيش الآشوري وهزمهم وطاردهم حتى شرقي نهر دجلة ودخل الجنود الآشوريون الى مناطق الجبلية التي تقع في (لتيا) وأخضعت لحكمي خلال خمس سنوات اثنان وأربعون مابين دولة وعشيرة).

في عهد هذا الملك اجتاز الجيش الآشوري نهر الفرات وألحق هزائم شنعاء بعشائر الأخلامو (الآراميين) كما أخضع بلاد عامورو(العموريين) في شمال سوريا ووصل حتى سواحل البحر المتوسط ومن لبنان جلب الآشوريون أخشاب الأرز الى بلادهم وبنوا معبداً لإلههم (أنوحدد)أو إله السماء وحدد إله البرق وتمكنوا من الإستلاء على بلاد بابل فيما بعد.

جاء بعد هذا الملك أحد عشر ملكاً ضعفاء الشخصية عاجزون ولايحظون باحترام التاريخ ولذلك انتهز الآراميون الفرصة وأسسوا دولة قوية ليبدأوا بالهجوم على الآشوريين وهزموهم شر هزيمة ونظراً لعدم تمكنهم تشكيل دولة موحدة وبقاءهم متفرقين الشمل فقد دحرهم الآشوريون مرة أخرة وسيطروا على بلادهم ولكن كانت دولة آشور تخطو سراعاً نحو حتفها ولم يبق في أيدي هؤلاء سوى بلادهم آشور وتطلعت الشعوب المجاورة الى ضم هذه البلاد والإستلاء عليها.

3- الدولة الحديثة :

حكمت هذه الدولة ثلاث أسر .

4- الإسرة الرابعة :

وهذه من الإسرات الست التي حكمت آشور وقد وضع أساس هذه الإسرة الملك (آشوردان الأول)(1) الذي امتد حكمه بين عامي 932-910ق.م .وكما تقدم فإن هذه البلاد في أواخر عهد الإسرة الثالثة كانت تكتنفها الفوضى والصراعات وتتجه نحو الإنهيار ودامت هذه الحالة مئة وخمسين عاماً .

أ- آشوردان الأول (932-910) ق.م:

وكما مر معنا فقد أسس اسرة جديدة في سنة 932 ق.م وكان ملكاً ذا شهرة وصيت حافظ على حدود بلاده بجدارة وانتصر في عدة معارك وسمى نفسه (ملك العالم) ثم توفي بعد أثنين وعشرين عاماً فخلفه ابنه في حكم البلاد.

ب- حدد نينورتا الثاني (1)(909-989) ق.م :

في عهده جرت حروب كثيرة بين آشور والشعوب المجاورة ودائماً كانت الغلبة للآشوريين وتوسعت دولته في جميع الجهات كما انتصر على الآرميين والبابليين.

ح- توكولتي نينورتا الثاني(888-884) ق.م:

يقول في إحدى الكتابات التي تعود الى عهده (في حروبي مع الشعوب المجاورة وصلت الى أرمينيا والشعوب القاطنة حول ضفاف نهر دجلة واستوليت عليها جميعها وأصبحت الأراضي الواقعة بين نهري الزاب ودجلة وكذلك الزاب الصغير والكبير تحت يدي وفي الغرب الخابور ونصيبين وعلى ضفاف الفرات هيت وعانة كل هذه البلاد أخضعتها لحكمي بالقوة).

ج- آشور ناصربال الثالث(2)(883-859) ق.م:

