G.M.K Team
G.M.K Team
أحمد شاه بن مروان بن كسرى :
كان سعيد شاه قد أصبح ملكاً بعد مقتل حسن خان وكان أخوه أحمد خان يقيم في فارقين وفي أحد الأيام رأى سعيد شاه حلماً مفزعاً فطلب من أخيه أحمد الخروج من العاصمة وإلا فسيقتل وكان مضمون الرؤيا هو أن سعيد شاه رآى الشمس وهي بازغة تهبط من العلى وتستقر فوق رأس احمد خان فهب من نومه مذعوراً وقال.بورك والله التاج على رأس احمد وقام بنفيه الى مدينة (سيرت) وابعده بذلك عن العاصمة والآن قتل سعيد شاه وأصبح الوزير شروه ملكاً وكان هذا الأخير يريد القضاء على آل مروان وإزالتهم من الوجود حتى لايبق أحد يطالب بالعرش الذي فقدوه وقد حاول غيره القضاء على المروانيين كالأمير عبدالرحمن الدنبلي الذي أرسل جيشاً لقتل احمد خان ولكنه لم يفلح في ذلك.وفي أحد الأيام وبينما كان (الخوجة) في رحلة صيد مع أحد أصدقائه المقربين إذ لمحا فارساً يقبل مسرعاً وعند وصوله إليهما أسر هذا الفارس اللاهث للخوجة.أن شروه قد قتل سعيد شاه وسيطر على البلاد وأرسل جيشاً للقضاء على احمد خان وقتله وأريد أن أذهب الى سيرت لأخبر أحمد خان بذلك فلما سمع الخوجة الخبر أرسل على وجه السرعة بعض الجنود الى سيرت وجاؤوا بأحمد خان إليه وبدأ بتحصين القلاع والمدن وقال له المدينة لك وحرب العدو لي وعندما سمع شروه شاه بذلك أرسل جيشاً كبيراً الى مدينة أرزن وبعد حصار عدة أشهر رجع الى فارقين خائباً ويعد رحيل عساكر العدو عن أرزن جمع الخوجة سكان المدينة والعشائر الكردية وطلب منهم أن يحلفوا لأحمد خان وأصبح بذلك ملكاً وأثناء مراسيم الحلف تعهدت العشائر للملك بقولهم نحن معك حتى الموت لانريد منك جزاء ولاشكورا وروى الخوجه حادثة مقتل سعيد شاه لوالديه وفي اليوم التالي سار الجيش الكردي فيالق متتابعة على فارقين فواجهه شروه شاه بجيش كبير وبدأت المعركة حامية بين الطرفين وأريقت الكثير من الدماء وأخيراً انهار جيش شروه وتراجع الى الوراء تاركاً خلفه الأسلحة والأموال والغنائم وعاد الشاه أحمد الى أرزن ووزع الغنائم على جيشه ثم جهز جيشاً بكامل عدته وتوجه وبصحبة الخوجة نحو فارقين عاصمة الدولة وبدأ الرعب يتملك قلب شروه وعلى الرغم من إحسانه وعطف على أهل المدينة فإنه لم يكن ليأمن لهم جانب وقد قال له قائد الجندرمة ابنفيلوس إذا كنت ستأخذ برأيي فإننا يجب أن نستنجد بملك الروم وتخضع المدينة لسيطرته ولهذا السبب كرهه سكان المدينة ونقموا عليه وأرادو التخلص منه بسرعة وأرسل شروه شاه أمواله بالصناديق الى آمد عند ابن دمنة حيث عقد الإثنان اتفاقية وحلفا لبعضهما على محاربة احمد شاه وفي يوم الجمعة جاء قائد الجندرمة ابن فيلوس ومعه جنوده الى المسجد للصلاة فهاجمه أهل فارقين ووقفوا في وجهه فهرب الى قصر شروه شاه فحاصره الناس وطالبوا بقتله ولكنه لم يسلمهم قائد جيشه وأمر شروه جنود الكرج بالتدخل وكان هؤلاء بقيادة (أبي الليث) قدهربوا من ملكهم الكرجي وجاؤوا الى فارقين واصبحوا جزءاً من جيش كردستان وكان سعيد شاه قد أكرمهم وأحسن وفادتهم .فقتل جنود الكرج الكثير من سكان المدينة بالنبال فهاجمهم الأكراد وصاحوا لن نتراجع ولن نهدأ حتى نقتل ابن فيلوس ومرة أخرة لم يسلمهم شروه قائد جيشه واندلعت حرب شرسة في شوارع العاصمة فهرب شروه وتحصن في برج الملك واستصرخ وجهاء المدينة لنجدته وقال لهم أريدكم أن تسامحوني في أخطاء ارتكبتها وتمنعوا الناس الثائرين من قتلي فأعطاه وجهاء المدينة الأمان وأخذوه الى بين أحدهم ويدعى محمد بن عبيد بن مهور ومحمد هذا هو الجد الثاني من أجداد شيخ الشيوخ علي بن يحيى بن حسن بن محمد بن مهور وقام الثائرون بنهب القصر القديم والعنابر ودمروها ثم أرسلوا الى احمد شاه يستعجلونه بالقدوم وروا له تفاصيل الحادث وبعد تجهيز جيشه أحاط احمد شاه بالمدينة وبرفقته وزيره الخوجة ثم أرسل إليهم يطلب تسليم شروه إليه ولكنهم رفضوا ذلك وقالوا للشاه نحن عهدنا وميثاقنا بالمحافظة على حياته ثم ساد القال والقيل والهرج والمرج بين سكان المدينة بعضهم قالوا يجب تسليمه للشاه لأنه قتل أخاه وبعضهم قالوا لايجوز التنصل من وعد بذلناه ولايجوز تسليمه لعدوه وهنا اعتزل زعيمهم محمد بن عبيد بن مهور في بيته فاختاروا زعيماً آخر يدعى أبو طاهر الحمامي ولم يمض وقت طويل حتى اعتزل هو الآخر في بيته فانتخبوا احمد بن الوصيف وتمكن هذا أن يفرض سيطرته على كامل المدينة بمساعدة أبي الريحانة بعد أن جمع الكثير من الأموال والأنعام وتحصن في المدينة ضد احمد شاه ولكن حاصر الشاه المدينة وقطع عنها الإمدادات والطرق والماء والأرزاق ولجأ الى الإشتباكات المتفرقة ومهاجمة المدينة بشكل متكرر وبعد عدة أشهر طلب ابن الوصيف الأمان من الشاه والوزير وسلمهما المدينة مع التعهد بعدم المس بشروه أو قتله فاتخذ الملك البرج الكبير مقراً له وحل ضيفاً على قصر الحمداني (جرت هذه الحوادث في سنة 401هجري) وهكذا أصبح احمد شاه ملكاً والخوجه وزيراً وكان هذا الوزير المحنك يمسك بزمام الأمور بيده فاستطاع تنظيف المدينة من الأشقياء واللصوص واخرجهم منها وأحسن الى الناس واستحالهم كما جمع الكثير من الذهب والمجوهرات وجعل ابن الوصيف حاكماً على مدن (تنزيغ) و(فافي) وامتد حكمه حتى حدود جزيرة بوتان وبعد مدة أخذ احمد شاه معه شروه الى قلعة هتاخ وقتله في نفس المكان الذي قتل فيه سعيد شاه وعلق جسده على الأعمدة واعتقل الكثير من أتباعه وعمد على نقل رفات سعيد شاه الى أرزن ودفنت في مقبرة آل مروان .ولم يخلف سعيد شاه أولاداً وبعد مقتل شروه وأتباعه هرب ابن الوصيف الى بغداد وترك وراءه الحكم غير مأسوف عليه ولم يعد بعدها الى كردستان أبداً .
هذا وقد علا شأن أحمد شاه كثيراً وخضعت له آمد ووسع حدود بلاده وذاعت شهرته في الآفاق وبنى قصراً قرب برج الملك لأن قصر الحمداني كان قد انهار وكان قصره جميلاً جداً وكبيراً وقد ألحق به حديقة جميلة وأحاطه بسور ضخم كما كان سقف هذا القصر مطلياً بماء الذهب أو نقش بنقوش ذهبية وكتابات ذهبية بحيث لم ير أحد أو يسمع بمثله حتى اليوم في جماله وروعته وفخامته وكان الماء يتدفق عليه من رأس العين فأتحفه بأحواض الماء والبرك والحمامات وكان سكناه فيه يعود الى عام 403هجري وفي السنة زاره رسول خليفة بغداد ومعه محمد بن أحمد بن مزيد حاجب ابن بويه ملك العراق وفارس ومعهما هدايا ورسائل تهنئة لأحمد شاه ومرسوم من الخليفة يقضي بمنحه لقب (ناصر الدولة) .(ملاحظة :لقد أضفت من عندي كلمات مثل شاه وخان .) ( المؤلف).