في عهد هذا الملك ذاقت الشعوب المجاورة الويلات من الآشوريين وانتقل من عاصمته القديمة الى مدينة (كالح)التي بناها شالمنصر الأول حيث يلتقي عندها نهرا دجلة والزاب ووسع هذه المدينة وحسنها وكانت جميلة جداً وأتحفها بالعمران والقصور الجميلة ودخلتها الحضارة من أوسع أبوابها وتطورت آلات الحرب والحصار كالمنجنيقات والدبابات وكان في الجيش فرق النبالة والسيافون كما درب عساكره على أساليب القتال وجعل منهم محاربينأشداء كان هذا الملك سفاحاً يرتاح لمناظر الدماء والسلب والنهب والحرق والتدمير وتمكن آشورناصربال من إلحاق الهزيمة بجميع أعدائه المحيطين به واتبع معهم أساليب تقشعر لها الأبدان وارتكب فظائع وأعمال وحشية منكرة لم يحدث أن أجادها أحد قبله كما كان جنوده في الحرب يتصفون بخفة الحركة والضرب في جميع الجهات وقد أغرق هذا الملك المنطقة الواقعة بين جبال زاغروس في الشرق وجبال لبنان والأمانوس في الغرب ببحار من الدماء والمجازر ولم يكن عساكره يتركون وراءهم شيئاً ينبض بالحياة ولم يتركوا حجراً على حجر في كل مكان دخلوه وكل ماخلفوه هو الدمار والخراب والموت.وكان نصيب الشعوب الكردية من كرد وسوباريين وميتانيين وكاردو والحوريين والكاشيين من هذه المصائب أكثر من بقية الشعوب وبهذا الشكل فقد أدخل الآشوريون الرعب في قلوب الناس ولم يتجزأ أحد بعد ذلك الوقوف في وجههم أو التمرد عليهم.كان الآشورييون غلاظ قساة القلوب يقطعون أيادي وأرجل الناس ويكومون أجسادهم في الساحات العامة في حر الصيف ويتركونهم عرضة للوحوش المفترسة والطيور الكاسرة تلتهم لحومهم وتنقر عيونهم وهم أحياء أما الملوك من الأعداء فكانوا يسلخون جلودهم أحياء أيضاً ويعلقونهم على الأعمدة عرضة للسعات الذباب وسط صيحات وضحكات الآشوريين وفرحهم الغمر ويظهر أن آهات وصرخات الضحايا كانت تبعث فيهم النشوة والرضى.

ج- شالمنصرالثالث (858-824) ق.م :

يقول هذا الملك في إحدى كتاباته(أنا شالمنصر زعيم العالم.التنين الكبير.عظيم العظماء وملك الدنيا.لقد حطمت رؤوس أعدائي كما يحطم الفخار أنا الرجل المغوار في الحروب لا أعرف الرحمة أبداً أنا ابن آشورناصربال وحفيد توكولتي). بنى شالمنصر في بلاده تماثيل ونصب لحكام اليهود وشمال سوريا يظهرون من خلالها وهم يحملون إليه الجزية السنوية ملوي الأعناق خاضوا الرؤوس أذلاء صاغرين يضعون رؤوسهم أمام قدميه .وبعد سبع وعشرين سنة من حكمه أرسل الجيوش بقيادة (ديان آشور)الى بلاد أورارتو وشرق نهر الزاب وجبال كردستان.

ويصف الدكتور عزيز عثمان مطولاً الفظائع التي ارتكبها هذا الطاغية المتعجرف في البلدان التي خضعت له حيث ابدى قساوة متناهية وطغياناً لامثيل له. وهنا لا أريد التوسع كثيراً في التاريخ الآشوري لأفسح المجال ولو باختصار لتاريخ وأحداث بلاد وشعب كردستان والشعوب المجاورة لها. وفي أواخر حكم هذا الملك انقسمت مملكته بين ولديه واستقرت الحرب والإقتتال بينهما مدة سنتين تقريباً واستطاع ابنه (شمسي حدد)تحقيق نصر على أخيه سنة 823ق.م واخضع بلاد آشور لحكمه وأصبح ملكاً عليها.

ز- شمسي حدد الخامس (823-810) ق.م:

خاض هذا الملك حرباً ضروس ضد الشعوب المجاورة وتمكن من استعادة البلاد التي كانت خاضعة لحكم أبيه ثم الحق هزيمة بالجيش الأكادي في بابل وشتت تحالفاً يضم العيلاميين والبابليين والكلدانيين والآراميين ومزقهم شرتمزيق. ضعفت الدولة الآشورية في أواخر عهده وتراجعت خطوات نحو الوراء ولم يستطع هذا الملك استعادة عظمة وأمجاد هذه الدولة الى أن توفي عام 810 ق.م وبما أن ولده (حددنيراري)كان صغير السن فقد تولت العرش زوجته الحسناء (سامورات)التي اشتهرت باسم (سميراميس).

ل- سميراميس (810-806) ق.م :

استعاد ابنها (حددنيراري)الحكم من والدته وأصبح ملكاً بعد أن حكمت مدة أربع سنوات.