وكان هدايا الملك عبارة عن سبع قطع من ألبسة ملكية وهي زبون وجبة وعمامة سوداء واسوارين من الذهب وفرس مزين كله بالذهب وجواهر وكتابات تبريك ومرسوم مختوم بخاتم الخليفة يعلنه ملكاً على لآمد وفارقين قريء على سكان المدينة وكان حاضراً القاضي علي بن حامد فلبس الملك التاج وفرح وفرح الناس به وفي هذا اليوم حضر رسول ملك مصر لتهنئة شاه كردستان ومعه هدايا كثيرة وكتابات تهنئة وتبريك وفيها يلقبه ﺑ (عزالدولة) فاستقبل سكان المدينة الرسول وأوصلوه بالأهازيج والدبكات الى القصر وفي نفس اليوم وصل رسول ملك الروم (باسيل) ومعه تهاني وهدايا قيمة وهي مجموعة من الخيول المطهمة والجمال القوية وهدايا اخرى فجلس ناصر الدولة.عزالدولة احمد شاه على عرشه وعلى يمينه رسول الخليفة والسلطان ورسول ملك الروم ومصر عن يساره وبدأ القراء يرتلون الآيات والشعراء يلقون قصائدهم والمنشدون يرددون الأغاني الجميلة وتليت كتب الملوك وارتدى الشاه أفضل زيه كما ألبس ضيوفه أفاخر الثياب وأغلاها وكان يوماً مشهوداً لم يسمع بمثله قط فأغدق الشاه العطايا على الناس وبذل لهم الأموال والذهب بيد سخية وجعل العديد من القرى والمواقع الأخرى أملاكاً للأوقاف صرفت مواردها على سور المدينة كما أن الوزير القدير الخوجة الأصفهاني مديد المحبة والعطف والإحسان الى كل الناس ونشر المساواة والعدل وأحق الحقوق وحارب الباطل وأراد الخير للناس وللدولة كما خفف الشاه الضرائب على الناس وأبعد عنهم المحن والبلاء وأضاف على سور مدينة فارقين في عدة مواقع وأصلح في بعضها ورممها وجلب الكثير من الحنطة ووضعها في المساجد لتوزع على الفقراء والمحتاجين وفي كل سنة كان يوزع مامقداره (366) كيلاً من الحنطة على من يحتاجها وجعل قرية (أتشا) في غربي المدينة ضمن أملاك الأوقاف ووزعت مواردها على الفقراء والمساكين على يد وزير الأوقاف وكان وزير الأوقاف يدعى حسن بن محمد بن مهور وفي سنة 409هجري أصبح أبو عبدالله حسين بن سلمة المالكي حاكماً شرعياً في فارقين وكان نائباً لوزير الأوقاف حسن بن مهور ولم يمض وقت طويل حتى أصبح الحاكم الشرعي لمدينتي آمد وفارقين وسيأتي ذكر ذلك لاحقاً.