و- حددنيراري الثالث (806-782) ق.م:

في عهده هاجم الجيش الآشوري ميديا وكردستان ثم أذربيجان مرات عديدة كما شن هجمات متتالية على ملاطية ومدينة غوزانا (تل الحلف)(1) وضمها الى مملكته وبعد فترة أرسل جيشاً الى بلاد ميتاني الواقعة قرب بحيرة وان ويبدو أن دولة ميتان الكبيرة قد قضى عليها عدة مرات ولكن يظهر أنها كانت لاتزال قائمة في عهد هذا الملك قرب بحيرة وان وإن كانت قد تقلصت حدودها وأصابها الوهن والضعف وبعد وفاة الملك تولى الحكم بعده ثلاثة من أبنائه دون انقطاع.

ك- شالمنصر الرابع (781-771) ق.م:

هاجم شالمنصر الرابع أورارتو ست مراتاً وانتفضت ضده بلاد الشام (دمشق) ولكنه لم يتجزأ مهاجمتها.

م- آشوردان(771-754) ق.م:

عندما تولى هذا الملك الحكم أرسل جيشاً الى أورارتو مرتين كما هاجم في إحدى المرات بلاد ميديا وفي سنة 763ق.م انكشفت الشمس فسادت الفوضى والإضطراب في بلاد آشور وأخيراً حدثت معارك حامية في مناطق (أرانجا- كركوك) وغوزانا(تل الحلف).

ي- آشور نيراري الخامس (753-745) ق.م:

واجهته مصاعب عديدة وتراجعت الحضارة الآشورية خطوات نحو الخلف أدت الى انتفاضات مستمرة ومهاجمة الشعوب التي تمتهن الحرب لبلاده كالأورارتوا في منطقة بحيرة وان الذين ادخلوا الرعب والخوف في بلاد آشور. وأخيراً قتل هذا الملك في سنة 746ق.م بيد جنوده الذين ثاروا عليه في مدينة (كالح).

5- الإسرة الخامسة :

ثار الجيش في مدينة كالح بقيادة (تيغلات بلايزر الثالث) وقتل الملك (آشور نيراري) واصبح تيغلات بلايزر ملكاً واقترن عهده بحكم اسرة جديدة هي الإسرة الخامسة .

أ- تيغلات بلايزر الثالث(745-727) ق.م:

في الحقيقة يعد هذا الملك من عظماء ملوك آشور وفي عهده توسعت بلاد آشور وتقدمت بخطوات كبيرة نحو الأمام ثم أخضع ملك لحكمه وتوجه نحو شمال آشور (كردستان الحالية) وبلاد أورارتو ووصل حتى بحيرة وان وأرمينيا حيث أصبحت جميعها تحت سيطرته وفي سنة 739ق.م استولى على قسم كبير من سوريا وهزم الآراميين ولكنه ترك سوريا وراءه ليهاجم بجيشه بلاد ميديا كما أرسل جيشاً أخر لمداهمة أورارتو وشن هجمات ضارية على بلاد كوماجي وكموج وكيايكيا وكركميش وملاطية وغورغوم وحماه كما استولى على دمشق وفلسطين وفي سنة 728ق.م استولى أيضاً على بابل واسر ملكها (أوكينزه) وحمل معه (مردوك)إله البابليين الى بلاده وفي عهده تم ترحيل الكثير من سكان زاغروس وكردستان وأرمينيا الى جنوب سوريا وبذلك اختلطت شعوب الشرق الأوسط ببعضها وتصارع القديم والجديد في هذه المنطقة المكتظة بالسكان.توفي هذا الملك عام 727ق.م .

ب- شالمنصر الخامس (727-722) ق.م :

كان يسميه البابليون (أولالو) وفي عهده خضعت بلاد اسرائيل كلها للآشوريين الذين أسروا ملك اليهود(هوشا) وأخذوه الى بلادهم رقيقاً ودمروا السامرة عاصمة اليهود ولكنه توفي بعد سنتين من ذلك وبعد حكم دام خمس سنوات استولى أحد قادة الجيش على الحكم وسمى نفسه (كركون) شروكين.

6- الإسرة السادسة :

أ- أسس هذه الإسرة الملك سركون (شروكين) وفي عهده عقد ملك بابل (مردوخ بالادان ) وملك عيلام (هومبانجاشي) معاهدة فيما بينهما بعد أن تحررت بلادهما من سيطرة الآشوريين وبعد حروب ومعارك ضاريةانهزم الجيش الآشوري وأجبر على التراجع فتحرر السوباريون من سيطرة الآشوريين ولكن لم يمهلهم سركون حيث أرسل إليهم جيشاً تمكن من اعادتهم الى حكمه مرة أخرى ومن بلاد رفح قرب مصر أخذ معه (9000) من الأسرى وشن هجمات قوية على بلاد أورارتو وبلاد ماني حول بحيرة وان ثم توجه نحو جبال طوروس وكركميش وأخضعها لسيطرته كما نقل الحثيين الى دمشق وأحل محلهم الآشوريين وهاجم كيليكيا وكردستان وشمل وغورغوم كما حارب ملوك فيرجيا وليديا وأجبرهم على دفع الجزية للآشوريين ليحافظوا على مناصبهم وحكمهم وبنى هذا الملك قلعة (كارشروكين) قرب حدود ميديا وخاض حرباً ضروس ضد الملك الميدي ديوكيس(داياكو) وبعد سنة أرسل جيشه الى أورارتو من جديد وكان العداء مستحكماً بين الآشوريين وملك أورارتو القوي(روشاأورسا)الذي قتل ملك ماني حليف الآشوريين ولكي يثأر لحليفه هاجم سركون في سنة 714ق.م بجيش كبير بلاد أورارتو حيث ورد ذكر هذه الحرب الطويلة في كتب الآشوريين التي تذكر خروجهم من كالح متوجهين الى كردستان عبر نهر الزاب ومن جنوب شرق بحيرة أورمية الى بلاد ماني كما تبين هذه الكتب خط سيرهم الى تلك المدن والمواقع التي دمروها وأحرقوها وقاموا بأعمال فظيعة يصعب تصديقها وقد نقشوا هذه الأعمال والحوادث على الصخور والأحجار وبذلك تمكن الآشوريون من إدخال الرعب الى قلوب الناس وإرهابهم ثم عادوا عن طريق مدينة (بدليس)الى بلادهم آشور.بعد ذلك قام هذا الملك بمهاجمة بلاد (موتسانسير مسوري) مرة أخرى حيث تقع هذه البلاد في أعالي نهر الزاب الكبير وهزم ملكها المدعو (أورزانا). وبإختصار خاض سركون بين عامي 713-711ق.م حروباً دموية مع ميديا وماني وكيليكيا وشمل وغورغوم ومنذ سنة 711ق.م وما بعد حارب حكام سوريا ومصر وبابل والكلدان وهزمهم واحداً بعد الآخر وأخضعهم لحكمه وعين على بلادهم من قبله حكاماً آشوريين وقبل ذلك كان سركون يقيم في مدينة آشور ثم انتقل فيما بعد الى مدينة (كالح(وأخيراً أصبحت (نينوى)عاصمة لمملكته كما بنى مدينة (دورشاروكين)على بعد عشرين كيلو متراً من نينوى والتي سميت فيما بعد مدينة (الموصل) وفي متحف اللوفرتظهر آثار هذه المدينة العريقة جداً وقد كتب عنها الدكتور عزيز عثمان مطولاً ولكني لاأريد أن أسرد هنا إلا القليل.ويمكن القول أن هذه المدينة قد بنيت في سنة 707ق.م كما قتل سركون في سنة 705ق.م والملوك الذين جاؤوا بعده عادوا الى العاصمة نينوى.

ب- سنحاريب بن سركون (704-681) ق.م :

ويعد من ملوك الآشوريين العظماء وفي عهده سارعت نينوى بخطوات واسعة نحو الأمام فقد بنيت فيها البيةت والأبنية العامة والقصور الفخمة كما استولى هذا الملك على الكثير من البلدان المجاورة وخاض حروباً شديدة مع الكاشيين سكان جبل زاغروس إلاأنه واجه مصاعب هائلة في هذه الحروب نظراً لوعورة الجبال وضيق المسالك الجبلية وقلتها وفي كثير من الأحيان كان يسير على رجليه أو يحمل عرشه على أكتاف الجنود وعلى الرغم من ذلك فقد انتصر على أعدائه وحول عاصمتهم الى مدينة آشورية وبنى فيها مسلة كما أخذ الجزية من ملك ميديا ويقول مفتخراً (لم يكن آبائي وأجدادي قد سمعوا بهذه البلاد قط) وأخضع بلاد الحثيين وسوريا الى حكمه بين عامي 710-700ق.م ووصل حتى حدود مصر وقد عثر على نصب له في جزيرة بوتان (جزيرة ابن عمرو) وفيه يبدو باللباس الرسمي أو الزي الملكي ويقف بخشوع أمام أحد المعابد كما عثر على نصب آخر له في الحفريات التي جرت في قرية (بافيان)شمال شرق الموصل وفي قرية (مالتايي) قرب بافيان وقد قتل هذا الملك على يد ابنائه.