وفي سنة 410هجري تزوج احمد شاه من الفضلونية ابنة فضلون شاه ملك كردستان الشمالية وأرمينيا وكنجو وأران ورزق من هذه المرأة بولدين هما سعيد وشاهنشاه وكان فضلون هذا قد أبدى شجاعة فائقة في وجه الروس وحافظ على استقلال الشرق كله وحماه من ظلم وجور القيصر الروسي وتزوج احمد شاه أيضاً من (سيده) ابنة شرف الدولة (قرواش) ملك الموصل وبنى لها قصراً بجوار قصره وكان يحبها حباً جماً وفي أحد الأيام جاءه شخص من أهل مصر ومعه جارية حسناء رائعة الجمال وذات صوت رخيم وجميل جداً وكان لهذا الشخص منها ولد يدعى محمد أبو الوفا فحاول الملك شراءها ولكن امتنع سيدها عن بيعها وأخيراً اشتراها منه وتزوجها وتعلق بها كثيراً وكان يحبها بما لايقاس مما أثار ذلك غضب زوجتيه الفضلونية وسيدة فغادرتاه الى بيت والديهما وتوفيت الفضلونية في بيت أبيها وبذهاب سيدة الى أهلها استفحل العداء بين والدها قرواش وزوجها ناصر الدولة احمد شاه فطلب قرواش من ناصر الدولة عشرين ألف درهماً ومدينة نصيبين كنفقة لإبنته ولما لم يوافق احمد شاه على شروطه اندلعت الحرب بين الدولتين ثم تصالح الملكان أخيراً حيث دفع احمد شاه خمس عشرة الف درهم لقرواش وأهدى مدينة نصيبين الى بدران شقيق قرواش وتم الصلح.ويقول ابن الأزرق الفارقي. لم تخرج سيدة من بيت زوجها بل جلست في بيته راضية مرضية ويقال بأن احمد شاه كان يقتني في قصره ثلاثمائة وست وستون جارية فكانت الواحدة منهن يأتيها دورها ليلة واحدة مع مرور سنة كاملة .وفي سنة 414هجري بنى الملك احمد شاه مستشفى للمجانين ومم المسجد الكبير على يد (بختيشو) وكان بختيشو هذا أميناً للخزانة ويدير أعمال الدولة وفي هذه السنة بنى أيضاً منارة مسجد (الربد) كما أمر بإصلاح وترميم سور المدينة وعندما استعاد آمد استقر فيها وجمع اموال ابن دمنة من الناس ثم أحسن الى رعيته ومد لهم يد العون والمساعدة وخفف عن كاهلهم الضرائب ونشر لواء العدالة والمساواة بين الناس كما جعل (زنكي بن عوان) حاكم حران والرها حاكماً على آمد ولكنه لم يمض زمن طويل حتى قتل وكان احمد شاه حمواً لإبنه وبعد مقتل الأمير زنكي عين احمد شاه ابنه سعد الدولة حاكماً على آمد وجعل كاتبه (ابن نخوار) وزيراً له وفي سنة 418هجري توفي الوزير القدير الخوجه الأصفهاني فحزن عليه الشاه حزناً عميقاً.
كان سعيد شاه قد أصبح ملكاً بعد مقتل حسن خان وكان أخوه أحمد خان يقيم في فارقين وفي أحد الأيام رأى سعيد شاه حلماً مفزعاً فطلب من أخيه أحمد الخروج من العاصمة وإلا فسيقتل وكان مضمون الرؤيا هو أن سعيد شاه رآى الشمس وهي بازغة تهبط من العلى وتستقر فوق رأس احمد خان فهب من نومه مذعوراً وقال.بورك والله التاج على رأس احمد وقام بنفيه الى مدينة (سيرت) وابعده بذلك عن العاصمة والآن قتل سعيد شاه وأصبح الوزير شروه ملكاً وكان هذا الأخير يريد القضاء على آل مروان وإزالتهم من الوجود حتى لايبق أحد يطالب بالعرش الذي فقدوه وقد حاول غيره القضاء على المروانيين كالأمير عبدالرحمن الدنبلي الذي أرسل جيشاً لقتل احمد خان ولكنه لم يفلح في ذلك.وفي أحد الأيام وبينما كان (الخوجة) في رحلة صيد مع أحد أصدقائه المقربين إذ لمحا فارساً يقبل مسرعاً وعند وصوله إليهما أسر هذا الفارس اللاهث للخوجة.