ح- آشور أخادين بن سنجاريب بن سركون(شروكين):

أصبح ملكاً بعد أبيه وتمكن من اخضاع البلاد التي كانت تحت سيطرة والده وفي هذه الأثناء هاجم ملك ميديا(تيرشيا) بلاد آشور بقوات كبيرة ولكن استطاع آشور أخادين أن يرغمه على التراجع ويخضع مرة اخرى بلاد زاغروس ويغزو بلاد سوريا ومصر ويخضع العرب أيضاً لحكمه ولكن أعاد الميديون وحلفائهم الكرة وشنوا هجوماً على بلاد آشور وتمكن أخادين من صدهم مرة أخرى والحاق هزيمة ماحقة بهم وفي عام 672ق.م شن هجوماً على السوباريين الذين يسكنون الى الشرق من مدينة آمد (دياربكر) وتمكن من قتل العديد من الآشوريين الذين خانوه وتحالفوا مع أعدائه وسلم الأسرى من الأورارتيين الى ملكهم(روشا) ليصار الى اعدامهم وفي عام 671ق.م أخضع أخادين بلاد مصر كلها لحكمه وأخذ معه النساء والأولاد البالغين أسرى الى بلاده وفي عام 669ق.م رقد هذا الملك رقدته الأخيرة.

ج- آشور بانيبال (668-626) ق.م :

كان في عهد أبيه ملكاً على نينوى كما كان أخوه الأكبر حاكماً على بابل.وبعد فترة نشب نزاع مرير بين الأخوين من أجل الظفر بمملكة آشور كلها واندلعت انتفاضات وثورات عديدة في مصر وسوريا ولكن تمكن الملك آشوربانيبال من القضاء على هذه الثورات واخمادها وفي عام 660ق.م هاجم بلاد المانيين الذين كانوا قد استقروا قرب بحيرة وان وقتل ملكهم (آخشري) الذي أصبح ابنه (والي) صديقاً وحليفاً للآشوريين. تابع بانيبال حروبه ضد الميديين واستولى على مايقارب اﻟ (75) قلعة من قلاعهم ثم توجه نحو جنوب بلاد آشور والتحم مع العيلاميين في معركة فاصلة تمكن خلالها من قتل ملكهم واستولى على بلاده وأخذ معه عشيرة آرامية تدعى (كامبولو)الى أربيل حيث أمر بقطع السنتهم وسلخ جلودهم عقاباً لهم على معاداتهم له.وفي عام 648ق.م ظفر بأخيه (شماشوم أوكين) وأحرقه حياً في بابل كما قام بقطع رؤوس الكثيرين من سكان المدينة وبين عامي 643-641ق.م أخضع عاصمة العيلاميين (برسا) وقام بسلب ونهب بلادهم وترحيلهم الى مكان آخر وترك المدينة يباباً ثم أعيد بناء مدينة سوس في عهد (قورش)الفارسي وفي انعطاف مفاجيء تحول هذا الملك السفاح في السنين الأخيرة من حياته نحو العمران والعلم واهتم بالزراعة فشق التراع والسواقي وقضى على الصراعات والفوضى التي كانت تعصف ببلاده فنظمها واهتم بها وجعلها من البلدان الجمياة في ذلك الوقت وكف عن محاربة الشعوب المجاورة وكتب هذا الملك تاريخ أسلافه على ألواح من الطين يبين فيها الأحداث التي مرت بها بلاد آشور وتوفي في عام 626ق.م.