أن شروه قد قتل سعيد شاه وسيطر على البلاد وأرسل جيشاً للقضاء على احمد خان وقتله وأريد أن أذهب الى سيرت لأخبر أحمد خان بذلك فلما سمع الخوجة الخبر أرسل على وجه السرعة بعض الجنود الى سيرت وجاؤوا بأحمد خان إليه وبدأ بتحصين القلاع والمدن وقال له المدينة لك وحرب العدو لي وعندما سمع شروه شاه بذلك أرسل جيشاً كبيراً الى مدينة أرزن وبعد حصار عدة أشهر رجع الى فارقين خائباً ويعد رحيل عساكر العدو عن أرزن جمع الخوجة سكان المدينة والعشائر الكردية وطلب منهم أن يحلفوا لأحمد خان وأصبح بذلك ملكاً وأثناء مراسيم الحلف تعهدت العشائر للملك بقولهم نحن معك حتى الموت لانريد منك جزاء ولاشكورا وروى الخوجه حادثة مقتل سعيد شاه لوالديه وفي اليوم التالي سار الجيش الكردي فيالق متتابعة على فارقين فواجهه شروه شاه بجيش كبير وبدأت المعركة حامية بين الطرفين وأريقت الكثير من الدماء وأخيراً انهار جيش شروه وتراجع الى الوراء تاركاً خلفه الأسلحة والأموال والغنائم وعاد الشاه أحمد الى أرزن ووزع الغنائم على جيشه ثم جهز جيشاً بكامل عدته وتوجه وبصحبة الخوجة نحو فارقين عاصمة الدولة وبدأ الرعب يتملك قلب شروه وعلى الرغم من إحسانه وعطف على أهل المدينة فإنه لم يكن ليأمن لهم جانب وقد قال له قائد الجندرمة ابنفيلوس إذا كنت ستأخذ برأيي فإننا يجب أن نستنجد بملك الروم وتخضع المدينة لسيطرته ولهذا السبب كرهه سكان المدينة ونقموا عليه وأرادو التخلص منه بسرعة وأرسل شروه شاه أمواله بالصناديق الى آمد عند ابن دمنة حيث عقد الإثنان اتفاقية وحلفا لبعضهما على محاربة احمد شاه وفي يوم الجمعة جاء قائد الجندرمة ابن فيلوس ومعه جنوده الى المسجد للصلاة فهاجمه أهل فارقين ووقفوا في وجهه فهرب الى قصر شروه شاه فحاصره الناس وطالبوا بقتله ولكنه لم يسلمهم قائد جيشه وأمر شروه جنود الكرج بالتدخل وكان هؤلاء بقيادة (أبي الليث) قدهربوا من ملكهم الكرجي وجاؤوا الى فارقين واصبحوا جزءاً من جيش كردستان وكان سعيد شاه قد أكرمهم وأحسن وفادتهم .فقتل جنود الكرج الكثير من سكان المدينة بالنبال فهاجمهم الأكراد وصاحوا لن نتراجع ولن نهدأ حتى نقتل ابن فيلوس ومرة أخرة لم يسلمهم شروه قائد جيشه واندلعت حرب شرسة في شوارع العاصمة فهرب شروه وتحصن في برج الملك واستصرخ وجهاء المدينة لنجدته وقال لهم أريدكم أن تسامحوني في أخطاء ارتكبتها وتمنعوا الناس الثائرين من قتلي فأعطاه وجهاء المدينة الأمان وأخذوه الى بين أحدهم ويدعى محمد بن عبيد بن مهور ومحمد هذا هو الجد الثاني من أجداد شيخ الشيوخ علي بن يحيى بن حسن بن محمد بن مهور وقام الثائرون بنهب القصر القديم والعنابر ودمروها ثم أرسلوا الى احمد شاه يستعجلونه بالقدوم وروا له تفاصيل الحادث وبعد تجهيز جيشه أحاط احمد شاه بالمدينة وبرفقته وزيره الخوجة ثم أرسل إليهم يطلب تسليم شروه إليه ولكنهم رفضوا ذلك وقالوا للشاه نحن عهدنا وميثاقنا بالمحافظة على حياته ثم ساد القال والقيل والهرج والمرج بين سكان المدينة بعضهم قالوا يجب تسليمه للشاه لأنه قتل أخاه وبعضهم قالوا لايجوز التنصل من وعد بذلناه ولايجوز تسليمه لعدوه وهنا اعتزل زعيمهم محمد بن عبيد بن مهور في بيته فاختاروا زعيماً آخر يدعى أبو طاهر الحمامي ولم يمض وقت طويل حتى اعتزل هو الآخر في بيته فانتخبوا احمد بن الوصيف وتمكن هذا أن يفرض سيطرته على كامل المدينة بمساعدة أبي الريحانة بعد أن جمع الكثير من الأموال والأنعام وتحصن في المدينة ضد احمد شاه ولكن حاصر الشاه المدينة وقطع عنها الإمدادات والطرق والماء والأرزاق ولجأ الى الإشتباكات المتفرقة ومهاجمة المدينة بشكل متكرر وبعد عدة أشهر طلب ابن الوصيف الأمان من الشاه والوزير وسلمهما المدينة مع التعهد بعدم المس بشروه أو قتله فاتخذ الملك البرج الكبير مقراً له وحل ضيفاً على قصر الحمداني (جرت هذه الحوادث في سنة 401هجري) وهكذا أصبح احمد شاه ملكاً والخوجه وزيراً وكان هذا الوزير المحنك يمسك بزمام الأمور بيده فاستطاع تنظيف المدينة من الأشقياء واللصوص واخرجهم منها وأحسن الى الناس واستحالهم كما جمع الكثير من الذهب والمجوهرات وجعل ابن الوصيف حاكماً على مدن (تنزيغ) و(فافي) وامتد حكمه حتى حدود جزيرة بوتان وبعد مدة أخذ احمد شاه معه شروه الى قلعة هتاخ وقتله في نفس المكان الذي قتل فيه سعيد شاه وعلق جسده على الأعمدة واعتقل الكثير من أتباعه وعمد على نقل رفات سعيد شاه الى أرزن ودفنت في مقبرة آل مروان .ولم يخلف سعيد شاه أولاداً وبعد مقتل شروه وأتباعه هرب ابن الوصيف الى بغداد وترك وراءه الحكم غير مأسوف عليه ولم يعد بعدها الى كردستان أبداً .
هذا وقد علا شأن أحمد شاه كثيراً وخضعت له آمد ووسع حدود بلاده وذاعت شهرته في الآفاق وبنى قصراً قرب برج الملك لأن قصر الحمداني كان قد انهار وكان قصره جميلاً جداً وكبيراً وقد ألحق به حديقة جميلة وأحاطه بسور ضخم كما كان سقف هذا القصر مطلياً بماء الذهب أو نقش بنقوش ذهبية وكتابات ذهبية بحيث لم ير أحد أو يسمع بمثله حتى اليوم في جماله وروعته وفخامته وكان الماء يتدفق عليه من رأس العين فأتحفه بأحواض الماء والبرك والحمامات وكان سكناه فيه يعود الى عام 403هجري وفي السنة زاره رسول خليفة بغداد ومعه محمد بن أحمد بن مزيد حاجب ابن بويه ملك العراق وفارس ومعهما هدايا ورسائل تهنئة لأحمد شاه ومرسوم من الخليفة يقضي بمنحه لقب (ناصر الدولة) .(ملاحظة :لقد أضفت من عندي كلمات مثل شاه وخان .) ( المؤلف).
وكان هدايا الملك عبارة عن سبع قطع من ألبسة ملكية وهي زبون وجبة وعمامة سوداء واسوارين من الذهب وفرس مزين كله بالذهب وجواهر وكتابات تبريك ومرسوم مختوم بخاتم الخليفة يعلنه ملكاً على لآمد وفارقين قريء على سكان المدينة وكان حاضراً القاضي علي بن حامد فلبس الملك التاج وفرح وفرح الناس به وفي هذا اليوم حضر رسول ملك مصر لتهنئة شاه كردستان ومعه هدايا كثيرة وكتابات تهنئة وتبريك وفيها يلقبه ﺑ (عزالدولة) فاستقبل سكان المدينة الرسول وأوصلوه بالأهازيج والدبكات الى القصر وفي نفس اليوم وصل رسول ملك الروم (باسيل) ومعه تهاني وهدايا قيمة وهي مجموعة من الخيول المطهمة والجمال القوية وهدايا اخرى فجلس ناصر الدولة.عزالدولة احمد شاه على عرشه وعلى يمينه رسول الخليفة والسلطان ورسول ملك الروم ومصر عن يساره وبدأ القراء يرتلون الآيات والشعراء يلقون قصائدهم والمنشدون يرددون الأغاني الجميلة وتليت كتب الملوك وارتدى الشاه أفضل زيه كما ألبس ضيوفه أفاخر الثياب وأغلاها وكان يوماً مشهوداً لم يسمع بمثله قط فأغدق الشاه العطايا على الناس وبذل لهم الأموال والذهب بيد سخية وجعل العديد من القرى والمواقع الأخرى أملاكاً للأوقاف صرفت مواردها على سور المدينة كما أن الوزير القدير الخوجة الأصفهاني مديد المحبة والعطف والإحسان الى كل الناس ونشر المساواة والعدل وأحق الحقوق وحارب الباطل وأراد الخير للناس وللدولة كما خفف الشاه الضرائب على الناس وأبعد عنهم المحن والبلاء وأضاف على سور مدينة فارقين في عدة مواقع وأصلح في بعضها ورممها وجلب الكثير من الحنطة ووضعها في المساجد لتوزع على الفقراء والمحتاجين وفي كل سنة كان يوزع مامقداره (366) كيلاً من الحنطة على من يحتاجها وجعل قرية (أتشا) في غربي المدينة ضمن أملاك الأوقاف ووزعت مواردها على الفقراء والمساكين على يد وزير الأوقاف وكان وزير الأوقاف يدعى حسن بن محمد بن مهور وفي سنة 409هجري أصبح أبو عبدالله حسين بن سلمة المالكي حاكماً شرعياً في فارقين وكان نائباً لوزير الأوقاف حسن بن مهور ولم يمض وقت طويل حتى أصبح الحاكم الشرعي لمدينتي آمد وفارقين وسيأتي ذكر ذلك لاحقاً.