خ- آشور تليلان بن بانيبال (626-621) ق.م:

في عهده بدأت الفوضى تدب في بلاد آشور حيث بدأ ملك بابل (نيبوبالاصر) حركة تحرير نشطة ضد الآشوريين عام 625ق.م فحالفه النجاح وأصبح مستقلاً في شؤونه وانتفضت بلاد ميديا بقيادة الملك(كي أخسار) كما تحررت بلاد سوريا وفي هذه الأثناء توفي آشور تليلان فجاء بعده(سنيشارا إيشكون) من نفس العائلة أو الإسرة واستمر حكمه بين عامي 620-612ق.م وفي عهد هذا الأخير تراجعت بلاد آشور خطوات الى الوراء وأصبح الحكم بيد قادة الجندواقتصر عمل الملك على العمران وبناء معابد الآلهة والمدارس وشق التراع والسواقي فتحسنت قليلاً أحوال البلاد ولكن مالبث أن تضعضع الآشوريون وتجزأت بلادهم وفي عام 612ق.م تحالف الميديون مع البابليين وشنوا هجمات شديدة على آشور وتمكنوا من الإستلاء على مدينتي نينوى وآشور ولاذ الملك الآشوري (1) بالفرار الى أورفه (الرها) وتحصن في قلعتها ولكنهم اقتحموا عليه القلعة ودخلوا الرها أيضاً وذلك في عام 610ق.م وبذلك أزيل إسم ودولة آشور من صفحات التاريخ حتى يومنا هذا .
 

G.M.K Team

G.M.K Team
بلاد ميديا

السوباريون :

كان (سوباري) فيما مضى اسم لموقع جغرافي يمتد من شمال غرب بلاد عيلام وحتى جبال الأمانوس ومدينة أضنة ثم الخط الحديدي المار بمحاذاتها الى حلب وقد أطلق هذا الاسم فيما بعد على شعب كبير يدعى(شورباري،سوباري،سوبارتو) وهو واحد من شعوب زاغروس السحيقة في القدم وكان حكم السوباريين يمتد على أراض واسعة من شمال بحيرة (وان) وحتى بلاد مابين النهرين. ويقول السير سيدني سميث: إن البلاد التي تقع بين بحيرة وان وكركوك والخابور وبابل كانت بلاداً سوبارية وفي عام 2500ق.م استقرت عشائر آشورية جنوبي هذه البلاد. والشعب السوباري ليس سامياً ولا هندو-أوربياً بل يحتمل أن يكون من سلالة الشعوب القوقازية-الآسوية.وكما يظهر من لغتهم فإن اسم (سوباري) ظهر الى الوجود منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد وفي كتابات ونقوش تعودالى عهد دولة (لوغال آني مندو)أشير إليهم تحت اسم(سوبير) .كما كان يطلق عليهم في عهد نارام سين الأكادي اسم (سوبارتيم)وقد ذكرهم (حمورابي)على أنهم يشكلون دولة مستقلة وبين عامي 1110-1100ق.م كان الملك الآشوري (تيغلات بلايزر) يهاجم مدينة (شرش)التي كانت من كبريات المدن السوبارية وهنا شكل السوباريون والموشكيون والكارتيون تحالفاً فيما بينهم وخاضوا حروباً ضارية ضد الآشوريين.

ويقول مينورسكي : تقع بلاد (سو)جنوبي) بحيرة وان.وكما يقول شرف خان إن قلعة سو كانت تشكل احدى مقاطعات بلاد بدليس ويقول كثير من المؤرخين والثقات أن الحوريين والميتانيين تفرعوا عن شعب (سو) ويعدمن جزءاً من هذا الشعب كما يعتبر البعض أمثال فون مينورسكي وثورودانجن. أن الشعب (النايري) هو واحد من شعوب جبال زاغروس الموغلة في القدم وأن اسم (سوبارتو- سوباري) قد حل فيما بعد محل اسم (سو) وسأحاول الآن توضيح ذلك.