وفي سنة 410هجري تزوج احمد شاه من الفضلونية ابنة فضلون شاه ملك كردستان الشمالية وأرمينيا وكنجو وأران ورزق من هذه المرأة بولدين هما سعيد وشاهنشاه وكان فضلون هذا قد أبدى شجاعة فائقة في وجه الروس وحافظ على استقلال الشرق كله وحماه من ظلم وجور القيصر الروسي وتزوج احمد شاه أيضاً من (سيده) ابنة شرف الدولة (قرواش) ملك الموصل وبنى لها قصراً بجوار قصره وكان يحبها حباً جماً وفي أحد الأيام جاءه شخص من أهل مصر ومعه جارية حسناء رائعة الجمال وذات صوت رخيم وجميل جداً وكان لهذا الشخص منها ولد يدعى محمد أبو الوفا فحاول الملك شراءها ولكن امتنع سيدها عن بيعها وأخيراً اشتراها منه وتزوجها وتعلق بها كثيراً وكان يحبها بما لايقاس مما أثار ذلك غضب زوجتيه الفضلونية وسيدة فغادرتاه الى بيت والديهما وتوفيت الفضلونية في بيت أبيها وبذهاب سيدة الى أهلها استفحل العداء بين والدها قرواش وزوجها ناصر الدولة احمد شاه فطلب قرواش من ناصر الدولة عشرين ألف درهماً ومدينة نصيبين كنفقة لإبنته ولما لم يوافق احمد شاه على شروطه اندلعت الحرب بين الدولتين ثم تصالح الملكان أخيراً حيث دفع احمد شاه خمس عشرة الف درهم لقرواش وأهدى مدينة نصيبين الى بدران شقيق قرواش وتم الصلح.ويقول ابن الأزرق الفارقي. لم تخرج سيدة من بيت زوجها بل جلست في بيته راضية مرضية ويقال بأن احمد شاه كان يقتني في قصره ثلاثمائة وست وستون جارية فكانت الواحدة منهن يأتيها دورها ليلة واحدة مع مرور سنة كاملة .وفي سنة 414هجري بنى الملك احمد شاه مستشفى للمجانين ومم المسجد الكبير على يد (بختيشو) وكان بختيشو هذا أميناً للخزانة ويدير أعمال الدولة وفي هذه السنة بنى أيضاً منارة مسجد (الربد) كما أمر بإصلاح وترميم سور المدينة وعندما استعاد آمد استقر فيها وجمع اموال ابن دمنة من الناس ثم أحسن الى رعيته ومد لهم يد العون والمساعدة وخفف عن كاهلهم الضرائب ونشر لواء العدالة والمساواة بين الناس كما جعل (زنكي بن عوان) حاكم حران والرها حاكماً على آمد ولكنه لم يمض زمن طويل حتى قتل وكان احمد شاه حمواً لإبنه وبعد مقتل الأمير زنكي عين احمد شاه ابنه سعد الدولة حاكماً على آمد وجعل كاتبه (ابن نخوار) وزيراً له وفي سنة 418هجري توفي الوزير القدير الخوجه الأصفهاني فحزن عليه الشاه حزناً عميقاً.