النايريون- السوباريون :

يقول ثورودانجن : أن بلاد نايري هي جوهرة بلاد بونات وكان النايريون يشكلون دولة مستقلة ويضع بعض المؤرخين الكبار الشعب النايري ضمن المجموعة الثانية لأن ميجرسون يقول: إذا نظرنا الى الفترة مابين القرنين الحادي عشر والثاني عشر قبل الميلاد سوف نرى أن النايريين كانوا في كردستان القديمة يشكلون شعباً مستقلاً قبل الميديين كما كانوا أقوى وأكبر من الشعوب المجاورة لهم وليست أراضيهم فقط هي تلك المناطق المحيطة بمنابع نهر دجلة بل كان ملك الآشوريين (تيغلات بلايزر) وأحفاده يطلقون اسم نايري أوالنايريين على ذلك الشعب الذي كان يحيط بمنابع دجلة والفرات ومناطق دياربكر وخربوط وديرسم وبدليس وطوروس. هذا وقد خاض تيغلات بلايزر الأول حروباً دموية مع ثلاثة وعشرين حاكماً نايرياً في سهل (ملاذكرد) ولكن هذا يدفعنا الى الظن بأن البعض من هؤلاء الحكام كانوا حلفاء للنايريين ووقفوا جميعاً في وجه الملك الآشوري عدوهم المشترك.

وجدت هذه الحادثة مكتوبة على عمود بناه هذا الملك على منابع نهر دجلة وهي كتابات مطولة .وفي سنة 910ق.م هاجم الجيش الآشوري بلاد (كوتوموخ) وخاض معارك دموية ضارية وطويلة الأمد مع النايريين في المنطقة الواقعة بين نهر دجلة وجبال جودي وتمكن أخيراً من إخضاع بلادهم لحكمه.

كما حاربهم الملك (توكولتي نينيب الثاني) في سنة 990ق.م وقليلون أولئك الآشوريين الذين لم يحاربوا النايريين. وكما يبدو فإن هؤلاء قد هزموا أعدائهم الآشوريين في معارك متتابعة ففي سنة 723ق.م هاجم النايريون بلاد آشور من الشمال الشرقي ولم يتمكن الملك (تيغلات بلايزر الرابع) أن يصد قواتهم إلا بصعوبة بالغة ويدفع بهم نحو جبال جودي كما خاض الملك الآشوري المشهور (سنحاريب) حروباً قاسية ضد النايريين في سنوات 705-682-699ق.م في المنطقة المحيطة بجبال جودي وقد دون هذه الحروب وذكرها في كتاباته ونقوشه التي درج على تسجيلها ويقول ميجرسون: أن هذه السهول والجبال التي تشرف على الموصل وأورفا كانت منذ ظهور التاريخ تشكل حدوداً للجزيرة العليا ومنذ عهد (تيغلات بلايزر) أي في حوالي العام 1100ق.م كانت تشكل الحدود الشمالية لبلاد آشور وخلف هذه السهول والجبال كانت تقبع بلاد(نايري) والتي كان هذا الملك يتطلع دوماً الى اخضاعها وفيما بعد اختفى اسم نايري وحل محله اسم (كوردين) وعلى مايبدو فإن الشعب الكردي ومنذ بدء التاريخ قد استقر في كردستان وهو ينتمي الى السلالة الآرية. أما السهول الممتدة بين جبال سنجار-عبدالعزيز والجبال المحاذية لنصيبين وماردين من الشمال.هذه المنطقة التي تدعى بالجزيرة الشمالية أو العاليا يريدنا ميجرسون أن نطلق عليها اسم جزيرة الأكراد هذا ويمكن القول بأن اللغة النايرية بشكلها الحقيقي والكامل لم يتم التعرف عليها بعد وبما أن نايريي اليوم يتكلمون اللغة الكردية ويعدون من الآريين فمن المفترض أن تكون لغتهم قريبة من اللغة الحورية والسوبارية وجميعها لهجات كردية قديمة ولاتزال هذه الشعوب القديمة باقية حتى اليوم في هذه المناطق على شكل عشائر كردية بنفس تسمياتها السابقة ولا تبجيد التكلم بلغة أخرى غير الكردية أو أن الكردية كانت لغتها القديمة الأساسية.

ومن بقايا النايريين القدماء بقيت عشائر النهري في منطقة شمدينان ومن السوباريين بقي الزيباريون(الزيبار) وهناك النميران(نمران) في منطقة (هيزان) كما بقي من الحوريين (الهفيركا) والهويري في بوتان ومشارف نصيبين الشمالية كما تنتصب قلعة حورية في جبال كرداغ ومن المحتمل أن يكون (الهارانيون)أو الحورانيون الذين يسكنون جنوب دمشق هم بقايا أولئك الحوريين القدماء.
 
أعلى